رواية متعة السالكين الفصل العاشر10بقلم ليلي مظلوم


 روايةمتعة السالكين 10..

الجزء العاشر


بقلم ليلى مظلوم

-سامي لا داعي لهذه الكلمات وتلك اللهجة القاسية المعاتبة ..كنت مشغولة طوال اليوم بالعزاء.. 


-عزاء؟؟!


-نعم ..لقد توفيت أم أحمد  بعد رحيلك  صباحا من منزلنا بساعة تقريبا فأخبر ولدها بذلك ..


-اووووه مسكينة ..كنت اريد أن افرح قلبها ..


-يبدو أنها لم تتحمل الصدمة ..وربما لم تصدق ما قلته لها ..ولا أعلم ما الذي لم يتحمله قلبها أهو الفرح أم الحزن ..


-حسنا ..أنا آسف لفظاظتي ..ولكن لماذا لم تخبريني ..


-لم يكن لدي متسع من الوقت ..وخالي هو من قام بواجب العزاء ..لم تكتمل فرحتي هذا اليوم ..


-ماذا تقصدين فرحتك بالزواج مني ؟


-لا بل بتحريري من السجن ...لقد خرجت إلى الحديقة .وتنشقت الورود وتأرجحت ..وفتحت نوافذ غرفتي وقد يتطور الأمر إلى ما هو أكبر    من ذلك   ..ولا أعلم إن كانت جدتي ستغير رأيها بعد وفاة أم أحمد ..فالموت يعيد إليها تلك الحالة النفسية أضعافا مضاعفة ..ولكن هذه المرة لن أسمح لها بسجني مرة أخرى ..بل سأحاول أن أخرجها مما هي فيه ..


-عادة الصدمات النفسية هي التي تؤذي المريض ولا يشفون إلا بصدمة أخرى ..ربما وفاة المسكينة في صالح جدتك .


-لا أظن هذا ..وأخاف أن تلحق بها هي أيضا ..


-أطال الله في عمرها ..عليّ أن أخبر أحمد بالأمر ..والله وحده يعلم كيف ستكون ردة فعله ..


أقفلت الهاتف ..وعدت مجددا إلى غرفة جدتي التي رمقتني بنظرات غريبة ..وقالت باستياء: تزوجي بسامي يا نور ..تزوجي به ..أريد أن أراك    عروسا تزينين مرتبتك قبل فوات الأوان… لقد توفيت أم أحمد وتركت لنا جراحا لن تندمل طوال العمر.. كانت مخلصة إلى حد كبير ..وحنونة ومطيعة وطيبة ..والموت يختار الطيبين ..


-لا تقولي هذا يا حبيبة قلبي… فكم من الطيبون الذين عاشوا سنينا طويلة ...وكم من السيئين الذين ماتوا وهم في ريعان شبابهم.. لا علاقة للطيبة   بالأعمار ..وهذا لا يعني أن أم أحمد ليست طيبة ..بل الذين لا زالوا على قيد الحياة ليسوا كلهم أشرارا ..وفي النهاية الجميع يغادرون هذه الحياة ..


أكملت كلامي ثم وضعت وسادتي إلى جانب وسادة جدتي ..وارتميت إلى السرير وأنا   أنظر إلى السقف ..وخيم صمت طويل بيني وبين جدتي ..إلا أن الغرفة تعج بالأفكار ..بغض النظر إن كانت جيدة او سيئة ..ولم أكن أظن يوما أن أم أحمد ستترك فراغا في المنزل 

 بهذا القدر ..وعليّ منذ الغد أن أقوم بالاعمال التي كانت تقوم بها هي ..الذهاب إلى السوق   تنظيف المنزل ..طهو الطعام إلى ما هنالك ..وكانت جدتي تدرك هذا جيدا ..وهذا ما زاد من قلقها ..فمن أين ستحضر إنسانة أمينة ومخلصة وصادقة كأم أحمد التي عرفت عنا كل شيئ ..


مضت عدة أيام لم أخرج خلالها من المنزل إلا إلى الحديقة ..فالثلاجة كانت مليئة بالطعام ..وكنت أستعين بتطبيق اليوتيوب حتى  أطبخ ..وقد   نجحت في ذلك ..الأمر لم يكن صعبا ..ولكن الطعام لم يكن زاكيا كطعام المرحومة ..ولا بد للحياة أن تستمر ..لذلك ليس من الصواب أن نعيش على ذكرى طعامها لا بد لمعدتنا أن تمتلئ ولن تميز نوع الطعام أو الطاهي له ..


بدأ الحزن على الفراق يتلاشى شيئا فشيئا مع مرور الوقت مع أنه لم يمضِ لقاء واحد لي مع جدتي إلا وتحدثنا عن أم أحمد ..مر شهر تقريبا على  وفاتها ..ولم يكن حديثي خلالها مع سامي يتعدى العشرة دقائق يوميا ..وترفّع عن تذكيري بطلبه إكراما للمرحومة ..إلى أن قال لي في المحادثة الأخيرة ..أنا ذاهب اليوم لزيارتكم فهل ألقى ترحيبا ؟؟


وبالطبع رحبتُ به بحرارة… ولم أكن أعرف أنه سيحضر ضيوفا معه ..إنها والدته التي ترتدي فستانا أسودا أنيقا ..ووضعت بعض مساحيق التجميل    على وجهها ..وتحمل محفظة سوداء اللون تنسيقا مع فستانها وتبدو أنها غالية الثمن ..أما حذاؤها فقد كان ينم عن امرأة

 راقية تستطيع السير بالكعب العالي وكأنها تسير على الماء ..عيناها صغيرتان ولكنهما   جذابتان ولم أستطع تحديد لونهما ولكني رجحت العسلي نسبة لولدها الطبيب ..أنفها يوحي إلى الناظر بالثقة والاتزان ..أما فمها الكبير فكان نادر الابتسام

 أو هذا ما خمنته فبمجرد أن تلاقت عينانا أصدرت ابتسامة جميلة وكأنها تقول أنا أم   الرجل الذي أحبك وذوقه جميل… وعلى ما يبدو أنها تعرف حالة جدتي فهي لم تصافحها يدا بيد.. وجلست بعيدة عنها ..مكتفية برفع يدها من البعيد ...وقد 

رحبت بهما جدتي ترحيبا كبيرا ..أنا اعرف نواياها جيدا ..إنها تريد تزويجي حتى يرتاح    ضميرها لأنها عزلتني عن العالم ..ولا أنكر صراحة أنني عندما رأيت سامي شعرت بوخز في

 قلبي كنت قد افتقدته منذ زمن ..وعاد إلي الإحساس القديم ..هل بدأت أحبه مجددا .

.وتغاضيت عن المشاعر التي تبثها الإذاعات لإنجاح أفلامها وزيادة نسبة المشاهدة !!بكل   الأحوال فكرة زواجي من أول رجل تعرفت إليه ليست سيئة ..وخاصة أنني أكن له مشاعر خاصة ربما تكون الحب ..


ذهبت إلى المطبخ لأحضر العصير ..وأنا في طريق العودة سمعت زغاريد جدتي    معلنة عن موافقتها دون سؤالي حتى ..ولكن لابأس فأنا موافقة    على هذا الزواج ..وربما إن أصبحت أنا وسامي تحت سقف منزل واحد سيكون


الحب والتفاهم حليفنا


واتفقت العائلتان على أمور الزواج. .أراد سامي زواجا سريعا ..

كنت فرحة حقا بهذا القرار وزال الخوف من قلبي تماما ..وكان لا بد من مشاركة سهى

 بفرحتي ..حيث اتصلت بها وأخبرتها ..إلا أن ردة فعلها كانت غريبة جدا ..حيث قالت    بنبرة قاسية :كم أنت فتاة لئيمة تدعين أنك لا تعرفين التصرف مع الشباب وها أنت اصطدت كنزا ثمينا...



                   الجزء الحادى عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>