أخر الاخبار

رواية وجع الهوى الفصل الاول والثانى بقلم ايمى نور



رواية وجع الهوى 


 الفصل الاول و الثانى


بقلم ايمى نور 


داخل القاعة الكبيرة الخاصة بالاستقبال فى منزل احدى اكبر عائلات القرية عائلة(المغربى

يترأس الجلسة الشيخ جاد المغربى بهيبته وسنوات عمره التى تجاوزت السبعون يستند بعصاه وبجواره ولده الاكبر علوان وحفيده سعد

تقابلهم فى الناحية الاخرى افراد العائلة الاخرى المنافسة لهم من حيث المكانةوالثراء عائلة (الصاوى)

متمثلة فى كبيرها جلال الصاوى بجسده فارع الطويل وملامحه الوسيمة لكنها تحمل من الحدة والصرامة تتجاوز سنوات عمره التى تجاوزت الثلاثين تزينها لحية قاتمة السواد كشعره تماما وعينيه الذهبية الحادة ثابتة بهدوء وهى تتابع وجوه الجالسين بعد ان القى    بطلبه اليهم يجاوره عمه صبرى يسود الجلسة الصمت الحاد ارجاء المكان فى انتظار رد الشيخ جاد المغربى على الطلب الخاص بعائلة الصاوى ليجلس الشيخ جاد مستندا بكفيه فوق عصاه ينظر ارضا بتفكير لكن تأتى الاجابة بصوت حاد متكبر من ولده الاكبر علوان هاتفا

= طلبك مرفوض يابن الصاوى ارضنا مش للبيع ولو دفعت فيها اد اللى قلته عشر مرات

عقد جلال حاجبيه شديدى السواد بشدة قبل ان يشير بطرف عينيه لعمه والذى تحفز جسده يهم للرد عليه ردا حادا عنيف ولكن تأتى اشارة جلال له    بالصمت تكبل رده اللاذع قبل النطق به فزفر بحدة ووجهه شديد الحنق يطبق شفتيه بقوة وهو يرى جلال يلتفت مرة اخرى ناحية الشيخ جاد المغربى موجها حديثه اليه متجاهلا تماما بتعمد علوان قائلا بصوت هادئ لكن لا يخلو من الصلابة

= قلت ايه يا حاج جاد احب اسمع ردك

هذه المرة هب علوان واقفا وقد اغضبه تجاهل جلال المتعمد له قائلا بحنق

=جرى ايه يابن الصاوى ماوصلك الرد ولا تحب .....

قاطعه صوت والده يهتف به بصرامة

=علوان...الكلام مايبقاش كده

التفت علوان الى والده قائلا بغيظ

=اومال ازاى يا بويا مانت شايف بعنيك بتكلم ازاى

هز جاد رأسه يشير اليه بالجلوس قائلا بجدية لا تقبل المجادلة

=اقعد يا علوان وخلينا نتكلم بالعقل

جلس علوان مكانه بعنف زافر بغضب ووجه حانق فيسود الهدوء بعدها للحظات قبل ان يقول جاد بصوت هادئ موجها حديثه الى جلال الجالس براحة وهدوء فوق مقعده

= اسمع يابنى زاى ما قال علوان ولدى احنا ما بنبعش ارضنا ولو بكنوز الدنيا حتى ولو   فيها موتنا الارض عرض وانت فاهم كلامى ده كويس وعارف يعنى ايه الواحد يفرط فى ارضه

جفل وجه جلال لا يخفى عليه معنى كلمات جاد المستترة لكنه اسرع باسدال ستار البرودة فوق وجهه

ينهض واقفا يتبعه عمه فورا قائلا بهدوء

= تمام ياحاج جاد ردك وصلنى . بس كنت اتمنى انه يكون غير كده خصوصا ان الارض اللى بطلبها دى ارض الصاوى من الاساس

ابتسم الشيخ جاد المغربى قائلا بهدوء هو الاخر يشير الى جلال بالجلوس

= اقعد يا جلال يابنى انا لسه مخلصتش كلامى ولا ردى على طلبك لسه اتقال

عقد جلال حاجبيه بشدة ينظر الى جاد المغربى بتفكير فيتبدلان النظرات فيما بينهم للحظات بثبات قبل ان يجلس مرة اخرى ليكمل جاد بصوت هادئ واضح النبرات

= شوف يابنى زاى ماقلت فى وقت سابق ارضنا مش للبيع ولو على رقابنا بس...

قطع كلماته فجأة ينظر ارضا للحظة ساد خلالها التوتر ارجاء المكان قبل ان يرفع رأسه مرة موجها نظراته اللى جلال بحزم يكمل بتروى حازم

= بس ممكن نهاديها لبنتنا وقت ما تيجى وتتجوز وهى ساعتها حرة تعمل ما بدلها فيها ..تخليها بأسمها... تكتبها لعيالها ..ولا حتى تكتبها لجوزها ده منقدرش نتكلم فيه ولا نقول عليه لا

توتر الجو فور نطق جاد بتلك الكلمات تتجه جميع الاعين اليه بصدمة وذهول لكنه لم يحيد عينيه عن عينى جلال والذى بادله اياها بحزم حتى دوت صرخة علوان المستنكرة تهز ارجاء المكان يصرخ بعضب وجنون

=بتقول ايه يابويا بقى مرضناش نديله الارض ...فنديله بنت من بنتنا كمان فوقها

ادار جاد وجهه ناحية ناحية ابنه يجز فوق اسنانه قائلا بحدة وصوت خافت

= اقعد مكانك ساكت ولو مش عجبك كلامى اخرج بره حالا

شحب وجه علوان بشدة يبتلع لعابه ببطء وحرج قبل ان يخفض وجهه ويعاود الجلوس فوق مقعده مرة اخرى دون ان ينطق بكلمة واحدة ليعاود   جاد الالتفات الى جلال ينظر اليه فيعود بينهم حديث الاعين مرة اخرى للحظات قال بعدها جلال بهدوء وجدية

=حاج جاد انا يشرفنى اطلب ايد حفيدتك ليا

ابتسم جاد ببطء عينيه تلتمع بسرور قائلا بسعادة

=وانا يشرفنى طلبك ده وموافق عليه

⭐🌙⭐🌙⭐🌙

=انت بتقول ايه يا جلال بنت المغربى مين اللى هتتجوزها طيب وانا

صرخت سلمى ابنه عمه بكلماتها تلك ثم ترتمى فى احضان والدتها تبكى بمرارة وحرقة بشهقات عالية يرتفع معها صرخة والدته هاتفة بحدة

= ده لايمكن يحصل ابدا على اخر الزمن بنات المغربى يسكنوا دارنا...مش دول اللى كانوا السبب فى ان ابوك يخسر ماله وتجارته وباع بسببهم الارض

قاطع جلال كل ما يقال بصوت حازم صلب قائلا

= ملوش لزوم الكلام ده يا امى انتى عارفة كويس الارض اتباعت ليه وعلشان ايه ...و احنا قرينا الفاتحة خلاص وكتب الكتاب والدخلة كمان شهر

ارتفعت شهقات سلمى الباكية اكثر فور انتهاء حديثه لتلفت زاهية والدتها ناحية زوجها وولدها الجالسين بوجوم وصمت منذ بدء الحديث قائلة بذهول وحدة

= وانت عجبك اللى حصل والكلام ده يا صبرى وموافق عليه

جاءتها اجابته وهو يخفض وجهه قائلا بتجهم

= اللى عمله جلال هو الصح والا الارض عمرها ما كانت هترجع لينا من تانى

رفعت سلمى راسها عن صدر والدتها تصرخ بغل

= تولع الارض على اللى عاوزها ....

هنا رفعت الحاجة راجية جدتهم راسها بحدة صارخة بغضب بعدما كانت جالسة تتابع الى ما يحدث بصمت وتركيز

= ارض ايه اللى تولع يا بت صبرى الارض دى اللى عملت ليكى ولاهلك القيمة والهيبة اللى دايرة تتمنظرى بيها انتى وامك على خلق الله ولولا جلال قدر يرجع اللى راح عمر ماكان هيبقى ليكم قيمة ولا تمن وسط الخلق

اقترب جلال منها يربت فوق كفها جاذبا راسها اليه يقبل جبينها بحنان قائلا

= اهدى يا جدة هى اكيد ما تقصدش حاجة بكلامها

صرخت سلمى بغضب اعمى تدب قدميها بالارض

= لا اقصد ..وبقولها تانى وتالت تولع الارض على اللى عاوزها

ثم اسرعت بالجرى ناحية الدرج تصعده بسرعة بشهقات بكائها العالية تتبعها والدتها وهى   تناديها بلهفة وجزع فيسود الصمت ارجاء المكان من بعد ذهابها العاصف لتقول الحاجة راجية بعد حين بصوت خافت

: شايف بنتك يا صبرى بتقول ليه ايه

اسرع صبرى بالانحناء فوق كفها يقبله بحنان قائلا بخفوت واسف

= حقك عليا ياما بس معلش عيلة صغيرة و متفهمش اللى حصل وصعب عليها تعرف قيمة الارض وغلاوتها ايه

هزت راجية راسها بالموافقة قبل ان تلتفت الى جلال تضع كفها المتغضن فوق وجنته تتلمسها بحنان قائلة

= عندك حق يا صبرى مش اى حد يعرف قيمة الارض وغلاوتها

قبل جلال باطن كفها برقة لتبتسم له بحنان شع من كل ملامحها لكن تأتى مقاطعة قدرية لتلك اللحظة حين سألت بوجوم وصوت يظهر فيه رفضها لما يحدث

= وياترى قريت فاتحة مين من بنات المغربى ..على حسب ما اعرف مفيش عندهم بنات للجواز غير ....

قطعت كلماتها يرتسم الذهول وصدمة فوق وجهها حين أوما لها صبرى براسه بالايجاب يجيبها بخشية وهو يرمق جلال بقلق قائلا

=جلال قرى فاتحة الكبيرة يام جلال

قدرية بعينين مشتعلة عنيفة يكاد صوتها يشق عنان السماء مستنكرا

= تقصد مين...تقصد ليله اللى كانت خطيبة راغب

تقصد البايرة واللى محدش عبرها من بعد ما خطيبها سابها هتبقى مرات ابنى انا ...هتبقى مرات كبيركم

نهضت صارخة تضرب بكفيها فوق راسها بهستريا قائلة

= ياميلة بختك فى ولدك يا قدرية...بقى جلال كبير عيلة الصاوى يكون من حظه البايرة ...ياميلة بختك ياقدرية

نهض جلال واقفا يهتف بحزم وصوت لا يقبل المجادلة يعلم الجميع ان لا حديث يقال بعد حديثه حين يستخدم تلك النبرة لتصمت قدرية فورا حين صدح صوته قائلا

= انتهينا خلاص يا امى كلام فى الموضوع ده وليله ولا اى كان اسمها من هنا ورايح بقيت محسوبة على عيلة الصاوى وهتبقى مرات كبيرها ومفيش حاجة هتغير من كلامى ده

⭐🌙⭐🌙⭐🌙

= لسه مش عاوزة تبطلى عياط يا ليله

التفت ليله بوجهها ناحية شقيقتها بعينيها المتورمتين من اثر بكائها منذ ان اخبرها جدها باقتضاب بنبأ زواجها لتعلم بما حدث حرفيا فيما بعد وكيف تم طلب الزواج هذا شاعرة بالانكسار والمهانة وهى تتسأل بألم هل وصل بها الحال الى هذه الدرجة فيتم عرضها بتلك الطريقة على هذا الخاطب هل اصبح وضعها مزرى لتلك    الدرجة فى نظر جدها حتى يقوم بتقدم تلك الارض له فى مقابل تنازله والزواج منها

تساقطت دموعها بغزارة وصمت فوق وجنتها تلتف ناحية النافذة مرة اخرى تطالعها مرة اخرى بحزن ينفطر فؤادها به فتتنهد شقيقتها شروق بشفقة وهى تجلس بجوارها تنظر اليها للحظات قبل ان تقول بخفوت ورقة

= ارضى يا ليله و وافقى .

نظرت ليله اليها متعسة العينين بذهول .لتومأ لها شروق قائلة بحنان

= ايوه وافقى وعيشى حياتك مش يمكن تلاقى فى بيت الصاوى اللى يعوضك عن كل اللى حصلك

اغمضت ليله عينيها بألم تتساقط دموعها بحسرة هامسة

= وايه اللى مستنية القاه هناك بعد ما خدونى فوق البيعة ياشروق...ليله البايرة العانس زاى ما كل البلد بتقول عنها هتلاقى ايه فى بيت الصاوى غير ذل ومهانة بعد ماجدها باعها ليهم ببلاش

اسرعت شروق بالامساك بوجهها بين كفيها ترفع عينيها اليها تهتف بلهفة وحنان

= جدى ما بعكيش يا ليلة جدى دور على مصلحتك ولا كنتى عاوزة تقضى عمرك كله تسمعى كلام اللى حوالينا اللى زاى سم وتموتى كل يوم بالبطئ من همز ولمز اللى حواليكى

فكرى يا ليله وهتعرفى ان جدى معملش غير اللى فيه صالحك

ارتمت ليله بين ذراعيها تبكى بمرارة وتتحدث بكلمات متقطعة بألم تخرج من فمها بصعوبة

= غصب عنى يا شروق انا حاسة زاى اللى خدوها من الدار للنار ولا عارفة تفرق بين ايه الصح وايه الغلط

ربت شروق فوق ظهرها قائلة بحنان

= صدقينى يا ليله اى عريس هيكون احسن من ابن عمك ولو حتى كان طبعه ايه وقلبى حاسس ان بكرة هيكون احسن وربنا هيعوضك بكل خير

⭐🌙⭐🌙⭐🌙

وهاهى تجلس بفستان زفافها داخل ذلك الجناح والذى خصص لها مع عريسها فى منزل عائلة الصاوى تشعر بالرهبة ودقات قلبها تتعالى فتصم اذانها بينما جلست والدتها بجوارها فوق الفراش تبتسم لها بحنان هامسة برفق وطمأنينة

= متخفيش يا قلب امك ولا تشغلى بالك بحاجة ...

اسرعت تكمل بلهفة تحاول بث الطمأنية اكثر بداخلها

=عارفة انا قلبى حاسس ان جلال الصاوى طيب وقلبه حنين غير ما بيقولوه وبنسمعه عنه خالص

زحف الشحوب الى وجهها تنظ الى والدتها ترتجف اثر كلماتها التى لم تقم بتهدئة مخاوفها بل زادت من رهبتها وخوفها اكثر لتسرع شروق تهتف بمزاح فى محاولة لتدارك الامر

= شوفتوا مرات عمى كانت قاعدة طول الفرح ازاى انا كنت حاسة انها هتنفجر فى مكانها من الغيظ

التفت لها ليلة تهمس برجفة

= مكنتش مرات عمك بس يا شروق اللى هتنفجر انتى مشفتيش ستات عيلة الصاوى كانوا قاعدين ازاى ولا عملوا ايه لما دخل مع جدك ولا واحدة فيهم نطقت بكلمة طول الفرح كانهم كانوا جايين عزى مش فرح

احتضنتها شروق اليها هامسة بحنان

= سيبك منهم ومتزعليش وان شاء الله مع الايام الامور كلها هتتظبط هى بس السرعة اللى حصل بيها الجواز خلت الكل مشدود وعلى اعصابه

رفعت ليله عينينها الملتمعة بدموعها تدرك ان لا شيئ مما تقوله حقيقى وان نساء    عائلة الصاوى رافضات لتلك الزيجة وبشدة وهذا ما ادركته منذ لحظة تمنعهم عن زيارتها او السؤال عنها طوال فترة الخطوبة وعدم اتباعهم التقاليد المتعارف عليها فى تلك الفترة متجاهلين وجودها    تماما كأنها ليس لها وجود فى حياتهم حتى هو لم تراه سوى مرة واحدة كانت اثناء وضعه لدبلته حولها اصابعها بسرعة وعملية دون ان ينطق بحرف واحد لها ولو حتى بالمباركة ثم يخرج فورا مع جدها فلا تراه من وقتها حتى يومهم هذا

فتح الباب فجأة تطل منه والدة زوجها الحاجة قدرية بملابسها المتشحة بالسواد وعينيها المرتسمة بالمرتسمة بالكحل بنظراتهم الحادة تهتف بصلابة وجمود

=ادمكم كتير فى القعدة دى... العريس واقف من بدرى بره وعاوز يدخل لعروسته ولا انتوا رايكم ايه

اسرعت والدة ليله بالنهوض تهتف بحرج وارتباك

= لاا خلاص احنا كنا ماشين من بدرى

ثم اسرعت تقبل ابنتها سريعا تتبعها شروق والتى همست لزينة بحنق وغيظ

= حماتك عاوزة الخنق بس يلا هفوتلها علشان خاطرك .... قبلتها على وجنتها تكمل بحنان

= هروح وهبقى اكلمك اطمن عليكى

ثم تحركت تلحق بوالدتها مغادرين الغرفة تتبعهم نظرات قدرية للحظات قبل ان تلتفت لليله الواقفة باقدام مرتعشة ودقات قلب تتعالى بقوة تتطالعها من اعلاها الى اسفلها لاوية شفتيها الى الجانب مصدرة صوت   من بينهم دليل عن عدم رضاها وثم تخرج مغلقة خلفها الباب بقوة لتهبط ليله جالسة فوق الفراش باحباط تتقاذف الدموع خارج عيونها مغرقة وجنتيها لكنها اسرعت بمسحها بعنف لاعنة حظها تهمس بألم

= عجبك كده يا جدى ... فرحت لما اتخلصت من ليله البايرة بجوازتها دى . ارتحت لما رمتنى وسط نار مش عارفة اولها من اخرها فين

رفعت وجهها يرتسم الرعب فوق وجهها حين فتح الباب مرة اخرى تطالع القادم الان والذى لم يكن سوى عريسها المنتظر يقف بقامته الهائلة وجسده الصلب واكتافه العريضة اما وجهه فكان كصفحة بيضاء لها لا تظهر فوقه اى من المشاعر او التعبيرات حتى فى عينيه الذهبيتان والتى طالعتها ببطء وتركيز جعلها تخفض وجهها   خجلا منه ترتجف برهبة وهى تستمع الى صوت اغلاقه للباب و تقدم خطواته منها بهدوء حتى وقف امامها تماما فتطالع عينيها حذائه الملتمع للحظات ساد الصمت فيهم لا تسمع من خلاله شيئ سوى دقات قلبها والتى كادت تصم اذانها انتظارا لحركة منه ولكن وجدته يتحرك مرة اخرى مبتعدا عنها للطرف الاخر يصل بعدها صوته القوى الحازم اليها قائلا

= روحى غيرى هدومك فى الحمام وانا هستناكى هنا علشان علشان عندى كلمتين عاوز اقولهملك

رفعت عينيها سريعا باتجاه صوته بذهول ولكن اسرعت بخفضها مرة اخرى تهز راسها بالموافقة تلملم فستانها من حولها بيد وبالاخرى تمسك    بقميص باللون الابيض كان موضوع فوق الفراش ثم تتجه ناحية الباب الوحيد الموجود داخل الغرفة باستثناء باب الدخول تفتحه ببطء تدلف الى الداخل ثم تغلق بابه خلفها بهدوء


⭐🌙⭐🌙⭐🌙


استغرقت الكثير من الوقت داخل الحمام حتى استطاعت التعامل مع سحاب فستانها والتخلص منه ثم وقفت تنظر الى نفسها فى المرأة المعلقة تشعر بالغصة تملأ حلقها وهى تتطالع جسدها ذو القامة الصغيرة    نسبيا المرتسم داخل هذا القميص وفوقه روب من نفس النوع والذى برغم احتشامه المعقول الا انها شعرت بانه لا يناسبها لا هو ولا شعرها العجرى المتناثر حول وجهها المستدير بلونه البنى القاتم المطابق لعينيها تلعن نفسها الف مرة رفضها ان تقوم شروق بكيه لها حتى تهذب من جنونه مبررة ذلك بانها تريده ان يراها بلا اى محاولة منها لتجميل او اخفاء ما تراه دائما احدى عيوبها التى طالما كرهته تبتسم بسخرية من حماس شروق وقتها لتركها له على حاله تخبرها كما تفعل دائما بأنه    احدى تلك الاشياء المميزة بها والتى تجعلها اشبه بحورية ذات شعر غجرى تدرك جيدا ما تحاول فعله من رفع لثقتها بنفسها فتنجح فى ذلك حينها اما الان وهى تنظر الى نفسها فى المرآة تشعر بعدم الثقة والقلق من قرارها


زفرت تغمض عينيها تحاول طرد تلك الدموع بعيدا والتى تتزاحم للخروج من محبسها تحاول التنفس ببطء عدة مرات ثم تحركت تفتح الباب ببطء تخطو خارجه باقدام عارية مرتعشة ترفع عينيها باحثة عن مكان وجوده فتراه يجلس فوق الاريكة ذات اللون الازرق     وقد بدل ملابسه لملابس بيتية مريحة امامه صنية الطعام المخصصة لليلة الزفاف يراقب تقدمها منه بهدوء ووجه خالى من التعبير ثم يحدثها بصوت غير مبالى وهو يشير الى ناحية صنية الطعام

= تعالى اتعشى الاول وبعدين نتكلم


هزت راسها برفض هامسة بارتجاف وصوت يكاد يسمع

= مش عاوزة ...انا مش جعانة


هز جلال راسه بتفهم قبل ان يقول بصوت واضح النبرات

= طيب تعالى انا عاوزك اتكلم معاكى كلمتين


اتجهت ناحية المقعد المجاور للاريكة وهى تراه جالسا براحة فوقها وملامح وجهه مازالت على حالها من عدم الوضوح ينتظرها ان تجلس فاسرعت بالجلوس تحول لملمة اطراف ثوبها من حولها ثم يسود الصمت للحظة قبل ان يقول جلال بصوت عملى جاد

= اسمعى يا ليله كلامى كويس وياريت يوصلك اللى عاوز اقوله


كانت هى تخفض راسها ارضا تفرك اصابعها بتوتر وهى تستمع الى صوت الجاد برجفة تتملكها وهو يكمل بهدوء

= شوفى يا بنت الناس احب تكون حياتنا من اولها على نور ...مش هضحك عليكى واقولك ان ليا فشغل الحب والعواطف الكلام الفاضى ده احنا الاتنين مش صغيرين وعارفين جوازنا كان ليه وعلشان ايه ..انتى    مراتى وليكى عندى احترامك وتقديرك بس اكتر من كده مقدرش اوعدك بحاجة مش هتكون فى يوم من الايام فياريت تفهمى كلامى ده كويس علشان بعد كده ما نرجعش نقول ونعيد ونستنى حاجة مش هتحصل


شعرت بغيمة الدموع تغشى عينيها مرة اخرى لكن هذه المرة تصحبها غصة كادت ان تخنقها لكنها حاولت ان تتماسك وهى تسمعه يتحرك من مكانه    مقتربا منها يكمل وبنرات صوته تتغير للطف كما لو كان احس بقسوة كلماته السابقة عليها

= انا عارف انى كلامى ده لا وقته ولا مكانه بس انا حبيت كل حاجة بينا تبقى على نور من اولها علشان نقدر نكمل اللى جاى من غير ماحد فينا يستنى من التانى اللى مش هيقدر يعمله ..فاهمة كلامى يا ليله


انتظر اجابتها لكنها لم تستطع ان تخرج حرف واحد من بين شفتيها وكل ما استطاعت    فعله هو هز راسها له بالايجاب ببطء وهى مازالت تخفض راسهاتخفى خصلات شعرها المتمردة عنه تعبيراتها المتألمة تجفل بشدة حين شعرت بانامله فوقها ترجعها خلف اذنيها هامسا براحة

= انا كنت عارف انك هتقدرى تفهمينى وبخصوص موضوع الارض .....


ابتعت لعابها تقطع كلماته تدرك جيدا حديثه قادم لاتريد منه اضافة المزيد من الاهانة والاذلال بتذكيرها بسبب اختياره لها كعروس له هامسة بصوت خافت خرج بصعوبة من بين شفتيها

= عارفة كل حاجة عنه جدى قالى ومستعدة انفذ فى اى وقت تحدده


ابتسم جلال برقة قائلا ومازالت انامله تعبث بخصلات شعرها

= طيب تمام كده اوى ..وبما اننا اتفقنا على كل حاجة تحبى تتعشى الاول ولا ننام على طول


عند ذكره لامر النوم ودون ان تشعر هبت وافقة بأرتباك قائلة بصوت متحشرج ومتلعثم من شدة خوفها

= ليا عندك.. طلب يااريت ....لو توافق عليه ..


جلال بهدوء متابعا حالتها المرتبكة برأفة

=قولى يا ليله ولو اقدر مش هتأخر اعمله ...


جلست مرة اخرى تفرك كفيها بعصبية لا تدرى كيف تحدثه بما يجول بذهنها فهى لا تظن انها تستطيع ان تتعامل معه كعروس عادية سعيدة بعد حديثه    السابق لها وما وضحه من امور خلاله جعلتها تدرك قيمتها الحقيقة لديه وبانها لم تكن سوى وسيلته لوصوله لارض عائلته وقد حاول تبيهها لهذا منذ اول ليلة لهم معا لذا تشجعت قائلة بخفوت تتلعثم حروفها

= زاى ما....قلت ليا من شوية....عن..جوازنا وظروفه ..

انا ..كنت ..عاوزة لو.. ممكن...لو ممكن يعنى انى اخدفرصة ...علشان..اقدراتعود ...عليك..قبل يعنى ...يعنى...


زفر جلال بقوة يتراجع للخلف ببطء يراقبها بتمعن وتفكير بينما جلست ترتجف فى مقعدها فى انتظار رده على مطلبها حتى اتاها رده بعد فترة  طويلة من الصمت كادت اعصابها فيها ان تنهار قبل ان يقول بهدوء وبنبرة خالية من المشاعر

= تمام ياليله اللى تقصديه وصلنى .. ومعنديش اى اعتراض عليه ...وعاوزك تفهمى ان عمرى ما هغصبك على حاجة مش عاوزاها


ثم اتبع كلامه ناهضا من مكانه متجها ناحية الفراش يستلقى عليه يغلق الاضواء دون اى كلمة اضافية منه ليعم ظلام محدود ارجاء الغرفة اما هى فقد جلست مكانها تشعر بالذنب يتأكلها كما لو كانت هى    من قامت باهانته وليس هو حين حطم امالها كاى فتاة فى ليلة زفافها تنظر من زوجها ان يسمعها ما يجعلها تطمن على القادم من حياتهم سويا لا نفيا قاطعا منه واخباره لها ان لا تنظر منه ان يحبها فى يوم من الايام كأنه مستحيل لا يمكن ان يتحقق

لكنها لا تلوم عليه بل لومها وألمها يقع على عاتق جدها تلومه هو فقط على كل مايحدث معها فقد كان من الهين عليها ان تعيش حياتها كلها حاملة لقب (البايرة )كما يحلو لهم ان يطلقوه عليها ولا ان تعيش    لحظة المها هذا وهى تستمع الى زوجها يخبرها بما قاله لها منذ قليل محطما كل امالها ان تحب وتعشق كما الفتيات فى مثل عمرها فى سيبل التخلص من عنوستها المزعومة فى نظر اهلها..


تنهدت بألم تترك لاول مرة العنان لتلك الدموع الحبيسة الحرية اخيرا من محبسها تبكى بصمت والم تعلن الحداد على فرحة لم ولن تكتب لها ابدا


⭐🌙⭐🌙⭐🌙⭐


استيقظت على صوت طرق عالى فوق باب غرفتهم وحين حاولت النهوض وجدته    يسرع ناهضا باتجاه الباب يفتحه مواربا له بشق بسيط فيصل اليها صوت والدته تسأله بلهفة

=


ايه الاخبار يا ضنايا ...كله تمام


اعقبت كلماتها وهى تحاول ان تطل براسها من خلال شق الباب لكن صوت جلال الصارم اوقفها قائلا

=صباح الخير يا امى ... اخبار ايه اللى تقصديها


قدرية بخشونة وعصبية

=جلال..انت عارف انا قصدى ايه فبلاش ملوعة


التف جلال براسه ناحية ليله الجالسة الان تتابع ما يحدث برهبة قبل ان يخرج من الباب يغلقه خلفه بهدوء ثم يلتفت الى والدته الواقفة تطل من   عينيها نظرة لهفة وفضول ليحدثها بهدوء ولكن بنبرة صارمة لا تقبل النقاش

=انا فاهم كويس اللى تقصديه يا امى وعلشان فاهم بقولك ومن غير زعل مش عاوز كلام فى الموضوع ده


تغيرت نبرته لتحذير وجدية صارمة يكمل وعينى والدته تتسع بصدمة مع كل كلمة ينطق بها

= الموضوع ده حاجة بينى وبين مراتى ومتخصش اى حد غيرنا حتى ولو انتى يا امى


ارتفعت خيبة الامل فوق وجه قدرية قائلة بحزن مصطنع علها تغير من قراره

=بقى كده يا جلال عاوز تخبى على امك ...وهو يعنى انا عاوزة اعرف ليه مش علشان قلبى يطمن


تنهد جلال بقوة قائلا بعدها بتروى وهدوء

=وانا بقولك اطمنى يا امى واظن كفاية عليكى كلمتى


حاولت قدرية تخطيه فى محاولة لدخول الغرفة

=طب اطمن بنفسى وبالمرة اصبح على العروسة


هدر جلال بصوت عالى نافذ الصبر

=امى ....انتهينا كلام فى الموضوع ده .ولو على العروسة هى لسه نايمة لما تصحى هنزلك بيها لحد عندك


اشتعلت عينى قدرية بغضب لم تستطع ترك العنان له او النطق بكلمة واحدة بما يجول فى بالها من سباب لتلك العروسة وما تعنيه لها لذا قالت بحروف   خرجت بصعوبة من فمها تحاول التظاهر بالموافقة فى محاولة لتمرير الامر

=كده طيب يا حبيبى اللى تشوفه ...انا هنزل اجهزلكم الفطار وابعته مع البت نجية وانتوا خليكم براحتكم


اومأ جلال براسه بالموافقة ثم دلف داخل الغرفة مرة اخرى بعد ذهاب والدته والتى اخذت بالسباب بصوت منخفض خوفا من ان يصل لمسمعه

=قال عروسة قال ...دى جوازة الشوم والندامة مبقاش الا دى كمان اللى تعملى فيها عروسة فى دارى


فور دخول جلال للغرفة اسرعت ليله بالوقوف سريعا بارتباك لاحظه جلال وهى تحاول لملمة اطراف الروب من حولها تتلفت حول نفسها بخوف    ظهر جاليا على وجهها لكنه تجاهل ارتباكها هذا يتقدم باتجاهها بهدوء يمرر عينيه فوقها ببطء جعلها تشعر بضربات قلبها تتعالى ويتعالى معها خوفها وذعرها منه تحاول ضم اطراف ثوبها اكثر واكثر بقبضتها فيابع جلال حركتها تلك زافرا بحدة    وضيق فتزداد خوفا تضم اصابعها حول ثوبها اكثر حتى كادت ان تختنق به ليهتف بها بفروغ صبر

=مش معنى انى وافقتك على كلامك امبارح هيبقى ده حالك كل ما تشوفينى


زفر محاولا الهدوء عند ملاحظته خوفها منه يتراقص داخل عينيها ليقول بعد حين بلين ورقة

=طيب احنا مش اتفقنا اننا لازم ناخد على بعض واديتك كلمتى يبقى ليه بقى الخوف اللى شايفه ده


لم تنطق بكلمة ولكن لاحظ تراخى ملامحها الى حد ما ليكمل بهدوء وتروى

=ايه رايك تدخلى الحمام تجهزى نفسك وتستعدى زمان اهلك على وصول على ما الفطار يجهز


اومأت له براسها ببطء وعينين متسعة برهبة تتحرك باتجاه الحمام لكنه مد يده ليوقفها قائلا وهو مازال على هدوئه ولكن لم تخلوا من بعض التحذير والصرامة

=ليله اتفقنا ده بينى وبينك مفيش حد يعلم بيه ولاحتى امك او اختك مفهوم يا ليله


هزت راسها مرة اخرى بضعف ليزفر بنفاذ صبر وحدة

= مش معقولة يعنى ردك عليا هيكون دايما كده عاوز اسمع صوتك


اخذت تبلل شفتيها وتحاول ابتلاع لعابها لتخفف من جفاف حلقها قبل محاولة الرد عليه ليخرج صوتها اجش مرتعش

=حاضر.....اللى تشوفه


نظر لها بتأمل للحظات قبل ان يومأ لها براسه دون كلام لتسرع ليله فى اتجاه باب الحمام    تدخله ثم تغلقه خلفها بهدوء بينما وقف هو يتابعها بصمت وعينين غامضة النظرات هامسا بعد اختفائها

"شكلك هتتعبينى معاكى يا بنت المغربى


الفصل الثاني


بعد مرور اسبوعين على تلك الاحداث

استيقظت على صوت طرقات فوق باب غرفتها وصوت يناديها بلهفة

=ست ليله ...يا ست ليله

اسرعت بالنهوض تجرى ناحية باب الغرفة لتفتحه يطالعها وجه الخادمة نجية والتى ما ان راتها حتى هتفت بلهفة

=صباح الخير يا ست ليله ..ستى الكبيرة بتقولك انزلى حالا ...

اقتربت منها هامسة وهى تتلفت حولها برهبة تكمل

=الظاهر ان سيدى جلال هيوصل النهاردة من السفر وهى عوزاكى علشان كده

بس وحياة الغالى عندك انا مقولتش ليكى حاجة هى اكيد هتعرفك بنفسها

هزت لها ليله راسها بالايجاب وهى تربت فوق كتفها بحنو عالمة بمدى خوف ورعب العاملين فى المنزل من شدة وقسوة والدة زوجها قائلة

=متخفيش يا نجية ولا كانى سمعت حاجة وانزلى انتى قوليلها انى نزلة وراكى حالا

اسرعت نجية تهز راسها بالموافقة مغادرة فى الحال لتغلق ليله الباب تستند عليه بضعف وهى تتنهد بقوة ترتجف اوصالها بشدة وهى تتسأل داخلها كيف سيكون استقبالها له وكيف ستتعامل معه فى الايام المقبلة فهو حتى الان كالشخص الغريب بالنسبة لها فمنذ ليلة   زفافهم وكلامه الموجع لها وطلبها منه امهالها بضع الوقت وهو يتصرف كما لو كانت اهانته او قامت بما لا يمكن غفرانه متجاهلا لها معظم اوقاتهم معا والتى كانت قليلة من الاساس فهى تكاد تراه بعض ساعات ليلا يلقى خلالها بتحية المساء لها ثم يتجه للفراش دون اضافة حرف اخر تاركا لها طوال اليوم لامه وزوجة عمه يسمعونها كلامهم المسموم عن كثرة غيابه عن المنزل وهروبه المستمر عن عروسه واخرهم امس حينا اخذا تتغامزن عن ذاك العريس الذى ترك عروس لم تكمل الاسبوع بحجة السفر والانشغال بالاعمال غائبا لمدة اسبوع كامل   متحملا البعد عنها طوال هذه المدة وتعلم الان ان فى انتظارها محاضرة اخرى والمزيد من همزاتهم ولمزاتهم التى تحرقها دون ان تجرأ على النطق بكلمة واحدة لايقافهم فمن بيعت مثلها لا حق لها باى رد اوحتى بالاعتراض

اغمضت عينيها متنهدة بحسرة والم قبل ان تقوم بالتوجه ناحية خزانتها تخرج منها ما سوف ترتديه لليوم

وبعد اكثر من النصف ساعة كانت تنزل الدرج ببطء حتى وصلت الى اسفله تنظر حولها فلم تجد احد يجلس ببهو المنزل لذا توجهت بخطواتها   الخفيفة الى الى غرفة المعيشة والتى يتجمع بها افراد العائلة فى اوقات الراحة ما ان اقتربت منها حتى وصل مسامعها صوت والدة زوجها القوى الحاد هاتفة بحنق

= كان يوم اسود يوم ما دخلت دارنا ..من يوم ما اتجوزها وهو سايب حاله وماله وقاعد بعيد عن حضن امه

تجمدت مكانها وقد علمت من المقصود بحديثها هذا تتراجع الى الخلف وهى تسمع صوت زوجه العم قائلة بسخرية وحقد

=ليه مش دى اللى اخدها وفضلها على بنتى زينة البنات واللى من يومها سيبة البيت وقاعدة عند اخوالها بعد ما كسر بخاطرها وقلبها

اسرعت قدرية تهتف بتأكيد خبيث

= لاا ومانا بعت لها اللى يروح يجيبها من دار اخوالها ميصحش برضه تفضل هناك كل الوقت ده

تظاهرت زاهية بالحرج والالم هامسة

=هتيجى تعمل ايه يا حاجة عاوزها تشوف حب عمرها فى حضن واحدة تانية ...عاوزة تقهريها ياام جلال

هتفت قدرية سريعا

= قهر مين يا عبيطة انتى وحياتك عندى جلال لسلمى وسلمى لجلال وانتى عارفة كلمة قدرية عمرها ما تنزل ابدا

اقتربت منها زاهية بلهفة هاتفة

=بجد اللى بتقوليه ده يا قدرية ..طب والمعدولة العروسة الجديدة ايه وضعها

ابتسمت قدرية تلتمع عينيها بخبث هاتفة باستهزاء

=تقصدى مين ليله البايرة ..لاا يا حبيبتى ده طلعت ولا نزلت جوازة مصلحة عمرها ما تعمر ولا تتسمى ليا مرات ابن

اقتربت من زاهية تضربها بخفة فوق كفها هاتفة بمرح

=وبعدين ما انتى عارفة جلال قلبه رايد مين ولا هنعيده تانى

زفرت زاهية قائلة باقتضاب

=عارفة يام جلال بس معلش اللى بتقولى عليها بايرة دى هى اللى بقت مرات ابنك ورضينا ولا مرضناش مراته يا قدرية

تراجعت قدرية فى مقعدها وجهها شديد الاحتقان تهتف بعنف

=وانا عارفة بقولك ايه وعارفة دماغ ابنى فيها ايه كل الحكاية شهرين تلاتة نرجع الارض قولى سنة بالكتير وترجع دار ابوها تانى وبكرة تقولى قدرية قالت

هنا ولم تستطع ليله الوقوف والاستماع للمزيد وقد اتضح كل شيئ امامها وعلمت الان لما التجاهل والمعاملة الجافة لها فى هذا المنزل ومنه هو ايضا فى   قصرت اوطالت مدة بقائها هنا فهى ذاهبة لا محالة فلما يحمل على عاتقه محاولة ارضاء زوجة لا تسوى لدى سوى امضاء فوق ورقة للبيع

اسرعت تجرى صاعدة الدرج مرة اخرى فى اتجاه غرفتها تدلف اليها مغلقة خلفها الباب بقوة تستند اليه بضعف قبل ان تنهار قدمها فتجلس ارضا ناظرة امامها بعيون لا ترى شيئ سوى سواد اصبح يحيطها من كل جانب

⭐🌙⭐🌙⭐🌙⭐

في منزل عائلة المغربى

جلس الشيخ جاد مكفهر الوجه عاقدا حاحبيه بصرامة امام ولده الاكبر علوان والذى اخذ يهتف برجاء وتوسل

=يابا سامحه وكفاية عليه كده ...ده ليه اربع سنين سايب بيته واهله وكفاية عليه اللى حصله

مش كفاية ضيعت منه بنت عمه وجوزتها لواحد تانى غيره

التفت اليه الشيخ جاد عينيه تطلق شرارات الغضب هاتفا

=بتقولى انا الكلام ده يا علوان !..انا اللى ضيعت منه ليله ولا قلة حياه وصرمحته وماشيه الغلط

ضرب فوق مقبض عصاه بقوة يكمل بحنق ونفور

=واخرها يتقبض عليه فى شقة مشبوهة ومعاه مخدرات ولولا لحقنا الليلة كان زمانا اتفضحنا فى البلد وسيرتنا بقيت على كل لسان ..وكنت عاوزنى ازاى بعدها أمنه على ليله واجوزهاله

نهض من مكانه يدق عصاه الارض بقوة اجفلت علوان وجعلت وجهه شديد الشحوب وهو يراه يتقدم منه بخطوات مهيبة متوقفا امامه يفح من بين   اسنانه وهو ينظر اليه بعينين ورغم مرور الزمن مازالت تحمل من القوة والصلابة ترهب ابنه فتجعله يتصبب عرقا حين قائلا بجمود

=لا مستكفتش انت وابنك بلحصل واعرف بعدين بل كنت بتعمله انت من وقت ما راغب فك خطوبته من بنت عمه .اكتر من اربعة سنين وانت بتطفش كل عريس يهوب منها

ليكمل بعدم تصديق وحيرة

= وانا اقول ليه دى البت حلوة ومن عيلة ليه محدش بيهوب من دارنا يطلبها ده اللى اصغر منها اتجوزوا وخلفوا بدل العيل اتنين وهى قاعدة والعمر   بيعدى بيها لحد ما الكل بقى يقول عليها البايرة من ورانا وقدمنا اتارى عمها بيلعب لعبة وسخة علشان خاطر ابنه الصايع

حاول علوان فتح فمه ينكر حديث والده ولكن اتت اشارة والده بكفه ينهيه بها عن الحديث فيطرق راسه ارضا متوترا والشيخ جاد يكمل بحدة وصرامة

=كنت فاكر ايه انك بتلوى دراعى يا علوان وتندمنى علشان تخلينى ارجع واجوزهاله ؟

هانت عليك بنت اخوك تفضل السنين دى كلها حالها واقف علشان ابنك

تغير نبرته صوته لالم والندم قائلا بانكسار

=هانت عليك لما اجبرتنى بعمايلك انك تضطرنى اعرضها زاى البيعة علشان اعرف اجوزها بعد ما وقفت حالها

تركه متوجها مرة اخرى ناحية مقعده يجلس فوق بانهزام وضعف ليسرع اليه علوان مقبلا كفه قائلا بندم واسف

= حقك عليا يابا ..سامحنى انا كان كل غرضى ان ليله متروحش لحد غير لابن عمها هو اللى اولى بيها من الغريب

ارتسمت ابتسامة مريرة فوق شفتى الشيخ جاد هامسا بالم وانكسار

=وهو بعمايلك خلتنى بأيدى دى اديها للغريب ويا عالم ايامها الجاية هيبقى حالها ايه.

⭐🌙⭐🌙⭐🌙

نزلت الدرج بوجه خالى من التعبير يظهر الهدوء فى كل تحركاتها كما لو لم تكن منذ قليل تذرف الدموع وبحال ينفطر له نياط القلب تصرخ تنعى حالها دون صوت داخل غرفتها حتى فرغت عيونها من دموعها فترتمى ارضا شاعرة بالارهاق يزحف الى جسدها يستنزفه

لكنها الان وقفت بشموخ وعزة وهى تقف امام والدة زوجها والتى هتفت بها بسخرية حادة بينما تجلس فى بهو المنزل فوق اريكة تشاركها اياها ابنتها حبيبة وزاهية زوجة العم كل من ناحية

=ما لسه بدرى يا هانم كنتى خليكى فوق شوية كمان

لم تجيبها ليله بل وقفت تنظر لها بعينين زجاجيتين خالية من المشاعر لتشعر قدرية بالغيظ تهتف بها

=مالك واقفة تبصيلى كدا ليه ؟وايه اللى انتى لابساه ده فاكرة نفسك عروسة بحق وحقيقى روحى يا خلوة غيرى العباية دى والبسى حاجة تنفع فى شغل المطبخ

هنا تصدع القناع على وجه ليله تظهر الاهانة والغضب فوقه تهم بالرد عليها لتهتف حبيبة فورا مقاطعة اياها بتوتر خوفا ان تشتعل االاجواء

=اصل جلال زمانه على وصول هو وعمى وفواز ولازم يكون الغدا جاهز ..يلا ياليله وانا جاية معاكى نشوف عملوا ايه فى الغدا

نهضت سريعا تمسك بكفها تتجه بها ناحية ابواب المطبخ تختفى خلفه ومعها ليله لتهتف قدرية باستهجان وعبوس موجهة حديثها الى زاهية الجالسة تراقب ما يحدث بابتسامة شامتة ووجه يشع فرحا

=عملالى فيها عروسة بنت صالحة .اش حال مقعدش معاها اسبوع وطفش من وشها يا قلب امه

ربت زاهية فوق كفها بحماسة قائلة

=جدعة يا قدرية هو ده الصح لازم تعرف مقامها هنا ايه والكلمة كلمة مين من اولها كده

لوت قدرية شفتيها تفح من بينهم بغل

=طبعا وامال انتى فاكرة ايه ورحمة الغالى الللى راح مقهور مبقاش قدرية اما طلعت عليها كل غلى ووجعى من اهلها بنت المغربى

زاهية بوجوم وقلق

=بس تفتكرى هتسكت ومش هتقول حاجة لجلال ساعتها يبقى عملنا اسود يسود عيشتنا علشان خاطرها

ابتسمت قدرية بخبث قائلة بأبتسامة تمتلأ باللؤم

=ده لو قالت وساعتها كلمتى قصاد كلمتها ونبقى نشوف هيصدق مين فينا . امه حبيبته ولا بنت اللى كانوا السبب فى موت ابوه

زاهية بخبث ولؤم هى الاخرى

=الكلام ده لو كان جلال جايب غلط على عيلتها فى اللى حصل لابوه.. هو عارف كويس ايه اللى حصل وقتها

وقفت قدرية بعنف تهتف بصوت يشع بالغضب

=زاهية لمى الدور وقفلى على الكلام فى الموضوع ده وقومى كلمى المعدولة بنتك وخليها تلم الدور هى كمان لما جلال وابوها يروحوا يجيبوها من بيت اخوالها

هبت زاهية واقفة تهتف بسعادة وفرح

=بحد كلامك يا قدرية جلال بنفسه هيروح يجيبها

ابتسمت قدرية بثقة قائلة

=طبعا انا اللى طلبت منه ياخد عمه ويروحوا يجيبوها وهما راجعين فى سكتهم

كادت زاهية ان تصرخ فرحا وهى تخطف هاتفها من فوق المنضدة تضغط ازراه بلهفة وسعادة بعثت ابتسامة انتصار فوق شفتى قدرية تتابع بعد حين   حديث الام وابنتها لعدة لحظات قبل ان تختطف الهاتف من بين اناملها بعنف بعد ان لاحظت ممانعة من الفتاة لتصدر اليها اوامراها بصوت لا يقبل النقاش .

⭐🌙⭐🌙⭐🌙

دلف جلال تجاوره سلمى بخطوات سريعة الى داخل بهو المنزل لتتوقف خطواته امام والدته وزوجه عمه يجلسون وهم يتبادلون اطراف الحديث فيلقى عليهم السلام بصوته الرخيم الهادىء لتهب قدرية بفرحة وسعادة

=حمدلله على سلامة يا حبيبى وحشتنى اووى يا ضنايا

اقترب جلال منها ينحى فوق راسها يقبلها بحنان قائلا

=الله يسلمك يا امى ..انتى كمان وحشتينى

ثم رفع عينيه الى زوجه عمه يلقى لها بتحية والتى كانت تجلس ابنتها الصامتة بوجوم بجوارها تقبلها بحنان قبل ان ترد تحية جلال

جال جلال بعينيه فى ارجاء المكان بتساؤل ثم قال بهدوء

=فين ليله وحبيبة مش شايفهم

اكفهرت وجوه الثلاث نساء فورا نطقه باسم ليله تجيبه قدرية بلا مبالاة

=جوا فى المطبخ بيشوفوا الغدا

نهض جلال واقفا لتسأله قدرية بحدة وعصبية

=رايح فين ..اقعد وانا هندهلهم يجوا

ابتسم جلال بتفهم قائلا

=انا داخل المكتب اشوف شوية شغل ورايا ولما اغدا يجهز ابعتولى

ثم تحرك مغادرا لبتسم قدرية بانتصار تلتفت الى زاهية تغمزها بخبث قائلة

=شوفتى .مش قلتلك كلامى عمره مايكون غلط ابدا

زاهية بعينى تعش بالفرحة

=عندك حق يام جلال والله شكلها مش هتعمر

ادارت سلمى راسها بينهم بحيرة قبل ان تسأل بنزق

=انتوا بتتكلموا على ايه ماتفهمونى..وبعدين انتوا خلتونى اجى هنا تانى ليه انا لا طايقة البيت ولا طايقة اللى فيه

ضربتها زاهية فوق كتفها بقوة تهتف بها بحدة

=اتلمى ولمى لسانك اللى موديكى فى داهية ده

سلمى باستنكار وهى تفرك كتفها متألمة

=الله ياماما بتضربينى ليه ..انا مقولتش حاجة غلط

التفتت اليها قدرية قائلة بلهفة

=سيبك من الكلام ده وقوليلى اتكلمتى انتى وجلال فى ايه وانتوا فى السكة

لوت سلمى شفتيها قائلة بغيظ

=مقلناش حاجة انا كنت اساسا قاعدة ورا وبابا والبيه ابنك ادام وكل كلامهم كان عن الشغل

قدرية بخيبة امل

= مش مهم المهم انه راح جابك و الباقى بقى عليا

سلمى وهى تنظر الى والدتها بحيرة ثم تلتفت الى زوجة عمها تسألها

%انتوا بتتكلموا فى ايه انا مش فاهمة حاجة

ضيقت قدرية مابين عينيها قائلة بتفكير

=دلوقت افهمك بس عوزاكى بعدها تنفذى كلامى بالحرف

⭐🌙⭐🌙⭐🌙⭐

وقفت سلمى تستند بكتفها فوق اطار الباب تراقب بغل وغيرة تلك الواقفة تتابع عمل الخادمات باهتمام وسيطرة قبل ان تعتدل واقفة تهتف بفرحة مصطنعة

=حبيبة ..وحشتنى يا مرات اخويا ووحشنى كلامنا سوا

التف على اثر صوتها الصاخب جميع من بالمكان يراقبون اندفاعها ناحية حبيبة ترتسم فوق شفتيها ابتسامة مصطنعة وهى تضمها اليها فتسألهاحبيبة بدهشة

=سلمى..! حمدلله على سلامتك انتى وصلتى امتى ؟

تراجعت سلمى الى وراء قائلة وهى تتابع بعينيها ليله ترمقها من اعلاها الى اسفلها ببطء قائلة

= لسه وصلة حالا .مع.... جلال

اخذت تمط فى حروف كلماتها الاخيرة بتشفى لتهتف حبيبة بدهشة

=جلال بنفسه! مش معقولة

التفتت اليها سلمى فورا عينيها تنطق بالشر هاتفة

=مش عقولة ليه ياست حبيبة

ثم التفتت ناحية ليله والتى عادت الى متابعة الاعمال مرة الاخرى لكن يظهر تصلبها جسدهاط من خلال ظهرها وهى تستمع الى سلمى وهى تكمل بتباهى وغرور

=ده حتى فضل يتحايل عليا كتير اوووى علشان ارجع وانا كنت مصممة بس اعمل ايه بقى مابقدرش ارفضله طلب وخصوصا لما يحلفنى بحياته عندى

هنا لم تستطع ليله الوقوف والاستماع الى الباقى من حديثهم تسرع فى اتجاه الباب هامسة باعتذار سريع

تناديها حبيبة بلهفة لكنها تجاهلت النداء مغادرة فورا لتلتفت حبيبة الى سلمى المبتسمة بسعادة وخبث

=ايه يا سلمى اللى قلتيه ده مش تحسبى على كلامك

هزت سلمى كتفها بعدم اكتراث قائلة ببراءة مصطنعة

=هو انا قلت ايه ..وبعدين انا ماقولتش حاجة محصلتش وكمان ما هى لازم تكون عارفة اللى فيها فبلاش الشويتين بتوعها دول

تنهدت حبيبة بقلة حيلة هامسة

= والله ماعارفة هى هتلاقيها من مين ولا مين ...وهى شكلها بنت طيبة ملهاش فى حاجة

ثم التفتت تكمل عملها متجاهلة سلمى والتى وقفت تبتسم بانتصار قبل ان تغادر مرة اخرى حتى تنقل ماحدث الى من ينتظرون اخبارها بلهفة

⭐🌙⭐🌙⭐🌙⭐

بعد عدة ساعات دلف جلال الى داخل جناحه بهدوء عينيه تبحث عنها فمنذ حضوره لم يراها وعلم من والدته انها رفضت النزول وتناول طعام الغذاء معهم وهذا اغضبه الى حد ما فقد ظنها ستكون فى استقباله عند علمها بحضوره او يجدها على مائدة الطعام وقت الغذاء فى انتظاره

حتى انها رفضت تلبية استدعائه لها مع احدى العاملات بالمنزل لتناول الطعام متعللة بارهاقها لتسمعه والدته وقتها حديثا طويلا اخذت تتذمر فيه من   طباعها واسلوبها وكيف انها تتعالى على كل من فى المنزل تقضى الكثير من وقتها داخل حجرتهم ولا تحاول ان تختلط بهم طالبة منه بان يتخذ معها اجراء حازم ينهى به معاملتها المتعالية هذة

زفر بقوة محاولا التهدئة يلتفت خلفه ناحية الحمام حين وجد بابه يفتح فتطل هى من   ورائه ليتجمد كل شيئ به الا عينيه والتى اخذت تجول فوقها ببطء وتروى وهو يراها تلف جسدها الصغير داخل منشفة من اللون الازرق تكاد تصل الى ركبتيها اما ذراعيها العاريتين فكانتا مرفوعوتان الى فوق راسها تعطى كل اهتمامها لتجفيف شعرها المبتل بخصلاته الملتوية لا تدرى شيئ عن وجوده ولا عن    حرارة جسده التى اخذت بالارتفاع تكاد تحرقه يقف مكانه يكاد يلتهمها بعينيه لعدة ثوانى تحدثه نفسه بان يتحرك فى اتجاهها فيختطفها بين ذراعيه حتى يشعر بنعومة وليونة جسدها فوق جسده لكنه اوقف نفسه ناهرا اياها بشدة يهز راسه بعنف يبعد عنها تلك الافكار يتنحنح بخفوت كان كفيلا بان   يجعلها تقفز شاهقة فزعا فتلقى بالمنشفة من بين يديها ارضا تتسع عينيها باضطراب وهو يقترب منها بخطوات هادئة لاويا شفتيه بابتسامة ضعيفة وهو يتوقف امامها وعينيه تمر فوق وجهها ببطء واهتمام تزداد ابتسامته اتساعا حين رأى تزايد حدة انفاسها من خلال صعود وهبوط صدرها الظاهر لعينيه من خلف المنشفة فظل مراقبا اياه للحظة فتتغير نظرات عينيه فجأة لتصبح مبهمة غامضة بالنسبة لها تتخضب خجلا وهى تراه ينحنى اسفل قدميها ملتقطا منشفتها الساقطة   ارضا ثم يستقيم ينظر اليها مرة اخرى لكن تلك المرة بعينين   ملتمعة بقوة تسمرها مكانها بقوتها فلا تجد القوة على الابتعاد وهى تراه يرفع انامله الحاملة للمنشفة يمررها برقه فوق بشرتها العارية يلتقط بها تلك القطرات الساقطة من شعرها فتتخذ طريقها نحو صدرها تزايد حدة انفاسه هو يسألها لاهثا وعينيه تراقب طريق انامله المرتعشة فوق بشرتها

=مانزلتيش على الغدا ليه يا ليله ؟

ازداد صوته خوفتا عند نطقه اسمها يسقط المنشفة من يده لكن ظلت انامله فوق بشرتها تتلمسها برقه تستدل جفونه الستار عن عينيه حاجبة عنها نظراتها وهو يكمل برقة

= مش المفروض تكونى فى استقبال جوزك بعد غيابه بعيد عنك كل الوقت ده

ابتلعت ليله لعابها بصعوبة تجبر قدميها المتسمرة ارضا ان تتراجع بعيدا عن متناول يده قائلة بصوت مرتعش

= كنت حاسة بشوية تعب ومقدرتش انزل

جالت عينيه فوق وجهها ببطء قائلا بهدوء

=والتعب ده عندك على طول علشان يخليكى تلازمى الاوضة دايما كده

ارتفعت فوق وجهها علامات الدهشة لا تدرى مقصد كلامه تسأله باستفهام وحيرة

=مش فاهمة تقصد ايه؟

تحرك جلال مبتعدا عنها يعطى لها ظهره يتحرك بهدوء ناحية الفراش يجلس فوقه وهو يحل ازرار قميصه وقد تحول للبرود قائلا بوجه خالى من التعبير

= زاى ما عرفت انك على طول فى اوضتك مش بتنزلى منها وبعدة نفسك عن كل اللى فى البيت.. فلو تعبانة زاى ما بتقولى يبقى نروح للدكتور ونشوف عندك ايه ويتعالج

وقفت تستمع الى كلماته بوجه يزداد شحوبا تعلم جيدا مصدر معلوماته هذه يحز فى قلبها تصديقه هذا الحديث عنها كامر مسلم به دون ان يجهد نفسه بسؤالها لذا لم تحاول تغير افكاره عنها تجيبه بجمود

=لا متتعبش نفسك انا هبقى كويسة ومن بكرة هكون

موجودة تحت مع الكل

نهض جلال ينزع قميصه ملقيا اياه فوق الفراش يقف امامها بصدره عارى بلا اكتراث فتراه لاول مرة بذلك الوضع مما تسبب فى ارتباكها وتصاعد   حمرة الخجل الى وجهها تشعله بشدة فبرغم مرور فترة على زواجهم الا انه كان يراعى حدود العلاقة وقتها بينهم فلا يتجاوزها

اخذت تراقب اقترابه منها مرة اخرى بتوتر وخشية حتى يوقف امامها يكاد يلامسها هامسا واصابعه تتلاعب بعقدة منشفتها يسألها بخفوت

=طيب ودلوقت لسه تعبانة برضه ؟

لم تشعر سوى وهى تهز راسها له بالايجاب فتتغير ملامحه للاحباط زافر بقوة قائلا

=تمام .. طيب ارتاحى انتى ونامى وانا هاخد حمام ولما تصحى عاوز اتكلم معاك فى موضوع .

قالت ليله سريعا توقفه عن التحرك ناحية الحمام بلهفة وفضول

= ممكن نتكلم دلوقت وابقى ارتاح بعدين

ضيق جلال ما بين حاجبيه بدهشة جعلتها تحمر خجلا فتكمل بسرعة وتلعثم

=انا ..مم..كن ا..ستناك لما.تخل..ص. .حمامك ونتكلم لو تحب

هز جلال كتفيه بعدم اكتراث قائلا

=زاى ما تحبى.. دقايق وهرجعلك

ثم تحرك ناحية الحمام يغيب داخله لعدة دقائق جلست ليله خلالهم فوق الفراش تهز قدميها بتوتر وعصبية فى انتظار خروجه اليها بعد ان قامت   بارتداء ملابس بيتية مريحة ولكن محتشمة الى حد ما فهى لاتستطيع ان تتعامل معه بأريحية كما يفعل هو فقد كادت تموت خجلا عند رؤيته لها بحالته هذه منذ قليل

خرج جلال بعد حين من الحمام يلف خصره بمنشفة ولا شيئ اخر مما دفع موجات الخجل لتتلاطم سريعا فوق وجهها تزيد من اشتعاله وتزيد من   توترها فتخفض انظارها ارضا بعيدا عنه وهى تعتصر اصابعها خجلا واضطرابا تشعر به يتحرك ناحية خزانته ليخرج منها ملابس له تسمع حفيف الملابس هو يقوم بارتدائها مع صوته وهو يحدثها بسخرية قائلا

=نسيت اخد معايا حاجة البسها ... تقدرى ترفعى وشك لو تحبى خلاص

رفعت وجهها ببطء تنظر اليه لكنها اسرعت بخفضه مرة اخرى حين رأته لا يرتدى سوى شورت قصير يقف امامها بصدره العارى وجذعه القوى   يزداد اضطراب انفاسها وهى تشعر باقتراب خطواته منها تنتفض فى مكانها حين جلس بجوارها فوق الفراش يمد يده تحت ذقنها رافعا عينيها اليه برقة هامسا

=مش المفروض اننا بنحاول نتعود على بعض؟

توترت عينيها امام عينيه ونظراته لها تهز راسها بالايجاب ببطء وخجل ليكمل حديثه بصوت رقيق حنون كما لو كان يحدث طفلة صغيرة خائفة امامه

=طيب يبقى ليه كل ما اجى جنبك جسمك يتنفض برعب كده انا قلتلك عمرى ما هغصبك على حاجة ابدا

ليله وهى تمرر طرف لسانها فوق شفتيها فى محاولة منها لترطيب جفافها قبل ان تجيبه ولكنها توقفت بغتة ترتجف بعنف حين وجدته يزفر    بحدة تتعالى انفاسه وهو يراقب حركة لسانها فوق شفتيها فاخذت تحاول الحديث عدة مرات كان هو يتابعها بأجفان منخفضة تخفى ورائها اشتعال عينيه حتى نحجت اخيرا تهمس بصوت مرتعش رقيق تحاول تغير دفة الحديث بينهم

=كنت...بتقول انك عاوز تتكلم معايا فى موضوع

اخذ جلال ينظر اليها متفحصا يمرر نظراته فوق ملامحها باهتمام لعدة لحظات جعلتها تتملل فى جلستها قبل ان يقول هامسا برقة

=انا بقول نأجل كلامنا لبعدين وتعالى نرتاح شوية لانى جاى من السفر تعبان جدا وعاوز انام

وقف يمد يده اليها فرفعت وجهها اليها بخوف ظهر جاليا بعينيها فبتسم لها ابتسامة مهدئة قائلا

=متخفيش صدقينى هنام بس.. واظن كفاية كده نوم بعيد عنى ونحاول من هنا ورايح اننا نتعود على وجودنا مع بعض

ادركت بخجل اشارته الى نومها ومنذ ليلة زفافهم فوق الاريكة والتى اصرت على النوم فوقها دون اى محاولة منه حينها لتغير رائها تاركا اياها تفعل ما يريحها

مدت يدها اليه تنهض من جلستها ببطء تقف مقابلة له فبتسم لها جلال بلطف يمد انامله يعبث بخصلاتها المشعثة للحظات قبل ان يحدثها بصوت هادىءلكن لا يخلو من الجدية قائلا

=تعرفى ان شعرك جميل اوى ومبسوط انك بتسبيه على طبيعته.. بس ليه طلب عندك..

نظرت له بتوتر وتسأول ليكمل وهو مازال يتلاعب بخصلات شعرها ينظر الى اصابعه والتى كانت تجرى بينها عينيه تتابع لمعه الضوء فوقهم كالمسحور يهمس بتقدير لكنه لا تخلو صوته من الاصرار والتحذير

=انك طول ما احنا مع بعض لوحدنا عوزك تسيبى شعرك زاى ماهو كده

بره الاوضه دى لااا ولا حتى ادام ستات البيت فاهمة ياليله

عقدت ليله حاجبيها بشدة تضغط كلماته فوق عقدتها القديمة والمتمثلة فى شعرها تحيى داخلها مرة اخرى عدم ثقتها بنفسها ظنا منها انه خجل ان يعلم حد بطبيعة شعرها لتسرع فى الحديث بأقتضاب حاد ووجوم

=متقلقش انا مش متعودة ابدا انى اظهر من غير طرحتى ادام اى حد

هز جلال راسه استحسانا ثم تحرك باتجاه الفراش يقف امام الجهة المخصصة له فى انتظارها لتتحرك بجسد متخشب وعصبية الى الجهة الاخرى    منه تستلقى فوقها سريعا وهى تعطى له ظهرها ثم تشعر بالفراش وهو يتقبل ثقله وزنه عليه كاتمة لانفاسها ترتجف بقوة حين احست به يتحرك من مكانه مقتربا منها يلفها بذراعيه تشعر بحرارة جسده تصل اليها وهو يضمها لصدره يلصقها به بما لا يدع مكان لمرور حتى للهواء بيهم يقبلها برقه فوق وجنتها فيزداد ارتجافها حين همس فوقهم تلامس بشرتها انفاسه الدافئة

=كده احسن ..يلا نامى ياليله

شدد من احتضانه لها لتظل متصلبة الجسد بقوة بين ذراعيه للحظات مرت عليها كالدهر حتى شعرت اخيرا ببطء انفاسه وعمقها فتدرك استغراقه فى النوم تسمح لجسدها اخيرا بالاسترخاء بأبتسامة سعيدة فوق شفتيها تغلق عينيها بهدوء سامحة للنوم بالتسلل    اليها متجاهلة كل ما مر عليها او علمت به اليوم غير راغبة فى لحظة واحدة من التفكير فيماهو قادم من ايامها المقبلة يكفيها ما تشعر به الان بين ذراعيه من دفء وراحة



                     الفصل الثالث من هنا 

لقراة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close