رواية 🌹هيلينا 🌸
الجزء الرابع عشر ..
-يبدو أنكما قادمين لتتحدثا بأمر هيلينا وسامي ؟؟
قال مصطفى :نعم هذا صحيح يا أبي ..فلو تكرّمت علينا ..واستمعت إلينا ..دون غضب .
-حسنا ..
-بصراحة أنا أشفق على هيلينا
.
-ألا تشفق عليّ ..ألا تدرك خطورة الأمر ؟؟
-أعلم أن مشكلتك ليس في الزواج نفسه ..ولكن في نظرة المجتمع إلينا ..ياأبي الناس سيتحدثون بكل الأحوال ..ونحن أحرار بما نفعله ..هل نسجن سعادتنا كرمى للمجتمع ؟؟
-الأمر ليس متعلق بالمجتمع فحسب بل بهيلينا أيضا ..كيف ستتزوج من رجل متزوج ..وتبدأ مسيرة كيد النساء.. ؟؟هل سترضى زوجته بوجود من يشاركها زوجها ..ستختلق المشاكل ..وستأتينا هيلينا كل يوم باكية .
-الأمر سهل سأطلب من سامي أن يشتري لها منزلا خاصا ..وهذا سيكون من شروط الزواج ..إن رضي به فأهلا وسهلا ..وإن لم يرضَ ..يكون هذا حجة أمام هيلينا ..أخشى أن تهرب معه في لحظة ضعف وتكون الفضيحة أكبر ..
فتنهد أسعد وأزفر زفرة ممزوجة بالغضب والقلق ثم قال :حسنا ..ولكن بدون حفل زواج ..ولن أكون راضيا بما يكفي ..لن أزورها ..ولن أتدخل في حياتها ..لا أستطيع ذلك ..
-مبدئيا الأمر إيجابي ..والزمن كفيل بإصلاح ما بينكما ..
ثم خرج الأخ ليبشر أخته بما حصل ..وفرحت لذلك كثيرا ..إلا أن عدم رضى والدها لا زال ينغص عليها فرحتها ..ولكن أخذت عهدا على نفسها أن تحل الأمور بينهما بعد الزواج ..ولم تكن فرحة هيلينا أكبر من فرحة سامي الذي وافق على شروط الزواج ..وكان مستعدا ليحضر لبن العصفور كما يقولون حتى يتم ..وتم كتب الكتاب وتتويج هذا الزواج بالبركة ..وذهب العروسان إلى عشهما السعيد ..وكانت دموع هيلينا حبيسة مقلتيها ..فاحتضنها سامي وهو يقول :
-أعلم ما تفكرين به ..إنها عقدة الحاجبين التي كانت تحتل جبين والدك ..لا تقلقي فبعد فترة سيتغير كل شيئ أنا إلى جانبك ..
-وطفلي ؟؟لا أظن أن هادي سيسمح لي برؤيته بعد اليوم ..
-وأيضا هادي سيعتاد على فكرة زواجك .وسيرسل إليك الطفل ..
-وزوجتك؟؟كيف استقبلت الخبر ..
-لقد أصابتها غيرة النساء بداية ..ولكن عندما رأت إصراري اختارت ألا تكون خاسرة من هذه الصفقة ..واشتريت لها سيارة خاصة ..هذا كل همها صدقيني ..انسي كل شيئ ..ودعينا ننعم بحياتنا السعيدة معا ..أنا لا أصدق نفسي ..وأخيرا أصبحت زوجتي وسأحميك من كل الناس ..أنا أحبك يا هيلينا ..لا بل أتنفسك عشقا ..
-أرجو ألا تتغير معاملتك معي ..
-كيف يكون هذا ..وأنا كنت أتمزق ألما وغضبا من معاملة هادي لك ..ولكن لم يكن بمقدوري التدخل..
-الأيام قادمة ..
ومر أسبوع واحد على الزواج ..وقرر سامي السفر مع هيلينا إلى تركيا ليعيشا أسبوعا من المرح والفرح هناك ..ومددا المدة حتى أصبحت شهرا ..كان يخاف عليها من نسمات الهواء الباردة ..ويغدقها حبا ودلالا وغنجا ..وحتى بعد أن عادا إلى لبنان ..أمضيا سنة من أجمل أيام حياتهما ..ولكن كيف للفرحة أن تكتمل ..وهادي كان مزعوجا من هذا الزواج ..وزوجة سامي كادت تموت من القهر ..وبين الفينة والفينة كانت هيلينا تفكر بطفلها ..وكيف هي طريقة عيشه ..وهل يعامله هادي بلطف ..هل يأكل جيدا ..هل يشرب جيدا ..هل ينام جيدا ؟؟؟كل الأسئلة التي مرت تراود أي أم ..بعيدة عن طفلها ..كيف لم تكن إلى جانبه عندما خطا خطواته الأولى ..؟؟كيف كل هذا ..؟
وذات يوم كان هادي برفقه أخيه عادل فأخبره أن هيلينا في منزل أهلها ..وأن الأمر قد سوّي بينهم ..وهي ستقضي اليوم كله هناك ..ولم يستطع منع جميلة من الذهاب ..ففي النهاية تبقى أختها ولا بد أنها مشتاقة لها ..وبعد سماع تلك الكلمات ..ذهب هادي إلى المنزل ..وأحضر ولده ..ثم مر أمام منزل أهل هيلينا ..وقال لولده :أمك هنا ولا تريد رؤيتك ..أمك تكرهك ..
وكيف لطفل في سنواته الأولى أن يتحمل تلك الكلمات فبدأ يبكي بصوت عال ..وهادي يزيده من الكلام المبكي ..ثم نادى بأعلى صوته :هيلينا هيلينا !!!
وسمعت هيلينا صوته ..فهرعت إلى الشرفة ..لترى ولدها يبكي بحرقة ..وينادي :ماما ماما ..ماما ماما…
ولم تلحق أن تنزل إليه إلا وكان هادي قد غادر المكان ..فأحرق قلب الأم والطفل في آن معا ..وكان يقود بسرعة جنونية ..وما إن وصل إلى المنزل ..وأعطى ولده الحلوى حتى يسكته ..تراءى إليه طيف هيلينا وهي تطل عليه من النافذة فقال لنفسه :ما هذا . لقد ازدادت جمالا ..كيف سمحت لنفسي بتطليقها ..وكأن جمالها ينتقم مني ..رباه أيعقل أنني لا زلت أحبها.. أم هو إحساس بفقد أشيائي لتصبح ثمينة بنظري ..كيف يعاملها ذلك العاشق.. لا بد وأنه يدللها كثيرا فهذا بادٍ عليها ..كيف لا وهو يسعى لينسيها أهلها جميعا.. ؟؟
أما هيلينا فشعرت بالحزن الشديد.. كيف يمكن لأم أن تسمع صوت ابنها يناديها باكيا ولا تستطيع احتضانه !!!أي ظلم هذا ..؟؟
وعندما ذهبت إلى منزلها كانت في حالة يرثى لها ..فقال لها سامي :ماذا هناك ؟
-لقد رأيت طفلي اليوم !
-إن كان الأمر كذلك فيجب أن تكوني بأحسن أحوالك ..
-لم أره عن قرب ..لقد أحضره هادي إلى شارع منزلنا ..وناداني
ليريني أن الطفل ليس بخير ..ولم ألحق النزول إلى الشارع ..إلا وكان هادي والطفل في آخره..
ثم جلست على الكنبة منهارة ..وحاول سامي أن يهدئ من روعها ..ولكنه لم يفلح ..وبقيت طوال الليل تسمع صوت بكائه يناديها :ماما.. ماما.. وما إن تغمض عينيها حتى تراه في الحلم ..لقد قلب لها هذا المشهد كيانها رأسا على عقب..
وبعد مرور عدة أسابيع على تلك الحادثة ..وبعد أن ارتاحت هيلينا نوعا ما ..قرر سامي أخذها إلى مصر ..لتنعم برؤية الأهرامات ..وتتجول بين ربوع تلك الحضارة العريقة ..وبينما كانا ينظران إلى كل ذلك المجد ..رن هاتف 📞 هيلينا ..فقالت :إنه اتصال من لبنان ..!!لقد تركت الواتس أب على شريحتي اللبنانية..وما إن أجابت حتى سمعت صوت طفلها وهو يبكي بحرقة ..
