رواية سر الحياة الفصل الحادي عشر11بقلم ليلي مظلوم


رواية سر الحياة 
الفصل الحادي عشر11
بقلم ليلي مظلوم 


-هاني ..ماذا تقول ؟؟ألا ينفع الدعاء؟؟

-الدعاء يعطي طاقة قوية لمن يؤمن به ويستخدمه بإيمان عميق ..ولكنه فعليا لا يشكل إلا أنسا للبشر وبحرا ليصبوا به همومهم ومشاكلهم ولا ينفع 
 بدون عمل ..هذا موضوع نسبي ..الأهم أن تتعاملي بالطريقة المناسبة مع طبع والدك ..وقد تتصلين بي غدا لتخبريني أنه بدل رأيه ..!

-أرجو ذلك ..وأتمنى أن تساعد كمال هذه الفترة وتبقى إلى جانبه ..

-لا تقلقي لقد اجتاز شوطا كبيرا في محنته ..وكل شيئ سيكون على ما يرام ثقي بهذا ..

وبالفعل قررت جوليا أن تسمع نصيحة هاني ..ولكنها فضلت أن يكون الجو مناسبا ..فالوقت كفيل أحيانا وليس دائما بالهدوء النفسي بعد عاصفة هوجاء.
. أما كمال فقد لام والدته كثيرا.. طالبا منها التنازل عن عجرفتها ..فقالت له: 
-لا ألومك أنت لم ترَ ذلك الحي البائس ..والمنزل الذي يخلو من التحف الجميلة ..حتى نهجهم  الذي يتبعوه باللباس وطريقة التعاطي ليس لائقا ..لا أفهم كيف أحببت هذه الفتاة ..فعندما حدثتني عنها ظننتك تقصد 
فتاة من الطبقة الراقية وزاد الحماس في قلبي لأتعرف إليها ..أما الآن فبالرغم من تصرف   والدها القاسي ..إلا أنني فرحت للنتيجة حتى لا تتهمني أنني أقف في طريق سعادتك ..

كل هذا وكمال يستمع إلى أمه والإبتسامة تعلو وجهه ..فوالدته من حقها أن تتكلم بما تراه ..لأنها لم تدرك معنى الحب ..الحب يتجاوز العمر والطبقية والجمال ..إنه يحاكي الروح والفكر بكله ..وهو على يقين أنه منسجم   مع فكر وروح جوليا وهذا ما جعله يحبها أكثر وأكثر ..ثم تذكر جملته التي قالها لها متهما إياها أنها فعلت ذلك عمدا لإهانته ..وهو يوقن أن الأمر ليس كذلك ..وأنه شعر بها وبأنفاسها وروحها وفكرها ..ولكنه ما قال ذلك إلا كردة فعل لما حصل
 ..وهو لن يقنع أمه بأي شيئ وتركها تفرغ ما في جعبتها من كلام علها تهدأ ..هو نفسه لم يعرف ما الذي حصل له ..لقد تغير كثيرا في الآونة الأخيرة ربما لأنه سمع نصيحة هاني وبدأ يتعرف إلى نفسه من جديد ..وينظر بطريقة مختلفة ..وعلى ما يبدو أن جوليا تمر بالمرحلة 
ذاتها ..إنه وعي جديد للحياة !!ولا بد أن يجتمعا في نهاية المطاف في منزل واحد بالرغم من اجتماع روحيهما ..وكان يوقن أن جوليا تشعر بالشيئ ذاته وكأنهما متفاهمين على أمر لم يتحدثا به سويا ..أين وكيف لست أدري !!

بكل الأحوال ..وجدت جوليا الوقت المناسب لتحدث به والدها ..فقد كان يتمشى في الحديقة ويتأمل الزهور ويبدو عليه انسجام واضح وجلي مع ذلك
 المكان ..فاقتربت منه بخطوات هادئة نظمتها زقزقة العصافير .وأمسكت يده بحب ..وقالت :
-أتعلم أني أحبك يا أبي كثيرا !!

-أعلم فهل من فتاة عاقلة لا تحب والدها!! ؟؟

-أبي إن كان مزاجك جيدا اليوم فاسمح لي أن أتجرأ قليلا وأتباحث معك بأمر مهم ..

-تفضلي ..

-أبي ألا تحب أن تراني سعيدة ؟

-طبعا ..

-ممم هذا جميل جدا ..ألا تحب أن تراني عروسا أزين لك الدار ..

-طبعا.. 

فقالت بصوت مرتجف :
-أنا لا أرى سعادتي إلا إلى جانب كمال ..

فأشاح بوجهه عنها وقال :
-جوليا لا تعتبري حبي لك ورقة رابحة تفوزين بها ضد مصلحتك ..تخيلي أنك تعيشين مع رجل أعمى ..ستكونين له كخادمة وليس كزوجة ..

-معك حق يا أبي وأنا لا أقول أن الأمر سهل ..وخصوصا أن والدته قد امتعضت من فقرنا ..لقد فكرت بكل هذا ..ولكني وضعت نصب عيني أن والدي
 إلى جانبي دائما ويحترم قراراتي ..سيكون معي إن تزوجت ..ولن يتركني إن تطلقت مع أني أشك بهذا ..فقلبي ينبئني أن كمال سيكون بحنانك وعطفك ..وسأطلب منه أن نسكن في منزل وحدنا ..لا أريد أن
 أفعل شيئا أنت لست راغبا فيه ..مع أن هذه حياتي الشخصية ..!!إلا أنني لست مستعدة أن أخسر حبك ورضاك ..وهناك أمر آخر ..إن جلست مع كمال فإنك ستبدل رأيك ..كنت أكرهه سابقا ..أما الآن وقد عرف
 قلبي الحب أصبحت أحب كل شيئ ..لا تعذب ابنتك بحبك لها يا أحن والد في الدنيا.. كن إلى جانبي ولا تخذلني ..

فصمت والدها للحظات مفكرا ومنتبها إلى نبرة ابنته الصادقة ..ماذا عساه يفعل الآن ؟كيف يقنعها أنها ذاهبة إلى الجحيم ..ليت الأبناء يملكون عيوننا ليروا أننا لا نمنعهم عن شيئ إلا لأجل مصلحتهم ..

ولكن مهلا يا والد جوليا ..ليتك أيضا تملك عيون ابنتك لترى كيف ترى الأمور من نظرتها ..ومن المعقول جدا أن تكون هي على صواب ..وحتى إن أخطأت ..ما المشكلة في ذلك ..ألم يولد الصواب من الأخطاء.. ؟؟دعها تجرب ..ولا تقف في طريقها ..

وشعر الأب أنه بحاجة لأن يجلس وحده كي يفكر بطريقة مغايرة . فطلب من ابنته أن تتركه قليلا ..فقامت بتقبيله على جبينه وقالت: 
-أنا أثق بك يا أبي ..فثق بي ..!!

وغادرت المكان وقلبها ينبئها أن الأمور ستكون كما يجب أن تكون ..وبينما كانت تهم   لتغادر المكان ..تفاجأت بشيئ  لم يخطر إلى بالها أن يحدث أبدا .وقالت بهمس :كمال!!!!! 

وطبعا لم يكن برفقة. والدته هذه المرة ..بل برفقة هاني ..وهذا ما يدعو للإطمئنان بعض
 الشيئ ..فاستقبلتهما بحفاوة ..ورآهم والدها ..فاقترب منهم بخطوات

متثاقلة.           
تعليقات



<>