☁️فوق الغيوم☁️
الفصل السابع…7️⃣ والاخير
وعندما سمع الجميع بذلك لم يصدقوا بداية ..والبعض منهم انسحب مباشرة ..أما الآخر فانتظر قليلا ..ولم يبقَ إلا قلة قليلة ..فقالت مجدولين بثقة :
-إن كنتم ترون في زمالتي إهانة لكم فارحلوا أنتم أيضا لا داعي للخجل ..
فقالت إحداهن:
-يعز علي فراقك يا مجدولين ..ولكن إن علم الناس أنك صديقتي (وكانت أقربهن لمجدولين)..فإنهم سينفرون مني ..اعذريني وتفهمي موقفي ..
فأشارت إليها بالرحيل والابتسامة تعلو وجهها ..والملفت أنها لم تغضب أو تشعر بالحزن والخزي والعار بل أصبحت أكثر قوة ..مما أعجب سامر… ولم يبق إلا صديقة. واحدة لم تكن قريبة من مجدولين ..قالت لها:
-أنا عرفتك بأخلاقك أنت ..صحيح أن الجميع رحلوا من هنا ..ولكني أوقن أنهم يشعرون باللوم ويتمنون لو يملكون الشجاعة ليبقوا هنا ..أنا أتفهم هذا جيدا ..وعلى عكسهم جميعا ..أنا يشرفني صداقتك من جديد ..على الأقل ذاب حاجز الجليد الذي صنعته طوال الفترة الماضية ..وأنا أطلب أن نصبح صديقتين لأنك تستحقين ذلك فعلا ..وموقفك اليوم زاد من إعجابي بشخصيتك التي لم تعد عامضة. بالنسبة إلي ..
وقد فرحت مجدولين لسماعها مثل تلك الكلمات ..ووافقت على الصداقة الجديدة والتي هي الصداقة الحقيقية ..ثم نظرت إلى سامر بفخر وكأنها أنجزت إنجازا رائعا ..وقد أفهمتها صديقتها أن الصداقة ستكون بعيدا عن معرفة أهلها حتى لا يمنعونها من ذلك وتفهمت مجدولين الأمر ..
مضت عدة أشهر ..ولم يقم أحد بزيارة مجدولين إلا صديقتها الأخيرة ..وبالطبع فقد عرف جيرانها بهويتها ..ومنعوا اقتراب الفتيات من منزلها ..إلا أن الشباب حاولوا النيل منها بكلمات معسولة ومواقف صبيانية ..ولكنها كانت ماهرة في التخلص من تلك المواقف التي لم تعد تؤثر بها ..وبقي اتصالها فقط مع سامر وتلك الصديقة ..وسامر لم يعرف كيف يحدد مشاعره تجاه مجدولين ..فهي إنسانة راقية ..جميلة ..ذكية ..تطور من نفسها ..وهي كما يحلم أن تكون شريكة حياته ..ولكنه كان يخشى أن تكون مشاعر التعلق والشفقة هي السبب ..وهو لا يريد ذلك بل يسعى لحب حقيقي لا تشوبه شائبة المشاعر المستفزة السلبية إن صح التعبير ..وسعى جاهدا إلى اختبار تلك المشاعر ..إلى أن توصل أخيرا بحبه النقي لها ..ولا بد أنها تبادله المشاعر ذاتها ..فالقلب رسول كما يقولون ..وكم من أشخاص عرفنا مشاعرهم بقلوبنا قبل ألسنتهم…والآن مهمته الصعبة في إقناع أهله بالزواج من مجدولين بدأت تلوح في الأفق ..وقبل إخبار أهله لا بد من التأكد من مشاعرها ليطمئن قلبه… فطلب منها رؤيتها لأمر هام ..وعرفت هي أيضا ماذا يريد منها ..فقالت له:
-أدرك ما الذي تطلبه مني يا سامر ..ولكني لا أريد أن أسبب لك أي مشاكل مع أهلك ..ولا أريد أن أكرر غلطة أمي ..فإما يكون زواجنا عاما أو لا يكون !!
-لم أطلب منك الزواج سرا أبدا ..وسأخبر أهلي بأمرك ..ولكني لا أعدك بالنتيجة ..وسأتزوجك أمام الملأ سواء رفضوا أم قبلوا !!هنا يكمن الفرق فلا تخافي مني ..
ووافقت مجدولين على هذا المبدأ بشرط أن يكون الزواج بتلك الطريقة هو آخر إحتمال ..
وفي ذلك اليوم طرح سامر فكرة الزواج أمام أهله ..ففرحوا لذلك ..ولكن سرعان ما تحول ذلك الفرح إلى جدال ونقاش وصراخ بعدما عرفوا من تكون العروس ..ووقفت أمه غاضبة وهي تقول:
-هل جننت أتريد أن تتزوج بمن كانت أمها راقصة ..ألم تسمع بذلك المثل( طب الجرة عتمها بتطلع البنت لأمها) .ألا يعقل أن تشرب من ذات الكأس الذي شربت منه والدتها ..
-ما ذنبها يا أمي؟ ..أرجوك لا داعي لهذا الكلام !!لو كانت أمك راقصة هل كنت ستقولين هذا الكلام ؟
-اخرس أيها الولد العاق ..وإياك أن تطرح هذا الأمر مرة أخرى ..
-أمي… لا داعي لكل هذا الصراخ ..أنا أحب مجدولين وهي تحبني ..ووو
-إما أنا أو هي !!
وهنا قال والده بحزم :
-فكر مليا يا سامر ..أنا أعلم أنك على قدر كبير من الوعي ..لذا لا تجلب المشاكل إلى منزلنا بسبب فتاة لا تستحق ..
-الآن لن أقول أي شيء ولكني مصر على قراري..
وظلت الأجواء العائلية ما بين مد وجزر ..ولا مجال لطرح هذا الأمر أمامهم بأية وسيلة ..وخطر إلى بال سامر أن يتحدث إلى خاله المسافر عله يساعده في إقناع أهله ..وبمجرد أن اتصل به أخبره خاله أنه سيكون في لبنان خلال يومين ..وسيسمع قصته هناك ..وعاد الرجل إلى لبنان ..واستمع إلى قصة ابن أخته ..وقال له:
-إياك أن تتخذ قرارا تندم عليه ..
-ولماذا أندم يا خالي؟ ..أنا أحب الفتاة ..وهي تحبني ..
-الحب قبل الزواج ليس مثل الحب بعده ..
-لقد اتخذت قراراي بعدما استشرت روحي يا خال!!
-ممممم حسنا دعني أتعرف إلى عروسك وبعدها أقرر إن كانت تستحق المساعدة ..
واتفق سامر ومجدولين أن يلتقيا مع الخال في إحدى المقاهي ..وكانت مجدولين تشعر بتوتر شديد قبل حضور الضيف ..فربما لا تعجبه ويكف عن مساعدة سامر ..وربما لأمر آخر هي لا تعلمه ..وبمجرد أن أطل الخال ..حتى شعرت مجدولين بدوار خفيف ..إنه يشبه صورة والدها إلى حد كبير ..أيعقل أن يكون هو؟؟وبمجرد أن ق
ام سامر بتعريفهما إلى بعض وذكر اسمه الكامل ..حتى أغمي عليها وهي تقول أبي أبي ..واستغرب سامر هذا الأمر ..إلى أن استيقظت بعد محاولات منه ومن خاله ..وروت لهما قصتها ..فصمت الخال قليلا ..ثم تمتم:
-إذاً توفيت سماهر !!!وكيف لي أن أعرف أنك ابنتي حقا ..
-فحص الجينات يا أبي !!أليس القلوب والأرواح أولى ؟؟؟
-أشعر إلى حد كبير أنك ابنتي ..ولكن ليطمئن قلبي ..
وبعد فترة ظهرت فحوصات الجينات وتبين أن مجدولين هي ابنة خال سامر حقا ..وهنا لم يعد بمقدور أهله الرفض ..وظهر السر الذي خبئ لسنوات طوال وأسفر عن وجود فتاة كمجدولين ..وتزوجت من سامر وهي لم تزدد شموخا وثقة بنفسها ..فلم تعد تسمح لعمل أمها أن يؤثر عليها أبدا ..وبنفس الوقت لم تشعر بحنان الأبوة الذي افتقدته طوال تلك السنوات ..فحبها لسامر كان أكبر من أن يوصف.. وحاول والدها تصحيح ما اقترفته يداه منذ زمن ..ولكن هيهات أنى للموتى أن يعودوا ..وحاول أن يعوض هذا الحرمان بابنته… وهكذا عاشت مجدولين مع سامر حياة واعية ..ملؤها الحب الحقيقي الذي نفتقده بعمق في هذه الأيام ..فأن تحب يعني أن تحب حبيبك بكل صفاته وتتقبله ..لا أن تجرحه بكلامك اللاذع بين الفينة والأخرى ..وللكلام تتمة في قصة أخرى وأرجو أن تكون قد نالت إعجابكم ..
تمت بحمد الله
