رواية سر الحياة
الفصل الرابع4
بقلم ليلي مظلوم
ها هي الشمس قد أشرقت مجددا كعادتها ..كانت ليلة طويلة على الجميع ..جوليا وحسان وكمال وراشيل ..كل شخص منهم كان يفكر بما سيفعله في
اليوم التالي ..أما جوليا فقبل مغادرتها المنزل نظرت إلى نفسها في المرآة وحدثتها قائلة :لا تخافي يا جوجو ..فالأمور ستكون على ما يرام ..وإذا ما حاول كمال التعرض لي فإنني سأصرخ وسأضربه وربما أفلق رأسه نصفين..
ثم ابتسمت بثقة ..وتوجهت إلى جامعتها ..وما إن وصلت إلى هناك حتى تسارعت دقات قلبها… فقد يظهر لها ذلك المجنون من وراء الشجرة أو من وراء
الباب ..وربما يفاجئها ليخطفها ويشدها من يدها رغما عنها ..ولكن المفاجأة أنه لم يكن موجودا في الأجواء حتى ..اكتمل دوامها وعادت إلى منزلها ..وشعرت بفراغ وأمان
غريبين ..يبدو أن كمال قد صرف النظر عن الموضوع ...وهذا ليس من طبعه فما الأمر يا ترى
.. ومرت عدة أيام ولم ترَه أو ترى حسان حتى ..فتساءلت عن السبب ..وراحت بذاكرتها إلى اليوم الذي التقت فيه بكمال أول مرة ..وهو يصفر بفمه ويقول :شو هالجمال ..ليش الحلو تقلان علينا !!
أما هي فلم تنظر إليه حتى… ومشت مهرولة لتقع على الأرض ويبدأ بالضحك بشكل هيستيري بدل أن يساعدها ..ويقول :أنا لست بحاسد ..ولكنك على ما يبدو لست معتادة على الكلام المعسول…
وقد كرر ملاحقتها مرارا ومرارا… ولم تذكر أنها رأته وحده مرة فهو دائما محاط بالفتيات الجميلات… وكانت راشيل تترأسهن دوما ..ورأتهما مرات عديدة يتهامسان ثم يعطيها المال ..والكل يعرف أنها كانت ترافقه لأجل ماله ويرافقها لأجل جمالها ..ولكن ثمة كلاما كانت تود أن تقوله راشيل في ذلك اليوم…
وهدأت ذاكرة جوليا لتقول :لا يهمني… كم هي بلهاء وغبية ..وتدعي أنه حنون أيضا !!طبعا أليس هو المصرف المفتوح على مصراعيه أمامها…؟!
وها هي تتصل بها ..هل عرفت أنها تفكر بها ..أم هو تخاطر الأعداء ؟؟!!
-أهلا بالآنسة راشيل !!
-أهلا بك… أريد أن أطمئن عنك إن كنت بخير !!
-حقا؟؟!!
-نعم !!
-أنا بخير اطمئني… وأنت هل صالحتِ حبيبك ؟؟
-لم نتحدث منذ ذلك اليوم ..كان يوما ثقيلا…أعرف حسان جيدا عندما يكون غاضبا يفضل الإنفراد بنفسه…
-أعرفه أكثر منك ..وأظن أنه ليس غاضبا ..جربي حظك ..وأخبريه بماضيك يا حلوة !!وداعا !!!
أقفلت الهاتف وهي تشعر أنها تقمصت دور إنسانة أخرى ..فهذه ليست طباعها ..وهي نفسها تستنكر الفظاظة وتلعنها فكيف تمارسها مع الفتاة التي طلبت صداقتها…
ولكن مهلا لقد أخذت منها حبيبها أو التي تظن أنه كان حبيبا لها… فهي الآن لم تعد تشعر بتلك النار التي شعرت بها منذ معرفتها بأمر الخطوبة ..وكأن حدثا آخر أخمدها وهو غياب كمال عن الأجواء ..وترفعت عن السؤال عنه ..مع أنها افتقدته حقا ..ولكن لا بد من أنه يحاول أن يصطاد صيدا آخر..
مرت عدة أيام أخر… كانت مملة ..ولم يغب عن ذهنها كمال… لقد ارتاحت من غطرسته ولكنها لم تتخلص من التفكير به ..وقررت أن تذهب إلى الحديقة العامة حيث كانت تلتقي بحسان هناك ويلعبان سوية منذ الصغر ..وتفاجأت بوجوده يجلس على الكرسي ويدير ظهره ..فاقتربت منه خلسة ..ووضعت كفيها على عينيه ..فتلمس يدها ليقول :
-أنت جوليا !!
فضحكت فرحة بأنه لم ينسَ تلك اللعبة التي كانا يلعبانها صغارا ..وسألته :
-ألا زلت تتذكر ؟؟
-وكيف أنسى شيئا كهذا ؟؟
-لماذا أتيت إلى هنا… لابد وأنك مشغول البال !!
-نعم ..
-راشيل ؟؟أليس كذلك ؟؟
-هل كنت تعرفين الأمر ؟؟
-نعم…
-أريد أن أسألك سؤالا قد يبدو محرجا بعض الشيئ ولكن أخبريني بصراحة ..هل كنت تعنين حقا أنني الرجل الذي أحببته ؟؟
فشعرت جوليا بالإحراج ..ثم قالت بصوت متلكئ :
-نننعععمم كنت أظن هذا صراحة ولكنني كنت مخطئة !!
-ولكن لماذا كنت تلحين علي في الزواج ؟؟
-كنت أود أن أراك وأنت ترتدي بدلة الزفاف ..كنت أريد أن أحب زوجتك ..ولكن عندما علمت بأمر خطوبتك شعرت بالحزن والغيرة ..وأنها ستصرف اهتمامك عني ..ولم أود الزواج صراحة حتى لا يكون حاجزا بيني وبينك في الصداقة ..تمني الأمر وتخيله شيئ..وحصوله شيئ آخر ..فعندما اختبرت مشاعري عدلت رأيي ..
-والآن ؟؟
فتنهدت جوليا بعمق ..ثم امسكت يد حسان ونظرت إلى عينيه بحب وحنان ..ثم تمتمت :
-أعلم أنك تحب راشيل وهي تحبك أيضا ..دعك من ماضيها ..أنا على يقين أنها تحبك ..سامحها وانسَ كل شيئ !!
-هل هذا تهرب من الجواب يا جوليا ؟؟
-وماذا سيتغير؟؟
-أتعلمين أنني كنت أريد خطبتك ..ولكن إلحاحك علي بالزواج حال دون ذلك ..
