أخر الاخبار

رواية غفران الفصل السابع والثامن والتاسع بقلم نسمة مالك

 

البارت ال7..

غفران..

✍️نسمه مالك✍️..


"انهارده عيد ميلادي اتجنن علي اي حد براحتي، مش كفايه هقضيه لوحدي زي كل سنه وافضل اعيط لحد ما يغمي عليا زي امبارح ولا حد سأل عني ودخل يطمن عليا غيرك انت يا ظبوطه يا همجي".. 


تعاد جملتها مراراً وتكراراً ليس بإذن "غفران" فقط بل اقتحمت قلبه، ابتعد عنها

ببطء وهب واقفاً أمامها يرمقها بجمود يخفي خلفه لهفته عليها التي لا يعلم لها سبب،او انه علي علم ولكنه ينهر نفسه ومشاعره التي تزداد كل لحظه وتنجرف نحوها بغزاره..


اعتدلت"عهد" جالسه ببعض الغضب ونظرت له بعبوس طفولي وبأمر قالت..

" اطلع بره يا ظبوطه وسبني لوحدي علشان عايزه اعيط"..


ظهرت الدهشه علي ملامحه وشبه ابتسامه علي عفويتها وبرائتها التي تأثره، واخذ نفس عميق وتحدث بلامبالاه مصطنعه..

"اممم تعيطي ويغمي عليكي تاني؟"..


تنهدت "عهد" بحزن وترقرقت العبرات بعينيها وبغصه مريره قالت..

"انا واخده علي كده، علشان مش باكل كويس وكمان قلبي مش مبسوط"..

صكت علي أسنانها بغيظ ورمقته بنظره ناريه مكمله..

"خصوصاً انك مخلتنيش ادخل عند هاله صحبتي ولا اكل الكشري المشطشط اللي كانت عملهولي"..


أنهت جملتها وهبت واقفه تدفعه بكلتا يدها بصدره لخارج الغرفه، وبصوت مختنق بالبكاء تابعت..

"أخرج بقي وسبني في حالي علشان دا يوم العياط العالمي بتاعي"..


تلكمه علي صدره، وتجاهد لإخفاء عبراتها التي خانتها وهبطت علي وجنتيها جعلت شفتيها ترتجف بوضوح، وجسدها ينتفض بشده، وتعالت شهقاتها وبوهن بدأت تهمس..

"اخرج سبني لوحدي مش عايزه اشوف مخلوق انهارده، ولو حد سأل عني"..

ازدادت حدة بكائها وبتأوه قالت..

" قولهم عهد ماتت"..


لم يتحرك "غفران" انش واحد من مكانه رغم انها تدفعه بقوه ممزوج بعنف، عينيه مثبته عليها يستشف مدي تألمها ووحدتها القاتله التي تشعر بها، ليشعر بنغزه قويه اعتصرت قلبه لهيئتها التي تشق القلوب..


بدأت"عهد" تفقد السيطره علي اعصابها أكثر، وببوادر انهيار صرخت..

"أطلع بره يا غفراااااان؟ "..


رسم "غفران" الغضب علي ملامحه جعل وتيرة غضبها تهدأ قليلاً بخوف من ملامحه الصارمه، ورفع كف يده مسح علي خصلات شعره الحريري ولحيته بعنف، ودار بعينيه بأنحاء الغرفه متعمد الأبتعاد بنظره عن عيونها الباكيه التي تشعل داخله رغبه قويه بضمها داخل صدره..


همت "عهد" بلكمه مره أخرى، ولكنه مال علي أذنها وتحدث بصوته الصارم قائلاً بتسائل..

"سيادتك عايزه تروحي لصحبتك؟"..


ضحكت "عهد" ضحكه مزيفه، ودموعها تهبط علي وجنتيها بغزاره، وبسخريه قالت..

"ايه هتسبني أروح لوحدي، وأقعد معاها براحتي يا حضرة الظبوطه؟!"..


استدار "غفران" موليها ظهره، وسار عدة خطوات نحو الخارج حتي وصل عند باب الغرفه وتحدث من فوق كتفه دون النظر لها..

"هوديكي ليها وهسيبك تقعدي معاها براحتك وأنا هبقي معاكي سيادتك"..


ضربت "عهد" الارض بقدمها بغيظ، وبغضب قالت..

" اقعد براحتي معاها ازاي وانت معايا يا ظبوطه يا حشري وأنت عارف انها مش هتسمحلك تدخل علشان جوزها مريض"..

ليفقدها غضبها وغيظها منه سيطرتها علي ما تتفوه به، وبتلقائيه تابعت..

"وبعدين لو قعدت معايا هاله مش هتعرف تحكيلي عرفت ان مراتك اسمها شهد بنت سعديه منين ؟"..


انتبهت علي ما تفوهت به، فقطعت حديثها وعضت علي شفتيها متمتمه لنفسها..

"اه يا عهوده يا نوتي"..


ابتسم" غفران"علي فضولها الطفولي ولكنه أخفي ابتسامته سريعاً، وبأمر قال.. "هطلعلك حد بالأكل حالاً ياريت تاكلي كويس لو عايزه لما نروح لصحبتك تقعدي معاها لوحدكم سيادتك"..


قفزت "عهد" فجأه وصفقت بكلتا يدها وهي تردد بفرحة غامرة رغم عبراتها التي تغرق وجهها الطفولي..

"هاكل كل أكلي يا ظبوطه بس تخليني اقعد مع صحبتي اطول وقت ممكن بليييييز"..


بملامح جامدة يخفي خلفها فرحته لفرحتها حرك "غفران" رأسه بالإيجاب، وأغلق باب غرفتها خلفه، وسار نحو غرفة والدها وهو يمتم بأسف..

"أكيد سيادة الوزير ناسي عيد ميلاد بنته الوحيدة، والبنت ليها حق تزعل وتنقهر بالشكل دا طبعاً"..

ابتسم بحماس بعدما خطر علي ذهنه فكرة يثق تماماً انها ستروقها كثيراً..


طرق علي باب الغرفه وقد حسم أمره بعرض فكرته علي والدها وهو علي يقين انه لن يمانع خصتاً أن ابنته ستغمرها السعادة بما سيفعله معها" غفران"..

..............................................................

.."هادي"..


شعر ببروده تلفح جسده ففتح عيناه يبحث عن زوجته بلهفه، بعدما تحسس الفراش بيده فلم يجد سوا الفراغ حليفه، ليجدها تقف بإحدى أركان الغرفه تصلي بخشوع..


فنهض بجزعه معتدلًا بالفراش يتأملها بابتسامة هائمه، وعيون تحمل لها الكثير من العشق،فقد أحسن هو الإختيار حين أصر عليها تكون هي زوجته، وشريكة حياته..


لتبهره هي بأخلاقها وقلبها النقي، واخلاصها، وحبها الشديد له، ولكن تلاشت ابتسامته حين تذكر شقيقتها "شهد" زوجة شقيقة التي تختلف عنها كلياً بأخلاقها وحتي قلبها..


عادت الابتسامة تزين محياه حين أخترق سمعه دعاء زوجته له من صميم قلبها مردده "رغد" بتوسل وبكاء..

"يارب احفظلي هادي جوزي، يارب انت عالم انا بحبه اد ايه، يارب متحرمنيش منه ابداً ولا توريني فيه مكروه"..


اغلق عينيه مستمتعاً بصوتها، ويأمن علي دعائها بسره، لتداهمه إحدى اجمل ذكرايته معها حين رآها اول مره..


"فلاش بااااااك.. 


بعدما قضي الليل بأكمله برفقة أصدقائه كعادته كل سنه بوقفة العيد، يقود سيارته بسرعه عاليه، يود أن يذهب لمنزله ليتوضأ ويبدل ثيابه ويذهب الي المسجد ليلحق بصلاة العيد في جماعة..


ولكن الطريق مزدحم بحشد هائل من المصلين يملؤن الطرقات أجبره علي صف سيارته بعيدا عن منزله وبدأ يغلق زجاجها وهو يتمتم..

"هاخد الباقي مشي بقي ولا حتي جري بس علي الله الحق الصلاة؟!"..


قطع حديثه وانتفض بفزع حين انفجرت إحدي الألعاب الناريه داخل السياره بجواره، صرخ هادي ببكاء مصطنع وتفحص المقعد بلهفه وهو يقول بغيظ شديد..

"عربيتااااااااي ولاد ال***"..


التفت حوله يبحث عن من يلقي تلك الألعاب، فلمح فتاه ترتدي فستان رقيق باللون الأسود به خطوط باللون الأبيض وحجاب نبيتي، تقف ظهرها له ممسكه بإحدى الألعاب وتقوم صديقتها بأشعالها لها لتلقيها هي من يدها سريعا وتغلق عينيها، وتضع أصابعها بأذنها بخوف ورعب بادي علي وجهها، ولكنها تضحك بفرحة غامرة، وبصوت عالِ للغايه تتحدث..

"فرقع ولا لسه يابت يا هاله افتح و اشيل ايدي من ودني ولا لسه؟"..


أجابتها هاله بصعوبه من بين ضحكاتها..

"اه يا رغد يا خوافه يا جبانه فرقع فتحي يا أختي"..

فتحت رغد عينيها بلهفه، وبرجاء قالت..

"وحياة أمك هاتي صاروخين من بتوعك افرقعهم علشان بتوعي خلصو يا لولو"..


قالت هاله ببشاشه..

" عيوني يا رغدتي".. أعطتها الكثير من الألعاب وبابتسامة تابعت.. "خدي يابت فرقعي دول مش خساره فيكي"..


ابتسمت "رغد" لها بحب وقفزت فجأه اكثر من مره امام اعين هادي التي تتابعها بدهشه والكثير من الغيظ،لتذهله رغد اكثر حين قالت بألحاح طفله..

"ولعهوملي ونبي يا لولو"..


اشعلتهم هاله لها، لتسرع رغد بقذفهم بعيداً عنهم غافله انها تقذفهم داخل سيارة هادي الذي يقفز بمقعده ليتفادي الاصابه من تلك الألعاب المؤذيه وبغضب عارم قال بصوت أشبه بالصراخ..

"انتي يا انسسسسه انتي وهي يلي بتفرقعو صواريخ"..


التفت رغد تجاه الصوت ووقعت عينيها عليه لمرتها الأولي،شاب يمتلك من الوسامة قدر كبير، فتح باب سيارته وهبط منها ليظهر طوله الفارهه، وجسده الرياضي الذي تظهره ثيابه المنمقه بعنايه..


سار نحوهم بخطوات شبه راكضه ووقف أمامهم وبغيظ قال..

" مش عيب تبقو انسات كبار كده وواقفين ترمو صواريخ علي خلق الله وتبوظولي كرسيي العربيه بالشكل دا؟"..

نظرا لبعضهما برتباك وباحترام قالت هاله..

"احنا اسفين يا كابتن مكنش قصدنا نرميها جوه عربيتك".. 


عينيه ثابته علي رغد التي شحب وجهها للغايه من شدة خوفها، تحرك رأسها بالإيجاب تأيداً لحديث هاله دون النظر له، لتنتفض بفزع حين قال هادي بغضب..

"انتي يا انسه ابقي فتحي عنيكي وشوفي بتحدفي الصاروخ دا فين ولا علي مين بدل ما تعوري حد وتجيبي لنفسك نصيبه وتعيدي في السجن"..


تجمعت العبرات باعين رغد ونظرت لعينيه نظرتهم الاولي، ليزول غضب هادي حين وقعت عيناه علي وجهها البرئ وعيونها السوداء الكاحله، تطلعت رغد به بستحياء وبصوت متحشرج بالبكاء همست..

" انا متأسفه مكنش قصدي والله تيجي في حضرتك"..


رعبها الزائد جعل الاستغراب يعتلي وجه هادي، فبتسم بتسليه وبجديه مصطنعه قال..

"واسفك دا هيصلحلي الكرسيي اللي باظ؟"..

نظرت رغد لهاله تستجديها لتنقذها، فقالت هاله ببعض الخوف..

"يا كابتن احنا في عيد وكل سنه وحضرتك طيب"..


رسم" هادي" الجمود علي ملامحه وضيق عينيه وتأمل هيئتهم بتفحص وبفضول قال..

"انتو منين؟؟ وايه اللي مواقفكم في الشارع بدري كده؟! "..

اجابته"رغد" بتلقائيه..

"احنا رايحين نصلي العيد و"..

كادت ان تجيبه علي سؤاله الاخر، ولكن يد هاله التي جذبتها وسارت بها مبتعده عن هادي وهي تقول ببعض الحده..

"ما قولنا أسفين يا كابتن وخلصنا"..


أسرع "هادي"خلفهم وبجرائه أمسك يد رغد وسار بها نحو سيارته وهو يقول بغضب مصطنع..

"هستفاد انا أيه من أسفين دي يا انسه بعد اللي عملتيه في عربيتي"..

طريقته سيره بها نحو سيارته جعلت رغد تيقن أنه سيخطفها لا محاله،تملك الفزع من قلبها وانسحبت الدماء من عروقها تاركه اطرافها تغلفها البروده، شعر هادي بأنامله البارده بين قبضة يده فستدار ينظر لها بقلق..


ليتفاجئ بزدياد شحوب وجهها وتعرق جبهتها وبلحظه تهاوي جسدها واوشكت ان تسقط ارضاً لولا يد هادي التي تلقطها سريعاً قبل ان ترتطم بالأرض، وبصراخ قالت هاله أسمها الذي حفر بقلب هادي..

"رااااغد"..


.. نهايه الفلاش باااك.. 


انتبه من شروده حين انهت "رغد" فرضها ونظرت تجاهه وبابتسامة مشرقه قالت..

"صباح الخير يا حبيبي"..

رفع كلتا يده وأشار لها أن تأتيه إليه، فأسرعت بخلع أسدال صلاتها لتبقي بمنامة حريريه زهرية اللون ذات حماله واحدة وشورت قصير تظهر بطنها المنتفخه قليلاً اثر حملها..


منامتها الرقيقه جعلت بشرتها القمحيه تظهر برونق خاص يروق زوجها كثيراً..

اقتربت منه وطبعت قبله حانيه علي وجنته بعمق مردده..

"حبيبي يا هادي بحبك وانت صاحي"..

دثت نفسها داخل صدره ملتفه بكلتا يدها حول خصره..

"وبحبك وانت نايم".. رفعت رأسها ونظرت له بعشق وبهيام تابعت..

"بحبك اوووي"..


ترقرقت عينيها بالدموع وابتلعت غصه مريره وبستغراب مصطنع اكملت..

"ومش لقيه سبب يخليك تسيب كل البنات الحلوين اللي كانو هيموتو عليك وتتجوزني انا يا هادي؟"..

عدل هادي وضعها داخل حضنه ومال علي شفتيها وهمس قائلاً..

"علشان مافيش فيهم واحده عرفت تخطف قلبي وانفاسي غيرك انتي يا رغدتي"..

أنهي جملته ملتهم خاصيتها غارقاً معها بقاع بحور عشقهم..

........................................................

" عهد"..


تجلس أمام "هاله" ممسكة بيدها طبق كبير مملوء بحبات الفشار تأكل منه بشراهه، وتستمع لها بأهتمام شديد،وبرجاء قالت..

" احكيلي حكاية شهد بنت سعدية من البدايه يا لولو بلييييز"..


ابتسمت" هاله"علي فضول صديقتها وبتنهيده تحدثت.. 

" اسمعي يا ست عهوده، البدايه ان خاله سعديه دي امي كانت بتقولي انها من اجمل بنات المنطقه عندنا، وياما عرسان اشكال والوان وكلهم مراكز عاليه اتقدمولها من كتر جمالها، بس هي رفضتهم كلهم بعد ما حبت عم محمد بياع البطاطا ووافقت عليه لما اتقدملها واتجوزته في اوضه تحت بير السلم"..


ظهرت الدهشه علي وجه "عهد" وبعدم فهم قالت..

"يعني ايه بير السلم يا لولو؟"..


اجابتها هاله..

" أوضه صغيره اوي يا عهوده في دور أرضي، المهم خلفت منه بنتين وولد،الولد والبنت الصغيره خدو شكل أبوهم وأخلاق أمهم والبنت الكبيرة طلعت واخده جمال امها ويمكن احلي واجمل كمان بس للأسف الشديد مخدتش أخلاقها خالص وطلعت بنت جاحدة وبلوة اتبلت بيها خالتي سعديه ودي تبقي؟ "..


قطعتها"عهد" بذهول..

" تبقي شهد مرات ظبوطة غفران؟ !! "..

حركت هالة رأسها بالايجاب وبأسف قالت..

" ايوه يا اختي هي زفته مرات ظبوطة غفران اللي حكاية جوازه منها تفاصلها كلها"..

أشارت علي نفسها بغرور.." عند العبده لله"..


غافله عن غفران الواقف أمام المنزل يستمع لكافة شيء عن طريق المايك الذي دثه بملابس عهد دون أن تشعر..


البارت ال8..

غفران..

✍️نسمه مالك✍️..



قلب حاقد!!.. 


"شهد"..


تجلس بغرفتها ممسكه بهاتفها تطلع به بعيون غارقة بالعبرات، تشاهد كل ما يحدث بغرفة شقيقتها عبر كاميرا صغيره دثتها لها دون علمها، وبغضب شديد تمتمت بسرها..

"ااااه يا رغد يا حيوانه يا قذره جبتي الخبره دي كلها منين يابت!؟"..


صكت علي أسنانها بغيظ وتابعت بحقد..

"اكيد جبتها من الأستاذ الخبير اللي بتتمرمغ في حضنه"..

القت الهاتف بعنف، وهبت واقفه تدور حول نفسها كالاسد الحبيس،وبوعيد قالت..

"انا هولع فيكي يارغد،مبقاش انا شهد لو محرقتش قلبك ودمرت حياتك يا بنت سعديه"..


ارتدت ثيابها علي عجل، واندفعت نحو الخارج قاصده غرفة شقيقتها، وقفت امام الباب وطرقت عليه بقوة وبمرح زائف وضحكة مصطنعة قالت..

"انتي لسه نايمه ولا ايه يا رغوده، الظهر هيأذن يا بنتي اخرجي نفطر سوا"..


أنهت جملتها وطرقت بقوة أكبر مكمله..

" قومي يا خوم نوم عارفه نومك تقيل ومبتصحيش بسهوله"..

اندفعت فاتن حماتها نحوها وامسكت يدها توقفها عن الطرق وبغضب قالت..

"انتي بتستهبلي، ايه قلة الزوق بتاعتك دي بتخبطي عليهم كده ليه يا شهد؟! "..


نظرت لها شهد ببراءه مصطنعه وببرود قالت..

"انا بصحي اختي يا طنط"..

" اختك مع جوزها وميصحش تخبطي علي راجل ومراته بالطريقه دي ابداً"..

تصنعت شهد الذهول قائله..

"هو هادي لسه مرحش الشغل؟! دا انا فكرته نزل من بدري"..


جذبتها فاتن بعيدا عن الغرفه وقالت بحدة..

"لا منزلش واخر مره تخبطي عليهم بالطريقه دي حتي لو جوز اختك مش موجود يا شهد، واعتبري كلامي تهديد ليكي، واعملي حسابك لو عملتيها تاني هقول لغفران مراتك بتتعمد تزعج أخوك ومراته وهما نايمين"..


رمقتها بنظرة ناريه، وتركتها وسارت لغرفتها غالقه الباب بوجهها..

ابتسمت شهد بنتصار، وركضت نحو غرفتها هي الأخرى، وامسكت هاتفها بلهفه تشاهد رد فعل شقيقتها وزوجها، لتتهلل اساريرها حين لمحت هادي يقف داخل غرفته ويبدو عليه الغضب الشديد، ويتحدث لزوجته الجالسه علي الفراش بوجه كساه الحزن قائلاً..


"انا مش عارف اتلم عليكي يارغد؟! كل ما اكون معاكي اختك تخبط علينا بالشكل دا وتفصلنا كأنها متعمدة ولا بتشم اننا مع بعض وهيحصل حاجه بنا"..

مسح علي شعره، ووجهه بقوه مكملاً..

"تبقي مراتي وفي حضني جوه بيتي ومش عارف أشبع منك يا رغد!!!"..


سحبت رغد الغطاء واحكمته حولها وهبت واقفه واقتربت منه تضمه لها بقوة ظهره مقابل صدرها، وبصوت متحشرج بالبكاء قالت..

" طيب اهدي يا حبيبي وتعالي نسافر يومين نغير جو في اي مكان"..


"مينفعش انتي نسيتي انك حامل والحركة الكتير غلط عليكي".. تفوه بها هادي بأسف وهو يلتفت لها ويجذبها داخل صدره وبتنهيده تابع..

"متزعليش نفسك هسأل دكتورك لو ينفع و نطلع اسكندريه بالقطر حتي"..


ابتسمت رغد بسعادة، وبحب قبلت وجنتيه وهي تقول..

" حبيبي ربنا ميحرمنيش منك ابدا"..

بادلها الابتسامة بأخرى عاشقه، وبهمس قال..

"ولا منك يا رغدتي"..


بينما شهد تحترق، وتشتعل غيظاً حتي كادت ان تتفحم، وبضحكه ساخرة قالت..

" قال تروحو اسكندريه قال هه دا علي حثتي".. 


..................................................

"غفران"..


اعتلي وجهه التوتر بعدما استمع لجملة "هالة" بأنها تعلم كل شئ عن زوجته، رغم انه علي علم انها تخفي الكثير عنه خلف بكائها المستمر، وطريقتها المريبه معه..


ولكنه يتغاضي عن كافة شئ لأجل صغيريه،تشنج جسده بشدة، وضيق عينيه وهو يردد جملة ازعاجته كثيرا..

"مخدتش أخلاق والدتها؟!"..

سب بسره بلفظ بذئ مكملاً" امال خدت أخلاق مين!؟"

رفع أنامله علي سماعة أذنه وبتمعن بدأ ينصت لحديثهما..


"يله يا لولو احكيلي كل اللي تعرفيه عن مرات الظبوطه اللي قرفني دا يمكن ألقي طريقه وأخلص منه"..

 تفوهت بها "عهد" بغيظ شديد..

رمقتها"هالة" نظره متفحصه بحاجب مرفوع، وبشهقه قالت..

"بت يا عهوده انتي مهتمه بحكاية مرات الظبوطه بتاعك دا كده ليه؟"..


لكزتها بكلتا يدها برفق..

" لتكوني وقعتي علي بوزك يا منيله ههههه"..

شبه ابتسامة ظهرت علي ملامح غفران، وبلهفه دون ارادته انتظر ردها بفضول شديد..

لتدهشه "عهد" حين قالت..

"لا يا لولو مبقتش اقع من ساعة ما الظبوطه دا جه، وهو عامل زي العفريت بيطلعلي في كل حته يلحقني ويشلني بسرعه قبل ما أقع علي لوزي"..


ابتسم" غفران"بصطناع مردداً..

"تقعي علي لوزك؟!"..حرك رأسه بيأس وبثقه قال..

 "طفله هبله والله".. 


ضحكت" هالة"حتي ادمعت عينيها، وبصعوبه قالت..

"اسمها بوزي يا عهوده"..

غمزت لها مكمله.. "وتقعي هنا قصدي بيها حبيتي غفران؟"..

اتسعت أعين" عهد"علي أخرها وبذهول قالت..

" نوووووو طبعاً بقي انا عهوده أحب الظبوطه الهمجي دا؟!"..


صك "غفران"علي شفاتيه السفليه بعنف وبوعيد همس..

"الهمجي دا هيطلع عين اللي خلفوكي انهارده يا عهوده".. 


بينما تابعت عهد بتعقل..

" وبعدين انتي نسيتي انه ظبوطه متجوز وعنده أولاد كمان

يعني لمستحيل ابصله ولا افكر فيه حتي يا لولو"..


أغمض غفران عينيه بعنف متمتماً بغضب من نفسه..

"أهي اللي بتقول عليها هبله طلعت أعقل منك يا غفران يلي عقلك طار من ساعة ما شفتها"..


"برافو عليكي يابت يا عهوده اهو أنتي كده بت مجدع بصحيح".. تفوهت بها هاله وهي تربت علي كتفها برفق..

ابتسمت عهد بفرحة بلهاء وبفضول قالت..

"طيب يله بقي احكيلي ايه حكاية شهد مرات الظبوطه دي"..


أخذت هاله نفس عميق وبتحذير قالت..

" عهد اوعي كلامنا دا تقوليه لأي حد، دا سر ولو حد عرفه هيبقي فيها موت وخراب بيوت"..

ارتعد قلب غفران وتعرق جبينه بشدة وهو يستمع لحديثهما، 

عبست عهد بملامحها وبعتاب قالت..

" معقول أنتي لسه مش عرفاني كويس يا هاله، وانا اللي بقول عليكي صحبتي الوحيده"..


"انا والله مقصدتش أزعلك يا عهوده، وربنا يعلم أني بعتبرك اختي وحبيبتي مش بس صحبتي"..

ترقرقت عينيها بالعبرات وبابتسامة ممتنه تابعت..

"كفايه انك الوحيده اللي وقفت جنبي وساعدتني ومونتيلي مشروع البقاله بتاعي لولاكي كان زماني بشحت يا عهد"..


رمقتها عهد بنظرة منذهله وبلهفه قالت..

" انتي بتقولي ايه بس يا هاله دا انا مهما عملت عمري ما هقدر ارد جميلك انتي وجوزك اللي انقذني من اللي كانو عايزين يغتصبوني، واحد غير علي لو معندوش اخلاق ودين كان اغتصبني معاهم"..


صعق غفران مما تفوهت به عهد، وبدهشه قال..

"لدرجاتي انتي مستهدفه يا عهد!!"..

نفخ بضيق وبفضول تابع..

" طيب كملي يا هاله انتي كلامك قبل أنا ما اتشل، وبعدين انا هبقي اعرف بمصادري حكاية اغتصابك دي يا عهوده هانم"..


هبطت دمعه حارقه علي وجنتي هاله وبرجاء قالت..

" ادعي لعلي من قلبك ياعهد ربنا يشفيه ويفوق من غيبوبته اللي طولت اوي دي"..


"خليني اسفره بره مصر يا هاله يمكن يكون في علاج لحالته هناك".. قالتها عهد ببكاء لبكاء صديقتها..

ابتسمت لها هاله ابتسامة حزينه، وبأسف قالت..

"ما الدكتور الأجنبي اللي انتي جبتيه يشوفه قال ان شفاه بأيد ربنا، وسواء جوا مصر او بره مصر هيحطوه علي أجهزه ومسأله انه يفوق من غيبوبته دي في علم الغيب، فخليه هنا جنبي وفي حضني انا أولي برعايته لحد ما ربنا يشفهولي، املي في ربنا كبير، وبإذن الله علي هيخف ويرجعلي بس ادعيله انتي من قلبك النقي يا عهد".. 


رفعت عهد كلتا يدها وبتوسل وألحاح دعت من صميم قلبها..

" يااارب عبدك علي دافع عني وحافظ علي شرفي وهو ميعرفنيش ياارب اجعل وقفته جنبي ودفاعه عني سبب من اسباب  شفاءه"..

دعائها العفوي جعل غفران يبتسم علي برائتها ونقاء قلبها بأعجاب، بل بنبهار.. 

أمنت هاله علي دعائها، وبثقه قالت..

"اما انا بقي هأكلك احلي سندوتشات كبده وسجق هتاكليها في حياتك من علي عربية الكبده بتاعت اخو مرات الظبوطه بتاعك يا بت يا عهوده هتاكلي صوابعك وراها"..


عض غفران قبضة يده بعنف وهمس بذهول مقارب للجنون..

"كبده وسجق اايييييييه اللي هتأكليهم لعهوده يا اسمك ايييه أنتي !!! "


ظهرت الدهشه علي وجه عهد وبذهول قالت..

"اخو مرات غفران بيبيع كبده؟!"..

"ايوه يا بنتي أصلا شهد دي من عايله علي اد حالهم اوي،بس هي شايفه نفسها وكأنها بنت بارم ديلو، لكن الشهاده لله احمد أخوها دا مش زيها خااالص دا من أجدع شباب المنطقه"..

ارتدت إسدال لصلاه ولفت حجابها، وسارت نحو الشرفه وتابعت بحماس..

" استني هنزل السبت لحد من العيال اللي بيلعبو في الشارع واخليهم يجبولنا واحكيلك واحنا بناكل"..


التمعت برأس عهد فكرة وحسمت أمرها بتنفيذها، فاسرعت بالركض نحو هاله وامسكت السبت من يدها وبشقاوه قالت..

"قوليلي فين مكان احمد بتاع الكبده دا وانا هروح مع الظبوطه نجيب من عنده واجيلك"..


تمعنت هاله النظر بأعين عهد، وضحكت بعلو صوتها حين فهمت ما يدور بعقلها، وبمزاح قالت..

"بلاش يا عهوده لاحمد يشوفك مع غفران ويقول للقرشانه شهد وتبقي عملتي مشاكل للراجل"..

"ايوه فعلاً هو دا قصدي بالظبط اني اعمله مشاكل فيغيب من الشغل واهرب انا براحتي"..

تفوهت بها عهد بابتسامة متسعه تظهر جميع أسنانها وفرت مسرعه للخارج وهي تقول..

"ادخلي انتي لجوزك اطمني عليه علي ما اجيب انا الأكل واجيلك تحكيلي بالتفصيل يا لولو"..


هبطت الدرج بسرعة البرق، واندفعت خارج المنزل لتوقفها يد غفران التي جذبتها بلهفه قبل ان تصدمها دراجه بخاريه وبغضب عارم قال..

"في حد يخرج زي الطلقه كده سيادك"..

لكزته عهد بغيظ قائله..

" انت بتنقذني ليه كنت سبها تخبطني يمكن كنت مت وروحت لمامي يوم عيد ميلادي يا ظبوطه يا غلس انت"..


أنهت جملتها وسارت من أمامه بخطوات غاضبه وهي تقول بندفاع..

"وديني عند اخو مراتك بتاع الكبده علشان يشوفنا مع بعض يا ظبوطه"..

سيطر غفران علي ضحكاته بصعوبه، وبجديه مصطنعه قال..

" بلاش سيادتك ليجيلك تسمم انتي مش واخده علي اكل الشارع".. 


استدارت ونظرت له بحاجب مرفوع ووضعت يدها بخصرها، وبعناد قالت..

"انا عايزه اتسمم، اتفضل وديني اجيب الساندوتشات علشان متاخرش علي لولو وارجعلها بسرعه علشان تقولي الحكايه"..


اشار لها غفران بيده على الطريق وبابتسامة مزيفه قال..

" قدامي سيادك"

سارت عهد أمامه بغرور وهي لا تعلم انها ذاهبه بقدمها لشخص سيغير مجري حياتها بأكملها.. 


البارت ال9..

غفران..

✍️نسمه مالك✍️..


 إتفاق !!..


.. "عهد"..


تسير أمام غفران بخطوات واثقه، تتمايل بعبائتها السوداء بميوعه ناعمه جعلت غفران يعتلي وجهه الدهشه،يتابعها بنظرات منذهلة، وتقدم بالسير ومال علي أذنها وبهمس من أسفل أسنانه قال..

"أمشى عدل سيادتك بدل ما أخدك مقص تنزلي علي رقبتك تنكسر"..


"متقدرتش".. قالتها عهد بثقه بعدما رمقته بنظره ساخرة جعلته يبتسم بصطناع وبلحظه كان مد إحدي قدميه أمامها فصتدمت هي بها وكادت أن تسقط علي وجهها أرضاً، ولكن يد غفران التي قبضت علي رسغها منعتها من السقوط..


تطلعت به بنظرات ناريه، بادلها هو النظرة ببرود تام، وفجأه ابتسم ابتسامة عريضه، وصوت من خلف عهد قال بترحيب..

"يا الف مرحب بأبو نسب".. قالها أحمد وهو يقترب منه ويعانقه بحراره مكملاً..

 "ليك واحشه والله يا غفران يا غالي"..


تتابعهم عهد بأعين منبهره وابتسامة هادئه تزين وجهها البرئ.. 


"أنت أكتر يا ابو حميد، عامل أيه ووالدتك أخبارها أيه؟"..

قالها غفران بود، فأجابه أحمد بتنهيده..

"الحمد لله علي كل حال احنا تمام والحاجة ام شهد زي الفل مش ناقصنا غير شوفتكم"..

تأمل هيئته وبثقه قال..

"بس انت شكلك كده جاي هنا في شغل"..


"ايوه يا أبو حميد جاي في شغل بس قولت اعدي اسلم عليك"..قالها غفران وهو يربت علي كتفه، ليسرع احمد بجلب إحدي المقاعد وبترحيب قال..

" دا انت نورتنا انهارده يا غالي، اتفضل اقعد وقعد الجماعه اللي معاك وانا هعملكم أحلى اكل لأجدع جوز اختي"..


" احنا أصلا جاين ناخد سندوتشات  كبده وسجقأت من عندك يا ابو حموده"..

قالتها عهد برقتها وابتسامتها الرائعه..

عاد غفران كلمتها بسره بصدمه..

"سجقأت؟!، وابو حموده!! ".. صك علي أسنانه متمتماً..

" يااارب انا عمري ما مديت أيدي علي وحده في حياتي علشان يبقي عندي رغبه شديده بالشكل دا اني اكلها علقه"..


نظر لها احمد أخيراً نظره خاطفه فتابعت هي بعفويه..

"هااي انا عهوده".. مدت يدها له بالسلام ليظهر التوتر علي وجه احمد ونظر لغفران يستشف منه هل يلقي عليها التحيه باليد وهو يقول بابتسامه مجامله..

" يا مرحب يا ست البنات"..


جذبها غفران من مرفقها برفق واجلسها علي إحدي المقاعد، وبهمس قال..

"سيادتك هنا مافيش واحده بتسلم علي حد غير محارمها بالأيد يا زفوته هانم"..

"عهوده يا ظبوطه يا همجي أنت ".. همست بها عهد بغضب طفولي..


نظر غفران لأحمد وتنحنح قائلاً وهو يرمق عهد بنظرة تحذير حينما وجدها تنظر لأحمد المبتعد عنها بنظره متفحصه وابتسامه بلهاء..

"طيب يا ابو حميد لفلنا كام ساندوتش علي السريع من عمايل أيدك"..


" دا احنا عنينا".. قالها احمد بود شديد، وأسرع بتحضير الكثير من المؤكلات بمهاره عاليه أمام أعين عهد التي تطلع به بإعجاب قد أغضب غفران كثيراً..


لتزيد هي من غضبه حين قالت..

"هو في عندك هنا دليفري يا حموده؟"..

"أيوه عندي يا ست الكل، الواد زقله بيوصل الطلبات بعجلته حتي لو في المريخ"..

أخرجت عهد هاتفها من حقيبة يدها، وقالت بغنج..

" ممكن تقولي رقمك علشان أبقى اطلبك وقت ما أكون جعانه"..


"مش لما تدوقي الاكل ويعجبك الأول سيادتك"..

تفوه بها غفران بابتسامة مصطنعه..

ابتسمت عهد بحماس، وهبت واقفه، واقتربت من أحمد بخطوات راكضه، وقفت بجواره، وبدأت تتذوق كل ما يفعله، وتهمهم بستمتاع قائله..

"امممم، وااااو الأكل طعمه يجنن بجد"..


" بألف صحه علي قلبك".. قالها احمد بابتسامة باهته بعدما لمح النيران المندلعه من أعين غفران الذي يرمق عهد بنظرات حارقه..

....................................................

.. شهد..


تقف خلف باب غرفتها، ملتصقه بأذنها عليه تستمع للحوار الدائر بين رغد وزوجها أثناء مرورهما من أمام غرفتها..

"ترجعلي بألف سلامة يا حبيبي"..

تفوهت بها رغد بحب شديد، ليقبل هادي باطن يدها وهو يقول بعشق..

"حبيبة قلبي عايزاني اجبلها حاجة وانا راجع؟"..


أهدته ابتسامة جذابه وتأملت ملامحه بفتنان مردده..

"مش عايزه غيرك أنت يا هادي"..

عضت شهد علي شفتيها بغيظ شديد متمتمه..

"تنشلي يا رغد الكلب ولا تقوملك قومه تاني ابداً"..


ظلت رغد تتابع زوجها عبر الشرفه حتي اختفي عن عينيها، فأخذت نفس عميق وسارت نحو غرفة شقيقتها وهي تهمس بسرها..

"اروح اتكلم مع أختي وافهمها براحة ان مينفعش تخبط عليا انا وجوزي بالشكل دا بس علي الله متكونش بتعيط زي عوايدها"..


وقفت أمام غرفتها وطرقت الباب برفق، لتسرع شهد وتلقي نفسها علي الفراش دافنه وجهها بإحدى الوسائد، وتصنعت البكاء وهي تقول..

"ادخل يلي بتخبط"..


مطت رغد شفاتيها وبأسف قالت..

" بتعيط كالعاده"..

خطت للداخل غالقه الباب خلفها، واقتربت من شقيقتها جلست جوارها علي الفراش تربت بحنان علي ظهرها وهي تقول..

"بتعيطي ليه بس يا حبيبتي"..


"اوعي ابعدي عني واطلعي بره من هنا يله".. تفوهت بها شهد وهي تدفع يدها عنها بعنف دون ان تستدير لها، ترقرقت اعين رغد بالعبرات وبصوت تحشرج بالبكاء قالت..

"في ايه يا شهد، انا عملتلك حاجه؟!"..


اعتدلت جالسه وقد غرق وجهها بالدموع الكاذبه، وبنحيب قالت..

" خليتي ماما فاتن تبهدلني بسببك"..

أشارت رغد علي نفسها وبذهول قالت..

"بهدلتك علشاني انا؟!"..


اجابتها شهد بتقطع من بين شهقتها المزيفه..

"علشان خبطت عليكي بصحيكي تفطري معايا ومكنتش اعرف ان جوزك معاكي"..

ضمتها رغد لصدرها وربتت علي شعرها بحنان وهي تقول... "حقك عليا يا حبيبتي، ماما فاتن اكيد متقصدش انتي عارفه هي طيبه وبتحبنا اد أيه"..


ابتعدت عنها ونظرت لها بابتسامة صادقه وبحنو قالت..

"ولو علي الفطار يا ستي انا هقوم احضرلك أحلى فطار واجبهولك لحد عندك كمان"..

"وفي هدوم عايزه تتحط في الغساله وتتنشر، وكمان حضري حاجه الغدا وانا هاخد دش واجي وراكي"..


تعلم ان شقيقتها باوائل شهور حملها، والحركة الزائدة خطر عليها وتتعمد إجهادها عن قصد، تنهدت رغد بقلة حيله وبطاعة وطيبة شديدة قالت..

" حاضر يا شهد عنيا ليكي هعملك كل اللي انتي عيزاه بس بطلي عياط، مش عايزه أشوفك زعلانه يا حبيبتي"..

.....................................................

.. عهد..


تجلس بجوار هاله بشرفة منزلها بعدما انهو طعامهما تستمع لها بهتمام..


"واحده خبيثه وبألف وش وبتكره كل الناس ، وعندها قدرة جبارة تظلم و تطلع نفسها هي المظلومة وكل الناس هما اللي ظلموها"..

تفوهت بها هاله بأسف، بينما تجلس أمامها عهد تستمع لها بنتباه وعيون منذهله،بتنهيده تابعت هاله..


"اساليني انا علي الحية اللي اسمها شهد دي"..


عقدت عهد حاجبيها، وبستغراب قالت..

"ولما هي بالبشاعه دي ازاي الظبوطة بتاعي دا اتخدع فيها ومعرفش حقيقتها يا لولو؟!! المفروض يكون بيقرأ الناس وبيفهم في نوع البشر الوحش والحلو والبشع اللي زي الحيه مراته"..


"علشان أوقات بكون غبي يا عهد"..

قالها غفران بقلب ملتاع، لتدافع عنه هاله دون قصد حين قالت بابتسامة زائفه..

" يا عهوده شهد مش سهله وعرفت تعمل لنفسها سمعه كويسه جدا في المنطقه، وفي اي مكان بتروحه، انتي لو نزلتي الحته وقولتي شهد بنت سعديه هيحلفو بأخلاقها واد ايه


هي بنت مؤدبه وبتبوس رجل أمها قدام كل الناس، لكن في الحقيقه هي واحده قذره"..

ترقرقت عينيها بالعبرات وبغصه مريره تابعت..

" السافله لما عرفت اني كشفت كذبها ووشها الحقيقي هددتني برغد اللي تبقي أختها من لحمها ودمها قبل ما تبقي صاحبة عمري"..


ارتعد قلب غفران أكثر، وبدا يتنفس بصوت مسموع دليل علي شدة غضبه، وصدمته بما يسمعه عن أخلاق زوجته.. 


ظهرت الدهشه علي وجه عهد وبقلق قالت..

"هددتك بأختها ازاي يا هاله؟! " 

اغمضت هاله عينيها بعنف وبخجل قالت..

" ورتني فيديوهات لرغد وهي نايمه مع جوزها، وقالتلي لو عرفت الظابط جوزها حقيقتها هتفضح رغد وهتنشر الفيديوهات دي علي النت؟؟"..


صدمة ألجمت غفران، وكادت أن تفقده وعيه، أيعقل من تزوجها استطاعت خداعه طيلة هذه السنوات؟!..

أبتسم ابتسامة زائفه مغمغماً بسخريه..

"بقي مصوره أخويا وبتهددي بفضحته وأنا اللي ضميري بيأنبني علي اللي عملته في حقك يا شهد!!!"..


مسح علي وجهه صعودا بجبهته، وجذب شعره بقبضة يده بعنف وهو يتذكر حديثه مع والد عهد.. 


.. فلاش بااااااااك..


"غفران"..


يقف أمام إحدي الغرف ينتظر الأذن بالدخول، ليأتيه صوت 

عزت الذي يظهر عليه التعب قائلاً..

"أدخل يا غفران يا ابني"..


"صباح الخير سيادتك"..تفوه بها غفران، وهو يتقدم منه بخطواته الرازينه الواثقه..

تطلع به عزت بابتسامة وبتنهيده قال..

"صباح الخير يا حضرة الظابط، انا كنت لسه هبعتلك"..


نظر له غفران بتمعن، وبقلق قال..

"سيادتك كويس؟؟"..

"الحمد لله انا كويس يا ابني، كل الحكايه أني منمتش طول الليل"..تفوه بها عزت وهو ينظر له نظره مليئه بالحزن، وبصوت مرتجف تابع.. 

"عهد كويسه؟"..


"اطمن سيادك انسه عهد الحمد لله كويسه جداً"..

ترقرقت أعين عزت بالعبرات وهو يقول..

"انهارده عيد ميلادها يا غفران"..

أخذ نفس عميق مكملاً" انهارده بقي عندها 20سنه"..


" كل سنه وهي طيبه ساعدتك"..

قالها غفران وهو يربت علي كتفه وبقلق تابع..

"سيادتك باين عليك التعب تحب اطلبلك دكتور؟"..

حرك عزت رأسه بالنفي وبأسف قال..

"انا عندي طياره كمان ساعة يا غفران يعني لازم اتحرك حالاً"..


صمت لوهله وأعتلي وجهه الأحراج وبتوتر قال..

"غفران أنت عارف اني بعتبرك ابن ليا"..

"وحضرتك عارف أني بعتبرك في مأم والدي الله يرحمه، ودا يخليني استأذنك أعمل عيد ميلاد انسه عهد بالنيابه عنك لأني عارف ومقدر مشغوليات ساعدتك، وهبلغها أن معاليك اللي أمرت بكل حاجه هعملها"..


تهللت أسارير عزت وبحماس قال..

"كلامك دا بيحفظني أقولك اللي متردد اقولهولك يا ابني"..

اعطاه ورقه مطويه و أشار علي إحدي المقاعد..

" اقعد يا غفران أقرا الورقه دي واي أن كان رأيك انا هحترمه"..


فتح غفران الورقه وبدأ يقرأ المدون بها بأعين متسعه ونظرات منذهله حتي انتهي، وبعدم فهم نظر لعزت قائلاً..

" ايه دا سيادتك؟!"..


" دا عقد جواز يا غفران من عهد بنتي، عليه أمضتها وواقف علي أمضتك"..

 قالها عزت بوجه كساه الألم الشديد وبأسف قال..

"غفران أنا احتمال 99٪ مرجعش من السفريه اللي طالعها دي"..

" بعد الشر علي معاليك، ان شاء الله ترجعلنا بألف سلامة"..تفوه بها غفران بلهفه.. 


اختنق صوت عزت بالبكاء وبصعوبه قال..

"لو جرالي حاجه عهد هتبقي لوحدها، مافيش حد هيقف جنبها ولا يسأل عنها حتي لا من أهلي ولا من أهل والدتها الله يرحمها، كله هيخاف علي نفسه وهيبعدو عنها علي اد ما يقدرو".. 


هب واقفاً فأسرع غفران بالوقوف هو الأخر، نظر له عزت كالغريق الذي وجد منقذه أخيراً وتابع بنبره راجيه..

"علشان كده ملقتش غيرك أأمنه علي بنتي الوحيده يا غفران "..


فشل غفران لأول مره بأخفاء مشاعر الفرحة الغامرة التي ظهرت علي محياه، وبدهشه قال..

" بس انسه عهد وافقت علي جوازنا كده ومضت بسهوله، وهي عارفه اني متجوز وعندي طفلين؟! "..


"انا مضتها علي العقد من غير ما تاخد بالها، وجوازك من عهد هيبقي إتفاق بنا، اعتبره مهمه سريه مكلفك بيها يا غفران،يعني عهد متعرفش ومش هتعرف بجوازك منها نهائي إلا".. 

قالها عزت بصرامة، وبأسف تابع..

" إلا لو انا مرجعتش، لكن لو رجعت هنقطع العقد وتبقي انتهت مهمتك يا حضرة الظابط"..


ساد الصمت لدقائق، ونظر غفران للعقد مره أخرى، لتتعالي نبضات قلبه وهو يتخيل تلك العهد زوجته، شبه ابتسامة ظهرت علي محياه حين تذكر أفعالها المجنونه التي تروقه كثيراً، ولكن تلاشت سريعاً بعدما تذكر شهد زوجته وكسرة قلبها إذا علمت بزواجه عليها..


صك علي أسنانه بعنف، ونظر لعزت الناظر له يستجديه ان يوافق وحرك رأسه بالنفي، لتعتلي خيبة الأمل وجه عزت، ولكن اتسعت عينيه بفرحة غامرة حين أظهر غفران قلم من جيب معطفه ومال مستنداً علي طاوله ووقع امضته وهو يقول..

"سيادتك عارف مقدرش أرفضلك طلب"..


أنهي توقيعه ومد يده بالعقد لعزت الذي خانته عبراته وهبطت ببطء علي وجنتيه،وبفخر قال..

"كنت واثق انك مش هتخذلني يا جوز بنتي"..

قالها وعانقه بحراره وبأمر تابع..

"شيله أنت بأيدك يا غفران ولو ربك أراد ورجعت هطلبه منك"..


حرك غفران رأسه بالإيجاب وبحماس قال..

"طيب يادوب ساعدتك تلحق طيارتك"..

ابتسم بعبث مكملاً..

"وانا الحق أحضر مفاجأة عيد ميلاد عهد"


تنهد بستمتاع وهو يقول..

"مراتي"..


.. نهاية الفلاش باااااااك..


انتبه من شروده علي صوت بكاء عهد وهاله بل صرخاتهما الشديدة، ليركض بسرعة البرق لداخل المنزل وصعد الدرج كل درجتين معاً وهو يصرخ بأسم مجنونته..

"عااااااااهد"..



                       الفصل العاشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close