رواية شهد الحياه الفصل التاسع9 والعاشر10 بقلم زيزي محمد


 
رواية ( شهد الحياة ).



البارت التاسع.والعاشر
بقلم زيزي محمد 


اقترب برأسه اكثر واصبح وجهه مقابلا لوجهها ثم نظر لشفتيها التي تنطق باسمه فيضيع هو  في بحور عشقها : هو ايه اللي مينفعش .



بلعت ريقها بصعوبة ثم عزمت على فعل شئ، رفعت يدها ببطئ ثم صفعته على احدى وجنتيه، اتسعت عيناه اثر صفعتها، ارادت هي الهروب خوفا منه، جذب يديها بعنف وقال : 



_ ايه اللي انتي هببتيه دا .



هتفت بتلعثم : اعمل ايه يعني منا لازم افوقك.



هزها بعنف وقال بعصبية مفرطة : تفوقيني من ايه يا هبلة انتي ؟



اخفضت بصرها وقالت بهمس : مش انت كنت بتتحرش بيا .



اتسعت عيناه عقب جملتها وقال : بتحرش بيكي، انتي واعية للكلمة دي .



ضربت بكفيها على صدرها وقالت بصدمة : يالهوي يا رامي انت بتتحرش بشهد .



كانت هذة "صفاء"،  فنظر لها كلا من شهد ورامي بصدمة لوجودها، فقالت بصراخ : رد عليا انت كنت بتعمل ايه .



هتف رامي موضحا : مبعملش حاجة يا أمي والله .



اقتربت صفاء وقالت بغضب : دي اخرة تربيتي، تتحرش ببنت خالتك يا رامي، دي امانة يا رامي، انت تعمل كدا يطلع منك كدا.



هتفت شهد بارتباك : استني بس يا خالتي، رامي معمل...



قاطعتها صفاء بحدة : بس والله لاجبلك حقك منه، اوعي تخافي .



تقلصت ملامحه بغضب ثم قال : حق ايه يا ماما، انتي هاتصدقيها دي هبلة، انا اتحرش بدي .



شهقت شهد بصوت عالي ثم اردفت بتهكم : ايه ايه يا خويا، هو سكتناله دخل بحماره، غلطان وبتبجح.



جذب يديها بعنف، ثم قال بعصبية : لمي نفسك يا شهد، اصل والله اقطلعك لسانك دا .



هتفت صفاء بحدة وقالت : بقولك ايه يا رامي والله العظيم اللي هاقوله دلوقتي لو متنفذش انت ولا ابني ولا اعرفك، انا بقولك اهو .



نظرت له شهد بتشفي وابتسمت ابتسامة انتصار، بينما استطردت صفاء بنفس حدتها وقالت : 



_ بكرا تكتب كتابك على شهد، بكرا تكون مراتك رسمي فاهم والا لأ.



سرعان ما تلاشت ابتسامتها ونظرت لصفاء بصدمة  فهتفت باندفاع : 



_ بس يا خالتي الله يكرمك، انتي بتقولي ايه، قال اتجوزه قال .



رفع رامي احد حاجبيه باعتراض ثم هتف بحنق : بقولك ايه اهدي بس شوية كدا، اصل انا اللي مرضاش اتجوزك والله .



اقتربت صفاء منهم واشارت باصبعها السبابة في وجههم واردفت بعصبية : الي قولته هايتنفذ، وانت يا رامي لو بكرة الصبح مكنتش كاتب كتابك عليها انت والا ابني والا اعرفك وهاسيبلك البيت دا ومش هاتعرفلي مكان .



تحركت شهد بعصبية مفرطة صوب غرفتها، بينما نظر رامي لوالدته بغضب وقال : في ايه يا ماما ايه الكلام العجيب اللي انتي بتقوليه دا، جواز ايه، انتي ناسية ولا ايه .



هتفت صفاء معاتبة : لا مش ناسية يا رامي، بس انت الي حطيت نفسك في الحتة دي وزنقت نفسك فيها، انا مكنتش هاتكلم ولا هاطلب منك كدا لو انا مكنتش حسيت منك بمشاعر اتجاهها، انت مش شايف نفسك بقيت زي المراهق .



رفع حاجبيه ببرود وقال : مراهق!، على العموم متزعليش نفسك انا هاسيبلها البيت واقعد في المصنع الفترة اللي انتي مسافرة فيها .



هتفت صفاء بحدة : لا يا رامي انا قولت كتب كتاب، وبعدين متزعلش نفسك هاتفضل على وعدك، دا مجرد كتب كتاب وهاتتعاملو عادي ولا كانها مراتك، بس علشان الحرمانية .



زفر رامي بعصبية ثم جز على اسنانه قائلا : يا أمي انا مش هاكتب عليها دي اخر واحدة ممكن اتجوزها .



 دخلت شهد فاجأة ثم وضعت يديها في خصرها قائلة بتهكم : ما تهدى ياعم الشبح قال انا اللي بموت فيك وهاموت واتجوزك .



نظر لها رامي وجدها ممسكة بحقيبتها في يديها وابدلت ثيابها، اقترب منها ببطئ وقال مستفهما : انتي رايحه فين؟



هتفت شهد بحنق : رايحة في داهية، مالكش دعوة .



جذب يديها بعنف واردف بعصبية شديدة : شهد انا عفاريت الدنيا بتنطط في وشي، ادخلي اوضتك .



تجاهلته شهد وتجاهلت يديه الممسكة بها ثم وجهت بصرها لصفاء مردفة : بصي يا خالتي انا هامشي لان مبقاش ينفع اقعد هنا اكتر من كدا، قوليله بقى يسيب ايدي .



شعرت صفاء بارتفاع ضغط دمهها، والالام حادة في رأسها، ترنحت في وقفتها، رأها رامي كذلك اندفع صوبها ثم اخذ بيديها، هتف بقلق : مالك يا امي .



قطبت شهد حاجبيها وهتفت بتوتر : ايه يا خالتي، انتي تعبانة والا ايه .



اغمضت صفاء عينيها بتعب وهتفت بصوت مجهد : وديني اوضتي يا رامي .

******************************

في منزل كريم ..



جلست تنتظر عودته، منذ خروجه بتلك الحالة، لم يعد الى الان، هاتفته كثيرا لم يجيب، سمعت صوت باب المنزل، خرجت من غرفتها، وجدته يدلف الى المنزل مترنحا، نظرت له باستغراب : 



_كريم انت بتتطوح كدا ليه .



رفع بصره اليها قائلا بصوت ثقيل للغاية : ليلى، انتي مستنياني ؟؟.



اتجهت صوبه قائلة : اوعى تكون شارب حاجة .



ضحك هو بصوت عالي : اه انا شارب حاجات .



زمت شفتيها بضيق ثم همست لنفسها : يالهوي عليا، خليت دكتور كريم يشرب .



تعالت ضحكاته مرة ثانية ثم بدأ بالغناء : يتعلمو، يتعلمو من الرقة، لا لا من القسوة دي يتعلمو ..



حزنت كثيرا ثم اقتربت منه وجذبت ذراعه تسنده، وقف هو عن ترنحه وهتف بنبرة شبه ضائعة : انتي ليلى بجد؟؟  .



ابتسمت هي ابتسامة صغيرة وقالت بصوت هادئ : اه انا .



ترقرقت الدموع في عينيه ثم هتف بحزن : امال ليه بتعملي فيا كدا، ليه قلبك قاسي كدا .



نظرت لعينيه ولتلك الدموع التي يحاول جاهدا منعها، مدت يديها وحاوطت وجهه بيديها وقالت بصوت حنون : 

الدنيا السبب هي اللي خلتني اعمل كدا، سامحني .



دفن وجهه في عنقها وقال بنبرة شبه باكية : حبك بيعذبني يا ليلى، ياريتني ما شوفتك ولا حبيتك .



وقفت هي مصدومة من عناقه لها، ابتلعت ريقها بصعوبة، مشاعر كثيرة متضاربة بداخلها، تريد البعد، وفي نفس الوقت تتمنى قربه لها، تشعر بالخوف لعانقه لها، وتشعر ايضا بالاطمئنان في داخل احضانه، ابتعد هو عنها بعدما شعر بعدم استجابتها، ثم استقام في وقفته جاهد للتحرك نحو غرفته دون مساعدتها، استفاقت هي من الشرود في مشاعرها، انتبهت له فسارعت نحوه تجذب يديه وتسانده، نظر لها بطرف عينيه قائلا بصوت هادئ : 



_ خلاص يا ليلى هاقدر ادخل اوضتي، مش لدرجادي يعني .



هزت راسها برفض قائلة : لا طبعا هاساعدك يالا.



ادخلته الغرفة ثم ساعدته على الجلوس على طرف الفراش، انخفضت هي بعفوية وجذبت قدمه حتى تقوم بخلع حذائه، جذبها هو بسرعة واجلسها على ساقيه قائلا بحب : 



_مكانك مش تحت عند رجلي يا ليلى، مكانك هنا جنب قلبي، عمرك ما تعمليها تاني .



خجلت ليلى كثيرا لوضعها ذلك، ثم هتفت بتلعثم : عادي يعني، انت جوزي ...



قاطعها مبتسما : انا جوزك، اول مرة تنطقيها .



تسرب اللون الاحمر القاني لوجنيتها ثم هتفت : انت عاوز ايه يا كريم .



هتف هو سريعا : عاوزك .

ثم تابع مصححا : قصدي عاوز فرصة، تفتحي قلبك دا ليا، عاوزك تحسي بقلبي، عاوزك تحسي انا بعشقك قد ايه .



تسارعت دقات قلبها ثم هتفت بهمس : مش هاقدر .



جذبها نحوه اكثر ثم دفن وجه في عنقها قائلا بنفس همسها : ليه يا قلبي .



سالت الدموع من عنينها ثم صمتت، رفع بصره نحوها، فهتف بتساؤل : انتي لسه بتحبيه .



هزت رأسها بنفي ثم قالت بحزن : مش قصدي عليه، انا قصدي على اللى حصلي .



مد يديه وازال دموعها ثم طبع قبلة رقيقة على احدى وجنيتها قائلا بحب : مش مستعجل يا حياتي، خلينا نمشيها واحدة واحدة، ادي فرصة لنفسك تتعرفي عليا، افتحي قلبك دا ليا وللحياة، صدقيني مش هاتندمي .



صمتت هي كثيرا ثم هتفت بنبرة طفولية : خايفة اوي يا كريم، انا مش بعرف اتكلم، مبعرفش اقول اللي جوايا، نفسي اطلع اللي جوايا، نفسي اعرف اتنفس تاني، انا اتكسرت .



زاد من احتضانها ثم قال بحنو : ايه رايك احجزلك عند دكتورة شاطرة اوي، ودي هاتبقى بعيدة عني وعن اي حد وتحكيلها مشاعرك وتتعالجي .



هتفت بتلعثم : قصدك دكتورة نفسيه، هو انا مجنونة .



حرك رأسه بنفي ثم هتف موضحا : انتي المفروض ممرضة ومتعلمة وفاهمة، مش معنى ابقى مخنوق ومش لاقي حد يفهمني او في حاجة اتكسرت جوايا ابقى كدا انا مريض نفسي بالعكس، اوقات في ناس وانتي منهم مبيعرفوش يحكو اللي جواهم، بس لو لاقو حد غريب عنهم ممكن يسمعهم، صدقيني انتي حالك هيتصلح كتير لو روحتي وحكيتي معاها هاترتاحي وترجعي ليلى تاني .



أومأت رأسها بضعف ثم هتفت بهمس : ماشي، موافقة .

****************************

صباحا 

في بيت حسني ..



ارتدت سلمى ثيابها، وقفت في منتصف الغرفة، تحاول كبح مخاوفها، استدرات للخلف ثم نظرت للمرآة، هتفت لنفسها : متخافيش يا سلمى انتي هاتكلميه في وسط الناس مش هايضربك، متخافيش .



دخلت سميحة بوجه متورم ثم هتفت بتعب : انتي رايحة فين يا سلمى .



نظرت لها سلمى بحزن، ثم اقتربت منها ووضعت يديها على وجه سميحة قائلة بحزن : بيوجعك .



ابتسمت سميحة بضعف : عادي يا بنتي، اتعودت يومين كدا ويروق .

ثم تابعت : قوليلي انتي رايحة فين على الصبح كدا .



طبعت سلمى قبلة رقيقة على وجه سميحة ثم قالت بهدوء عكس ما بداخلها : رايحة مع زكريا، اتصل عليا امبارح علشان ننقي اوضة النوم، هاروح معاه علشان لو قولت لأ، هايتصل على بابا وهيبهدلني .



ربتت سميحة على كتفيها قائلة : ربنا يباركلك يابنتي .

ثم استطردت بنبرة حزينة : الا قوليلي شهد مش كلمتك .



تلعثمت سلمى قائلة : ها، لا، بعتت رسالة بطمنا على نفسها .



ابتسمت سميحة بتهكم : بتكدبي يا سلمى، نهايته ابقي سلميلي عليها .



أومأت سلمى برأسها ثم تحركت صوب باب الشقة وهي تدعو بداخلها ان يمر اليوم بسلام، هبطت الدرج ببطئ وهي تفكر في كلامها مع والدها تحاول ترتيبه في ذهنها، تحركت صوب محل الجزارة ملك لابيها، بلعت ريقها بصعوبة، ثم وقفت امام ابيها، نظر هو لها بحدة ثم هتف بصوت غليظ : 



_ نازلة عن معادك عشر دقايق ليه يابت .



نظرت له بخوف، حاولت جاهدا اخراج صوتها بنبرة طبيعية : جاية اتكلم معاك في موضوع .



نظر لها بغضب ثم اشار الى المكان  : تتكلمي هنا، ماكنتي تستني نتكلم في البيت .



هتفت بتلعثم : مش هاينفع ماما مينفعش تسمع حاجة .



قطب بين حاجبيه وهتف بغلظة : هو ايه اللي امك مينفعش تسمعه .



نظرت للطريق من حولها ثم قالت : هنتكلم هنا في الشارع يابابا.



صمت ثواني ثم اشار اليها لدخول الى المخزن القابع في نهاية المحل، دخلت هي بخطوات مبعثرة قليلا، ينتبها شعور بالخوف من ردة فعله، ولكنها عزمت علي ما بداخلها .

***************************

في منزل رامي المالكي .



جذب يديها بغضب ثم هتف بحنق : بقولك اقفي كلميني، في ايه يا شهد ما تتظبطي .



استدرات شهد ثم هتفت بضيق : عاوز ايه يا رامي، خليني ادخل لخالتي واديها الدوا ربنا يهديك .



زفر هو بعصبية قائلا : اقفي وكلميني عدل .



وقفت على مضدد ثم قالت : اهو نعم .



اخذ نفس طويل ثم اخرجه ببطئ قائلا بهدوء : انا مش عاوزك تزعلي ماما، لو قالتلك جواز قوليلها ماشي، انا خايف عليها ، طول الليل نايمة بتعيط وضغطها عالي، بحاول اراضيها ومش راضية، انا عمري مازعلتها ولا اقدر اعمل كدا، انتي مش عارفة هي بالنسبالي ايه، دي كل حياتي .



سرعان ما تجمعت الدموع في عينيها وهتفت بنبرة شبه باكية : طب مانا كمان بحبها اوي، انا اعتبرتها مكان امي اللي رمتني، بس يعني اللي خالتي بتطلبه مني صعب، في حد بيتجوز اخوه .



صدمته هي بجملتها الاخيرة، ابتسم بسخرية : معلش يا حجة شهد، اتنازلي واتجوزيني، معلش يا سنيورة يا كونتيسة يا برنسيسة، مش انتي السبب في كل دا، بقا انا امبارح بتحرش بيكي .



ازالت دموعها بقوة وهتفت بتحدي : اه انت امبارح كنت بتتحرش بيا .



رفع حاجبيه باعتراض ثم جذبها نحو غرفته المجاورة لغرفة صفاء، مغلقا الباب خلفه والصق ظهرها للباب وحاوطها هو  بجسده، لم تدرك هي هجومه المفاجئ عليها في ثواني ولكنها شعرت بيه يقف امام وجهها ويديه ارتفعت وتمركزت على احدى وجنيتنها يداعبها بلطف قائلا بمكر : 

_ انا قررت اوريكي يعني ايه اتحرش بيكي، اصل انتي عندك حول تقريبا في مفهوم التحرش .



حاولت هي دفعه عنها ، قائلة بتحذير : ابعد عني يا رامي، اصل اصوت والم الناس عليك، انت ايه اللي حصلك، مانت كنت عاقل .



هتف بهمس : مش عارف مالي بشوفك ....



اتسعت عيناها بصدمة قائلة : اوعى انت بتحبني يا رامي .



ضربها على رأسها بخفة ثم هتف بمكر : هو انا مش لقيت الا انتي واحبك، هو انا مجنون .



دفعته بغيظ، ثم هتفت بانفعال واضح على ملامحها : اصمالله على جمالك، دا انت حتى اسمك رامي .



خرجت من الغرفة بغيظ، بينما وقف هو مكانه يستوعب جملتها له، تحرك نحو المرآة نظر علي صورته المنعكسة ثم هتف : طب والله حلو، هي البت دي متخلفة ولا ايه، ومالو اسمي .

***************************

عند سلمى .



لوى حسني يديها خلف ظهرها بعنف : بتصنتي عليا يابت .



هتفت هي ببكاء : والله يابابا غصب عني، سمعتك غصب، سيب ايدي هاتتكسر .



زمجر حسني بحدة قائلا : دا انا هاكسرلك راسك، اوعي يابت تتخيلي انك ممكن تهدديني انتي مش عارفة انا ممكن اعمل فيكي ايه ..



شعرت هي بالام حادة في ذراعها، حاولت جاهدة ان تفلت نفسها من  يد ابيها ولكنها فشلت عاودت هي التوسل له بان يتركها : بابا بالله عليك سيبني، خلاص مش قادرة ..



دفعها حسني بغضب نحو الارض، اصدرت آه إثر اصدامها بالارض الصلبة، ثم هتف حسني بصوته الجهور : اسمعي يابت مش المعلم حسني هاتيجي حتة بت زيك وتقولي اعمل ايه ومعملش ايه، دا انا اقتلك واخلص منك وامك قبلك، انا رد سجون يابت .



تراجعت هي بخوف ثم هتفت بتلعثم : انا يابابا كل اللي بطلبه منك انك ترجع عن قرارك بالجواز من واحدة تانية، علشان خاطري، انا هاتجوز زكريا علشان خاطر امي .



ابتسم حسني بمكر ثم قال : خلاص طول مانتي حلوة كدا وبتسمعي كلامي مش هاتجوز على امك، ولا هاعمل فيها حاجة، يالا قومي ظبطي نفسك علشان خطيبك زمانه على وصول .



*****************************

في منزل رامي .



هتفت شهد بعتاب : كدا يا خالتي تتعبي علشان تعرفي معزتك في قلبنا يعني. 



نظرت صفاء للجهة الاخرى ولم تعطيها رد، بينما تنهدت شهد وقالت بهدوء يشوبه المشاغبة : انتي مقموصة يا صفصف .



نظرت لها صفاء بصدمة : صفصف!!، انا بلعب معاكي يابت ياشهد .



ضحكت شهد بخفة ثم اردفت بسعادة : ضحكت عليكي  خليتك تتكلمي .



هتفت صفاء بضيق : والله انتي عيلة، انا مش هارد عليكي .



زفرت شهد بحنق : مالك يا خالتي انا مش عارفة افرفشك، طب قوليلي انتي عاوزة ايه علشان ترضي عليا .



هتفت صفاء بهدوء : انتي عارفة كويس انا عاوزه ايه ؟.



استغفرت شهد في سرها ثم قالت بنفاذ صبر : ياخالتي والله ما ينفع، رام ..



قاطعتها صفاء بحدة : اسمعي يا شهد انتي جيتي البيت دا واعتبرتيني امك، طيب يابنتي انا امك وبقولك لازم اجوزك انتي ورامي، متخافيش كتب كتاب بس علشان اضمن ان مفيش حرمانية عليا ولا عليكو، وبعدين انا كدا هاطمن عليكي اكتر، انا الله اعلم هارجع امتى، لغاية ما ميمي تقوم بالسلامة وتشد عفيتها  وتبقى كويسة، من دلوقتي لغاية ما ارجع لازم اطمن عليكي .



طوقت شهد وجه صفاء بيديها ثم قالت بنبرة حنونة : يا حبيبتي والله لو امي ما هاتعمل كدا، حاضر يا خالتي مش هازعلك، اللي انتي عاوزاه هايحصل كله، بس احنا اخوات وبس، وكمان محدش يعرف نهائي بجوازنا، ماشي .



أومأت صفاء بسعادة ثم قالت : حبيبتي يا شهد، بس احنا لازم نتصل بامك وتعرف .



هتفت شهد بتهكم : قال يعني هايفرق معاها، براحتك كلميها وقوليلها .

*****************************

في احد المستشفيات .



جلست كريمة بتعالي في احدى غرف المشفى ثم جاءت اليها كبيرة الممرضات بملف، و وضعته امامها باستيحاء وهتفت بنبرة مهذبة : 



اهو ياهانم ملف ليلى من وقت دخولها المستشفى لغاية دلوقتي.



اخذته كريمة بطرف اصابعها، ثم نظرت فيه نظرة سريعة، رفعت بصرها وتحدثت بعنجهية : البت دي نظامها ايه في المستشفى، سلوكها ايه مع الدكاترة .



لوت كبيرة الممرضات شفتيها : حسرة عليها هي كانت محترمة وطيبة ومخطوبة لموظف في الصحة، بس يعني حصلها مصيبة ضيعتها على الاخر .



ابتسمت كريمة بمكر : اه قوليلي بقى اللي حصل بالظبط واياكي تسيبلي معلومة واحدة .



ثم اخرجت من حقيبتها رزمة من المال ووضعتها امامها، فرحت الاخرى بسعادة قائلة : من عنيا يا هانم، هاقولك من طقطق لسلام عليكو .

ثم تابعت قائلة : بصي ياهانم في يوم .......

&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&



رواية ( شهد الحياة ).



البات العاشر.



في احد معارض الاثاث .



وقفت سلمى تنظر لاثاث الغرفة بحزن، لا احد يشعر بها وبما تعاني، سوف تضحي بنفسها من اجل انقاذ امها من السجن، وتضع نفسها تحت رحمة " مديحة " وزكريا، ذلك الشاب الغير ملتزم، الخائن من وجهة نظرها، حولت بصرها نحوه، وجدته يجادل مع صاحب المعرض على السعر، بعد دقائق قليلة وجدته يأتي اليها وهو يشعر بالانتصار لشراء الغرفة بالثمن الذي ارداه، وقف امامها ثم ابتسم قائلا: 



_ جبتها بالسعر اللي انا عاوزه، شوفتي فاكرني اهبل وهوافق، بس على مين دا انا زكريا .



هتفت بضيق : طيب ممكن نمشي انا تعبت .



قطب هو ما بين حاجبيه ثم هتف بقلق : ليه، يعني لامؤاخذة بسبب السكر.



نظرت له بحزن مردفة : لا متخافش مش هو، تعبت بس من اللف على المعارض.



اردف هو بتهكم : اه تلفي على المعارض وتنقي اوضة اسود في اسود 

ثم تابع بهمس لنفسه : وامي تشلوحني لما تشوف الاوضة .

*******************************

في المقابر .



وقف رامي بحزن امام القبر، قرأ بعض الايات القرأنية، ثم قال بحزن : ربنا يرحمك يا اميرة، كنتي اميرة فعلا .

ثم تابع بأسف : انا عارف اني هاخلف وعدي معاكي، بس غصب عني، امي مقدرش على فراقها، متزعليش مني، انتي متعرفيش انا عانيت قد ايه وانا بفتكر كلامك ليا وانا مضطر انفذ عكسه .



هبطت دمعة ساخنة على وجنيته، ازالها بسرعة، ثم شرد في الماضي ....



( فلاش بااااك )...

في احدى المستشفيات .



 يجلس بجانب والدته يشعر بالقلق فحالة زوجته تسوء يوما بعد يوم، لكن صوت تلاوة والدته للقرأن الكريم بعث في نفسه الطمئانينه، انتبه هو لخروج الممرضة من الغرفة القابعة بها زوجته ، هتف بقلق : ايه حالتها دلوقتي .



هتفت الممرضة بأسف : والله حالتها بتسوء، بس هي طالبكو، حاولو مش تجهدوها بالكلام بس .



أومئ لها رامي ثم دلف للغرفة ووراءه صفاء، نظر لها بحزن، شاحبة، فقدت نصف وزنها، اقترب ببطئ، ثم طبع قبلة رقيقة على جبينها، شعرت أميرة بقبلته الحنونة، فتحت عينيها بتثاقل ، ثم هتفت بتعب : رامي ..



هتف بهمس : نعم يا اميرتي .



ابتسمت بضعف ثم هتفت بتساؤل : ماما فين .



اقتربت صفاء قائلة بنبرة يشوبها الحزن : انا اهو يا بنتي .



حاولت اميرة تنظيم انفاسها ثم هتفت بصوت متقطع : رامي انا عاوزة اطلب منك طلب .



ربت رامي علي شعرها بحنان : قولي اللي نفسك فيه وانا هانفذه .



سالت دموعها بكثرة : رامي انا حاسة اني هاموت، لو موت اوعى تتجوز وتجيب مرات اب لابني، اوعى يا رامي، وانتي يا ماما ربيه زي ما ربيتي رامي كدا، بس بلاش تجبله مرات اب ....



قاطعها رامي بحدة : هشش متقوليش كدا، انتي بس بتدلعي عليا علشان تشوفي معزتك عندي، انتي ان شاء الله هاتقومي بالسلامة وهاتبقي زي الفل، وانتي إلي هاتربي ابننا ونجبله اخوات كمان .



هتفت صفاء مؤكدة على حديث ابنها : ايوا ان شاء الله تقومي بالسلامة يا أميرة، قوليلي بقا هاتسميه الواد دا ايه .



ابتسمت اميرة ابتسامة بسيطة : حمزة، حمزة رامي المالكي .



(باااااااك)



عاد من شروده على صوت حارس المقابر : 



_ استاذ رامي حضرتك الليل بدأ يهل، ومينفعش تفضل كتير هنا.



ابتسم هو على سذاجة الرجل ثم قال : طيب ياعم امين، اهتم بس بالذرع اللي حوالين القبر .



اومئ له حارس المقابر قائلا : من عنيا يا استاذ رامي، بس امانة توصل سلامي للست والدتك .



نظر رامي للقبر مرة اخرى ثم قال بشرود : حاضر .

*******************************

في منزل كريمة .



جلست  كريمه في منزلها تنظر لتلك الاوراق تقرأها بتمعن شديد، وما ان انهت قرأتها حتى وضعتها امامها، ثم ابتسمت بشر : 



_ والله ووقعتي تحت ايدي يا ليلى، وعاملة فيه متربية، ماشي والله لافضحك واربيكي واربي ابن اخويا قبلك بس كله بآوانه، الصبر يا كريم يالا علشان تتعلم تعصاني ازاي وتيجي بيتي وتبهدلني حلو .



( فلاش باااك )..



تجلس في غرفتها تقرأ احد الكتب، بينما طرقت الخادمة الباب بهدوء، نظرت كريمة للساعة وجدتها الساعة الثانية بعد منتصف الليل، من يجرأ على طرق باب غرفتها في ذلك الوقت، اذنت بصوت صارم للطارق بالدخول، دخلت الخادمة على استيحاء ناظرة للاسفل قائلة بأدب شديد : 



_ كريمة هانم، استاذ كريم ابن اخو حضرتك برا، وعاوزك ضروري.



اندفعت هى صوب الخارج بسرعة، قائلة بقلق : كريم، ابوك حصله حاجة .



رفع بصره اليها ثم احتدت نظراته : لا ابويا تمام، بس انا مش تمام .



قطبت ما بين حاجبيها قائلة بعدم فهم : مش فاهمة، يعني ايه إلي انت قولته .



وقف كريم وهتف بصوت عالي نسبيا : انتي مش هاتبطلي بقا طريقتك دي، انا جتلك لغاية عندك انا ومراتي وقولتلك حقك عليا، المفروض انك تهدي، لا بقا ازاي، تقومي تيجي البيت انهاردا وتضايقي في ليلى، ليه؟، كانت عملتلك ايه .



ابتسمت بتهكم : هى لحقت اشتكتلك، اما تربية حواري بصحيح .



اتسعت عيناه من كلامها الفظ : انتي بجد مش طبيعية .



هتفت هي بصرامة شديدة : ولد احترم نفسك، انا عمتك .



هتف كريم بعصبية : طيب يا عمتي لو سمحتي ملكيش دعوة بيا تاني واخر مرة تكلميها كدا، على فكرة هي كرامتها من كرامتي، خلص الكلام .



( بااااااك ).



عادت هي من شرودها قائلة بغيظ : والله لاعلمك الادب واخليك تطلقها علشان تبقى تقف قصادي حلو يا كريم ياابن ناني .

*******************************

في منزل كريم .



وقفت ليلى تنظر للمرآة باستيحاء، فأول مرة تظهر هكذا امام كريم، صحيح منامتها لم تظهر جسدها ولكن لونها الاحمر يتناسب جدا مع لون بشرتها، منذ وفاة والدها وهي ترتدي ثياب غامقة اللون كئيبة، ولكن بعدما وعدته بانها تعطيه فرصة قررت خلع الاسود، والعودة للحياة تدريجيا، ابتسمت ابتسامة صافية ثم مشطت شعرها للخلف تاركة بعض خصلاتها لتتمرد، خرجت من الغرفة تبحث بعينيها عن زوجها، وجدته يطلق صفيرا خلفها، استدرات بسرعة ثم هتفت بصوت مضطرب : 



_ كريم، ايه خضتيني .



اقترب كريم ممسكا بخصلة من شعرها قائلا بحنان : سلامتك من الخضة يا روح كريم ..



اصطبغت وجنيتها باللون الاحمر ثم وضعت يديها تلقائيا عليهما تتحس سخونتهما : احم، انت كدا بتوترني .



ابعد يديها برفق قائلا بمكر يصحبه غمزة بسيطة من عنيه : لا اوعي، خليهم كدا يظهرو، دول احلى حاجة في الدنيا والله .



تسربت ابتسامة صغيرة على ثغرها : احم انا هاروح اعشي عمو .



داعب وجينتها بلطف ثم جذب يديها  : عمو اتعشى، تعالي نتفرج على فيلم .

********************************

في منزل رامي .



تحدثت شهد بعصبية مشيرة الهاتف في وجه صفاء : شفتي مبتردش عليا .



هتفت صفاء بهدوء: ياينتي اهدي انتي على طول مهيبرة كدا، تلاقيها مشغولة .



كانت على وشك الرد ولكن قاطعها دخول رامي الى المنزل، نظر لها ورأي ملامح الغضب على قسمات وجهها، ابتسم بسخرية قائلا : مالها الحلوة، مضايقة ليه .



انتفضت هي من جلستها قائلة بعصبية : خالتي قوليله مالوش دعوة بيا، ولا يكلمني ابدا، اصل والله افركش الموضوع، مش كفاية هو السبب .



ما ان انهت حديثها اتجهت صوب غرفتها بضيق، وتلك الدموع اللعينة تمنعها من التساقط .



نظر رامي لصفاء بذهول ثم هتف بتساؤل : انا قولت ايه لكل دا، هى ما صدقت ولا ايه .



زمت شفتيها بضيق : معلش يابني، امها مبتردش عليها، هى بتكلمها علشان تقولها عن كتب الكتاب بكرة .



شعر  بسعادة بسيطة بداخله لموافقتها على امر زواجها منه، ثم تجاهل هذا الشعور سريعا قائلا : وهى تكلمها ليه وتحرق دمها، هي مش رمتها من الاول يبقى خلاص تنسى ان ليها ام عايشة .



اتسعت عيناها بصدمة قائلة بعتاب : انت ينفع انك تنسى امك مهما عملت، ينفع تنساني يارامي، يابني دي غريزة في الانسان، حتى لو امها قست في لحظة رغم انها كانت مجبورة، هاتنسى امها بالسهولة دي، وبعدين شهد معدنها طيب واصلها نضيف، بس هي زعلانة على نفسها، مينفعش يا رامي نيجي ونقولها انسي امك، عيب يابني احنا كبار مش صغيرين، وبعدين دا جواز هو لعب عيال امها لازم تعرف .



هتف رامي بضيق : لا انا مقتنع باللي بقولو هي موقفتش جنبها ورميتها والله اعلم حياتها كانت هاتبقى ازاي لو مكناش موجودين، بس براحتكو تقولو متقولوش في الاول وفي الاخر دي امها .



اطلقت صفاء تنهيدة قوية بعدها اردفت : هو انت روحت زورت اميرة .



اكتفي بتحريك رأسه بمعنى ( نعم) والتزم الصمت، ادركت صفاء انه لايريد التحدث في الامر، التزمت الصمت هى الاخرى، بينما في الغرفة المجاورة هناك النقيض تمام، تقف امام المرآة تتحدث مع نفسها بضيق :

يعني وافقت ان اطرد من بيت ابويا وقولنا ماشي معلش مغصوبة على أمرها، مش تعبرني بعد ما امشي قولت بردوا ماشي، انما اتصل عليها فوق الستين مرا متردش، لا هي كدا بتقولي انها مش عاوزاني في حيا...



قاطع حديثها رنين هاتفها، نظرت فيه وجدت  اسم والدتها، احتل الغضب ملامح وجهها ثم ضغطت على الزر المجيب قائلة : 



_ لسه فاكرة ان ليكي بنت، افرض كنت في مصيبة وبستنجد بيكي، هو انتي لدرجادي بيعاني، ليه بتعملي معايا كدا .



هتفت سميحة بعتاب : انا يا شهد هانسى انك بنتي وكمان هابيعك،  انتي ليه مش قادرة تسامحيني يابنتي والله غصب عني، انا المخروب دا مش عارفة مكنش بيرن ويعمل صوت عالي ليه، جبته علشان اشوف سلمى اتاخرت ليه، لقيتك رانة كتير اوي .



شعرت شهد ولاول مرة بالغيرة اتجاه سلمى حاولت كبح هذا الشعور قائلة بغضب : طيب نهايته انا متصلة عليكي علشان اعرفك ان رامي اتقدملي وانا وافقت وهايكتب كتابه بكرا عليا ماشي، عاوزة تيجي تعالي مش عاوزة براحتك .



قطب سميحة حاجبيها باستغراب : هو رامي مش متجوز، انا فاكرة كويس انه جه مرة عندي وكان متجوز جديد .



قالت شهد بتهكم : وانتي ايه يعرفك اللي حصله مانتي مقاطعة اختك بقالك سنين، على العموم هو مراته ماتت وهي بتولد ابنه حمزة، وطلب ايدي وانا وافقت، كتب الكتاب الساعه ٧ في ...، عاوزة تيجي براحتك مش عاوزة بردو براحتك مبقتش فارقة كتير .

******************************

في منزل زكريا .



وقفت مديحة على اعتاب غرفة زكريا قائلة بغضب : يعني ايه لون الاوضة اسود، انت اتهبلت يا واد، ازاي اصلا تسمح وتوافق على كدا .



هتف زكريا بالامبالاة : عادي ياما انتي مكبرة الموضوع ليه، عروسة وبتختار لون الاوضة .



نظرت له بغضب وقالت بصوتها الجهور : مش اسود يا روح امك، دي كانها بتقولك حياتك معايا سودة، بس على مين والله لاعلمها الادب بنت سميحة، اديني يا واد اسم المعرض ومكانه .



هتف زكريا بخشونة : ليه ياما .



اردفت بازدارء : علشان اتصور جنبه يا حبيب امك .

ثم تابعت بغضب : هايكون ليه، علشان اغير الاوضة دي واجيب اوضة على مزاجي، انت عاوز الناس تيجي تبارك تلاقي اوضة سودا، يالهوي دي حتى فضحتي تبقى بجلاجل في الحارة .



حرك رأسه برفض قائلا : لأ ياما انا كدا ابقى عيل في نظرها .



اندفعت صوبه تحركه بعنف قائلة بعصبية : واد يا زكريا هو من دلوقتي خلاص بقيت بتسمع كلامها، بتريل عليها  يلاااا.



ابتعد زكريا بغضب عن مديحة : امااا ابعدي عن دماغي السعادي، عاوزة المعرض هاقولك عليه مش فارق اصلا معايا ..



هدئت قليلا ثم هتفت : طيب هات الكارت بتاعه ويانا ياهي .

*********************************

في منزل حسني .



ربتت سميحة علي يد سلمى قائلة بحنو : معلش يا ضنايا اتعاملي معاه حلو علشان تشتري دماغك من ابوكي .



ازالت سلمى دموعها ثم اردفت بصوت مبحوح : تعبت ياماما وانا واقفة وبكلمه عادي، مش قادرة اتخيله جوزي، انا هاشوف جهنم على ايده هو وامه، ربنا يسامحك يا بابا انت السبب في كل دا .



حزنت سميحة على ابنتها : معلش يابنتي ، مش في ايدي اقولك غير معلش ...

التزمت الصمت ثواني ثم تابعت قائلة بإصرار : انا هاخليه يروح يقدم وصلات الامانة للشرطة وعندي اتسجن ولانك تكوني خايفة كدا .



ابتسمت سلمى بسخرية : قال يعني بابا هايقف ومش يجوزني زكريا، خلاص يا ماما دا قدر ومكتوب .

ثم تابعت متجاهلة ذلك الموضوع حتى لاتحزن والدتها اكثر قائلة : 



_ امال ااول ما دخلت كنتي فرحانة ليه ؟.



هتفت بفرحة عارمة : شهد هاتتجوز رامي ابن خالتك اتصلت وقالتلي، انا فرحانة اوي يا سلمى اخيرا ربنا رزقها وهاتبقى في عصمت راجل .



اتسعت ابتسامة سلمى قائلة : الحمد لله، يارب بس يطلع كويس ويعاملها بما يرضي الله .



هتفت سميحة مؤكدة : اكيد دا رامي تربية صفاء اختي، انا فرحانة اوي ليها هي تعبت في حياتها اخيرا هترتاح من الظلم .



عانقتها سلمى بفرحة : الحمد لله يا ماما ربنا كرمها، هاتروحيلها صح .



ابتعدت سميحة وعلى وجهها ابتسامة : طبعا هانروح بكرا انا وانتي، لازم نكون جنبها .



_ لا يا ولية مفيش روحة في حتة، ولا انتي ولا بنتك.



نظرت كلا من سميحة وسلمى بصدمة لحسني الواقف على اعتاب الغرفة ونظراته كلها تنم على الشر والغل، هتفت سميحة بتلعثم : يعني ايه مش اروح يا حسني .



احتدت نظراته اكثر وهتف بصوت غليظ : اللي سمعتيه يا ولية مفيش روحة في مكان، البت دي مشيت ملناش علاقة بيها .



نظرت له سميحة بنظرات غير مصدقة ، يريد منعها عن حضور زواج ابنتها هتفت بانفعال : لأ يا حسني هاروح وهاحضر دي بنتي، انت عاوزاها تكرهني العمر كله ولا ايه .



تدخلت سلمى بهدوء لتهدئة الوضع : يابابا لو سمحت اهدى، انت مشتها من هنا، وهي هاتتجوز لازم نقف جنبها .



هتف حسني بصرامة شديدة : إلي اقوله يتنفذ مفيش مرواح في مكان والبت دي تنسيها يا ولية فاهمة والا لأ .



ثم اقترب منهم بخطوة سريعة وجذب الهاتف من يد سميحة وضعه في جيبه، حول نظراته لسلمى قائلا بغلظة : هاتي يابت تليفونك يالا .



تراجعت بعض الخطوات وهتفت بتلعثم : ليه يابابا، عاوز تليفوني ليه.



اختصر تلك الخطوات بخطوة واحدة ثم جذبها من شعرها قائلا بغضب : هاتي يابت بدل ما اخلعلك شعرك في ايدي .



هتفت سميحة بانكسار وبصوت باكي: اديله يا سلمى .



 وضعت سلمى يديها في جيب سروالها واخرجت هاتفها مشيرة اياه في وجه حسني ثم هتفت بألم : حاضر يابابا اهو، اتفضل بس سيب شعري .



تركها حسني بعنف ثم نظر لسميحة قائلا بغل وضيق : بصي يا حلوة ان كنتي فاكرة انك بتقوليلها اديله التليفون فانا اهبل وهاسكت لا ياما، دا انا حسني يعني انا فاهم دماغك دي فيها ايه، انا قاعدلكو بكرة في البيت وابقي وريني هاتخرجي ازاي انتي والمجبورة بنتك .

***********************************

في منزل كريم .



لم تتابع الفيلم، ولم يتابع هو ايضا، احيانا تنظر بطرف عينيها له تجده ينظر لها متأملا وعلى ثغره ابتسامة بسيطة، يصيبها التوتر إثر نظراته تلك، تنتظر نهاية الفيلم بفارغ الصبر  تريد الهروب ولكن تلك النهايه لم تأتي حتى الان.....



_ ليلى .



كان نبرة صوته حنونة لطيفة تزيل التوتر بداخلها، حولت نظرها نحوه مردفة بهدوء : نعم .



اتسعت ابتسامته اكثر مردفا بحنان اكثر : ماتبصيلي وبلاش الفيلم إلي انتي مش مركزة معاه دا .



ضحكت هي برقة ثم امتثلت الجدية : بقولك يا دكتور انت عندك اصرار رهيب تسرع في علاقتنا وانا قولتلك نهدي شوية .



اقترب اكثر مردفا بعبوس : قلبك قاسي اوي يا ليلى .



ابعتدت هي قليلا مردفة بنفس ذات العبوس وكأنها تريد تقليده : انت إلي عاطفي اوي يا دكتور كريم .



اتسعت عيناه بصدمة مردفا : انتي بتتريقي عليا يا ليلى ، يا فضحتي .



نظرت له بذهول عقب جملته : فضحتك!!!.

ثم تابعت بضحكات متقطعة : انت فظيع اوي، مبحسكش دكتور كريم إلي كان بيشخط فينا يكهربنا كلنا .



ابتسم هو بسعادة لضحكاتها تلك قائلا : طب انتي عارفة ان انا كنت بشخط فيكو، وكنت نفسي اقولك ماعدا انتي يا ليلى .



هتفت هي بتسرع : كنت بحس بكدا .

ثم استوعبت مانطقته، وضعت يديها على فهمها بإحراج : احم انا هاقوم انام تصبح على خير .



قامت سريعا من جلستها تهرب من نظراته نحو غرفتها، بينما هو جلس باريحية اكثر مردفا بفرح : كانت بتحس، يعني انا كنت صح، ليلى بتحس بيا، الله اكبر يعني المجهود اللي كنت ببذله مرحش هدر .



***********************************

مر الليل سريعا على ابطالنا، منهم من نام وهو يشعر بالراحة والسعادة، ومنهم لم يذق طعم النوم خوفا مما يخبئه له المستقبل، ومنهم لم ينام لشعوره بالحزن والقهر ، اتى الصباح بنسماته الطيب ، بدأت الشوارع بالحركة، خرج رامي من غرفته وجدها تقف تنظر لحركة الناس

 من النافذة وتتنهد ببطئ وكأن يوجد عبأ ثقيل على صدرها، اقترب منها هاتفا بهدوء :



_ صباح الخير يا شهد .



استدرات شهد نصف استدارة قائلة بصوت مبحوح : صباح النور .



قطب رامي حاجبيه بتساؤل : مالك واخدة برد ولا ايه .



حركت رأسها بنفي قائلة بالامبالاة : عادي تلاقيني علشان منمتش .



استند بظهره على زجاج النافذة واصبح وجه مقابل وجهها، رأى عيونها المنتفخة ولونهم الاحمر، هتف بضيق واضح : مالك يا شهد، معيطة ليه .



وكأن تلك الجملة هي الاشارة لتنفجر بالبكاء : ماما لقيتها باعتلي رسالة الصبح بتقولي انها مش هاتقدر تيجي علشان جوزها مش موافق، شفت حتى يوم جوازي باعتني علشان مش موافق، طول عمري بقول انتي مش يتيمة ياشهد، انتي امك لسى عايشة، انتي ليكي اهل، بس اول مرة احس اني يتيمة الاب والام ويتيمة الاهل، عايشة بطولي ولوحدي، قلبي واجعني اوي يا رامي .



اقترب اكثر ثم عانقها بقوة، المته تلك الكلمات احيانا كان يشعر بالسخط على نفسه لانه يحبها، ولكن تلك الصغيرة تعاني وتتألم ولم تخبر أحدا بما يدور بداخلها ...

            الفصل الحادي عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>