روايةمن أنت
الفصل الرابع والعشرون
-إن كان الأمر كذلك لماذا أخبرت لمى بحبك ..الحب ليس للجبناء ..أليس هذا ما تحدثنا به سابقا ..هل تعلم أن لمى تشاجرت مع أختها بسببك ..وحاولتُ تهدئة عبير عبر الهاتف ..إلا أن المسكينة تظن نفسها أنها تحبك ..ولكنها لا تفهم ذاتها ..لقد أحبت أستاذنا في الجامعة أيضا ..عبير تبحث عن أب وليس عن حبيب ..إنه لا تحب الشباب القريبين من عمرها ..ويبدو أن لمى لا تدرك هذا ..فهي ستنساك بعد أسبوع أنا متأكدة من ذلك ..وربما اليوم !
-علا ..اذهبي وجهزي نفسك ولا تقلقي بشأني ..وأنا سأسمع نصيحتك وأحاول التحدث مع أهلي بهذا الشأن ..ولكن لمى قد تعود لزوجها ..هذا ما أخشاه ..فإن عادت إليه لا داعي لأن أخبر أهلك بأي شيئ لأنه سيكون بلا معنى ..
-ألن توقّف لمى عن قرارها ؟؟..قد تعود إليه مرغمة من أجل فادي ..وهو سيستغل هذا الأمر ..ولكن إن شعرت بحبك الحقيقي ستتغير الظروف ..
قالت عزيزتي كلماتها ..ثم طبعت على جبيني قبلة حنونة ..وخرجت من الغرفة ..تاركة إياي أغرق في بحر تفكيري ..وأخيرا قررت قراري ..لا بد من التحدث إلى لمى ..أرجو أن ألحق بها قبل أن تعطي جوابها لراشد.. فحملت هاتفي واتصلت بها مرارا ..لكنها لم تجبني ..تبا للهواتف لماذا تم اختراعها ..أليس لمثل هذه المواقف !!!أجيبي يا لمى أرجوك ولا تدمريني…
فتسارعت أنفاسي غضبا ..ماذا أفعل الآن يا إلهي ..ماذا أفعل أخبرني ..هل أقول كما يفعل المستسلمون: الدنيا نصيب ..أم أحارب من أجل نصيبي ..
ارتديت ملابسي ..ثم خرجت من المنزل مسرعا ..وكلمات علا ترن في أذني ..الحب ليس للجبناء.. وتوجهت إلى منزل لمى ..وكل الطريق أفكر بما يجب أن أفعله ..وعند وصولي ..رأيت سيارة غريبة مركونة إلى جانب بيتهم ..لا بد وأنه راشد...ركنت سيارتي ..ونزلت منها وكلي أمل أن لا يكون الأوان قد فات ..طرقت الباب بيدين مرتجفتين ..وقلب ضعيف ..وعقل مشتت ..إلى أن فتح لي فادي ..ولكم كانت فرحته عامرة عندما رآني ..حيث احتضنني بقوة. .وبعدها أفلت مني وهرع إلى لمى التي كانت جالسة في الصالة ولم تنتبه لوجودي ..وبمجرد أن سمعت باسمي من فادي حتى وقفت مذعورة ..وتقدمت نحوي بخطوات سريعة ..
*************************************
كنت جالسة في الصالة ..أتحدث إلى عريس أختي المفاجئ.. إنه أستاذها في الجامعة ..وكان يشرح لي ظروفه المادية والإجتماعية ..حيث أتى فادي فجأة وأخبرني أن والده في الخارج ..فقلت له :راشد ؟؟لقد سافر اليوم غريب !!
أجابني الصغير :لا بل بابا حامد ..
أي قشعريرة أصابتني في ذلك الوقت ..وتوجهت إليه مسرعة أريد توبيخه ..أريد ضربه ..ولكني تمالكت أعصابي وقلت له بطريقة جدية :نعم أستاذ حامد تفضل ..
-لمى ..أنا سأتزوج بك فلا تعودي لذلك الأبله ..وإلا لدخلت الآن إليه وأبرحته ضربا ..
اوووه لقد غار الحبيب المزعوم ظنا منه أن راشد في الداخل ..فأمسكت ساعده ..وقلت له بصوت منخفض :فلنتحدث هنا ..ماذا تريد مني ؟؟
-أريد أن أتزوج بك ..وليحصل ما يحصل ..
-لم أفهم ماذا تعني ب وليحصل ما يحصل ..
-لن أسمح أن تضيعي مني… سأتزوجك رغما عن ظروفي ..فتزوجيني رغما عن ظروفك ..ولنحارب ظروفنا ونحن سوية ..
أطرقت رأسي أرضا ولا زلت أستمع إليه وهو يتحدث باندفاع وحماس :
-قد يحرمك راشد من فادي ..وقد يحرمني أهلي من زيارتهم ..ولكن صدقيني هذه الأمور ستسوى إن وضعنا الجميع تحت الأمر الواقع ..سيعتادون على الامر وبعدها ستكون قراراتهم أهدأ ..ها ماذا قلتِ؟؟
-أليس لدي الوقت لأفكر؟؟
-عن أي وقت تتحدثين وذاك المجنون قابع في الداخل ..
-هذا ليس راشد !!راشد سافر صباحا ..بعد أن فقد الأمل من عودتي إليه ..ولكنه سيأتي بعد أسبوع ليأخذ الصغير ..ولا أعلم ما هو الحل ..إن ضاقت بي السبل قد أغير رأيي ..لا أعلم ما يخبئ لي القدر يا حامد ..
فأمسك حامد يديّ الإثنتين وقال لي :لمى. .يا حبيبتي ..يا قلبي… يا نور عيوني ..أنا إلى جانبك فلا تخافي ..لقد اتهمتني أنني زير نساء وأنني أتلاعب بمشاعرك ..ولكنك لا تعلمين أنك قتلتني بتلك الكلمات ..لقد أوجعتني كثيرا ..وها أنا جئت إليك تاركا كل شيئ ورائي لأثبت لك أنني أحبك ..دعي حبنا يبصر النور ..وسيكون عدنان شاهدا على زفافنا ..فلنفرحه بصداقتنا ولو مرة واحدة في العمر ..وأما عن فادي فسنجد حلا له ونحن معا ..إنني أحبه من أعماقي وهو كذلك ..
-حسنا سأذهب إليك غدا إلى المكتب ونتحدث في الأمر ..لأن ضيفنا ينتظر ..لا بد وأن عبير خجلة أمامه ..
-أووووه صحيح ..حتى علا ..اليوم سيأتي حبيبها ليخطبها أيضا ..
أكمل كلمته وضرب جبهته ..ثم همس :عقبى لنا ..وداعا ..
ثم رماني بقبلة في الهواء ..وفر مسرعا ..
عدت إلى ضيفي وأنا محمرة الوجنتين ..وعبير تجلس مقابلا لنا ..وتتصرف كالعرائس الخجولات ..وتتحدث بكلمات مقتضبة ..وعينين ناعستين ...ولهجة دلوعة ..سألت ضيفي عن أهله ..فأخبرني أنهم سيأتون بعد أن تسوى جميع الأمور مع العروس ..فهززت رأسي وقلت له: أهلا وسهلا بك وبأهلك ..ولكن لم أسمع عنك قبلا من أختي ..فهل كنتما مرتبطا
ن من قبل ؟؟
ونظرت إلي عبير باستغراب وهي ترجوني أن أكف عن أسئلتي السخيفة بنظرها ..ولكني تجاهلت نظراتها ..واستمعت إليه:
عبير تلميذتي كما تعلمين ..كنت أراقبها من البعيد ووجدتها فتاة متزنة ورقيقة ..ليست كباقي الفتيات اللاتي يطلقن ضحكاتهن في الهواء ..ويلهين مع الشباب تاركين حصص الدروس ..لذلك لفتت انتباهي ..وأرجو أن توافقي على هذا الرباط المقدس ..
