رواية هيلينا الفصل السابع عشر17والاخير بقلم ليلي مظلوم


رواية 🌸هيلينا 🌸

الجزء السابع عشر ..والأخير 


نظرت الفتاة إلى هيلينا ولاحظت أنها شاردة الذهن ..فقالت لها: 

-ليس من عادتي التدخل في شؤون الغير ..ولكنك تبدين حزينة جدا ..هل يمكنني المساعدة ..؟


فابتسمت هيلينا وقالت :ألا ليت ذلك. .ولكن ربما الإستماع إلى قصتي قد يريحني نوعا ما ..فهل أنت على استعداد لهذا ..لأنه ليس في طريقي إلا المعاتبين… ؟

-طبعا ..


واتفقت الفتاتان أن تلتقيا على شاطئ البحر ..لأنه المكان الأكثر ضجيجا والاكثر سكونا ..وحكت لها هلينا قصتها ..ومع كل كلمة كانت تزفر وتدمع ..واختتمت   قصتها… بقول :لا يغرك شكلي ..فقد كنت اثنان وستون كيلوغراما ..والآن ثمانية وأربعون ..وشعري تناثر بسبب الحالة التي أعيشها ..ولا أخفيك لقد حاول أهلي الإعتناء بي    بعد لومهم ..فقد اكثروا من الرحلات لأجلي حتى انهم اقترحوا عليّ السفر ..ولكن ما باليد حيلة ..وقد توقف هادي عن إرسال الطفل لي ..حتى أطفأ آخر أمل لي في هذه الحياة ..وأحيانا أفكر في الإنتحار ..


-أتعلمين أن زوجك قد جذب حياته في منزل أهله لتكون في منزله.. الطاقة نفسها ..ألم تلاحظي هذا ؟؟


-ماذا تعنين ؟


-تصفحي قانون الجذب وستدركين كلامي ..والشخص الوحيد القادر على مساعدتك هو والده ..جربي هذا ..إنه مفتاح هادي ..


-كيف لم أنتبه لهذا ..فقد حصر الرجوع بموافقة إخوته ..


-وهذا أيضا له تفسير ..فهو مشترك معهم بترك أمهم لهم ..وموافقتهم يعني دعما له ..وليس انتقاما منك ولكنه لا يدرك هذا ..


-سأتصفح قانون الجذب ولكن بعد أن أطلب المساعدة من والد هادي ..

وبالفعل هذا ما قد حصل ..وكان تحليل صديقتها صائبا ..فقد ذهب الوالد إلى ابنه وأقنعه بعودة هيلينا ..قائلا له: حالتك مشابهة لحالتي ...ولكن     هيلينا تركتك بسبب معاملتك القاسية ..أما والدتك فكان حبها هو السبب ولأخي من لحمي ودمي ..ومع هذا فقد أرجعتها بعد أعوام طوال وبعد وفاة عمك ..أتعرف لماذا؟ ..لأنني قررت    أن أسامح نفسي قبل مسامحتها ..وفي المسامحة راحة لك قبل راحة أي شخص آخر ..أرجع زوجتك من أجل طفلك ومن أجلك أنت ..هيلينا نادمة ..لقد تحولت إلى مومياء ونالت جزاءها ما الذي تريده أكثر من ذلك ..؟


وشعر هادي بطاقة عجيبة تسري في بدنه ..بعد ذلك الكلام ..فقوته في بساطته وواقعيته ..وعادت هيلينا إلى زوجها لتحتضن طفلها مجددا ..ولكنها تفاجأت بلومه المتكرر لها هو ووالده :لماذا تخليتِ عنا؟؟


كانت تلك الكلمات كصفعة متجددة للمسكينة ...لقد عادت الآن .ولكن حياتها ليست مستقرة ..وعادت مجددا لتشكو لصديقتها ..فابتسمت الأخيرة وقالت :    لا بد من ذلك يا هيلينا ..تلك ترسبات الماضي ستلاحقك ما لم تبدئي التغيير من داخلك ..


-ماذا تقصدين ؟؟


-أحبي نفسك وارحميها إن أردت أن يفعل لك الناس ذلك ..كل ما حدث معك حدث ليجعل منك قوية ..فافهمي تلك الرسالة وابدئي صفحة جديدة مع نفسك ..


-كيف أبدأ ؟؟


اجلسي مع نفسك جلسة خاصة يوميا ..راقبي تنفسك ..إنه اللحظة الحاضرة الوحيدة ..وكل ما تبقى فهو وهم ..


-لا أفهم كلامك وكأنك تتحدثين بالألغاز ..


-حسنا سأعطيك المفتاح مجددا ..وأنت عليك أن تسعي إلى تغيير نفسك ..إنه إيكهارت تول ..ستفهمين معنى كلامي عندما تقرئين كتبه ..وسأهديك كتابين عظيمين له ..وأعدك أنك ستتغيرين شيئا فشيئا ..وستتلاشى    الطاقات السلبية حولك ..لتصبح حياتك مرنة ..(قوة الآن ..وأرض جديدة)..لتصبح حياتك جديدة ..ستتعلمين كيف تتقبلين وتحبين جميع الناس ..ستتعلمين أن الحياة لا معنى لها سوى الحب ..ستتفاجئين من كم الموروثات التي تفتك بنا بدلا من إحيائنا ..سترين أن الحياة جميلة ويستحق أن تعاش ...لن تتعلقي بأي شيئ ..وستحبين كل شيئ.. ولكن ليس بكبسة زر واحدة ..الأمر يتطلب بعض الوقت فعليك أن تكوني    صبورة ..ومارسي الرياضة ..أدخلي عادات جديدة إلى حياتك ..وكلما ذكرك ابنك بتركك له :احتضنيه ..واطلبي منه المسامحة ..وستلمسين الفرق ..أما هادي ..فعليك أن تساعديه بحل عقدته مع والدته ..قولي له أنك زوجته وأمه ..ووأنك    لن تتركيه… فاجئيه بأشياء يحبها ..اهتمي به وفي نفس الوقت لا تغذي هذا الإهتمام ..أعطي لكل شيئ حقه ..واحرصي على الإهتمام بروحك وجسدك ..في داخلك بذرة من نور فاسقيها جيدا ..


لقد بدا كل الكلام الذي قالته صديقة هيلينا جميلا ..ولكنه تنفيده كان رحلة شاقة وممتعة ..ومثمرة ..حيث بدأت العقد تحل شيئا فشيئا  ..وسامح الطفل أمه ..وتغير هادي كثيرا ..وسامح والدته من أعماق    قلبه ..بالطبع أنتم تسألون عما حل بسامي ..لقد سافر إلى مكان بعيد حاملا بقلبه ذكرى هيلينا على أمل ان يلتقي بصديق كصديقة هيلينا.. 


مرت عدة سنوات والأمور تسير بشكل جيد ..كانت بداية رحلة هيلينا بطيئة ..ولم تلحظ التغييرات إلا بعد فترة سنة من عودتها إلى زوجها ..حيث عاد إليها وزنها الذي فقدته ..ونبت شعرها الذي خسرته ..وأصبح    وجهها أكثر إشراقا وحيوية ..وابتسامتها جذابة وساحرة ..ولا زالت تحتفظ بالحب في قلبها لسامي مثله مثل بقية الأشخاص الذين سامحتهم ..والذين وقفوا في طريق عودتها إلى زوج


ها ..ولم تشمت أبدا في انتقام القدر منهم ..بل أشفقت عليهم وتمنت لهم  الفرج ..


أنتم تتساءلون عن بعض كلام ايكهارت تول ..الذي يعد معلما روحيا ممتازا ..ولكن كل   تعليماته لن تجدي نفعا ..ما لم يقرر الإنسان أن يتغير بنفسه (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)..

أنا بداية التغيير.. أنا الداء والدواء.. أنا مرشد نفسي الأول والأخير ..وبدون الأنا سأكون أنا ..


يقول إيكهارت تول:


‏راقب جسدك من الداخل أشعر به سيتقوى جهاز المناعة ،فكلما امتلأ الجسد بالوعي صارت   المناعة قوية فكأن كل خلية تستيقظ وتبتهج فالجسد يرتاح لانتباهك ‏هل من دليل علمي على ذلك ؟!

حاول أن تقوم بذلك وستكون أنت الدليل ..


 عندما تتعرض لخسارة كبيرة في حياتك تجد نفسك أمام مفترق طرق ، فإما أن تقاوم أو أن تُسلم حيث قد تتملكك المرارة والأسى ، ومن جانب آخر قد تصبح أكثر رقة وحكمة وشغفاً ؛ لأن التسليم يعني   قبولك بما جرى وانفتاحك على خيارات أخرى في الحياة ، بينما المقاومة ليست سوى محاولات الأنا القديمة الزائفة    لتقسية قشرتها وتشبثها بمكانها داخلك. في تلك الآونة لن يكون الكون حليفك ، ولن تقدم لك المساعدة ؛ لأنك أغلقت شبابيك روحك أمام أنوارها .

 أما إذا أعلنت تسليمك ، فسيشرق بعد الوعي الجديد في نفسك لتجد أنك مساند من   كل قوى الوجود الخلاق اللامشروط والمحيط بكل شيء والذي ستصبح جزءا منه بمجرد انفتاحك عليه ، وهنا  سترى الظروف والناس محاولين مساعدتك. سيتعاون معك الجميع. ستحدث معك مصادفات غريبه  في كون لا مصادفة فيه .

                      النهاية

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>