رواية سر الحياة الفصل الثاني عشر12الاخير بقلم ليلي مظلوم
قال بحياء:
-أنا آسف عما بدر مني في المرة السابقة ..كان من الممكن أن أكون مكانك ..ولكن ضع نفسك مكاني فهل تزوج ابنتك لرجل لا يبصر ..
وامتلك كمال الشجاعة ليقول :
-نعم أزوجها لرجل لا يبصر بعينيه ..ولكن لا أزوجها لرجل لا يبصر بقلبه ..
-هذا كلام القصص يا ولدي ..ولكن ترجمته على الواقع صعبة جدا ..
-هب يا سيدي أنك زوجت ابنتك لرجل يبصر وفقد بصره خلال فترة الزواج فهل ستطلقها منه ؟؟
-كلا ..يستحيل أن أفعل هذا ..
-ولكنه ممكن الحدوث ..أتعلم كنت فاقدا للأمل ..فاقدا لمعنى الحياة وسرها العميق ..ولكني وجدته مع ابنتك ..بعد صراع طويل معها ..وهي جوهر حياتي الآن ولا تقاس بجميع جواهر العالم ..
-لا أعلم ماذا أقول لك ..ولكن ماذا عن والدتك أيضا فهي لا تتشرف بنا كوننا فقراء ..
-الفقير هو فقير الحب والسلام ..لا تقلق بشأنها ..المهم أن توافق أنت وكل شيئ سيكون على ما يرام ..
وفي تلك اللحظات شعرت جوليا أنها تريد معانقة هاني ..مشاعر مختلطة كانت
تدور في رأسها فهي تحبه من جهة ..وتشفق عليه من جهة أخرى ..ومعجبة بأفكاره ..وفرحة بتغيره وكأنه ولد من جديد..
وبعد التي واللتيا وافق الأب على زواج ابنته فبعث بالسرور إلى قلبها ..وقلب كمال ..الذي أقنع والدته بهذا الزواج ..وتم تحديد موعد الحفلة ..وبدأت العائلتان تجهزان المراسيم ..والملفت أن حسان طلب
من راشيل مساعدة جوليا في تجهيز منزلها ..ولم يعد يشعر بأي سوء تجاه كمال ..بل على العكس فقد التقى به مرات عديدة وبدا الإنسجام واضحا بينهما..
ها هي العروس قد ارتدت ثوبها الأبيض كقلبها ..وبدت جميلة جدا ليس لأن ملامحها جميلة ..بل لأنها تزف إلى الرجل الذي أحبته ..فإشراق الوجوه أهم بكثير من الوجوه الكالحة وإن كانت أجمل. .البعض يقول
أن الجمال الداخلي هو الأهم ..وبعضهم يقول أن الخارجي هو الأهم وهو شرارة 🎇 معرفة الجمال الداخلي ..وأنا أقول أن الجمال الداخلي يعكس على وجوهنا بريقا خاصا يتحسسه من يملك الجمال الداخلي ..فلا يهم إن كان الشخص الذي أمامنا أعمى أو أعرج أو أخرس ..لأنه ممكن الحدوث في أي وقت ..
وحضر العريس ليأخذ عروسته من منزل أهلها إلى الصالة ..ورحبت به العائلة ظاهريا
..أما القلوب فكانت متنوعة.. البعض اعتبر أنه زواج مصلحة ولو لم يكن كمال غنيا لما قبلت به العروس ..والبعض اعتبره
عملا إنسانيا ..آخرون اعتبروه عاديا وكانوا يصفقون بحرارة ..وهناك من اعتبره مهزلة ..كل يرى بعين طبعه !!..وكل تفكير يخالجنا ما هو إلا انعكاس
لعقلنا الباطني فلنملأه بما يريحنا ويناسبنا ..والخير هو الأهم بالطبع ..
أما والدة العروس فقالت لصهرها باكية :
-أرجوك كن مثاليا معها وحافظ عليها إنها أمانة في عنقك ..
-أما المثالية فهي ليست إلا تمثيلية يا سيدتي ..على الإنسان أن يعيش على طبيعته ومحاولته المثالية ليست إلا إرضاء لمن حوله ..وعذابا لنفسه ..أما عن
حبي لجوليا فهو كفيل بأن تكون معي بخير اطمئني ..وأنا لا أملك مفتاح المستقبل… من يدري ماذا يخبئ لنا القدر ..ومن يدري قد نصنع قدرنا بأنفسنا ..
فضحكت أم جوليا ماسحة دموعها ثم قالت :كل الذي طلبته منك أن تكون عونا لابنتي ..فأعطيتني محاضرة لم أفهم ربع كلماتها ..
فقرب جبينها إلى شفتيه وطبع عليهما قبلة احترام وهمس :لا تقلقي ..
وودعت العروس أهلها مع صوت الزغاريد ..ليقوم كمال بجرها إلى سيارته الخاصة ..ويذهب وهو يتحسس بعصاه الأرض ليأخذ مكان السائق ..فنظرت إليه جوليا باستغراب :
-هل جننت؟؟
-لن أقول حبك أجنني بل جعلني عاقلا ..
-وكيف ستقود السيارة ..؟
فرمى بالعصا من نافذة السيارة ليلتقطها هاني الذي كان يراقب ردة فعل العروسين ..ثم أشغل كمال السيارة والمذياع سوية ..فقالت له جوليا :
كماااال ؟؟؟منذ متى وأنت تبصر؟؟
-منذ أن رأتك عيناي !
-أنا أتكلم بجدية !!!
-في اليوم الذي ذهبت فيه إلى منزلكم مع هاني !!
-مجنننون وكيف استطعت إخفاء ذلك طوال تلك المدة !!
-لأني خشيت أن تبدلي رأيك عندما تعرفين الحقيقة !!
فضربته على يده مازحة فرحة في الوقت ذاته :
-وهل عرف أهلك ذلك ؟
-اليوم ..وكانت فرحتهم فرحتين !!!
-أعتقد أنك كنت تشعر بي كثيرا في الفترة الماضية !!
-صحيح ..وقد تعلمت الكثير أيضا عندما فقدت بصري ..وأنا ممتن جدا لمعرفتي بهاني فقد ساعدني كثيرا ..وأنت أيضا ..أحبك يا جوليا حبا حقيقيا ..
-وأنت أنا يا كمال !!
ﺍﻟﺤﺐ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻓﻤﺘﻰ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱُ ﺗﻘﻠﺼﺖ ﻋﻨﻬﻢ ﻛﻞ ﻇﻼﻝ ﺍﻟﺸﻨﺎﻋﺔ ﻓﺮﺃﻭﺍ ﻛﻞ ﻣﺎ
ﻓﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻼً، ﻭﻣﺘﻰ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻠًﺎ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ، ﻭﻣﺘﻰ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﺤﺐ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .“
النهاية
