رواية❤سنين عمري الضائعة❤
الجزء الاول .. والثاني
اهلا اهلا… ما هذه المفاجاة السارة ??
هذا ما قاله ميثم لصديقه الذي يقطن في نفس ضيعته لكنه أتى الى المدينة لزيارته لانه مشتاق اليه ..!
فابتسم صديقه حسان في وجهه وقال :اشعر ان ضيعتنا مظلمة بدونك ..علي ان اكره المدينة لانها سرقتك مني ..
فوضع ميثم يده على كتف حسان ..وقال :هيا لنذهب الى المنزل ...لست انا من أُسرق من اصدقائي ..
فاجابه حسان. بكل ثقة :لقد اتيت لانام عندك الليلة ..وغدا نذهب الى البحر للتنزه ..وبعدها اعود الى الضيعة ..وترتاح مني ..
فقطب ميثم حاجبيه مازحا: ياالهي ..الا يكفيني ما تحملته منك سابقا ..?!
ثم ساعد حسان بحمل الاغراض ..وبعدها قال له :هيا بنا…
وما ان وصلا الى مدخل البناية ..حتى قال حسان: الحمدلله على نعمة وجود المصاعد ..ماذا كنت سافعل لولاها ..انكم تسكنون في الطابق السابع ..يا الهي ..لو قطع التيار الكهربائي ماذا ستفعلون ..?
فضحك ميثم قائلا: ستفضحنا هنا يا ابن الضيعة ..أوتتعب من الصعود عبر الدرج ..ولا تتعب من الصعود الى الجبال ..بكل الاحوال ..هذا المصعد مشترك بين بنايتين ..هذه وتلك ..
مشيرا اليهما براسه ..:أ و ب ..
فقال حسان: هيا بنا اذن ..اجل كلامك هذا اشعر انك ابتلعت مذياعا في صغرك ..وحان الآن وقت الاعلانات ..
ثم ضغط ميثم باصبعه على زر الطابق السابع ..ودخل مع صديقه الى المصعد ..ودخلت معهما فتاة ..وقد ادارت ظهرها الى جهة الابواب ..وبدات تتلمسها باصبعها طابقا طابقا ..وحسان وميثم ينظران اليها باستغراب ..ولم يريا ملامحها بعد ..وفضول حسان جعله يقول لها: انتبهي ان تؤذي نفسك ..!!
فادارت وجهها ..وابتسمت ببراءة ..ولكنها لم تنطق بحرف واحد ..فنظر اليها صديقنا ميثم وحقق في ملامحها ..وسلبت فضوله ضحكتها الجذابة ..ولكن الحظ وطد من عملية السرقة هذه ..فقد وصل وصديقه الى الطابق السابع ..تاركا عقله يسرح ويمرح في المكان الذي غادره ..
لقد رآها فتاة جميلة ..يقف القلب عن النبض احتراما لجمالها ..ولكن مع هذا ..فهو لم يظهر لها اي اهتمام ..انه الفتى صاحب الكبرياء الكبير !!
وما ان دخل الصديقان الى الشقة حتى قال حسان لميثم :ايعقل انه لديك جارة بمثل هذا الجمال… ولم تحاول التحدث اليها !!
فقال له ميثم بخجل :لم ارها قبلا ..ولا اعرف من تكون ..!!
وامضى حسان وميثم يومهما وهما يتحدثان عن بطولاتهما في الضيعة ..ويتذكران احداث الطفولة… ومع هذا فان عقل وقلب ميثم كان مشغولا في مكان آخر :ترى .من تكون تلك الفتاة ..وما هو اسمها ??وفي اي طابق تسكن ??
ولاول مرة كان ميثم يتمنى ان يغادر احد اصدقائه المنزل بسرعة ..حتى يتسنى له التحري عن المخلوق الجديد الذي اخترق حياته .. لقد لفتت له نظره بشكل كبير وملحوظ ..!!
وغادر حسان المدينة في اليوم التالي بعد ان ودع صديقه ..والجدير بالذكر ان ميثم كان لديه اصدقاء يسكنون في غرفة خاصة على سطح البناية ..وقد اتوا الى المدينة لاكمال تعليمهم ..كانت تلك الغرفة تحمل كل اسرارهم ..ويجلسون فيها اغلب وقتهم ..برفقة ميثم طبعا !..فيسرحون ويمرحون ويلعبون ..وهي بالرغم من تواضعها ..الا انها كانت اجمل واهم من القصر بالنسبة اليهم ..وقد زادت اهميتها عندما اصبحت برج مراقبة ..بالنسبة اليه عله يرى تلك الفتاة مجددا..
وبالفعل فان احساسه كان في محله.. حيث لمحها من داخل الغرفة على سطح البناية وهي تلعب مع فتاة اصغر منها بكثير ..!!!انها لا تتعدى الثمانية سنوات ..ولكن الملفت ..انه لم يرها قبلا ..وهذا يعني انها بدات عملية الصعود الى السطح بحجة زيارة جيرانها حديثا !!فما هو السبب يا ترى ..وما سر هذه الصدفة ??
وشعر ميثم وكانها تبادله الاحساس نفسه ..فهي كانت تشيح بنظرها الى قصره !!وتكثر الصعود ..وكانها تناشده الحديث معها ..لان القلوب شواهد كما يقولون !!
وبعد مرور عدة ايام من المراقبة البعيدة القريبة ..كان ميثم يجلس مع صديقه هاني في تلك الغرفة… ونظره لا يغادر سطح البناية ..كيف لا ?..وعصفورته تغرد هناك ..وتحلق بروحها ..وكأنها تقول له: انا هنا انظر الي ..!!
ولاحظ هاني ذلك ..فقال له :ما بك تديم النظر الى تلك البقعة ..اوتظنني لم الحظ ذلك ??
فضحك ميثم وقال له: الغريب اني لا اعرفها ..ورايتها في ذلك اليوم في المصعد للمرة الاولى ..هل تعرف عنها شيئا ..
فقال هاني :بالطبع ..هل هناك من لا يعرف جيرانه !!انها ابنة جارنا محسن ..!!
فضرب ميثم جبهته وقال: غريب ..لم اكن اعرف انه لديه فتاة جميلة.. اعرفه واعرف ابنه ايضا ..ونتحدث دائما على باب البناية ..كيف حصل هذا ??يا الهي ..انها فتاة جميلة جدا ..ما شاء الله ..
فقال هاني :ما رايك ان اتحدث معها بشأنك??
الجزء الثاني ..
فشعر ميثم بالارتباك ..والتردد.. وتملكه الخجل ..فهو من طبعه الغريب انه يخجل امام الفتيات ..ويتجاهلهن ..ولا يحب اقامة اي علاقة معهن ..حتى بابتسامة من البعيد… ولكن هذه الفتاة شيئ آخر ..لقد سلبت قلبه بابتسامتها الساحرة في ذلك اليوم ..وغيرت من طبعه النادر ..فقال لنفسه: طالما ان هاني هو من سيتحدث اليها بشأني فلاباس ..
واعرب له عن موافقته طالما انه صاحبه الجريئ ..بالطبع لانه ليس هو العاشق !!
ومرت عدة ايام ..والحال على ما هو عليه ..مراقبة ..ونظرات ..ودقات قلب بريئة ..ولكن هذه المرة قد عرفها من تكون ..وعرف اسمها ايضا ..واسمها الجميل بحد ذاته يكفي لان يجذب القلوب.. انه ملاك… وبالفعل فهي بنظر ميثم ..صاحبة جمال ملائكي اخاذ يسلب النظر والقلوب ..
ولكن لسوء الحظ ..استيقظ لبنان في احد الايام على صباح اسود ..انها الحرب اللئيمة ..التي تفرق الاحباب ..وتسرق الاعمار ..وكالعادة كانت بعض العائلات تغادر المنطقة ..بحثا عن السلام ..وكان من بين تلك العائلات عائلة محسن والذي هو والد ملاك ..وعندما رآهم ميثم ..هرع الى مكان السيارة ليودعهم ..طالما انهم جيرانه ..ولكن ليس هذا السبب الوحيد ..او السبب الرئيسي ان صح التعبير ..ولا يخفى عنكم ما هو السبب بالنسبة للعاشق الولهان ..فكل ما يريده هو معرفة مصير ملاكه ..بالرغم من انهما لم يتحدثا سوية بعد بشأن مشاعرهما ..وكان ميثم ليس متاكدا من ان هاني قد اخبرها بمشاعره ..ولكن على اية حال لا بد من الاطمئنان والوداع على امل اللقاء لاحقا ..وعيناه لا تفارقان وجهها ..ولو امكنك عد نبضات قلبه السريعة في ذلك الوقت لما استطعت ..انه الخوف على حبيبته ..والحزن على فراقها ..ونبضات الحب التي لا يستطيع اي شخص في هذا العالم ايقافها ..وحتى اخفائها عمن لديه سرعة البديهة ..فالقى صاحبنا تحيته على العائلة المغادرة ..وكانت السباقة الى الاجابة ..هي والدة ملاك ..وميثم بالطبع ..قد اعار سمعه للام ..وباقي جوارحه كانت ملكا للملاك الذي سيغادر بنوره المنطقة ..وتمنى لو ان الام تطيل الحديث معه اكثر ..حتى يبقى الى جانب حبيبته ..تلك اللحظات القليلة كانت كافية ..لان تخزن في ذاكرة صاحبنا لمدى العمر ..ولو انها سالته عن سيرته الذاتية لاجاب بكل ممنونية ..حتى يتسنى له البقاء اكثر.. وتغذية ناظريه وروحه بذلك المخلوق ..انها قمة في الجمال !!!
وغادرت السيارة امام عيونه ..وهي تحمل حلم حياته داخلها ..لقد كره ميثم الحرب اكثر واكثر ليس بسبب الوضع النفسي الذي يعيشه الناس حوله ..بل لانها ايضا حرمته من رؤية من احب ..
وبعد مرورشهر من الايام السوداء والتي حملت معها النصر بفضل الله ..وانتهى القصف الاسرائيلي على لبنان ..عادت الناس الى بيوتها ..لتنعم بالامان مجددا ..ولتحمد الله على رحيل الايام التي حملت في طياتها الوداع ..فذاك شهيد ..وآخر مسافر ..وآخرون قد دمرت بيوتهم ..وليس هذا مهما بقدر الشعور بالاستقرار والامان ..واراد صديقنا… ان يعرف مصيره ..وكان قد اتفق مع هاني ان يتحدث الى ملاك مجددا ...وهذا ما قد حصل ..واثاره فضوله ليعرف النتيجة البديهية ..قبل ان يخبره صديقه ..فاتصل به ..وقال له: ها !!!!هاتِ ما لديك ..قمحة او شعيرة ???(وهذا يعتبر كلمة سر بين شخصين ليعرفا ان كانت النتيجة سلبية ام ايجابية ..فالقمح يشير الى الايجاب ..والشعير الى السلب )..
فقال صديقه: قمحة… اطمئن ..
وهنا لا اقدر ان اصف لكم فرحة ميثم ..الذي كان يلاحظ على ملاك انها تبادله الاحساس ذاته ..ولكن للتاكيد طعم آخر لا يعرفه سوى العشاق ..فمثلا ..نكون متاكدين ان العيد غدا ..ولكننا نطرب لسماع ذلك هنا وهناك ..لانه يؤكد فرحتنا ..ويزينها بالختم القلبي ..
فقال له ميثم :اخبرني بشكل مفصل ..اتوق الى ذلك ..
فقال له هاني :طالما انك في الضيعة ..فانني لن اخبرك حتى تاتي الى المدينة ..فانا مشتاق اليك ..
فضحك ميثم قائلا: الا يحق لي ان اذهب الى ضيعتي حتى انعم بالهدوء الذي افتقدناه خلال الحرب ..??!
قال هاني مصرا: وانا يحق لي اجبارك على النزول لاني اشتقت اليك ولجلساتنا سوية ..
وهنا زاد حماس ميثم لينزل الى المدينة ..فما ان اقفل هاتفه حتى توجه مباشرة الى المدينة ..واخبره هاني بكل التفاصيل ..وانها ليس لديها اي مانع ..وما على ميثم الا تنفيذ المهمة الصعبة على شخصه الكريم ..وهي اخبارها بنفسه عن. مشاعره ..وعندما تخيل الامر شعر بالارتباك ..لانه غير معتادا على مثل هذه الامور ..فهو الشاب الذي يترفع عن الحديث بطريقة معسولة ..وهو جدي بطبعه مع الفتيات ..وخاصة انه ابن لشيخ صاحب منصب مرموق ..وله احترامه بين البشر ..بالاضافة الى ان شخصيته هي هكذا ..فهو ملتزم بطبعه ..ويعتبر ان الترفع عن الحديث مع الفتيات بشكل لطيف ومعسول هو نوع من الاخلاقيات والالتزام !!
والآن لا بد من اقتناص الفرصة للتحدث الى ملاكه والافصاح لها عن مشاعره الصادقة ..وذات يوم ..كان يجلس في قصره مع صديقه..وهو يتناول الارغيلة ..وفجاة ظهر حلمه امامه على السطح ..فقال لهاني:انظر انها هناك!!
فقال هاني :وماذا تنتظر ..هيا اذهب وتحدث اليها ..!!
وهنا شعر ميثم بحرارة الموقف ..فخطوة الى الامام واخرى الى الوراء كما يقولون ..فما كان من صديقه الا ان فتح الباب ..ودفع العاشق خارجا ليتركه لمهمته الصعبة
