رواية الفتونه الجزء الخامس5 والاخير ياسر عوده


رواية الفتونه ( الجزء الخامس والاخير )

توقفنا فيما سبق حينما تولى عطوه زمام الفتونه بالحسينيه وان المعلم زين كان يثق به ثقه عمياء ، ونشر عطوه الفساد بالحسينيه كلها ، جاء الكثير من رجال المعلم زين وقد اشتكوا من تصرفات عطوه ومخالفه تعليماته ولكن لم يستمع لهم المعلم زين ، من نحيه كان لا يقبل ان يتهم احد عطوه بشيء فلقد احبه كابن له ، ومن ناحيه اخرى كان يطمع بان يزوج عطوه لابنته شمس وبالفعل جلس المعلم زين مع شمس واغبرها برغبته فى تزويجها  لعطوه ولكن شمس قامت من مكانها ورفضت الامر نهائيا وقالت : يا ابى هتجوزنى لواحد زى دا ، دا واحد بيستقوى على الضعيف وميعرفش حاجه عن اصول الفتونه وغير امين على الناس ، هيبقى امين ازاى عليا .

المعلم زين : يا بنتى اقعدى واسمعى ، انا كبرت خلاص ومش عارف هعيشلك قد ايه ، زمان كنت معتمد ان عندى ابن هياخد باله منك ويحميكى من بعدى ، بس خلاص انور راح ومبقاليش حد غيرك وعاوز اصونك عند واحد قوى يحافظ عليكى .

شمس : واللى زى عطوه دا يعرف يصون ولاد الاصول يا ابى ، دا حرامى ومفترى وانتا اللى  سادد ودانك ومبتسمعش لحد رغم ان كل الناس بيشتكوا منه وبيدعوا عليه ، وانت عامل زى اللى يكون سحرلك .

غضب المعلم زين من كلام ابنته شمس وقام وضربها على وجهها بقسوه شديده ، حتى انها قد نزفت دما من خشمها ، لم تبكى شمس فهى مثل الرجال ولكن قالت له : يا فتوه الحسينيه انا مش موفقه على الجوازه دى ، ومفتكرش ان المعلم زين اللى يعرف ربنه وميظلمش حد هيجى على اخر ايامه ويظلم بنته ، ثم  تركت شمس والدها ، اما المعلم زين فلقد غضب من نفسه كثيرا فهى اول مره يضرب فيها ابنته ، وحينها قرر ان يخرج من قوقعته ويظهر بشوارع الحسينيه حتى يستقصى حقيقه ان عطوه ظالم ام لا وحينها سوف يقرر ماذا سيفعل .

نزل المعلم زين لشوارع الحسينيه وقابله الناس بالترحيب والتهليل ، ومنهم من اخذ يقبل يده  من كثره الفرحه ، فلقد مر اكثرمن ثلاثه سنوات تقريبا لم يظهر امام الناس بهذا الشكل ، اخذت رجاله يبعدون الناس عنه ولكن المعلم زين طلب منهم ان يتركوهم وشأنهم واخذ الناس يحاوطون المعلم زين ويشتكوله مما يحدث معهم ، من اتاوات وغير ذلك من الظلم ، حزن المعلم زين كثيرا مما سمعه من الناس وسئلهم عن سبب عدم قدومهم لمنزله  ليشتكو له ، فاجابوا ان رجاله المعلم عطوه حرجوا عليهم القدوم له ، وحينها سئل المعلم زين عن عطوه فى استغراب ، كيف يعرف انه بالشارع ولم ياتى لاستقباله والترحيب به كما يفعل الناس ، وسئل عن مكان تواجده واخبروه انه جالس بالقهوه المخصصه للفتوه .

ذهب المعلم زين لمكان عطوه ودخل القهوه ، وعندما شهد الرجال دخول المعلم زين نهضوا جميعا الا عطوه ظل جالس كما هو ويشرب الشيشا دون عمل  اى اعتبار للمعلم زين نهائيا ، فاقترب منه المعلم زين وضرب الشيشا بنبوته فكسرها وقال له : ايه يا عطوه مش شايف معلمك داخل ولا ايه ، ولا تكون الشيشا دى خلتك مابتشوفش ومبتفهمش كمان .

قام عطوه من مكانه وقال : احفظ ادبك يا زين ، بدل ما اضحك عليك الخلق .

صدم زين من رد عطوه ومن طريقه حديثه معه ، لم يتمالك نفسه ورفع نبوته لضرب عطوه ولكن عطوه مسك نبوت زين باحكام ثم مسك زين نفسه من جلبابه والقى به خارج القهوه فى منتصف الشارع  وخرج ورائه وقال باعلى صوته : كل واحد هنا من النهارده يعرف حدوده ومكنته ، ثم اقترب من المعلم زين وبكل مهانه وضع رجله فوق صدر المعلم زين وهو مرتدى حذائه وقال : اوعى تكون فاكر نفسك يا عجوز انت انك لسه الفتوه ، او فاكر ان انت تقدر تواجه عطوه ، ولا بتحلم ان انت هزمت عطوه قبل كدا ، تبقى لامؤخذه اهبل ، انا اللى سبتك زمان تهذمنى علشان ترضى غرورك ، لكن انت بالنسبه ليا مجرد اسد عجوز اتطرمت سنانه وبقى قطه ، وكنت مجرد سلمه لازم ادوس عليها علشان ابقى فتوه  الحسينيه ، انا احق بيها ، هى ورثى وورث ابويا وجدى ، انا عطوه ابن عطيه ابن المعلم عفيفى فتوه الحسينيه الحقيقى ، واهوه يا زين بقيت تحت رجلى مكانك الطبيعى ، يا رجاله انا الفتوه حد عنده اعتراض ، حد هنا عاوز يبقى فى مكان زين تحت رجلى هو كمان ، فى حد هنا ولم يكمل عطوه كلامه حتى ظهرت شمس مرتديه لبس مثل الرجال وقامت بدفع عطوه من فوق ابيها وقامت بمساعدته على النهوض  وحملت هي نبوت الفتوه فى زهول من الحاضرين وقالت لعطوه : يا خسيس يا عديم الاصل والابو والام ، تتجراء على سيدك المعلم زين ، انا شمس الطحان بنت زين الطحان بتحداك على الفتونه .

ضحك عطوه بكل سخريه على شمس وقال : صحيح مهوا زين مخلفش رجاله والابن الوحيد اللى كان مخلفه كان ميتحسبش على الرجاله ، كان ضعيف  زى الحريم بالظبط مستحملش منى خبتطين لما تحديته بنبوتى من زمان ، وقتلته علشان احصر قلب ابوه عليه زى ما وجع قلب ابويا على جدى قبل كده .

اشتعل قلب المعلم زين كما اشتعل قلب شمس التى هاجمت عطوه على الفور بنبوتها  ، ولكن عطوه استطاع التغلب عليها واوقعها على الارض ، ولكن لانها قد تدربت كثيرا فلقد اصبحت تمتلك قوه تحمل كبيره وقامت شمس فامسك المعلم زين بيداها بقوه وقال لها : اهدئي يا شمس ، انا عارف ان انتى هتقدرى عليه ، بس العصبيه والغضب والتسرع هيكون سبب هزمتك ، انتى شيله اسم زين الطحان فتوه الحسينيه ، استغلى قوته المفرته ضده ، انتى افضل منه بالموهبه والسرعه .

كانت كلمات المعلم زين لابنته شمس بمثابه طوق النجاه لها ، فلقد لخص لها خبرته الكبيره  فى عدة كلمات بوقت ضيق جدا وكانت النتيجه ، ان شمس قد هداءت تماما واصبحت تستعيد ذكرياتها بالتدريب وملاحظات ابيها لها اثناء ذلك وبداءت تظهر مهاره فائقه فى التحطيب تذكرنا بمهاره المعلم زين فى شبابه ، ولا نخطأ اذا قولنا انها تفوقت على المعلم زين فى المهاره ، اصبح عطوه عاجز تماما امام شمس ، فهى فى مستوى اخرى من جميع الفتوات الذين  قابلهم وقاتلهم ، انها الافضل بينهم ، بداء عطوه يشعر بالارهاق ، فهو يستخدم معظم قوته وطاقته فى كل ضربه يضربها ، ولا يستطيع التخفيف من حده ضرباته المفرطه ، كان عطوه يفوز دائما على من يواجهه بتلك الطريقه ، فدائما ما كان يسقط خصومه من اول بضعه ضربات اما شمس فتمتلك قوه تحمل كبيره ، وايضا مهاره نادره الوجود ، فهى مشروع فتوه كبير بداء ان يظهر فى تلك المعركه ، مر الكثير من الوقت ومازالت المعركه قائمه بين الاثنين ، من ناحيه ها هو عطوه خارت  قواه تقريبا ، ومن ناحيه اخرى شمس التى مازلت تستمتع بالكثير من الطاقه وكانها خارقه لا تتعب ابدا ، اصبح عطوه عاجز عن تسديد الضربات وبداءت شمس تسدد له ضربات عده وتصيبه بشكل مبهر وسقط عطوه عدة مرات ولكنه ينهض حتى حانت وقت النهايه ، ها هو عطوه يتلقى عدة ضربات على  رأسه من قبل شمس وسقط على الارض وينزف دما من رأسه ووجهه بشكل كبير ، وضعت شمس قدمها فوق صدر عطوه الملقى على الارض والذى لا يستطيع الحركه وقالت له ، ان كنت فعلت ذلك بابى فسوف يعذر الناس الفتوه لكبر سنه وينسون مع الوقت ، اما انت هتفضل شايل فضحتك انت وعيالك من بعدك ، ان وحده ست هزمت عطوه فتوه الحسينيه ومسحت بكرمته الارض ، انا لو منك اموت قبل ما يجي اليوم  ويزفونى العيال فى الشوارع ويقولو اللى غلبته حرمه اهوه ، ثم احضرت شمس خنجر والقته بجانب عطوه ثم تركته واخذ الناس يهتفون بالفتوه الجديد شمس الطحان .

اما عطوه فلقد كرر مشهد قد حدث فى الحسينيه منذ زمن بعيد ، فلقد اخذه غروره وتكبره الى ان يطعن نفسه بذالك الخنجر الذى تركته شمس له ، مات عطوه بنفس الطريقه التى مات بها المعلم عفيفى منذ زمن بعيد ، وكان التاريخ يعيد نفسه مره اخرى

مرت الايام والشهور والسنوات ، لقد مات المعلم زين وكانت شمس هى فتوه الحسينيه  ، لا نعرف ماذا سوف يحدث لها ولكن ها هى تجلس مثل الرجال مرتديه ثوب ابيها ماسكه بيديها نبوته ، ظلت شمس متمسكه بمبادىء الفتونه التى قد اقامها المعلم زين بالحسينيه ، ارحم الضعيف والفقير يكونوا عوننا لك وقت الضيق ، اعطى الفقراء ولا تطلق يد الرجال على مساكن الناس وحرمة البيوت ، انصر المظلوم واضرب على يد الظالم بقبضه من حديد ، دارت معارك كثيره فى عهد شمس الطحان ولكنها لم تخسر اى  معركه فى حياتها الا معركه واحده وهى معركه الحب فتزوجت وانجبت طفلان ولكنها ظلت الفتوه حتى ان سلمت الفتونه لاحد ابناءها واوصته بما وصها بها ابيها من قبل حتى يظل الناس يترحمون على فتوات عائله الطحان .

                           النهاية

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>