رواية حطام فريده الفصل الثالث3والرابع4 بقلم زيزي محمد

رواية حطام فريده الفصل الثالث3والرابع4 بقلم زيزي محمد

جلس بالمنتصف بينهما بحنق وحول نظرة بينهما وهما ينظران للباب بترقب شديد، زفر بقوة وقال : لا كدة كتير بجد، بقالنا ساعتين قاعدين وهو مجاش، قومو يا بنات أروحكوا أنا زهقت.

نظرت له فريدة برجاء وقالت برقة كعادتها عندما تريد أن تصل لمرادها : بقى كدة يا دومي، مش عاوز تساعدني.

وقبل أن يتحدث كانت تلك المصيبة رئيسة العصابة تتحدث بنفي قاطع : لا يا شيخة أدهم عاوز يساعدك بس هو زهق من القعدة مش صح يا دومي.

ضغطت على حروف جملتها الأخيرة، مع لكزة خفيفة في يده، رفع أحد حاجبيه مستنكرًا لفعلتها تلك، متى انقلبت الأدوار، فقال : لا ياشيخة...

جذبته من مرفقه ناحيتها فمال قليلًا وهمست بأذنه : خلينا قاعدين شوية علشان نثبتلها إنه مبيحبش حد إلا هي.

ثم نظرت في ساعتها وهي تكمل بنفس همسها : أهو فات عن المعاد اللي أنت قولته نص ساعة أكيد مش جايين، نقعد نص ساعة كمان وبعدين نمشي.

وافق على مضض قائلًا : ماشي يا نهال نص ساعة كمان مانشوف أخرتها، وعالله ما يعرف هايوديني في داهية.

غمزت له بطرف عينيها وقالت بشقاوة : محدش يقدر يعمل فيك حاجة أنت مع نونو.

وفي أثناء حديثهما كانت الأخرى تنظر بشرود اتجاه الباب وتتذكر ما حدث بالأمس....

( فلاش بااااك )

وقفت خلف صديقتها وهي تحاول أن تسترق السمع لأي شىء، فنهرتها نهال بعينيها الصغيرتين وأبعدت الهاتف عنها قليلًا وقالت بهمس غاضب : مش لازم تسمعي وأنا بدلعه ياختي عشان آخد منه معلومات.

امتعض وجه فريدة وقالت باستنكار : يعني هو أنتي لازم تدلعيه، إيه العلاقة الرخمة دي.

جذبتها نهال من مرفقها وقالت بتحذير طفولي : بت أنتي، متتريقيش علينا عشان وربنا ما أساعدك، ويالا روحي هناك اقعدى على السرير.

أطاعتها فريدة وذهبت صوب السرير بتذمر، أما الأخرى عادت وتتحدث بغنج حتى تصل لمبتغاها، وعندما انتهت من وصلة الغنج الزائدة مع حبيبها، قالت بمكر : يعني يا دومي مش هتقولي خالد بيكلم مين!..

_ وأنا أقولك ليه هتستفادي إيه، مالكيش دعوة بخالد عشان ده لسانه زفر وعيل قليل الأدب.

اتسعت ابتسامتها وقالت بدلال : أنت خايف عليا منه.

إلى هذا الحد وكفى، لم تعد تستطيع الصبر لتستمع لهذا الحديث السخيف من وجهه نظرها، فقامت تندفع نحو صديقتها وقامت بجذب الهاتف منها بقوة وهي تقول بحزم : بص يا أدهم لو مقولتليش حالًا خالد بيكلم مين بالظبط وكل معلومات عنها، وربنا اتقمص منك..، لا اتقمص إيه أنا هاروح لعمو عزت بابا نهال وأقوله إنك صايع وبتاع بنات وأخليه يفركش  قراية الفاتحة دي وهو هايصدقني.

شهقت صديقتها بصدمة من تهديدها الصريخ، فقالت بعتاب : بقى كده يا ديدي بساعدك بتهدديني.

تجمعت الدموع بعينيها سريعًا وقالت بنبرة أشبه للبكاء : ماهو مفيش حد راضي يساعدني، حتى أدهم بيتهرب مني ، مع إنه المفروض بيحبني، يبقى يساعدني أطرد أي حد من حياة خالد.

ردد أدهم على الطرف الآخر قائلًا بحنو ': يابنتي والله أبدًا، أنا بس خايف عليكي من خالد لو عرف إنك بتدوري وراه .

قالت هي : لا متخافش وساعدني بقى بالله عليك.

_ طيب يا ديدي، هو بكرة هيقابلها الساعة خمسة في كافيه على النيل، هابقى آخدك أوريهالك من بعيد، شوفتي يا ستي عملت الواجب معاكي أهو.

كانت صديقتها تستمع لحديثه فقالت بحماس : لا، بعيد إيه، احنا لازم نقعد ونراقبهم، اقفل أنت وأنا هاحط الخطة..

انتبهت على لكزات صديقتها وهي تقول : وصلوا يا فريدة، استخبي...

نزلوا ثلاثتهم خلف المنيو الخاص بالكافيه، وبدءوا فى رفع رؤوسهم ببطء، وهم يتفحصون غريمتهم بتركيز واضح


دلف للمطعم وتتعلق في يده فتاة شقراء جميلة كأميرات الفترات والعصور السابقة  تخطف الأنظار من شدة جمالها وجمال شعرها المموج سحب لها الكرسي وجلست وجلس هو أمامها مبتسمًا 

لسوء الحظ وقعت الملعقة من يد نهال فصرخت فريدة صراخ مكتوم قائلة : الله يخربيتك هتفصحينا 

على الجانب الآخر رنين عالي جعله ينتبه لثلاثي لا يرى منهم سوى ظهرهم دب الشك فى قلبه لرؤيته قصيرة قامة بمواصفاتها ، قام نحوهم يتأكد ثوانٍ وتأكد من صوتها وصوت صديقه يوبخون ثالثتهم قائلين : أنتي غبية يا نهال 

اقترب منهم أكثر قائلاً بلهجة حادة : أنتوا بتعملوا إيه هنا

دلو من الماء البارد سقط فوق رأسها ورعب تملكها وهى تراه وشرارت الغضب تتطاير من عينيه فتقول بتوتر : ها ، مبنعملش حاجة


ضيق عينيه بتركيز ثم قال وهو يشير على ثلاثتهم والغضب يزحف بهدوء إلى ملامح وجهه وعضلات جسده : يعني إيه مبتعملوش حاجة، مستخبين ورا المنيو يا أغبية وبتراقبوني.

نظر أدهم إلى نهال بعتاب قائلًا : مش قولتلك بلاش ده، لسانه عاوز قطعه.

انحنى خالد بجسده صوبه وقام بجذبه من تلابيب ثيابه قائلًا بشر واضح في نبرته: أنت حسابك معايا بعدين.

أزاحت نهال يده بقوة عن حبيبها وقالت بعصبية : بقولك إيه الناس بتتفرج علينا، وبعدين مين قالك احنا مهتمين بيك احنا جايين نتفسح نغير جو ، مش صح يا فريدة


رددت بتوتر ووجع : صح يا نهال


جذبها من مرفقها وأوقفها أمامه لينظر في عينيها مباشرة قائلًا بضيق : أنتي إزاي تخرجي من غير ما تقوليلي.


احتل الضيق صدرها منه ومن طريقته لتقول بسخرية ممزوجة بقهر : معلش أصلك مش فاضي فمحبتش أعطلك


كاد أن يوبخها على طريقتها الساخرة لولا صوت صديقته تسأله برقة : خالد في حاجة.

همس أدهم قائلًا بغير وعي : لا طلعت مزة.

نهرته نهال بنظراتها الغاضبة، ثم التفتت إلى تلك الغريمة قائلة بترحاب مزيف : أهلًا يا قمر، لا مفيش حاجة، احنا قرايبه وكنا بنتكلم، ده أنا لسه كنت بقول لخالد هاتها تقعد معانا.

نظر لها خالد بدهشة من جرائتها، فتجاهلته وأشارت لهم بالجلوس ...


جلسوا جميعًا،وبدأت فريدة في مراقبة غريمتها بكره واضح، وخاصة بعد تعمدها الالتصاق بخالد بوقاحة ، زفرت بضيق، فقابلت نظرات صديقتها وكأنها تقول لها تريسي قليلًا لنعرف مدى علاقتهم عزيزتي، أومأت برأسها بخفة بمضض، نظرت في المنيو مجددًا، تحاول اختيار أي مشروب يروي جفاف قلبها قبل حلقها، ولكنها تسمرت فجأة عندما وجدته يهتف للنادل الذي يقف أمامهم : واحد قهوة واحد عصير مانجا مش كدة يا حبيبي

رفعت بصرها نحوهما وجدته ينظر لغريمتها بحب، أما هى فأومأت له وهي تقوم بقضم شفتها دليلًا على خجلها المزيف، تدارك أدهم نظراتها المصوبة تجاه خالد وتلك الشقراء، فقام بالتحدث سريعًا للنادل طالبًا له و لحبيته عصيرًا، أما هى فلم يعير أحد انتباه لها، حقًا ماذا تريد أكثر من ذلك، يعاملها كحبيبته والأخرى تجلس بأريحية بجانبه أما هو فكان ينظر لها بشغف وعيناه تلمع بوميض غريب لم تراه من قبل، الآن عرفت مكانتها بداخله هى ليست إلا أخت، دائمًا كان يحاول إيصال تلك الفكرة لذهنها ولكنها لم تستوعبها وغاصت في أحلامها الوردية، مقتنعة بحبه لها ولكنه يرفض الإفصاح عنه لأسباب غير معلنة مجهولة، لا أحد مجهول غيرها في هذه اللحظة، بلعت تلك الغصة بحلقها  واستفاقت من شرودها على صوت صديقتها وهي تحثها على مخاطبة النادل، نظرت لهم جميعًا بوهن وحاولت جمع شتات نفسها، رفعت رأسها بكبرياء ثم وقفت متحدثة : أنا اتخنقت من المكان ده، لو عاوزه تكملي يا نهال براحتك، أنا هامشي.

رمقها أدهم باستفهام ولكنها حولت بصرها بعيدًا عنه حتى لا تنهار وتبكي أمامهم، حسنًا من اليوم لن يرى ذلك الخالد دموعها بعد الآن، يجب أن تعزز نفسها وكرامتها قبل كل شئ، فليذهب ذلك الحب إلى الجحيم، لن تموت من بعده أو جفائه..

جذب أدهم يد نهال وهو يقول : طيب عن إذنكوا هانمشي احنا، الغي لو سمحت اللى طلبناه .

وقبل أن يتحرك أدهم ونهال كانت هي تسرع بخاطها نحو الخارج ودموعها تسيل بغزارة على صفحة وجهها هاربة من نظراته المتصفحة لها، وفور الوقوف أمام سيارة أدهم، فأطلقت العنان لنفسها وهي تجهش بقوة، وصدرها يعلو ويهبط بغرابة نتيجة لنحيبها القوي، مطت نهال شفتيها بحزن قائلة وعيناها تلتمع بالدموع : فريدة خلاص بقى،عشان خاطري، محدش في الدنيا يستاهل تعملي كدة عشانه.

أما أدهم فزم شفتيه بضيق وغيظ في آن واحد من صديقه الأحمق، الذي فقد حبًا طاهرًا نقيًا مثل هذا، وسأل نفسه بتعجب ماذا يريد ذالك المعتوه أكثر من قلب نقي وجميل لم يعرف رجلًا إلا هو، ولم يدق إلا له، لعن صديقه بسره، وسبه بجميع أنواع السباب اللاذع، فانتبه إلى حديثها الطفولي وهي تزيل دموعها بظهر كفها كالأطفال تمامًا : أنا عاوزة آكل كتير أوي ، وعاوزة أروح ملاهي....

لم يتعجبا من طالبها فتلك هى فريدة عندما تغضب أو تحزن،تلجأ إلى الطعام تلتهمه بنهم، والملاهي لتفرغ طاقتها بالصراخ في الألعاب الخطيرة...


جلبا لها كل ما تشتهيه نفسها من الطعام أخذت تأكل بشراهة ودموعها تتساقط تأخذ ملعقة من الطبق أمامها الذى أصبح ممتلئ بدموعها ، ذهبا بها للملاهي تلعب وتصرخ كما تشاء ومع أول لعبة صرخت وسط مئات الصارخين يصرخ قلبها ويئن ، ضعف ، ألم ، خذلان ،خذلان ،خذلان  ، قهر 

وبعد وقت طويل رجعت لمنزلها تجر أذيال الخيبة وراءها رأته يقف بشموخ عاقدًا ذراعيه أمام صدره


قائلًا بحده وهو ينظر في ساعته : كنتي فين يا هانم لغاية دلوقتي


ردت بحدة : ميخصكش يا خالد ، أو مبقاش يخصك خلاص


جذبها من مرفقها بغضب قائلًا : أنتي اتهبلتي كلك أصلًا يخصني، أنا لسه معاقبتكيش على الخروج مع أدهم لوحدك من غير إذني ياهانم


ضحكت بصوتٍ عالٍ قائلة بغضب : لا مبقتش أخصك ومخصش غير نفسي أخرج مع أدهم أخرج مع الجن الأزرق مبقاش يخصك يا خالد أنت فاهم فوضت أمري فيك لله وخلاص مبقتش لا عايزة أشوفك ولا عايزة منك حاجة


وقبل أن يتحدث بكلامه اللاذع، كانت جدتها تخرج من شقتها قائلة بحزم : فريدة يالا علشان ننام تصبح على خير يا خالد.

نظر في اتجاه جدته وجد نظراتها حادة غاضبة لأنه بالتأكيد أغضب صغيرتها وأحزنها، لاحظ عينيها وهي تنظر على يده التى  تتركز بقوة على مرفقها، نفض يده بعيدًا عنها وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة لهما، صاعدًا الدرج بغضب، أما هي فاندفعت صوب جدتها تعانقها وتبكي بصمت، فجذبتها جدتها إلى الداخل وأجلستها بجانبها، ثم قامت بإزالة دموعها قائلة بحنو : احكيلي حصل إيه النهاردة


اندفعت لحضن  جدتها  تبكي بقوة : شوفته معاها يا تيتة ، كان بيبصلها بصة عمره مابصلي كدة  عمره ، ليه محبنيش ناقصني إيه


ربتت جدتها على ظهرها بحنان قائلة بعتاب ممزوج بحزن على حفيدتها وكسرة قلبها : مش قولتلك يا فريدة، خالد مبيحبكيش يابنتي، لو حبك كان جرى وراكي زي أدهم لما حب نهال وخطبها، أما خالد بيعاملك كأخته، هو بطبعه متملك، فطبيعي يبقى معاكي كدة، فسرتي حبه بطريقة غلط يا حبيبتي، وآن الأوان تشوفي حقيقته وحبه ليكى مجرد أخ وبس


شهقت بوجع وهى تقول : عندك حق يا تيتة عندك حق


انتهى الحديث بينها وبين جدتها وذهبت لغرفتها وقفت بمنتصفها تنظر لكل صورة معلقة له على الحائط تبكي على قلبها الضعيف ، داهمها ألم قوي فى معدتها وقبل أن تصرخ وقعت مغشيًا عليها

رواية حطام فريده


 الفصل الثالث

جلسا سويًا على الدرج، فقالت نهال بفضول : ها بقى إيه مزعلك كدة، احكيلي كل حاجة بالتفصيل...

وقبل أن تتحدث فريدة كانت نهال تشير بسبباتها في وجهها وتقول بلهجة حازمة : اوعي تكذبي، قولي الحقيقة عشان أحبك أكتر..

أنهت جملتها بضحكة عالية وهي تداعب وجنتي الأخرى .


علت أنفاسها وهى تخبرها بكل شيء جرى تحدق بصديقتها وهى تردد : بس يا ستي هو ده كل اللي حصل


مطت شفتيها للأمام بحزن طفولي وقالت : معلش يا ديدي،الله يرحمهم، أكيد تيتة مش قصدها حاجة دي بتحبك أوي .


ثم أكملت حديثها بعتاب : بس أنا زعلانة لأنك مفكرتيش فيا هو أنا مش صاحبتك يابت والأنتيم وكدة.


تمتمت بصوت حزين : غصب عني حسيت إني محتاجة بابا وماما يا نهال


اقتربت منها وجذبتها لأحضانها وقالت بصوت حنون للغاية : عملتي إيه أنتي كدة، روحتي وشيلتيهم هم، أنا موجودة أهو تعالي واحكيلي اللي مزعلك.


سهام تصيب قلبها سهم تلو الآخر قلبها يصرخ من الألم وهى تقول : حتى أنتي كمان مضايقة انى روحتلهم مش هيبقي أنتي وخالد عليا يا نهال


اتسعت عيناها بدهشة وقالت : إيه ده حتى خالد زعلان كمان..

أكيد زعقلك عشان مجرتيش تحكيله وتشتكيله، الحب ولع في الدرة.

أنهت حديثها بغمزة خفيفة من عينيها وهي تبتسم بمكر


ضيق احتل صدرها وهى تضع كفها أسفل رأسها  : خالد  ربنا يسامحه قفايا ورم ، هه خالد مبقاش خالد اللى نعرفه يا نهال نازل الإجازة دى مش طايقني ولا عايزني أقرب منه ولا أعمله أي حاجة وبيكلمني وحش أوي


ضيقت عينيها الصغيرة بتركيز وحاولت التفكير وقالت : امم هو خالد أصلًا مبيتغيرش وأسلوبه زفت، بس ده مش معناه إننا مش نفكر أسلوبه بقى أوحش ليه، ياترى ليه!.


شردت وهى تقول لها : أنتي إيه رأيك تفتكري ليه ؟!


اقتربت منها أكثر وهمست بأذنها : أكيد في واحدة بيكلمها، الراجل لما بيتغير فجأة يبقى بيكلم واحدة تانية، صدقيني .


وضعت  نهال كفها على جرح صديقتها وضغطت بقوة ، تعلم فريدة أنه يعرف غيرها ولكن قلبها يرفض التصديق رددت بضيق : مين قدرت تملى قلبه وعينه غيري ، وهنعرف إزاي ؟!


حكت رأسها بتفكير ثم قالت بصياح : بس احنا نكتب على الفيس في حد بيعرف يهكر أكونتات ونهكر الأكونت بتاعه وتليفونه كله


زفرت بضيق : إيه الهبل ده يا نهال


قطبت جبينها وقالت بتعجب : هبل إيه،في إيه، أنا شوفت بنات كتيرة بتعمل كدة


رددت بضيق من غباء صديقتها الشديد : خالد ظابط يا أذكى أخواتك


زفرت بقوة ثم صمتت وهي تفكر مجددًا، ما إن مرت ثوانٍ حتى صاحت مرة ثانية بصوتٍ أقوى : بس لقيتها، أنتي تتسحبي من وراه وتاخدي تليفونه وتحاولي تفتحيه كدة زي الشاطرة وتعرفي مين


صمتت قليلاً ثم قالت بهدوء : اممم ماشي هحاول ربنا يستر


شجعتها الأخرى قائله بحماس : لا هتعرفي إن شاء الله، ويمكن يكون مبيكلمش حد ولا إني متأكدة إنه صايع بس بيحبك


همست الأخرى بغيظ : وطة صوتك حبه برص البعيد


كادت أن تتحدث فقاطعها دخول أدهم وخالد، فصمتا معًا، ابتسم خالد بمكر : أكيد بتخططوا لمصيبة مدام سكتوا كدة.

ارتفع أحد حاجبي أدهم وقال : لا لو سمحت نونو مبتعملش مصايب، بطل تلزق فينا حاجات احنا كلنا براءة، مش صح يا نونتي .

اتسعت ابتسامتها وردت بسعادة وهي تنهض : طبعًا يادودو.

تعجب خالد من ذلك االلقب فقال : دودو!!، العساكر هاتتبسط أوي بيك يا دودو.

همس لها أدهم وهو يقول بغيظ : مش أنا قولتلك ده ما بينا، قولتيه قدام اللي ما بيرحمش.

نظرت لخالد بضيق طفولي وقالت : بقولك إيه ابعد عننا، سيبنا كويسين مع بعض.

جذبت أدهم خلفها وهي تقول : نفذي اللي ما بينا يا ديدي..

فابتسم أدهم باستفزاز وقال : ابعد عينك عننا يا حقود.


غادرا معًا، وتركا خالد يقف أمامها ينظر لعينيها مباشرة يحاول فهم ما يدور برأسها


هزت رأسها تتساءل : في إيه 


اقترب منها وهمس : عينك فيها كلام، قولي أنا عارفك


زمت شفتيها ببراءة وهى تقول : أنا أبدًا ، خالص مفيش أي حاجة أنت عايز تقول حاجة


ضيق عينيه بتركيز ثم قال : مش مرتاحلك، المهم يالا نطلع فوق تيتة زمانها تعبانة واوعي تتعبيها زيادة


ردت باستفزاز : مش طالعة


رفع أحد حاجبيه وقال بخشونة : أنتي بسلامتك بتقوليلي انا كده، طب تعالي بقى .

وانحنى بجسده لكي يحملها ولكنها هربت وصعدت الدرج بسرعة كبيرة


صعدت بسرعة البرق ثماني درجات وأخرجت لسانها بطفولية وهي تقول : ممسكتنيش هييييييييه


هز رأسه بيأس وقال : والله إنك هبلة..


دلفت منزل خالتها بهدوء وهلل الجميع بمجرد دخولها وجدتها نطقت بوهن واضح : فريدة يا نور عين ستك حقك عليا يا قلبي والله يا بنتي ما قصدي حاجة 

ردد رأفت ونبيلة مؤكديين : أنتي عارفه ستك يا فريدة متقصدش تزعلك 

انطلقت إلى حضن جدتها تنفجر في البكاء ويقف على باب المنزل يستمع لحديثهم الحزين حتى قالت فريدة : بابا وماما وحشوني يا تيتا حاسة إني لوحدي من غيرهم لولا وجودكم جنبي كان فعلًا جرالي حاجة عارفه يا تيتا وأنا صغيرة رغم إن خالتو كانت بتعملي كل حاجة أنا عايزاها وعمو رأفت كمان بس كان بيوحشني أقول يا بابا وماما ولما خالد كان بيقولهم كنت ببقى غيرانة هو بيقول وأنا لأ،  عارفة  حتى لما حسيت بحب ناحية خالد كان نفسي أجري على ماما أول حد أحكيله بس ملقتهاش عشان أحكيلها 

ليه كل اللى بنحبهم بيفارقونا كدة يا تيتا 

امتزج صوت سميرة بالدموع وهى تقول : مكتوب يا فريدة مقدر ومكتوب نفارق ونتفارق هما دلوقتي في مكان أحسن بكتير يا قلب تيتا 

ردد رأفت هو الآخر : أنا أبوكي يا فريدة ده الأب اللي ربى مش اللي خلف يا حبيبتي 

وقالت نبيلة بمرح : كدة يا فريدة يا كلبة أبقي شوفي مين هيجوزك ابنه بقى ، ده أنا أمك يا عبيطة يعلم ربنا يا ضنايا 

رددت هى ببكاء : ربنا يخليكم ليا يا خالتو وما يحرمني منكم أبدًا


صفق بيديه وهتف بحزن مزيف: هاعيط والله...إيه الدراما دي ارحمونا.


رمقته بنظرة غاضبة وهى تقول : معلش أصل احنا ناس حساسة مش زي ناس أول حرف من اسمهم خالد


أرسل إليها ابتسامة سمجه قبل دخوله غرفته

وقال : مش هرد عليكي، عشان مزعلكيش


رددت بضيق طفولي: لا رد ، رد يا شيخ وأنا أخلي عمو رأفت يملص ودانك


فتح باب غرفته مرة أخرى قائلًا بلهجه حادة : لسانك يا فريدة ميطولش أكتر من كده، عشان مجيش أنا وأملص ودانك بجد


رددت بثقة مزيفة وصوت منخفض : ميقدرش على فكرة


أغلق الباب خلفه بقوة، فالتفت لهم وقالت : شوفته قولتلكو ميقدرش..

ربتت جدتها على يديها وقالت :صح ياحبيبتي محدش يقدر يقرب منك طول منا موجوده.

ابتسمت فريدة لها بحب وعانقتها  بقوة، ثم ابتعدت قائلة : صح يا أحلى تيته في الكون .

نهضت نبيلة وهي تزيل تلك القطرات التي سقطت رغمًا عنها، عندما تذكرت أختها المتوفية وقالت :  أنا هاقوم أجهز العشا بقى.

قالت سميرة : لا يابنتي احنا هاننزل تحت، أنا لسه مخدتش الدوا بتاعي.

قال رأفت بحزم : لا والله أبدًا هنتعشا مع بعض، وإذا كان على الدوا أبعت خالد يجيبه .

قالت سميرة : لأ يابني وتتعبه ليه، كفاية خرجته يوم إجازته.

ابتسمت نبيلة بتهكم قائلة : يا سلام ده على أساس إنه مكنش هيخرج بالليل يسهر، والله مبسوطة فيه أحسن الخروجة اتفشكلت.

عض رأفت على شفتيه وهو ينظر لها بتحذير ثم قال هامسًا لها : ناقص تقولي إنه كان رايح يقابل هتكسري بقلب البت.

لاحظت هى أمر ما في حديث خالتها، ونظرات زوج خالتها المحذرة، فقالت سريعًا : خلينا نسهر مع خالتو يا تيتة، وإذا كان على خالد أنا هاقوم أقوله وهو لايمكن يرفض طلب ليكي.

وقبل أن تتحدث جدتها اتجهت صوب غرفته تحت نظرات جدتها الحانقة فقالت نبيلة سريعًا لكي تمتص غضب والدتها من تلك الساذجة : بقولك يا ماما تعالي اقعدي معايا في المطبخ أحكيلك بقى على المسلسل الهندي اللي احنا متابعينه حصل إيه، فاتك نص عمرك لما نمتي بدري إمبارح ومشوفتهوش.

فابتسم رأفت وقال : آه روحوا يالا، لغاية ما أنزل أجيب فول وفلافل لحماتي حبيبتي.

نهضت وهي تتكأ على يد ابنتها وقالت : يالا ياختي، يالا، أهو الهندي أحسن من هبل البت دي.

ذهب كل منهم فى اتجاهه، بينما هي كانت تقف في غرفته أمامه وهي تقول بنفاذ صبر : يا خالد أنا بكلمك، كلمني، أوووف، كلمني.

رفع عينيه بعدما كان يصب كل تركيزه في هاتفه : نعم يا أبله فريدة عاوزة إيه .

قالت بضيق زائف : بقولك تيتة عاوزاك تنزل تجبلها الدوا من الشقة.

قال خالد : وأنا مالي،ما تنزلي أنتي، مشلولة ولا حاجة.

اقتربت منه تجذبه لينهض وهي تأخذ هاتفه وتلقيه بإهمال على السرير وقامت بدفعه خارج الغرفة وهي تقول بمكر طفولي : يابني عاوزة أروح أساعد خالتو في العشا، وبعدين أنت عاوز تيتة تتقمص منك بعد ما قالت خالد اللي يروح يجبلي الدوا، لأ اخص عليك بجد.

زم شفتيه بضيق ثم قال بحنق : طيب ماهو مفيش إلا خالد في أم البيت ده، هى لسه حطاه جنبها على الكمدينو.

رددت وقال وهى تهز رأسها بقوة : آه، هاته كله يالا.

خرج من الشقة على مضض، بينما هى قزفت بسعادة عندما نجحت خطتها، دلفت إلى غرفته ثم أغلقت الباب خلفها واقتربت من هاتفهه وحاولت فتحه مرارًا وتكرارًا، وفي كل مرة يعيطها خطأ في إدخال الرقم السري، بدأت تذفر بضيق، وتتذمر بطفولة على ذلك الهاتف اللعين، شعرت هي بأنفاس ساخنة قرب أذنها ثم وصل إلى مسامعها : متعامليش فوني كدة، أصل أزعل واتقمص.


دلو من الماء سقط فوق رأسها وهي تسمع صوته خلفها لتقول بارتباك : ها ده أنا بلعب خالتو قالتلي متعمليش حاجة جيت ألعب في تليفونك أصله حلو أوي بصراحة


أدراها نحوه بعدما كانت تقف بنصف استداره ثم قال بمكر : تعلبى بردو، طيب إيدك دي لو لمست حاجة تخصني هاكلها ماشي


مدت له كفها الأيمن وهى تقول : كلها اتفضل كلها


أمسك يديها وهو يقول : من عنيا...

ثم غرس أسنانه بيديها فصرخت قائلة : اوعى يا مصاص الدماء أنت .

ابتعد عنها وهو يقول  : ابعدي عني بقى علشان معضكيش في إيدك التانية، يالا يا حلوة.

خرجت من الغرفة وهي تقول بغيظ : حلوة حلوة، في إيه، متقولش تاني حلوة دي، بتعصب....

وقبل أن تخرج من الغرفة، كان هو يضغط على حروف كلمته بقوة : حلوووووة .

زفرت بحنق وهي تتجه إلى جدتها وخالتها وتهمس بغيظ : حلووووف.


فى اليوم التالي 

تجلس هى وجدتها يتحدثان عن أحداث المسلسل الهندي المفضل لديهما وتقبلها جدتها بحنان وحب وهى تقول : تعرفى يا بت يا فريدة ربنا ما أرادش لما أموت أموت لوحدي خلاكي جنبي ومعايا يا ضنايا 

هتفت بخوف شديد: بعد الشر عليكي يا تيتة متقوليش كدة 

دخلت فى ذلك الوقت نهال وهى تقول بمرح : نفسي مرة أخبط على الباب قبل ما أدخل لكن إزاي باب بيتكم ولا باب الجامع مفتوح طول اليوم 

ردت سميرة بغضب مزيف : أنتي يا بت يا نهال وحشك الشبشب بتاعي لو وحشك قولي 


قبلت مقدمة رأسها وهى تقول بحب : لا يا ست الكل وعلى إيه احنا آسفين عملتي إيه مع خالد يا هانم 

وقف الحديث بمنتصف حلقها عندما تلقت نظرة تحذيرية من فريدة  

فردت نبيلة بحنان : قومي اقعدي مع صاحبتك وسبيني أتفرج على المسلسل قومي 


دخلت لغرفتها وتبعتها نهال وهى تقول بلهفة : ها عملتي إيه  

زفرت بضيق شديد وهى تقول : معملتش يا غبية خالد قفشني وأنا ماسكة تليفونه ومعرفتش أفتحه ولا أعمل حاجة يا نهال 

أخذت تفكر لثوانٍ ثم قالت بمكر : مفيش إلا حاجة واحدة بس هي اللى هتعرفنا الحلوف ابن خالتك ده بيكلم مين ، أكلم أدهم هو اللي هيقولنا اللي فيها استني ..... 

                      الفصل الرابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>