رواية ( شهد الحياة )..
البارت السابع . والثامن
بقلم زيزي محمد
_ اتفقنا، نقرى الفاتحة، والجواز بعد اسبوعين، لغاية ما شقة زكريا تجهز .
أطلقت مديحة الزغاريد، بينما نظر حسني بتحذير لسميحة، انتبهت لنفسها واطلقت هي ايضا الزغاريد مصاحبة لدموع الحزن، نهضت مديحة من جلستها واقتربت نحو سلمى، ثم عانقتها وقالت بفرح مصطنع :
_ مبروك يا حبيبتي، يازين ما اخترت والله جمال وادب .
نظرت لها سلمى نظرة خاوية، ثم نقلت بصرها لزكريا المبتسم لها، القت نظرة غاضبة عليه، وزادها نفور اتجاه، بينما شعر زكريا بالسعادة والفرح واردف في سره :
_ عندك حق يا ما، جميلة اوي وحلوة، ازاي عدت من تحت ايدي، وكمان صغيرة في السن، مخسرتش كتير يا واد يا زكريا .
*********************************
في منزل رامي المالكي .
كانت صفاء تدور في غرفتها بعصبية تفكر في أمر ما، شعرت هي بمشاعر ابنها اتجاه شهد، هي اكثر شخص تعرفه، وتعرف ماذا يفكر، رامي لم يذق طعم الحب قبل ذلك، تزوج اميرة بناءا على رغبتها من كثرة اصرارها على زواجه، اختار اميرة لادبها و كانت يتيمة الابوين وزميلته في العمل، تزوجها ولم يحبها، ولكن مع ظهور شهد اصبح الوضع خطر، وقفت هي وشردت بتفكيرها قليلا ثم قررت ان تتحدث مع ابنها اولا، خرجت الى الخارج، بحثت بعينيها على شهد لم تجدها، ذهبت بإتجاه غرفة رامي وجدتها تجلس على طرف الفراش وهو نائما يتحدثون بهدوء اقتربت بخفة حتى سمعت :
شهد بحزن : الف سلامة عليك يا رامي، معلش، مكنتش اعرف والله ان معدتك حساسة .
ضحك رامي بخفة : وانتي مالك يابنتي محسساني انك السبب .
ارتبكت شهد قليلا ثم حاولت الثبات وقالت : اقصد اكيد انا اتغابيت وحطيت سمنة كتير في الاكل، علشان كدا بطنك وجعتك .
قال رامي بهدوء : عادي يا شهد، متخديش في بالك المهم انها عدت .
صمتت شهد قليلا ثم رفعت بصرها، وسألته بفضول : الا قولي يا رامي، انت حق هاتعمل مشروع وكدا، اصل خالتي حكتلي وانا الصراحة مفهمتش حاجة .
أومأ رامي براسه وقال : اه مشروع على قدي كدا، مصنع ملابس بس يعني اطفال وحريمي ورجالي كله مش مقتصر على حاجة اللي هايبقى ماشي في السوق هاعمله.
جلست شهد باريحية اكثر واردفت : ما شاء الله ومعاك بقى شركا ولا لوحدك .
هتف رامي موضحا : لا بصي في فالدولة جهاز اسمه جهاز تنمية المشروعات الصغيرة، يعني لو حد عنده فكرة مشروع وعاوز يعمله بس امكنياته مش قد كدا، بيعمل دراسة جدوى للمشروع وبيقدمها وهما بيدروسها ولو لاقوها بتعود بنفعة بينفذوها، انا عملت كدا والحمد لله وافقو، جابولي بقية المكن اللي انا عاوزها، لان انا كنت اشتريت شوية مكن ووقفت لقلة الفلوس، فا كنت قاعد قدام التلفزيون في مرة لقيتهم موجودين على برنامج وبيحكو عنه قولت ليه لا ماقدم واشوف يا صابت يا خابت، والحمد لله ربنا وقف جنبي، وزي ما قولتلك جابو بقيه المكن وصرفو الشيك تاني وهاجيب الخامات وخلاص هابدا اشتغل، ادعيلي بس اعرف اسوق المنتج بتاعي واقف كدا على رجلي وانجح .
نظرت له شهد بانبهار وقالت : ما شاء الله عليك يا رامي، بجد انت مثال للشباب الكويسة اللي بتحاول تسعى وتشتغل، انا بجد فخورة بيك، بس معلش انت يا رامي مش شغال محاسب في الشركة، ليه يعني تتعب نفسك في مشروع .
ابتسم رامي لكلماتها البسيطة المشجعة وقال : تسلمي ياشهد، بس ياستي اما بالنسبة ليه فكرت في مشروع تاني هاقولك، متطلبات الحياة بقت صعبة اوي يا شهد وانا كمان مدخل حمزة مدرسة خاصة، وكمان فلوس دروسه وحاجات كتير اوي، غير بقا ظروف البيت، انا ايه اللي يخليني اكتفي بمرتبي، ما ممكن اكبر نفسي، وابقى حر نفسي .
شعرت شهد بالاحراج فهي بمثابة عبئ جديد على حياته : طيب بقولك بما ان انت بتفتح مصنع وفيه ملابس، فانا كنت متعلمة الخياطة وشاطرة موت، انا هانزل اشتغل معاك، ومش عاوزة مرتب انا عاوزة اشتغل وبس .
رفع رامي حاجبيه باعتراض وقال : هو انا كنت قصرت في حاجة، شغل ايه اللي انتي عاوزة تشتغليه، لا طبعا كلامك مرفوض يا شهد .
لوت شهد شفتيها بحنق وقالت : يا رامي انا كدا ولا كدا كنت هانزل واشتغل، انا مبحبش قعدة البيت، يا تشغلني عندك، يا تسيبني انزل ادور على شغل، وعلى فكرة عمر ماشغل الواحدة ما كان اهانة ليا، بالعكس انا كنت قريت في كتاب اللي قدرت افهمه يعني انه بيعمل مكانة كدا وحاجة كبيرة ليها .
اعتدل هو في نومته وجلس واردف بعصبية : هششششش بلاش كلام اهبل، مكانة ايه وبتاع ايه، انتي تقعدي هنا مفيش حركة ولا نزول ودا اخر كلام، ودلوقتي يالا اعمليلي ينسون بطني وجعتني تاني .
شهد بنفاذ صبر : بص يا رام....
قطع كلامها دخول صفاء، نظرت لها شهد وابتسمت : اهي خالتي حبيبتي اللي نصفاني هاتحكم ما بينا .
قالت صفاء بهدوء : لو سمحتي يا شوشو، اعملي لرامي ينسون وانا شاي وبعدين تعالي حكميني زي ما انتي عاوزة .
أومأت لها شهد وتحركت خارج الغرفة، بينما جلست صفاء بالقرب من رامي وتحدثت بصوت خافت :
_ انا عاوزك في موضوع مهم، واسمع الكلمتين الاول، وبعدها قول رأيك وبلاش صوت عالي علشان مش عاوزة شهد تسمع .
نظر لها رامي باهتمام واردف : قولي يا ماما .
تحدثت صفاء بجدية : بص يا بني، انا مش عارفة اللي هاقوله صح ولا غلط، بس انا حاسة من جوايا ان هو دا الصح، انا مش هاعرف اسيبك انت وشهد واسافر لاختك السعودية الا وانتو متجوزين، لان يابني مينفعش تقعدو لوحدكو الشيطان شاطر، وكمان الناس تقول ايه، ودي سمعة بنت، وكمان انت عصبي وبتتخانق معاها على اي حاجة وهي كرامتها ناقحة عليها وكل ما تزعقلها تقول اسيب البيت وامشي، وانا اليوم اللي امها طردتها فيه، اعتبرتها بنتي، ولايمكن اسيبها ابدا مهما حصل .
حاول رامي التحكم في اعصابه وقال : تقصدي بايه الشيطان شاطر لان دي النقطة اللي لازم ارد عليكي فيها لان كل اللي قولتيه بالنسبالي تفاهات، علشان يا ماما انا لا يهمني ناس ولا حد يقدر يتكلم عليها بنص كلمة، ولا هي تقدر تسيب البيت وتمشي وانا وعدتك بكدا حتى لو اتخانقت معاها صبح وليل .
زمت صفاء شفتيها بضيق وقالت : الشيطان شاطر يا رامي، بصتك لشهد مش مريحاني، واوعى تكدب عليا، انا امك و فاهمك كويس اوي .
قالي رامي بضيق : بصي يا ماما، شهد بالنسبالي اختي وبس، انا لايمكن اتجوز بعد اميرة، لا يمكن احب بعد اميرة، انا قفلت قلبي وخلاص، لكن شهد استحالة يا امي تكون مراتي .
رفعت صفاء حاجبيها باعتراض : دا اخر كلام عندك .
ابتسم رامي ابتسامة مزيفة وقال : اه طبعا اخر كلام، انا وشهد استحالة، في فروق كتير ما بينا اصلا، هي عاوزة حد شبهها علشان يقدر يعيش معاها، وانا عمري ما اتجوز حد غير اميرة .
وقفت شهد على باب الغرفة واستمعت لحديث رامي، سالت الدموع من عينيها، ذهبت لغرفتها واغلقت باب الغرفة وبكت على حالها .
****************************
في منزل حسني .
جلست سلمى تنظر بعداء شديد لزكريا، بينما ابتسم زكريا كالابله، زفرت هي بضيق شديد، فحمحم قائلا :
_ ايه يا ست البنات، شكلك مضايقة من خطوبتنا .
نظرت له باندهاش عقب جملته واردفت : طب كويس انك فاهم اني مضايقة، مكمل انت ليه بقى، انت ترضى على نفسك تتجوز واحدة مش عاوزك .
ابتسم زكريا ابتسامة مصطنعة عكس البركان الذي بداخله وقال : مش عاوزني ليه يا سلمى .
قالت سلمى ببرود : علشان انت مالكش امان بتغدر، غدرت بصاحبتي وهي اكيد ملهاش ذنب في اللي حصلها، انت عارف وانا عارفة كويس مين هي ليلى وشهد، فضحتها في الحارة ومهنش عليك انها كانت في يوم خطبتك، اقولك بقى انا بكرهك يا زكريا لانك السبب في بعد اختي عني .
انتفض هو من جلسته واردف بلغظة وقال : انا اللي ماليش امان، ولا هي السافلة اللي غدرت بيا وسمحت لواحد يلمسها، انتي بتكرهيني، انا بقى هاقولك الكبيرة، انا اللي هاكون السبب في موتك يا سلمى هاكسر قلبها بيكي، لما تعرف ان اتجوزتك، وهانتقم منك علشان انتي بتحبيها، صدقيني يا سلمى انتي هاتموتي علي ايدي وايد امي، استعدي بقى لجحيم زكريا اللي بتكرهيه .
ذهب صوب باب الغرفة وفتحه بعنف وصاح بأعلي صوته :
يا ماا تعالي هنا .
خرجت مديحة مهرولة : في ايه يا زكريا .
قال زكريت في اقتضاب : مفيش يالا .
لوت مديحة شفتيها في تهكم وامالت على حسني الواقف بجانبها : خلي بنتك تفك بوزها يا حسني، انا ابني مش اي حد، هي بنتك كانت تطوله، دا اخر تحذير ليها .
القت مديحة نظرة غاضبة على سلمى، ثم خرجت من البيت، فور خروجها اندفع حسني بإتجاه سلمى وجذب شعرها في يديه وصاح بصوته الجهور وقال :
_ ايه يابنت ال****، عملتي ايه في الراجل، دا انا هاموتك الليله دي .
صرخت سميحة واردفت بعصبية :. سيبها يا حسني هاتموت في ايدك .
دفعها حسني على الارض وتحدث بغلظة : بصي يابت انا بقولك اهو انتي تتظبطي مع زكريا، هو انتي كنتي طايلة تتجوزي واحد زيه، دا انتي معيوبة وعندك السكر، والعرسان بتطفش لما بتعرف انك عيانة، انا عاوز اخلص من همك وقرفك، ولو فكرتي بس انك تهربي والله لاجيبك ووقتها هاقتلك، فهميها يا ولية انا معنديش عزيز ولا غالي .
ترقرقت الدموع في عيني سلمى عقب حديث والدها، بينما ربتت والدتها على كتفها واردفت :
_ قومي معايا يا سلمى، قومي يا ضنايا اوديكي اوضتك .
************************************
في منزل رامي المالكي .
طرقت صفاء باب غرفة شهد بهدوء، ثم دلفت وجدتها تجلس وتنظر لهاتفها بحزن، اقتربت منها وشاهدت اسم اختها سميحة علي شاشة الهاتف، تملكها الغضب، جذبت الهاتف من يد شهد بعصبية وضغطت علي الزر وقالت :
_ الو .
هتفت سميحة بتساؤل : صفاء .
قالت صفاء باندفاع : اه صفاء اختك اللي نسيتها وبقيتي سنين مبتكلميهاش علشان جوزك المحترم، عاوزة ايه يا سميحة بتتصلي على شهد ليه، سيبها في حالها، انتي مش رمتيها، جاية دلوقتي تسألي فيها، ودا كله علشان خاطر مين المحروس حسني، رميتي بنتك ومسألتيش وصلت هنا ولا لأ، زي ما عملتي زمان وقطعتيني سنين علشان حسني الزفت حالف عليكي بالطلاق، تقاطعي اختك يا سميحة، بقولك ايه اللي ما تعزش عليها بنتها واختها تبقى واحدة مش همها الا مصلحتها وبس، من النهاردة انسي ان ليكي بنت، انسي ان ليكي اخت، بنتك بقت بنتي وانا المسؤولة عنها، ويالا من غير سلام .
اغلقت صفاء المكالمة دون سماع رد سميحة، القت الهاتف ثم جلست بجانب شهد واخذتها في احضانها ظلت تمسد على راسها بهدوء، بينما الاخرى بكت بكاء مرير .
*********************************
في منزل حسني.
نظرت سميحة للهاتف بصمت، ثم رفعت بصرها لابنتها واجهشت بالبكاء، هتفت سلمى قائلة :
_ في ايه ياماما، هو مين كان بيكلمك، خالتو صفاء.
هزت سميحة راسها دون كلام، بينما هتفت سلمى بهدوء : طب قولي هي قالتلك ايه .
قالت سميحة بصوت مبحوح : اقول ايه يا سلمى، اقول ان اختي سمعتني كلام يدبحني، طب اعمل ايه محدش حاسس بيا، ابوكي وماسك عليا شيكات لو خالفت كلامه هايكلم حج متولي يحبسني بيهم و ..
قاطعتها سلمى : ماما هو بابا مكنش سدهم .
اردفت سميحة بغيظ : سدهم الظالم بس ماسكني بيهم، علشان الحج متولي صاحب عمره خلاه يحتفظ بالشيكات وكل ما اجاي اخالفه يجي ويهددني بيهم، انا خلاص تعبت .
زمت سلمى شفتيها في ضيق وقالت :معلش يا ماما اهدي، طيب هو انتي مبتكلميش ليه خالتو صفاء .
ضحكت بسخرية وقالت : ابوكي بردو السبب، بعد موت مصطفى ابو شهد، ابوكي ضحك عليا واتجوزني، صفاء وجوزها مش عاجبهم حسني وكانو شايفينه طماع، وهو حس بكدا، علاقتنا انا وصفاء مكنتش مستقرة اوي، بس جه طلب مني استلف من صفاء ١٠٠٠٠ جنيه علشان محل الجزارة وقتها عليه ديون، رفضت راح ضربني علقة، اضطريت و كلمتها واتوقعت ترفض بس هي كدا صفاء طيبة وافقت، بعد ما اخدتهم بشهر حلف عليا بالطلاق منا مكلماها واقطع علاقتي بيها، انا يابنتي كنت هاعمل ايه بشهد وبيكي، كنت هاروح فين، قطعت معاها وانتو كبرتو و عيالها كبرو ومحدش يعرف عن التاني حاجة، بس هي الصراحة، بعتتلي رامي ابنها مرة سأل عليا، ولما ابوكي منه لله عرف، ضربني وهددني بيكي انه هاياخدك مني، فبعتلها رسالة مع واحدة جارتي متكلمنيش تاني ولا تبعتلي ابنها تاني .
نظرت سلمى لسميحة بغضب : ايه دا يا ماما، ايه ضعف الشخصية دا، انتي ازاي كدا، مضيتي شيكات على نفسك لواحد المفروض انه صاحب بابا، وكمان بابا سدهم وسايبة بابا عادي يزل ويهين فيكي، كمان اختك اللي مدياكي فلوس وانتي بتتهربي منها، انتي ازاي كدا .
انتفضت سميحة بغضب وقالت : دا جزاتي يا سلمى، يعني انا في الاخر استاهل كدا، انا كنت بخبي عنكو ليه، علشان متشلوش همي، بقى انا دلوقتي غلطانة .
هتفت سلمى بضيق : ايوة غلطانة، انتي ضعفك دا ودانا في ستين داهية شهد اهي مشيت وبعدت عننا، وانا هايجوزني لزكريا هو وامه يموتوني .
هتفت سميحة بنبرة مهزوزة : خلاص يابنتي انا هاروحله واقوله انك مش هاتتجوزي زكريا، وانا السجن مصيري .
اغلقت سلمى عينيها بتعب وقالت : خلاص يا ماما انتي عارفة كويس اوي اني مش هارضى تتسجني بسببي و كمان ايه يعني هي جوازة ولا اكتر، متتكلميش مع بابا تاني في حاجة وخليني اخلص.
أومأت سميحة ثم خرجت و ذهبت لغرفتها، دلفت واغلقت الباب جيدا ثم اخرجت من دولابها صندوق صغير فتحته واخرجت منه بعض الصور القديمة، امسكت صورة ثم قالت بصوت مبحوح :
_ غلطت اكبر غلطة في حياتي يا ابو شهد، غلطت بعد ما اتجوزت بعدك، اتهنت، بقيت ابيع بناتي علشان خوفي من ان ادخل السجن، انا خايفة اوي يا مصطفى من اللحظة دي، عشت طول عمري معززة مكرمة، وفي لحظة حياتي اتقلبت جحيم بقيت انام احلم بكابوس دخولي السجن، انا عارفة ان انا انانية لما فكرت ابيع شهد وارميها واهو ببيع سلمى كمان، انا تعبانة اوي يا مصطفى، ومبقتش لاقية حل، حسني بينتقم منك فيا، مش ناسي اللي زمان عملته فيه، بينتقم وانا كنت غبية وصدقته، كلام صفاء اختي طلع صح، انا بتعذب يا مصطفى، حاسة ان نهايتي على يد حسني .
سمعت سميحة صوت حسني الغليظ خارجا، وضعت الصور في الصندوق واغلقته جيدا ثم وضعته في الدولاب، ازالت دموعها تنهدت بقوة وقالت : يارب كون معايا، انا ضعيفة اوي .
*******************************
في منزل كريم .
ضحكت ليلى بصوت خافت ثم قالت : ياااه ياعمي دا اخت حضرتك صعبة اوي .
تنهد جمال ثم قال : يوووه صعبة بس، طب انتي مش ملاحظة اسم كريم وكريمة .
عقدت ليلى حاجبيها وقالت : فعلا لاحظت بس قولت عادي يعني .
هز راسه بنفي ثم قال : لا عادي ايه، انا هاحكيلك ياستي، ناني مراتي عرفت انها حامل فرحنا اوي، جت كريمة قالت لو بنت هاتتسمى علي اسمي، انا رفضت لان كنت ناوي اسميها على اسم ناني، وطبعا كريمة كانت حاسة بكدا فكانت بتغير فأصرت بقى وعلشان ناني طيبة قالت خلاص لو جت بنت نسميها كريمة، جه بقى ولد أصرت تسميه كريم، هي كانت بتعاند طبعا علشان متديش فرصة لناني تسمي ابنها .
ابتسمت هي بتهكم وقالت : مرات حضرتك كانت غلبانة اوي .
هتف جمال موضحا : كانت طيبة يا ليلى، كانت بتحب في تعيش جو فيه سلام نفسي ،مبتحبش تعيش في ضغوطات نفسية ، كانت بتحب تريح كريمة علشان تشتري دماغها .
نظرت ليلى لغرفة كريم المغلقة ثم قالت : هو كريم من وقت ما جينا قافل على نفسه مبيتكلمش ليه .
قال جمال : المفروض انك تكوني انتي الي عارفة، وبدام حسيتي انه مضايق، يبقى المفروض عليكي تروحيله وتسأليه وتحاولي تخففي عنه .
نظرت هي بتوتر لباب الغرفة، ظلت حائرة ما بين ان تذهب وتسأله عن سبب ضيقه، او تتجاهله حتى لا تعطيه أمل في علاقتهم .
*****************************
في منزل شهد .
هتفت شهد بعتاب : حتى يا خالتي لو كان هو وافق انا مكنتش هاوافق، انا مستغرباكي الصراحة ازاي تفكري كدا .
قالت صفاء بتساؤل : وايه بقى اللي انتي مستغرباه يا شهد .
قالت شهد بضيق : انك تفكري كدا، يا خالتي انا اول ما دخلت البيت دا وانا اعتبرت رامي اخويا الكبير، وعمري ما حسيت منه انه بيعاملني معاملة غير اخ لاخته .
ثم تابعت بانكسار : وبعدين ياخالتي في فرق بيني وبين رامي، انا شهد اللي مكملتش تعليميها ودا رامي ما شاء الله محاسب قد الدنيا، في فرق يا خالتي .
قالت صفاء بقلة صبر : بلاش تفكيرك العقيم دا ياشهد، هو اه يانعم التعليم حلو، بس انتي ما شاء الله عليكي بتعرفي تقري وتكتبي، وكمان عندك دراية بحاجات كتيرة اوي في الحياة مش جاهلة يعني، وبعدين يا ستي خلاص انا غلطت لما فكرت كدا انا اسفه ليكو، ممكن بقى تفكي بوزك دا، خلاص انتي و رامي اخوات.
ابتسمت شهد ثم جذبت يد صفاء وقبلتها : بجد انتي احن قلب يا خالتي، ربنا يخليكي ليا، انا عارفة انتي فكرتي كدا ليه، فاكرني يعني لما رامي يزعقلي هاسبله البيت، لا طبعا انا مش هاعمل كدا انا على قلبكو .
قهقهت صفاء عقب جملة شهد وقالت : يالهوي عليكي بتعيطي وتضحكيني في نفس الوقت، يارب تقعدي على قلبي على طول .
قالت شهد بفخر : اي خدمة .
وضعت صفاء كلتا يديها على وجه شهد واردفت : اوعي يا شهد تسيبي البيت دا وانا مسافرة، دا بيتك مش بيت رامي، اوعي يابت، يعلم ربنا اليوم اللي انتي جتيلي فيه وانا اعتبرتك بنتي اللي خلفتها، عاوزة اجاي الاقيكي وبعدين يا شوشو انا عاوزكي تخلي بالك من رامي وحمزة حطيهم في عنيكي .
قبلت يد خالتها وقالت : متخافيش انتي سايبة وراكي اسد، بس وحياتي يا خالتي قولي لرامي انزل معاه المصنع انا بكره القعدة في البيت وكمان اشغل وقتي اللي هو في فالشغل وحمزة في مدرسته .
قالت صفاء بنبرة هادئة : حاضر يا شهد، هاخليه يشغلك معاه، بس خليكي هادية وبلاش مشاكل، رامي خلقه ضيق .
هتفت شهد بحماس : انا مفيش اهدى مني، هاشتغل وماليش دعوة بحد .
********************************
في منزل كريم .
وقفت ليلى امام غرفة كريم حائرة، واخيرا حسمت قرارها وقررت الدخول، طرقت الباب ثم دخلت وجدته يجلس على الاريكة ينظر في هاتفه، اقتربت وجلست على طرف الاريكة واردفت بصوت هادئ :
_ مالك يا كريم، من وقت ما جينا وانت قاعد في الاوضة .
رفع بصره وقال متصنعا اللامبالاة : مفيش .
صمتت ليلى، ترقرقت الدموع في عينيها، ثم قالت بصوت حزين : هو انا عملت حاجة غلط عند عمتك، قولي لو في حاجة غلط عملتها .
رفع كريم بصره واندهش من دموعها ، ترك الهاتف من يديه، ثم اقترب منها وقال بصوت حنون : بتعيطي ليه يا ليلى، قولت ايه يخليكي تعيطي، انا مش زعلان منك ولا عملتي حاجة غلط عند عمتي .
هتفت ليلى بعصىبيه : امال افسر بايه اللي انت عامله من وقت ما جينا، مبوز في وشي، وقاعد لوحدك، انت بتحسسني انك مغصوب عليا، انا مبقتش فاهمة حاجة .
هتف كريم موضحا : لا يا ليلى، انت اللي محسساني انك مغصوبة عليا، علشان كدا بحاول ابعد علشان مضايقكش .
قالت ليلى بحنق : لا يا كريم قول الحقيقة، انت قبل ما تنزل كنت كويس، روحنا عند عمتك قلبت، في ايه .
ابتسم على مجادلتها معه ثم قال : انا زعلت علشان عمتي وكلامها، عمرها مهتتغير، مش عارف بابا عنده اصرار كبير يقحمها في حياتنا .
ابتسمت ليلى من بين دموعها وقالت : يقحمها!!!!، ايه الكلام دا.
شعر هو بالسعادة لابتسامتها، اقترب بخفة، ثم جذب يديها برقة وقال : تعرفي ايه اكتر تلات حاجات حلوة النهاردة حصلت .
بلعت ريقها بتوتر ثم قالت بتلعثم : ايه هما .
اقترب اكثر ونظر مباشرة لعينيها ذو اللون العسلي الصافي وقال بهمس : اول حاجة انك قولتي كريم مش دكتور كريم .
ثم تابع بهمس مع اقترابه اكثر : تاني حاجه انك حسيتي بيا وانا مخنوق، وابتسامتك طلعت تاني ونورت الدنيا .
ثم اقترب اكثر فلم يعد يفصل بينهم انش واحد، قال وهو ينظر لفمها المكتنز : تالت حاجة اني هاعمل كدا ويومي هايتقفل باحلى حاجة حصلتلي .
جذب كريم راسها نحوه وامال على شفتيها ينهل منهما ما يريد .
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&
رواية ( شهد الحياة ).
البارت الثامن .
بعد مرور اسبوع .
في منزل كريم .
وضعت الطعام على المائدة ، نظرت بطرف عينيها لكريم ، ثم همست بضيق :
_ بقولك ايه يا دكتور، دا اخر تحذير ليك .
رفع كريم حاجبيه ببرود وقال : تحذير على ايه مش فاهم.
هتفت ليلى بغيظ : لا انت فاهم كويس وعارف، اللي حصل من اسبوع عمره ما يتتكرر يا دكتور، وبلاش نظراتك وابتسامتك بتاعت كل يوم دي .
وضع كريم اللقمة في فمه وقال بهدوء : نظرات وابتسامات ايه شكلك بتتوهمي يا ليلى .
كانت تسكب الماء في الكوب، عقب انهاء جملته وضعت الكوب امامه بعنف فجاءت بعض قطرات الماء على يده وملابسه، رفع بصره لها باندهاش اثر حركتها، بينما هي نظرت له بتحدي ثم قالت وكانها لم تفعل شئ :
_ انا رايحة ادي لعمي الدوا .
*******************************
في منزل رامي .
كانت تدور وراءه مثل النحلة وهي تهتف بضيق : انت وعدتني يا رامي اني اشتغل .
توقف هو عن جمع اوراقه والتفت لها قائلا ببرود : فين دا محصلش، بطلي كدب .
لكزته في كتفه بخفة وقالت : رامي متعصبنيش مش خالتو كلمتك وانت قولت ماشي وفتحت مشروعك المفروض انزل بقى اشتغل .
رفع يده امام وجهها وقام بالعد على اصابعه قائلا : اولا ماما كلمتني وانا وافقت في حالة لما تسافر السعودية هاتنزلي تشتغلي،
ثانيا انا اه فتحت المشروع بس بعمل كام موديل يعني الشغل لسه مبدأش،
ثالثا ودا الاهم بطلي زن علشان انا خلقي ضيق،
رابعا لو الحركة اللي عملتيها في كتفي اتكررت هاكسرلك ايدك .
ثم التفت لجمع باقي اوراقه، بينما هي استطردت قائلة :
معلش يا رامي نسيت خامسا .
حاول جاهدا منع ظهور ابتسامته وقال بجدية : مفيش هما اربع حاجات بس .
قالت شهد ببرود : لا بس خامسا دي عندي بقى .
استدار لها ببطئ ورفع حاجبيه وقال : قوليلي بقى خامسا اللي عندك .
ابتعدت هي بضع خطوات وقالت باندفاع : انك ارخم واحد شفته في حياتي .
فور انتهاء جملتها، فرت هاربة منه، بينما هو ابتسم على طفولتها هاتفا لنفسه:
مش كفاية عليا البيت يا شهد يبقى بيت و مصنع، انا بتعذب في قربك، ربنا يصبرني .
*********************************
في منزل حسني .
جلست سلمى تقرأ القرأن الكريم، لعلها تهدأ، قاطع قرأتها صوت رنين هاتفها، صدقت على قرأتها و نظرت فيه وجدت اسم شهد يضيئ الشاشة، ابتسمت بسعادة ثم أمسكت الهاتف ووضعته على اذنها وهتفت بفرحة :
_ شهد حبيبتي، وحشتيني اوي .
قالت شهد بصوت حنون : وانتي كمان وحشتيني يا سلمى، معلش لو مكنتش برضى ارد، كنت زعلانة منكو ومش قادرة ارد عليكو .
ترقرت الدموع في عينيها وقالت : حبيبتي يا شهد حقك والله، حقك كمان تقاطعينا العمر كله
ثم تابعت قائلة : قوليلي اخبارك ايه واخبار خالتي معاكي .
قالت شهد بحزن : خالتي دي مفيش اطيب منها، دا انا متهيائلي انها اطيب من امي نفسها، ربنا عوضني بجد، عارفة يا سلمى مشيت من عندكو وانا كنت تايهة، كنت رايحلهم وانا ميتة من الخوف يقفلو بابهم في وشي، بس الحمد لله ربنا جبرني اوي، وكرمني بخالتي ورامي .
هتفت سلمى بصوت مبحوح : معلش يا شهد، والله ماما غصب عنها معلش، يالا ربنا يسامح اللي كان السبب .
قالت شهد بقلق: مالك يا سلمى صوتك ماله، اوعي يكون ابوكي بيعمل فيكي حاجة، قوليلي وانا والله اجاي انط في كرشه وميهمنيش حد .
ابتسمت سلمي بحزن وقالت : حبيبتي يا شهد ربنا يخليكي ليا، انا كويسة وبابا مبيعمليش حاجة، بس المهم انتي خلي بالك من نفسك .
تنهدت شهد وقالت : طيب وانتي بردو خلي بالك من نفسك ومتقوليش لماما ان اتصلت علشان متزعلش ان مكلمتهاش .
قالت سلمى بحزن : هو انتي لسى زعلانة منها يا شهد .
قالت شهد بتهكم : هي اللي عملته فيا قليل، اللي عملته دا هايفضل مأثر فيا العمر كله .
ثم استطردت قائلة : يالا انا هاقفل في حد بيرن الجرس، سلام .
ودعتها سلمى بدموع وكانها لاخر مرة تسمع صوتها وقالت : سلام .
ثم اغلقت الهاتف ونظرت له، فسقطت بعض قطرات من دموعها على شاشة الهاتف :
_ هاتوحشيني اوي يا شهد، مش عارفة كنت عاوزة اسمع صوتك اكتر واشبع منه، قلبي مقبوض، استر يارب .
*************************************
في منزل كريم .
جلست ليلى في غرفتها بتوتر شديد، قالت لنفسها: يارب ما تنادي عليا، مش ناقصة اسمع كلام يسم بدني، يارب ...
لم تكمل جملتها ووجدت كريمة تفتح الباب وتدخل للغرفة، رأتها ليلى انتفضت واقفه تنظر لها بتوتر، بينما اردفت كريمة بتهكم :
_ ايه شوفتي عفريت ولا ايه .
ابتلعت ليلى ريقها بتوتر وقالت : لا انا اسفة بس ...
قاطعتها كريمة بحدة : هشش، اقعدي عاوزة اتكلم معاكي
جلست كريمة بتكبر وتعالي، بينما جلست ليلى بتوتر شديد، ثم قالت كريمة بحدة :
_ مش المفروض عرفتي اني برة تطلعي تستقبليني وتخدمي عليا ولا اهلك معلموكيش كدا .
نظرت لها ليلى بصدمة من اهانتها لها وقالت بأدب : البنت المسؤولة برا تخدم على حضرتك، مع ان انا شايفة مالوش لزمة، لان حضرتك صاحبة بيت وتقدري تتحكمي في البيت زي مانتي عاوزة، واهلي علموني واجب الضيافة، بس انا شايفة انك مش طايقني، يبقى مالوش لزمة اخرج واضايق حضرتك بوجودي .
نظرت لها كريمة بحدة وقالت : لا بتعرفي تردي ولسانك طويل، كريم جابك من انهي داهية، انتي ولا من مستوانا، ولا من بيئتنا، معرفش اتهبل في دماغه ولا ايه .
حاولت ليلى التحكم في اعصابها، التزمت الصمت وعدم الرد عليها، نهضت كريمة بضيق وقالت بهمس مسموع : قليلة الادب.
ثم خرجت من الغرفة، فور خروجها انفجرت ليلى بالبكاء .
*****************************
في المصنع .
دلف رامي مكتبه بعد يوم طويل وشاق وجد سامي ينتظره، نظر له رامي نظرة سريعة ثم جلس على مكتبه دون القاء تحيته على صديقه، ابتسم سامي بسخرية وقال :
_ على فكرة انا المفروض ازعل مش انت .
هتف رامي بحدة : خلاص انا وانت زعلانين من بعض عادي حكاية بسيطة .
قال سامي بضيق : انا نفسي اعرف انت زعلان مني على ايه، انت اللي غلطت فيا يا رامي ومش عملت حساب العشرة اللي بينا وفي الاخر رايح تعطي لهايدي بنت عمي الفلوس اللي انت سالفها مني وكانك بتقولي مبقتش عاوز اعرفك تاني .
قال رامي ببرود : عادي يا سامي هي مش بنت عمك والا حد غريب، وبعدين زي مانت عارف انا كنت مشغول بالمصنع وهي بتعطي درس لحمزة، شوفتها وقولتلها وصليهم لسامي بس .
نهض سامي واخذ مفاتيحه وهاتفه واتجه صوب الباب سارع رامي بجذب يديه وقال : انت رايح فين احنا مش بنتكلم .
زم سامي شفتيه بضيق وقال : رايح في داهية، بس قعدة معاك لا، خلاص انا فهمت انت عاوز تقولي ايه .
هتف رامي بتهكم : وانا عاوز اقولك ايه بقى يا فكيك .
ابعد سامي بصره وقال بضيق : عاوز تقولي خلاص الصحوبية ما بينا انتهت .
قهقه رامي عقب انهاء جملة سامي وقال من بين ضحكاته : انت فظيع يا سامي انت ليه محسسني ان انا وانت بنفركش، اهدى يابني كدا .
جذب سامي يده بعنف وقال : طب بطل استفزاز، ولو جدع قولي انا غلطت في ايه .
اخذ رامي نفس طويل ثم اخرجه وقال بهدوء : بص يا سامي انت غلطان، اولا انت عارف كويس اني في الوقت دا ببقى في الشركة، متستعبطش وتقولي اصل انا قولت ان الشاي اتكب فقولت مش هاتروح، لا انت جيت البيت علشان تشوف شهد فضولك اخدك لكدا، والغلط الاكبر بقى يا سامي انك تتكلم عليها وقدامي وكاني ماليش اي لزمة ولا حتى في احترام، ليا ازعل بقى ولا لأ، وعلى فكرة انا في جملة على طول بقولهالك انا بكره اللي يستغباني، وانت مبتاخدش بالك منها، او بتعمل نفسك اهبل وبتتصرف على الاساس دا .
اصاب سامي التوتر عقب كلمات رامي له وقال : وانا بستغباك في ايه، لا حقيقي دا كان وقتها تفكيري .
ثم تابع باندفاع وقال : بس على العموم حصل خير .
ابتسم رامي نصف ابتسامة وقال : حصل خير فعلا .
*****************************
في منزل رامي المالكي .
_ خلاص يا شوشو، كدا فهمتي البيت بيمشي ازاي والمصاريف وكل حاجه .
كان صوت صفاء جاد حازم، أومأت شهد وقالت :
اه ياخالتي فهمت كل حاجة متقلقيش، انا شاطرة والله .
ابتسمت صفاء وقالت : شاطرة بس ايدك سايبة شوية، انتي عارفة يابت يا شهد انتي ماشية بمبدأ ايه .
عقدت شهد حاجبيها وقالت : ايه ؟!.
ضربتها صفاء بخفة على وجينتها وقالت : اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب .
ضحكت شهد بصوت عالي وغمزت لخالتها : طب دا حتى احلى مبدأ الواحد يمشي بيه، انا طول عمري مابشلش هم لبكرة، الواحد بيعيش مره واحدة، هانتعب ونفكر ليه .
وضعت صفاء يديها على فم شهد وقالت : يابت وطي صوتك لهايدي تتضايق .
اخفضت شهد صوتها وقالت بعبوس : مش عارفة البت دي قارشة ملحتي ليه يا خالتي رخمة اوي، ومش عارفة اصلا حمزة بيستحملها ازاي .
ضحكت صفاء بخفة وقالت : انا عارفة هي مخنوقة منك ليه ؟.
هتفت شهد بفضول : ليه يا خالتي؟.
ابتسمت صفاء بمكر وقالت : فاكراكي هتاخدي منها رامي.
عقدت شهد حاجبيها وقالت : اخده منها ازاي لامؤاخذة .
زمت صفاء شفتيها بضيق وقالت : انتي هبلة ياشهد ولا ايه، هي فاكرة ان رامي بيحبك، وهي بتحب رامي وبترسم عليه وعاوزة تتجوزه ورامي بينفضلها فهمتي .
اتسعت عينيها باندهاش وقالت : وربنا انا قولت، البت دي مش مظبوطة وجاية هنا تشقط .
رمقتها صفاء بعتاب وقالت : يابت وطي صوتك، هاتتبسطي انتي لما هي تسمع كلامنا .
ثم تابعت بخبث : بس ايه هي مش هاتبقى هنا وبس هاتروح مع رامي المصنع هاتنزل تشتغل، رامي حكالي امبارح .
تقلصت ملامحها بغضب وقالت : حكالك ايه يا خالتي ايه هايودي البت دي المصنع هي مش مدرسة، ايه فهمها هي في التصنيع والا الخياطة .
هتفت صفاء موضحة : ماهو هايدي ما شاء الله عليها بتفهم بكل حاجة وشاطرة اوي، ورامي هايحتاجها في العلاقات العامة، وبعدين ياستي هي اصلا تبقى بنت عم سامي صاحب رامي .
قالت شهد بحنق : اه ابنك ياخدها معاه المصنع وانا يقولي لما ماما تسافر السعودية .
ثم تابعت في سرها : ماشي يا رامي .
**********************************
في منزل كريم .( ليلا).
تحرك ببطئ حتي لايوقظ من في البيت ، اقترب من باب غرفته ،ثم سمع صوت بكائها اندفع للداخل بسرعة، رائها جالسة على السرير تبكي، ازداد القلق بداخله :
_ مالك يا ليلى .
رفعت بصرها اليه ثم هتفت بحزن : مفيش .
اقترب منها وجلس على طرف الفراش، ثم مد يديه وازال دموعها وقال بصوت حنون :
_ لا فيه يا قلبي، بتعيطي ليه يا حبيبتي .
ابعدت يديه بعنف وهتفت بعصبية : انا مش قلب حد ولا حبيبة حد .
تمالك هو اعصابه وقال بهودء : طيب يا ليلى، في ايه ؟.
ابعدت بصرها عنه، ولكن ما لبثت ثواني ونظرت اليه وقالت بغضب : كريم انا عاوزة امشي من هنا، خدلي شقة بعيد عن هنا، او حتى اوضة فوق سطوح، بس قعدة هنا لأ .
رفع احد حاجبيه وقال : تمشي من هنا ازاي، في ايه يا ليلى ؟
اتتفضت ليلى واقفة وقالت بصوت عالي : بقولك عاوزة امشي من هنا، ايه مبتفهمش ولا ايه، قرفت منك ومن البيت دا وقرفت من الاهانة، عاوزة امشي، طلقني .
الى هذا الحد وكفى، بدأ الغضب يتصاعد بداخله، وعند نطقها لكلمة ( قرفت منك ) رفع يده وصفعها بكل قسوة على وجهها حتى اختل توازنها وسقطت على الفراش، رفعت بصرها ونظرت له بصدمة، بينما احتدت نظراته لها وقال بصوته الجهور :
_ لغاية هنا وبس يا ليلى، اياكي تتخيلي للحظه اني ممكن اعديلك اهانتك، فاهمة والا لأ .
ازالت دموعها بعنف ونهضت مرة اخرى وقالت بتحدي : لا دي مش اهانة يا دكتور، بالعكس دي الحقيقة، انا قرفانة منك ومن نفسي ومن الدنيا كلها، انا قرفانة من اهانة عمتك ليا، انا تعبت مكنش المفروض نتجوز، انت غيري وانا غيرك، انت فوق اوي وانا تحت اوي، طلقني وسيبني.
اردف كريم بتهكم : اطلقك!!، بعد دا كله اطلقك، جايه دلوقتي عاوزة تبعدي عني علشان سمعتي كلام من عمتي ضايقك، طب وانا، انا اللي عشت في حبك سنين، حبك اللي بيكبر جوايا كل ثانية، انا اللي كنت كل يوم بتمنى تبصيلي والا حتى تحسي بيا جاية دلوقتي تقوليلي اطلقك، عارفة ! حاجة واحدة في حياتي ندمت عليها وللاسف مش قادر اتخلى عنها هي بس اني حبيتك في يوم من الايام، اخترت واحدة قلبها جاحد مبتحسش .
امسكت قميصه بعنف وهتفت بغضب : وانت ليه مش حاسس بيا، انا البنت اللي ضاعت احلامها وحياتها، انا البنت اللي اغتصبت بكل وحشية، انا اللي هافضل في نظر الكل حتى نظرك ضعيفة وفيا حاجة ناقصة، اوعى تضحك على نفسك يا دكتور وتقولي ان الحاجة دي مش فارقة معاك، انت ممكن تذليني عليها بعد كدا .
وضع يديه فوق يديها الممسكة بمقدمة قميصه وهتف بهمس حزين : لا يا ليلى عمري ما اعمل كدا، عارفة ليه ؟، لاني بحبك مش بس بحبك انا بموت فيكي، انا بعشقك وبعشق كل تفصيلة فيكي، انا بخليكي تنامي وبقعد اتأمل في ملامحك، انتي عارفة ليه مش حاسة بحبي، لانك للاسف مدقتيش طعم الحب، متعرفيش الحبيب ممكن يعمل ايه علشان يوصل لحبيبته، ممكن يبيع نفسه ومبادئه وكل حاجة بس علشان بيتمنى نظرة رضا وحب من عنيها، علشان يتمنى بس وجودها جنبه .
سالت الدموع مجددا من عينيها وهتفت بانكسار : وانت بعت مبادئك في ايه يا دكتور، بعتها لما اتجوزتني صح، لما تنازلت عن مستواك واتجوزت ليلى الممرضة صح .
ضحك هو بصوت عالي واردف بعصبية تشبه الجنون : هو انا هافضل كام مرة اقولك بحبك، ارحميني بقى، حسيها مني ولو مرة واحدة .
ابعدها عنه بعنف ثم خرج من الغرفة بل من المنزل باكمله، بينما هي جلست مكانها وبكت بكاء مرير، ثم هتفت لنفسها :
_ حاسة بيك، وزمان كنت بحس بيك، بس زمان كان بينا سد، دلوقتي بقى فيه ما بينا الف سد، الحياة مابينا مستحيلة، يارب انت حسبي ووكيلي.
***********************************
في منزل حسني .
كان حسني يقف في المطبخ ويمسك بهاتفه ويهمس :
مش عارف ولية منحوسة صحيح، كل ما احاول اخلص منها مبعرفش .
هتف صوت انثوي بخبث : علشان انت حنين معاها، اجمد كدا يا راجل واديها على دماغها .
اتسعت عيناه بصدمة : اكتر من كدا، دا انا بقالي اسبوع بصبحها بعلقة وبمسيها بعلقة وهي زي الجاموسة تاخد الضرب من هنا وتقول حاضر.
ذفرت هي بضيق وقالت : انت طولت ياحسني، اخرك معايا بعد فرح بنتك، تسجنها بقى تموتها تطلقها تعمل اللي تعمله، المهم انا مدخلش على ضرة ابدا ..
ابتسم حسني بمكر وقال : طبعا يا جميل انت مينفعش يبقى معاك ضرة .
وقفت هي مصدومة، تسمع لكلمات ابيها مع امرأة، اندفعت نحو غرفتها، جلست على فراشها وهتفت بصدمة :
_ بابا، بيكلم واحدة، وهايتجوزها، وبيعمل دا كله علشان يخلص من ماما، طيب مين دي، انا لازم اعرف .
*******************************
في منزل رامي المالكي .
شعرت شهد بالعطش، ارتدت حجابها باهمال، ثم خرجت الى المطبخ، وقفت تسكب المياه، شعرت بانفاس شخص ورائها استدرات بسرعة، وجدت رامي يقف متأملا فيها، هتفت بوجه شاحب :
_ خضتني يا رامي .
حمحم رامي بحرج وقال : احم، معلش كنت جعان بس .
هتفت شهد بضيق : ابقى كح طيب او اعمل اي صوت .
قال رامي بحنق : براحة يا شهد، بقولك كنت جعان.
استدرات تضع الكوب مكانه ثم هتفت بضيق : انا بكلمك ليه اصلا، انا مخصامك .
شعرت بيه يقف خلفها مباشرة، ثم مد يديه وقام بعدل حجابها، توترت هي اثر لمسته، شعر بها وبتوترها، اراد تخفيف حدة التوتر قال بصوت حنون : مالك يا شوشو زعلانة ليه، انا مقدرش على زعلك .
اغلقت عينيها بقوة، تجمدت انفاسها، صوته يديدغ مشاعرها البسيطة، سمعته ينادي عليها مرة ثانية :
شوشو .
فتحت عينيها وهتفت بارتباك : نعم .
هتف هو بهمس : مالك، زعلانة مني ليه.
اغلقت عينيها مرة اخرى وقالت في نفسها : يالهوي عليا، اجمدي كدا يا شهد، هايغمى عليا .
هتف رامي بهمس شديد : شهد .
استدرات مرة واحدة وقالت باندفاع غير مدركة انعدام المسافة بينهم : ايه شهد، شهد سمعت والله، عاوز ايه يا رامي .
نظر لعينيها تحت ضوء المطبخ الخافت، حقا جميلة ملامحها البسيطة، خصلاتها المتمردة من حجابها، جزء من عنقها يظهر له، ابتلع ريقه بصعوبة، حاول ان يكبح رغباته، ثم اردف بهيام متناسيا كل شئ :
_ متنرفزة ليه يا شهد، مخاصمني ليه .
ضاعت هي في نبرة صوته، نظراته لها، ثارت انفاسها، اردات ان ترجع لخلف اصطدمت بالمنضدة خلفها، وضعت يديها تلقائيا على صدره وهتفت بهمس : رامي مينفعش .
اقترب برأسه اكثر واصبح وجهه مقابلا لوجهها ونظر لشفتيها التي تنطق باسمه فيضيع هو في بحور عشقها : هو ايه اللي مينفعش .
ابتلعت ريقها بصعوبة ثم عزمت على فعل شئ، رفعت يدها ببطئ ثم صفعته على احد وجنتيه، اتسعت عيناه اثر صفعتها، اردات الهروب خوفا منه، جذب يديها بعنف وقال :
_ ايه اللي انتي هببتيه دا.
