رواية زهرة ولكن دميمة الفصل الاول1والثاني2 بقلم سلمي محمد
شعرت بالإختناق وهي ترتدي ملابس العمل، أصبح الوضع لا يطاق، فمنذ مجيء بسام وهو لا يتوقف عن السخرية منها والحط من قيمتها، تنهدت بعجز ثم جالت بعينيها في المكان، هنا شعرت بالراحة والأمان ولكن الآن أصبح أمانها مهدد بسببه، هذا المقهى أصبح منزلها الثاني فمقهى الزنبقة السوداء يمتاز بالطابع الأسري والبساطة، مميز بتقديم أجود أنواع القهوة وواجبات الإفطار المميزة ومن خلال الشبابيك يستطيع الزبائن رؤية البحر ومياه الصافية الممتدة إلي ما لا نهاية، منظر يدعو الي السلام والهدوء الداخلي، نظرة زهرة إلى الخارج تتأمل البحر وامواجه المتلاطمة التي تنبئ السكان بأن النوة في ذروتها، حاولت استعادة هدوئها، أخذت نفس عميق تحاول قدر المستطاع استنشاق رائحة البحر المميزة هذه الرائحة الشافية الآتيه عبر نسمات الهواء ثم نظرت إلى ساعتها وجدتها الساعة الثامنة، فقد حان موعد فتح المقهى، نظرت حولها فلم ترى كابوسها بسام وسماح فقد تأخرا كالمعتاد.
زهرة... يازهرة... نادت عليها شهيرة مالكة المكان فهي سيدة عجوز أرملة طيبة القلب تعامل زهرة جيدا، هي الوحيدة التي جعلتها تعمل لديها بعد شهور من عذاب البحث عن وظيفة، لم تطلب منها مؤهل عالي كباقي الوظائف فهي لا تملك سوى شهادة الثانوية العامة.
ردت زهرة :
- نعم يامدام شهيرة
-الكافية متحطتش عليه يافطة مفتوح لحد دلوقتي ليه.
أجابتها بتردد:
- أصل بسام ودعاء لسه مجوش يامدام
ردت عليها بحدة:
- لما يجي بسام ودعاء خليهم يدخلولي المكتب علطول، الكافية هنا ليه مواعيد ثابته مش تكيه سايبه ملهاش حاكم.
ظلت واقفة في مكانها صامته، لا تعرف ماذا تقول أو تفعل وعندما رأت بدايه احمرار وجهها أردفت مهدئة بلاش أنفعال عشان صحتك، أنا هروح دلوقتي أحط اليافطة بنفسي.
تكلمت شهيرة بغضب:
-أومال أنا مشغلاه ليه، أنا مش عارفة مستحملاه ليه لحد دلوقتي وهو والزفتة اللي ما تتسمى.
ردت عليها بهدوء بهدوء:
- عشان قلبك الطيب
_ما هو قلبي الطيب ده هيضيع مني الكافية الديون اتركمت عليه والقرض إللي قدمت عليه اترفض.
_أن شاء الله هتتحل من عنده.
وضعت شهيرة يديها على رأسها مرة واحدة ثم أخرجت أنين متألم
سألتها زهرة بقلق:
-مالك يامادام.
ردت عليها وهي تحرك رأسها:
-الصداع جالي تاني
قالت زهرة مترجية:
-متسكتيش على نفسك أكتر من كده وروحي أكشفي، الصداع بقا بيجيلك باستمرار.
_هبقا اروح أكشف
_ما هو كل مرة تقوليلي كده وتطنشي ومش بتروحي
شهيرة بحدة بسيطة: خلاص يازهرة بقولك بعدين
لم ترد الألحاح عليها فقالت بهدوء :
-خلاص إللي يريحك، روحي على مكتبك استريحي شوية وأنا هجبلك كوبايه مية وحاجة للصداع
قبل أن تتركها قالت:
-متزعليش مني يازهرة لو انفعلت عليكي
إبتسمت لها زهرة إبتسامة حقيقية نابعة من القلب: وأنا عمري ماهزعل منك مداك.
بمجرد ذهاب شهيرة، أتجهت لكي تضع يافطة مفتوح على باب المقهى، ثم ذهبت بعدها مباشرة لكي تعد كوب من القهوة للسيدة شهيرة، عندما خرجت من مكتبها سمعت صوت إغلاق باب المقهى مصاحبًا لدخول كلا من بسام وسماح مسرعين.
سماح سألت وهي تتنفس بحدة:
- إيه الأخبار؟
أجابتها مترددة:
- المدام سألت عليكم أنتم الأتنين
بسام سألها بغلظة:
- وردك كان إيه يابومة
بلهجة يشوبها الغضب:
-أسمي زهرة لو سمحت وقولت ليها على فكرة إنكم لسه مجتوش وعايزكم عندها في المكتب
ضحك بسخرية ونظر لها بقرف:
- البومة طلعلها صوت وفين الزهرة دي أنا مش شايف قصادي أيتوها زهرة، كل إللي شايفه بومه بشعر أسود أكرت.
شاركته سماح الضحك :
-خلاص بقا يابسام مش كل يوم كده هتسمعها نفس الكلمتين، المرة الجاية غير موشح التريقة.
أجابها بضحكة عالية:
-خلاص هقولها من يوم ورايح يازمل.
لمعت عيناها بالدموع:
-حرام عليكم بلاش تريقة
قال بسام بسخرية:
- الأخ طلع بيحس ياسماح وأنا إللي كنت بحسبه جبلة معندهوش دم
في محاولة بائسة منها للمقاومة وبلهجة تحاول جعلها ثابتة:
-أنا اسمي زهرة
بسام قال باستهزاء:
- نعم يأخ زهرة
سماح بسخرية:
-كفاية يابسام النهاردة ورانا شغل ويدوب نلحق نغير هدومنا قبل مالمدام تسأل علينا تاني
رد عليها بسام بابتسامة :
- أعمل إيه بس ياسوسو ما هو شكلها إللي بيستفزني
ردت عليه سماح بدلع :
-هنتأخر كده على الشغل وكفاية لحد كده تأخير بدل مالمدام تخصم لينا من المرتب
بسام بابتسامة:
-عندك حق ياسوسو يلا بينا
أنصرف كلاهما تاركين زهرة في بؤسها تحاول كبت دموعها والسيطرة على تماسك اعصابها
وبعد ارتداء كل من بسام وسماح الزي الخاص بالمقهى، توجه كلاهما إلى مكتب السيدة شهيرة
فتح باب المقهى نبئ بقدوم زبائن جدد، هندمت زهرة ملابسها وثبتت نظارتها ومررت أصابع يديها على شعرها في محاولة يائسة لإرجاع الخصل الشاردة لمكانها الطبيعي ثم تنفست بعمق وأخرجت الزفير ببطء وهي تقوم بالعد واحد... اثنين... ثلاثة
مدت أصابع يديها فوق الطاولة لالتقاط قائمة المقهى وخرجت من مكانها متوجهة للخارج لتخدم الزبائن، تسمرت في مكانها تتأمل القادم،فهي لم تعتاد على رؤية هذا النوع من البشر، هذا النوع الذي تراه على أغلفة
مجلات الموضة أو أغلفة أحد الروايات الرومانسية يكون البطل فيها شديد الوسامة لدرجة إنك تكلم نفسك قائلا هل هو شخص من لحم ودم موجود في الحقيقة، هل سيأتي اليوم وترى هذا النوع من البشر، لم تصدق زهرة عينيها فقامت بمسح
زجاج نظارتها ونظرت لهم مرة أخرى تتأمل كل تفصيلة، مظهرهم يدل على انتمائهم لوسط الاغنياء من طريقة مشيتهم الارستقراطية، من ملابسهم
فهما يرتديان بدل سوداء شكلها يدل على إنها من أجود وأغلى الأنواع، أحد الرجلين يرتدي نظارة شمسية، يبدو أصغر من الراجل الآخر ببعض سنوات
الراجل الأصغر قال بضيق:
-الواحد كده هيتأخر، ودي هتكون أول مرة أتأخر على ميعاد صفقة طول حياتى، وضرب بكف يده على الطاولة بعنف
الراجل الأخر قال بنبرة هادئة :
-اتحكم في غضبك ياأكنان، إحنا في مكان عام، والتأخير شئ غصب عنك وعني، الجو
والعاصفة إللي في الشارع أجبرونا على التأخير، الهوا كان هو إللي بيحرك العربية، غير الشجرة إللي وقعت في نص الطريق وسدت الشارع.
رد عليه بغضب :
-مش أنا إللي حاجة تقف قصادي وتعطلني عن حاجة عايزه.
أجابه بهدوء:
- إلا الطبيعة دي الحاجة الوحيدة إللي بعيد عن سيطرة أي بنأدم
لم يرد عليه والتزم الصمت، لايريد الجدال معاه، فهو صديقه المقرب وحارسه الشخصي،
وبمثابة الأخ الأكبر الذي لم يحظى بيه، زاهر بالنسبة له الحامي والأب الحنون بالرغم من عدم وجود فارق سني كبير بينهم،
لم يعرف سواه صديق منذ طفولته، أسرة زاهر كنت تعمل لدى عائلة نجم، فهو شب على
وجود زاهر بجواره دائما والدفاع عنه في كل الأوقات، مر بطفولة قاسية، كان طفل
هذيل الجسد يتعرض للتنمر من عائلته، من زملائه، كان الأغنى بين جميع الأطفال في المدرسة
وكان هذا أحد اسباب تنمرهم بالإضافة إلى بنيته الضعيفة، زاهر لم يتركه وعلمه فنون
الدفاع عن النفس وممارسة الرياضة منذ أن كان طفل حتى أمتلك بنيه جسدية ضخمة
يحسدها عليه العديد من الرجال، حتى أصبح اليوم الملقب بالقاسي في وسط رجال الأعمال، لا يعرف الرحمة أبدًا مع منافسه.
سأل زاهر مقاطعا صمت أكنان:
- هتطلب فطار وقهوة ولا قهوة بس.
نظر أكنان بقرف للمكان هامسا بغضب مكتوم :
- أنا قاسي جاه الوقت واقعد في مكان بيئة زي ده.
أرتسمت على وجهه شبح ابتسامة:
-بالعكس المكان بسيط وشيك.
قال أكنان بضيق :
-مش عايز حاجة ثم أمسك هاتفه وقام بالإتصال بسكرتيرته الخاصة.
أقتربت منهم زهرة قائلة بهدوء:
-طلبات حضراتكم، ثم أعطت زاهر قائمة المقهى، أكملت بلهجة عملية، في عندنا القهوة بجميع أنواعها، وكمان أشهى وأطيب أصناف الفطار.
زاهر وضع القائمة على الطاولة دون النظر فيها:
- عايز أتنين أسبريسو
ردت زهرة بابتسامة :
-حاضر يافندم، دقايق والطلب يكون جاهز عندك، الكافيه هنا بيقدم أحسن قهوة أسبريسو، هنا بنعمل البن طازة
أكتفى زاهر بابتسامة مع هزة رأس، لتنصرف بعدها مباشرة متجهة ناحية ماكينة أعداد
البن، لتقوم بطحن حبوب البن تحت أنظار زاهر متتبع طريقة أعدادها مشروبهم الخاص.
أنتهت من أعداد القهوة ووضعتهم في الفناجين المخصصة للزبائن المميزين، ثم أتجهت الى الطاولة
قالت بابتسامة : الاسبريسو أنا متأكده أنه هينول رضاكم، لو في أي ملاحظة بخصوص الاسبريسو، أتمنى من حضرتك تقول عشان نتلافها في المستقبل.
كان أكنان منمدج في المكالمة لم يبالي بالرد تاركًا إيه على زاهر.
أجابها زاهر باختصار:
-تمام.
لتنصرف زهرة محدثة نفسها، أيه كمية التلج دي، كل اللى هان عليه يقولي تمام مش عارف
يقول جملة مفيدة، والتاني مهنش يرفع راسه، هما الناس الأغنية باين عليهم بخله حتى في الكلام.
غزت رائحة مميزة مركز الشم لديه، رائحة أدمانه، نعم أدمانه، القهوة الاسبريسو كالإدمان بالنسبة له، بدون فنجان قهوته يكون خارج السيطرة وشديد
الانفعال، أنهى مكالمته بدون مقدمات، ليري فنجان قهوة أمامه مباشره وأيضا فنجان آخر أمام زاهر، الذي تجاهل نظراته
الغاضبة له لعدم تنفيذه أوامره، يعرف أكنان جيدآ فهو يبغض من يتجاهل كلامه يجعل أيامه جحيم مع الجميع إلا هو، أرتشف زاهر عدة رشفات من قهوته قائلا بتلذذ:مش هتندم لو شربت من القهوة، جرب وعلى ضمانتي.
قال بضيق:
- ماشي يازاهر، لولا غلاوتك عندي مكنتش عديت الموقف ده أبدا.
رد زاهر عليه بابتسامة:
-عارف جرب القهوة مش هتندم.
أمسك أكنان الفنجان فرائحته الذكيه اجتذبت حواسه، ارتشف رشفة واحدة وأخذ يحركها
داخل فمه ببطء شديد، ليعلن مركز التذوق داخل فمه احساسه بالمتعة.
زاهر سألها بفضول:
-ايه رأيك عاجبك صح
رد بلامبلاة :
-مش بطال، هو يتكلم نظر إلى الخارج، ليقول مباشرة يلا بينا الجو شكله اتحسن.
غادر كلاهما بعد ترك فلوس الفاتورة وبقشيش خيالي
بعد خروجهم اقتربت زهرة من الطاولة ووجدت عليها الف جنيه، نظرت إلى المبلغ
بصدمة، ألف جنيه مرة واحدة، هذا المبلغ كفيل بتغطية مصاريف البيت لأكثر من
اسبوع، أخذت البقشيش ووضعته داخل جيبها، فهي ترتدي دائما ملابس واسعة تسهل عليها التحرك
براحة وسرعة، ولابد من احتوائها على جيوب واسعة لتضع فيها اشيائها الخاصة، لأنها تكره حمل الشنط، بسبب تجربة مريرة
مرت بيها إصابتها بعقدة نفسية من حملها، فاستبدلت الشنطة بالجيوب الموجودة في ملابسها.
بعد الانتهاء من ترتيب الطاولة وأخذ الفناجين الفارغة، نظرت حولها للبحث عن سماح لم
تراها، فالمفروض أنها تقوم بمساعدتها، فهناك طاولة أخرى عليها زبائن لم يتم أخذ طلباتهم حتى الآن، ذهبت إليهم زهرة
وهي تشعر بالضيق من إهمال سماح لوظيفتها وتحمليها أعباء الخدمة بمفردها وبعد أخذها الطلبات وإحضار ما تم طلبه، ذهبت للبحث عنها، لم تجدها
في أي مكان ولكن عندما مرت بغرفة تغيير الملابس، سمعت تأوهات خافتة تصدر من الداخل، وضعت أذنها على الباب في محاولة منها لفهم مايحدث، تسرب الشك إلى قلبها... فقامت بفتح الباب مرة واحدة، لترى سماح بين أحضان بسام يرتكبان فعل من المحرمات وضعت زهرة كف يديها على فمها ناظرة لهم برعب، ألتفتا إليها الإثنين
بصدمة، سماح لم تستطع، تصرف بسام سريعا، هندم ملابسه ثم أغلق الباب عليهم، قائلا بأنفاس مضطربة: - البسي هدومك بسرعة.
أقترب من زهرة ناظرا له بتهديد:
-بؤك ده لو اتفتح باللي شوفتيه عينيكي مش هتشوف النور فاهمة ولا مش فاهمة،
عندما ظلت صامته أمسك كلتا كتفيها وهزها بعنف شديد لدرجة أن رأسها اصطدم بالباب.
ردد قائلا بلهجة تحمل تهديد فعلي:
- بؤك ميتفتحش ولو كلمة اتقالت هنا ولا هنا باللي شوفتيه، هخلص عليكي.
ردت بصوت متقطع من شدة الألم والخوف :
-مفهوم مفهوم سبني أخرج.
فتح الباب متحدثا بغلظة:
-أخرجي.
هرولت مسرعة بعيدا عنه، ذهبت إلى ركنها الخاص وتركت العنان لدموعها، محدثة
نفسها إنتي السبب أيه إللي دخلك... أهو فضولك وقعك مع إللي ميرحمش... طب أعمل أيه دلوقتي... الشغل ومقدرش
اسيبه مليش غير المكان هنا وكفاية عليا معاملة الست شهيرة أنا مقدرش اسيبها لوحدها، ومقدرش اقول للمدام على إللي شوفته، بعدين للمصيبة اللي
وقعتي فيها نفسك، مفيش غير حل واحد أنك تسكتي وتنسي إللي حصل وكأنك مشوفتيش حاجة.
*****
وفي داخل الشركة الفرعية لمجموعة شركاته، بمجرد وضع أول قدم ليه في مدخل الشركة
جميع الموظفين وقفو له ترحيبًا حتى وصل إلى الطرقة المؤدية لمكتبه الرئيسي، ليقف أيضا الجميع وكل واحد فيهم قام
بإلقاء السلام، وهو أكتفي بهزة خفيفة من رأسه، وقبل دخوله المكتب لفت انتباهه موظفة
جديدة ترتدي جيب قصيره وبلوزة تلتصق بجسدها وبمجرد رؤيتها له إبتسمت له بإغراء.
سأل أكنان :
- مين دي وأشار بأبهامه تجاهها.
قالت الفتاة بابتسامة :
-أااانا.
إنتي تخرسي حدثها أكنان بقسوة.
زاهر رد بهدوء وهو ينظر للفتاة:
-مساعدة السكرتيرة الجديدة
تحدث ببرود:
-تترفد مش عايز أشوف وشها هنا ثم دلف داخل مكتبه، مرددًا بضيق هو الواحد مش هيرتاح بقا من الأشكال دي.
الفتاة بصدمة:
- ليه هو أنا عملت إيه.
زاهر بلامبلاة :
-سمعتي أكنان بيه قال أيه لمي حاجتك ومع السلامة.
قالت له بتوسل :
-انا معملتش حاجة، مش عايزه اترفد.
تحدث بحدة :
- قدمي استقالتك في شئون العاملين ووشك ميتشفش هنا تاني، دخل هو الأخر إلى مكتب أكنان دون أن يبالى بدموعها وتوسلاتها
بمجرد رؤيته لزاهر قال له بغضب :
-مين شغل البت إللي برا.
رد زاهر :
-أنا وقبل ماتقول الكلام إللي أنا عارف هتقوله، البنت لما عملت معاها المقابلة مكنتش كده
خالص، دي اتحولت لما عرفت إنها هتشتغل مساعدة السكرتيرة الخاصة عندك، كمل كلامه مبتسما، ليك تأثير مدمر.
زجره أكنان بحدة :
-وكمان بتضحك، إللي حصل النهاردة ميتكررش تاني، وياريت تاخد بالك اكتر المرة جاية.
زاهر بابتسامة :
- تمام وهبقا أبلغ كمان ممنوع اللبس الملفت وغمز بعينيه، وكمان ممنوع النظرات الخاصة
زفر بضيق :
-احسن كده وياريت تتحط بنود ضمن العقد، رن هاتفه الخاص أخرجه من جيبه ثم قام بالرد،
واحشتيني إنتي كمان يابيسان، مرت على وجه زاهر شتى الإنفعالات وهو يسمع ضحكات أكنان ونطق إسمها بدفء.
زاهر خرج صوته حاد:
-هخرج ياأكنان في كام حاجة مهمة هعملها.
أشار له بيديه بمعنى نعم وهو مازال يتكلم على الهاتف.
خرج زاهر وهو يشعر بألم بشع داخل قلبه بمجرد سماعه إسمها، خبط بكلتا يديها على الحائط
بعنف شديد لدرجة أدمت أصابع يديه.
نهضت صافي من مكانها مفزوعة وهي ترى مايفعله زاهر.
سألتها بقلق :
-زاهر بيه مالك؟
تحدث إليها بغضب:
-حاجة متخصكيش ويخليكي في شغلك.
قالت بأحراج :
-أسفة زاهر بيه، أكملت كلامها بصوت خافت في داهية
خرج زاهر من المكان وهو يكاد لايرى أمامه.
****
مر اليوم على زهرة كالكابوس، طوال الوقت بسام ينظر لها بوعيد ويحرك يديه باتجاه
رقبته ذهابا وايابا كعلامة للذبح، غير نظرات سماح المهددة، عندما نادت عليها شهيرة
وأخبرتها أنه حان وقت الإنصراف
شعرت بالحرية أخيراً سوف تتخلص من تهدديهم لها، بمجرد خروجها من باب المقهى تنفست بعمق ومشيت باتجاه منزلها، سمعت صوت خافت بالقرب منها أحنت رأسها للأسفل فرأت قطة صغيرة شديدة البياض كسرت حدت سواد الليل، تمشي بالقرب
منها، قالت لها بعطف: شكلك حلو أوي ياخسارة عيشتك في الشارع، ثم ربتت على رأسها بحنيه، فقامت القطة بتحريك رأسها
مستمدة قليل من الأمان من هذه الحركة النادرة التي تلاقيها من بني البشر، قالت بخفوت
بلاش كده هتصعبي عليا أكتر، خلي بالك من نفسك تكلمت معاها كأنها شخص مسكين، سلام
ياقطة وتحركت، لكن القطة الصغيرة استمرت بالمشي قربها ولم تفارقها، قامت زهره
بتجاهلها وأكملت طريقها دون النظر لها،حتى اقتربت من باب منزلها.
قالت زهرة لها :
-وبعدين معاكي، جايه معايا ليه لحد البيت روحي للمكان إللي كنتي عايشه فيه
أخرجت القطة مواء خافت ونظرت لها بتوسل
شعرت زهرة بالشفقة تجاه القطة ثم قامت بحملها: وبعدين معاكي وبلاش البصة دي،
أنا مقدرش أخدك معايا، يدوب بصرف على نفسي وماما بالعافية ومرتبي من الكافيه
يدوب بيقضي مصاريفنا ده غير علاج ماما ورعايتي ليها، متجيش انتي وتبصلي كده بلاش
تحسسيني بالذنب مقدرش أخدك معايا بلاش مسئولية فوق المسئولية، حركة أصابع يديها
بحنيه على فراء القطة، نظرت لها بصدمة، معقولة بس انتي صغيرة أوي ياقطة، يستمر الانبعاج
بالتحرك بلطف تحت اصابعها، نظرت لها القطة بعيونها الزرقاء شاهدت زهرة داخل عينيها
نظرات خاصة، نظرة رجاء، نظرة توسل، قائلة لها بأكثر لهجات الحيوان تعبيرًا أنا دلوقتي مليش غيرك.
لمعت عينيها بالدموع :
-تعرفي ياقطة بعد البصة دي أنا مقدرش أسيبك وانتي في الوضع ده، خلاص بطلي نونوه أنا هخدك تعيشي معايا، بس أدعي معايا ماما متطردكيش.
فتحت باب الشقة ومشيت على أطراف أصابعها حتى لا تعرف أمها إنها جاءت، دخلت إلى غرفتها وتنفست بسعادة، متقفشتش الحمد لله،
بصي ياقطة أنا هسميكي ماشا ماهو مش معقولة هنبقا جيران مع بعض في نفس الاوضة وأقولك ياقطة، من يوم ورايح إنتي
إسمك ماشا، هجبلك حاجة تاكليها ومش عايزه أسمع صوتك خالص عشان نبقا حابيب وأصحاب، مفهوم ياماشا هو أنا هقول لماما بس بعدين لما أمهد ليها الأول.
أنتهت زهرة من وضع الطعام لماشا، ثم ذهبت إلى المطبخ وأعدت طعام العشاء لأمها
ووضعته على صينية وبجانبه العلاج وكوب من الماء ثم دلفت إلى غرفة غرفتها.
قالت بابتسامة:
-مساء الورد والياسمين.
ردت هدى بابتسامة :
-مساء الورد، أنا سمعاكي جاية من فترة أيه إللي أخرك عليا.
أجابت بلجلجة:
-أبدًا متأخرتش ولا حاجة يدوب غيرت هدومي ودخلت الحمام، يمكن بقا طولت شوية.
سألت سؤالها اليومي:
-عملتي ايه النهاردة في الشغل ومدام شهيرة صحتها أخبارها ايه.
اقتربت زهرة من فراش أمها وهي تجيبها، الحمد لله ياماما، سحبت الطاولة ووضعت
عليها صينيه الطعام، صحتها مش عاجبني ومصممة مش تروح تكشف.
هدى :هي بتخاف أوي من المستشفيات والدكاترة من وقت ماجوزها مات، وهو بيعمل عملية تغيير صمام
تنهدت زهرة بكأبة:الله يرحمه وهي من وقتها وعندها فوبيا من المستشفيات، قومي شوية ياماما.
قامت بإسناد أمها لتجلس فوق الفراش ووضعت الطاولة أمامها، رن جرس الباب، أنا هروح أفتح الباب تلاقيها البت ضحى من صوت الجرس
إللي مش عايزه تشيل صبعها من عليه، تلاقيهازهقانة وعايزه تقعد معايا شوية، لو احتاجتي
حاجة ياماما تبقي تنادي عليا.
هدى بابتسامة:
- سلميلي عليها.
ردت بضحك:
-أنا هجبها لحد هنا ليكي.
قالت بسرعة:
- لااااا متدخلهاش مش بتفصل وأنا عندي صداع لوحدي، خلي السلام من بعيد لبعيد أحسن.
زهرة بهدوء :
-حاضر ياست الكل، خرجت مسرعة من غرفة والداتها فضحى لم تنزع أصبعها عن جرس الباب حتى الأن.
فتحت باب الشقة قائلة بلوم:
- الجرس يابت يتحرق.
دلفت ضحى إلى الداخل مسرعة بدون استئذان
أغلقت الباب، لترى ضحى أخذت اكثر وضع مريح في الجلوس
تنهدت زهرة :
- خلاص قعدتي واستربعتي واشارت بإصبعها بتحذير فى وجه ضحى، صبعك ميتحطتش على جرس الباب تاني بعد كده تخبطي.
مدت ضحى يديها وتناولت خياريه من على الطبق الموضوع بجانبها، تكلمت وفمها ممتلئ حاااضر
زهرة وهي تتنهد بصوت مسموع:
-ماهو كل مرة تقولي حاضر وبردو تهببي نفس العاملة.
ردت بابتسامة:
-حاضر يازهرة مانتي عارفة إني بنسى، خلينا في المهم، تعالي اقعدي جنبي عشان عايزه أتكلم معاكي في موضوع مهم.
قطبت زهرة بين حواجبها :
-موضوع ومهم ثم قالت بهزار، اوعي تقولي جيبالك عريس.
شرقت ضحى، وأشارت لها وهى تسعل لتضربها خلف ظهرها وعندما إنتهى السعال، قالت ضاحكة:عريس مين هيجيلك وانتي عاملة زي الواد بليه.
زهرة بغضب:
-بت إنتي لمي نفسك بدل مااطردك برا.
حاولت ضحى تلطيف الأجواء عندما شاهدت احمرار وجهها فعرفت انها تمادت واهانتها، فشكلها ومظهرها خط أحمر، مكنتش اقصد عدي كلامي
هما كلمتين بايخين وطلعو مني كده وهاتي راسك ابوسها. أبعدت رأسها فهي تشعر بالغضب منها
قالت ضحى بتوسل :
-مكنتش أقصد يازهرة بهزر معاكي، خلاص سماح المرة دي.
زهرة تكلمت بحدة :
-خلاص ياضحى مش زعلانه، قوليلي بقا كنت عايزاني في أيه عشان بجد تعبانة وعايزه أنام.
ردت ضحى :
-هقولك أهو أحمد اتصل باخويا وقالو يكلمني.
بمجرد ذكر إسم احمد شعرت بغصة في قلبها، سألت بصوت مرتعش :
-وبعدين
أجابتها ضحى :
-كان عايز نمرة تليفونك.
شعور بالصدمة تملكها، بعد مرور عدة سنوات، كلف نفسه عناء
محاولة الاتصال بها:وردك كان إيه.
أجابت ضحى: طبعا رفضت، قولت هقولك الأول لو وافقتي هديله الرقم أديله الرقم ولا لأ.
ردت بصوت مرتعش :
-لا مش عايزه ياخد رقمي مش عايزه أي اتصال بيه.
ضحى بتردد:
-بس يازهرة هو عايز يكلمك إنتو كنتو.
قاطعتها بغضب :
-إحنا مكناش حاجة.
قالت ضحى مهدئة :
-بس هو باين عليه ندمان وعايز
_ كفايه ياضحى مش عايزه أسمع سيرته وبقولك أهو لو اديتله نمرة تليفوني مش هكلمك طول عمري.
_خلاص يازهرة إللي يريحك أنا كنت عايزه مصلحتك عايزاكي
ترجعي زهرة بتاعت زمان زهرة الطفلة، إنتي مكبرة نفسك
وإنتي لسه عندك عشرين سنة
ردت زهرة بانفعال:
-زهرة الطفلة ماتت بسببه، هو السبب أني أبقا كده زهرة البشعة
من برا وجوا، خلاني انسانة شبه ميته ولا طولت الدنيا ولا طولت الموت بسببه.
الحلقه الثانيه
ردت زهرة بإنفعال:
-زهرة الطفلة ماتت بسببه، هو السبب أني أبقا كده زهرة البشعة من برا وجوا، خلاني انسانة شبه ميته ولا طولت الدنيا ولا طولت الموت بسببه.
قالت بحزن :
-خلاص يازهرة مش هجيب سيرته تاني، بس أنتي من حقك تعيشي سنك، تعيشي حياتك هتفضلي لحد أمتى عازلة نفسك عن الدنيا.
همست بألم نابع من داخل قلب مشوه:
-عشان اللي زيي مش حقهم يعيشو زي بقيت الخلق، بصي حوالينك كويس شايفة الشقوق إللي في الحيطان، إنتي عارفة أن الشقوق دي مظهرتش إلا لما سندي وضهري مات، أنا مختلفش كتير عنها عشان إحنا الاتنين واحد مفيش فرق بينا وجاه أحمد وكمل عليا وبقيت بقايا إنسانة ومبقاش من حقي أعيش حياتي من المسؤوليات إللي اترمت فوق كتافي وقلقي المرعب إني في يوم أتعب ومقدرش أشتغل وملقيش فلوس علاج أمي وملقيش فلوس أصرف.
نظرت ضحى بحزن لها وقبل أن تتحدث
قالت زهرة مقاطعه:
-ملهوش لزمة الكلام أنا تعبانة وجسمي مهدود من الشغل وعايزه أنام.
_ عندك حق يازهرة، قبل مامشي عايزاكي متزعليش مني وتصبحي على خير.
ردت عليها بحزن:
-وانتي من أهل الخير.
وقبل أن تخرج ضحى نادت عليها زهرة قائلة وأنا عمري ماهزعل منك أبدًا إحنا أكتر من اخوات.
إبتسمت ضحى وأعطت لها قبلة على كف يدها عن طريق الهواء ثم خرجت، وأغلقت باب الشقة خلفها.
رسمت زهرة على وجهها الابتسامة ودخلت على غرفة أمها لكي تطمئن عليها وعندما أنتهت دلفت إلى غرفتها، وذهبت إلى مكتبها الصغير أخرجت منه كتاب قديم وفتحته متأمله الزهرة الجافة المندسة بين طيات صفحاته الصفراء، قربتها من انفها في محاولة عقيمة لاستنشاق رائحة ذكريات أول وأخر حب.
الدموع لمعت في عينيها وحدثت نفسها بهمس : حياتي وأنت بعيد عني مكنتش حياة، كان نفسي أنساك زي مانستني بس مقدرتش، أيه اللي فكرك بيا بعد السينين دي، فاكرني أول ماتشاور وتقول انا أهو هرمي نفسي في حضنك زي الأول، مستحيل إللي انكسر يتصلح حبيبي، سقطت دموعها على صفحات الكتاب تاركة علامات معاناتها، كان نفسي أرمي نفسي حضنك عشان أرتاح، بس مهنش عليك تريحني وسبتني في القهر والحزن بعاني لوحدي
شردت زهرة مع ماضيها، تحديدًا منذ أربع سنوات عندنا كانت فى السادسة عشر من عمرها.
نظرت زهرة إلى والدها بتوسل وهي تقوم بتقبيله بين التارة والأخرى، قائلة بإلحاح:
-عشان خاطر زهرتك حبيبتك وافق، هو أنا من أمتى بخرج مع حد من صحابتي وتقوم بتقبيله، إحنا إتفقنا كلنا مع بعض، بعد مانخلص أخر إمتحان في امتحانات أخر السنة هنخرج مع بعض ونروح المنتزة.
فؤاد برفض:
-وأنا قولتلك لأ عايزه تروحي المنتزه يابت فؤاد.
زهرة قالت متوسلة :
-أول وآخر مرة هقولك أخرج تاني وأنا مش هخرج لوحدي، هنكون كلنا بنات مع بعض وافق عشان نفسي تتفتح على ورقة الإجابة واجاوب كويس، أنت مش عايزني أطلع دكتورة ولا إيه.
رد بسرعة :
-طبعا عايزك تطلعي دكتورة، دي أمنية حياتي، الناس تناديني بأبو الدكتورة.
_ يبقا بلاش تزعلني، أصل الزعل ممكن يبقا وحش عليا ويطلع في ورقة الإجابة، وافق بقا ياسيد الكل
قال فؤاد :كله اللي زعل اللي هيتنقل لورقة الإجابة، خلاص انا موافق.
قفزت زهرة من السعادة وتعلقت برقبة والدها وأنهمرت عليه بالقبلات :
:ربنا يخليك ليا يأحسن وأطيب أب في الدنيا دي كلها.
قال بابتسامة :
-متتأخريش.
ردت بسرعة :
-حاااضر.
ثم خرجت مسرعة وأغلقت الباب خلفها.
بعد الإنتهاء من الإمتحان، اجتمعت جميع زميلاتها خارج المدرسة.
قالت رشا :
-إحنا كنا متفقين هنروح المنتزه مع بعض، مين هتروح ومين مش تروح ومين بالأصح أهلها وافقو على رحلة المنتزه.
ردت زهرة:
-أنا هروح طبعا.
رشا تحدثت بعدم تصديق :
- أنتي يازهرة، ده إنتي كنتي أول واحدة قولت أهلك هيرفضو.
رشا قالت للجميع :
-يلا يابنات ناخد تاكسي عشان نلحق اليوم من أوله وكل واحدة ترجع بيتها قبل مالدنيا تضلم.
وداخل حدائق المنتزه، أنزوت زهرة بعيدًا عن الشلة تتأمل بإنبهار المكان حولها النباتات وأحواض الزهور النادرة والبحر الذي يوجد على مرمى البصر، سرحت مع الجمال الذي تراه لأول مرة.
فاقت من شرودها مصدومة على صوت يهمس أسمها، فهذا الصوت ليس غريب على قلبها فقد سمعته العديد من المرات، ألتفتت خلفها لتتأكد، هتفت بذهول :أحمد.
رد بابتسامة :
-ده إنتي عارفة أسمي.
أحمرت خدودها خجلا، قالت بلجلجة :
_ أااه لا
نظر لها وابتسم :
-أه عارفة إسمي وأنا كمان عارف إسمك، تعالي نقعد على الكرسي اللي هناك.
قالت زهرة بخجل:
-مينفعش وإحنا أصلا منعرفش بعض.
نظر لها بحب :
-إحنا نعرف بعض كويس ومن زمان، تعالي نقعد عشان في كلام كتير عايز اقولهولك.
سألت وهي تشعر بالخجل والتوتر :
-بس مينفعش.
_إحنا هنقعد قصاد الكل وبصراحة أنا مصدقت اشوفك واقفة لوحدك، بصراحة وجودي هنا مش صدفة، أنا استنيت اليوم ده من زمان، اليوم إللي تخلصي فيه آخر سنة عشان أقابلك واتكلم معاكي وأقولك حقيقة مشاعري ناحيتك.
نظرت له غير مصدقة نفسها، مردده بهمس خجول: أناااا اناا
أجابها بابتسامة:
-أنا بحبك.
هزت رأسها عدة مرات غير مستوعبة حظها السعيد :
-أنت بتتكلم بجد ولا بتضحك عليا.
نظر له بتأنيب:
-انا مش بتاع الهزار، أنا بتكلم جد الجد، بحبك يازهرة واستنيت اللحظة دي كتير
شعرت زهرة بارتخاء في مفاصل قدميها، اهتزت في مكانها وكادت تقع، لولا ضمه له وإسنادها، تحرك بيها عدة خطوات واجلسها على اقرب كرسي.
سأل بلهجة يشوبها القلق:
-أنتي كويسة.
همست بخفوت:
-انا كويسة.
نظر لها مبتسما:
-طب كويس عشان في كلام كتير عايز اقولهولك.
سألت بهمس:
-كلام إيه.
نظر لها بحب :
-عايز أقولك كلام كتير نبتدي بأول مرة شوفتك فيها لما كنتي في سنة اولى ثانوي، طبعا إنتي عارفة إنا شوفتك إزاي.
هزت رأسها بالايجاب قائلة:
- شباك أوضة نومك قصاد شباك فصلي.
كمل حديثه :
-ومن حسن حظي إنك قاعدة جنب الشباك علطول، أول مرة شوفتك شدتي انتباهي ومن يومها وانا كل يوم لزم اشوفك، أول مرة أه من أول مرة ثم ضحك بصوت عالي.
سألت بفضول :
-ايه اللي ضحكك بخصوص اول مرة شوفتيني فيه، هو أنت شوفت أيه بالظبط.
قال ضاحكا:
- أصلك كنتي ماسكة بنت في الفصل وقاعدة فوقيها ومشغلة فيها الضرب.
استغرقت عدة ثواني حتى تذكرت وضعت كف يدها بخجل على فهما :يانهار ده أنا كان منظري، بس البت تستاهل إللي حصل معاها على فكرة.
نظر لها مبتسما:
-ماأنا عارف اصل شوفت كل حاجة لما حاولت توقعك وانتي داخلة من باب الفصل، أصل الرؤية من اوضتي واضحة أوي وبشوف كل حاجة بتحصل فيه، ومش أنا اللي كنت متابع، إنتي كمان عينيكي مكنتش بتتشال من على شباك اوضتي.
همست بخجل :
-أه ومش عارفة ليه.
رد قائلا:
- ولا أنا بردو في الأول، لحد ما تأكدت من حقيقة مشاعري وأنتي يازهرة مشاعرك إيه من ناحيتي.
لم ترد عليه وظلت صامته والاحمرار يغزو وجهها
أراد احمد مرواغتها لتخرج من صمتها :
-أفهم من كده انك مش بتحبيني.
قالت بلهجة سريعة :
-لا طبعا شعرت بالخجل من ردها السريع.
احمد بإلحاح أكثر :
-عايزه أسمعها منك.
تحت إصراره همست بخجل :
-وأنا كمان بحبك.
هتف بسعادة:
-اخيرًا، بصي بقا يازهرة أول مانتيجة إمتحانك تطلع هجي أتقدملك علطول.
انعقد لسانها عن النطق فما يحدث الآن كان أقصى أحلامها، إن يأتي اليوم وتفوز بحبه، هزت رأسها غير مصدقة حظها السعيد، فمعظم زميلاتها في الفصل كانا يتمنيا نظرة واحدة منه فهو حلم معظم الفتيات كما كان حلمها.
تحدث بجدية :
-قولتي أيه؟
ردت بخفوت :
-موافقة.
نهض أحمد من مجلسه واقترب من شجرة توجد بالقرب منهم ونحت عليها أسمائهم، سألت نفسها ماذا يفعل، وعندما إنتهى نادى عليها، زهرة تعالى.
امتلكها الفضول لرؤية ماذا كتب وعندما رأت مانحتت يداه عيناها لمعت بدموع السعادة.
عقد بين حاجبيه بعبوس :
- أنتي زعلانة عشان كتبت أسمي وأسمك على الشجرة.
هزت رأسها بالنفي قائلة بتأثر :
-لا أبدًا أنا فرحانة وفرحانة أوي.
أرتسمت على وجهه ابتسامة :
-ممكن اطلب منك حاجة وبلاش تقولي لأ.
همست بخجل:حاجة إيه.
قال بهدوء:عايز اتمشى معاكي على البحر.
ردت بخفوت :ماشي.
ليمشي كلاهما بالقرب من بعض دون كلام مستمتعين بمشاهدة مياة البحر الصافية.
لفت انتباه زهرة مبنى مضئ بالألوان، رأى احمد نظراتها المتسائلة فقال :
-ده كازينو السلاملك من معالم المنتزة المميزة.
تحدثت زهرة بفضول :
-وده شكله من جوا عامل ازاي
_اوعدك يازهرة لو جبتي مجموع كبير، هخليكي تدخليها من جوا.
هيام عندما رأتهم قالت بذهول :
- انا مش مصدقة اللي أنا شايفه.
رشا بفضول :
-مش مصدقة ايه.
أشارت هيام إلى احمد وزهرة، بصي هناك.
تحدثت رشا بغيرة :
-هو ده بجد واقف معاها وكمان بيضحك وشكلهم مبسوط.
هيام بتفكير:
-باين في حاجة بينهم.
_تفي من بؤك بقا المعفنة دي يبصلها واد مز زي أحمد
_هي الغيرة اشتغلت ولا أيه
ردت عليها رشا نافية:
-وهغير من أيه؟
أجابتها وهي تغمز بأحد حاجبيها:
-عليا بردو الكلام ده، ده انتي عيونك عليه من زمان ياروشا.
رحلة المنتزه إنتهت ولم تخبر زهرة أي من زميلاتها باتفاق احمد أنه سيأتي لخطبتها بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة.
عندما أنتهى أكنان من مكالمته مع بيسان، أبلغ السكرتيرة أنه يريد زاهر الآن في مكتبه في أمر هام
بعد عدة دقائق دلف زاهر إلى المكتب.
تحدث زاهر متسائلا:
- أيه الموضوع المهم إللي خلاك تجبني هنا المكتب بسرعة.
رد عليه أكنان بهدوء:
-هنروح المطار دلوقتي.
زاهر باستفسار:
هتسافر؟ وليه؟
رد أكنان :
- مش هتسافر، هستقبل بيسان في المطار.
صدم الخبر زاهر وهز مشاعره بعنف:
-أزاي وهي في أمريكا.
رد أكنان :
-قالت تعمله مفاجأة لينا، يلا بينا عشان نلحق الطيارة إللي على وصول.
في المطار
مسك زاهر أنفاسه عندما رآها تقترب، أراد في هذه اللحظة أخذها في حضنه وأخفائها داخل ثنايا قلبه لتبقى هناك إلى الأبد، فقد أشتاق لها تحول الاشتياق إلى غضب عارم عندما رأه خلفها، قبض كف يده بعنف حتى أبيضت سلاميات أصابعه.
بمجرد وصولها قربهم، رمت نفسها في حضن أكنان قائلة بابتسامة :
- واحشتني أوي وقامت بتجاهل زاهر ولم تلتفت له.
رد عليها بلهجة دافئة :
- وأنتي كمان واحشتيني أوي، بس أيه المفاجأة الحلوة، هتقعدي المرة دي أد أيه.
بيسان بابتسامة :
-هقعد علطول مش هرجع تاني.
قال كريم متصنع الزعل :
-هو انا مليش نصيب من الترحيب.
أكنان : لا طبعا، عامل أيه ياكريم وعمي والعيلة عاملة أيه.
كريم :
-كله تمام ثم تحدث إلى زاهر وهو يبتسم أزيك يازاهر.
رد عليه زاهر بلهجة فاترة :
-كويس.
قالت بيسان بابتسامة :
- كريم صمم يوصلني وهيقعد معانا يومين.
تحدث كريم بحب:
-لزم أوصلك وأطمن. عليكي أنتي غالية عندي اوي.
أكنان متصنع الغضب:
-الكلام ده قصادي ومش خايف
اتسعت ابتسامة كريم :
-ماأنت عارف إللي فيها يأخ.
مسكت بيسان يده مبتسمة في وجهه: وأنت كمان ياكريم مش عارفة لولاك كنت هعدي فترة دراستي وأخد الدكتواره من غير مساعدتك أزاي، ربنا يخليك ليا.
كريم بابتسامة :
- ويخليكي ليا.
كاد زاهر أن يفقد أعصابه ويلكم كريم على وجهه، فلو استمرو بالكلام اكثر من هذا الموقف سوف يصبح خارج نطاق سيطرته، فخرج صوته حادا:
- يلا بينا عشان نجم بيه منتظر.
قاد زاهرالسيارة بسرعة حتى وصل أمام بوابة القصر
وفي الداخل أستقبلت بيسان بالترحيب من جميع العاملين وكان في أستقبالهم نجم بيه (النسخة الكبيرة في السن من أكنان)
هرولت بيسان مسرعة باتجاه والدها وقامت بتقبيله: - واحشتني
نجم بابتسامة :
-وأنتي كمان واحشتيني كتير بس أيه المفاجأة الحلوة كريم جي معاكي.
غمزت بعينيها ثم قالت:
-مفاجأة بردو، أومال لو مش الاخبار بتوصل اول بأول.
كريم بابتسامة :
-عديها يابيبي نخليها مفاجأة المرة دي، إزيك ياعمي.
حدث زاهر نفسه بغضب، بيبي وهي ولا معابرني حتى بكلمة، فين أيام زمان لما كنتي عاملة زي اللزقة معايا.
نجم بابتسامة رصينة :
-الحمد لله والصفقة الجديدة أخبارها أيه.
كريم بابتسامة هادئة:
- أهو شغالين فيها أنا وبابا.
قطبت بيسان جبينها بعبوس :
-علطول كده شغل مفيش راحة، باين الواقفة هتتحول لقعدة بيزنسس طيب تمام أسيبكم وهطلع لجدتي أسلم عليها عشان واحشتني أوي سلام.
تحدث نجم بجدية :
- يلا بينا ياكريم على مكتبي.
قال أكنان :
-همشي انا وأسيبكم تتكلمو براحتكم .
دلف نجم وكريم إلى داخل المكتب ومشى أكنان باتجاه الخارج ولكن لم يرى زاهر بجواره كالمعتاد وعندما التفت وجده واقف مكانه لا يتحرك عينيه مسمرة على درجات السلم.
عبس أكنان للحظات ثم نادى عليه :
-زاهر
فاق زاهر من شروده على صوت أكنان : نعم وفي خلال ثواني كان بالقرب منه.
سأل أكنان :
-أيه إللي واخد عقلك.
رد زاهر مدعيا اللامبالاة :
- مفيش حاجة بس كنت بطمن أنه كله تمام.
غمز أكنان وقال بخبث :
-ماتيجي نسهر برا.
رد زاهر بلهجة فاترة :
- نفس المكان.
أكنان قال بحماس :
-أه.
- مفيش غيره ماتنوع شوية.
- يلا بينا احنا حننبسط هناك ولا خايف اكسبك واكل الجو زي كل مرة.
- مكسبك كل مرة حظ مش أكتر.
أكنان بلهجة مغيظة :
-دي حجة الخسران.
قطب زاهر جبينه بغيظ :
-يلا بينا وهوريك مين فينا هيكسب.
قرر الذهاب معه، حتى ينسى مؤقتا ألم قلبه.
***
أستيقظت زهرة مصابة بصداع شديد، فهي ظلت معظم الليل مستيقظة مع ذكرياته، نهضت من فوق الفراش بصعوبة، فهي تريد وضع رأسها مرة أخرى على الوسادة لتكمل نومها، لكن النوم الأن رفاهية غير مسموحة لها، يجب عليها النهوض حتى لا تتأخر على ميعاد العمل.
أنتهت من ارتداء ملابسها في وقت قياسي وقامت بأعداد الافطار لولدتها وأعطتها الدواء
وقبل خروجها من باب الشقة، تذكرت مماش نسيتها تمام لم تسمع صوتها مطلقا عندما أستيقظت دب القلق في داخل قلبها فهرولت إلى داخل غرفتها مسرعة تبحث عنها وجدتها في ركن منزوي لا تتحرك، شعرت بالرعب من منظرها هذا أقتربت منها، هزتها برفق لم تتحرك ولكن اخرجت صوت خافت متألم.
نظرت لها زهرة برعب :
- مالك فيكي أي، رأت في عيينها لمعة الدموع، كأنها تشتكي لها، حملتها زهرة على ذراعيها وخرجت بيها مسرعة.
داخل المستشفى البيطري الحكومية وفي داخل حجرة الشكف.
قالت الطبيبة :
- القطة حالتها صعبة وأحتمال كبير أنها تموت، أحنا ممكن نعمل ليها موت رحيم.
تألمت زهرة من أجلها ماشا، ردت عليها برفض :
- لا
تحدثت الطبيبة بعملية:
- ده الارحم ليها ولو عاشت الفترة دي، هتموت وهي بتولد عشان جسمها الضعيف وسنها الصغير مش هيتحمل الولادة، أنا عملت ليها سونار وهي حامل في قطين مع أن نادر ان القطة تحمل في اتنين وبالرغم من حملها في اتنين بس ده مش هيساعدها.
زهرة لمعت عيناها بالدموع من أجلها فقالت برجاء :
-أرجوكي يادكتورة مفيش حل تاني غير الموت الرحيم، أنا مستعدة اعمل أي حاجة.
شعرت الطبيبة بالعطف :
- خلاص أنا هكتبلك شوية فتيامات ليها واهتمي بتغذيته كويس وقبل ماتمشي هتاخد شوية تطعيمات.
ردت زهرة:
-شكراا واتجهت للخارج
نادت عليها الطبيبة:
-ثواني.
التفتت لها زهرة :
-نعم.
قالت الطبيبة بابتسامة :
-خدي الكارت ده فيه نمرة تليفوني، لو احتاجتيني بخصوص ماشا أتصلي بيا.
زهرة بامتنان :
-شكرًا ليكي أوي يادكتورة.
وخرجت زهرة وهي تحمل ماشا برقة. ...همست لها بخفوت:
-أنتي سارقتي قلبي ومش هتموتي وهتعيشي وتشوفي ولادك، عندما نظرت الى ساعتها وجدتها الثامنة والنصف، هتفت بذعر: ياااه أنا أتاخرت على الشغل ومش هلحق أروحك البيت، مفيش أني أخدك معايا الكافية، بس يارب مادام شهيرة متتعصبش عليا.
***
سهر أكنان وزاهر حتى منتصف الليل وقضي ليلتهم في الفندق، أستيقظ أكنان مصاب بالصداع.
عقد جبينه من شدة الالم :
-الصداع هيفرتك دماغي.
رد عليه زاهر بلوم :
_أنا نصحتك وقولتلك كفايه سهر، بس أنت صممت تعوض خسارتك، ليقول مبتسما واخيرًا بعد طول إنتظار كسبتك في البلياردو.
تحدث أكنان بغضب :
-بؤك ده ميتفتحش باللي حصل.
زاهر بابتسامة ماكرة:
-سرك في بير عميق،أنت عارف محتاج أيه دلوقتي
قال أكنان بعبوس :
-محتاج ايه؟
زاهربابتسامة :
- محتاج فنجان قهوة، هو اللي هيظبطلك دماغك، أنت مش بتيجي غير بكده
وعند ذكره لكوب القهوة المعتاد تناوله بمجرد أستيقاظه، مر على خاطره ذكرى فنجان القهوة الذي أستمتع بشربه في هذا الكافيه المتواضع،فقال باشتهاء يلا بينا.
سأل بفضول :
يلا بينا فين؟
رد أكنان :
-الكافيه اللي كنا فيه امبارح، هشرب قهوتي هناك.
إغاظة قائلا:
- مانت قولت مش بطال، دلوقتي بقا حلو.
أكنان بضيق:
- بلاش تضايقني أنا قولت يلا بينا يبقا يلا بينا
زاهر :
-خلاص متتعصبش عليا، أنا تحت أمرك.
داخل المقهى وعند أول رشفة من فنجان القهوة عبس أكنان بغضب :مش نفس الطعم
رد أكنان بهدوء :
-طبعا مش نفس الطعم، عشان مش نفس البنت، بنت تانية هي اللي عملت القهوة.
ظهرت ملامح الغضب على وجهه :
-ومادام مش هي، ليه متكلمتش.
أجابه بلامبلاة:
-قولت اكيد هيبقا نفس طعم عشان في نفس المكان.
شعر بالغضب بسبب ردائة ماتذوقه عكس ماكان ييتوق: لآ مش نفس الطعم، الفرق بين السما والأرض، روح قول للمدير أنا عايز نفس البنت بتاعت إمبارح.
ذهب زاهر كما طلب منه
نهض آكنان من مجلسه مصابًا بالإحباط، أخذ يتجول في المكان.
وصلت زهرة متأخرة أكثر من ساعة على الموعد المحدد، هرولت إلى الداخل مسرعة حاملة ماشا، غير منتبهة للشخص الواقف في طريقها لتصدم بيه، كادت تقع لولا اسناده لها
نظرًا لطول قامته اضطرت لرفع رأسها لتعتذر له، لتتفاجئ إنه الوسيم ذو البدلة السوداء وبدل أن تعتذر له وجدت نفسها تقول بعفوية :
-أنت عامل كده ليه؟
لابس نظارة شمس ليه جو الكافيه، على فكرة شكلها مش حلو.
نظر له بدهشة متفاجئ من كلامها الغير مترابط:
- أنتي عبيطة.
أستوعبت زهرة ماقالت، فشعرت بإحراج شديد وعندما سمعت رده واصفًا إيها بالعبط شعرت بالإهانة، وبعصوبة بالغة تحكمت في أعصابها لكي لا تتصرف بغضب وتندم بعد ذلك، تحدثت بثبات : أنا أسفة لحضرتك ثم مشيت وهي تكاد تجري من أمامه، أخذت ترغي وتلعنه بخفوت.
لأول مرة منذ مدة طويلة تمر شبح ابتسامة على وجهه وعندما رأى زاهر قادمًا تجاهه بادر بسؤاله :
-فين البنت؟
-هي مكنتش لسه جيت.. بس وصلت دلوقتي
- وهي فين؟
رد زاهر:
- البنت إللي دخلت جري دلوقتي تبقا هي البنت بتاعت قهوة إمبارح، حصل ايه خلاها تدخل جري.
تحدث بلامبلاة :
-محصلش حاجة.
زاهر بعدم تصديق :
-مش باين بس براحتك لو عايز تقول هتقول.
بمجرد دخول زهرة وجدت شهيرة أمامها
وقبل أن تفتح فمها بالكلام، شهيرة قالت بسرعة :
-هنتكلم بعدين عايزه واحد قهوة أسبريسو بسرعة.
زهرة وهي تتنفس بسرعة :
-حاضر، وضعت ماشا على الأرض، فنظرت لها شهيرة بذهول غير مصدقة وجود قطة داخل المقهى ولكنها لم تتكلم ستنتظر انتهائها من أعداد القهوة أولا.
بمجرد وضعها ماشا في الركن غسلت يديها وارتدت ملابسها بسرعة قياسية، وقامت بتحضير القهوة وأخذت منها سماح كوب القهوة ووضعتها على صينية وذهبت لتقديمها.
انتظرت شهيرة حتى إنتهت من إعداد القهوة فقالت بلوم :
- جايه متأخرة وكمان جايبة معاكي قطة.
زهرة باعتذار:
-أنا أسفة مدام والله غصب عني، ماشا كانت تعبانة ورحت كشفت عليها وتأخرت.
ومن أمتى وأنتي عندك قطة؟
-دي قطة لقيتها وتعبانة اوي وحامل قولت أكسب فيها ثواب واكشف عليها بدل ماتموت.
شعرت شهيرة بالعطف لكنها ردت قائلة:
-أخر مرة تتأخري فيها يازهرة وكمان وأخر مرة تجيبي القطة دي هنا تاني.
زفرت زهرة بارتياح:
-أنا مش عارفة اقولك أيه غير ربنا يبارك فيكي.
شهيرة قالت بحزم :إللي حصل ميتكررش تاني.
هزت رأسها :
-حاضر مدام.
عند طاولتهم كان الصمت سيد الموقف، أكنان شارد مع فكرة سيطرة على أفكاره وزاهر شارد في ظهور بيسان المفاجئ وقرارها بالبقاء، فهو في كل مرة كانت تأتي إلى مصر يبتعد نهائيًا حتى تعود، أما الأن ماذا سيفعل مع بقائها الدائم واللقاء بينهم محتوم في أي وقت.
تناول أكنان قهوته في صمت وعندما إنتهى، قرر تنفيذ مايريد، فقال بتصميم:
-أنا عايز البنت دي.
زاهر لم يستوعب كلامه:
-بنت مين؟
تحدث بتصميم أكثر :
_أنا عايز البنت بتاعت القهوة.
زاهر فاغر الفاه مصدوم :
-ها أنت بتقول أيه؟.
