رواية فوق الغيوم الفصل الثالث3 بقلم ليلي مظلوم


 ☁️فوق الغيوم☁️


الفصل الثالث… 3️⃣


فجلست أمها إلى الكنبة متعبة مرهقة وما ستقوله سيزيدها إرهاقا ..وهي لا تعرف من أين تبدأ ..

-والدك يعمل ربانا !!تعرفت إليه وقد كنت في بداية عملي  في إحدى الحفلات التي كنت أذهب إليها ..وقد أشعرني بحبه وإعجابه ..وأغدقني  بالهدايا ..وطلب مني الزواج سرا ..فعمله ومركزه الإجتماعي لا يسمح له بالزواج بامرأة في مثل حالتي ..وبسبب غبائي قبلت عرضه ..وتزوجنا سرا ..ولم يعرف بهذا إلا خالك ..وعندما طلبني للزواج أخبرني أنه يتقبلني ويتقبل عملي ..ولن يعارضني بأي شيئ ..إلا أنه يخشى أن يعرض الأمر أمام عائلته ..


وتملكت أم مجدولين غصة كانت بادية على وجهها ..وبدأت تسعل بطريقة غريبة ..فهرعت مجدولين لتحضر لها كوبا من الماء ..وهي تواقة لسماع باقي الحكاية ..ارتشفت رشفة من الكوب.. وأكملت بصوت يشوبه الحزن والقلق :

-ولكن كلامه لم يتعدّ مجرد أحرف نطق بها ليوقعني بحبه أكثر وأكثر ..فبدأ امتعاضه يبدو جليا بين طيات كلماته وتصرفاته ..إلى أن اختفى فجأة حيث سافر دون عودة ..وقطعت أخباره عني ..ولم يدر أني حامل بك ..حاولت أن ألتقيه مجددا لأخبره أن لك روحا بين أحشائي ..ولكنه بدل رقمه ..صحيح أنني أعرف عائلته ولكنهم بالطبع لن يتقبلوني ولن يصدقوني ..فقررت أن تكوني ابنة خالك  على الأوراق ..وحاولت أن أنساه وأطوي تلك الصفحة وأمزقها إربا ..ولكن كيف ذلك ؟؟وما زاد الأمور تعقيدا أنه بعد خمس سنوات أرسل إلي ورقة الطلاق دون أن يخبرني بمكانه ..فكرهته ..وأيقنت خبث الرجال ..وقررت أن أواصل عملي ..وأوقعهم في حبالي ..ثم أتركهم بعد أن أخبر زوجاتهم بخيانتهم لينتشر الطلاق ..ولا أخفي عنك كنت أشعر بالسعادة القصوى كلما تطلقت إحداهن ..ومرت السنين ..وأنت تعرفين باقي الحكاية ..


-لماذا قررت إخباري بهذا الآن ؟


-لأني مريضة مرض الموت ..علك تجدينه وتخبرينه أنك ابنته ..


-وكيف أجده إن كنت لا تعلمين شيئا عنه ..ومن أخبرك أنك مريضة مرض الموت ..البارحة كنت ترقصين بشكل اعتيادي ..هل هذا تمثيلا أم ماذا يا أمي ..لقد سئمت هذه الحركات ..


-كل الذي أعرفه أن عائلته قد سافرت إلى فرنسا ..وهو لا يزال ربانا ..ولماذا أمثل عليك ..لقد كانت حفلة البارحة هي الأخيرة فلتفرحي ..ولتهنئي بموتي يا ابنتي ..


فتدحرجت دموع مجدولين على خديها وهي تشعر بالشك بكلام أمها ..أتراها تكذب عليها لأنها وجدتها حزينة ولا تبالي بها ..أم أنها تنطق الصدق هذه المرة ..ما هذه التغيرات المفاجئة ؟؟!

وتذكرت الشجرة فجأة ..فها هي الرياح تهزها وتختبر صمودها ..ولكنها رياح عاتية تكاد تقتلعها من جذورها ..لابأس ..عليها أن تهدأ الآن ..وتتعامل مع الأمر بحكمة وصبر ..وقد اشتد سعال أمها ليشير إليها بصحة خبر مرضها ..فاقتربت منها ..وقبلتها ..ثم ساعدتها لتذهب إلى  غرفة نومها ..وارتمت أم مجدولين على السرير ..ما هذه الأعراض المفاجئة التي ظهرت على جسدها ونفسيتها ؟!..لم تكن كذلك من قبل ..أو بالأحرى لم تكن مجدولين تعرف بهذا ..فكل همها كان كيف تقنعها بالإقلاع عن هذا العمل ويبدو أن الزمن أجبرها على ذلك ..ونظرت إلى ابنتها بحزن وقلق ..ثم قالت :

-أحضري لي الصندوق الموجود داخل الخزانة...


ونفذت الابنة طلب أمها وكيف لا تفعل هذا ..وهي التي قد تعطيها روحها وهي في مثل تلك الحالة ..

فمهما يكن يبقى للأم منزلة تفوق المنطق والمشاعر وكلام الشعراء والأدباء.. وجلست  بصعوبة بالغة لتخرج من جيبها مفتاحا صغيرا ..وتفتح كنز أسرارها ..المليء بالحلى والمجوهرات ..وصورة قديمة لأحدهم ..ثم أمسكتها بين يديها ..وأعطتها لمجدولين وهي تقول :

-هذا والدك في عمر الشباب ..اسمه مدون على الصورة ..إن التقيت به يوما فأخبريه أنني لم أسامحه على فعلته بي ..


-أمي ..ما هذا الكلام ؟؟!تتحدثين وكأنك ستموتين حقا ..


-كلنا سنموت ..ولست نادمة على أي شيئ اقترفته في حياتي إلا زواجي من والدك ..تلك غلطة عمري ..وأطلب منك أن تتمهلي في اختيار شريك حياتك ..حتى لا تكوني غبية كوالدتك ..


-أطال الله في عمرك يا أمي ..وأنت من ستختارين زوجي بإذن الله ..


-لا أظن هذا ..والآن دعيني وحدي أريد أن أنام فأنا متعبة جدا ..


واحترمت مجدولين رغبة أمها ..وخرجت من الغرفة وهي تحمل الصورة بين يديها ..وتتأمل والدها وتقارن ملامحه بين ملامحها لترى ماذا ورثت  منه ..العينان ..الأنف وربما لون البشرة ..!!أتراها ورثت أيضا نقمتها على والدتها ..أليست حرة في اختيارها ؟؟أوليس كل شخص مسؤول عن تصرفاته واعتقاداته وأفعاله طالما أنه لا يؤذي الآخرين ..أليس من المعقول أن تقترف فعلة تفوق فعلة أمها في يوم من الأيام ..


كانت مجدولين مشتتة المشاعر ..فهي تواقة لرؤية أبيها من جهة ..وقلقة على أمها من جهة ثانية ..ومتحمسة لترى سامر ..مابال خيال وجهه يقف أمامها  كالسحر ..ولماذا هو مهتم بها هكذا ..هل يخصها تلك الأفعال والتصرفات أم أن هذا طبعه مع باقي البشر ؟؟!!


وقبل ذهابها إلى الجامعة في اليوم التالي ..دخلت إلى غرفة أمها لتطمئن عن أحوالها فوجدتها نا


ئمة ..ولم ترد إزعاجها ..فأغلقت الباب بسلاسة وخفة ..وتمنت لها يوما سعيدا ..وما إن وصلت إلى الجامعة حتى وجدت سامر بانتظارها ..فعندما رآها اقترب منها و هو تزين وجهه ابتسامة جذابة ..ثم قال: 

-آسف إن أزعجتك البارحة !!


-لم تفعل كنت منزعجة من نفسي وليس منك ..


-لابأس ..انزعجي منها الآن ..وحاولي التصالح معها بعد فترة ستتغير الكثير من الأمور في حياتك ..


-سأسعى لذلك !!


-لكني لن أصدق أنك لست غاضبة مني حتى تعديني أنك ستحضرين اليوم إلى منزلي مع باقي الزملاء.. 


-حسنا ..يشرفني ذلك !


-وهناك أمر آخر.. .دوني رقم هاتفي إن احتجت لمساعدتي يوما ..


فنظرت إليه باستغراب وسألته: 

-ولكن لماذا تفعل كل هذا ؟؟


                     الفصل الرابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>