رواية متعة السالكين الفصل السابع7بقلم ليلي مظلوم


 رواية متعة السالكين 7.

الجزء السابع

بقلم ليلى مظلوم


هرعت إلى غرفة جدتي لأرى أم أحمد ملقاة إلى  الأرض ..وجدتي تحاول جاهدة أن تصل إليها لتوقظها إلا أن رجليها خانتاها فهي حبيسة الفراش 

منذ سنين ..وعليها أن تحمد الله آلاف المرات لأن صوتها يساعدها في الكثير من   الأمور ..اقتربت من أم أحمد المسكينة لأرى دموعها قد غطت وجنتيها ..وقلت بلهفة :خالتي ..هيا استيقظي ..استيقظي !!أرجوك ..


ثم توجهت بدون تردد إلى المطبخ وأحضرت قارورة ماء صغيرة وبدأت أرشها بإتقان على وجهها ..وأنا أبتهل الله لتفتح عينيها ..وقد استجاب لدعائي أخيرا ..وعذرا على غير عادته ..فكم من المرات التي رجوته    فيها  أن ينقذني من الحياة التي أعيشها ولكنه لم  يجبْني ..وعندما سألت جدتي عن السبب  قالت لي الله أدرى بمصلحتنا منا ..وهو لا يجيب دعواتنا لأنه يحبنا ..


كانت إجابتها مضحكة بالنسبة إلي ..ما هذا الكلام؟ ..أوليس هو من قال لنا ادعوني أستجب لكم . ..لم يضع شروطا في تلك الآية ..وتارة أخرى  قالت   لي عندما رأت تعابيري غير مصدقة كلامها ..الله يحتاج قلوبا طاهرة حتى تدعوَه ..


كيف هذا ؟؟..هل هناك أطهر من قلب طفل يسعى لحب والده ..وأين المصلحة التي لا أعرفها إن استجاب لي ..مممم قد يكون عدم حزني عند موته 

لأني غير متعلقة به ..من يدري ؟؟..بكلتا الحالتين لم تكن الإجابة مقنعة بالنسبة إلي ..ولا أرى الله بصورة الملك السادي الذي يفرح لسماع الابتهالات ..إنه أرقى من ذلك بكثير ..لدرجة 

أنه ينقذنا ربما من مواقف عدة دون أن نطلب منه ذلك ..ولكن النفس البشرية اعتادت الخضوع منذ الأزل ..ولا بد لتلك البصمة أن ترافقها إلى    الأبد ...أما أنا فعلاقتي مع الخالق خاصة جدا… أم أن خالقي ليس نفسه هو من خلق باقي 

البشر ؟؟..ومع الأسف أنسن الإنسان الإله وألبسه ثوب صفاته البشرية ..لدرجة أنه قد    يسب ويلعن ويشتم إنسانا كرمى لإنسان آخر ..أوليس هو من أودع فيه الشر ؟؟!!أم ترك له حرية الاختيار. ..وحرية الاختيار تنافي العقاب الإلهي .


 أوووه إنه أمر معقد جدا.  وما جعله بهذا القدر من التعقيد هو كثرة الآلهة في عقول البشر . فرَب كل دين ينصر دينه ..أما عن الخالق الحقيقي لحد الآن    فهو من سبب الإنفجار الكبير ..وهو من ترك الحرية للبشر.  الحرية الحقيقية بعيدا عن ترهاتهم ..


نظرت إلى عيني المسكينة كانتا حمروين ..مليئتين بالقهر والعذاب ..تحكيان ما فعلته   بهما السنين ..ترافقهما تجاعيد الزمن ..وجدتي كانت تتمتم :الأولاد يستحقون حزنا أكثر من هذا ..


وعرفت حينها سبب الأسى ..ولكن لا بد من السؤال :أم أحمد ماذا هناك ..لقد قلقت عليك كثيرا ..؟


إلا أنها لاذت بالصمت ..صمتُ شديد تحدث كلَّ شيئ ..وقالت جدتي :كنا نتحدث عن   أحمد ..وهاجمتها الذكريات التي تلتها عليّ عن طفولة أحمد وقساوة والده ..ثم اختنق صوتها ووقعت أرضا ..


فقلت لها وأنا حزينة لحالها وحالي وحال جدتي :سأتصل بسامي كي يأتي ليفحصك ..


واستغربت جدتي الأمر: هل تدونين رقم هاتفه ..


-نعم دونته في المرة الماضية ..وها نحن نحتاجه الآن ..


ثم اتصلت بسامي الذي أجابني بسرعة ..وكأنه ينتظر هذا الإتصال ..ثم قلت له مباشرة  قبل أن يقول شيئا خاصا ويفضحَني :لقد أغمي على أم أحمد ..وأنا وجدتي إلى جانبها الآن ..


-هل استيقظت؟؟


-نعم ..أحييتها ببعض الماء ..ولكن لا بد من حضورك كي نطمئن عليها ..


-حسنا . 


في تلك الاثناء ..كنت أنتظر بفارغ الصبر كي يحضر الرجل الذي وهبته قلبي دون أن يدري ..وهل سيراني بهذه الثياب ؟؟لا لا عليّ أن أبدل ملابسي ..وأرتدي ثوبا أنيقا ..ولكن جدتي ستلاحظ هذا ..رباه ماذا 

أفعل الآن ..وتوجهت إلى غرفتي ونظرت إلى نفسي في المرآة ثم رتبت شعري ..ووضعت عطرا أنثويا مميزا كان قد أهدتني إياه سهى.. وجملت وجهي بشكل غير ملفت ..وانتظرت أمام

 الباب وأنا أنظر إلى ساعتي وأعد الثواني للقياه ..ها هو جرس المنزل يرن ..ورن قلبي معه ..وبما أننا لا ننتظر ضيوفا لا بد أن القادم هو سامي ..ففتحت   الباب بسرعة ..ورموشي عانقت بعضها مباشرة ..وقلت بصوت خجول :تفضل ..


كانت نظرته حنونة جدا ..وابتسامته ساحرة جذابة ..نظر إلي بطريقة غريبة وكأنه يقول لي :لقد عرفت ما في داخلك الآن وافتضح أمرك ..واحمرت

 وجنتاي رغما عني  وتسارعت نبضات قلبي.. إنها علامات الحب أعرف هذا ..ولكنه كان طبيعي الملامح فلا خجل ولا نبضات له تسمع ..ونطق أخيرا :أين هي المريضة ؟؟


قلت لنفسي :ليتك تعلم أنني أنا المريضة ..مريضة بحبك ..لماذا ليس باستطاعة المرأة المبادرة

 بالإعتراف بمشاعرها ..أهو الكبرياء ؟..أم هكذا جرت العادة فقط .؟.ثم قلت له: إنها في غرفة جدتي ..!


وسار أمامي بخطوات واثقة ..فهو يعرف تلك الغرفة جيدا ..وألقى تحيته بحب ..ولاقته جدتي بالترحيب ..وأم أحمد بنظرات أليمة ..كانت لا تزال 

تشعر بالدوار ..اقترب منها وبدأ بفحصها ..ثم. قال مبتسما :أنت لست بحاجة إلى الدواء يا خالة ..أنت بحاجة لخبر سار جئت أزفه إليك بنفسي ..


-خبر سار !


-نعم ..فأحمد قادم إلى لبنان بعد شهر تقريبا ..وأرسل إليك هذا المبلغ ..وطل


ب مني أن أبلغك تحاياه ..وأظن أظن أنه يريد رؤيتك أيضا ..فهو مشتاق إليك كثيرا ..


 وتهلل وجه أم أحمد فرحا ..ولو كان باستطاعتها أن ترقص لرقصت ..لقد عادت إليها

 الحياة بعد هذا الخبر ..مع أني شككت بكلام سامي ..الذي نظر إلي بطريقة غريية وقال :هل لديك حاسوب .؟؟


                     الجزء الثامن من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>