في قبضة الإمبراطور
الفصل الثامن والعشرون
...........
متهورون نحن
في حبنا
في تضحياتنا
في عدم كبح مشاعرنا
في إخفاء الالامنا.
وأغبياء نحن
في السقوط في ذلك الدرك
تستمر في الحفر رغم عدم اهتمامك لمدي العمق الذي تصل اليه ، تمثل ذلك الذي يبحث في صحراء أستراليا الحارقة عن مجوهرات ستمثل له ثروة ضخمة ما أن يستحوذ عليها .. بقدر ما يغريه الحياة الرغد التي سيعيشها ، فلا يلتفت لنداء أحد ويضيع سنين بحثا عن ماذا ... ؟!
حفنة مجوهرات في صحراء جرداء .. وهي في الحقيقة عبارة عن سراب .
زفر نضال بحنق شديد .. هذا كثير عليه ، كثيرًا جدًا
هو لم يعتاد على تلك الأشياء التي لا يعلم كنهها
كل ما يشعر به هو حريق
حريق هائل يتشعب في كل وريد في جسده
ساخط
متذمر
غاضب
حانق
ساخر
واضف صفة جديدة مكتسبة مثل باقي الصفات
غيور
هو بطبيعته الجينية يوجد صفة الغيرة على نساء عائلته .. ونساء عائلته يختص فقط رهف وأسرار ، رغم ما هو عليه .. ورغم ما كان عليه سابق ، يغار علي فرح..
يتذكر حتي الان تلك الصورة التي لا يقدر محوها ، عيون رجال تتفحص بضاعة .. بضاعة أثارت اهتمامهم وهو فليحترق في الجحيم !!! ، عاد يمرر أنامله على خصلات شعره مرة أخرى
ليكن رجلا وليعترف
أصبحت ذا تأثير فتاك مدمر
إن استمرت أكثر وذلك الضغط المُلح عليه ، سيتصدع حصنه و تنهار مقاومته ، لكن كيف تغيرت؟ وبتلك السرعة ؟
تلك الشخصية الجديدة ليست بشخصيتها ، ذلك الطابع الساخر والمشاكس بل تصل احيانا الي الإنفجار في وجهه
القطة أضحت نمرة .. تخيف ظاهريًا .. لكن بداخلها شيء لين .. قابل للعطب .
استرخي أكثر في جلسته وهو يفك أزرار قميصه ليسمح بمداعبة نسيم النيل في صدره ، ارهفت اذناه للسمع حينما سمع زمجرة محرك سيارة تلاها صفعة حادة لاغلاق الباب ، انها إمرأة
حتمًا امرأة مجنونة ، بعيون ناعسة التفت نحوها ليقول بنبرة مشاكسة
- كنت فاكر ان بعد الجواز مش هتقربي من المكان ده
شهقت أسرار وتراجعت عدة خطوات من النبرة المباغتة ، هي ابدًا لم تتوقع وجوده البائس كحالتها
هذا يجعلها تعيد التفكير
هل العطب بهما تحديدًا ؟
هزت أسرار رأسها يائسة ، حسنًا يكفي وقت السلام الداخلي ، لتعود إلى الجمود إن تطلب الأمر .. سراج لن يمر الأمر مرور الكرام حينما بعثت له رسالة نصية تخبره بذهابها إلى النيل ثم اغلقت الهاتف نهائيًا .. تحتاج لصفاء آخر لتعيد ترتيب فوضوي مشاعر عاطفتها ، عليها ألا تخل بتوازن احدهما على الاخر كي تكون علي أرض صلبة ، ولكن مجرد أمنية بائسة
الهوي الذي يضرب الوجدان .. يفتك العقل .. يجعل به خللا ، تمتمت بشراسة نحو نضال
- انت ايه اللي جابك هنا
ابتسم نضال بحنين ، يتذكر أن المكان هنا .. هو المكان المفضل لكلاهما .. حينما أصبح شابا ناضجًا لا أحد يحاسبه علي خطواته .. أول مكان ذهب اليه الي النيل .. كان يحاول أن يفهم سر سحره وغموضه ، اشعار تلقي عليه منذ أن كان صغيرا حتي الان لا يكفوا عن الحديث عنه .. هذا المكان تحديدًا شهد الاحتفال الخاص به بمناسبة دخوله للجامعة ، لحظه صعود أول سلم للشهرة والمال .. غمغم بنبرة لينة
- ابدا قولت استرجع الماضي ، فيه ذكريات حلوة على الاقل
الذكرى تطرأت في عقل أسرار ، اقتربت تجلس علي المقعد وهي تعقد ساعديها علي صدرها ، تفكر متي ستخرج من دوامتها تلك .. متي ستفك كل تلك العقد ؟
متى سينتهي الكابوس ؟! ، انتبهت علي نبرة نضال الساخرة
- جوزك عارف انك هنا
صمتت للحظة قبل أن ترد ببرود
- بعتله رسالة وقفلت تليفوني
ضحك نضال بسخرية ليغمغم
- واضح ان فيه ناس هتتفرم بين ايديه
سراج مجنون ، يبدو كثور يبحث عن رقعة حمراء حتى يفتك ويمزق صاحب الرقعة إربًا
وليكن الأمر أكثر متعة للآخر جعله الرقعة وصاحبها
تمتمت أسرار بعد فترة من شرودها
- واضح اني هفضل في نفس الدوامة
التفت بوجهه نحوها بتركيز شديد قبل أن يقول
- وبتتريقي عليا يا بنت العم ، قولتلك كلنا في دوامة
عبس وجهها وزمت شفتيها لثواني قبل أن توضح له
- بس بإرادتنا
هز نضال كتفيه بلا مبالاة وهو يسخر منها قائلا
- اطلعي منها
ليتها بتلك السهولة .. الأمور تخرج عن سيطرتها .. تكبح من عدم الإنفجار ذاتيًا كي تعيد الأمور إلى نصابها .. أي أمور تتحدث ؟
لا هي بقادرة على استمرار ثأرها من حماتها العزيزة واكتفت بتحطيمها في واجهة ذلك المجتمع البريق حتي أصبحت كعلكه تلوكها الألسن هذا من جهة ومن جهة أخرى سراج .. ذلك المعذب الفؤاد
منذ مراهقتها وفي نضجها ، عضت على نواجذها وهي تكاد تنفجر لتصيح بحنق
- مش عارفة .. عايزة احس اني مرتاحة ، مش عايزة اكون قلقانه لبكرا
وليصبح نضال هو الطبيب المعالج وهي الممرضة نصحها بجملة
- عيشي كل لحظة في عمرك متفكريش في بكرا ، ده احسن حل
تعرف أن نضال لا يقتنع بذلك الكلام المنمق ، بل يراه مجرد تجميل لحياة الشخص البائس .. انتبهت إليه لتعقد جبينها قائلة
- انت بقي مش ناوي تقولي ايه اخبارها معاك
تصنع الغباء وهو يقول
- مين
لاحت ابتسامة ساخرة علي شفتي أسرار وهي تقول
- فرح
هز نضال رأسه وقال ببرود
- عايشين
لكزته على مرفقه وصاحت بنبرة ذات مغزى
- انت عامل ايه معاها
سؤال يشتمل الكثير والكثير
سؤال .. كلا بل سؤالين
ويتطلب منه اجابتين
تريده أن يخبرها عن علاقته بفرح التي كل يوم تزداد غرابة عن الأخرى ، والسؤال الآخر تسأله عن شعوره نحوها
وكعادته .. يختار الهروب
الهروب يعلم انه ليس حلا
بكن يحده أفضل حل في نظره في تلك اللحظة
- مالك داخلة جامد كدا ليه ، عادي الطبيعي بتاع اي اتنين متجوزين
تمتمت أسرار بلا مبالاة قائلة
- انت عارف انك ممكن تخسرها
تحب النساء أن توضع في خانة المقهورات حتى يصلن إلى سعيهن .. والرجال فلعينهم الله على مكرهن ، صاح بحنق
- انتوا يا ستات ناس غريبة ، من فين بتقولوا مستحملينك علي المر ومن فين مش طايقين
صاحت أسرار بدفاع أنثوي من الدرجة الأولى
- قصدك ايه
تمتم نضال بصراحة
- انكم بتحبوا الكدب
هو يصف علاقته بفرح .. يخرج مكنوناته بفرح امام وجه اسرار ، سؤال لا يجد له اجابة
كيف تخبره انها ستتحمله واليوم الثاني تنفجر به صائحة انه بلا شعور
اتلك هرمونات انثوية و عليه تحمل تقلباتها
نبرة جهورية يقسم انها لتفزع الطيور لو كانت محلقة بالأفق بسبب نعق الغراب هذا
- اسراااااااار
مال نضال نحو اسرار وقال بنبرة باردة
- الوحش جيه
رفعت حاجبها وهي تري عضلات جسده النافرة وعيناه المتوعدة بالجحيم ، صاح بنبرة صارمة غير قابلة للجدال
- علي العربية وبدون نقاش
استقامت من مقعدها بهدوء شديد وهي تمر بجانبه لتلقي نظرة ساخرة جعل سراج يزداد وعيدًا ليري نهاية تهور زوجته ، التفت حينما رأها تغلق باب سيارتها مشيرة اليه انها ستسبقه وليلحقها ، اتسعت عيناه بجحوظ وهو يرى سيارتها التي اختفت بين زحام الطريق ، اغمض سراج جفنيه وهو يعود الصعود لسيارته دون الالتفات إلى قريبها اللزج .. حسنًا أسرار تحملي ما بدأتيه .
****
مارية .. لم تعد مارية سابقًا
كفت عن النواح والسخط والتذمر
دائمًا نملك أشياء جميلة في يدينا
لكننا نطمع في ما يد الغير
وهي طمعت في فتات الحب
ولم تلتفت إلى من يضع قلبه بين يديه
غريبة تلك الحياة وغريبة هي عقولنا.
قولوا عنها كما شئتم ، سارقة
انتهازية
وربما أنانية
لكن لتكون أنانية في ما تملكه أفضل أن تكون أنانية في تمني شيء لن تحصل عليه ابدًا .
عملها وحياتها السابقة بل وشقيقتها التي تجرعت مرارة أكثر منها كونها الشقيقة الأكبر .. هي أصبحت تخشي علي نفسها
تخشى أن تلك السعادة المحاطة بها .. تختفي يومًا
لكن يقينًا داخلي يزداد .. أنها ستفعل الأفضل
ماهر الذي ضحى بالكثير من أجلها .. ستضحي هي بالكثير من أجله ، عليها أن تعتاد بقدر ما تمنح بقدر ما تأخذ .
سعادة داخلية ترفرف من حولها وهي تشعر بيد ماهر التي تتمسك كفها بقوة ، لمعت عيناه وابتسامة متألقة زادت من اتساع ابتسامته ليصدمها بخبر تعجيل الزفاف
صاحت بصدمة
- انت مجنون مش كدا
تلاعب ماهر بحاجبيه وهو يقول بنبرة ماكرة
- انتي اول مرة تعرفي
غلفهم السكون لتنظر مارية في حديقة منزل عائلته ،العائلة رغم أن كل شخص متناقضًا مع الاخر الا انهم باتحادهم وانسجامهم متفردون .. استمعت إلى نبرة ماهر الجادة
- بس قوليلي غريبة يعني تصاحبي علي الست المفروض تبقى منافسة ليكي
علاقتها مع فرح كانت في البداية كارثة ، من هي المرأة المجنونة التي تصادق زوجة طليقها السابق ، إلا أنها ليست عابئة بأي شخص .. هي تعلم جيدًا ما تريده .. تعلم جيدًا ان علاقتها مع فرح تتعدى الصداقة بكثير .. كلا منهما يضمدان جرح الآخر ، لذا مع العيب في مصادقتها ؟!!
ابتسمت مارية وهي تتذكر سعادة فرح حينما تسوقا في أحد المولات .. يبدو ان علاقتها مع زوجها تتحسن يومًا بعد يوم ، وهذا جيد .. تمتمت بنعومة
- انا وفرح عكس الباقيين ، صدقني مفيش ما بينا مشاعر غيرة ، هنحسد بعض علي ايه مثلا
رفع ماهر حواجبه بدهشة .. رحمة الله على الرجل من مكر المرأتين عليه .. لن يكون شامتًا .. لكن اتحاد المرأتين عليه يبدو انه سيخوض معركة هو الخاسر الوحيد ، تمتم بجمود
- مش مرتاح للموضوع
هزت مارية رأسها ، بالطبع لن يتفهم قالت بهدوء
- الموضوع مش صعب .. كل واحدة عارفة مشاكل التانية ، عادي .. ولا لازم نقطع في بعض علشان تبقي صورة طبيعية
ثم صمتت فجأة لتلمع عيناها ببريق ، التفت اليه وهي تصيح بجدية
- قولي بقي .. خططت ازاي لكل دا
تهرب من الإجابة وهو يبسط راحتي يديه على فخذيه ليقول
- عادي جدا
انتفضت مارية قائمة وهي تصيح بلهجة حازمة
- ماهر
بعينه الكسولة .. يمشط بعيناه جسدها ، خصلات شعرها الشقراء معقودة بحزم .. ثيابها أصبحت أكثر حشمة وهذا يجعله راضيًا .. لم يتكلم لكنها أصبحت تغير من عادتها وسلوكها المتحرر ، غمغم بنبرة صارمة
- اقعدي يا مارية .. مش عايز جنان
جلست على المقعد متأففة ليقول بنبرة هادئة
- الحكاية وما فيها ، اني روحتلها وقولتلها مش هقدر اكمل لان قلبي متعلق بواحدة
بنبرة متغاظة ردت عليه بحدة
- وهي وافقت عادي ؟
نبرتها يتخلله غيرة أنثى لرجلها ، انتعش قلبه ليضرب على صدره زاجرًا ذلك الذي يخفق بجنون .. صاح بنبرة ماكرة
- الموضوع ما بينا متطورش علشان تحس بغيرة
زمت مارية شفتيها بحنق .. رغم ما فعلته وحضورها لخطبتها إلا أنها سلمت حبيبها ماهر نحوها ، هذا تصرف يقضي علي الغيرة لكن شعلة في جوفها لم تخمد بعد .. صاحت بتبرم
- وهي تغير ليه اصلا
لم يمتنع ماهر من الابتسام وهو ينظر الى عيناها العاصفتين بالغضب والغيرة ، اقترب منها وقال بنبرة اجشة
- كل واحد فينا دخل علاقة علشان ينسي حد موجود في قلبه ، بنحاول ننكر ده .. ننكر انه عايش جوانا .. قلبنا مش هيتأثر بحزنه او وجعه لكن للأسف بنحس بكل نفس ... كل انين الم بيصدر منه
انصدمت من تلك اللهفة في عيناه ... غامت عيناها لتتحول الرؤية إلى ضباب .. افترقت شفتيها وهي تغمغم
- ماهر ... انا
مهما بلغت مشاعرها لن تصل الى قوة مشاعره وعنفوانه ، كادت أن تنطق بحبها له .. تلك الكلمة الوحيدة التي تقدر على تعبير ما يجيش من صدرها .. كيف يخبرها انه كان يشعر بالمها ويتألم مثلها !!! .. صاح بمقاطعة
- مش محتاج منك اي رد .. كفاية إن عنيكي بتلمع في وجودي ، زي ما ارتبطنا فسخنا عادي حتى هي كانت صاحبة اني اعمل الـ show ده
- ومنظرها ؟
تذكر حديثها حينما اعترض بشدة .. رغم كل شيء هي من عائلة المالكي ذات الحسب والنسب ، يخشى أن تلوكها الألسن لكنها صممت على رأيها واستجاب لرأيها في النهاية ، غمغم بهدوء
- هي قالت انها تفرح اتنين .. تسعد قلب اتنين بيحبوا بعض وتكون السبب في جمعهم ده مش اهم من كلام الناس
صاح صوت ساخر
- عايزة اقولك يا ميمي انها قصة مؤثرة بس للاسف متأثرتش
والصوت الساخر والكلام اللاذع لا يصدر سوى من جيهان
جز على اسنانه وهو يصيح حانقًا
- انتي هنا من فين
وضعت راحتي يديها علي صدرها وصاحت بنبرة مسرحية
- من شق الروح يا كابتن
مد بساقه وهو يركل قدمها .. تاوهت بوجع لتنظر الي بشرر .. إلا أن عيناه الجحيمة أجفلتها ليصيح
- امشي يلا
في ذلك الوضع المحرج عبثت جيهان بخصلات شعرها التي لم تمسها صبغة لتقول بخبث
- الله ايه يا راجل متزوقش كدا .. بابا بيقولكم خفوا شوية .. مش عايز يصحي بكرا يلاقيها نايمة على سريرك
زفر ماهر بحنق وهو يستمع الي شهقة مارية المذعورة ، صاح بحدة
- امشي يا ام لسان طويل
استقامت مارية بحرج لتجفل من امساك ماهر لمعصمها ويشدها اليه ، غمغم بحنق
- انتي رايحة فين انتي كمان
تمتمت مارية بحرج شديد ، لن تنكر انها تخشي من حماها .. بل تموت رعبًا ان يتفرد بها ويلقي بعض الحديث اللاذع في وجهها .. وكل ذلك للأخذ بثأره
- انا همشي
عبس ماهر بوجوم ليقول
- تمشي فين
تمتمت بحرج وهي تحاول ان تلفت يدها من قبضة يده بمحاولات يائسة
- اونكل معتصم
راقبت جيهان باستمتاع الي ما يحدث بين عصفوري الكناري في حديقة منزلهما ، تمتم ماهر بنفاذ صبر
- انتي ما صدقتي .. هي كده طول الوقت
عقدت جيهان ساعديها علي صدرها وقالت بنبرة ماكرة
- يا ميمي بقولك بابا اللي قالي ، انت شايفني بتبلي علي الراجل
بدأ ماهر يفقد المتبقي من صبره ، صاح بنبرة هادرة في وجه جيهان
- غوري من وشي واتمسي وقولي يا مسا .. لحسن اجيب المقص واقص شعرك اللي فرحنالي بيه
زمت جيهان شفتيها بحنق وهي تدب بقدمها علي الارض قبل ان تستدير مغادرة ، بالطبع رشقته بسهام متوعدة نارية ..
لم يعبأ ماهر كليًا بنظرات شقيقته التفت نحو مارية الذي طغى اللون الأحمر في وجهها ، صاح بنبرة ذات مغزى
- كنا بنقول ايه
عبس مفكرًا .. يحاول أن يستجمع حبل افكاره قبل ان تقطعها تلك النارية شقيقته ، صاح بعد فترة من تجميع شتاته
- اه .. قررت ان احنا نعجل جوازنا
رمشت مارية بأهدابها عدة مرات وقالت
- انت بتتكلم جد
صاحت شادية بنبرة ساخطة تلك المرة
- نعم !!! .. شوفلك واحدة غيري تشتغلك ، هو انا مش فاضية لجنانكم
تفاجأت مارية كما تفاجيء ماهر من وجودها ، وضعت مارية راحة يدها علي صدرها وهي تحاول أن تلتقط أنفاسها .. رباه عائلته تبدو مجنونة .. مجنونة للغاية ، التفت اليه لينفجر ضاحكًا وهو يفرد ذراعيه قائلا
- اهلا بيكي في عيلة السويسري
****
كانت تنتظره ببرود وهي عاقدة ساعديها على صدرها
تهز ساقها بتوتر شديد وهي ترى تلك النظرة الوعيدية منه
أغلق باب الشقة بعنف وهو يقترب منها صائحًا بحدة
- ممكن افهم ايه ده
رفعت حاجبها وهي ترد ببرود
- تفهم ايه يا سراج
عادت مرة أخرى للبرود
ذلك البرود الذي يمقته
احتد صوته وهو يهدر في وجهها ويده وجدت طريقها لتتمسك بذراعها بخشونة
- ايه بقي جو الرسايل وقفل التلفونات
نزعت ذراعها من قبضته الغشيمة وصاحت بنبرة جافة
- عايزني اعمل يعني يا سراج ، بكون مخنوقة وكويس اني بعتلك رسالة
تلون الشرار في مقلتيه وهو يقترب منها صائحًا
- كويس انك بعتيلي رسالة ... اسراااااار فوقي وانتي بتكلميني ... انا جوزك يا هانم
وسطت خصرها وهي ترد بجفاء
- نعم عايزني اعمل ايه اكتر من كدا .. بقولك بكون مخنوقة ومش طايقة اكلم حد
لقد فعلتها
اخرجت مارده الشيطاني
امسكها من ذراعها للمرة الثانية بقوة خشنة وصاح بنبرة غاضبة
- لكن مع الحيوان ده مش مشكلة ، مش كدا
احتدت عيناها وهي تشعر بنبرة الغيرة التي لم يقدر على سيطرتها ، صاحت بحدة
- انت بتقول ايه
اجفلت من نبرته الهادرة وهو يقرب جسدها اليه لتزداد التصاقًا وقرب حميمي !!
- انتي فاهمه اقصد ايه ... ودماغك العقيمة دي متقصدش اللي في دماغك يا اسرار ، عارفة ليه !!
اقترب أكثر وهو يرى الاهتمام في عيناه الباردة ، مال نحو أذنها مغمغمًا بنبرة ناعمة
ناعمة لدرجة شعورها بالوخزات المؤلمة التي اخترقت جسدها
- لانها لو دخلت في دماغي ، كنت قتلته وجيت قتلتك
هو بلغ صبره لمنتهاه .. مراعي نعم .. يتفهم نعم
لكن ليست لدرجة أن تستهين به
هو اخبرها مرارًا وحذرها من أفعال طائشة .. بأصبع سبابته وجهه في وجهها وهو يصيح
- فهميني بقي انتي عايشة في دور الضحية لحد امتي ، فهميني دور الجلاد اللي مخلياني مستمر امثله هينتهي امتي علشان نرتاح وترتاحي
هزت أسرار رأسها بيأس .. ليست في وضع يسمح لها بالانفجار
أو العتاب
التعب ينخر في عظامها .. اشاحت بوجهها بعيدا عنه لتقول
- انا تعبانة ومليش مزاج لـ ...
اعترض طريقها بجسده الضخم ، ليصيح بنفاذ صبر
- لأ .. خلينا نخلص من الموضوع ده ، لان واضح مش هيخلص الا لما نحط كل حاجه في مكانها الصح
سحبت نفسا عميقا وزفرته على مهل .. هو ايضا بلغ الصبر منتهاه .. صاحت بجمود
- ادي ضامن
عقد سراج حاجبه وهو يردد ما قالته باستنكار
- ضامن ؟!
هزت رأسها وقالت
- ايوا ضامن انك مكمل حياتك معايا
اتسعت عينا سراج وهو لا يصدق .. ضامن !!
هل اخبرته انها تريد ضامن ،كل ما يفعله لا جدوى منه !!
اشتعلت براكين ثائرة وانقلب الوجه الوسيم الي ملامح حادة مخيفة .. مكشر عن اسنانه وهو يصيح بحدة مرعبة
- انتي مجنونة .. كل ده وانتى لسه مش واثقة في مشاعري
وقفت امامه بثبات
وكان الوحش الذي يكاد يقترب منها للفتك بها غير خائفة منه ، صاحت بنبرة باردة
- لو شايفني مش واثقة في مشاعري مكنت قعدت ثانية في البيت ده معاك ، ومفيش حاجه ولو كانت ايه تقدر تقف قصاد رغبتي ، انا بعمل حماية لنفسي في المستقبل .. كلمة منك هخدها ضامن لانك لو في مرة اخليت بيا هقطع كل شيء بينا
صعق
هذا اقرب وصف يصف به بعد أن فجرت به اسرار قنبلتها
حاول ان يتغاضى عن ذلك الألم المبرح في قلبه ، مجروح منها
نبرة المرارة تخللت حباله الصوتية ليقول
- ياااه ... بالسهولة دي ، انا مكنتش فاكر اني رخيص بالشكل ده عندك
لهذا لا ترغب في المناقشات الحادة .. زفرت بحدة وهي تقول
- المفروض انك مقدر التخبطات اللي عندي
ابتسامة ساخرة زينت ثغرة ليقول
- والمفروض تراعي مشاعري انا
اقتربت هي تزيل المسافات الفاصلة بينهما ، وضعت اصبع السبابة علي موضع قلبه لتصيح بنبرة هادرة
- كل ده ومش مراعية يا سراج ، مكان امك تبقي في السجن وتقولي مش مراعيه .. كل البلاوي اللي عملتها فيا وفي الناس وكل ده ومش مراعية انها امك .. مش مراعية بقيت جاحدة مثلا
اخفض سراج رأسه ارضًا .. وضع كفيه في جيب بنطاله وقال
- واضح ان احنا وصلنا لحيطة سد
تجمدت اسرار وهي ترمش بأهدابها عدة مرات
تمتمت بعدم استيعاب
- انت بتقول ايه
صاح سراج بسخرية
- لا انتي عايزة تواجهي ولا انتي قادرة تنسي ، ما هو مش انا كل اليوم والتاني واحدة تفكرني بعمايل امي
رفع رأسه ليقابل عيناها الغائمة .. وكأن سحابة رمادية ابتلع زرقة عيناها ، اقترب منها وهو يهمس بجمود
- لكن السؤال الأهم هنا .. تقدري تقوليلي اجهضتي جنينك ليه .. كان عندك قوة انك تخليه مش كدا ؟
دمعة من عينيها سقطت لتمحيها سريعا وهي تهمس باختناق
- لا مكنش عندي قوة يا سراج ، والإجهاض كانت غلطة كبيرة جدا ودرس بتعلمه لحد الان على قراري الغبي
حك سراج ذقنه وهو يختار الأسلم له في ذلك الوقت
- ورايا شغل بكرا بدري .. تصحي الصبح بدري تكوني جاهزة و الفطار يكون جاهز بدري عشان نلحق ننزل بدري واوصلك لشغلك
وبنبرته الامرة صاح بحنق شديد
- عشر دقايق وتغيري لبسك و تروحي تنامي ، مش فاضي اصحي حد سهر طول الليل
هزت اسرار رأسها وهي تحاول كبح ابتسامتها ، تمتمت بهمس خافت
- مجنون وربي
*****
كانت تراقبه عن كثب
يقلب القنوات بملل بجهاز التحكم ، عودته من الخارج تثير حيرتها بشدة .. يبدو أن يشعر بالغضب .. شيء ما يشغل خلده .. هذا الرجل لا يبدو كمن أعرب عن غيرته .. زفرت وهي تتنهد بحرارة
متى سيريحها
تعلم أن ما تفعله يبدو انه سيعود بتأثير عكسي
لكن لحظة .. ابتسمت بنعومة وهي تتذكر انه كررها مرتين قبل أن تغادر .. لم تجد القدرة
علي مواجهته
كان جسدها ينتفض بشدة وهي تشعر باقتراب جسده منها
تلك الذبذبات الغريبة التي تألفها في حضرته جمدتها .. جعلتها تلتف اليه بعيون جاحظة .. وابتسامته الجذابة كانت خير دليل ان ما قاله ليس هلاوس سمعية ... والآن ماذا
هي هربت منه
وهو يتهرب
وكأنه ينأى بنفسه عنها بعد ما قاله
صبرت نفسها .. ما قطعته طويلا .. وما تبقي فقط القليل ، تحاول هي السير علي نصائح زوجة وقاص .. لكنها لا تستطيع الصبر الي ينهش في روحها اليائسة.
اقتربت منه وتقدمت حتي أحس نضال بوجودها ، غمغم بنبرة جافة وهو يقلب القنوات بملل
- مالك
ها قد عاد السيد البارد
صاحت بحدة طفيفة
- عادي مفيش حاجه
ترك نضال جهاز التحكم بجواره ثم التفت اليها ، لوهلة تخشب مما رآه
زوجته التي تتفضل عليه بالفتات وتخبيء جسدها بثياب فضفاضة عادت لملابس ظاهريًا محتشمة
لكن بعيون ذئب جائع
تبدو ملفتة للغاية .. كل انش في جسدها يظهر امامه باحترام خادع ، شعرها الذي اسدلته على ظهرها يبدو انها أعادت الاهتمام به داخل البيت
ربت علي الاريكة وصاح بهدوء
- طب تعالي
هدوءه مريب
هدوء ينذر بوجود عاصفة
لم تمتلك سوى القبول وهي تقترب لتجلس بجواره
وتلك تعتبر بادرة أولى في أن يظهر التفرد بين خليلة و زوجة
حينما كانت خليلة .. مكانها مقتصرا في أماكن محددة
أفعالها محفوظة .. تلمس .. لكن ليس بجرأة وليس بدرجة أن تحبطه جنسيًا
هو علمها كل ذلك .. كل هذا يعود بفضله
لكن الزوجة اختلف مكانها ، أصبحت ذو رأي .. صوت يسمعه .. يخبره أنه ليس الوحيد المتحكم في مقاليدها
قال نضال بعد فترة من الصمت الذي خيمهم
- قررت ادي فرصة لينا
رفعت فرح حاجبها وقالت بسخرية
- بالسرعة دي
اقترب نضال وهو يلف خصلة من شعرها حول اصبعه ليقول بلا مبالاة
- نجرب التجربة مش هتخسر في حاجة
انفلتت ضحكات ساخرة من شفتيها .. هي لم تتوقع ابدًا ان يقول .. هيا لنصبح زوجين طبيعيين .. ابدًا نضال متفرد في كل شيء .. صعب أن تكون علاقتهما الزوجية طبيعية رتيبة كما تتمني ، رفع نضال حاجبه وذهبية عيناه تطوف ملامحها بغموض مثير للاهتمام
لو تعلم ما يدور داخل عقله هذا !!
هزت رأسها وهي تقول بعدم تصديق
- نضال بيقولي الكلام ده
ولا هو يصدق ما طلبه ، الساعات التي قضاها خارجًا جعلت عقله يزداد جنونا
انه يخرج عن مساره
العقل يتهور
يتهور بجنون ولا يستطيع ان يتحكم به ويعيد الأمور إلى نصابها
تمتم بلا مبالاة وهو يميل بوجهه إلى عنقها ليشم عطر رائحتها الزكية
- مجرد تفكير .. هنخسر حاجه لو حاولنا
ارتجف جسدها وهي تغمض جفنيها .. تحاول أن تطرد تأثيره لجسدها الذي يستسلم بخنوع مخزي دائمًا ، ظهر التلعثم في كلامها
- مش هنخسر .. انت تقدر تعمل كدا ، يعني بكرا مش هلاقيك متغير معايا ،واصحى الاقي نفسي في حلم
لم يرد
بالطبع كيف يرد وهو هائم في شيء آخر
ازداد ضم جسدها اليه وهو يدخل انامله الباردة إلى أسفل التي شيرت القطني لتجفل فرح وبقت تحدق به لثواني .. أنامل تعلم اين توضع لتهزمها في نقاط ضعفها ، يداه ازدادت جرأة بشكل مرعب لتصيح بحدة في وجهه وقد تخضبت وجنتيها بالخجل
- ساكت يعني
غمغم نضال ببرود
- بترغي كتير
يستفزها ببروده
ويفحمها ببعض الردود الباردة ..تمتمت بجفاء
- علشان بتطمن تقولي رغاية
تألمت ما ان اغلق نضال شفتيها باصبعيه ، ضاقت عيناها وهي تنظر اليه بشرر ..التمعت عينا نضال بمكر وهو يقول بهدوء خادع وعيناه مثبته نحو شفتيها
- شايفة ده
صمتت وهي تري تبدل عيناه الي عاطفة تعلمها جيدًا ، اكمل نضال بصوت اجش
- بيتكلم كتير .. كتير جدا لدرجة ان مفيش غير طريقة واحدة تسكته
نزعت اصبعيه من شفتيها ، لتستقيم واقفة وهي تهتف ببعض من الحدة
- قول انك عايزني بدل اللف والدوران
مالت بوجهها إليه وهي تمرر يدها على عضلات جسده التي تصلبت ما ان وضعت يداها عليهما .. تطبق دروسه في الاغواء واستماله رجل عليه الآن
تري العرق الذي تفصد جبينه وعرقه النابض خير دليل على نجاح ما تقوم به ، جلست علي فخذيه ولفت ساقيها حول خصره وهي تسحب ياقة قميصه نحوها باثارة
تلعب بالنيران .. تعلم جيدًا
تعلم أن وضع السيد ودور الخاضع لا يطيقه .. مالت شفتيها قرب اذنه لتهمس بغنج
- قول يا فرح عايزك انا مش همنعك من حقك ، بدل ما انت بتلف وبدور
ونضال تحكمت به غرائزه ..صاح بنبرة متهدجة وهو يقترب منها ناويًا تقبيلها
- عايزك يا فرح
استغلت فرصة تيهه قبل أن تصبح هي الخاضعة في اللعبة وهو السيد .. ابتعدت عنه وهي تضع نفسها في منطقة آمنة كي لا ينقض عليها في اية لحظة .. صاحت بأسف بالغ
- للاسف النهارده عندي ظروف خاصة ، هتروح برا اشوف واحدة تعدلك مزاجك
احتدت عيناها وقالت بنبرة شرسة .. متملكة
- حذاري يا نضال
لها الحق في قولها الان .. هي تكاد ترتعب .. بل ترتجف خوفًا وهي تري زمجرته الخشنة وانقلاب عينه الغائمة بالرغبة إلى الغضب .. صاح بتحذير
- لا انتي متحذرنيش يا فرح
هيا .. تشجعي .. لن يفعل شيء .. هي لم تري به شيئًا يعيبه به ، لن يضربها .. لن يفعلها الآن ، صاحت بجفاء
- لو لقيت برفان حريمي علي لبسك ، ليلتك مش فايته
شهقة خافتة صدرت منها وهي تكتم لسانها السليط .. لا لا لن تجلس مع فريال مرة اخرى ... ازداد جسدها ارتجافًا والذعر ينطلي من عيناها وهي تراقب الليث الكسول ... ينظر اليها بجوع ونهم شديد إلا أنها منعته .. ابتسم نضال وقال بسخرية
- ايه قررتي انك تنميني في الشارع وترمي هدومي في البلكونة
هزت رأسها نافية .. تعلم أن ما تقوله سيزيد من رصيدها ، هي تشد ذيل الأسد ولا تعلم العواقب الوخيمة ، تمتمت بتهور قبل أن تركض مختبئة في غرفة شمس
- لا وانت الصادق .. مش هتشوف وشنا من أساسه
والعجيب أن نضال لا يصدر منه فعل سوى الابتسام .. مرر انامله على خصلات شعره ليستمع إلى نبرة فرح الحذرة
- تصبح علي خير يا جوزي ، الصبح الاقيك طبيعي ماشي
ثم غادرت كالريح حينما التفت ليرى مصدر صوتها ، شبك كفيه معا وهو يرخي بجسده مستندا على وسادة الأريكة .. حسنًا سيري اخر ما تصل اليه هرته ..سيري الي اي مدي ستتجرأ
تمتمة خافتة خرجت منه
- مش مصدق
الوضع يزداد خطورة ...!!
****
تعترف ان الصباح كان مملاً .. بل وصل الأمر إلى الضجر
لم ينام معها في الفراش .. اختار النوم على الأريكة
لم تشارك أي جنون صباحي معه في الحمام
لم تشارك أي جنون في المطبخ
لم يفعل أي شيء
حضرت الفطور والطعام الذي لم يستغيثه اختارته قصدًا ليتناوله .. وهو صدمها بصمته ... قررت أن تستفزه اكثر وتخبره انها ستأخذ سيارتها وتذهب بها إلى مؤسسة الغانم ، الا انه قاطعها بحزم أن تنتظر داخل سيارته .. ولم يتوعد بل اكتفى بنظرة تحمل الف معنى ..
جلست وانتظرت رغم انها كانت تود أن تضرب كل شيء في عرض الحائط .. لكن كلا .. يكفي احداث ليلة امس ، من الجيد انه أصبح اكثر تماسكًا منها .. بل كان العاقل ليلة امس وهي تشهد له على ما فعل ..
انتبهت على صوت السكرتيرة وهي تخبرها عن انتظار وقاص لدخولها .. عدلت من هندامها وهي تسير بخطوات حازمة .. تطرق الباب ثم تدخل .. رأت ابتسامة وقاص التي زينت ثغره وهو يقوم من مجلسه قائلاً
- نقدر نقول مرحب بالعمود الأخير للغانم
ابتسمت بامتنان شديد لوجوده .. بل لقدومه إلى منزل الاسكندرية ، تمتمت
- مش للدرجة دي يا وقاص
ربت على كتفها وهو يقول
- المؤسسة نورت .. متعرفيش المؤسسة كانت مفتقدة وحش المناقصات ازاي هنا
هزت اسرار رأسها وقالت بنبرة ذات مغزى
- كله لحساب واحد يا نضال .. اسمنا كان هناك
- اه لكن نسبة أكبر الربح ليهم
صمت وهي تحاول ان تفتح موضوع آخر .. الا ان وقاص عاد ترحيبه مجددًا
- مرحب برجوعك يا بنت الغانم
تلك المرة لم يقصد العمل
نبرته تحمل امتنانًا انها لبت دعوة شمل العائلة مرة أخرى
اكتفت بالابتسام ثم تحدثت بعدها بجدية
- فيه شغل هنا مهم ولا هتديني اوراق قديمة اراجع عليها
ضحك وقاص وهو يجيبها
- لا مش للدرجة دي .. النهاردة اوراق والسكرتيرة هتساعدك في جميع ملفات اللي هتحتاجيها
اومات بفهم ثم قالت
- طب علشان معطلكش اكتر من كدا
انتبه وقاص لعيونها المنتفخة .. عبس وهو يتأمل ملامحها الشاحبة رغم زينة وجهها الا انه لم يساعد علي اخفاء لمحة الألم من وجهها
- يارب تكوني بخير .. وشك اصفر
صاحت ببرود
- هتتعود علي كدا
تنفس وقاص بحدة ليصيح
- زعلك الحيوان ده
هزت رأسها نافية .. لا تعلم لما كلمة حيوان تحديدا أصبحت متكررة وتسمعها مرارًا
- لا
ازداد وقاص ملامحه صلابة وصاح
- ضربك
هزت رأسها نافية ليتنهد وقاص بارتياح ثم عاد ان لبث بحدة
- كنت قطعت ايديه لو فكر
تورد وجهها وهي تلمس الاهتمام منه .. لطالما تمنتها منه .. تمنها حينما كان يدلل شقيقته ان تحظي باهتمام مماثل ، الآن يفعلها .. هذا الاهم
صاح وقاص بلهجة هادئة
- هشوفك اخر الاسبوع في القرية
اعترضت قائلة بجدية
- انت كده يا استاذ هتلخبط مواعيدي .. لا لازم تكلم سكرتيرتي وتضبطوا مع بعض
ارتفع حاجب وقاص ليقول بجدية
- الساعة ٣ يا اسرار
اعترضت بنفي
- ده وقتي مع ام سعيد في المطبخ يا وقاص
زفر وقاص بيأس وهو يهز رأسه يائسًا ... الا يكفي الكوارث العجيبة التي تفعلها رهف حتى أدت إلى طردها من المطبخ من قبل الطباخ الخاص ، تمتم بنبرة يائسة
- تعليم مطبخ ؟ .. لا مش كفاية رهف
استأذنت مغادرة وهي تفتح باب الغرفة مغادرة وحينما همت بإغلاق الباب خلفها استمعت الي صوته الحازم
- الاقيكي اول واحدة
لم ترد أغلقت الباب وهي تستدير للذهاب إلى غرفة مكتبها التي تم تصميمها خصيصا لأجلها ..ألم يخبرها سراج أن تتوقف عن مساعدتها .. فـ ستتوقف .. ستري وتشاهد من بعيد كيف سيصعد بمؤسسة علي وشك الافلاس الى القمة للمرة الثانية !!
*****
توقفت جيهان وهي تنظر نحو فريال المندمجة مع الفتيات المراهقات لتعليمهم ، هزت جيهان رأسها وهي تلوك العلكة في فمها .. فريال مختلفة
يبدو ان العشق غيرها
تنهدت جيهان بحرارة .. ألن يأتي ذلك المدعو برفيق الروح
يأتي احد وينتزع حب وسيم من قلبها .. تقسم انها لن تكابر ولن ترفض
يأتي فقط وحينما تتأكد من حبه ستسلمه مقاليدها
اتخذت مقعدًا وهي تنكس رأسها ارضًا
خللت بأناملها خصلات شعرها ، وهي تزفر بيأس .. شعرت بظل أحدهم يغطي الرؤية .. عبست وهي ترفع عينيها لترى فريال واقفة امامها عاقدة ساعديها على صدرها
تلهث من فرط التمرينات الشاقة مع الفتيات ، ابتسمت جيهان وقالت
- عاش يا كوتش
ابتسمت بإقتضاب ونبرة جادة قالت
- مش فاضية لهزارك يا جيهان
استقامت جيهان من مقعدها وهي تقول باهتمام .. فريال ليست في مزاج يسمح بالمزاح
- فيه ايه
عضت فريال علي شفتيها .. اللعنة وقاص يضرب كل شيء في عرض الحائط .. لأول مرة تراه يتهور .. لكنه يخبرها انه تأخر في القيام بتلك المبادرة .. ومنذ متى اجتماع العائلة تضع تحت مسمى مبادرة !!!
غمغمت بحنق
- وقاص جايب العيلة اخر الاسبوع
- طب جميل ايه المشكلة
شخرت فريال بسخرية قائلة
- وجه دعوة لنضال وكلنا خايفين تحصل مصيبة
ضيقت جيهان عيناها .. أخبار الصحافة عن عائلة الغانم لا تنتهي
بداية من الابن الضال نضال الذي يعتبر أكبر زير نساء في مصر .. ولا تنسى ان تضيف ذلك الاشقر جارها
تستمر الشائعات متحدثه أنه يقيم علاقات عابرة رغم خسارته لقضيه حضانة ابنته .. لكن المثير للاهتمام أنه احتفظ بابنته وكلا ذلك بموافقة الأم بالنهاية .. والعمود الثاني والاهم
أسرار الغانم .. الملقبة بوحش المناقصات
يقولون عنها إمرأة جادة .. عملية .. تصل لحد البرود ، لكن في عملها تصل للشراسة وهي تلتقط الكنز من افواه اعدائها ..
وطبعا بهارات الصحف .. علاقتها الشائكة مع حماتها بل وزواجها الثاني من شقيق زوجها الراحل وسحب أسهمها عن مؤسسة الحسيني لتتعرض الكثير من الخسائر ..
قابلت السيدة شيراز في يوم ما في تلك احدي الحفلات .. المرأة من طراز عتيق وعقلية رجعية لا تعبأ سوي بالمال .. ما زالت تلاحقها الصحف حتى الآن بعد خسارتها منصب إدارة الجمعية .. بل وطردها منه وخسارتها للكثير من العلاقات بالسيدات من المجتمع المخملي ، حتى أصبحت منبوذة بالمعني الحرفي
حتمًا تلك العائلة دائمًا تثير اهتمامها ..يتصدرون الصحف في الفضائح أو نجاح صفقاتهم ، صاحت جيهان
- وهو ايه اللي هيخليه يرفض
زمت فريال شفتيها وقالت بسخرية
- قلة ادب منه
صاحت جيهان فجأة
- بقولك ايه .. شادية مش عجباني من اول ما قابلت اللي اسمه لؤي ده
رمشت فريال أهدابها عدة مرات
لؤي ... لؤي المالكي ابن عم وجد !!
هزت جيهان رأسها ، اللعنة لم تخبرها شادية باي من تلك الاشياء
اللعنة هل ستصبح مرة اخرى قربانًا !!
تمتمت بعصبية وهي تتوسط خصرها بيد والأخرى تمرر على خصلات شعرها
- اومال عاصي فين
ردت ببرود
- موجود .. كلام في سرك شكلها ناوية على كارثة
زفرت فريال بحدة وقالت
- مش هتكرر نفس الغلط تاني .. الا لو غبية
شخرت جيهان بسخرية لتغمغم بحدة
- انتي اول مرة تشهدي بذكائها
التفت فريال الي الفتيات وهي تخبرهم انها ستتأخر لمدة خمس دقائق لتعود تتامل ملامح ابنة خالها .. لا تبدو بخير ، اقتربت منها وقالت باهتمام
- سيبك منها .. انتي ايه حياتك
تمتمت جيهان بلا مبالاة
- قررت ارجع اصبغ شعري
لكزتها على مرفقها مما جعلها تصدر انين مؤلم ، صاحت فريال بحدة طفيفة
- مش ده .. بحكي علي ابن الجيران
تغضنت ملامح جيهان للحنق لتقول
- متفكرنيش بيه ، عيل خنيق
رمقت فريال ثيابها الباهظة الثمن ، لسانها هذا لا يمت لأصلها الراقي .. غمغمت بأسف
- خسارة اللبس اللي لابساه
شاكستها بمرح
- بتقري عليا علشان عندي sponsor
وضعت جيهان نظارتها السوداء القاتمة على عينيها لتقول بنبرة جادة
- انا همشي الحق اشوف ترتيبات الفرح .. شادية بتشد في شعرها وجدول أعمالها اتبهدل بسبب الولهان
صاحت بدهشة
- ليه .. مش فاضل تلات شهور
نفت قائلة بسخرية
- ميمي مستعجل .. استني مكالمة منه يقولك الفرح بكرا
انفلتت ضحكة ناعمة لتقول
- قري عليه... هو ناقص اصلا
ودعتها بالقبلات الحارة لتقول
- يا عم ربنا يسهل حاله .. لو بعد التعب ده مجبليش عريس من زمايله هنكد عليه ليلة فرحه
هزت فريال رأسها بيأس وهي تشيعها بنظراتها حتى غابت عن انظارها ، تنهدت بعمق وهي تفكر كيف سـ يسير اجتماع العائلة .
*****
بدأ سراج يزيد من معاقبته .. لسانه لا يخاطب لسانها سوي في الطعام او مستلزمات البيت وعملها ، فقط لا أكثر .. لا تعلم لما طلبت نصيحة أم سعيد وهي تخبرها عن مشكلة صديقتها المزعومة .. تعاني مشاكل من حماتها .. لم تتطرق لتفاصيل الموضوع .. اكتفت التكلم بسطحية ، توقفت يدا ام سعيد عن العمل حتى انتهت اسرار من سرد مبسط عن معاناة كنة من يد حماتها ، غمغمت ام سعيد قائلة
- والله يا بنتي المشكلة دي ماليها حل غير حاجة واحدة
أعطت اسرار جل اهتمامها وقالت
- حل ايه
اطمأنت ام سعيد علي تسوية المحشي لتلتفت اليها قائلة بهدوء
- اللي جوزها عمله كتر خيره .. فيه ناس كتير بتتجوز في بيوت عيلة وبنسمع بلاوي منها والراجل مش بيقدر يبعد عن امه .. جوزها اللي عمله من الاول كتر خيره انه بعدهم عن بعض
زفرت اسرار بيأس .. وهي تنفض المنشفة لترميها على طاولة باهمال ..ضيقت عينا ام سعيد باهتمام .. لن تكون فضولية أكثر من ذلك .. تشعر ان اسرار بها شيئا خاطئًا وكادت ان تسألها ان كان هناك أي مشاكل مع زوجها الا انها منعت نفسها في الدخول الي مشاكل زوجين .. ليس معني ان سراج يعتبرها بمثابة والدته ويهتم بها ووثق بها وائتمنها علي زوجته ان تكون فضولية بطريقة جشعة .. اقتربت من اسرار وربتت علي كتفها قائلة
- صعب علي الام او الزوجة تقول اختار واحدة فينا .. كانك بتقولي للراجل اختار بين نارين
زمت شفتيها بحنق لترد بحدة طفيفة
- هي مقالتش انها تسيب امه ، هي عايزة تتطمن
قاطعتها ام سعيد
- الله طب ما هو زي ما قولتي مش بيأذى الطرفين مخلي كل كفة موزونة .. لا مقاطع امه علشان صلة الرحم ولا مطلع عين مراته .. مش مخليها معززة مكرمة في بيته ؟!
سألت السؤال الاخير بنبرة ذات مغزى .. لتعود ملامح اسرار للوجوم .. هزت رأسها قائلة
- ايوا
سحبت المقعد بجوار المقعد الاخر ، اجلستها على المقعد وجلست هي الأخرى .. زفرت بعمق قبل ان تقول بهدوء
- بصي انا عارفة ان اللي ايده في الماية مش زي اللي ايده في النار .. انا اسمع عن مشاكل بين الحماة والكنة تشيب الراس لذلك زي ما هو بيحاول يساعد مراته هي كمان تساعده وتخلي الدنيا ماشية .. الراجل لما بيحس بعجز وأن محاولاته مش بتجيب نتيجة مش هيعمل حاجه بعد كدا .. الدنيا هتبوظ ومتجيش الست تقول انه ضيعني
تمتمت بيأس
- يعني انتي شايفة كده
هزت ام سعيد رأسها وقالت
- ايوا شايفة كدا .. جوزها وباقي عليها وبيحاول علي قدر امكانه ان يسعد مراته وامه فين المشكلة في كدا ؟!
كادت أن ترد عليها الا ان صوت ساخر علق ببرود
- قوليلها تبطل هبل وتركز في جوزها علشان مضيعهوش بغباءها
- والنبي قوليلها يا ام سعيد ، خليها تهدي صحبتها
رفعت عيناها وهي ترى ملامحه المتجهمة ، همست بنبرة باردة
- سراج .. انت جيت امتي
وضع كفيه في جيب بنطاله وقال
- من فترة ، عملتي المحشي الكوسة يا ام سعيد
هزت ام سعيد رأسها وهي تختار الانسحاب من مجلس الزوجان
- معمول واستوى علي النار ، الحق بقي انا امشي علشان متأخرش علي العيال
هز سراج رأسه موافقًا وقال
- العربية مستنياكي تحت علشان توصلك للبيت
ابتسمت ام سعيد بامتنان وهي تربت علي كتفه قائلة
- ربنا يكرمك يا ابني .. ويفرحك ويرزقك بالذرية الصالحة ان شاء الله
تمتم دعاءها واسرار التي اغمضت جفنيها ترغب ان يلبي دعاء ام سعيد ، لثواني تحاول ان تكبح دموعها المهددة بالانهيار
الحل الوحيد امامها ان تكون متصالحة مع نفسها .. أن تعطي بعض التقدير لـ سراج ، انفاس لاهثة خشنة لفحتها لتفتح عيناها
وهي تسقط علي عيناه اللامعة .. همست ببرود
- ايه
تمتم بنبرة ذات مغزي
- جعاااان
ابتسمت بجفاء وهي تستقيم من مقعدها قائلة
- ثواني بس احضر الاكل
اجفلت ما ان امسك معصمها وشدها اليه .. لف جسدها وقربه منه بالتصاق حميمي ، دلك جسدها المتشنج وهي ترفع حاجبها لتهمس
- ايه فيه
غمغم بنبرة حارة .. جعل جسدها يرتجف والقشعريرة التي دبت في جسدها جعلها تخفض رأسها ارضًا متحاشية النظر اليه
- بقولك جعان
صاحت ببرود
- سراج انت عارف ان الحاجات دي وقتها بليل
عبس وهو يرفع رأسها اليه وقال
- مين اللي قال كدا
- مش ده وقتها الطبيعي
قبل جبينها ثم غمغم بنبرة خشنة
- انا غير .. نشوف موضوع المحشي ده لـ بليل
رأي التردد في عيناها واعتراضها الواهن .. احكم حصاره وهو يداعب عنقها بانامله ليهمس
- انسي كل حاجه تمام .. شوفيني بعيونك العاشقة
ازداد قربا وهو يرى عينيها المستميلة إليه بضعف ، جليده ينصهر فقط بقربه .. هذا ما يريده .. أن تكون جبلا شامخًا لا تهزه اي ريح لكن في لحظة عاطفتها
مدمرة
تغرقه معها
حاوط وجنتيها بكفي يديه ليقول
- عهد مني اني عمري ما هسيبك .. انتي الروح يا اسرار
انفجرت شفتيها وهي تنظر اليه .. متسعة الحدقتين .. رباااه لقد قالها ، نبض قلبها بعنف .. انه يعطي كل مقدرته للمحافظة على تلك العلاقة ... ماذا عنها هي!!
سألها بجدية وهو يداعب بابهامه عنقها
- انتي هتفرطي في اللي بينا ؟
هزت رأسها نافية ليهمس بحزم
- قوليها
أجلت حلقها وهي تهمس بصوت متحشرج
- لا مش هفرط
يلزمها بكلمتها
كما تلزمه بالعهد .. هي تفعل بالمثل
احمال ثقيلة ستحمل على كتف كلا منهما ، والجبان هو من يتراجع بعدها
غمغم سراج بنبرة رخيمة
- وعد ان احنا نبدأ بصفحة جديدة نرمي الماضي اللي مش هيزيد إلا في جرحنا وبس ومش هيقدم في حياتنا ، واي حاجه مضيقاكي نحكي عنها منرميش كلام ملوش لازمة
هزت رأسها بإيجاب وهي تحدق في عينيه المحملة بعواطف اجشة .. خشنة مثله
همهمت بنبرة ناعمة
- وعد
لصق جبينه على جبينها وهو ما زال يهدد مقاومتها الهشة امامه
بنبرته الهادئة .. تحمل أثر أقوى بكثير من النبرة المتسلطة
يغير من استراتيجيته .. ويزداد يوما عن يوم في القوة
وهي تقف امامه ساكنة للحظات كي تستوعب التغيرات التي طرأت عليه .. غمغم بخشونة
- اخدت منك عهد علي كدا يا اسرار
مال يلثم عنقها بحرارة شديدة جعلتها تغمض جفنيها ويديها تتشبث قميصه بقوة ، ارهفت أذناها السمع نحو رنين الباب .. يداه تجرأت اكثر وهي تمتد نحو قميصها والأخرى تتجه نحو سحاب تنورتها ، همست
- سر..اااج .... الباب
توقفت يدا سراج عن عملها وهو يدفن وجهه في عنقها ، يلتقط انفاسه الهادرة .. محاولا التحكم في مشاعره .. غمغم بحنق وهو يبتعد عنها مرغمًا لرؤية الطارق
- هو يوم مش فايت من اوله
عدلت اسرار من ملابسها وأخذت تعيد ترتيب خصلات شعرها لتلحقه وهي تسمعه يتحدث بحنق حتى فتح باب المنزل ... اجفل سراج من رؤية الطارق امامه .. همس بتعجب
- بابا
نظر عثمان إلى تجعد ثياب ابنه ثم إلى عيناه المحتقنة .. لفت نظره ما خلف ظهره .. كانت زوجته تقف مبتعدة تسمع الحوار الدائر بينهما
صاح عثمان بغلظة
- مش بترد علي تليفونك ليه
انتبه سراج وتدارك ان والده لن يأتي هنا إلا لأمر جلل ، انتسل الهاتف من جيب بنطاله ليرى أن شحنه فرغ .. غمغم بنبرة لا مبالية
- فاصل شحن فيه ايه
ألقي نظرة نحو أسرار ليقول
- ومراتك مش بترد ليه
صاح سراج بجمود
- فيه ايه
عيناه مثبته على أسرار
يتفصحها بهدوء شديد وهو يرى القلق يعتري وجهها ، صاح بلهجة جامدة وعيناه تنظر نحو عينا أسرار
- شيراز في المستشفى
يتبع ...
فى قبضة الإمبراطور
الفصل التاسع والعشرون
..............
كانت مبتعدة عن سراج وحماها ، عيناها تحدق في الجميع ببرود.
ملامحها الباردة كانت علامة تنبيه خطرة
لا إقتراب ولا إلقاء نظرة عابرة .. وإلا ستواجه بمفردك غضب المارد.
تدق بكعب حذائها على الأرضية الرخامية .. وتمسد عنقها بإرهاق ، كلما تخطو مع سراج خطوة للإمام تعود عشر خطوات للخلف .
هي لا تشمت بمرض شيراز ، تبحث عن دواخلها إذا شعرت بالظفر والنصر .. أي شيء يخبرها أنها أخذت ثأرها منها ..
هي أخذت .. نعم
تشعر بالسعادة .. لا
تشعر بالشفقة .. لا تعلم
أغمضت جفنيها وهي تعض شفتها السفلى بتوتر .. هي لم ترغب أن تصل شيراز لحافة الجنون ، اخبرها حماها انها تعرضت لصدمة عصبية إثر طردها من المجتمع المخملي الذي اغلق ابوابه في وجهها ، لم يقترب منها أحدًا واصدقاءها اللاتي من نفس فصيلتها نبذوها ، فركت جبينها وهي تخفض رأسها ارضًا .. بعض الذنب طفق في ضميرها
لا لم ترغب أن تؤذيها جسديا .. الطبيب لا يبشر بحالتها إطلاقا وخصوصا انها تفتعل الجنون والعنف ، لم تصدق أن تلك شيراز .. صدمتها جعلتها تهرب من غرفتها وتتخذت ركنًا منزوي بعيدًا عنهما ، أجلت حلقها وطعم كالعلقم تبتلعه بمرارة شديدة .
هل سيتركها سراج ؟ ، سأل قلبها المتيم بحبه منذ المراهقة ، قلبها الذي مات منذ أن قررت أن تمزقه اربا بيديها .. لكن سراج عاد وداوي ما هو له ، دواها وأهتم بها .. بل أرعاها وظل يدللها وكأنها ابنة له وليست مجرد زوجة .
لم تحظي علي معاملة كتلك في زواجها الأول ، انفلتت شهقة خافتة وهي تجلس بأنهيار على أقرب مقعد .. انهار العالم من حولها وهي تعقد مقارنة سخيفة ، عن ماذا قدمه لها وماذا قدمت له .. ماذا قدمت في زواجها السابق وزواجها الحالي .
زواجها السابق كانت تعطي .. تعطي بكل سذاجة آملة أن يمنح لها حبًا .. ولم تحصل علي شيء في المقابل ، تمسكت بقوة كي لا تنفجر باكية .. أهذا الندم ما تشعره الآن ؟
هي ألد أعدائها لا تتمنى لها ما حدث .. شعرت بظل رجل يحجب عنها الضوء ، غمغمة ساخرة انطلقت من فم تعلمه جيدًا
- اعتقد ان حقك رجعلك
رفعت رأسها بحدة .. عيناها الجليدية تلمعان بوميض شرس ، كشرت عن أنيابها وهي ترد بحدة
- عايز تقولي اني السبب في حالتها
ألقي عثمان نحوها نظرة ساخرة قبل أن يرد بجمود
- وتنكري يا اسرار
انطلقت ضحكات ساخرة .. مريرة وهي تحاول أن تلك شتات نفسها ، الصدمة ما زالت قوية في النفس .. وأثرها لم يبرأ بعد
الثأر الذي حققته لم تتذوق نصره .. لم تستمع به ، زفرت بحدة وهي ترد بجمود
- لا .. لا يا عثمان باشا .. مراتك مستحملتش الخسارة وعظمتها انها بتفعص الناس ولا كأنهم حشرة ، مصيرها انها تبقى حشرة علشان الناس تدوس عليها برجليها
بصقت آخر جملتها بتقزز .. وهي تستقيم من مجلسها قائلة بجمود
- مش جاية اشمت بيها .. بس ناس كتير ارتاحت انهم اتخلصوا من شرها
تنهد عثمان بأسي ، حتى هو رغم أنه لم يوافق شيراز على بعض ما فعلته .. إلا أنها تظل زوجته ..وهي تحتاجه الآن حينما أدار العالم ظهره .. غمغم بندم
- رغم اني مكنتش حابب ادخل ما بينكم بس منكرش انها زودتها
لوت شفتيها بسخرية ولم تعقب علي حديثه ، كان عثمان في عالم آخر .. هذا نصيب شيراز .. هذا ما صنعته بيديها .. غمغم بنبرة باردة
- هتاخد فترة في العلاج زي ما قال الدكتور وواضح انها هتحتاج مصحة
ثم تحولت نبرته الى الجدية ليصيح بلهجة صارمة
- الساحة فضيت .. خليكي مهتمية بجوزك .. ارموا صفحة الماضي ، لو لسه عندك ذرة حقد وانتقام احب اقولك انفصلي دلوقتي عن سراج
عبست أسرار وهي تري التحذير من عيناه .. بهما غضبًا دفينًا ، الملك قد عاد لساحة المعركة بعد موت وزيرته ، حينما لم يجد عثمان منها ردًا مجرد اشمئزاز واحتقار ينطلي من عيناها ،استرسل في الحديث قائلاً
- ايوا .. سراج عايز اللي يدعمه دلوقتي بكل حنية وقوة ، مش محتاج طعنة في الظهر ان اللي بيهتم بيه هو اللي بيطعنه
عقدت ساعديها على صدرها .. مهما بلغت قوة الخصم إلا أنها أقوى وإن كانت إمرأة .. لم تعد الآن تلك الخائفة أو المذعورة ، تستطيع أن تسحق من يقترب منها بقدميها .
- تقصد ايه بكلامك ده
صاحت بها بجفاء ليرد عليها عثمان بجفاء
- ارمي حقدك .. اللي عوزتيه حصل
وبنفس النبرة التحذيرية .. الغضب سكن ملامحه وهو يقول
- معنديش غير ابن فاضلي .. مش عايز اخسره ما بين صراع اتنين ستات
رفع أصبع السبابة في وجهها وهو يصرخ بعلو صوته
- هسيبك مع سراج واهتم بمراتي ... بس اقسملك بالله وعمري ما بقولها لو انتقامك وصل لابني هقطع أي علاقة ما بينا وهتشوفي وش مش هيعجبك مني .. اتقي شر الحليم اذا غضب
أدارت بوجهها عنه وهي تقلب عيناها بملل ، عادت تحط عيناها عيناه .. الصقيع استحال نارًا .. لا تبقي ولا تذر
تحرق وتأكل كل شيء ولا تتركه شيء يبقى على قيد الحياة
صاحت بغضب هادر
- جاي تهددني دلوقتي .. اقدر اعرف فينك كنت وانا بتمرمط حرفيا تحت رجليها .. ها موقفتهاش ليه ولا علشان مليش سند مش مشكلة تستحمل المرمطة والعذاب ما هي بردو ملهاش أهل يسألوا عنها .. ولا ايه رأيك
اقتربت منه خطوة .. تستفزه . يقول أن تتقي شر الحليم .. شخرت بتهكم ، هذا ما يفعله مجرد كلمات واهية ، غمغمت بجمود
- انا مش غبية عشان اخسر حد زي سراج .. وانا اللي بحذرك ... سراج ده حلمي انا .. لما لقيته اتحقق بين ايدي فاكرني هفرط فيه
تعلن ملكيتها عليه بكل صراحة .. لا تخشي أن تصرخ بها أمام الجميع بعشقها اليتيم
- انا بقولك اهو .. انت عارف انا ممكن اعمل .. لو حاولت تاخد بثأر مراتك مني وتخليني اخسر سراج ، انت متعرفنيش كويس اسرار الغانم محدش بياخد اللي بتملكه الا لو حكم على نفسه الموت
توقعت أن يصرخ .. أن ينفجر .. أن تتبدل سحنة وجهه إلي الغضب إلا ان شفتيه تتسع بابتسامة هادئة ، غمغم بهدوء
- ده اللي عايزه .. حافظي عليه ويا ريت اسمع خبر حفيد قريب
ضم كفيه في جيب بنطاله واسترسل بهدوء وهو يرى اتساع عيناها بعدم تصديق
- الدكتور قال انها هتطول في العلاج .. لحد الان عايشه علي الماضي هيضطر يحطوها في المصحة ويبذلوا جهد علشان تتقبل الحاضر عشان العلاج ينجح
تيبس جسد أسرار .. ترمش أهدابها عدة مرات ، هل تلك طريقته ليستفزها .. تخرج ماردها الكاسر ، حتى يقوم بترويضها .. استمعت اليه يتحدث لشخص آخر
- اهتم انت بمراتك .. انا هفضل مع شيراز ولو طلبت حاجه منك ابقي وتنفذها
دارت على عقبيها لتتفاجئ من نظرة سراج الغامضة ، وقفته المتكاسلة يبدو وكأنه شاهد علي ما حدث بينها وبين حماها ، نظرت بعينيها إلى الأبن والأب بنظرة تحاول فك الشفرات التي يتحدثون بها بلغة العين .. الإ ان عثمان تقدم منها هامسًا بصوت تسمعه هي بمفردها
- دي فرصتك يا اسرار الغانم
*****
عضت فرح علي شفتيها بتوتر
ما الذي فعلته هي
رباااه كانت تشعر أنها علي وشك أن تزهق روحها
نظراته أصبحت تتربصها ..تتربص أي حركة منها .. أي فعل ستقدم عليه ، بللت طرف شفتيها وهي تهمس بصوت خافت ويدها الاخري تداعب بها شمس التي تبرطم بكلمات انجليزية
- فريال بطلي جنان .. انت متعرفيش انا مرعوبة ازاي وانا بغير شخصيتي قدامه .. اقسم بالله بحس انه عايز يخنقني
اغمضت عيناها حينما استمعت إلى صراخ فريال الهادر
- بطلي انتي الجنان ده .. لو مش متقبل شخصيتك الجديدة يبقي مش هيستاهلك ، وبعدين اهو فيه دليل أنه متقبل التغير علشانكم انتو الاتنين
سحقت شفتها السفلى وهي تتذكر فعلتها .. لقد تجرأت عليه .. تجرأت وتعد الخطوط الحمراء
تجاوزت حدود لا يحق لها أن تتجاوزه
تخشي ردة فعله
تكاد تموت رعبًا وقلقًا
همست بخوف
- نضال ساكت .. سكوته مش مطمني اطلاقا
لوت فريال شفتيها بملل ثم قالت
- متنسيش تيجي الاجتماع
نفت هامسه بهدوء وحذر وهي تهدأ من ضحكات شمس كي تنصت الإستماع إلى فريال
- مش هنسي
صمتت فريال للحظات قبل أن تصيح بجفاء
- متلحيش عليه .. ده اللي بحاول افهمهولك .. لطالما بيستجيب اصبري عليه مينفجرش فيكي
أغلقت المكالمة لتضع الهاتف جانبًا .. هل هي تراها أنها تدفعه بتهور ؟ .. نضال لا يصح معه سوى ذلك .. أن تقوده لحافة الجنون كي يستسلم السلطان العظيم ، انتبهت على همس الصغيرة الناعم
- بـ بابا
أدارت بوجهها إليه وعيناها الجاحظتان تتفرس كل انش في وجهه ، رفرفت بأهدابها عدة مرات وهي تراه يبتسم بمكر وعيناه الذهبية تلمعان بوهج سلب لبها
خطى نضال بتمهل حتى اقترب من شمس .. اغمضت فرح عيناها ولفتها رائحته المزلزلة لكيانها ، يداه تمسكت بالصغيرة بحزم وحنو وهو يلثم جبهتها بنعومة هامسًا
- شمس الغانم .. لا شمس نضال
فركت فرح يداها ،غير معقول الأ يكون بذلك البرود المتلف لأعصابها ، يطمئنها فقط إذا استمعت كي تأخذ احتياطها وتعد جيشها في حالة الطوارئ ... احتضن نضال صغيرته بحنو بالغ ليهمس ببرود
- بتكلمي مين
ردت ببرود
- صاحبتي
رفع نضال حاجبه بشك ،ضاقت عيناه أكثر وهو يقول بغموض
- اصحابك كتروا
عقدت ساعديها على صدرها واجابت
- علي اساس انا مثلا مقضياها خروجات
غمغم بجفاء ونبرة ذات مغزى
- قال يعني انا منعتك
اشاحت بوجهها بعيدة عنه ، وهي تزفر بحنق .. تدب بقدمها علي الأرضية بعصبيه مبالغة جعل نضال يبتسم بهدوء .. وضع نضال شمس في مهدها .. لكن الصغيرة ما زالت تناديه بـ " بابا" ، مال يقبل جبينها بعمق شديد وفرح تنظر اليها بألم
تشعر بالحرقة والألم .. يعطي دفئه فقط لصغيرته .. هي تشعر بالغبطة فقط ، غمغم نضال بهدوء مقاطعًا شردوها
- تعالي نخرج
رمشت بأهدابها عدة مرات وصاحت ببلاهة
- نخرج !!
اومأ موافقًا وهو يقول بنبرة جادة
- عشر دقايق والاقيكي جاهزة متطوليش
تخشب جسدها وعيناها متسعة ببلاهة ، فمها مفتوح وعقلها لا يصدق ، الفرحة التي دبت في أوردتها والسعادة التي كنفتها وأدتها في مهدها ، لا لن تضع أمال هشة تتحطم من أقل ريح ، ستسير في طريقه وتتمنى ألا يخذلها تلك المرة !!
………….
مستمتع بالعرض الذي تقدمه
بل أحب تلك الشعلة الثائرة في روحها
روحها ما زالت مشتعلة
يراقب يديها التي تفركهما بتوتر ، عيناها تدور حول المطعم الشاغر سواهما ونادلين .. ابتسامة ساخرة شقت ثغره ليقول بجمود
- بتترعشي كدا ليه
قبضت أناملها بقوة على حقيبتها ، هنا بدأت معاناتها
كانت تعمل نادلة في مطعم الفندق ، الله يشهد أن المطعم كان أكثر رقيًا حتى رواده لم يحاولون التحرش بها .. أم هو من وضعها في بؤرة خاصة !!!
تلهث بقوة واستحال وجهها للشحوب الشديد ، لقد تذكرت مرة حينما كانت تعمل نادلة .. كانت هناك إمرأة شقراء صارخة الجمال تتدلل عليه ، لم تكن واحدة بل أكثر من واحدة .. لكن بالنسبة لها مجرد وجه واحد وإن إختلفت درجة شقرة الشعر ، عضت شفتها السفلى وهي تقول
- اول مرة نطلع من غير مناسبة
مال مقتربا منها ممكسًا بيدها المرتعشة في قبضة يده ليقول
- ومين قالك انه من غير مناسبة
تحركت أنامله بخبث وروية تلعب علي طول كفها واناملها ، يصنع دوائر وهمية على باطن كفها ثم تتركز سبابته على النبض في رسغها ، قشعريرة دبت في أطراف جسدها و اشتعل وجهها خجلاً وتأثرًا لتسمعه يقول
- النهاردة عدي سبع سنين من بداية المجد اللي وصلتله ، عافرت كتير علشان اوصل لمكاني هنا
نظرت فرح الي ثيابها الغير ملائمة لتلك المناسبة بضيق ، لما لم يخبرها عن سبب خروجهما .. توقعت أن تكون مناسبة خروجهما جلب مد بعض المشتريات لشمس الصغيرة التي ترعاها الأم المربية في المنزل ، ثم أي احتفال يقيمه في الظهر .. جيد بنطال وبلوزه قطنيه صيفيه أفضل خيار كان متاح لها ، توقف نضال عن عبث يداه وقال
- خدي راحتك انا مفضي المكان لينا
تنحنحت بحرج ... مظهرها مزري للغاية إن وضعت نفسها في مقارنة مع الشقراوات ، كانت ملابسهن خليعة حسنًا نقطة لصالحهن ، الان الجو حار وهي تكره المستحضرات التجميل واكتفت فقط بوضع واقي للشمس وملمع شفاه .. شعرها عقدته حتي تشعر بحرية أكبر ، والآن يطلب منها أن تشعر بحرية .. هي تشعر بالحرية فعلاً ، شخرت بسخرية
- كنت قولتي طيب كنت غيرت ولبست حاجة مناسبة
لوي نضال شفتيه وهو يكاد يمنع نفسه من الضحك ، كان يعد الدقائق حتى خرجت إليه ببلوزة صيفية وبنطال من النوع الجينز .. شعرها الفوضوي كان يضعها في صورة المرأة المتحررة .. إمرأة تكسر قواعد الطبقة المخملية ، لأن المرأة في جميع تحركاتها يجب أن تكون مرتدية ثياب انيقة .. عنقها محلي بمجوهرات باهظة الثمن ، لسانها حلو لدرجة الإصابة بالملل .
هز كتفيه وأجاب بنعومة
- اي حاجة بتليق عليكي
اشاحت بوجهها بعيدة عنه ..تخفي تأثير تلك الكلمات لقلبها المتيم بحبه.. عضت على شفتها السفلى وهي تفكر كم مرة تغزل بإمرأة .. كم إمرأة صاحبها إلي هنا قبل أن تعمل تحت يديه
صاحت بهدوء
- هي شمس مش ممكن متعرفش تتأقلم وهى لوحدها
هز رأسه بلا مبالاة وقال
-اتعودت على المربية كانت بتراعيها من وقت غيابك عن البيت ودلوقتي مش بتيجي الا في اوقات خاصة
لفت انتباهها نادلة تتقدم نحوهما وهي تضع الطلب على طاولتهما .. عبست بوجوم المرأة جميلة بل خسارة أن تكون نادلة في المطعم مكانها مخصص أن تكون تحت الأضواء، هل قصدها ؟ أن يقابل الحسناوات يوميًا !!!
ابتسمت ابتسامة حلوة علي شفتيها لتغادر بهدوء وعينا فرح تتفرس عينا نضال اللتان اهتما بوجبته ، صاحت بجفاء
- كنت مكانها في يوم هنا فاكر
ترك نضال معلقته ورفع عيناه ليري الغضب يسكنهما .. استرسلت بحدة طفيفة
- جيت هنا واشتغلت عندك مجرد جرسونة ، ومكنتش متخيلة بعد فترة من الشغل الاقيك عارض عليا الجواز العرفي
زفر نضال بحدة وهو يعلم أن أخطأ في جلبها معه ، أصبحت مشاغبة .. مشاغبة لدرجة يشتهي معاقبة لسانها السليط وإخماد ما تبقى من شعلة متأججة في صدرها .. غمغم بضيق
- انتو الستات كده دايما بتحبوا اي حاجة حلوة تنكدوا عليها
استقامت على المقعد بحدة قائلة
- شوفلك ست بقي تستحملك
صاح بصرامة شديدة واسودت عيناه قتامة من الغضب ، لم تتجرأ امرأة قط على فعلها ابدًا .. لم يسمح لإمرأة أن تغادر طاولته دون أن تكون مشبعة بتخمة من عاطفته
- اقعدي انتي اتجننتي
كشر عن أنيابه بوحشية و ملامحه الوسيمة تحولت لوجه مخيف بث الرعب في قلبها ، غمغم بحدة
- في بيتنا بعديها .. اقسملك يا فرح حركة من حركاتك دي واحنا برا مش هرحمك
ابتسامة مرتجفة ألقتها في وجهه .. تقسم أنها ستموت .. بل سيحطم جسدها ، لكن لتري أين ستصل كامل جرأتها التي أصبحت معتادة عليه وتستأنسه ، شهقت بألم ما أن شعرت بأصابع غليظة تلف معصمها .. أدراها في مقابلته لتجفل فرح من اقترابها الخطير منه .. انفرجت شفتاها وهي تتلوي بألم لتهمس
- سيب ايدي
زاد ضغط أنامله بقسوة .. لتتأوه فرح متألمة بعذاب ، ترقرقت دمعات من عيناها لتهمس بحدة طفيفة
- بقولك سيب إيدي
انفاسه الثائرة تلهب بشرتها ...حاولت أن تتملص وتتهرب منه إلا أن يشدها بكل قسوة أليه .. شهقت متألمة تلك المرة و همست برجاء
- نضال من فضلك
حطت عينها على عينيه وقالت بهمس خافت
- رايحة التواليت
تركها نضال وصاح بلهجة غاضبة الأ تتأخر .. هي بالحقيقة هرولت مندفعة الى الحمام المخصص للسيدات ، أوصدت الباب خلفها وهي تقترب من المرآة متفحصة وجهها
اندفعت فجأة تثور بحدة وهي تركل سلة المهملات بقوة ليسقط فارغًا دون وجود أي محتوى داخله ... إزداد غضبًا أضعافًا .. تلك المرة انتهى بها الأمر .. بلغ الصبر منتهاه .. صرخت بجنون
- الحيوااان .. فرحان انه جايبني هنا ..الحيوان بيجبني في نفس مكان عشيقاته
اندفعت تفتح صنبور المياه بحدة لتجفل من انكساره وخروج المياه كنافورة ليبلل ثوبها .. ابتعدت بسرعة وهي تنظر الي قميصها الذي تبلل بأكمله وبداية بنطالها لتنفجر باكية بضعف واهن وهي تسقط على الأرضية بجوار الباب
- مش وقتك انتي كمان
أرخت رأسها على الحائط وأنين بكاءها يعلو ويتلوه شهقات ملكومة ، أطرق باب الحمام وصاحت إمرأة تقول بنبرة عملية
- مدام فرح فيه مشكلة
زمجرت بوحشية شديدة ارعبتها هي أولا قبل أن ترعب المرأة
- اطلعي برا مش عايزة اشوف حد
ما الذي صنعته ، نظرت الي كفوف يدها .. هي لم تكن هكذا .. لم تكن من النوع الثائر الفاقد للأعصاب ، لكن لا تنكر أن في داخل كل إنسان جانب غاضب .. ثائر بنسب متفاوتة من شخص لآخر . نضال هو ما يزيد من سخطها وغضبها .. هو المهلك لأعصابها وما يدفعها للتهور .. أفاقت على نبرات صوته الغاضبة
- فرح
النداء الأول لم ترد .. ضم قبضة يده وهو ينظر إلي النادلة التي بجواره تراقب بهلع فقدان سيطرة رب عملها وكل ذلك بسبب زوجته البائسة ، أرهف أذنيه ليسمع صوت جريان المياه .. المجنونة هل كسرت صنابير مياه الجديدة التي من المفترض أن تعامل بحساسية ؟! صاح هادرًا برعب جاعلاً المرأة التي بجواره يسقط قلبها بين قدميها
- فرح افتحي الباب .. بطلي جنانك ده
عض على شفته وهو حتى الآن لم يجد ردًا منها ، حمقاء وغبية .. صاح بنفاذ صبر
- افتحي الباب يا اما هجيب حد يفتح الباب
حينها استمع الي شهقتها المرتفعة ثم صوتها الباكي
- نضال لا
مرر أنامله بحدة على خصلات شعره ثم قال
- فيه ايه
جاءه الرد بصوت مرتجف
- فيه حد جنبك
ركل الباب بعصبية وقال بإنفجار
- فرح
تمتمت بتوسل ناعم
- نضال ارجوك مش هينفع يكون حد معاك
صرف النادلة بنظرة من عينيه حتى ما عاد أحدا سواهما ، صاح بخشونة
- انجزي
همست فرح بتأتأة وخجل
- انا .. انا
انفجر يقول بحدة
- بتاعت كل شهر جت ولا ايه
شهقت فرح ثم توردت وجنتيها من الحرج والخجل لتهمس بعتاب
-نضال بطلة قلة أدب
يحاول أن يحافظ على الهدوء .. كي يخرج بأقل الخسائر ، غمغم بجمود
- انا فاكر انه مش ميعاده .. اجيبلك
اتسعت عينا فرح بدهشة وهي تسمعه يتحدث هذا الحديث المخجل بكل وقاحة ، سحقت شفتها السفلى وهي تغمغم بعتاب
- نضال ارجوك
- افتحي الباب علشان مكسرهوش علي دماغك
فتحت الباب ببطء وهي تخرج برأسها فقط هامسه
- الهدوم اتبلت
اقتحم نضال الحمام وهو يراقب الاوضاع في الداخل ، القي نظرة على ملابسها المبتلة ثم إلى الصنبور الذي كسرته تلك الغبية ، اقترب منها معنفًا لتزداد التصاقًا علي الحائط بخوف
- انتي مجنونة ها .. وانا فاكر فيه مصيبة جوا
كتفت ذراعيها وقالت بحرج
- جسمي هيبان يا نضال
تنفس بهدر وهو يرى تلك الكارثة الأكبر .. عيناه تمسح جسدها متأملاً فتنتها ، عبث بشعره ثم قال
- انا عارف ان اليوم مش هيمشي علي خير
انفجرت فرح في البكاء الحاد ليحك نضال مؤخرة عنقه قائلا بحدة
- بتعيطي علي ايه دلوقتي
أجابت بين شهقاتها وهي تغطي وجهها بكفيها
- علشان بوظت اليوم
خلع نضال سترته واقترب منها ليلبسها إياه ، توقفت فرح عن البكاء وأجفلت بشدة من إقترابه بل وضم جسدها بسترته الباهظة .. اغلق نضال أزرار سترته ثم ابتعد ليقيم الوضع .. حسنًا يبدو أفضل .. إلا أنه عبس حينما ظهر فتحة السترة عند منطقة الصدر وهذا جعله بلا تردد يفك ربطة شعرها غطاه جيدا بشعرها ورغم ضيقه من رؤية أحد بشعرها وهيئتها الفوضوية .. لكن يستطيع ان يجلب لها ثياب علي مقاسه خلال دقائق ، زفر بحدة وقال
- عندي حاجة مهمة هعملها ، هتلبسي ده لحد ما اخلي حد يجيبلك حاجه تلبسيها
همست بتردد
- هتطول
غمغم ببرود
- شوية
وهل يوجد غيرها ؟! .. أسرار ابنه عمه ...لولا فرحتها بما فعله معها إلا أنه استطاع أن يمحي ما حدث ببساطة ، هو غير مكترث بها .. يهرع لمقابلة تلك ويتركها هي لتقابل المجهول ، زمت شفتيها وصاحت بحدة
- طيب رجعني على البيت حالا
غمغم بحدة وفقدان صبر
- فرح
صاحت بتصميم
- رجعني على البيت فورا
اعترض بجفاء
- استنى لما اجيبلك ..
قاطعته بتصلب ، كلا لن تجعل أحد يبخس من حقها وتتعرض للمذات من الجميع ، إن كانت ستغادر هكذا أرحم بكثير من أن تظل هنا لدقيقة واحدة
- فورًا يا نضال .. مش هقعد في المكان دقيقة
تفحص هيئتها بعدم رضى ليقول بحنق
- بمنظرك ده
صاحت بتهور
- اعمل عرض اغراء للرجالة اللي برا واللي يسوي وميسواش يتفرجوا عليا ، مش ده اللي خلاك تتجوزني جسمي مش كدا
ابتسم نضال بوحشية وهو يسحب معصمها اليه لتتسع عيناها .. منتظرة خطوته القادمة .. صفعة .. إهانة .. صراخ .. أو حتي تهكم ، جرها خلفه بتهور وهو يقول بجمود
- هنرجع البيت ونشوف موضوع عرض الأغراء ده
****
وقفت شادية في بهو منزل المالكي .. تشرف على ترتيبات عيد ميلاد وجد … تقسم انها في يوم ستقبل على الانتحار
كل شخص يستغل عملها الذي اختارته بشغف ، لكن الآن وهي تعمل على اعداد واشراف عيد ميلاد سترمي نفسها في النيل أفضل ، تعلم أن مبادرتها جاءت من والدها كي يحرك المياة الراكدة بعد الفضيحة التي تسبب بها ماهر ، لطاما ألحت عليه أن لا تكون المفاجأة بين الناس ، لكن ذلك الأحمق ما زال مستمع إلي نبضات قلبه وليحترق الجميع .
عيناها تعلقت علي عاصي الذي تقدم منها بجمود ، ألقي تحية الى زميله الذي غادر بعد سلامات ليقترب عاصي منها بابتسامة مقتضبة ، ابتسامة ساخرة زينت شفتيها وهي تقول
- حمدلله علي السلامة يا أستاذ
رمقها بجفاء وملامحه وكأنها حجر ، عبست ملامح شادية وهي تسمعه يرد بإقتضاب
- الله يسلمك يا استاذة
الصخب يلفها من كل حدب وصوب ، لم تجد سوى أن تهتف بحزم نحو مصطفي
- مصطفي متنساش اوضة الهدايا .. الهدايا متترميش علي باب الفيلا
هز مصطفي رأسه وقال بهدوء
- حاضر يا استاذة
استمعت إلى نبرة عاصي الساخرة
- معرفش انك غيرتي النشاط
أجابت ببرود وعيناها على الشباب الذين يعملون بنشاط حتى ينهوا العمل في وقت قياسي
- معروف وبعمله لواحدة
لوت شفتيها للحظات وهي تهمس بنبرة فاترة
- طولت في غيابك يا عاصي
ارتفع حاجب عاصي وهو لا يصدق كلماتها الحميمة الخالية من أي تأثير عاطفي في صوتها ، هز رأسه وقال بجمود
- قال يعني انك كنتي بتقوليلي اقعد يا عاصي .. متمشيش يا عاصي
اشتعلت ثائرتها لتقترب منه وخطوة واحدة هي ما تفصلهما ، عيناها اللامعتان بغضب بشرر جنوني جعلت ابتسامة تحتل ثغره
- انت اتجننت .. واضح ان بعدك خلي عقلك يتجن
وقف امامها بتملل وعيناه تجوب علي ملامحها السمراء الناعمة ، ضم يديه في جيب بنطاله وقال بنبرة ماكرة
- ايه اللي خلاكي عاوزاني .. كان ممكن تستمري مع اللي بعتهولك
شخرت بتهكم وصاحت بنبرة لاذعة
- لانك جبلة
الابتسامة اختفت من معالم وجهه … ضم قبضته بقوة وحاول بأقصي جهد كي لا يفقد أعصابه التي نادرا ما تتأثر من استفزاز أحد عملائه .. لكن هي
ببرودها ونبرتها العملية
سخريتها وجفائها
كلماتها اللاذعة التي لا تتوانى علي القاها في صورة قذائف مسمومة ، اختلج عضله فكه وصاح بنبرة خفيضة
لكنها مثل ريح السموم الذي يصيب الجسد بالمرض
- انا عامل بس احترام للاستاذ الوالد .. لكن اقسملك لو سمعت الكلام ده تاني او اي تلميح بالسخرية هعصرك
رأي الخوف الذي طفق على ملامحها ، ابتسم بأنتصار شديد وقال بنبرة مروضة
ها قد عاد المروض لترويض مهرة جامحة
- جدعة
كادت أن تلقي بكلمة لاذعة في وجهه … لتجعله يهب في وجهها وستسارع بالذهاب الى والدها كي ينهي مستقبله ، قاطعها صوت وسيم الذي اقترب منها
- فاتنة السويسري .. اول ما قالولي انك اللي بتنظم حفلة عيد ميلاد وجد مصدقتش
لوت شفتيها وهي تغمغم بجفاء .. ترى نظرات وسيم المتسلية وهو يقترب متمسكا بكفها ، هز عاصي رأسه واشاحها بعيدا .. ذلك الاشقر الملتصق كالغراء في العائلة … يعتبر من أهم الأفراد في عائلة السويسري … رغم أن ما يجمعهما فقط علاقة الجيرة مع ذلك الاشقر الطفيلي ، غمغمت شادية بهدوء
- اقل حاجه اقدمها
امسك كفها بحزم وقال بنبرة جادة
- تيجي علي الشركة في أقرب فرصة .. خسارة انك تخسري الشهرة اللي حققتيها
كادت أن ترد عليه ، الا ان المستمع الصامت اذناه تلتقط كل كلمة بينهما ، صاح فجأة
- شهرة ايه
ابتسم وسيم بمكر شديد وقال بخبث
- انت مشوفتش الفيديو بتاعها ولا ايه
زفرت شادية بحدة … لم تترك شعر جيهان وقتها ألا وهي تحذف الفيديو من الصفحة ، لكن بعدما انتشر الفيديو بسرعة خطيرة أصبحت تراه على أي موقع في التواصل الاجتماعي ، لم تعبأ وقتها أن ترى تعليقاتهم .. غمغمت بجمود
- مسحته
أجاب بحلاوة
- موجود على كذا موقع
صاحت بجفاء شديد وتصلب وجهها كالحجر
- هيتشال
هز وسيم رأسه وصاح بحنق
- غبية يا شادية
حدجت وسيم نظرة نارية جعلته يبادلها بنظرة متحدية .. وهناك من بعيد عينان تتبعان ما يحدث بملامح جامدة ، اقتربت امراة نحوهم لتبتسم بحلاوة نحو شادية قائلة للجميع
- مساء الخير
عيناها سقطت علي رجل ضخم الجثة ملاصق لظهر شادية .. عيناها تتأمل عيناه المحتقنة بغضب نحو وسيم … تري الشرر في عيناه نحو ابن عمها وذلك الغبي الاخر يستفزه بتلاعب حاجبيه ، حمحمت وقالت بامتنان لشادية
- حابة اشكرك بجد على تنظيمك لعيد ميلادي .. لولا الباشا الكبير مكنتش عملته
نعم عليكي تعويض خسائر عملي ، والمنافسين أصبحوا يأخذون عملائي وكل ذلك بسبب موافقتها لخطة ماهر دون التفكير للحظة أنه سيؤثر على عملها ، تمتمت برسمية شديدة وقالت
- مفيش مشكلة
أضافت وجد بابتسامة ناعمة
- احضري الحفلة يا شادية .. بجد هتسعدينى بوجودك
هزت رأسها وقالت
- ان شاء الله
شدت ذراع وسيم قائلة
- طيب اسيبك علشان معطلكيش ، وسيم عايزاك من فضلك
زفر عاصي بعمق وتنهد بحرارة ، جيد انه لم يستخدم عضلاته … لا يعلم كيف الفتيات تصرخ متنهدة بحرارة في وجه ذلك الاشقر الذي لا يوجد به صفة شرقية حتى !!! ، لفت انتباهه رجل ذو عيون حادة ضيق عيناه بعبوس شديد حينما لاحظ ان عيناه تتابع كل حركة وسكون من شادية ، اقترب منها مائلا باذنه قائلا
- مين ده
عقدت جبينها وقالت بعبوس
- مين
أشار بعينه الي الرجل … لتقع عيناها على عيناي لؤي … ابتلعت ريقها وهي تتذكر يوم مقابلتهما ، صاحت بجفاء بعد فترة
- اه ده عاصي ابن عم وجد ووسيم
غمغم بجمود
- مش مرتاحله
ابتسمت بجفاء وردت
- وانت مالك
صاح بصلابة وهو يضع يديه في جيب بنطاله
- واجبي اني احافظ عليكي
دبت بقدمها على الارض … الا يكفي تحكمات والدها في المنزل يجلب ذلك المثير للاعصاب كي يتابع فرض سيطرته .. غمغمت بحدة
- تحافظ عليا مش اي راجل يقرب مني تمنعه
هز رأسه بلا مبالاة وقال
- الباشا بلغني ممنوع اي ذكر يقرب منك
اعترضت ببرود
- ما وسيم كان جنبي
كاد أن يجيب انه ليس بذكر … لكنه غمغم بجمود
- لا ده مش خطر عليكي
- انا مش فضيالك
صاحت بها بسخط شديد وهي تدب بقدمها على الأرض لتلتفت الي عملها ، حدسه يخبره أن تلك الحمقاء فعلت شيئا مروعا .. مهما طالت الايام سيعلم ما حدث ثم سيوبخ ذلك العديم الفائدة.
****
دلك وقاص مؤخرة عنقه ،كلما يقترب يوم اجتماعه مع عائلته يزداد رهبة
لن ينكر انه سيعتبر الاجتماع الأول بعد نضوجهم
ابتسامة ساخرة زينت ثغره ، كيف له أن يشعر بالرهبة من إعادة شمل العائلة
لن يعود الى نقطة الصفر مرة أخرى ، خطوة متأخرة خير من لا شيء
رهف تزداد تنعتا اعوجاجا … لكن ليس بوقاص حتى يعيد جميع الامور الى نصابها
طرقات علي باب غرفة مكتبه تبعها دخول ساحرة قلبه … تبتسم أمامه بحلاوة ، شعرها يزداد كل يوم طولا عن اليوم السابق .. ابتسامتها المشرقة انسته ارقه وقلقه من القادم .. اقتربت منه وهي تسير بتبختر حتي جلست علي فخذيه وذراعيها طوقت عنقه .. لفت يداه حول خصرها لتميل بأنفها تداعب أنفه وشفتيها تجد طريقها الي شفتيه لتهمس باغواء فاتن
- مشغول
- لا
ارخت يد لتلمس بجرأة صدره … تتحسس ببطء عضلات جسده ، تهدجت انفاس وقاص وهو يمسك يدها بقوة وهو يحذرها بعينه ، عضت شفتها السفلى بحسية شديدة جعلت عينا وقاص تلمعان بوهج سلب انفاسها .. همست بخجل شديد وهي تدفن وجهها في عنقه
- وقاص انا عايزة بيبى منك
اهتز وقاص داخليا … عيناه تبحثان عن تلك الساحرة التي اختبأت في صدره .. مال مقبلا رأسها وهو يضم جسدها اليه بحنان شديد ، هو يتخيل من زواجهما فتيات تشبه عينا ساحرته .. لكن تطلبها صراحة ؟! جعله يسألها
- اشمعنا دلوقتي
رفعت رأسها لتقابل وجهه ، احتضنت وجهه بكفيها لتميل هامسة بحلاوة
- نفسي طفل منك يا قرصان
هي اصبحت تحب قربه … بل تناشده باستمرار … تزداد كل يوم تعلقا به ويومها لا يكمل من نظراته العاشقة ، معه شعرت أنه ما زالت انثى مرغوبة
إن في احضانه مجلئ
وفي عينيه وطن
وشفتيه تطرب حواسها التي تنسجم معه كليا .
الآن ترغب بنسخ كثيرة منه … ترغب أن تحمل طفل يشبهه
ما ان رأت علامات القبول علي شفتيه جعلها تخطف شفتيه فى قبلة سريعة ثم قالت بسعادة حقيقة
- انا شوفت دكاترة كويسين فضيلي وقت عشان تروح معايا
عيناها اللامعتان بتوهج جعلت عيناه تتوهجان هو الآخر ، ابتسامته ازدادت اتساعا وهو يسمعها تتحدث بشغف شديد عن الطفل وفترات الحمل الأولي … بل ماذا يجدر به فعله ان واجهت الوحام واخذت تطلعه على جميع أنواع الفواكه التي تحبها ومواسمها .. صمتت فريال وهي تراه شاردًا مبتسم .. عقدت جبينها بضيق وصاحت
- بتضحك علي ايه
لف خصلة من شعرها حول اصبعه ليميل مقبلا عنقها وانفه تستنشق رائحتها الزكيه .. يبدو كالمدمن الذي وجد جرعة سعادته .. همس بصوت اجش ويده تتسطح على بطنها
- بتخيل انك حامل
خفق قلب فريال بجنون وهي تري يده أخرى تلتف حول عنقها .. غمغمت بشرود
- نعم
انفلتت ضحكة اجشه منه وهو يقول بهدوء
- هتجيبي ذريعة ساحرات يا فريال
تبدلت سحنة وجهها .. ضيقت عينيها وقالت بحنق
- متقولش ليه انهم هيكونوا قراصنة
زاد جذب جسدها نحوه .. حتى ما عاد هناك فاصل بينهما ، انتقلت يده الى فخذيها وهو يمرر عليهما ليقول بنبرة مشتاقة
- بتوحشيني دايما
- انا جنبك علي فكرا
قالتها وجسدها يرتجف من لمسات يديه ، غمغم وقاص بخشونة وشفتيه تقبلان وجنتيها وجبهتها
- حتي وانتي جنبي .. عايزك في حضني دايما
كانت مشتعلة بجنون .. وجنتها محتقنة بالدماء و جسدها يشتاق لمداعباته ، همست بصوت مغوي
- كلامك ده فيه بعض الخبث .. انا في حضنك على فكرة
قرص وجنتها بخفة قائلاً
- لمضة
ارتمت تعانقه بجنون .. يداها تلتف حول عنقه وذراعيه تعلمان طريقها جيدًا .. تعلمه أن يحاول بأقصى جهده كي لا يفقد رشده خاصة انها في غرفة مكتبه ، افلتت شفتيها وصاحت بنبرة لاهثة
- جاهز لبكرا
- جاهز
عيناها دائختين
وجسدها مستكين من أثر عناقه
والحال عنده ليس أفضل
منذ أن تذوق طعم حبها وهو يطلبه منه مرارا
ربتت فريال علي وجنته وقالت
- معاك يا قرصاني .. السفينة هتوصل لبر الأمان
- اتمني كدا
هتفت بتصلب وحزم
- معاك .. متقلقش كل حاجه هتمشي بخير
- وقاص
نقرات علي باب غرفته وصوت رهف المتسائل بأسمه جعل فريال تتملل بتكاسل على صدره ، تغلق ازرار قميصه وترتب هيئته المشعثة ، بأنامل حازمة امسكت معصم فريال قال بجمود
- اقعدي زي الشاطرة هناك
عبست فريال وهي تقترب منه قائلة
- انت جوزي
غمغم بحزم شديد
- وهي اختي
اشاحت فريال برأسها للجهه الاخري وهي تمط شفتيها بعبوس ، ادار وقاص وجهها لتصبح في مقابلته .. همس بهدوء
- راعي
أومأت موافقة وهي تنهض لتجلس علي الاريكة وعيناها تلمعان بثأر ، حمحم وقاص بجدية شديدة وهو يدعو الله ألا تكون رهف منتبهة إلى هيئتهما .. صاح لها بالاستئذان لتدلف رهف الي الحجرة ووجنتيها محتقنة بخجل فطري .. عيناها لا تقدر علي رفعها نحو وقاص
كانت هي متجهة نحو غرفة مكتبه لولا تقدم فريال الي غرفته اولا ، انتظرت لدقائق طويلة لخروج فريال من حجرته إلا أن مكوثها لفترة طويلة جعلها تتحرج وتطرق باب غرفتهما .. همست بخجل شديد
- وقاص انا كنت هخرج بره شوية ، حبيت ابلغك
قال بهدوء
- تمام الحارس عينه عليكي
رفعت عيناها من رده الهاديء ، همست بحدة شديدة
- انا هتمشى مش هروح اقابل حد
غمغم بنفس النبرة الهادئة
- هو انا قولتلك هتقابلي حد
كادت ان تلتفت وتغادر الا انه صاح بلهجة حازمة
- علي بداية السنة قدمتلك ورقك في الكلية عايزين نخلص اخر سنتين على خير
اتسعت عينا رهف وقالت باعتراض
- لكن
رفع اصبعه لتبتلع باقي جملتها ، غمغم وقاص بنبرة صارمة
- بدون .. سيبتك فترة ومتقلقيش حولتك لكلية تانية
احتقن وجه رهف وهي تدب على قدمها قبل ان تدير علي عقبيها مغادرة ، همست فريال بهدوء
- متبقاش قاسي يا وقاص
غمغم بجمود
- مش هرخي الحبل عليها .. لازم تتشد لو لقيتها بتتلاوع معايا
هزت كتفيها وقالت وهي تستقيم من مجلسها
- انت ادري .. رايحة اشوف عاملين ايه غدا
خطوة واحدة خطتها ثم اصبحت اسيرة ذراعيه ، اقترب وقاص هامسًا بمكر
- تعالى هنا مش قولتي عايزين بيبي
ردت بهدوء
- ايوا وقولتلك نروح الدكتور ... هحجز في يوم وتفضي أي مواعيد
لمس وجنتها بأنامله وقال بلهجة ذات مغزى
- مش الدكتورة لازم تطمن بردو
حسنًا طبيبة ..بالتاء المؤنثة تعني أنها ستكشف فقط امام السيدات
وحديثه الماكر جعل ابتسامتها تزداد اتساعا وهي ترد بنعومة
- يا لئيم أنت .. انسي
افلتت من براثن ذراعيه ، إلا أنه اعادها اليه بنفس القوة وقال بنبرة ذات مغزى
- جتيلي برجلك
انفلتت ضحكات ناعمة من شفتيها قبل أن تستسلم لجنون قرصانها .
*****
أن تكون في موضع بائس .. يتحتم عليك إختيار خيار واحد فقط
الخصمين يقربون لك بكل قوة … هما عبارة بالنسبة له مثل الهواء والماء
فلا يقدر الإنسان على العيش بدونهما.
لكن أن يخيرك أحدا بينهما ….
نارين … حبل ناري يكبل جسدك وفي الحالتين ستحرق جسدك
لم يتخيل ما حدث لوالدته … كلما يتذكر انفجارها وثورتها في وجه الجميع وهي تهددهم انها ستزجهم في السجن بسبب تكبيل جسدها ، رغما عنه روحه تغلي كمراجل ..لكن دلو بارد سقط على رأسه حينما رأي معالم وجه اسرار المتألم
أسرار ليس لها ذنب .. ربما كانت تأخذ بحقها منها ، لكن يعلم أن أسرار لن تجعل الامر يصل إلى الإيذاء الجسدي ..
حك فروة رأسه وهو يمرر يده الاخري علي لحيته ، منذ تلك الليلة لم تقترب منه
كانت تراقبه بحذر … حتى حينما يراها متواجده حوله تسير على اطراف اصابعها .. تمنحه ابتسامات ناعمة في كل موعد طعام ، حتى هو توقف عن الذهاب للعمل واكتفي بإيصالها لمؤسسة الغانم ، رغم تكليف وقاص بجلب سائق لها إلا أنه امتنع معللا انه قادر علي حماية زوجته وايصالها الى الاماكن التي تريدها .. ثم يعود الي تلك الكنبة البائسة يشرد في مستقبله ولا ينتبه سوي علي يد حانية من أسرار تخبره علي العودة إلى فراش النوم ..
هي اعطته عهد علي السير قدما معا
وهو أعطاها ، أيصبح الآن مخل للعهد ؟!
همست أسرار بهدوء
- سراج
وضعت طبق السندويتشات جانبا ، لو فقط يثور عليها ويخبرها انها السبب ، لما هو صامت ؟!!
التفت سراج نحوها .. ابتسامة ناعمة زينت ثغرها جعلت شفتيه تلتقط عدوتها في الابتسام .. غمغمت بهدوء
- ادخل الاوضة علشان تعرف تريح جسمك اكتر
أرخى رأسه على مسند الأريكة وقال بصوت اجش
- الساعة كام
- الساعة داخلة على ١٢
تناولت الطبق من المنضدة ثم ناولتها له قائلة
- شوية سندوتشات جهزتهالك
تناول الطبق وحينما دارت بجسدها امسك معصمها بقوة ، دارت اسرار وهي عاقدة جبينها لتتفاجئ بآخر شيء يمكن أن يفعله في وضع متوتر كهذا … قبل باطن كفها هامسا بامتنان
- تسلم ايدك
كلماته الحانية جعلها تتشجع وتجلس بجواره ، تراقبه وهو يتناول السندوتشات وعيناه منطفئتين بدون أي وهج مشاعر ، عبثت بخصلات شعرها وهي تنتظر حتى انتهائه من تناول الطعام …. عدة دقائق أنهى طعامه تبعها تجرعه كوب مياه ، ليتلفت اليها بعبوس
همست بجمود
- لو عايز تصرخ في وشي انا جاهزة
رفع احدى حاجبيه ثم قال
- نعم
تمتمت بصراحة
- عايز تعاتب تصرخ .. تزعق براحتك هسمعك
حتى هي تنتظر منه الانفجار
هو حتى لم يقوى على الشجار
كل شجار يحدث بينهما … ينتهي ببكاء أسرار
غمغم بجمود وهو يستقيم من مجلسه
- مش عايز حاجه
استقامت اسرار هي الأخرى وهي تتمسك بذراعه قائلة
- انا بديك فرصة
تنهد سراج زافرا بحرارة
- الواحد تعب يا اسرار .. كل ما يحاول يصلح حاجه تطلع مصيبة جديدة
نكست اسرار رأسها أرضا وهي تحاول ان تكبح دموعها المهددة بالانهيار
هي السبب … هو أصر على اقتحام عالمها ، كلاهما سيؤذيان بعضهما
هي كانت تعلم هذا … لكن يبدو أن ابعاد سراج عن الزواج ليست مثل أبعادها
رفعت عيناها اليه وهي تقف بتصلب ورأس مرفوع بكبرياء قائلة
- حل السبب
حينما لم تجد منه إجابة … زادت اصرارا
- حل سبب المصيبة الاصلية
ضيق سراج عيناه وهو يفهم رسالتها … كل مشكلة تتراجع ، وكأنها تخشى علي ان يصاب بالأذى أكثر من ذلك … اندلع حريق هائل في عيناه وهو يقترب منها متمتما بحدة
- فهميني قصدك
بنفس اللهجة الباردة والعيون الشبيهة بعيون الجليد قالت
- شايفني انا سبب المصايب دي سيبني ، انا مش هجبرك تعيش معايا
زفر بحدة وقال بحدة ، يحاول ألا يقوم بتكسير رأس تلك المرأة المثيرة لأعصابه
- اسرار بقيتي تهبلي في الكلام وانا مش ناقص
زمت شفتيها .. تقف أمامه بمواجهة تجبره على الاستجابة للمعركة
- هتعرف تبصلي كل يوم
رد بجفاء
- مكنتش قبلت منك الاكل
لم يصعب الامر الى ذلك الحد … كلمة واحدة ستنهي أي مشاكل مستقبلية أخرى
تعلم أنها عاهدت ألا تفكر في الماضي ، لكنا ماذا تفعل ان كان الماضي مستمرا في لحاقها
حديث حماها ما زال يصم أذنيها ..يخبرها انها فرصة ثمينة لكي تمتلك قلب زوجها ، ولكن حماها لا يعلم أن الحب لم يطرق قلبها سواه .. تمتمت بهدوء
- سراج انا
قبض علي عنقها وقربه منه وبؤبؤ عيناها اتسع من نظرات عيناه الحادة ، غمغم بعصبية
- ريحي عقلك ده .. انا واخد منك عهد علي كلامك افتكري كويس
قاطعته وهي تهمس بصلابة
- لكن
رفع اصبع السبابة في وجهها لتبتر باقي عبارتها ، أن ترك تلك المجنونة تعبر عن رأيها ستنهي حياتهما .. يعلم أن رأيها يحطمها بل ويؤلم قلبها إلا أن ما في عقلها عبارة عن كتلة من الغباء .. صدق فعلا .. غمغم بحدة
- مفيش .. اللي حصل ده قدر ومكتوب ، هي مستحملتش الوضع الجديد اللي اتحطينا فيه .. هتطول في العلاج لكن هترجع أفضل من الأول بكتير
وضع سبابته على عقلها الذي سيرديه قتيلا يوما … ولسانها الذي عبارة عن نصال يدك قلبه دون أدنى رحمة
- ريحي ده .. ريحي ده علشان نمشي سير حياتنا
ثم بكل جفاء سحب جسدها بين ذراعيه ، يخبرها بلغته وبجميع الطريق انه لن يتركها .. قال بجمود وهو يسحبها الى غرفتهما
- يلا ننام ورايا ورشة بكرا
الغد !! … الغد زيارتها إلى منزل وقاص … تمتمت بدهشة
- في الإجازة نازل ؟
خلع قميصه بلا مبالاة وألقاه أرضا وقبل أن يسمع صراخ منها كبل جسدها و ارقدها على الفراش … غمغم بصوت أجش
- اشوف الوضع بيحصل ايه مش هطول .. وبعدين هاخدك نروح قرية الغانم
عيناه تغوص إلى بحور عيناها وأشدها عمقًا .. يراها تتعذب مثله .. ما وراء الصقيع جروح لم تبرأ بعد … وجدها فجأة تدس وجهها في عنقه ويداها تتشبث عنقه بقوة .. تحتضنه بكل جوارحها
زفر بحرارة شديدة وهو يلف ذراعيه حول خصرها ليجعل قلبه وسادة حانية تضمد جروحها ، همست أسرار بصوت خافت متهدج من العاطفة
-سراج أنا بحبك
لثوانى تشخب وهو يرمش أهدابه عدة مرات .. هي لم تقلها أبدًا لم اقولها صريحة حتى في أوج حالتها العاطفية ..سطحها على الفراش وتبدل حال عيناها الجليدية لتصبح كالجمرتين المتقدة .. تشتعل فقط في حضوره .. غمغم اسمها بخشونة ويداه تعبث في في وجنتها المتوردتين
-أسرااار
لمعت عيناها وهي ترى بأقل تأثير ولمسه منها لذراعه ووجه تلمع عيناه بوهج سلب أنفاسها ، غمغمت بنعومة و أناملها تمرر على لحيته
-انت سراجى المنير
كيف إمرأة مثلها مهلكة لأعصابه .. تثير غضبه وسخطه وغيرته … تبدو من الخارج صلبة .. جامدة وداخلها عاطفة كثورات بركانية تجعله يحترق .. وهو أكثر من مرحب لتلبية الوصال.
****
كان الجميع حاضر في موعد الغداء .. الجميع حاضر باستثناء الابن الضال .... الجو العام مشحون على غير العادة وهي ترى تصلب ملامح وقاص وتجهمه .. انتقلت عيناها لرهف التى تبتسم بخجل كعادتها ثم تنظر الى الباب بأمل زائف .. أما عن الزوجان السعيدان .. بل عصفورى الكنارى ، عدة مرات كاد يسقط معلقتها من هو ما رأته .. رباه كيف زوجها يدللها الى كل ذلك الحد وهى ترفض بإصرار لكن يبدو أن عناد زوجها فاق عنادها هى لتستسلم بين الفينة والأخرى لقمة من يده ، وضعت يدها على كف وقاص المسترخية على فخذه .. ضمتها بقوة ودعم وابتسامة مشرقة تهون عليه ضيقه .. بادلها الابتسام ليضم أصابعه على يدها وانحني مقبلا كفها .. تخضب وجهها من الحمرة لتراقب رهف التى تنظر التى تزداد حمرة وجهها وهى تنكس رأسها الى صحن طبقها .
كانت رهف هى الفرد الوحيد البائس في تلك للغرفة .. من جهة ترى تدلل زوج ابنة عمها من ناحية ومن ناحية اخرى شقيقها وزوجته .. عضت على طرف شفتها السفلى وهى تتذكر رسائل نزار النصية ، رغم أنها تضع رقمه على اللائحة السوداء الإ انه كل يوم يهاتفها من رقم جديد .. يلح عليها أن توافق على الزواج منه …
التفت فجأة إلى سماع صوت فريال وهي موجهة حديثها نحو أسرار ابنة عمها التي تغيرت مائة وثمانون درجة على يد زوجها الحالى ، رغم حالة البرود التي تغلفها إلا أنها تراه قشرة رقيقة تتصدع على يد سراج
- علي كدا يا أسرار ، انتي صارمة في الشغل وزي ما بيقولوا عليكي وحش المناقصات
غمغمت أسرار بالإيجاب
- بالضبط
انفرجت أساريرها وهي تقول بنبرة حازمة
- بتعجبني الستات القوية ، انتي عارفة الرجالة دايما بتحبط الست لانهم عارفين لو هي دخلت في نفس مجال شغلهم هتتفوق عليهم وبجدارة
صاح وقاص بحزم شديد ، وهو يضغط بأصابعه على معصمها
- فريال
تراقصت بحاجبيها وهى تلقى قبلة فى الهواء جعلت يد وقاص تزداد قوة على معصمها ، حسنًا هى تفضل صخب عائلة خالها على تلك الجلسة الباردة تذكرها بحفلة الشاي مع نساء الانجليز ، وجههت بعينها نحو سراج لتقول بجدية
- بقول الحق ولا ايه يا باشمهندس سراج
صمت سراج بثوانى وهو يرى عينا أسرار المتحفزة .. بل المرتقبة إن تفوه بما لا يسير على هواها ، صاح بجمود
- شايف ان كل واحد وليه قدراته لحد دلوقتي مش شايف اقبال ان الست تبقى ميكانيكي
رمقته أسرار باستهجان وهي تلتفت اليه قائلة بحدة
- لأن المجتمع ذكوري .. شايف ان عيب الست تشتغل كل حاجه
وكأنها تخبره أنها إن وجدت فرصة لعمل ميكانيكي ستفعل ، انفعل بثورة حتى صاح بحدة طفيفة
- ومتقوليش ليه أن عرفنا ودينا منع أن الست تنحني بشكل دائم علشان هيجلها ضرر جسدي وخصوصا انها هتكون بين رجالة وما ادارك بعقل كل راجل
كانت فريال تراقب ما يحدث بين الزوجين واستمتاع ، كانت أسرار صامتة ووجهها مرتسم عليه إمارات الغضب .. همست فريال ببرود
- اقنعتني بحته الميكانيكي .. لكن الباقي لأ
رؤيتهما يتجادلان حول شيء معين أفضل بكثير من العرض الرومانسي ، صاحت أسرار بجمود
- الست تقدر تخرس لسان كل راجل وتقطع ايده
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتيه وهو يقول بنبرة ماكرة
- تقدر تدخل في غريزته وتفكيره ؟
تحفزت أسرار وهى تكاد تستقيم من مقعدها ألا إن نظرة عيناه العاطفتين كفيلة بجعلها تتقهقر ، همست أسرار بحدة
-تخبطله راسه وتجبله ارتجاج
هز وقاص رأسه بيأس وتمتم بنبرة خفيضة
- واضح مش انا بس اللي بعاني
التقطت فريال بإذنها ما تفوه به وقاص ، صاحت بحدة
- نعم سمعني كدا
نظرة عيناه كفيلة بإلجامها .. ثم تلك النبرة الخفيضة المرعبة .. كانت كفيلة بإخماد أى ثورة نشطة
- فريال
وضعت رهف معلقتها على الطاولة وهي كرهت جدالهم ، صاحت بنبرة جادة
- هو نضال مش هيجي
نظر وقاص نحو أسرار التى قالت بجمود
- المفروض انه عارف
سبه خرجت من شفتي وقاص .. شبك وقاص أنامله وقال بهدوء
- بمناسبة اجتماعنا .. رهف قررت تكمل دراستها
اتسعت عينا أسراروهى ترى رهف التى عادت تنكس وجهها تحدق في صحن طبقها ، صدح صوت ساخر يقول
- احسن حاجه عملتها يا باشا ، الدراسة بردو بتشغل الفراغ
رفعت رهف عيناها نحو أخيها .. عيناه أول ما قابلته .. نظرته الآن مليئة بالفخر والقوة .. رابط خفي من الدعم مده إليها .. استقامت من مقعدها وهى تسارع بإلقاء نفسها بين ذراعيه
- نضال
ربت نضال علي ظهرها بأخويه لم يقدر على إخفاءها مرة أخرى ، تدفق الحنان من عيناه .. عصفورته لم تعد تخشاه .. بل تحب قربه .. كما تحب قرب الاخر ، احتضن وجهها بكفيه وهو يزيل دموعها العالقة على أهدابها .. مال مقبلا جبينها ثم اغمض جفنيه حتي يخفي ضعفه .. فتح جفنيه ليقع عيناه على وقاص الذي ينظر نحوه بتصلب
غمغم نضال بجمود ورهف تزرع نفسها بين ذراعيه في بادرة جعلت قلبه يطرب بانتعاش
-مش جاي علشان سواد عيونك .. جاي علشان بنتي
ظهرت فرح من خلف نضال .. متمسكة بشمس بقوة وعيناها تنظران نحوه بإمتنان ، غمغم وقاص بصلابة
- بنتك بنتي وبنتنا كلنا
عينا اسرار كانت تدرس جسد وانفعال كلاهما ، كانت تقف بتحفز شديد وسراج يداعب باطن كفها بهدوء .. اتخذ موضع المتفرج منذ بداية دخوله .. حتى أنه كان مصرًا على عدم تواجده فى أول اجتماع لهم إلا أن وقاص صاح بنبرة اجشة .. انهم عائلة واحدة ، تنهد نضال وقال ببرود
- اتمني أفعال مش مجرد كلام
ابتسم وقاص وقال بنبرة صلبة
- مرحب بيك ببيت الغانم
الابن الضال قرروا ان يضعونه تحت جناحهم مرة أخرى
العودة تلك المرة ليست من أجلهم .. بل من أجل الصغيرة التي يجب أن تلقى حنانا هو خسره فى طفولته .
***
تنفست مارية الصعداء وهي تنظر إلى خاتم خطبتها ، صاحت بثوران في هاتفها
- واخيرا الهانم ردت
لوت آسيا شفتيها بمكر وقالت
- ما انا سيباكي مع حبيب القلب عايزة ايه تاني
نفخت مارية اوداجها بحنق ، دائما آسيا تلعب على اعصابها حتى تجعلها تنفجر ولا تتحكم في ذاتها ، صاحت بغضب
- هتنزلي الفرح يا آسيا
قلبت عينيها بملل وقالت
- مش خلصنا الموضوع ده
صاحت مارية بحدة ، كيف تخبرها أنها ستستقبلها في المطار دون الحضور لزفافها
- لا هتنزلي .... هتكوني جنبي .. بطلي الهبل ده ، ده اهم يوم بالنسبالي
صمتت آسيا لثواني قبل أن تهمس باهتمام
- امتى الفرح
ابتسامة حالمة زينت ثغر مارية لتهمس بخجل
- كلها ايام ونعمله مش عارفة يوم ايه بالضبط ممكن على الشهر الجديد
طال سماع ردها .. حتى ظنت أنه يوجد عيب فى الشبكة ، نادت اسمها عدة مرات بيأس ، وحينما كادت أن تغلق الخط صاحت أسيا بنبرة باردة
- ايه !! بالسرعة دي
كانت مارية في فقاعة وردية غير متنبه إلى تغير صوت شقيقتها ، همست مارية بسعادة
- مستعجل في الجواز .. زي الشاطرة كده تيجي مصر
تمتمت آسيا بنبرة جافة
- مقولتيش اخبار اهل خطيبته السابقة ايه
قلبت مارية شفتيها وأجابت بلا مبالاة
- معرفش عنهم حاجة ولا عايزه اعرف .. اللي اسمها وجد اتعاملت كويس معايا
انفلتت ضحكات ساخرة من شفتي اسيا ، لمعت عيناها بحقد لتهمس
- هما كدا .. عارفة العيلة الـ **** دي بتفكر ازاي تخلي الفريسة في مصيدتهم
عضت مارية شفتيها وهي تلعن غبائها ، همست لـ اسيا بحزم
- آسيا ارجوكي هتتعبي بلاش
صاحت آسيا بجفاء
- والمحروس جوزك السابق
- مليش كلام معاه .. انا ومراته صحاب
انفجرت وقتها آسيا بصراخ
- صـ ايه ؟؟؟!! .... صحاب
اومأت مارية بالإيجاب
- ايوا صحاب
زفرت اسيا بحنق ثم صاحت في وجهها بحدة
- انتي شاربة حاجة يا مارية
حتى آسيا مثلهم .. يحكمون من المظاهر فقط .. أنهت النقاش بنبرة حازمة
- لا مش شاربة ، بقولك اهو لو منزلتيش ليا تصرف مش هيعجبك
ثم أغلقت المكالمة لتتفاجئ آسيا من وقاحتها ، عيناها كعيون القطط تلمع بوهج مخيف .. تقذف في قلب العدو الرعب ، حدقت نحو الرجل الذي ينظر نحوها بنظرة ذات مغزى
حديث عيونهم تكشف الكثير من الأسرار
همست بابتسامة ماكرة
- واضح ان زيارتي تقدمت بس دا مش هيمنعني من لعبتي
