رواية❤️الارملة❤️..
الجزء التاسع…
وتوجهت سارية نحو منزلها ..ولم تستطع ان تدرك الطريق جيدا بسبب كثرة دموعها التي انهمرت متمردة على واقعها المرير ..فهي تعيش بين نارين ..ابنتها المريضة بمرض عضال ..واولادها الذين تركتهم بسبب قسوة ظروفها ..ورفض عماد ان يستمع اليها ..بل هددها بالرحيل من منزلها ..ولكن احدى خيوط الامل قد اشرقت ..نعم… نستطيع ان نقول ذلك ..وهذا الخيط هو اخبار عماد لها برحيله ..على الاقل هذا افضل من تركه اياهم ..دون اعلامها. وترك لها مساحة من التفكير ..لم تنظر من نافذة السيارة كعادتها ..لتتامل المارة ..وتستمتع برؤية الاشجار ..فقد انشغلت بدموعها التي فضحتها امام سائق الاجرة ..الذي تجرا اخيرا وسألها :الى اين تريدين الذهاب يا اختي ??
وانتبهت الى نفسها ..فابتلعت غصتها .ومسحت دموعها واخبرته بموقع منزلها بصوت حزين… فقال لها السائق: لا تحزني ..انظري الى كل هؤلاء الناس .فلكل شخص همومه التي يظن انها الأكبر من نوعها ..فمنهم من هو مبتلى بالمرض ..وآخرون بفقد اعزاء.. والبعض يعانون من مشاكل عائلية بسبب حقد النساء.. ووووووو
فابتسمت سارية وقالت بسخرية :وماذا ان كنت اعاني من كل ذاك ..
فصمت السائق ولم يجد ما يقوله لها في تلك اللحظات واحترم حزنها ولهفتها ..الى ان وصلت الى المنزل ..فاعطته الاجرة ..ونزلت مسرعة وقد نسيت ان. تشكره ..فتحت الباب بنسخة المفاتيح التي احتفطت بها لنفسها لترى المفاجاة الكبرى داخل المنزل.. فهو يغص بفوضى عارمة ..لدرجة انه عليها ان تقوم بازاحة الاغراض ..حتى تستطيع الدخول ..وكأن تلك الفوضى خلفتها الاحقاد ..وحدثت بفعل فاعل ..ليتفاجا اولادها بوجودها ..فهرعوا اليها واحدا تلو الآخر ..وبداوا يسألون عن اختهم التي اشتاقوا الى رؤيتها ..وعاتبوا امهم على تركها اياهم ..فهم بحاجة للرعاية… وعندما احتضنت ابنها الاكبر ..لاحظت ان حرارته مرتفعة… وعندما سالته عن السبب ..قال لها بصوت مريض :اظن انها عوارض زكام ..وقد حملت العدوى من صديقي في المدرسة ..ولكني لم اجد المسكن كي اتناوله ..
شعرت سارية بغصة كبيرة ..وودت لو انها تستطيع الصراخ علها تخفف من المها الداخلي ..الذي زاده رؤيتها لابنها الثاني وهو يرتدي الثياب الممزقة الرثة ..والتي كان عليها رميها قبل ذهابها الى المشفى ..فضلا عن ذلك ..فيبدو عليه انه فارق الاغتسال منذ مدة وهذا بادٍ من رائحته ..فقالت لنفسها :اريد ان افهم مما تذمرت زوجة اخي ..وهي لم تهتم بلباسهم وطعامهم وصحتهم ..
اما هديل فكانت مبعثرة الشعر ..ووجهها مزركش بالشوكولا ..ولثيابها حكاية اخرى ..المنزل رائحته نتنة يبدو ان اشعة الشمس لم تزره منذ مدة بعيدة ..ثم دخلت الى المطبخ لتجد الاواني بانتظارها ..وقد مر عليها عدة ايام ..الثيااب في غرفة النوم منتشرة هنا وهناك ..وبدات تتجول بنظرها داخل المنزل ..ترى من اين ستبدأ تلك المسكينة ..وماذا عن ابنتها التي تركتها في المشفى ..ولم تدرِ بغيابها ..فخطر الى بالها ان تتصل بالمشفى وتطلب منهم الاهتمام بها ريثما تعود.. ولكن هل سيفعلون ??ام سيكونون كاقرب الناس اليها ...ولكن كان هذا الحل الاول والاخير الذي تبادر الى ذهنها.. فحملت هاتفها وهي لا زالت تحدق بالمنزل ..وتوزع انظارها هنا وهناك… واجابتها احدى الممرضات ..فقالت لها: اريد ان اسالك عن حالة منال ..انا امها واضطررت للخروج ..وقد اتاخر قليلا ..
قالت الممرضة بحنان :لقد سمعتك تتحدثين الى الهاتف ..وعرفت بخروجك ..وتفاعلت مع حالتك جدا ..ساعد الله قلبك ..لا تقلقي بشان ابنتك ابدا ..فانا اهتم بها ريثما تعودين ..وهي نائمة الآن ..وعندما سالتني عنك ..اخبرتها انك ذهبت لاحضار بعض الاغراض ..
وشعرت سارية ان الدنيا لا زالت بخير ..وشكرت الله على هذه النعمة ..ثم بدات بعملية سطو على الاوساخ بنشاط… ورتبت المنزل…وقام اولادها بالاغتسال ..ثم طهت لهم الطعام الذي يحبونه ..وجلست معهم كعادتها قبل مرض منال… ولاحظت علامات الارتياح على وجوههم ..وبينما كانوا يتحدثون ..تذكرت ما لم تنسَ..انه عليها العودة الى المشفى .ولكن ماذا ستفعل باولادها ..وكيف ستخبرهم انه ستتركهم مجددا… واين ??وما هي الا لحظات حتى قرع الباب ..وفتحه احد اولادها ..لتفاجأ انه عماد ..حيث القى تحيته بجفاف… ولم يسالها عن. حال ابنتها… وتوجه نحو الغرفة التي كان يسكن بها… واحضر بعض الاغراض التي تخصه وزوجته… وهم ليرحل ..وكانت سارية تراقبه بصمت ..وهي تتمنى لو يسالها عن ابنتها حتى تشعر ان احدا ما يقف الى جانبها ..وتسمر مكانه ..ثم نظر اليها وقال بلوم وعتب :لقد اسقطت زوجتي جنينها بسبب غيابك عن المنزل ..فقد تعبت كثيرا ..لذا لن اعود لاسكن هنا ..واكمل طريقه…
