رواية من انت الفصل الخامس5 بقلم ليلي مظلوم


 رواية من أنت 


الفصل الخامس



فأجابني باستفزاز وقد أخفى ضحكته ..نعم أنا رأيته يبتسم  ثم تظاهر بالهدوء واللامبالاة :زر الإتصال !!


وازدادت نار عصبيتي استعارا بموقدة تصرفاته الغير مفهومة ..وآليت على نفسي أن أتحدث بشكل لبق ..فهو اليوم الأول لي ولابأس سأعتاد عليه بعد فترة وإن فهمت تصرفاته سأتصرف على هذا الأساس ..ما أغباني لو كنت أحسن التصرف لما تركني زوجي الذي لا أعرف عنه شيئا ..وأجبت السيد حامد :حسنا...والآن ؟!!!


-الآن؟؟!!


-أقصد أي مستند تريد ؟؟


حدق بي للحظات وسبح في عيوني ..ولمحت في عينيه بريق الشفقة ..أم عساني أتوهم ..فأنا لست خبيرة بلغة العيون ..إلا أن إحساسي تدخل ليقول شفقة ..وعقلي أصر على أنه غضب...


ها هو يزم شفتيه ويقبض على يده وكأنه يريد التهامي. .إذاً فعقلي من كان محقا.. ولا أعرف من أين امتلكت القوة في تلك الأثناء حتى حملت الملف بين  يدي ..ونثرت كل أوراقه إلى جانب بعضها البعض بشكل مرتب وكأنهم صف من العسكر ..وقلت له: ليس عليك إلا أن تحرك نظرك وتحصل على الورقة التي تبتغيها وبكل سهولة ..


فابتسم بخبث ..ووقف بإباء وهو يشعل سيجارته بلا مبالاة ..وحرر نفسه من وراء المكتب ..ثم تقدم مني بخطوات واثقة ..ولكني لم أبرح مكاني ..وهمس في أذني :وضبيها كلها كما كانت ..وأنا سأعود بعد ساعتين ..


ثم تنهد وتمتم :هذا اليوم يفتقد مكتبي إلى الزهور ..أين أنت يا سماهر ..؟؟


وخرج من الغرفة أمامي وشعرت أني أريد التهامه ولوكه بين أسناني كوحش كاسر ..يا لخبثه !!


اقتربت من الاوراق ووضبتها ورقة ورقة ..ولم أعرف كيف مضى الوقت حتى انتهى الدوام ..وخرجت من الشركة وتنفست الصعداء.. ثم استقليت إحدى الحافلات ورحت أرقب الطريق فتارة أنظر إلى الشارع وأخرى إلى السماء وأنا أفكر كيف سأتعامل مع هذا الرجل  الغريب المتناقض ..وهل سأكمل هذه السنة على خير ما يرام ..لأنه وبكل تأكيد لن أجدد العقد...وسأبحث عن عمل في مكان آخر خلال تلك المدة ..وبالطبع لا أستطيع ترك العملية ..فقد مضيت على ذلي بأصابعي هذه ..

********************

لا  أعلم لماذا لم تغادر البسمة شفتي خلال هذا اليوم ..لقد أفرحتني نشوة الانتقام ..ويبدو أني سأمضي وقتا ممتعا خلال الأيام القادمة ..وقد أفسخ العقد معها.. عندما أمل من وجودها ..لا أنكر أدبها وذكاءها وظرافتها وجمالها ..ولكنها تخفي حزنا عميقا داخلها فأنا أدرك تلك النظرة جيدا . .


لا بد أن أتبعها لأعرف منزلها ..وبالفعل فقد لحقت بالحافلة ..ولكني لم أترك لها مجالا لتنتبه إلي ..كنت طوال الطريق أتساءل :لماذا يا حامد أنت مهتم لتعرف  مكان سكنها ..ماذا ستستفيد من هذا؟؟ولكني لم أجد جوابا ..وعندما وصلت إلى منزلها ركنت سيارتي بعيدا عنها   حتى لا تلحظ وجودي ..المنزل يبدو متوسط الحال من الخارج ..ويمكنك أن ترى المدخل من خلال البوابة الرئيسية ..وقد لاقاها طفل يبدو في الثالثة أو الرابعة من العمر ...بالتأكيد هذا ابنها ..ولكن أين هو زوجها ..؟؟هذا الوقت ينتهي فيه دوام العمل الرسمي ..سأنتظر قليلا عله يأتي الآن ..


انتظرت نصف ساعة تقريبا كالأبله ..حتى لفحتني الشمس بأشعتها القوية ..ولا من أحد قد خرج أو دخل ..ثم رن هاتفي وكانت المتصلة أمي تستعجلني من أجل الغداء.. يا لغباوتي ..لقد نسيت المواعيد الرسمية   في منزلنا ..ألا يحق لي بخرق القانون ولو لمرة واحدة في العمر ..فقلت لأمي بأني  قادم فورا ..وتوجهت نحو المنزل. .ورأيت القلق في عيون الحضور :أمي وأبي وأخي رائف وأختى علا ..التي قالت بامتعاض: عصافير بطني تزقزق من الجوع يا أخى ..لم تأخرت ؟


-لا شيئ.. كنت أتجول في الشارع فقط ..لقد شعرت بالملل.. 


-حامد !!هناك أمر علينا التحدث به بعد الإنتهاء من الطعام ..


-حسنا ..


انتهينا من الغداء وكنت أتوقع بما ستحدثني به أختي علا لا بد أن سماهر تحدثت معها اليوم فهي تقربت منها لتتقرب مني ..لا أعرف لماذا النساء يدخلن الوساطة في مشاعرهن ..والرجل يكره هذا كثيرا ..لدرجة أنه  قد ينفر بدل أن ينجذب ..أو ربما أنا من هذا النوع من الرجال ..أو ربما سماهر لم تأخذ مساحة من قلبي على عكس ما كنت أظن.!!


جلست في الصالة منتظرا علا التي أحضرت كوبين من الشاي ..ونظرت إلي مبتسمة وكأنها تمسك عليّ تهمة ما ثم قالت بعد أن قبّلت جبهتي :

-أخي… أنا أوقن أنك تعرف الحديث الذي سنتحدث عنه أليس كذلك؟


-ربما! 


-يعني هناك احتمال كبير لهذا !!


-علا!!! أوجزي كلامك ماذا هناك ..


-مممم أتحدث بشأن سكرتيرتك الخاصة !!


-هل شكتك إلي؟؟يا إلهي متى استطاعت أن تفعل ذلك؟؟


-لا ..الأمر ليس كذلك !!فلمى لا تعرف حتى أنني أختك !!


وما إن سمعت باسم لمى حتى ارتعدت فرائصي ..وقلت بتجاهل محاولا إخفاء ما ينتابني من الفضول: لمى؟؟وهل تعرفينها؟؟ظننتك تتحدثين عن سماهر !


-سماهر فتاة جديرة بهذا المنصب أوقن هذا وقد ظلمتها بنقلها إلى مكان آخر ..وعلى فكرة لمى تصلح لمكان آخر أيضا ..لا أعلم كيف رتبت الأمور بهذه العشوائية ؟؟!!


فتأففت منها أنا أريدها أن تتحدث عن لمى وهي تعطيني دروسا في


الإقتصاد وتدافع عن سماهر ..فعدلت من جلستي وقلت لها :العشوائية مطلوبة أحيانا ..ثم إن لمى لم نعرف عنها شيئا ..أقصد أنها داومت يوما واحدا فلا نستطيع إصدار الحكم تجاه عملها أليس كذلك ؟

-بلى !!

وهنا تساءلت وكأني قلق على مجريات العمل :من أين تعرفين لمى ؟؟

                     الفصل السادس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>