رواية❤️سنين عمري الضائعة❤️..
الجزء السابع عشر ..والاخير
ولكن كل محاولات ميثم في التذكر باءت بالفشل ..لذلك لم ترضَ الشركة بتقديم المساعدة له ..وخرج منها خائبا ..برفقة ريما واختها طبعا ..وبينما كان يقود سيارته ..ويتحدث الى مرافقتيه ..رن هاتفه ..وكان المتصل هو ملاك ..فتجاهل الامر ولم يجبها ..وبالطبع وقع نظر من معه في السيارة على رقم ملاك.. فهزت كل واحدة منهما راسها متحسرة على تلك الفتاة وما فعلته بنفسها ..واعادت الاتصال مجددا ومجددا ..الى ان اجابها ميثم :الو نعم تفضلي ..
فقالت بشكل عادي :ها اخبرني كيف احوالك ??طمنئي عنك !!
وكان ذلك على مسمع من الجميع ..فنظرت اليه ريما باستغراب ..واصدرت حركة في يدها ان تلك الفتاة وقحة ومجنونة ..ليس هناك تفسير آخر !فكيف تتصل بشخص لم يمضِ على طلاقهما فترة قصيرة ..ثم تاتي لتتصل به بكل استهتار وهبل ..ما الذي تريدينه منه بعدما اذيتِ مشاعره ..وجرحته جرحا عميقا لا يندمل!!
فاجابها ميثم بكل قسوة :هذا لا يعنيك ..انا مستعجل وعلي اقفال الهاتف ..ولا يوجد ما يجمعنا سوية ..
فاجابته ملاك: احببت فقط ان القي تحيتي عليك ..واطمئن عنك ..واتفاهم معك على بعض الامور ..
فزاد من حدة نبرة صوته وقال: لا تفاهم معك انت تحديدا ..
ثم اقفل الهاتف بغضب ..واعادت الاتصال به مجددا ومجددا ..الا انه لم يجبها هذه المرة ..فقالت اخت ريما: اريد ان اخبرك ان ملاك قد شعرت بالندم على اتخاذ ذلك القرار المجنون!
فقال لها ميثم بلهفة :وما ادراك انت ??
قالت له: لقد اخبرتني هي بنفسها ..فقد راتك من البعيد ..وانت تدخل الى البناية ..وشعرت بحنان كبير تجاهك .ولو امكنها عض اناملها من شدة الندم لفعلت!
وهذا ما حذرها منه ميثم سابقا ..فقد قال لها قبل الطلاق :ايعقل ان البعد جفاء كما يقولون..وانك عندما ترينني في لبنان ستغيرين رايك.. وقد تندمين ..فاحذري قبل ان يفوت الاوان ..
فقال ميثم بحسرة وغضب :اقسم لو انها قامت بعض انامل يديها ..وانامل رجليها ..لما احييت علاقتي معها مجددا ..فهل يعقل ان اثق بفتاة قد تركتني بعد كل العذاب الذي عانيته ..ومرور كل تلك السنوات من عمري .بلمح البصر ..وبقرار اسرع من الضوء ..كيف سآمن على نفسي وعلى اولادي بعد الزواج ..الا تتركنا ان قررت ذلك بلحظات مجنونة كما فعلت ..وبسبب مشكلة صغيرة هنا وهناك ..من الغباء ان اعود لها مجددا!!
وما قاله ميثم قد خرج من عقله وليس من قلبه ..لانه بالفعل لا يمكنه الوثوق بها مجددا ..وان كانت آثار حبها لا زالت عالقة في قلبه ..
وميثم من النوع الذي ان احب فتاة ما ..وانفصلت عنه بقرار منها ..لا يمكن ان يعيد للعلاقة روحها ..لان هذا قرارها وعليها تحمل نتيجته !!ونظرته للحب هي محاربة العراقيل التي تعترض طريق المحبين ..وان نجحت العراقيل ..فهذا يعني انه لم يكن هناك حب من الاساس ..فالحب هو عبارة عن حبل معقد لا يمكن تفكيكه ..وعلى المحب ان يعيد تعقيد الحبل ..لا ان يحل رباطه عند اول مشكلة يتعرض لها ..ومن حل الرباط من احد الطرفين ..فليذهب بعيدا ..ولكن لا يفكر في العودة ابدا ..لان الاوان قد فات ..!فالحب هو دواء لمعالجة امور الحياة ..وليس سما قاتلا لها!والا فانه شعور مزيف ومؤقت…
ومرت سنة بعد هذه المجزرة بحق مشاعر ميثم ..وتحول حبه الجامح لها ..الى كره ورغبة في الانتقام ..مع ان هذا ليس من طبعه ..وتزوجت ملاك ..من احد اقاربها ..وهذه المرة دعا ميثم على ملاك ايضا ..الا تتوفق في حياتها ..والا يسامحها الله على الجرح الذي جرحته اياه ..ليس لانه يتمناها لنفسه ..كما دعا سابقا ..بل لانها سرقت منه اجمل سنين عمره واضاعتها بطيشها وجهلها وانانيتها وقلة ادراكها ..واتلفت له مشروع حياته الذي رسمه بفرشاة الامل والحب ..فعندما كان الى جانبها انعزل عن العالم ..واكتفى بها ..وقد اضاع علاقاته الاجتماعية ..ليبقى معها والى جانبها دوما ..وبعد ان انفصل عنها ..عاد الى نشاطاته الثقافية ..سواء على الارض او على مواقع التواصل الاجتماعي ..وشعر انه عليه ان يبرز وجوده الذي فقده عندما كانا معا.. وشعر بتفاهة الايام التي امضاها معها ...فهذه ليست شخصيته ..هو انسان اجتماعي بطبعه ..ولكن وجودها الغى وجود الآخرين ..واصبحت السبع سنوات بالنسبة اليه مجرد فراغ او نقطة صغيرة في كتاب عالمه ..مع انها من المفروض ان تكون فقرات من التواصل مع الآخرين ..وسعى الى تعويض كل ما فاته سابقا ..فهل عسى الايام التي مرت ان تعود ..ليسجل فيها سطورا من حياته ..ويبرز واقعه وشخصيته وتفكيره وآراءه ..وكأن الايام التي عاشها سابقا مجرد اوقات تسلية وفراغ. . لم تكن اكثر من مجرد مشاعر اعطاها لمن لا يستحق .. ودراسة لا انكر فائدتها ..وشعر بالحزن والخزي لانه اخطأ بحق نفسه ..وعزلها عن المجتمع بعد ان كان عنصرا فعالا ..وكان من المفروض ان يقوم باشياء تحاكي كيانه ووجوده ..هذا بالفعل ما جعله يتأسف على كل ما مضى ..
ومرت سنتان اخريان وميثم يظن نفسه انه لم يعد قادرا على التعرف الى انسانة اخرى لتصبح شريكة لحيات
ه ..حيث كان معها في العمر الذي يتقبل كل حركات العشاق وعتاباتهم لمن يعشقون ..كأن تسال الحبيبة :اين انت ??وماذا تفعل? وماذا تحب ?وماذا تكره? وماذا يزعجك ??ووووووووو… تلك الامور اصبحت مملة بالنسبة اليه لانها تخص عمرا محددا ..اهدره مع انسانة لم تقدره ..وهو بالتالي سيظلم الفتاة التي سيرتبط بها لانه ليس قادرا على التعامل معها كما تعامل مع ملاك ..فهو بذل في سبيلها كل طاقته العاطفية من لهفة وشوق وتجاهل للاخطاء في سبيل استمرار العلاقة… فهل هناك من تتقبل احدا على ما هو عليه الآن من شعور بالملل ..فمثلا كان دائم التواصل مع حبيبته السابقة ..والتي ستاتي الآن لن تحظى باكثر من اتصال هاتفي كل يومين ولدقائق معدودة كرفع عتب ..فقد نفذ شحن العواطف عنده ..وهذا ما يظنه ..فهل هو محق بما اعتقده ??
ومرت الايام ..وكان ميثم ذات يوم ..في لبنان ..والتقى صدفة بملاك ..وهي ترتدي لباسها القديم ..قبل خطوبتهما ..مع انها اخبرته انها التزمت به من اجل الله وليس من اجله هو ..فهل الانفصال عنه هو انفصال عن الله??!!! اي عاقل واي ملتزم يفكر بهذه الطريقة ..!!وقال ميثم لنفسه :الآن قد اصبحت الصورة واضحة امامي ..وقد علمت سبب انفصالها عني !!وقد فعلت كل ما فعلته سابقا ..حتى ارضى عنها وتستمر علاقتنا ..ولكن لم يعد بمقدورها الصبر والتحمل ..فما بني من سراب قد يهدمه حب النفس… ولو انها بالفعل غيرت من نفسها عن قناعة ولاجل رضا الله ..لاكملت مسيرتها على النحو الذي بداته.. ولكنها عادت الى طبيعتها القديمة لتتنشق هواء بيئتها القديمة ..فبيئتي اشعرتها بالاختناق ..
اما ملاك فقد اصبحت بالنسبة الى ميثم الآن مجرد فتاة عابرة ..بالرغم من سنين حياته الضائعة… الا انه عوضها باحسن ما يكون ..وهو راض عن نفسه ..لانه يستشعر رضا الله في كل تحركاته ..
تمت بحمد الله
