أخر الاخبار

رواية وعود متناثرة الفصل الثالث3بقلم ليلي مظلوم

رواية وعود متناثرة 
الفصل الثالث3
بقلم ليلي مظلوم
 
 

ولا يمكنني ان اصف لكم حجم سعادة كريستين بعد تلك الكلمات ..فهرعت الى الغرفة ..لتلتقي عيناها بعيني يامن ..الذي يبدو عليه علامات   التعب ..وقال بصعوبة :انا آسف ..لقد نسيت الهدية في منزل اهلي وذهبت لاحضرها لك ولكن القدر لم يسعفني ..


فاقتربت منه وقالت بحنان :انت هديتي يا يامن ..


ثم امسكت كف يده ومسدت عليها وقالت بلهفة متناسية وجود اهله :الحمدلله انك عدت الينا يا نور عيوني ..


وطبعا فم ام يامن في تلك اللحظات كان يتريض شمالا ويمينا ..فقد شعرت بالغيظ الشديد ..ولا بد بان تضع بصمتها لتقول لابنها :انا هنا ..زوجتك ليست وحدها في الغرفة ..


فامسكت كفه الآخر وقالت له: لقد قلقنا عليك كثيرا يا فلذة كبدي ..


وفجأة تغيرت ملامحه ..وقطب حاجبيه قائلا :هل قطعت رجلاي ..انا لا اشعر بها !!تبا !!


وهنا تلاقت نظرات ام يامن وكريستين لتعبرا عن مأساتهما المشتركة ..وكل واحدة ترجو الاخرى ان تخبر يامن بالحقيقة وانه قد يفقد نعمة المشي ..واخيرا تنفست والدته بصعوبة وقالت بصوت حزين متقطع :لقد اخبرنا الطبيب ان هناك امل كبير بشفائك ..ورجلاك لم   تشأ ان تفارق جسدك ايها البطل ..الا انهما تعانيان من صعوبة في وصول الأعصاب الى الدماغ ..ومع بعض التمارين ستحل المشكلة لا تقلق ..


فاسترجع كفيّ يديه ..من يديّ امه وزوجته ..ثم شد عليهما وكانه يريد ان يضرب شيئا ما ..معبرا عن غضبه وحزنه وقال بهمس حزين وغاضب :يعني انا مشلول الآن ..!!


فتدحرجت دموع امه وزوجته على خديهما وحاولتا بشتى الوسائل صرف تفكيره عن   ذلك الواقع المؤلم ..الا انه قال اخيرا وهو ينظر بحنق على قدره  محدقا باحدى زوايا الغرفة: كريستين ..هل تستطيعين العيش مع رجل مشلول ..انا اعطيك الحق الآن بالتخلي عني ..وصدقيني فاني ساحترم قرارك ..


فتوسعت حدقتا عينيها متمردة على ذلك الاقتراح وقالت: وهل تظن هذا بي ..يستحيل ان اتركك ..وستعود افضل مما كنت عليه سابقا باذن الله ..


فضحك ساخرا :افضل!!! بكل الاحوال انا اعطيك مطلق الحرية ..


وقبل ان. يكمل قاطعته والدته قائلة: وهل ستجد عريسا افضل منك ..ما هذا الكلام??

 

ثم نظرت اليها واكملت: ثم لا تقلق بهذا الشأن ان تركتك ستجد عروسا افضل واجمل منها ..لانك ستشفى ..


ولم تعقب كريستين على كلامها ..لان هذا ليس وقته… ولم تعتبر ان ما وجه اليها اهانة ..فهي تدرك جيدا ان الانسان يمكنه ان. يفلتر ما يسمعه ..فاما  يعتبره كلاما سخيفا او نابعا من موقف معين علينا تفهمه ..او هو اهانة بالفعل لان المتلقي يعتبره كذلك وهذا مبدأ التحكم بسماع الكلمات ومدى تاثيرها على النفس  ..وهي اختارت 

الفلترة الاولى ..وجمعت بين الحالة النفسية لوالدته وقلقها عليه وبين كلام الحموات الذي يطلق عادة فقط ليؤذي الكنات ..وليس كلهن كذلك ..فبعض الحموات يعتبرن الام الثانية 

لكناتهن ..ويتعاملن معهن من هذا المنطلق ..فكل همهن ان يرين السعادة في عيون اولادهن ..وبما ان الزوجة هي المحرك الاول لتلك السعادة ..فلا بد ان تقلبه كما تتطلب الظروف ..


وبعد عدة ايام ..عاد يامن الى منزله ..ولكن ليس على رجليه هذه المرة ..انما على كرسي

 متحرك ..يمكنه تحريكه بيديه ..ويمكن لزوجته ان تساعده في ذلك ..والتي اتخذت عهدا على  نفسها ان تكون الى جانبه دوما ومهما حدث ..فكانت تعتني به برموش عينيها ..وتذهب معه 

الى الجلسات الفيزيائية ..وتذكره بموعد الدواء ..الا ان حالته النفسية كانت مرهقة جدا ..وان لم تتحسن فانها ستؤثر سلبا على حالته ..لذلك كان لا بد من التواصل مع طبيب نفسي

 يساعدها في زرع بذور الثقة في قلب زوجها.. ورسم ابتسامة على شفتيه قبل مشاعره .  .وبسبب كثرة اهتمامها به ..شعر يامن انه هذا واجبها وليس كرم اخلاق منها ..فبدا يتحرر 

من عقدة الذنب ..ليتطلب منها ما تشتهيه نفسه من طعام مثلا الى اشياء اخرى كان يترفع  عنها ..وحتى انه لم. يعد يعارض على زيارة الضيوف كما كان. سابقا ..


وذات يوم اتصلت تهاني  بكريستين  لتأخذ منها موعدا لزيارتها ..وكان يامن الى جانبها ..ويستمع الى المحادثة فشعرت زوجته بالاحراج وتبدلت ملامحها

 لانها كانت تظن ان هذا لا زال يزعجه.. ونظرت اليه والى الكرسي المتحرك الذي يجلس   عليه ..وقالت: انا آسفة ليس لدي   الوقت لذلك ..فانا مشغولة اليوم ..انت تعلمين ظروفي جيدا ..ارجوك لا تغضبي مني ..


وقبل ان تجيبها تهاني ..كان يامن قد اخذ الهاتف عنوة من كريستين ..وقال: انت مرحب 

بك في اي وقت ..وليس لدينا اي اعمال اليوم ...كريستين تمازحك ..!!نحن في انتظارك وداعا…


           الجزء الرابع من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close