روايه أحنا اتقابلنا قبل كده
( الجزء الخامس )
بقلم ياسر عوده
توقفنا فيما سبق حينما طلب الطبيب من الممرضه الذهاب الى
غرفه الاستاذ جاسر لتخبره بان هناك متبرع للقلب .
حضرت الممرضه لغرفه جاسر لتخبره بالخبر الذى كان قد يأس
من سماعه ، ولكن من هو جاسر ، انا اقولكم مين جاسر دا من اكبر رجال الاعمال بالوطن العربى ، يملك اكبر مصانع لصناعه
الملابس الجاهزه ، ومعظم مصممى الازياء بيتعاملوا مع مصانعه ، مشهور جدا بفرنسا وامريكا وليه مصانع فى مصر ،
هو مصرى بس مقيم فى دبى ، رجل لم يتجاوز الاربعين من عمره ، متزوج من دكتوره تجميل ، وهى على قدر كبير من الجمال ، شخصيتها رائعه ، ومن اشهر اطباء التجميل فى دبى
اسمها رند ، وليس لديهم ابناء سوى طفله واحده اسمها روان ، تبلغ من العمر ثمانيه اعوام .
كانت حاله جاسر قد ساءت حاله جاسر للغايه ، وذلك لانه اكتشف مرض قلبه مؤخرا وكان فى حاله متدهوره ومتأخره ، ولزم المستشفى ، واخيرا قد استسلم للامر الواقع ورضى بما كتبه الله له .
كان جاسر بغرفته ومعه زوجته ومكس بيده ابنته الصغيره يحتضنها وكانه يودعها ، ودخلت الممرضه لتقول له : استاذ جاسر ، الدكتور بعتنى علشان اخبرك ان احنا لقينا متبرع للقلب ، وكل الفحوصات اللى اتعملت بتقول ان الانسجه متطابقه معاك ، وهنحضرك دلوقتى علشان تدخل غرفه العمليات .
لم يصدق جاسر او زوجته ما سمعوه ، فلقد بداء ان هناك امل جديد قد ظهر ، واحتضنت رند زوجها جاسر وهى تبكى من الفرحه ، بداء جاسر يقول الحمد والشكر ليك يا رب ، حتى الطفله الصغيره كانت سعادتها لا توصف .
دخل جاسر غرفه العمليات ، استمرت تلك العماليه قرابه خمس ساعات تقريبا ، واخيرا انتهى الامر ، وخرج الطبيب من غرفه العمليات ليخبر رند زوجه جاسر ان العمليه قد نجحت وانه مع الوقت سوف يتحسن باذن الله ، كانت الفرحه التى شعرت بها رند لا توصف ، فهى تحب زوجها بشده ، كما ان زوجها لم يحب امراءه بحياته غيرها .
خرج جاسر من غرفه العمليات ووضع بغرفه العنايه المركزه تحت الملاحظه ، بعد بضعه سعات بداء جاسر يستفيق ، واخذت زوجته تحتضنه وابنته ايضا ، وجاءه الطبيب ليطمائن عليه وقال له : الف حمدالله على سلمتك يا استاذ جاسر ، انت بقى عندك قلب جديد ، واكيد هيبقى فى شويه اختلافات وتصرفات مختلفه ، بس مع الوقت الدنيا هتتظبط باذن الله .
رند : اختلافات ايه يا دكتور انا مش فهمه تقصد ايه ؟
دكتور : القلب اللى حطناه للاستاذ جاسر كان لشخص غريب مش من الامارات ، من مصر ، مات وخدنا قلبه ، وطبعا انا عملت العمليه على مسئوليتى الشخصيه ، وحتى لما بعت استعلم عليه بعد العمليه ، اللى عرفته عن الشخص الميت دا يا دوب اسمه ، وعنوانه بس ، ومكنش ليه اى قرايب ، بس عرفت معلومه مكناش نعرفها هتغير كتير فى سلوكيات الاستاذ جاسر .
رند : وضح يا دكتور لو سمحت ؟
دكتور : الشخص اللى خدنا قلبه كان اسمه عابد ، واللى عرفته انه كان اعمى .
رند : ودا يفرق فى ايه مع جاسر ؟
دكتور : من الاعراض الجانبيه لاى عمليه نقل قلب ان الشخص اللى بيتنقله قلب سلوكياته بتتضارب ، لان فى سلوكيات كتير بيكون القلب هو السبب فيها ، فطبعا ممكن تلاقى حاجات مكنش بيحب يعملها وعملها ، او مكنش مثلا بيحب ياكل نوع معين من الاكل وتلقيه عاوز يكولها ، دا طبعا بيبقى راجع لطبيعه صاحب القلب الميت ، واما عابد فكان فاقد حاسه النظر يعنى اعتماده على بقى الحواس قوى ، وخصوصه حاسه السمع ، وطبعا حكمه على الامور كانت بالقلب اكتر من العقل لان العقل بيرجح دايما الاشياء المرئيه ، وعلى ما اظن الاستاذ جاسر سلوكياته هتتغير لو قدر قلب عابد يتغلب على عقل الاستاذ جاسر ، وهيحتاج وقت طويل علشان يتعايش عقله مع القلب الجديد .
رند : اللى اعرفه يا دكتور ان العقل هو المتحكم فى تصرفات الانسان ، وبخصوص جاسر هو انسان عاقل ومتزن للغايه ، انت عارف انه من اكبر رجال الاعمال ، وديما بيتفوق بتفكيره لغايه ما عمل كل ثروته دى .
دكتور : منا قولت لحضرتك ، هيبقى فى صراع بين القلب والعقل ، ومحدش فينا عارف مين اللى هيتغلب فى الاخر .
رغم ان كلام الدكتور كان خطير للغايه ، الا ان لم تهتم رند وايضا لم يهتم جاسر بالامر ، فكل ما يهم هو حصوله على فرصه ثانيه للحياه ، وان يبقى بجانب زوجته حبيبته وجنب ابنته الغاليه .
مرت الايام سريعه ، وبداء جاسر يعود لعمله ، واستمرت حياته على هذا الحال .
ننتقل سريعا الى مصر ، ونعود بالقت للخلف لليوم الذى كان يجب ان يعود فيه عابد الى مصر ، كانت هند بالمطار تنتظر عوده عابد على الطياره القادمه من دبى ، ظلت هند بالمطار طويل وحينما سئلت على الطائره ووجدت انها وصلت من ساعتين تقريبا ، اخيرا جاوبها احد العاملين بالاستعلامات بالمطار واخبرها ان اسم عابد من ضمن الاسامى التى كانت مفترض ان تاتى على متنا الطائره ولكنه لم يركب الطائره ، قلقت هند كثير ، فهى تعرف بظروف عابد ، اخذت تحاول معرفه ما حدث باى وسيله ، ولكن كان الامر صعب ، فتليفون عابد قد تضمر بالحادث ، وذهبت هند اليوم التالى للقناه التى كان يعمل بها عابد لتسئلهم عنه ، ولكن اخبرها المسئول عن تلك القناه ان عابد اخذ اجازه فى تلك الفتره التى سافر اليها لان هذه السفريه لم تكن من ضمن شغل القناه وانما شغل خارجى عن القناه ، وليس لهم حق فى الاستفسار عن ذلك الشغل الخارجى ، ونصحها المسئول عن القناه ان تتوجه للخارجيه المصريه لتستعلم عن عابد .
بالفعل اخذت هند بنصيحه هذا الرجل وذهبت لمبنى الخارجيه المصريه وطلبت الاستعلام عن مواطن مصرى ذهب الى دوله الامارات ولم يعد من حينها وانقطع به كل سبل الاتصال ، ونظرا لظروف عابد الصحيه تحركت الخارجيه بالفعل للاستعلام ، واستمر الامر اسبوع تقريبا ، وبينما كانت هند بشقتها فى احدى الايام ، فهى قد امتنعت عن العمل لعدم قدرتها على التركيز ، وذلك لانشغالها الدائم على عابد ، وبينما هى على هذا الوضع جائها شخص من الخارجيه ، حينما دق جرس الباب وفتحت له هند عرف عن نفسه وقال : حضرتك الاستاذه هند ؟
هند : ايوه انا مين حضرتك ؟
فاجاب الرجل وقال : انا عصام ، مدير مكتب الاستعلام بالخارجيه المصريه .
هند : اهلا وسهلا ، اتفضل حضرتك ادخل ، ودخل عصام وبمجرد ان جلس ، اسرعت هند وقالت له : حضرتك جاى بخصوص عابد صح ؟ فى اى اخبار عنه ؟
فنظر اليها عصام وقال لها : ممكن بس حضرتك تقعدى علشان نعرف نتكلم ؟
انقبض قلب هند ، شعرت بان هناك شيء سيء حدث لعابد ، جلست وانتظرت ان يتكلم عصام ، وبداء عصاب بالكلام بالفعل
وقال لها : عابد وهو رايح للمطار حصله حادثه كبيره شويه ، و ..............
وهنا قاطعت هند حديث عصام وقالت له : هو عابد مات .
فسكت عصام ولم يتحدث بكلمه ، ففهمت هند ان ما قالته صحيح ، اخذت
تبكى وتصرخ بشده ، حاول عصام تهداءتها ولكن بدون جدوى ، وحينها شعر عصام ان وجوده ليس
له معنى وقام من مكانه وخرج من الشقه وترك هند تبكى على حبيبها وخطيبها عابد .
