رواية الارملة الفصل الاول1والثاني2 بقلم ليلي مظلوم


 رواية❤️الارملة ❤️..كامله

الجزء الأول ..


انه رائع ..وستكونين الأجمل في حفلة التخرج ..!!!

هذا ما قالته سارية لزبونتها بعد ان راتها ترتدي الفستان الذي خاطته لها ..فهي تعمل في مجال الخياطة ..لتساعد زوجها في متطلبات المنزل ..سارية هي    ام حنونة وزوجة مثالية ..لديها خمسة اولاد..اكبرهم منال ابنة الثالثة عشر ربيعا ..واصغرهم هديل  وعمرهاسنة ونصف تقريبا ..وثلاثة صبيان هاني عمره اثنتي عشرة عاما ..وحسام خمسة اعوام ..وباقر سبعة اعوام…


فقالت لها زبونتها :اتعلمين يا سيدة سارية بت اخشى ان اقوم باي خطوة في هذا البلد الذي دمرته وتدمره الحرب !!


فتنهدت سارية وقالت :بالفعل الوضع ماساوي ..من اصعب انواع الحروب التي تفتك    بالبلد عندما تكون حربا طائفية مع اننا ننتمي لدين واحد ..والله يأمرنا ان نكون كالجسد الواحد ..ارجو ان يحتل الوعي عقول الشباب حتى نتخلص مما نحن فيه ..


قالت زبونتها :على حد علمي ان زوجك يعمل كجندي في الجيش ..الا يواجه صعوبة في عمله ..


فابتسمت ساخرة متمردة على وضع بلدها :آه ..ساعد الله قلبه ..كلما ذهب الى عمله اشعر ان سحابة سوداء احتلت قلبي الى ان يعود ..وعندما يطرق باب منزلي ..اترقب ان يكون الزائر شخصا غريبا لينقل الي الأخبار السوداء.. حماه الله ..


ولكن الله لم يستجب لدعوات سارية ..وقد تحقق ما تفكر به في عقلها الباطني دوما ..فقد قُرع الباب بطرقات خجولة ..فاستاذنت من زبونتها ..وفتحت   الباب ..لتجد احدهم يرتدي البدلة العسكرية ..ويخبرها ان زوجها قد استشهد !!!فتدحرجت دمعة خجولة على خدها من اثر تلك الصدمة ..ثم لطمت وجهها بلطف ..وبعدها صرخت باعلى صوتها :زوجييييي حبيبي !!!!


وخيم الحزن على منزلها… وشعرت ان كل خلية في جسدها تؤلمها ..فتمالكت نفسها قليلا الى ان وصلت الى الاريكة وارتمت عليها ..ثم نظرت   الى صورة زوجها المعلقة على الحائط وقالت :ابيت الا ان تتركني وحدي في هذا العالم المخيف ..اخبرني لماذا ??لماذا ??


وبدا الجيران والاقارب يتوافدون الى منزلها ..ووجوههم مكفهرة وحزينة ..فزوجها كان محبوبا لاخلاقه الرفيعة ولطفه ..ومن بين الحضور كان اخو    زوجها ..ولم يصدق ما سمعه ..فاقترب من سارية بخطوات ثقيلة وقلب ذابل حزين… وعينين ثقيلتين اثقلتهما تلك الصدمة العجيبة الساحرة ..فهي بثوان قليلة قد قلبت مزاج الجميع ..وقال لسارية :هل حقا ما سمعته ??!!


فهزت راسها مكسورة الخاطر والقلب ..وقالت بصوت خجول يشوبه الرجفة :نعم ..صحيح ..


فرفع راسه الى السماء وقال :لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..لكم انا فخور بك يا اخي ..ولكن الفراق طعمه مر ..لا يطاق ..لقد كسرت ظهري ..لمن سانادي يا اخي ??مع من ساتناول اطراف الحديث عن الوضع الماساوي الذي نعيشه الآن ???


وبدا كل جار او جارة من الجيران يستذكر المواقف التي جمعته بالشهيد ..ويحاولون التخفيف من وطأة الخبر المزعج ..وكل هذا وسارية كانت تستمع باذنيها ..ولكن قلبها في مكان آخر ..لقد رحل مع صاحبه ..وزاد الوضع سوءا عندما عاد اولادها من المدرسة ..وسالوا عن سر تجمع الناس في منزلهم ..فهم لم يعتادوا ان يروا وجه    امهم حزينا هكذا فهي تخفي عنهم كل احزانها حتى لا تقلقهم ..واختهم الصغرى كانت تذهب من حضن الى حضن آخر ..وسارية لا ترضى ان تغيب عن ناظريها لحظة واحدة… اذن الامر صعب فوق الخيال ..فهرع جميعهم الى حضن امهم البارد في تلك اللحظات ..وقالوا لها :لقد مات ابي اليس كذلك ??


فقالت لهم بصوت مبحوح ;نعم ..لقد فارق هذه الحياة ...


ثم اغمضت عينيها وتذكرت وصاياه الدائمة قبل رحيله الى العمل ;ان استشهدت عليك ان تكوني قوية ..واخبري اولادي الا يحزنوا ..فانا فخور بهم   جدا ..ولست وحدي من ساستشهد في سبيل وطني ..ففي كل يوم نسمع عن آلاف الشهداء.. والموجة لحقت بنا جميعا ..سامحيني بسبب المعاملة القاسية التي عاملتك بها سابقا ..


ثم قالت لنفسها: انها موجة بحر هائج في اقسى الايام الشتوية ..لقد طالت قلوب محبيك ..وعصفت بنا ايام الحزن والخيبة والشوق ..نعم لقد كنت فظا   معي في السنوات السابقة ..ولكنك عندما تحسنت خطفك الموت مني ..اخبرني ماذا افعل الآن وكيف ساعيش ??


وقد مضت عدة ايام ..ولازال الوضع الحزين على حاله ..وكرهت سارية المنزل ..وخصوصا انهم محاطين باشخاص من المتطرفين من الطوائف الاخرى ..وهم الذين قاموا بقتل زوجها ..لذا قررت الانتقال الى مكان آخر اكثر أمانا ..ويقرب من منزل اهلها الذين نزلت عندهم كضيفة ريثما تجد منزلا خاصا بها حتى تستطيع ان تربي اولادها بهدوء...وعندما وجدت منزلا متواضعا ..واخبرت   والدها بذلك ..قال لها غاضبا: وكيف ستعيشين وحدك في المنزل ??اما عودي الى منزل زوجك وانت محاطة باهله ..واما ابقي هنا ..


فقالت له بصوت مكسور: ولكني املك خمسة اولاد ..وزوجتك لا يمكن لها ان تتحملني  واولادي ..وامي قد تزوجت برجل آخر ..وزوجها سيرفضني واولادي ايضا ..وانا كرهت منزل زوجي ..ولا اقوى على العيش فيه بعد رحيله ..فطيفه يلاحقني في كل مكان ..


ترى هل ستستطيع سارية اقناع والدها المكوث مع اولادها في منزل مستقل


رواية ❤️الارملة ❤️..

الجزء الثاني.. 


قال لها والدها غاضبا ومصرا على قراره: لا يمكن لارملة ان تعيش وحدها في منزل غريب ..لن اسمح بهذا ..وانتهى النقاش ..والافضل لك ان تعودي الى منزل زوجك ..وبعد فترة ستتعودين على فكرة موته ..واطمئني فليس للاشباح اي وجود في هذا الكون !!


وهنا تدخل عماد ...اخو سارية من امها وابيها قائلا: ساذهب لاسكن معك في منزلك الجديد يا اختي !!وان كرهت منزل زوجك فانصحك ان. تبيعيه علك تستفيدين من ثمنه ..واختاري بيتا اكبر من الذي اخترته الآن ..انا الى جانبك لا تقلقي ..حتى ان تزوجت فاني ساسكن وزوجتي معك في المنزل !!!


فتنفست سارية الصعداء ..ثم نظرت الى اخيها بامتنان وقالت :شكرا لك يا عماد ..وهذا ما سيحصل ..علي ان اجهز حياة. جميلة لاولادي ..وازوجهم ..واكمل واجبي تجاههم ..فهم بامس الحاجة الى الرعاية الآن ..ولا اشك انك ستساعدني في ذلك ..وساضع زوجتك المستقبلية فوق راسي ..


عندها غادر والدها المكان ..مشيرا الى موافقته على الترتيبات التي تحدث ولديه عنها ..وبالفعل فبعد مدة قصيرة ..باعت سارية. منزل زوجها ..وانتقلت الى منزل جديد في منطقة اخرى ..واستطاعت بالمبلغ الذي بقي معها ان تؤسس محلا صغيرا للخياطة ..ليدر عليها ما لا يريق وجهها للبشر ..فهي لا تريد اي مساعدة من احد ..وقامت بتسجيل اولادها في المدرسة ..وهيات لهم الاجواء المناسبة حتى لا تشعرهم باليتم ..وكان اخوها يساعدها في تربيتهم ..فيلاعبهم ويلاطفهم ..ويعظهم ..ويحكي لهم عن. بطولات والدهم ..كان الجو لطيفا ..وكانت سارية. بين الفينة والاخرى تتمنى لو ان زوجها لا زال حيا حتى يشاركها تلك اللحظات الجميلة ..الا ان. الموت ابى الا ان. يختاره ..وربما تكون له حياة في نعيم الله ..من يدري ??وذات يوم ..عاد عماد من عمله ..وتوجه مباشرة الى محل اخته ..ويبدو انه يخفي شيئا ما ..وقد لاحظت ذلك من تصرفاته ..فقالت له وهي تنظر الى ماكينة الخياطة وكيف تحيك الثوب بطريقة منتظمة :افرغ ما في جعبتك يا عماد… ارى قلبك يكاد ينطق قبل لسانك ..


فاقترب منها ..ومسد لها على كتفيها ..ثم قال بحماس: اختي التي تفهمني دوما ..حفظك الله لي ..نعم بالفعل ..لقد قررت ان. اتزوج !!


واستمرت سارية بحياكتها ..الا ان فكرها قد غادرها فهي تخشى ان. يترك اخيها المنزل ..وتضطر ان. تعود لتعيش في منزل والدها ..حيث الراحة معدمة هناك ..فقالت له بلهجة يشوبها الشك والحزن: وهل اخبرتها انك ستعيش معي ??


قال لها مباشرة: طبعا طبعا !!اخبرتها بهذا الشرط ..وقد رضيت به ..الا انها طالبت بغرفة خاصة بها ..


فهزت سارية راسها واستتلت: هذا حقها الطبيعي ..وستكون غرفتك الآن خاصة بكما ..وساخبر اولادي الا يدخلوا اليها ..اضافة الى غرفة اخرى قريبة من المطبخ ..وهكذا لن. نزعج زوجتك ..وسيكون الوضع مريحا لكلينا ..


فرقصت عيناه فرحا وقال بحماس :آه لو تعلمين كم احبك يا نور عيوني ..!!


فارتسمت على شفاهها ابتسامة الفرح والترقب ..ثم قالت: وساحيك لها ثوب الزفاف بيدي هاتين… ولكنك لم تخبرني من تكون سعيدة الحظ ..


فقال وكأن روحها التي تحدثت :نيرمين ..لقد تعرفت اليها صدفة ..وبدانا نتحدث عبر  الهاتف لفترة معينة ولم اشأ اخبارك حتى اعلنت لي موافقتها اليوم ..


فقبلته على جبينه وقالت: هنأك الله يا اخي ..بالرفاه والبنين ان شاء الله ..


وبعد فترة تم الزفاف ...وانتقلت نيرمين الى منزل اخت زوجها ..كانت تشعر بالانزعاج ولكنها لم تظهر ذلك ..فهي تحب ان يكون لها منزلها الخاص ..ولكن حبها لعماد جعلها تتجاهل هذا الامر على الاقل بداية ..ولاحظت سارية ذلك ..ولم ترد مضايقتها ..لذلك حذرت اولادها الخمسة من الاقتراب من غرفتها ..لان رحيل اخيها من المنزل يعني غضب والدها ..وهي بغنى عن المشاكل ..كانت الامور تسير بهدوء وحذر ..وخاصة ان سارية كانت تعامل نيرمين بلطف تام حتى لا تترك لها مجالا للتذمر .. 

وكالمعتاد كانت سارية تذهب الى المنزل لتهيئ الطعام لاولادها قبل وصولهم الى المنزل ..وذات يوم ..وصلت منال  من المدرسة ويبدو عليها علامات التعب ..فقالت لها سارية: ما بك ..لم وجنتاك محمرتان هكذا?? 


فقالت منال بصوت مخنوق :اشعر ان حرارتي مرتفعة جدا ..المسي جبيني ..


وبالفعل عندما لمستها سارية بيدها الحنونة شعرت ان حرارتها مرتفعة جدا ..فقالت لها بلهفة :ماذا اكلت اليوم في المدرسة ??لا بد وانك اصبت بالتسمم ??


قالت منال ذات العيون الذابلة :لم آكل شيئا سوى البسكويت المحلى ..وانا اتناوله يوميا ..


فقالت لها سارية :حسنا ساعطيك مخفضا للحرارة ...ولكن بعد ان تتناولي طعامك ..


فقالت لها: اشعر بالغثيان ..واريد ان انام ..اكاد اقع ارضا…


وهنا تدخلت نيرمين بلهجتها القاسية :لا بد وانه غنج التلميذات ..ومنال تدعي المرض حتى تهرب من الدراسة.. 


ولم تكن منال تقوَ على نقاشها ..فنظرت اليها بعتب ..واكملت طريقها الى غرفتها ..اما سارية فقالت لنيرمين بلهجة قاسية :الا اولادي لا اسمح لك بالتعرض اليهم ..وفيما عدا ذلك فافعلي ما تريدين ..


فكتفت نيرمين يديها ..وقالت بتوعد: كلامي ليس معك ايتها الارملة عندما يعود زوجي حبيبي سيكون لي معك كلام آخر ..

ترى هل ستتشاجر سارية وعماد ??وهل ستكون منال على ما يرام

                   الجزء الثالث من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا 


تعليقات



<>