رواية❤️سنين عمري الضائعة❤️
الجزء التاسع..
فاعطته سمعها متسائلة ..فأردف قائلا: ها هي علاقتنا قد ابصرت النور اخيرا ..ولا خوف بعد اليوم ..فاهلي قد وافقوا من جهة ..واهلك سيعرفون بالطبع ..الا ان امر الخطوبة سيتم بعد فترة وليس في الوقت الحالي ..ومن صبر لمدة سبع سنوات ..سيصبر هذه الاشهر القليلة ..
فابتسمت ملاك ..وشعرت بالراحة والاطمئنان.. مع انها كانت تراه يوميا في الفترة الماضية ..صباحا وظهرا ومساء بحكم الجيرة التي كانت تجمعهما ..فكيفما مال راسها هنا وهناك كانت تمتع قلبها بالنظر اليه . ومراقبته والتحدث اليه ..
وكانت هذه الفترة بالنسبة لميثم كدورة تدريبية ليغير من سلوكيات ملاك بطريقة سلسة ..حتى يتقبل اهلها وجودها بينهم بشكل هين ..من لباس وطبع ..وهو المدرك ان للبيئة دورا لا يستهان به في تفكير الاشخاص ..ولكنه ارادها ان تدخل الى عالمه هو ..والذي يراه صحيحا ..ووالدها رجل ملتزم ..ووالدتها امراة محجبة وتتصرف بسلوكيات الاسلام ظاهريا ..الا ان البيئة كانت لا تعير اهتماما للاخلاقيات الدينية ..مما اثر نوعا ما على تصرفاتها ..
بالفعل ميثم على حق فيما كان يفكر فيه ..لان البيئة تلعب دورا اساسيا في سلوكيات ومعتقدات الانسان ..فابن المسلم سيكون مسلما وابن المسيحي سيكون مسيحيا ..وهكذا ..الا ما ندر ..ومع هذا فبعض الاشخاص يشذون عن هذه القاعدة سلبا وايجابا ..كابن النبي نوح ..وزوجة فرعون اللذين تمردا على بيئتهما..في ذلك الوقت ..بالرغم من الجوانب الاخرى التي لا يسع ذكرها في هذا المقام ..كسلوك زوجة نوح وكيف اثرت على ولدها وهكذا !!
ونعود الى ميثم وقصة عشقه الغريبة ..حيث كان عليه ان يجد عملا ليتقدم لخطبة ملاك بشكل رسمي ..وبما ان الاوضاع في لبنان ليست مؤهلة لتروي رغبات الشباب في العمل ..لم يكن امامه الا السفر ..وخلال هذه الفترة كان يتحدث الى ملاك ..وبعلم وموافقة اهلهما… وامضى سبعة اشهر في الغربة استطاع خلالها ان يؤمن عملا له بمجهوده الشخصي ودون واسطة من احد كما يحصل في بعض البلدان ..ليعود الى لبنان ..ويطلب حبيبته لتصبح له بشكل رسمي ..وهكذا سيحصل على مساحة واسعة من الحرية في التعاطي معها ..وخاصة ان كتب كتابه عليها ..وهذا ما قد حصل ..وخلال الفترة التي امضاها في لبنان بعدما اصبحت ملاك خطيبته ..وبحكم زوجته ..كانت الامور تسير على خير ما يرام ..وكما هو مخطط لها سابقا ..حيث كانا يذهبان للتنزه سوية ..ويمضيان اوقاتا ممتعة ..ولم يتركا مكانا للتنزه في لبنان الا ووضعا بصمتهما عليها ..وكانت طلبات ملاك اوامر بالنسبة الى ميثم ..فكلما شعرت بالملل كان هو السباق ليرفه عنها من خروج الى هنا وهناك ..والملفت انه كان كريما لدرجة كبيرة ..ولا يفكر بالامور المادية ..المهم ان يلمح السعادة والرضا في عيون الفتاة التي احبها ..
مع انه على الخاطب ان يدرس اموره اكثر ..فيكفي ان يكون وسطيا في مثل هذه الامور ..كي يؤمن نفسه ..ويسرع في امر الزواج ..وعندما تصبح زوجته باستطاعته ان ينظم هذه الامور بشكل اسهل ..ومن ناحية اخرى لن يشعر بالاحراج امامها ..فهي التي تتفهم وضعه اكثر ..وماله هو مالها ..
اما هو فكان متفانيا معها لدرجة كبيرة ..وشعر انها نفسه التي بين جنبيه ..حتى في الامور الثانوية ..فمثلا اراد ان يساويها بنفسه بامتلاك الهاتف ذاته ..بنفس الميزات ..والملفت انه في اليوم الذي قرر فيه شراء الهاتفين ..كانت المحلات القريبة مغلقة ..لهذا قطع مسافة لا يستهان بها ليحصل على هاتفين متطابقين ..وان كان الثمن اغلا ..المهم الا يتميز احدهما عن الآخر حتى في اصغر الامور ..كان هذا التفكير منطلقا من راس وقلب ميثم بالطبع ..لانه من النوع الذي لا يريد ان يشعر خطيبته انه اهم بالنسبة الى نفسه منها..ويعتبرها نوعا من الاخلاص والوفاء بحق العلاقة التي تجمعهما ..فقد حرم على نفسه النظر الى غيرها من الفتيات ..اراد ان يخلص لها في قلبه وعقله وعيونه وكل جوارحه ..ملاك ..وملاك فقط ..هل تقدرون ان تشعروا بكلمة تسمعونها من احدهم :يا نفسي او يا روحي ..
فذلك الشيئ لم يكن بالنسبة اليه مجرد لقلقة لسان ..وكلام معسول بل ترجمه على الارض بافعاله ايضا.. وليتنا كشعب لبناني نكون ربع نفس الحكام هنا لاصبحت جنة ..ولعشنا في نعيم يحسد عليه..
ما رايك ياميثم ان تصبح سياسيا ..??وتعامل الشعب بنسبة عشرة بالمئة مما عاملته لحبيبتك ..اكاد اوقن انه سيتم اغتيالك بعد فترة لا تتعدى الساعات ..!!ليس من الشعب بل من قبل نظرائك لانك تشكل خطرا على مصالحهم واطماعهم..
وقد كان قنوعا بها لدرجة كبيرة جدا سجلت الرقم القياسي في عالم القناعة والوفاء والاخلاص ..وكان يقول لنفسه: علي ان احمد الله لانه اعطاني اكثر مما استحق ..وعلي ان ابقى قنوعا ..وارى ذلك المخلوق كل عالمي ..ونظرة منها تساوي نساء الارض جميعها ..
وكان من اشد المنتقدين لاصدقائه الذين لديهم حركات صبيانية ..ان كانت من اجل التسلية ..او حتى من اجل اغاظة حبيبتهم.. فهل من عاقل يشتري المشكلة بثمن بخس !!??ويحضرها الى عالمه وعالم شريكة حياته??!
بالاضافة الى كونها تعد نوعا من الخيانة ..الا يكفي الشاب انه امتلك حبيبته ..فليقنع بهذا ..وكفاه تهورا ورحم الله من يفكر ان حبيبته تساوي نساء الدنيا ..ويسعى لاسعادها ..
وبالطبع هذه العلاقة يجب ان تكون متبادلة ..فمن الظلم ان يكون احدهما مخلصا وقنوعا ..ويكون الطرف الآخر غير مبال ولا يقدر تلك التضحيات سواء كان ذكرا او انثى!!
ومضت تلك الايام القليلة الجميلة ..وحان الآن موعد سفر ميثم مجددا ..وبالطبع لاحظ الحزن في عيني ملاك ..فهما لا يقدران على الافتراق ..فقال لها: اصبري ..فبعد اشهر ستصبحين زوجتي وتسافرين معي ..
فقالت له بغنج: حزني ليس لانك ستسافر فقط ..ولكن يشغلني امرا آخر ..ولا اعلم كيف اقولها لك ??
فقال :تحدثي ولا تخافي ..كلي آذان صاغية ..
