رواية من انت الفصل الثانى عشر12 بقلم ليلي مظلوم


 روايةمن انت 


الفصل الثانى عشر


انتهى الدوام ببطء شديد ..وليس هناك سكرتيرة لتدير شؤون العمل الخارجي ..حبيبتي لمى غاضبة لا أعلم لماذا ..وخطر إلى بالي أنها متمسكة بالعمل  معي ..لذلك غضبت وذكرت اسم سماهر ..ولكني سرعان ما طردت هذا الخاطر ..لأنها ليست كذلك بالطبع ..فهي كانت  تعد الأيام يوما يوما حتى ترتاح من رؤيتي ..وسأعتبر ليلة البارحة ذكرى جميلة بيننا ..لم تحتوِ إلا على مشاعر نبيلة وخافتة ومخفية ..وأحمد الله أني لم أصرخ وأذهب بها بعيدا عندما كنا على الشاطئ وأقول لها :من أنت ؟؟أنت لي أنا وحدي ..لأنها بالطبع كانت ستبكي وتلعن وتشتم وتهاجم ..وأنا لست من النوع  الذي يشحذ مشاعر الآخرين حتى لو كنت أقدسهم ..حتى لو كنت أنت يا لمى… لن أضعف أمامك ..لا وألف لا ..خاصة أنك تصبين جام اهتمامك لزوجك المعتوه الذي كرهته حتى قبل أن أتعرف إليه لأنه أخذك مني ..أخذ ضحكاتك الجميلة ..اهتماماتك الزوجية ..وكل ما كان يجب أن يخصني معك ..إنه سارق حقير ..أكرهه من كل قلبي…


عدت إلى المنزل ووجهي شاحب حزين ..ولاقتني أختى علا إلى الخارج وهي تقول :حامممممد لماذا أنت هنا ؟؟بكل الأحوال جيد أنك أتيت !


-ماذا هناك يا علا ..وأين يجب أن أكون ..؟؟


-يبدو أنك لم تعلم بعد ..لقد توفيت والدة لمى منذ نصف ساعة ..وقد اتصلت عبير مرارا بأختها لتخبرها الخبر المؤسف ..وحظيت بها بعد جهد جهيد… ظننتها في المكتب معك ..هل نتغدى ونذهب إلى هناك سوية ..


فكرت مليا بالأمر ..هل هذا يعني أن لمى حزينة لوفاة أمها ..ولكن لا لم تكن تعلم بالأمر بعد ..ومجرد خروجها مع عدنان هذا يعني أن الموضوع يخصها  وحدها ..ولكن بكل الأحوال لا مانع من الوقوف إلى جانبها في هذا الموقف الصعب ..صبّر الله قلبها ورحم أمها ..قلت لعلا: حسنا ..

*************************************


كنت أجلس مع عدنان ..وأخبرته بقصتي وأنني خائفة من أن يسلبني اللئيم فلذة كبدي ..وكنت قد أغلقت الهاتف ..حتى لا يشغلني شيئ عن المحادثة ..وطمأنني عدنان أنه لا يحق له بأخذ ولده ..وأنه لن يطالب به بعدما تركه طوال تلك المدة ..والأمر محصور فقط بوجوده في لبنان ..وأنه نفسه لن يسمح له بذلك ..ولديه طرقه الخاصة ..


مسحت دموعي وشكرت عدنان لأنه موجود في حياتي ..ثم فتحت هاتفي لأجد عبير قد اتصلت بي مرارا ..شعرت بالقلق ..أيعقل أن ولدي أصابه مكروه ..فاتصلت بها مباشرة لتقول لي وهي باكية :لقد ماتت أمي يا لمى ..أنا منهارة تعالي بسرعة ..


ماذا ؟؟؟؟إن كانت هي منهارة فما حالي أنا ..لقد حرصت على عدم إغضاب والدتي طوال عمري لأنها الأقدس بالنسبة إلي ..حتى أنني أحبها أكثر من الله نفسه ..ولا أدري إن كنت سأحبه بعدما حرمني منها ..أأدعي   الصبر وأقول :إنا لله وإنا إليه راجعون !!أم أصرخ بأعلى صوتي وأعاتب الإله متمردة على قضائه ..من أين له أن يعرف حرقة قلبي وهو ليس لديه أم مثلي ..أستغفر الله ما الذي أهذي به الآن ..ليتني لم أخبرها بأمر طلاقي البارحة لكانت ماتت مرتاحة ..أميييييييي وما أجمله من نداء ..وما أقواه من سند ..أمي ..كيف سأعيش بعدك يا نور عيوني ..يا من حملتني   في الصيف والشتاء وكل الفصول ..وتعبت من أجلي ..كان خبرا صادما ..لدرجة أنني لم أستطع ذرف دموعي ..وأبت إلا أن تبقى حبيسة عيناي ..وتوجهت أنا وعدنان مباشرة إلى المنزل ..تبا لهذا الطريق لماذا يطول ويقصر حسب هواه ..هيا هيا… فربما يكون الخبر كذبا ..ولكن اليوم ليس اليوم الأول من شهر نيسان.. 


وصلت إلى المنزل ..وقفزت من السيارة بسرعة البرق ..وكأن طائرة أقلتني من الشارع إلى المنزل ..لأجد الجموع متحلقة حول أختى وتحاول تهدئتها ..قلت بصوت مخنوق وبذهول تام كأن يوم القيامة قد أتى بأناسه المذهولين الضائعين ..:ماذا حصل؟؟


وقد ميزت عبير صوتي بين أصوات الجموع ..وقفزت من مكانها واحتضنتني والدموع تهطل من عينيها ...وقالت بصوت متحشرج متقطع: ذهبت لأوقظها لصلاة الظهر 🕛..وناديتها مرارا ..ومرارا ..ثم اقتربت منها لأجدها جثة هامدة أمامي ..مااااتت أمي ..ماتت أمناااا ..


لم أعلق على هذا الكلام ..ولا زالت دموعي مسجونة ..فمتى أطلق لها العنان ..وبدأت  كلمات التعازي تهب علي من كل حدب وصوب ..حتى شعرت بأحدهم يمسك بطرف ثوبي ويقول :أين جدتي ..هل حقا ماتت ..؟


إنه طفلي وأملي في هذه الحياة ..أمسكته بيداي المرتجفتين ..ووضعته في حجري وقلت بصبر :جدتك في الجنة !!


-الجنة؟؟إن كان كذلك فلماذا يبكي الجميع ..عليهم أن يفرحوا لها ..


-نبكي لنار الفراق يا ولدي ..


-أريد أن أذهب إلى الجنة أنا أيضا ..


فهمست لنفسي :وما يضمن لنا وجود الجنان !!لقد ذقت طعم النار مرارا وتكرارا ..واعتاد جسدي عليها ..لقد أصبحنا صديقتين ولن أخونها وأذهب  إلى الجنة المزعومة ..أمي ماتت وانتهى الأمر لا لقاء لنا بعد هذا ..لا في الجنة ولا في النار ..بل سأبقى في نار 🔥 الدنيا أتحسر على فراقها ..


بعد ساعتين كانت الجثة قد دفنت ووضعت تحت التراب ..ولم أنتبه أن الأرض حنونة وتحب  ساكنيها إلا بعدما احتضنت جثة أمي ..وتقبلتها بكل ما


فيها من سيئات وإيجابيات .


.أمي ..فليرحمك الإله ..ولتحملك الملائكة إلى عرش الرحمان ...


الغارق ببحر حزنه ويودع وداع الموت لا يسعه إلا الاستئناس بالماورائيات ..وليتك تذهبين  إلى الإله حقا ويكون لنا موعد آخر يا عمري وفرحة سنيني ..


انتهت المراسم وعدنا إلى المنزل برفقة بعض الاقارب والجيران ومن ضمنهم أقارب طليقي  الذين خجلوا من النظر إلي بعد فعلة ابنهم ..وفجأة دخل حامد مرتديا السواد برفقة أخته وتوجهت الأنظار إليه ..

                  الفصل الثالث عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

تعليقات



<>