رواية احرقني انتقامى
الفصل الخامس والسادس والسابع
بقلم سهام العدل
▪ دفع آدم يدي ميار قائلا : عايزة تعرفي… حاضر هقولك كل حاجة….
▪ عاد آدم بذاكرته إلي الليلة المشئومة وأخذ يحكي لميار :
أروي : إيه ياآدم بترن ليه دلوقتي؟
آدم : عايزة اطمن عليكي… ايه ممنوع؟؟!!!
أروي : تطمن ايه ياآدم انت لسه مكلمني من ساعتين… مش حكاية بقي.
آدم : بصراحة مليش مزاح تحضري العرض ده… الوقت متأخر وانتي في مصر لوحدك.
أروي : يوووه بقي ياآدم… أنا ماصدقت انك وافقت.
آدم : أنا وافقت… بس مقتنعتش.
أروي بدلال : خلاص بقي يادودو… بقالي يومين بقنع فيك… وانا قولتلك ده ديفليه لأشهر مصمم أزياء مصري وعربي… وانا عايزة اكتسب خبرة… انت مش وعدتني هتساعدني لما احقق حلمي… وكمان انا معايا صحباتي متقلقش.
آدم : انا مش عارف انتي بتسيطري عليا كده ازاي؟؟
أروي : عشان أنا أروي أقرب حد في الدنيا لقلب آدم… وخايفة يوم تحب وتتجوز واتركن أنا علي الرف.
آدم : محدش يقدر في الدنيا دي ياخدني منك ياقلب آدم… وانتي عارفة اني مبفكرش في الجواز الا اما احقق كل امنياتي في شغلي.
أروي : لا انت لازم تتجوز عشان أنا هبدأ أصمم فستان عروستك من دلوقتي.
آدم : كل شيء بأوانه… المهم خلي بالك من نفسك و متتأخريش وانا علي مكالمة منك تطمنيني.
▪ أروي : حاضر يا حبيبي… سلام بقي عشان هتأخر.
▪ آدم : سلام.
-اعتذرت صديقة أروي عن الحضور،،فاحتارت أروي ولكنها فضلت أن تذهب ولا تخبر آدم حتي لايمنعها من الذهاب.
▪ بعد عدة ساعات انتهي العرض كانت أروي في قمة سعادتها… وقفت كثيرا تنتظر تاكسي 🚕 حتي أوققت تاكسي ودلته علي العنوان.
في التاكسي يتحدث سائقه في الهاتف…
السائق : أيوة هجيبلك الفلوس النهاردة بس تظبطني عشان أنا دماغي بايظة.
…………………
السائق : انا والله شغال من الصبح ومش معايا غير 100 ج.
……………….
السائق بترجي : عارف ان المبلغ ده عليا… بس مشي الامور وانا هكملك.
………………
السائق : طب وانا اجيب منين بعد كده.
……………….
السائق: يا عم اسأل في اي حتة علي مراد عاصم المنزلاوي عمره ما أكل علي حد جنيه.
………………
السائق بعصبية : خلاص ياعم متزقش… الله… انا هتصرف بس جهزلي اللي قولتلك عليه وعايزة حبايتين من الجديد ده… بيعمل دماغ عالية… وانا خرمان علي الآخر.
……………….
↙كل هذا وأروي تتابع الحوار… فهمت مغزي الكلام فانتابتها الريبة… وبدأت تلملم في نفسها وحقيبتها الصغيرة.
لفتت حركتها انتباه مراد… فنظر لها في المرآة ووقعت عينيه علي عقدها الماسي الذي يزين رقبتها وقراطها الذي يشبه العقد….
وبعد لحظة غير مساره الي طريق مظلم…
أروي بخوف : أنت جايبني فين… اكيد مش ده الطريق.
مراد : متخافيش ياهانم… ده طريق مختصر عشان الزحمة… تخريمة يعني.
اشتد خوف أروي.. ففكرت أن تتصل علي آدم أو مهاب لانقاذها… وقبل ان تضغط كان مراد قد أوقف السيارة في مكان مهجور مظلم وانكب عليها خطف منها الهاتف ورفع عليها سلاحا حادا…
مراد: طلعي يابت الفلوس اللي معاكي.
أروي تحاول أن تكون قوية : انت اتجننت… هات التلفون انا هوديك في داهية.
باغتها وقطع فستانها من عند فتحة الصدر : واخلعي العقد ده والحلق بدل ما اخلعهم بطريقتي.
ثم نظر الي صدرها نظرة شهوانية وابتلع ريقه بطريقة مقززة فأدركت أروي ووضعت يدها علي صدرها تغطيه… ثم قالت بتوسل : حاضر خد التلفون والعقد والحلق ومعايا فلوس كمان خدها بس ابعد عني وسيبني.
كانت رغبته الجسدية قد تمكنت منه فقال لها : لا مبقاش ينفع ابعد ياحلوة ثم هجم عليها واغتصبها في محاولات منها لابعاده… حتي أنتهي منها واخذ ماتملكه من مال وعرض وتركها في هذا المكان المظلم.
⬅كان آدم يقص علي ميار ماحدث وهي واضعة يدها علي فمها من هول الصدمة وعيناها لاتتوقفان لحظة عن الدموع… حتي وصل الي هذه اللحظة تخشب جسده وتهجمت ملامحه بشدة واحمرت عيناه ورفع قبضته وأنزلها بقوة في زجاج المنضدة الصغيرة أمامه… حتي أصبح الزجاج حبيبات صغيرة.
▪ وقفت ميار مفزوعة تصرخ وتصرخ وتصرخ حتي وقعت مغشيا عليها… أفاق آدم من حالته علي ارتطامها في الارض… فالتفت وحملها بين يديه متجها بها الي السرير وضعها ونظر إليها وخانته دمعة حارقة نزلت من عينيه… فتذكره هذه الأحداث كما حكتها له أروي بعد ذلك يشعل النيران بداخله… ويتمني لو يقتل هذا الوغد بيديه… ولكن من رحمة الله عليه ان الشرطة امسكته بكمية مخدرات كبيرة في اليوم التالي ومازال محبوساً… ظل يدقق في ميار الهامدة أمامه ويقول في نفسه : من سوء حظك ياميار أنك أخت لحيوان زي ده.
▪ حاول أفاقتها مرات عديدة حتي أحس بانتظام أنفاسها ثم تركها وخرج الصالة يرد علي أمه التي ترن منذ فترة علي هاتفه الذي وضعه في وضع الاهتزاز.
▪ فتح آدم هاتفه : أيوة ياماما.
نوال: مبتردش عليا ليه يا آدم.
آدم : مسمعتش التلفون.
نوال : أخدت بنت الكلب دي ليه يا آدم؟؟؟
آدم : هرجعها مصر ياماما لأهلها وهقولهم علي الحقيقة.
نوال : ايه انت اتجننت يا آدم… اتجننت يا خسارة آدم ذنب اختك في رقبتك ياآدم… لان انا كنت رافضة وانا اللي اقنعتني انها تنزل مصر.
آدم : ارجوكي ياأمي كفاية عذاب فيا… انا تعبت كفاية اللي عملناه فيها… المفروض كنا اخدنا حقنا من اخوها ورفعنا قضية وحضرتك اللي رفضتي انتي وأروي الله يرحمها… دلوقتي بتحمليني الذنب…. صدقيني لو ضغطي عليا اكتر من كده مش هتلاقيني (ثم علا صوته) انتوا مش حاسييين بيا ليه… ليييييييه.
ثم أغلق هاتفه تماماً
▪فتحت ميار عينيها علي حوار آدم ونوال فظلت تنظر للسماء وتبكي وتتذكر يوم رن هاتف منزلهم ورد والدها : أيوة أنا عاصم المنزلاوي… مين معايا.
عاصم : في ستين داهية خدوه… ولا اقولكم اعدموه وريحوني منه.
▪ في هذه الفترة كانت ميار في أسوأ حالاتها بسبب طلاق هشام لها واصابة امها بالشلل… اعلمهم حينها عاصم أن أخاها تم القبض عليه بكمية ليست هينة من المخدرات وأقسم عليهم ألا يزوره احداً.
▪ حينها تضاربت المشاعر مابين حزنها علي أخيها ومابين قهرها منه لانه كان سبباً في انفصالها عن هشام.
▪ وظلت حياتهم تسير علي النمط الطبيعي بسواده المعهود حتى ظهر آدم (حينها ابتسمت ابتسامة حزينة) لانها زادت سوادا به.
▪ ظلت تبكي وتنتحب حتي خرج نحيبها لادم… فدخل عليها الغرفة وجلس بجوارها قائلا بهدوء : انا ما بعرفش اواسي حد… ومش عارف المفروض اواسيكي ولا اعتذر لك… بس صدقيني اللي متأكد منه انتقامي منك هو كان الشيء الغلط…. عشان كده انا قررت اصلح الغلط وارجعك لاهلك واقول لهم على الحقيقة.
▪ اعتدلت ميار جالسه وقالت الغلط اللي عملته للاسف مبقاش ينفع يتصلح ورجوعي لأهلي دلوقتي محدش هيتقبله.
▪ نظرت له بعين حمراوتين وقالت : انت عارف يعني ايه واحدة ترجع بيت اهلها بعد اسبوع جواز... اظن بعد ماعرفت فضايحنا… ابويا وامي مش ناقصين فضايح.
▪ آدم : اللي عايزاه انا تحت أمرك فيه… شوفي اللي يريحك وهعمله….ثم تهجمت ملامحه : بس اخوك يوم ما يخرج انا اشرب من دمه وبرد ناري ونار امي واريح اختي.
▪ كانت ميار قد طفح بها الكيل منه فصرخت فيه وقالت بدموع تخرج من قلبها لا عينيها : بتسألني اللي يريحني… ارتاح ازاي وانا انا اساسا معرفش يعني ايه حاجه اسمها راحه... عمري ما جربت احساس الراحة ده… ما شفتش من الدنيا دي غير الوجع والظلم والقهر وكسرة القلب والغدر….أحيانا بسأل نفسي هو احنا ممكن نكون عملنا ايه في حياتنا عشان نتعذب فيها كده…
▪أراد آدم أن يتركها تخرج مابداخلها لعلها تهدأ ويهدأ ضميره.
▪ انخفض صوتها بعض الشيء ونظرت لنقطة أمامها في الفراغ ودموعها شلالات لم تهدأ وقالت : وانا صغيرة كنت دايما بحسد كل بنت أبوها يجيلها المدرسة ويحضنها.. او اشوف في طريق بنت في ايد ابوها بهزر معاها وبشتري لها حاجة حلوة يراضيها… حتي اما كبرت وكنت اروح عند ميرنا واشوف دلعها ودلالها علي أبوها كنت ببكي من جوايا… لاني عمري ماعشت اللحظات دي… أبويا كان قاسي وصارم عمري مادلعني مرة ولا اخدني في حضنه… حتي الاخ اللي قولت اما يكبر هيعقل ويبقي سندي ملقتش منه حاجة ولا أثر في حياتي الا بالسلب… كنت بتحرج من سيرته ادام الناس وبلاويه اللي انت في غني ذكرها… وحتي اما حبيت واتخطبت قولت خلاص لقيت السند… اتاري الحب ده مش اللي بقرأ عنه في القصص ولا بنشوفه في الأفلام… ورغم اللي عانيته معاه بس كان أهون بكتير اوي من ابويا واخويا… لكن ابقي سعيدة ازاي مينفعش… يجي اخويا يسرق شبكتي… وروحت اقول لسندي وضهري واترمي في حضنه من العذاب اللي شوفته وبشوفه… اتاريني اتسندت علي الهوا… وبدل مايمسك ايدي قطعها ورماني من سابع سما لسابع أرض… قولت خلاص نصيب وبكرة ياميار ربنا هيكرمك ويعوض عليكي… وجه كرمه فيك (ثم نظرت له نظرة موجعة واستأنفت) وأنت عارف بقي الباقي وكنت كريم معايا إزاي… وبتقولي اللي يريحك… طب فين الراحة دي وانا اروح لها… فين؟ .
▪ كل كلمة لمست قلبه كجمرة نار تكويه وهو يلوم نفسه أين كان عقله عندما فعل بها مافعله… أين كان قلبه وهو يتركها لأبيها يعذبها بهذه الطريقة الحيوانية… تمني لو جذبها لاحضانه ويخفف عنها ولكنه يعلم جيدا أن اي طريقة للاعتذار حالياً لاتجدي نفعاً… تحشرجت أنفاسه وخرجت الكلمات منه غصبا عنه : علي العموم ارتاحي ونامي وبكرة نبقي نشوف هنعمل إيه.
▪ ذهب آدم إلي غرفة مكتبه واستلقي على أريكته إيه لدية وظل يفكر في ميار وقلبه يعتصر ألما علي مابها… لم يكن يعلم أنها عاشت كل هذا الحزن والوجع والحرمان… أحس بشئ ينغز في قلبه… جفاه النوم بسبب دموعها… تمني لو ذهب وجلس تحت رجليها وطلب منها البقاء ليعوضها حنان الأب وحب الأخ ووفاء الصديق….
▪ بعد ساعات مضت عليه وهو علي هذا الحال… نهض جالساً محدثاً نفسه : ايه ياآدم… مالك… اللي قلب حالك كده… اهدي واثبت كده وكفاية تردلها كرامتها وتروح لحال سبيلها.
-تروح لحال سبيلها ازاي وتكمل حياتها في القهر ده
- وانت مالك يا عم… اللى إنت بتفكر فيه ده مستحيل ووقتها هتخسر أمك والموضوع هيصعب بزيادة.
- طب والحل إيه؟
- الحل انها تفضل معاك مدة وبعدها تطلقها وترجعها لاهلها ويبان ادام الناس انه طلاق عادي… ايوة هو ده الحل وخلاص
▪شعر آدم بدوخة وصداع شديد علم ان ضغط الدم قد ارتفع وهو اهمل في علاجه الفترة الماضية … خرج ليحضر بعض الماء ويتناوله.
▪ أثناء ذهابه نظر الي غرفتها… فحدثته نفسه أن يدخل ويلقي نظرة عليها.
▪ دخل وجدها نائمة منكمشة على نفسها متخذة وضع الجنين وقد غلبها النعاس وهي تبكي لأن الدموع مازالت عالقة برموشها.
▪ ظل يتأملها وكأنه يراها للمرة الأولي،،، طفلة في هيئة إمرأة مكتملة الأنوثة… آلمه قلبه عندما وقعت عينيه علي عينها المتورمة وقد ابهت زرقتها وقل تورمها… زاد حزنه عندما تذكر الموقف وركلة أبيها… تمني لو يعود به الوقت ولم يفعل مافعله.
▪ نهض ثم انحنى وقبل عينها المتورمة… ثم غادر الغرفة.
⬅في اليوم التالي آدم لعمله دون أن يوقظها… مرت ساعات العمل ولم يشغل باله سواها… رسم في مخيلته أحداث كثيرة وهو يحتويها بين أحضانه… لم يستطع فقط عمله وقرر العودة إليها.
▪ استيقظت ميار من نومها ثم نهضت وخرجت للذهاب الي الحمام… وجدت في طريقها بقايا الزجاج الذي كسره آدم ليلة أمس...فدخلت وأخذت حماما باردا وارتدت منامة قطنية قصيرة ومشطت شعرها ونظفت المنزل وطبخت الغداء… تعجبت من الراحة النفسية التي تشعر بها اليوم وتذكرت آدم فشعرت بالشفقة عليه… تذكرت حديثه عما حل بأروي من جرم أخيها…وضعت في نفسها مقارنة بين مراد وآدم… مراد أخيها لم يهتم بها يوما وكأنها لم تكن في حياته ولم يصبها منه سوي الخسائر والسمعة السيئة،، أما آدم أخاً حنوناً لأختيه...يشاركهم الصغيرة قبل الكبيرة… علي استعداد كامل أن يدمر العالم بأكمله إنتقاماً لأخته… آلمها قلبها لانتحار هذه الزهرة وهي في ريعان شبابها وخانتها دمعة عليها….
▪قطع شرودها سماعها لأحد يفتح باب الشقة… انتابها الرعب.. ولكنها اطمأنت عندما وجدته آدم يدخل وبيده حقائب…
▪ عندما رآها آدم وجدها مشرقة بعض فشعر بالسعادة : مساء الخير.
ميار بهدوء: مساء الخير.
آدم : بس ايه الجمال ده.
احمرت وجنتي ميار،، فشعر آدم بذلك،، فحاول أن يرفع عنها الخجل : قصدي جمال الشقة… وريحة الأكل الجميلة دي.
▪ صمتت ميار ولم ترد.
آدم : مكنتيش تتعبي نفسك.. انا كنت هجيب حد ينضفها.
ميار : لا عادي… انا واخدة علي كده.
آدم : طب ياللا بقي عشان ريحة الأكل دي جوعتني…
ميار : دقائق وهيكون جاهز.
▪ بعد دقائق أعدت ميار الغداء ونظمته علي طاولة الطعام….
ميار : اتفضل اتغدي…
آدم : طب اقعدي اتغدي معايا
ميار : لا مش هاكل دلوقتي.
آدم : عارف ان مش من حقي اطلب منك حاجة… بس اعتبريه رجاء… واكون سعيد لو وافقتي.
استجابت ميار لطلبه وجلست علي الطاولة… لم يتحدثا بشيء طوال تناول الغداء…
▪ بعد قليل كانت ميار بالمطبخ تنهي تنظيفه بعد الغداء وعندما التفتت تفاجأت بآدم يحمل صندوقاً من الكرتون الملون المزين بشرائط ملونة لامعة.
▪ آدم : ممكن تقبلي دي مني.
تعجبت ميار ولم تنطق من الذهول… ثم قالت : لا مش عايزة حاجة.
آدم : أرجوكي اقبليها يمكن ارتاح شوية من عذاب ضميري ناحيتك.
تذكرت ميار ماحل بها بسببه، فابتلعت غصة مؤلمة ثم قالت : مش عايزة حاجة… عشان مش عايزاك ترتاح… وتركته وذهبت الي الغرفة.
ذهب إليها آدم وفتح بيده الباب قبل أن تغلقه ثم قال برجاء : ميار أنا كمان عايش في عذاب وقلبي محروق علي أعز الناس ليا… انا كمان موجوع ياميار… ومش طالب منك غير تسامحيني واوعدك اني مش هأذيكي واللي يريحك هعمله.
▪ شعرت ميار بالشفقة تجاهه فهزت رأسها موافقة وأخذت منه الصندوق.
▪ ابتسم آدم وشعر ببعض الراحة وأعطاها الصندوق ثم تركها وذهب غرفة المكتب.
▪ أخذت ميار منه الصندوق وبداخلها فضول تعرف ماذا يحتوي… فتحت الصندوق وجدت به قالبا من الشيكولاته فرحت به واحتضنته كالاطفال وعلبة صغيرة فتحتها وجدت بها سلسلة صغيرة بها قلب أبيض مزين بالفصوص وظرف صغير به رسالة مكتوب بها (نقسو علي أشياء… وتقسو علينا أشياء...ونتألم في الحالتين… ميار أنا آسف سامحيني وأنا مستعد اعمل أي حاجة ترضيكي ومتقبل منك أي قرار… ومنتظر منك الرضا ثم القرار...آدم)
▪شعرت ميار بمشاعر متضاربة من الحيرة والسعادة والالم… فذهبت لآدم وطرقت علي الباب حتي أذن لها بالدخول.
▪ دخلت تفرك يديها توتراً مما أقلقه: مالك ياميار.
▪ ميار : أنا عايزة اقولك قراري وخايفة ترفض.
▪ آدم بقلق : قولي وانا موافق علي اي شيء تطلبيه.
السادس
▪ دخلت ميار تفرك يديها توتراً مما أقلقه: مالك ياميار.
▪ ميار : أنا عايزة اقولك قراري وخايفة ترفض.
▪ آدم بقلق : قولي وانا موافق علي اي شيء تطلبيه.
▪ ميار : أنا قررت اواجه مصيري.
▪ آدم : مش فاهم تواجهيه ازاي.
▪ ميار : هرجع مصر لاهلي.
▪ أحس آدم وكأنها اقتلعت قلبه بهذا القرار.. تعجب من نفسه لما هذا الخذلان بداخله وهو كان يري أنه القرار الأصلح… حاول أن يظهر طبيعيا، فجلي صوته : أنتي عارفة انه قرار مش سهل… وأن أن أبوكي بيعتبرك ميتة ومش سهل يتقبل رجوعك.
▪ ميار : عارفة انه مش سهل… بس أنت وعدتني انك هتقف جنبى وهتقول لابويا الحقيقة.
▪ آدم : وأنا عند وعدي لك… بس قصدي انك مش هترتاحي مع ابوكي لانه مش هيتقبل وجودك بسهولة… ولا المجتمع هيتقبل طلاقك بعد ايام من زواجك.
▪ ميار : خلاص أنا لازم أواجه المجتمع وأهلي بأي شكل (ثم امتعض وجهها) وأبويا أنا متعودة عليه وعلى قسوته وأسلوبه...فمش هتفرق كتير… وكمان الحياة مش هتقف هتمشي بالطول والعرض..وكله هيعدي.
▪ آلمه قلبه عليها وعلي الحزن و الكسرة اللتان تملأن عينيها… تمني لو ترجاها أن تظل حتي يعوضها عن كل لحظة ألم وحزن وحرمان عاشتها بسببه أو بسبب غيره.
▪ عندما نظر اليها آدم وشرد،، هي الأخري أطلقت لعينيها العنان تتأملا جمال بشرته الحنطية وعينيه السوداء التي تاهت في جمالهم… وشعره الأسود الناعم ورموشه الطويلة المماثلة للون شعره...
▪ فاقت من شرودها علي صوته وهو يتكلم بنبرة حزينة منكسرة: إن شاء الله هشوف ظروف شغلي وأقرب فرصة هننزل مصر… بس عايزين نعمل معاهدة صلح.
▪ تعجبت ميار من حديثه… فقالت متسائلة : يعني ايه… مش فاهمة.
▪ ابتسم آدم علي فطرتها النقية : يعني يادكتورة… نتصالح وتنسي اللي فات و تعتبريني سندك واخوكي وصاحبك… حتى لو نزلتي مصر نتواصل واطمن عليك..وكده.
▪ أغرورقت عيني ميار بالدموع… فاقترب منها آدم وأمسك يديها وأجلسها علي الأريكة الجلدية وجلس بجوارها وقال لها : أنا قولت حاجة زعلتك… بتعيطي ليه دلوقتي… خلاص ياستي متزعليش نفسك… فهمت انك حابة اننا منكونش اصحاب.
▪ مسحت ميار الدمعتين اللتان نزلتا رغماً عنها… وقالت بصوت موجوع : أصل كان نفسي حد من أهلي يقولي يادكتورة… اتمنيت أفرح أبويا واخليه فخور بيا… بس هو ولا مرة حسسني انه فخور باجتهادي وتفوقي… حتي أمي تراكم الهموم والمشاكل عليها كان دايما شاغلها عني… حاسة اني حتي نجاحي عمري مافرحت به.
▪ آدم : بما انك مارفضتيش صداقتنا… فاحب اسأل الدكتورة الجميلة.. ايه كان طموحك اما تخلصي جامعة.
▪ شعرت ميار بارتياح شديد في حديثها معه… وكانها بحاجة أن تتحدث وتخرج ما بداخلها قالت بحماس: كان نفسي أكمل واعمل بحث علمي واحضر فيه ماجستير واخد دكتوراه وبعديها اشتغل في التدريس والأبحاث العلمية…. (ثم انطفأ الحماس في عينيها واستدركت قائلة) بس طبعاً عمري ماقلت الكلام ده عشان كنت عارفة ان بابا هيرفض.
▪ شعر آدم أنها بدأت تتحدث معه فيما يخصها بحرية، فأراد دعمها : بس علي حسب علمي ياميار انك لسه مخلصة جامعة… يعني احنا لسه فيها… حضري وكملي وحققي كل اللي بتتمنيه واوصلي له… مهما كان حلمك اتعلقي فيه.
▪ ميار : ماانا قولتلك بابا هيرفض واستحالة يخليني اكمل… طب بس هو يسيبني في حالي.
▪ آدم : مفيش مستحيل طالما نقدر… وانا هفضل جمبك.. مش اتفقنا نبقى اصحاب؟
▪ نظرت له نظرة غامضة ثم قالت : أنا حاسة أنك إنسان تاني.
▪ آدم : إزاي إنسان تاني؟
▪ ميار : إنسان غير اللي جه أخدني من بيت أهلي وكأنه بينفذ فيا حكم الإعدام.
▪ آدم : أنا فعلا كنت وقتها إنسان تاني أعمته نار الإنتقام… لكن من حسن حظي إن النار دي حرقت قلبي عشان تفوقني…
▪ ميار : تصدق إني بحسد إخواتك عليك… يابختهم بحبك لهم.
▪ آدم : أنا بابا انفصل عن أمي وأنا عندي 15 سنة وقتها كانت أروي 12 سنين وأيتن 8 سنين… روحت له وطلبت منه انه يرجع والدتي عشان اخواتي البنات اللي طول الوقت بيسألوا عليه وأنا فعلا كنت محتاجه معايا ومع اخواتي بس هو رفض وقتها وكسر قلبي…
▪ قاطعته ميار : طب ليه ساب والدتك؟
▪ آدم : والدتي ست عصبية وعنيدة ومن طبقة عالية ((ميار في نفسها أنت هتقولي..ماانا شوفت بعيني)) ووالدي كان موظف في بنك… كانوا دايما مختلفين.. نادرا اما كنت اشوفهم متفاهمين… لحد مااستحالت الحياة بينهم واتطلقوا … بس بصراحة كان دايما بيسأل علينا… بس أخواتي كانوا بيكبروا ومحتاجين احتواء… عشان كده اعطيت كل حياتي لهم… كنت بفرح بفرحتهم كأنهم بناتي مش أخواتي… ودخلت الكلية اللي اتمنيتها الحمد لله بس وانا في اخر سنة والدي اتوفي… انتهت دراستي وفيه دكتور في الكلية كان يعزني اوي عرض عليا اني اسافر معاه هنا لان فرص العمل في هندسة البترول هنا أفضل بكتير… وقتها وافقت وسافرت لأنها فرصة آلاف غيري بيحلم بها… بس كنت هموت علي أمي وأخواتي.. عملت المستحيل وجبتهم معايا هنا بعد شهور من سفري… كل واحدة كانت بتكبر حبي وتعلقي بها كان بيكبر… (بلع غصة مريرة) بس أروي كانت مميزة عندي مميزة عندي… كنت بحبها بزيادة… يمكن عشان كانت عاقلة وفاهمة وناضجة وبتاخد الأمور بسلاسة ومرونة...كانت بتفهمني من غير مااتكلم … كل واحدة فيهم كان لها ميول وأحلام وكان واجبي ناحيتهم اني اقف جمبهم اما يحققوا احلامهم ويثبتوا ذاتهم… بس ياريتني ماوافقت علي رجوع أروي مصر… ياريتني (قالها وتحشرج صوته بالبكاء)
▪اقتربت منه ميار وأمسكت يده وقالت معتذرة : أنا آسفة… آسفة لكل الحزن اللي في عيونك والقهر اللي في قلبك...آسفة إن السبب في تدمير حياتك هو أخويا اللي من لحمي ودمي.
▪ عندما ذكرت أخاها تملك الغضب منه وشعر بالدماء تفور في رأسه ولكنه حاول السيطرة علي نفسه… تنهد ثم قال لها : أنت متتأسفيش ياميار… ملكيش ذنب… حقى هاخده من الحيوان ده ولو بعد سنين… مش هسيبه.
▪ اخفضت ميار بصرها ونظرت أرضاً هو أخاها ولكن فعلته أكبر من أن تدافع عنه أو تحزن لأجله.
▪ أردف آدم حديثه… أنا اللي آسف إن حطك القدر في طريقي و تسببت لك في الجرح والمهانة اللي شوفتيها… صدقيني انا مش انسان وحش زى ما انتى متخيلة… وفعلا اتمني نفضل أصحاب علي طول حتي بعد ما تنزلي مصر...يمكن أقدر أغير الفكرة اللي انطبعت في ذاكرتك عني.
▪ ميار : أكيد هنفضل أصحاب وأيتن كمان أخت غالية ليا.
▪ آدم : وأيتن كمان بتحبك جدا…
▪ ميار :ممكن اطلب طلب صغير.
▪ آدم : اتفضلي.
▪ ميار : عايزة أكلم ماما اطمن عليها….
▪ آدم : أنا مش معايا غير رقم والدك… لو حابة تكلميه أنا معنديش مانع… ولو حافظة رقم والدتك اطلبيها.
▪ ميار : للاسف ماما مش معاها تلفون وطبعا مقدرش اكلم بابا دلوقتي… خلاص مش مشكلة... تصبح علي خير
▪ آدم : وأنتي من أهل الخير.
⬅في اليوم التالي عندما عرض علي مديره في العمل أنه يريد إجازة صغيرة للنزول رفض بشدة بحجة أنه عائد منذ أيام قليلة ولابد من مرور شهر ونصف على الأقل حتى يستطيع أن يغادر مصر… دائماً في المنع كثير من العطاء… لقد فرح آدم بهذا فرحة عارمة… وكأنه يتمني أن تظل بقربه أطول فترة ممكنة .
▪ عندما علمت ميار بهذا التمست له العذر لانه مجرد موظف في شركة وهناك من يرؤسه في عمله… ولكنها طلبت منه أن تذهب وتعيش هذه الفترة مع أمه وأخته… التمست بداخلها العذر لأمه… ليس من السهل علي أم أن يحدث لها ماحدث بابنتها… كما أرادت أن تكون بجانب أيتن التي منعتها أمها من زيارة أخيها وزوجته… في البداية رفض آدم رفضاً شديدا ً لأنه يعلم جيدًا ماتحمله أمه في داخلها تجاه ميار وبعد إصرار وتصميم وافق آدم بشرط أن يعيش آدم معهم… بعد أيام روتينية قليلة في يوم إجازة آدم الأسبوعية… استعدت ميار وأخذت حقيبتها الصغيرة وذهبت معه لتعيش مع أمه.
▪ في البداية رفضت أمه ولكنها تقبلت في نهاية حيث وجدتها فرصة جيدة للانتقام من ميار… لا يخفي علي آدم ما تفكر به أمه… ولكنه أدرك جيداً أن ميار ستزن الأمور وهو سيحاول بقدر الإمكان أن يسيطر علي تصرفات أمه.
▪ مكثت ميار مع أيتن في غرفتها منذ الليلة الأولي… استقرت نفسية ميار بعض الشيء رغم أنها تعلم جيدا ماتحمله لها أم آدم… ولكنها عندما علمت أن آدم علي خلاف مع أمه وأيتن ممنوعة من زيارتهم… أرادت أن تقرب آدم منهم مرة أخري… هو سندهم الوحيد… وهي وجودها بشكل ؤقت وستظل هي الغريبة عنهم… رأت أن لابد وأن تخمد النار بين آدم وأمه حتي لو علي حساب راحتها….
▪دخل آدم غرفة والدته و استأذنها في الحديث معها
آدم : ممكن اتكلم مع حضرتك.
نوال : معدش بينا كلام يا آدم.
آدم : لا ياأمي فيه وكلام كتير كمان.
نوال : مش عملت اللي في دماغك وعايز ترجعها لأهلها وتستسمحهم كمان.
آدم : أمي… ميار ملهاش ذنب في أي حاجة… ميار ضحية زيها زي أروي.
انفعلت نوال : أنت بتشبهه الكلبة اللي بره دي بأروي بنتي… انت اتجننت… ايش جاب اخت القذر ده لاروي بنتي.
غضب آدم من نعتها لميار بالكلبة ولكنه حاول السيطرة على انفعالاته وقال : مش ذنبها انها اخته… محدش بيختار اهله.
نوال: هي نفس البيئة ياآدم… فوق يابني واربط علي قلبك اللي دق ده… عشان مستحيل هتكمل حياتك معاها.
آدم بحزن : منكرش يا أمي إنه دق ولأول مرة في حياتي .. وعشان مستحيل هبعدها ياأمي.
نوال بدموع : لسه منتقمتش ياآدم و ناري قايدة… خلاص ياآدم رجعها و ماتقولش حاجة لأبوها… سيبهم يتعذبوا زي مااحنا اتعذبنا ولسه بنتعذب ياآدم…
آدم : واسيبها تكمل عمرها مكسور عينها وموطية راسها… لا ياأمي مستحيل… اعترافي بالحقيقة لأبوها اقل شيء ممكن اكفر به عن اللي عملته.
▪ انخرطت أمه في البكاء فاحتضنها آدم قائلا : أهدي يا حبيبتي.. اهدي…
في غرفة أيتن…
تجلس أيتن علي سريرها وميار بجوارها علي سرير أروي…
أيتن : أنا فرحانة أوي أنك هتعيشي معايا الفترة دي… بس كمان زعلانة انك راجعة مصر.
ميار : انا اما ارجع مصر هفضل اكلمك وهنفضل علي طول اصحاب… عمري ماهنساكي ياأيتن.
أيتن : ومين هيسمح لك انك تنسيني دا أنا ماصدقت ان انا جالي أخت طيبة تعوضني عن غياب أروي.
شعرت ميار أن أيتن ليست علي علم بشيء فأحبت أن تتأكد : أيتن… ممكن أسألك سؤال؟
أيتن : اتفضلي ياحبيبتي…
ميار : هي أروي انتحرت ليه؟
أيتن بحزن: صدقيني هموت واعرف ليه… بس اللي انا متأكده منه أن ماما وآدم عارفين ومخبيين… لأن أروي كانت نزلت تشتغل في مصر وكانت دايما تتواصل معانا وسعيدة بنجاحها… هي كانت بتحب شغلها جدا… وفي يوم اتصلت علي آدم… كان يوم صعب علينا… لاني عمري ماشفت آدم في الحالة دي… بعد مكالمتها كان منهار وقفل علي نفسه الأوضة وقلب الدنيا وجاب أروي في خلال يومين… لكن للأسف كانت جاية أروي تانية غير أروي أختي اللي أعرفها… مكنتش بتتكلم وطول الوقت قاعدة لوحدها ورافضة تتقرب من أي حد وبعد يومين صحيت لقيتها منتحرة بعد مااخدت مادة سامة… مش قادرة اوصف لك الايام اللي عشناها بعدها كانت عاملة ازاي (وانفجرت في البكاء… نهضت ميار وذهبت لسرير أيتن واحتضنتها وشاركتها البكاء… دخل عليهم آدم وجدهم علي هذه الحالة… )
▪ آدم : ايه في ايه… يوم العياط العالمي ده ولا ايه…
نظرا إليه الاثنتان بعيون دامعة
▪آدم : إيه المناظر الغلط دي… فيه ياأيتن مش ناقصة نكد… كفاية اللي ماما عملاه ماصدقت انها سكتت… وانتي ياست ميار بتعيطي ليه ماصدقت اني لقيت عينك اللي كانت ضايعة… كده هتبوظ تاني.
▪ ضحكت الاثنتان علي دعابته ثم استأنف : أنا نازل اشتري شوية طلبات للبيت… عايزين حاجة اجيبلكم.
▪ أيتن : ايوة طبعا عا…
▪ قاطعها آدم : عارف كل طلباتك.. اسكتي هجيبلك كل حاجة… بس أنتي ياميار مش محتاجة حاجة.
▪ ميار بخجل : شكرا.. مش محتاجة حاجة.
▪ آدم : حاضر هجيبلك كل اللي طلبتيه… سلام
وبعد أن هم بالذهاب التفت لهما قائلا: اسمعوني بكرة هيوصل مهاب ومع زميله.. هقابلهم في المطار وبعدين هجيبهم علي هنا يتغدوا ويروحوا علي شقتي يقعدوا فيها علي اما يظبطوا أمورهم… عايز احلي غدا واحلي واجب..
▪أيتن بفرحة : بجد… مهاب ابن خالي جاي.. مش مصدقة.
▪ آدم : لا صدقي وزي ما علمتك الزمي حدودك اصل اقطم رقبتك.
▪ أيتن بزجر : حاضر.
▪ ميار : متشلش هم… كل حاجة هتتظبط.
▪ آدم لأيتن : شوفتي الرقة… تسلمي ياميار.
▪ أيتن : ومفيش تسلمي ياأيتن.
▪ آدم : لا فيه… خدي (وحدفها بالمخدة في دماغها 😂)
في اليوم التالي :
ذهب آدم للمطار لمقابلة مهاب وصديقه
استيقظت ميار وأيتن قبل والدتها… تكفلت أيتن بتنظيف المنزل بينما دخلت ميار للمطبخ تنظفه وتعد كثير من أصناف الطعام للغداء
بينما هي مندمجة في العمل وسعيدة بكل صنف تنهيه وتزينه… دخلت عليها نوال...وهي تقلي بعض المقرمشات في الزيت
نوال : والله كويس… حضرتك بتتصرفي بمزاجك كانه بي…
لم تكمل جملتها وقد فزعت ميار من دخول نوال المفاجيء فرمت الملعقة بقوة في المقلاة… فانقلبت المقلاة بالزيت علي رجلها.
▪ نوال : ياغبية انتي مش تفتحي… حرقتي نفسك.
▪ بكت ميار من شدة الألم…. اقتربت منها نوال لمساعدتها ثم أدركت نفسها وتركتها وخرجت وطلبت من أيتن الدخول لها ومساعدتها.
ساعدتها أيتن بوضع دهان الحروق علي رجلها ورغم ذلك أصرت ميار علي تكملة اعداد الطعام وساعدتها أيتن.
وصل آدم وضيفاه بعدما أعدت أيتن وميار السفرة … سمعتهم ميار وأيتن التي رقصت فرحا لقدوم مهاب…مالك قلبها و حلم طفولتها…
ناداهم آدم لمقابلة الضيوف… خرجت أيتن وهي ترتدي بنطلوناً من الجينز وبلوزة صفراء طويلة وصففت شعرها القصير بحرفية ووضعت القليل من الزينة… كما ارتدت ميار فستانا ضيقا من اللون الازرق وحجابا بنفس اللون.
ألقت أيتن السلام… عندما سمعها مهاب نهض واقفا ومد يده للسلام… مدت أيتن يدها ثم نظرت لعينيه وهو مثلها كأنه وجد ضالته بعد ضياع في عينيها… قاطعهم آدم : اخلصوا انتوا هتصوروا فيلم… انتبه مهاب : ازيك ياأيتن… كبرتي واحلويتي.
آدم : وأنا كيس جوافة ياثقيل الدم ياعديم الاحساس.
مهاب : معلش ياأيتن… ليس علي المريض حرج.. سيبيه يتكلم.
ابتسمت أيتن لممازحتهم سويا… ثم ألقت السلام علي الضيف الآخر وخرجت.
دخلت ميار فوقف آدم ولاحظ عرج رجلها الخفيف : تعالي ياميار… مالك.
ميار : كويسة الحمد لله..
آدم : ده مهاب اظن شفتيه قبل كده.
تذكرت ميار أنها رأته في ذلك اليوم الذي تدعو الله كل صلاة أن يمحيه من ذاكرتها.
ميار : أهلا وسهلا.. نورت يادكتور مهاب
مهاب : دا نورك يادكتورة ميار
آدم: وده زميل مهاب الدكتور…
وقبل أن ينطق آدم… ميار بفزع : أنت 😯.
السابع
▪آدم : وده زميل مهاب… الدكتور(وقبل أن ينطق آدم اسمه)
ميار بذهول : أنت😯.
هشام متفاجئاً: ميار
مهاب : إيه ده ياإتش أنت تعرف مرات آدم ولا إيه.
عندما رأته ميار شعرت برجفة في أطرافها وتملك التوتر منها،، فاستندت على آدم
ميار : تشرفنا يادكتور هشام.
آدم : ميار أنتي كويسة؟؟
ميار : كويسة… بعد إذنكم… واستدارت ميار وذهبت إلى غرفة آدم.. أرادت أن تختلي بنفسها فالغرفة الأخري بها أيتن.
▪ خلعت حجابها واستلقت علي السرير تفكر في هذه الصدفة العجيبة.. لم الآن؟؟… ولم هنا؟؟؟ … مالذي يخبأه لها القدر ولم تعرفه حتي الآن؟؟
▪ أفاقت من شرودها علي صوت آدم : إيه ياميار مبترديش ليه؟
ميار : هااا… آسفة محستش بدخولك… كنت بتقول حاجة؟؟؟
آدم : بسألك إيه اللي عمل في رجلك كده؟؟
ميار : مفيش دي حاجة بسيطة…
آدم : كل دي حاجة بسيطة… أقول لمهاب يشوف رجلك؟
ميار : لا مش مستاهلة… انا جهزت كل حاجة والغدا جاهز عشان ضيوفك… (وحاولت أن تخفي توترها) و لو احتاجت حاجة عرفني.
▪ آدم بمكر : لسه بتحبيه؟؟؟
▪ ميار بدهشة : ايه… هو مين؟
▪ آدم : دكتور هشام.
▪ ميار وبدأت تنفعل: يعني انت كنت عارف… ورغم كده بعتت تجيبه… عايز توصل لإيه… فهمني.
▪ آدم : ممكن تهدي عشان نتكلم… أولاً أن أول مرة أشوفه ومكنتش أعرفه… أنا اللي أعرفه أنه صديق مهاب… بس.
▪ ميار : أمال إزاي عرفت إن ده هشام خطيبي.
▪ آدم : يامدام ميار اسمها كان خطيبك… وعرفت ازاي… ملامحك وعيونك قالت كل حاجة اما شوفتيه… وبصراحة كده شغلت ذكائي وربطت الأمور ببعضها.
▪ نظرت له ميار بذهول ولم تتحدث.
▪ استأنف آدم كلامه : واقولك الصراحة… انا كنت بوقعك في الكلام… بس انتي مجاوبتنيش… لسه بتحبيه؟؟
▪ ميار بنظرة هادئة مثل صوتها : لا أبدا… بس اما اما اشوفته اتفاجأت.
▪ أحس آدم ببعض الراحة لاعترافها بعدم حبها لهشام… لايعلم لماذا؟؟؟...رغم أنه يعلم جيداً أن طرقهم مفترقة.
▪ ميار أحست بشروده : فيه حاجة؟
▪ آدم : لا مفيش.. بعد إذنك أما أشوفهم.
في الصالة.. أخذ آدم مهاب وهشام لتناول الطعام في غرفة السفرة.
▪ أثناء تناولهم الطعام لاحظ آدم أن هشام شارداً ويعبث في الطبق أمامه ولا يأكل،،،
آدم : فيه ايه يادكتور هشام… مبتاكلش ليه… الأكل مش عاجبك ولا ايه..
هشام بتوتر: لا أبدا بالعكس… اسفين تعبناك معانا يا بشمهندس آدم.
مهاب والطعام يملأ فمه : لا يا إتش… انت تاكل وتملي بطنك متتكسفش… وكمان ماتشيلوا ياجماعة الألقاب دي بلاش دكتور وبشمهندس و خلوا البساط أحمدي.
آدم : الله يقرفك ياشيخ… اطفح وأنت ساكت.
مهاب : ساكت… بتكلم أهم حاجة أكل… دا أنا كنت هموت من الجوع ياجدع.
آدم : لو كنا نعرف كنا سيبناك جعان… يمكن كنت تموت ونرتاح.
مهاب : سيبوني ادخل دنيا الأول… اتجوز ياناس .
آدم : وطي صوتك ياجدع اصل البس راسك في الطبق اللي أدامك… جنازة تشيلك.
▪ دخلت نوال عليهم : ها ياشباب محتاجين حاجة اجيبها…
مهاب : لا ياطنط الخير كتير بس ابعدي ابنك ده عني… مش عارف آكل منه.
نوال : سيبه ياآدم ده جاي من سفر وزمانه ياقلب عمته من امبارح ماأكلش.
آدم : وهو انا ماسك فيه ياماما… دا ناقص ياكلنا وياكل عفش البيت… نفسي اعرف الاكل ده بيروح فين وانت عامل زي القلم الرصاص كده.
نوال : بطل نقار فيه يا آدم… (ونظرت إلي هشام) منورنا يابني مبتاكلش ليه.
هشام : دا نور حضرتك.. انا اكلت الحمد لله.
▪ نهض مهاب من مقعده وذهب بحجة الحمام… بحث بعينيه وهو في طريقه عن معشوقته… من عاش حالماً بها وبقربها كل ليلة… من يمتليء هاتفه بصورها التي تنشرها دائماً مع أصدقائها علي مواقع التواصل… لقد فعل المستحيل لكي يحصل علي فرصة سفر حتي يكون بقربها بعد أن علم من أمها في إحدي مكالماته لها أنه من سابع المستحيلات أن تجعلها تبعد عنها وتسافر وتتركها… حينها صمم مهاب أن يأتي هو ويعيش معها… فمن له في مصر حتي يعيش معه… ماتت أمه وهي تلده وأباه فارق الحياة منذ خمس أعوام… وأخته الكبري تعيش في دولة أوروبية منذ سنوات طويلة مع زوجها وأولادها.
▪ لمحها تخرج من المطبخ حاملة طبق في يدها وفي طريقها لغرفتها… قاطعها مهاب : اللي ياكل لوحده يزور…
فزعت أيتن من ظهوره فجأة ثم ابتسمت : اتفضل معايا.
مهاب : واخدة الطبق ورايحة علي فين.
أيتن : هموت من الجوع… قولت أكل أنا… اصل انا بعشق الأكل.
نظر مهاب لعينيها السوداء الساحرة بهيام وقال : وأنا كمان بعشقه.
احمرت وجنتي أيتن وقال بتلعثم : هو هو إيه؟؟
اقترب منها وقال : الأكل.
▪ فزعه آدم بمسك ياقته : عيشتك طين… بتعمل ايه هنا ياحيوان… انا هقتلك.
هرولت أيتن إلي غرفتها ووضعت يدها علي صدرها من فرط توترها… واغلقت الباب ووقفت خلفه.
▪ رأتها ميار فنهضت بخوف: مالك ياأيتن… وشك اصفر ليه… تعالي… تعالي… واخذت الطبق من يدها وضعته علي المكتب الصغير بجانب السرير… واجلستها علي حافة السرير.
ميار : مالك ياأيتن قلقتيني عليكي… ردي يابنتي.
أيتن بتوتر : قلبي هيقف ياميار…
ميار : ليه ياحبيبتي… بعيد الشر عنك.
أيتن : مهاب ياميار… مهاب.
ميار : عمل فيكي ايه… مهاب.
أيتن : ياريته كان عمل… ياريته… دا آدم لو كان اتأخر دقيقة واحدة كنت اتهورت وجه مسكني بفعل فاضح.
ميار : ايه اللي انتي بتقوليه ده ياأيتن.. انتي اتجننتي!!!
أيتن : لازم اتجنن ياميار… سنين طويلة كل اما اتخيل فتي احلامي مابشوفش غيره بنحافته ونظارته ومناخيره الطويلة….
قاطعتها ميار ضاحكة : انتي كده بتمدحيه ولا بتزميه.
أيتن : بشوف عيوبه مميزات ياميار… انا من وقت ماجه وانا مش علي بعضي.
ميار : يااااه… انتي بتحبيه أوي… طب ماما وآدم عارفين كده؟
أيتن : لا طبعاً… ومقدرش اتكلم في حاجه من دي معاهم.
ميار : طب السؤال الأهم… هو بيحبك كده زي ماانتي بتحبيه؟
أيتن : معرفش… عمره ماقالي… بس اللي بشوفه منه كله حب وحنان.
ميار : وممكن تهيؤات منك وأوهام أنه حب.. يمكن بيعاملك كأنك أخته الصغيرة.
أيتن بخوف : يالهوي… بجد… وكل الأحلام اللي ببنيها من سنين تتهد… ليه الإحباط ده ياميار.
ميار : ياحبيبتي مش احباط… بس خايفة عليكي توهمي نفسك وبعدين تتصدمي… عشان كده لازم تتأكدي؟؟
أيتن : إزاي؟
ميار : هو بيتواصل معاكي… بيكلمك؟
أيتن : كل فترة بيكلمني يطمن عليا… او اما انزل حاجة علي النت بيمدحني…
ميار : خلاص… انشفي شوية كده ولو عايزك يطلبك من اخوكي.
أيتن : ولو مطلبنيش اعمل ايه؟؟؟
ميار : تنسيه.
أيتن : انتوا اللي اتنسوا… عشان ساعتها هطلبه أنا.
▪مهاب : سيبني ياآدم فيه ايه… انت هتفرد عضلاتك عليا.
آدم : انت ايه اللي جايبك هنا وكنت بتعمل ايه في أيتن؟
مهاب : هعمل ايه يامجنون سيبني… كنت بهزر معاها.
تركت آدم ياقته : بكلمك جد يامهاب… ابعد عنها.
مهاب : مببعدش ياعم… هو انا جاي من دولة لدولة عشان تقولي ابعد… لا ياآدم؟
آدم : أيتن اللي لسه باقيالي يامهاب.
مهاب : افهم ياحمار… بحبها وجاي اخطبها وهظبط اموري هنا وهتجوزها.
آدم : بس أنا مش موافق.
مهاب : شالله عنك ماوافقت… انا خلاص قررت… وابعد بقي اما اروح اقعد مع عمتي شوية.
آدم : طب اخلص عشان اوصلكم شقتي تباتوا فيها النهاردة علي اما تستلموا شغلكم بكرة والسكن.
مهاب : حاضر.
▪ عاد آدم لغرفة الضيوف وجد هشام جالساً وسانداً رأسه علي ظهر الكرسي ورافعاً بصره إلي السقف.
جلس آدم علي الكرسي المجاور له : مالك يادكتور… مش مرتاح عندنا ولا إيه؟؟؟
انتبه هشام له : لا أبداً يا بشمهندس… بالعكس البيت هنا كله حيوية وروحه جميلة وذوقه عالي… وبصراحة انتوا عملتوا الواجب وزيادة.
باغته آدم : اظن اتفاجأت اما شوفت ميار هنا.
جلي هشام حنجرته : مش فاهم؟
آدم بثقة : اتكلم براحتك يادوك… انا مراتي حكيالي كل حاجة ومبتخبيش عني حاجة…
هشام : ربنا يسعدكم… ميار طيبة وتستاهل كل خير
آدم : أكيد طبعل ميار مفيش منها… أمال سيبتها ليه؟؟
نظر له هشام نظرة ثاقبة : انت مش قولت حكت لك… يبقي أكيد عارف.
آدم : طبعاً عارف… وبصراحة من حسن حظي أنك سيبتها.
قاطعهم مهاب : ياللا بينا بقي يااتش… عشان انا هموت وانام.
آدم : ياللا بينا… أنا تحت أمركم.
▪ نزل آدم بهم ومكث معهم في شقته حتي تأخر الوقت ثم عاد… وبعد أن فتح الشقة سمع أنيناً… مشي يخطي هادئة حتي وصل لمصدر الصوت وجد ميار تجلس في غرفة الضيوف وحدها تتألم والضوء خافت يكاد لا يكون موجوداً.
▪ أشعل آدم ل : ميار قاعدة لوحدك ليه… مالك؟
ميار بتألم : مفيش حاجة.. أنا كويسة.
نظر آدم إلي قدمها وجد الحرق قد أزيل الجلد من عليه شعر بوجعها : ايه اللي عمل في رجلك كده.
ميار : انا كنت رايحة اجيب ماية اشرب.. واانا خارجة الصالة اتخبط في الكرسي في رجلي المحروقة… جيت هنا عشان أيتن نايمة وخفت أقلقها.
في لحظة كان آدم يحمل ميار بين يديه….
ميار : شايلني ليه… موديني فين.
لم يرد عليها آدم وفتح غرفته ودخل بها ثم أنزلها علي فراشه…….
