رواية من أنت
الفصل العشرون
لم أعتب على سماهر وكلماتها السامة ..فهي مغتاظة جدا من طريقة تعاملي مع لمى ..وفضلت الإنسحاب لأنها وبرغم كل خبثها إلا أنها تفهم طبعي ..ولا يخفى عليها تعلقي بلمى ..وهي لا تحب خوض المعارك الخاسرة ..أرجو أن تكون قد خطبت فعلا ..
فتحت باب المكتب بعد مغادرة سماهر ..ووجدت لمى أمامي ..هاه يا له من صباح رائع.. وقلت لها بحماس :هاه كيف حالك اليوم ؟
-بخير شكرا لك !!لقد غادرت سماهر أليس كذلك ..؟
-نعم !
-لم تركتها تفعل ذلك ؟
-إنه قرارها وأنا أحترمه ..
-وهل ستحترم قراري لو أخبرتك أنني أريد الرحيل أيضا ..
توجم وجهي بعد تلك الكلمات ..وأدرته إلى الناحية الأخرى حتى لا تلحظ ذلك ..ثم قلت بصوت مخنوق: هل أنت متضايقة من وجودك هنا ؟
-الأمر ليس كذلك ..لكن ..
ثم صمتت وتركتني لحيرتي ..وكررت جملتها: لكن ماذا ؟!!
-لدي مشاكلي الخاصة ..لا أريد أن أوجع رأسك بها !!
-لمى!!!! أنت خاصتي ..كفاك كلاما بهذه الطريقة ..
-راشد خيرني البارحة إما زواجنا او ابننا ..لقد صرح بذلك بكل وقاحة ..
لم أعرف حينها إن كان الوقت مناسبا لأعترف لها بمشاعري ..كانت في حالة نفسية صعبة ..ولا أريد أن أنقلها إلى المشفى مجددا ..
ولكني لمّحت لها أنني إلى جانبها دوما ..ها هو هاتفي يرن الآن ..وأخبرت لمى أن المتصل هو فادي :ألو ..
-ألو ..
-صديقي حامد ..أنا لا أريد راشد أن يكون أبا لي ..فهل تقبل أن تكون مكانه ؟
لقد فاجأني فادي بتصريحه ذاك وأسعدني أيضا ..ابتسمت ابتسامة خبيثة بما أن لمى كانت تنظر إلي لتستشف ما يريده ابنها ..وأجبت الصغير :أتوق لذلك أيها البطل ..
-وااااو يعني أنك ستأخذني إلى مدينة الملاهي اليوم ؟؟
-أيها المحتال ألهذا طلبت مني ذاك الطلب ..
-لا بل أنا أشعر أنك كذلك ..
-حسنا ..إن وافقت والدتك فليس لدي أي مانع ..
-ما رأيك أن نأخذها معنا ؟
-أيضا إن وافقت فلا مانع عندي ..ولكن بعد الظهر ريثما أنتهي من عملي اتفقنا ..
كانت لمى تراقبني ..وانتظرتني ريثما أقفلت الهاتف. وسألتني بعيونها ماذا يريد فلذة كبدي ؟؟
صمت قليلا لأشغل بالها ..فأنا أحب وجهها المتفاجئ ..وأريد أن أتمتع بتلك النظرة ..ولكنها سرعان ما نغصت علي متعتي وقالت لي :ماذا يريد فادي منك ..؟
-يريد ثلاثة أمور ..لن أخبرك بالأمر الأول ..أما الثاني فهو يريد الذهاب إلى مدينة الملاهي ..والثالث يتمنى أن ترافقينا ..
-أها ..يا لهذا الصغير ..لقد أحبك فعلا فهو ليس من عادته التطفل على الغرباء..
*************************************
لا أعلم كيف خرجت مني كلمة الغرباء.. وقد آذت حامد كثيرا على ما يبدو وبدا ذلك واضحا على تقاسيم وجهه ..ولقلقة لسانه :الغرباء!!
-أنا آسفة لم أقصد هذا ..ولكني أظن أنه يربكك بطلباته ..الأمس ومنذ أيام ..واليوم ..وأريد معرفة طلبه الأول أيضا ..
-هذا سر بيننا ..وهو لا يربكني بأي شيئ ..أنا سعيد بهذا الصديق الجديد الذكي الظريف ..وما هو رأيك هل تذهبين معنا ؟؟
-هل يجوز هذا؟
-وهل حرمه الله ..أعطني فتوى تحرم ذلك ؟؟
-ليس هذا ما أقصده ..ولكني فعلا خجلة منك ..
-لمى ..لمى...هل قتلت أحاسيسك ؟
-لم أفهم ..ماذا تعني ..
-ألا تشعرين بأحد؟؟
رباه سؤاله يحمل الكثير من المعاني ..والبارحة لا أعلم إن ناداني بقلبي في المشفى ..أم كانت هلوساتي بما أنه قلبي ..وأكبر سلاح يستخدمه الحائرون المدلعون هي كلمة ماذا تعني… لذلك قلت له مجددا: ماذا تقصد ؟
-ممممم يعني إن أحبك أحدهم ..ألا تلاحظين مشاعره ..
-ليس دائما!!!
فاحمر وجهه ..لا أدري إن كان غضبا مما قلته أنا ..أو خجلا مما سيقوله هو ..وتغيرت ملامحه ..واختنق صوته ..ثم أدار ظهره ..ووضع يده في جيبه وأخرج علبة السجائر ...وسمعت صوت الولاعة ..واستنشقت عطر سيجارته ..وتحسست ذلك النفس جيدا إلى أن نطق جوهر الكلام :أنا أحبك يا لمى !!
مهلا مهلا ..هل قال أحبك ..أم يخيل إلي ..ما أجملها من كلمة ..نطقت بها شفاهه ..وأطربت أذنيّ ..وتعمقت روحي ..وزادت من نبضات قلبي ..وأوقفت لساني عن النطق ..ثم نظرت أرضا لأداري خجلي ..وأحب هو أن يتحسس وقع تلك الكلمة علي بما أنني التزمت بالصمت.. فأدار وجهه مقابلا لي ..والعبوس يغطي جبينه.. وقال: أنا آسف إن أزعجتك كلمتي ..ولكن هذا ما أشعر به حقا...في المرة الأولى التي رأيتك فيها سلبت تفكيري ..وبعد أن أدمنتك في مكتبي سلبت قلبي ..وسأحكم عليك أن تبقى إلى جانبي مؤبدا ..
وارتسمت على وجهي ابتسامة صغيرة ..ثم رفعت رأسي وقلت له: مع الأسف أنا أكن لك مشاعر خاصة أيضا !!
-مع الأسف !!
-لأن هذا ليس وقته ..الظروف والأشخاص غير مناسبين..
-الحب لا يعرف تلك الخزعبلات ..هو يدخل قلبنا دون استئذان ..ويرفض الرحيل ..إنه جميل في جميع الأوقات والظروف ..
-هل فهمت لماذا أريد الرحيل ؟؟كي أنساك ..حتى لا أؤذي نفسي ..
-ولماذا تفعلين ذلك يا لمى ..دعينا نتمتع بالحب الطاهر الآن ..وليحصل ما يحصل ..
لا أعلم كيف مضى الوقت بطيئا في ذلك اليوم ..حتى عدت إلى المنزل ..وجهزت نفسي
وفادي حتى نذهب إلى مدينة الملاهي برفقة حبيبي.. وعندما رأتني عبير مشرقة الوجه ..قالت لي بخبث: هل اعترف لك بحبه اليوم ؟؟
-من تقصدين ؟
-العاشق الولهان حامد ..
-نعم ..لكن لماذا أنت غاضبة ؟
-لا شيئ!! لقد أخبرتك سابقا أنني معجبة به ..ومن بين رجال العالم كلهم لم تختاري إلا الرجل الذي أحبته أختك كم أنت امرأة أنانية !!
