رواية من أنت
الفصل السابع
حدق بي للحظات ..ثم قال :لا أعتقد أن دموع التماسيح ستشفع لك بعدم الذهاب ..ومن ناحية أخرى إن ناديتك ولم تجيبيني فإني سأعاقبك عقابا شديدا هل فهمت؟؟
قلت باستسلام :فهمت ..ماذا تريد مني ؟
-لا شيئ ..أريد أن أكحل ناظري برؤيتك فقط.. هل لديك مانع ؟
-لا داعي للسخرية سيد حامد ..وإن كنت تكره رؤيتي لهذه الدرجة ..فأبعدني من هنا ..أنت قادر على ذلك بكبسة زر ..فلا تعذبني وتعذب نفسك ..
فاقترب مني ..ثم نظر إلي محدقا بوجهي .قال بسخرية: ما رأيك أن تجلسي وراء مكتبي وتصدرين الأوامر ست لمى ؟
فانفجرت باكية وأنا لا أعرف السبب ..أهو كلام حامد أم كلام طليقي.. كل الذي وددت فعله في ذلك الوقت هو البكاء والبكاء فقط ..فأبعد حامد وجهه عن وجهي ..ثم قدم إلي منديلا كان موجودا في جييه وقال بحزم :امسحي دموعك ..لا شيئ يستحق الحزن ..
ودخل إلى مكتبه تاركا إياي في تخبطي.. لدي مهمتان صعبتان ..إخبار أهلي بطلاقي ..وإخبار أمي بخروجي من المنزل ليلا بداعي العمل ..
مرت بضع ساعات لم يناديني خلالها حامد.. ولكنه خرج من جحره ليقول لي :سأمر لآخذك معي الليلة الساعة الثامنة. لا تنسي ذلك!
-ولكن هل تعرف منزلي ؟؟!
لم يجبني وأكمل طريقي متجاهلا سؤالي ..وعدت إلى البيت بوجه شاحب ..استقبلني ابني بابتسامته المعهودة ..وأختي بكلماتها الحانية...وأمي بدعائها الدائم ..فقلت باستسلام :أنا متعبة ..أرجو ألا يزعجني أي أحد ..
ثم نظرت إلى أمي :وأرجو ألا يزعجك ما سأقوله..
-ماذا هناك ياابنتي ؟؟
وذهبت إلى غرفتي ولحقت بي أمي ..وأشرت إلى عبير بعدم السماح لولدي بالدخول ..وقلت بصوت جهوري حزين: لا أريد أن أبدأك بالمقدمات ..أنا تطلقت وانتهى الأمر ..لقد تزوج المصون بامرأة أخرى ..ولن تسوى الأمور بيننا ..وبعد أسبوع سيأتي ليأخذ ابننا معه ليراه لأنه مشتاق إليه ..
لم تتفاجا أمي من الخبر وقالت بقلب الحزين :كنت أشعر بهذا ..وهل تظنين أنني بلا مشاعر ..
-وهناك أمر آخر… الليلة سأذهب مع مديري بداعي العمل ..وبما أن طلاقي سيعلن علي أن أعمل بنشاط . وأحافظ على عملي .فلا تغضبي مني ..
صمتت أمي ولم ترد جوابا ..وكنت أدرك جيدا أن الأمر لا يروقها ..ولا حزني يروقها أيضا ..لذلك تركتني دون أن تنبس بشفة ..
**********************-************
كنت أنظر إلى الساعة بفارغ الصبر ..ولكن عقاربها لسعتني عشرات المرات ..فسرى سم الانتظار في جسدي ..كنت متشوقا لهذه السهرة كثيرا ..وقد أصريت على حضور لمى مع أني لست بحاجة إليها ..ولكني شعرت برغبة. عميقة لرؤية وجهها ليلا ..أتراها تنافس البدر بجماله ..أم تكفي الميدالية التي أخذتها مقابل الشمس نهارا ...اليوم عندما رأيتها تبكي ..وددت لو أستطيع احتضانها ..وددت لو أوقف الزمن ونكون سوية أنا وهي فقط ..لقد حرقت قلبي بدموعها ..وحرقت كرامتها بكلماتي ..إنني منزعج من وجودها الدائم.. وقربها الذي لم أستطيع مقاومته ..ليتها ليست متزوجة ..فربما كان الأمر أهون ..وحاولت كثيرا أن أسرق منها الكلمات المعسولة ..ولكنها كانت تفر في كل مرة فرار المقدس ..فلا أستطيع مسها ..وكما قال لي صديقي يوما :إنها ليست كباقي الفتيات… معه حق ..إنها ليست مثلهن في شيئ بالنسبة إلي ..أكن لها احتراما داخليا ..واستفزازات خارجية لأنني مولع بردات فعلها ..ولكن زوجها الحاجز بيننا بدد أي حلم في التفكير بها حتى ..ولما وجدت الوقت مناسبا للذهاب ..انهمر العطر على ثيابي ..وطبعا ارتديت ثيابا من نوع خاص هذه المرة..وأصبحت كعريس يزف إلى زوجته ..وعندما هممت بالخروج سمعت صفيرا مدويا ..إنها أختى علا المشاكسة ..وبعد أن أكملت صفيرها قالت :اووووه تبدو بأبهى حلة ستأسر قلوب الفتيات في الحفلة ..هل ستصحب إحداهن معك ..
فقلت بخبث :لمى!!
-صحيح ..حسنا ..إن كنت ستصحبها من المنزل ما رأيك أن تأخذني معك وتكون مفاجأة لعبير ..إني أشتاق لها كثيرا ..
فكرت مليا في الأمر ..ثم هززت رأسي موافقا ..وبدأت علا تتحدث طوال الطريق عن مغامراتها في الجامعة هي وعبير وكم تحبها وكل تلك الأمور ..حتى وصلنا ..وقالت علا فجأة :ولكن من أين تعرف المنزل ..هذه ليست المرة الأولى التي تأتي بها إلى هنا وهذا يعني أن عبير تعرفك شخصيا ..
-هلا أوقفت أسئلتك المملة ..انظري ها هي لمى قادمة ...
وعندما اقتربت لمى من السيارة ..نظرت إلى علا باستغراب ..ووددت لو أنه شعور الغيرة… ثم قالت بابتسامة بريئة: سلام…
قالت علا: سلاممم ..أنا أخت الصبي المشاكس وصديقة عبير ..أحببت أن أفاجئها بمجيئي ..
وهنا شعرت أن لمى تنفست الصعداء وقالت بحنو: أهلا أهلا تفضلي… إنها في الداخل ..
كان الوقت ظلاما ..لذلك لم أحدد ملامح لمى جيدا ..ولكني عندما سمعت نبرة صوتها شعرت بحزن عميق يحتل كيانها ..حتى أنها بقيت طوال الطريق ٧ صامتة على عكس علا ..وأحببت أن أكسر الروتين فأشغلت المذياع ..وأنا نبضات قلبي تتسارع وخشيت أن تسمعني ..لم أنظر إلى الجانب الذي تجلس به أبدا ..وعندما وصلنا… ونزلت لمى من السيارة ..تفاجأت بطريقة ل
باسها وترتيب شعرها ..كانت ترتدي فستانا أسود يعلو الركبة قليلا ..وقد صففت شعرها بطريقة جذابة جدا ..وزينت وجهها ببعض مساحيق التجميل ..وارتدت كعبا زاد من أنوثتها وسحر طلتها ..تلاقت عيوننا للحظات ورأيت الدموع تكاد تخرج من عينيها ..ألهذه الدرجة ضغطت على نفسها حتى تأتي إلى هنا ..ووجدتني أقول لها بقسوة فجأة: هل تظنين أنك آتية إلى حفل زفاف ..ما هذا الذي فعلتيه بنفسك… ؟؟
