رواية 🌸هيلينا🌸
الجزء الثاني عشر ..
وبعد أن سمع والدها ذلك الكلام ارتاح نوعا ما ..فقد تكون ابنته مظلومة.. . وهذا ما دفعها للكلام مع رجل آخر ..ولكن هادي كان اختيارها منذ البداية ..وهي من أصرت على الزواج به ..أما هيلينا فأخبرت العائلة بكل ما جرى معها ..والمعاملة القاسية التي كانت تتلقاها من زوجها ..وشربه للخمر ..وعشقه لامرأة أخرى وصرفه المال عليها ..وعادت جميلة إلى منزل أهلها مكسورة الخاطر ..وقالت بهمس :فلتتطلق ابنة واحدة أفضل من طلاق اثنتين ..وتحول الحديث إلى جميلة وعادل ..الذي صرح أنه لن يتخلى عن زوجته ..واعتذر كثيرا عن فعلته ..وغادرت جميلة المنزل معه ..وهي تنظر إلى أختها بشفقة ولوم ..وقال الوالد كلمته الأخيرة :كفوا عن التحدث بهذا الموضوع ..كان الأجدر بنا أن ننتبه للمعاناة التي كادت تفتك بهيلينا ..والحمدلله أن الأمور لم تخرج عن هذا الحد…
وفي اليوم التالي ..حضر أحد الشيوخ إلى منزل هيلينا ليخبرها أن طلاقها قد وقع ..وأن زوجها مصر على عدم إعطائها الطفل ..ونصحها بعدم التشكي عليه في المحكمة لأن الأمور لصالحه ..ورضخت هيلينا لذلك في الوقت الحاضر.. فما باليد حيلة ..عجيب أمر هذا الكون ..كيف لامرأة احتوت ابنها ليكون جارا لقلبها لمدة تسعة أشهر وعانت ما عانت من أمور الوحام والتعب والسهر عليه بعد ولادته ..لتصبح نكرة بالنسبة إليه ..هذا الامر غير عادل فمهما كانت الأسباب.. من حق الام أن ترى طفلها ..ليس لأجلها فحسب بل لأجله هو أيضا ..
ومضت أيام قاسية على الجميع ..وصامت هيلينا عن التحدث عن حالتها ..واشتاقت لسامي في ظل كل تلك الأحداث ..ولكنه لم يتصل بها ليطمئن عنها… ماذا هناك؟؟هل نسيها ؟؟الشهر الأول والثاني والثالث ..ولم ترَ رسالة واحدة منه ..حتى جاءها أخوها مصطفى ذات يوم وقال لها:
-يجب أن نتحدث !!
-إن كان الأمر يتعلق بهادي فأنا آسفة !!
-وإن كان يتعلق بسامي ؟؟
فرقص قلبها فرحا بدون أن تعرف ما هو الموضوع.. مجرد ذكر اسمه كان كافيا ليقلب مزاجها رأسا على عقب..
فقالت بتلكؤ :
-ما به سامي ؟؟
-لقد تحدثت إليه بعد الحادثة مباشرة ..بالأحرى هو من تحدث إلي وشرح الأمر.. أنا لا أنكر أنك مخطئة يا أختي ..ولكن خطؤك هذا ليس أقل من خطأ هادي ..ألا تشتاقين لطفلك ؟
-بلى بالطبع ..وقلبي يعتصر ألما كي أراه !!
-لقد حاولت كثيرا طوال الفترة الماضية أن أحضره لك… وقد نجحت… ولكن لم يتكرّم علينا والده أكثر من نصف ساعة…
-نصف ساعة؟؟هل أقوم بتسول ولدي ؟؟!!
وسمعت صوت والدها يقول:
-لقد قمت بتربيتك على أحسن ما أستطيع… فقومي بتربية ولدك بالمدة القليلة التي سترينه بها بأفضل ما يكون ..ربما إن سمح لك برؤيته لمدة نصف ساعة اليوم ..قد يزيد من المدة غدا… ولو لم يكن لديه تلك المحادثة ليقدمها إلى المحكمة لكان لي هناك تصرف آخر ..
فأجاب مصطفى :
بما أنك هنا يا أبي ..وقد سمعت نصف حديثنا ..فاسمع ما سأقول :لقد طلب سامي مني يد هيلينا ..ويبدو الرجل صادقا في حبه !!
-ليس له هذا يا مصطفى هل تنقصنا الفضائح ..وإن تم هذا الأمر فعلا فإن أختك لن ترى ابنها في حياتها ..
-يا أبي دعنا لا ننهي الأمر بهذه السرعة ونعطي مجالا لأصحاب العلاقة بالقرار ..
ثم التفت إلى هيلينا وسألها :
هل تريدين الزواج بسامي يا هيلينا ؟؟
-نعممممم… بصراحة نعم.… أنتم لا تعرفون سامي وطيبته ..
فقال والدها:
-ولكن كيف تفعلين هذا ..؟؟فضلا عن أي شيئ ومشاكلك الخاصة ..كيف تدمرين منزله ..على حد علمي أنه رجل متزوج؟؟
-نعم صحيح هو متزوج ..وليس لديه الأولاد ..ولكن علاقته بزوجته ليست جيدة ..هذا ما فهمته منه عندما كنا نتحدث ..
-ألا تعلمين أن هذا من أساليب الرجال ..يتظاهرون بالمظلومية ..حتى يوقعوا الفتيات في حبالهم ..
-لا لا سامي ليس من هذا النوع ..!!
-هيلينا أقفلي هذا الموضوع الآن ..واهتمي بقدوم ولدك ..
والتزمت هيلينا بتعاليم والدها ..ثم ذهبت إلى المطبخ ..وحضّرت الحلوى التي يحبها ابنها ..حتى تستقبله بها ..مرت عدة ساعات ببطء شديد حتى حضر الضيف المنتظر ..وما إن رأى والدته حتى بكى بحرقة ..وكأنه يلومها ويعاتبها على تركه ..وقد أثّر هذا كثيرا على نفسية هيلينا ..ولم ترد أن تمضي النصف ساعة المخصصة لها بالبكاء والقهر ..لذلك قاومت نفسها لتلاعب الطفل ..وتقدم له المأكولات التي يحبها.. حتى سمعت ضحكته البريئة ..واحتضنته بحرقة ..وحان الوقت لوداعه بسرعة ..نصف ساعة مرت وكأنها ثانية واحدة ..وما إن غاب عن ناظريها حتى أطلقت لنفسها العنان بالبكاء ..وقالت لها والدتها: لا أعلم ماذا أقول لك.. ولكن لم لا تحاولين إصلاح الأمر مع زوجك والعودة إليه ؟؟من أجل الطفل !!
-يستحيل أن يرضى بعودتي يا أمي ..وإن عدت فربما سيقتلني ببطء شديد بتصرفاته القاسية والتي ستصبح مبررة بالنسبة إليه ..يجب أن أدوس على قلبي ..حتى أرتاح ..والله وحده القادر على إعانة طفلي ..وعلى ما أظن أن والده سيدمره بالحديث سوءا عني !!
ثم تركت والدتها وآثرت أن تتمشى في الحديقة الخلفية ..وفي تلك
اللحظات تراءى إليها طيف سامي.. كيف ستنساه وهو كان ملجؤها عند الكربات في منزل هادي ..إنها حزينة جدا ..وتشعر بالراحة إن تحدثت إليه ..لم لا؟؟أليس هو من تحدث إلى أخيها بشأنها ..وهذا يعني أن حبه حبا حقيقيا ..وإلا لتناسى الأمر وعاش حياته بشكل طبيعي.. فحملت هاتفها برجفة الشوق ودموع الحزن ..ونبضات الحب ..ثم اتصلت به ..
