رواية يونس الجزء الخامس5بقلم ياسر عوده


 روايه يونس ( الجزء الخامس)


توقفنا فيما سبق حينما عرف يونس ان ساره استطاعت استدراج حسين لمعرفه قصة يونس ، وشعر يونس بالغضب وحدثها بالامر ثم تركها وذهب بعيد ليجلس بمفرده بمكان مفضل لديه يذهب اليه كما شعر بالحزن .


اخذ يتذكر يونس جميع الاحداث ، كيف كان يحب زهره بنت عمه بكل جوارحه ، كيف كان يحلم باليوم الذى سوف تصبح فيه زهره شريكه حياته ، ولكن كان هذا مجرد حلم لا اكثر ، فبعد الخطوبه كانت زهره دائما شارده الذهب ، لم تكن سعيده بالمره ، وحينما كان يسئلها يونس كانت تدعى انها بخير ولا يوجد شيء ، حتى اقترب يوم كتب الكتاب والزفاف ، كانت الليله السابقه لكتب الكتاب ، كان يونس بغرفته ، جاءه اخوه حازم وكان معه زهره ، بالطبع قلق يونس من قدوم الاثنين معا ، ولكنه لم يهتم للامر كثيرا ، وبداء حازم بالكلام وقال ليونس : انا فى حاجه حابب اقولهالك انا وزهره يا يونس .


يونس : خير يا حازم اتكلم انا سمعك .


حازم : من غير مقدمات ، زهره مابتحبكش ، قصدى مابتحبكش كزوج هى معتبراك اخوها الكبير .


يونس : انت بتقول ايه ، وبعدين انت بتتكلم بلسنها ليه ، ونظر يونس الى زهره وسئلها : الكلام اللى بيقوله حازم دا حقيقى ، هو انتى حقيقى مابتحبنيش ؟


زهره : انا اسفه يا يونس ، انت زى اخويا بالظبط ، طول عمرى شيفاك كدا ، اخ كبير وسند ليا ، بس انا قلبى ملك لحد تانى .


كان الامر مصدم وموجع ليونس بشكل كبير ، فزهره هى حلم حياته وكل ما تمناه ، ولكن فجأه يتبخر ذلك الحلم وينتهى ، رغم انه كان باقى على تحقيق ذلك الحلم مجرد ليله لا اكثر ، كيف لعقل يونس ان يصدق هذا الامر ، ولكن لم يكن يونس رجل عادى بل كان شخص يتمتع بقلب اكبر بكثير من عقله ، وسئل زهره : انتى بتحب مين ؟


نظرت زهره الى حازم ، وهنا كانت الصدمه الثانيه ، فهى دون عن الناس كلها قد احبت اخيه الصغير ، وقال لها يونس : وليه مقولتيش الكلام دا من قبل الخطوبه ، ليه استنيتى الخطوبه وكمان جيه تقولى الكلام دا قبل كتب الكتاب بيوم واحد ، والمفروض انا اعمل ايه دلوقتى ، اتصرف ازاى ؟


زهره : يا يونس انا ابويا متوفى من زمان ، واللى ربانى وصرف عليا كان عمى فاضل ، ازاى لما يقولى اتجوز ابنه الكبير ارفض او اراجع كلمته ، مقدرش طبعا .


يونس : وجيه انتى وحازم علشان اتحمل غلطكم صح ، وانت يا حازم عاوز تقولى ايه انت كمان ، لما رحت تحب حبيبه اخوك .


حازم : انا عارف ان اى كلام هقوله مهوش مبرر لتصرفى ، بس انت عارف يا يونس ان الحب دا مش بأرادتنا ، دى حاجه غصب عننا ، وكل مره احاول اصرحك فيها مقدرش ، بحس انى هكسر قلبك وبتراجع .


يونس : وانت دلوقتى مش هتكسر قلبى ، انت كسرت قلبى وضهر ابوك هيتكس بسبب اللى انت بتقوله دلوقتى ، ابوك عازم القريه كلها ، هنقولهم ايه ، معلش اصل العروسه صحيت لقت نفسها بتحب اخو العريس .


فحاول حازم الكلام ولكن يونس قال له : اخرص مسمعش صوتك ، وهنا بداءت زهره بالبكاء ، ورغم جميع الألم الذى يشعر به يونس بسبب زهره الا انه لم يستطيع تحمل رؤيتها تبكى ، وهنا قال لهم : اسمعو كلامى دا وافهموه كويس ، بكره قبل كتب الكتاب هقول للحاج فاضل انى مش هتجوز زهره ، وهصر على موقفى ، وسعتها حازم هيقترح انه يتجوزها ، وطبعا الحاج فاضل هيوافق علشان الفضايح .


حازم : بس انت كدا هتبقى قدام ابانا السبب ، ومحدش فينا يعرف هيكون رد فعله ايه ؟


يونس : عندك حل تانى ، وبعدين انا الكبير وكلمتى متراجعهاش ، انت تقول حاضر وبس .


حازم : حاضر يا يونس .


فى اليوم التالى ، بعد حضور الجميع ، طلب يونس من ابيه الحاج فاضل ان يتحدث معه هو وزهره وحازم بغرفه بمفردهما ، وبالفعل حدث ذلك وحينها قال يونس للحاج فاضل : يا ابى انا مش عاوز اتجوز زهره .


الحاج فاضل : يعنى ايه مش عاوز تتجوز زهره ، هو دا وقت هزار يا يونس .


يونس : انا بتجلم بجد يا حاج .


انفعل الحاج فاضل بالحظه وضرب ابنه يونس بالكف على وجهه وقال له : انت اكيد اتجننت ، او حصلك حاجه ، قولى ايه اللى حصل ، انا عارف انك بتحب بنت عمتك من وانت عيل صغير ، ازاى اتغيرت فى يوم وليله ، وجاى تقول الكلام دا دلوقتى والناس بره وجين يحضرو كتب الكتاب ، انت سمعت حاجه عن سمعه بنت عمك لا سمح الله .


يونس : لا يا حاج اعوذب بالله ، زهره لحمنا ودمنا وشرفنا ، وهى تربيتك ، بس انا بحبها زى اختى الصغيره مش اكتر .


الحاج فاضل : دلوقتى ، جاى تقول الكلام دا دلوقتى ، اعمل ايه اتصرف ازاى انا .


وهنا تحدث حازم وقال لابيه : انا يا حاج اتجوزها ، زهره بنت عمنا ولحمنا ولازم نحافظ عليها ، انا مستعد اتجوزها يا حج .


بالطبع كان حازم طوق النجاه بالنسبه للحاج فاضل ، وبالطبع تشبث به بشده ، ووافق الحاج فاضل على زواج حازم من زهره ، ولكنه قال ليونس ابنه : انت لسانك ميخطبش لسانى لغايه ما اموت ، هتعيش فى البيت دا زى الخدمين وهتشتغل زيهم ، ممنوع عليك تبعد عن البلد او تسبها ، لازم تفضل على الحال دا طول عمرك .


يونس : كلمتك سيف على رقبتى يا حج .


وهنا تركه الحاج فاضل وتم ما اراده يونس ، تزوجته زهره حبيبته من اخيه التى تحبه ، وظل يونس يعمل بالبيت كالخادم ولا يتحدث اليه ابيه حتى يومنا هذا .


كان كل ذلك ما يتذكره يونس وهو جالس بمفرده بعد ان ذكرته ساره بفضولها بم حدث معه وكان يتناساه عمدا حتى لا يتم فتح الجروح القديمه .


بينما كان يونس جالس فاذا بساره تضع يداها على كتف يونس وتقول له : انا اسفه جدا يا يونس ، انت عندك حق ، انا حشريه معلش ، بتدخل فى اللى مليش فى ، واوعدك انى من النهارده مش هحاول اعرف حاجه عنك او عن قصه حياتك ، بس لو سمحت سامحنى .


يونس : حصل خير يا باش مهندسه ، انا خلاص مش زعلان ، بس انتى عرفتى مكانى دا ازاى ، محدش يعرف انى باجى هنا غير انا و .....  ثم قال يونس نسيت ان المغفل حسين عارف المكان ، طبعا هو اللى عرفك المكان دا صح .


تبسمت ساره وقالت : بصراحه اه ، اعمل ايه لما حسيت ان انا غلطانه حبيت اتاسفلك ، بس ملقتكش خالص ، فرحت لحسين ويادوب بقوله يا حسونه ، راح قايل كل حاجه ، مش عارفه هو خفيف كدا ليه ، اومال لو مسكت ايده هيحصله ايه .


ضحك يونس وقال : احتمال سعتها يغمى عليه ، اعمل ايه صحبى ومقدرش ابعد عنه ، هو اهبل شويه بس قلبه ابيض من الحليب ، بقوليك ايه يا ساره ، ماتفكرى فى حسين .


ساره : مش فاهمه افكر فى ازاى يعنى .


يونس : تتجوزيه .


ساره : اتلم يا يونس بدل ما اخبطك بحاجه ، انا لسه مصلحاك ، حسين دا تجوزه لاى معزه عندكم فى البلد ، يعنى اصوم اصوم وافطر على حسين .


وبينما يتحدث يونس وساره قد حضر حسين وهو ينادى على يونس فقال له يونس : والله انت ابن حلال يا حسين كنت لسه بنشكر فيك انا وساره ، دى حتى ساره كانت لسه بتعترف بانها معجبه بيك .


فقالت ساره بسرعه : متهزرش يا يونس كتك نيله .


لم يكن حسين ينتبه لكلام يونس وساره ، فكان لديه خبر يريد نقله ليونس بسرعه ، وقاطع حسين حديث يونس وساره وقال ليونس : الحق يا يونس ابوك تعبان اوى .


انتفض يونس من مكانه مسرعا وهو يقول لحسين : ماله ابويا يا حسين .


حسين : حازم بعتنى اشوفك ابوك تعبان اوى يا يونس ، وابوك عاوز يشوفك بسرعه .


اخذ يونس يجرى بسرعه شديده تارك ساره خلفه وحسين ، فابيه الحاج فاضل لم يتحدث معه منذ زمن ، ولم يطلب لقاءه ابدا منذ ذلك الوقت ، وعندما طلبه الان كان دليل على انه فعلا مريض بشكل شديد .


كان يونس يجرى باقصى طاقه له ، واخيرا اقترب من منزله ، وقبل ان يدخل سمع صوت صراخ وبكاء وحينها عرف ان الحاج فاضل قد مات .

                    الجزء السادس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>