رواية من أنت.
الفصل السادس
لمى هي أخت صديقتي عبير في الثانوية ..وهي تساعدها في مصاريف الدراسة ..وأخبرتني عبير باسم الشركة التي تعمل بها وعرفت أنها موظفتك الجديدة ..ولم أخبر عبير أن مدير الشركة هو أخي فربما تكون قد فعلت شيئا مشينا معها وأنا لا أحب المواقف المحرجة ..ولكن لماذا لا ترتب موظفيك حسب خبرتهم ..فلمى..
وقبل أن تكمل أختي كلامها قاطعتها :لا دخل لك في عملي ..!!ولا أعلم كيف يرضى زوج لمى بأن تعمل زوجته لتصرف على أهلها ..
-مممم هل تعلم بأن زوجها مسافر منذ سنتين ..ولكنه لا يرسل المال لزوجته ..ربما لم ينجح في عمله في الخارج ..وحسب كلام عبير فإنه رجل أناني حتى أنه لا يعطف على ولده ..
ارتسمت على شفتي ابتسامة ساخرة بعد سماع هذا الكلام ..وقررت أن أتصرف بطريقة أخرى مع الست لمى ..ولكن ليس الآن ..لم يحن الوقت بعد ..سأصل إلى مبتغاي بكل سهولة مادام زوجها بعيدا ..
ها هو اليوم قد انقضى ..وكنت متحمسا للذهاب إلى العمل على غير عادتي لأرى لمى ..وأوكزها باستفزازي ..كنت أريد أن أبحث عن أي شيئ يزعجها ..وفي ذات الوقت أشعر تجاهها بالعطف ..لا أعلم هذه المشاعر المتضاربة من أين نبتت لي فجأة ..لقد كسرت قلب الكثير من الفتيات وسكرت على قلبي ..ولكن اليوم ليس أمامي إلا فتاة واحدة ..تعجبني ابتسامتها الهادئة وضحكتها البريئة ..وأسعى جاهدا لحرمانها منهما ..وكنت أشعر بلذة غريبة عندما أرى وجهها العاجي يتحول إلى اللون الأحمر إما غضبا أو حياء..
مرت عدة أشهر كنت خلالها قد أبدعت في استفزاز تلك المسكينة حتى كدت أجعلها تلحد بالضحكات ..وأنا موقن أنها لن تجدد العقد مرة أخرى ..ستنتهي الأشهر القادمة عما قريب ..وسترحل لمى تاركة أثرا بالغا في حياتي ..لرقتها وغضبها ..وذات يوم ذهبت إلى المكتب كعادتي وكانت المفاجأة ..
*-**-**********************---
بفضل الله انقضت نصف المدة تقريبا ..ولم يطلب مني حامد الخروج معه ليلا بسبب العمل ..لأنني في هذه الحالة علي أن أقنع أمي بالموافقة ..وكأنما حسدت نفسي ..فذات يوم ..وصل حامد إلى مكتبه وهو يرتدي بذلته الرسمية ..ويطل عليّ كبطل خارق كعادته ..لا أنكر أن له هيبته الخاصة ومع هذا فهو لا يخيفني ..وبت موقنة أن كل استفزازاته كانت مفتعلة ربما حتى يتخلص مني ..ولمحت كرهه لي في الكثير من المواقف ..ولكني أعجب منه لماذا يبقيني قريبة منه ..كان يطلب مني أن أؤدي كل طلباته حتى إعداد القهوة أصبحت من متطلباتي وهو يعتقد أنه يذلني بهذا الشيئ ولا يعلم أن الأمر عادي بالنسبة. إلي ..كان كثير الإنتقاد بالنسبة للباسي وتعاملي مع الموظفين وتعاملي معه ..ولكني تجاهلت كل ذلك ..واعتدت الأمر ..وآليت على نفسي أن أكون الموظفة المطيعة ريثما تنتهي المدة فلا جلد لي على المناكفات لأني مللتها مع طليقي ..آه طليقي ..لا أعرف عنه أي شيئ ..حتى أن اللهفة التي كنت أشعر بها عند سماع اسمه قد بردت كيف لا واللي يغيب عن العين يغيب عن القلب ..
في ذلك اليوم ناداني حامد بصوت طبيعي لأول مرة ولله الحمد ..وقال لي وهو ينظر إلى الوردة التي وضعتها له على مكتبه كوساطة لحسن نيتي :شكرا لك يا لمى ..رائحة الوردة زكية ..وأنت إنسانة ذكية لأنك أحضرت ورودا بتربتها دون قطفها ..فيجدر عليك ريها يوميا حتى لا تذبل ..إنها حيلة ظريفة ..أما سماهر فكانت تقطف الورود كل يوم وتضعها في إناء لتموت بعد فترة قصيرة وتقوم برميها ..وتحضر بدلا منها.. أما وردتك فتوحي بالإستقرار والثبات ..
-لا داعي للمقارنات يا سيد حامد المهم أن الوردة أعجبتك ورائحتها الجميلة تهذب لسانك السليط !!
واستشاظ غضبا بعد سماعه للكلمات التي ٤قلتها ..حتى أنني نفسي لا أعرف كيف خرجت مني ..ما أغباني كان متورد الخدين حنون الطلة ..وفعلت فعلتها ..كيف خربت ما بنيته في ثوان ؟!..ثم قلت وأنا أضحك محاولة إنقاذ الموقف :
-أنا آسفة حقا ..ظننت أن دعابتي ستعجبك !!
-لا يعجبني شيئ فيك بكل الأحوال ..كنت سأبدل رأيي منذ لحظات ..ولكنك ظهرت على حقيقتك ..كم أن الله يحبني ..
-سيد حامد…
-ست لمى… جهزي نفسك الليلة . لدينا لقاء عمل ..
-ليلاً..
وقلت لنفسي :لقد حسدت نفسي اليوم !!ولكم حمدت الله أنه لم يصطحبني في سهرة عمل ..أوفففف يا للغرابة .وكيف سأقنع أمي بهذا ..
وسمعت صوت حامد حازما :الساعة الثامنة مساء ..فكوني جاهزة ..
فرددت بصوت منكسر غير محاولة أن أجادله في الأمر لأني أعرف النتيجة :حسنا ..
ثم خرجت من المكتب ..وجلست على الكرسي باكية ..ولكني خشيت أن يأتي أحدهم ..فمسحت دموعي ..وقد ساعدني في مسحها تلك المفاجأة التي انتظرتها طويلا ..إنه طليقي !!
فرددت بسرعة البرق ..
-ألو ..
-ألو أهلا لمى ..كيف حالك ..
-بخير ..
-أريد أن أرى ابننا في الأسبوع المقبل ..هل أخبرت أهلك بموضوع طلاقنا ؟
-لا ..لا أحد يعرف من أهلي أو أهلك ..
-إذاً ..عليك أن تذيعي الخبر ..لأنه لا أمل لعودتنا ..فقد تزوجت ولدي طفلة ..ولا أريد أن أستمع لكلمات العتاب ونظرات الحقد ..فهيئي الأجواء لو سمحت ..
فأغلقت الهاتف
بسرعة .
.يا لخبثه !!كيف يفعل بي ذلك ..لقد عانيت الأمرين طوال الفترة الماضية ..وهو يعيش في سعادة وهناء ما أغباني ..كم يصعب علي إعلان الخبر الآن ..ماذا ستكون ردة فعل الجميع ..إنه وقح بالفعل ..كيف يطلب مني هذا أساسا !!
وها هو السيد حامد يناديني مجددا ..كيف سأراه في هذه الحال ..لن أرد عليه ..
لم يمض دقيقيتين حتى خرج حامد من مكتبه والشرر يتطاير من عينيه ..
