الثالث والعشرون والرابع والعشرون والخامس والعشرون والسادس والعشرون
رواية النمر الجامح
الفصل الثالث و عشرون
حدق بها بذهول، ولكن تذكر حين كانت أمه تقول وتفعل هكذا
، من الممكن أن تفعل مثلها، تنهد بقوةٍ ثم وبهدوء قال:-
_طيب طالما هريح من الشغل سبيني أنام!!!
شعرت بأنه لا يصدق حديثها، ولكنها ستظل بجانبه، ستغير له حياته وستعلم قريباً ما الذي يخفيه عليها ويجعله مجروح، صرخت به بعلو وقالت بتمرد:
_مافيش نوم في آكل وعلاج حضرتك لأزم جرحك يلم يا أستاذ
لا يتجرأ أن يقول لا حيثُ تمردها يتغلب دائماً عليه، اعتدل في جلسته ثم قال بضيق:
_هاتي الصنية!!
أعطتها له وبدأت تراقب تصرفاته وشكل وجه بعد أن يتذوق الطعام، كان فمها يتزين ببسمة الخوف تريد أن تعلم رده على صحن الشربة، نظر لها "جبل" باستغراب ومن ثم قال بتساؤل:-
_ بتبصي كدا ليه؟!
اتسعت ابتسامتها ثم تقدمت لتجلس على الفراش ومن ثم قالت:-
_مافيش يا حبيبي بس بشوف هتعجبك ولا لاء أول مرة أعمل آكل في حياتي
رفع حاجبه بتعجب، لم يستطيع أن يمتع نفسه من الصراخ، تحدث بهلعٍ مصطنع:
_يا نهار أسود وجاية تجربي عليا أنا لا خدي يا ست أنا مش جعان
انكمش حاجبها وقالت بصراخ:
_كل هي شربة مغزية جداً وهتعجبك على فكرة
رفع حاجبه بعدم اقتناع ثم قال بيائس:
_مقدميش غيرها هجربها وربنا يستر بس اتصلي بالإسعاف..!!!!!
ابتسكت بسخرية على ما يقول، لم ترد عليه بأي شيء، ظلت تراقبه، وبالفعل بدأ يرتشف من صحن الشربة ولكن سعل بقوة، أشار لهغ حتى تناوله الماء، أسرعت ووضعت بعض الماء في الموب ومن ثم أعطته له وقالت بذعر:
_في إيه يا "جبل" اللي حصل؟
نظر لها بضيق ثم قال بانفعال طفيف:
_كنت حاسس إن هيكون في حاجة وحشة في الشربة إيه دا يا "ملاك"؟
استغربت حديثه فقالت بانزعاج:
_مالها الشربة يا" جبل"
مد يده بصحن الشربة وقال بأمر:
_دوقي كدا
أمسكت الصحن وتذوقته فشعرت بالخجل الشديد حيثُ كان ملح الطعام به زائد بشدة، تحدثت بتوتر:
_آسفة يا "جبل" والله بس الخدامة اللي تحت داقتها وقالت حلوة جداً والله أنا كنت عملها بمحبة وعشان الدواء لو كنت أعرف كنت عملت واحدة تاني
ابتسم على توترها وخجلها من هذا الموقف، تحدث بهدوء:
_والله يهمك هي بس ماحبتش تزعلك وبعدين هي مش وحشة بالنسبة إنها أول آكلة تعمليها
تغيرت ملامها من الخوف للسعادة، ابتسمت له فهذا الذي يتحدث لم يكن نفس الشخص القاسي معها بليلة أمس، عاد وآكل الخضروات التي كانت مع الشربة، تحمل الملح، انكمش حاجبها وقالت يرجاء:-
_خلاص يا "جبل" بلاش الشربة وخليني اكلم أي مطعم يعملها أو أخلي حد من الشغالين يعملهالك
حدق بها وعلى وجهه بسمة صغيرة ثم قال بصوت هامس:-
_لا هشربها عجبانها!
ابتسمت له حيثُ شعرت بأنه يتقرب منها مرة أخرى بل وتلك المرة قلبه يدق لها بكل حب، هتفت بخفوت:
_طيب هروح أغير هدومي عشان مش بعرف أقعد بلبس الشغل وأنا في البيت
أوما لها برأسه لترحل من أمامه بعدها، تنهد بقوةٍ ثم قال بحب:
_مش عارف ليه فيكي حاجة بتشدني لدرجة إني مش عاوز أذيكي حاسي إنك قريبة مني أوي ومني كل ما بحس إني فيها حاجة قلبي بيوجعني
قاطع حديثه دخول "ملاك" بملابس قصيرة اعتادت على ملبسهم في منزلها، ابتلع ما في حلقه بضياع حيثُ كاتا تشبه الأطفال وله أنوثة طاغية، استغربت نظراته فقالت:
_مالك؟!
_ها ما فيش يا "ملاك" أنا خلصت الشربة
هذا ما قاله بعد أن انتبه لها، مد لها صنية الشربة، أخذتها منه، وأعطته الدواء، شعرت بأن حرارته زادت، انكمش حاجبها بخوف وقالت بفزعٍ:-
_إنت سخن كدا ليه؟!
.........................................................................
وصل إلى منزله، صف سيارته بمكانها، أمر "أحمد" بالنزول ثم قال بترحيب:
_نورت بيتك يا صديقي
ابتسم "أحمد" له، لم ينظر إلى الفيلا محاولٍ حتى لا يقول "مالك" بانه يريد ابنه عمه من أجل المال، دلف للداخل لتأتي عينه على ملاكه حيثُ كان الخوف يظهر على ملامحها، شعر بالذعر الشديد، فأسرع باتجاهها وسألها بهلعٍ:-
_مالك يا "دنيا"!!!
تفاجئت" دنيا" من وجوده وبالأخص أنه مع ابن عمها، اقتربت من "مالك" وقالت برجاء:
_اطلع ليها يا "مالك" خلاص لبست وهتمشي
أومأ "مالك" برأسها ثم قال بهدوء:
_هطلع شوفي إنتي "أحمد" هيشرب إيه؟
ابتسمت في وجه "مالك" حيثُ شعرت بأنه سيحقق لها ما يتمنه قلبها، وبالفعل اتجهت نحو المطبخ بعد أن أشار لـ "أحمد" لغرفة المعيشة حتى يجلس بها حينها سالته بحزن:
_تشرب إيتجبيه
رد عليها بحب:
_اللي تحبي تجبيه
هزت برأسها وطلبت له عصير ليمون وعادت لتجلس معه، طال الصمت بينهما حتى قطعه بقوله:
_إنتي زعلانة مني يا "دنيتي"؟
تنهدت " دنيا " بقوةٍ ثم نظرت له بحزن وقالت:
_كسرتني بكلامك أنا عملت إيه يعني عشان تقول كدا
أشارت نحو قلبها وقالت بصوت باكي:
_إنت كسرت قلبي بكلامك عدم ثقتك بأني مش عاوزة أعيش معاك تعباني وبعدين
توقفت عن الحديث حين سمعت صوت "عبير" تقول بغضب:
_وبعدين إيه مين دا إنتي تعريفيه ميت مرة قولت متقعدوش مع حد متعرفهوش
قامت "دنيا" من مكانها بتوتر ثم قالت بتلعثم:
_دا دا دا دا
قاطعها "أحمد" ورد بـ:
_أنا "أحمد" صديق "مالك"
انكمش حاجبي "عبير" باستغراب حيثُ أنه أول مرة يأتي المنزل، فكرت قليلاً ثم ابتسمت، ظنت أنه سيشارك "مالك" في مشروعٍ ما ولكنها استغربت من تصرف ابنتها وتقطع حديثها، تحدثت ببسمة مصطنعة:
_منور يا حبيبي!!
ثم نظرت لابنتها وقالت بأمر:
_خليكي قاعدة معاه طالما صاحب "مالك" !
بالفعل نفذت "دنيا" ما قالته والدتها بينما "أحمد" فابتسم بهدوء وقال بشكر:
_شكراً يا فندم تسلمي البيت منور بصحابوا
هزت رأسها وقالت لابنتها:
_هروح أقابل صحابي يا "دنيا" خلي بالك من "ريري" وساعديها في الهومورك بتاعها...!!
أومأت "دنيا" برأسها ووافقتها على حديثها، رحلت "عبير" بسرعة فتنهدت "دنيا" ثم استدارت لتنظر له مرة أخرى وقالت:
_دي مامي
ابتسم على توترها وقال:
_عارف سمعتك وإنتي بتقولي لها يا ماما
أمسكها من يدها وقال بحب:
_بغير عليكي عشان كدا غيرت عليكي من "مالك" أما دخل الأوضة وكنت متعصب لكن صديقيني عمري ما زعل منك أبداً وأما جيتي مكنتش حابب إنك تشوفيني أبداً وتشوفي بيتي عاوزك تقعدي في مكان أفضل من اللي أنا قاعد فيه
حدقت به بغضب وردت عليه بعتاب:
_ليه مفكر إني مش حابة وجود بيتك وعيلتك في حياتي ليه حاسس بكدا أنا بحبك زي ما إنت ببيتك وأخواتك وحياتك وجرانك أنا بحبك
نظر لها بفخر فكيف لا يفتخر بها وهي ملاك يطير على الأرض يزين حياته، يجعل قلبه يدق بعشقه، ابتسم لها وقال بحنو:
_إنتي أغلى حاجة في حياتي كلها فخور بكلامك يا روح قلبي بجد إنتي حياتي كلها
خجلت من حديثه المعسول معها، نظرت للأرض بخجلٍ ثم قالت بحب:
_مش بقدر ازعل منك المهم بقى احكيلي إي اللي حصل مع "مالك" عشان يحبك
........................................................................
صعد للغرفة التي كانت سكنها بليلة أمس، سمع صوت بكائها من خلف الباب، سمعها تقول لكل من "سامية" و "صباح":-
_يا جماعة أنا بقيت احس إننا مش هنكمل علاقتنا مليانة خناق والخناق بيكون على أتفه الاسباب هو دا يصح برضه
لا يعلم لما غضب منها هي لم تفعل شيءٍ، ظل يستمع لهم ولرد" سامية "التي قالت لها بحنو:
_ليه يا قلب أمك بتقولي كدا دا الخناق هو روح العلاقة
بينما" صباح" فقالت بيقين:-
_إنت نفسك عارفة كويس إن "مالك" عمره ما حب زيك ولا هيحب هو أصلاً ميقدرش يستغني عنك اعترفي إنك غلطانة إنك خبيتي عنه
استغرب من الصمت الذي حدث، كلام "صباح" تحديداً جعله متلهفً حتى يسمع ردها، ولكن بدون فائدة حيثُ أن كل ما خرج من فمها:-
_طب يالا نمشي!!!
بتلك اللحظة لم يستطيع أن يصبر أكتر من ذلك، أمسك مقبض الباب ليدفع بقوة ويدخل، أشار بعينه للمربيات وقال بأمر:-
_بعد إذنكم يا جماعة سبوني معاها شوية؟!
وبالفعل نفذت كل منهن كلامه، حدقت به "مرام" وموعها تنزلق بشدة من عينها، انتظرت حديثه ولكن لم يتحدث، كانت عينه تعاتبها وكأنها اذنبت بمفردها، قاطعت السكوت الذي حل على الغرفة بقولها:-
_نعم يا "مالك" محتاج حاجة قبل ما امشي
رفع حاجبيه ثم مط شفتيه للأمام وقال ببرود:-
_لا بس حاسك خارجة إيه يا حبيبتي راحة في حتة بدون إذني ولا إيه؟!
حملقت به "مرام" ولم تفهم ما يقصده بطريقته معها، لديها يقين بأنه يعلم بمغادرتها وعودتها لمنزلها، كانت ستصمت وبالفعل سكتت قليلاً عن الحديث وكأنها تفكر في الرد، وأخيراً وبعد دقائق قالت:
_ إنت اللي حسستني إنك مش عاوزني بدل ما تتكلم معايا براحة اتعصبت عليا ومافتكرتش حتى إني مكنتش بكلمك واتصرفت صح لما قولت لأخويا خلاص الدنيا هتقف
اقترب منها وعلى وجهه بسمة صغيرة، تحدث معها بكل حب:
_آسف وبعدين إنت نفسك عارفة عصبيتي
أمسك يدها بعد أن توقف عن حديثه قليلاً ثم جعلها تجلس بجانبه على الفراش ليكمل حديثه بـ:
_هو إنتي مش عارفق قيمتك عندي تعرفي إني زعقت لنفسي عشان زعقتلك
ابتسمت على حديثه، تأملته قليلاً ولم تشعر بنفسها وهي تدخل بين ذراعيه وتقول ببكاء:
_أنا بحبك يا "مالك" وعمري ما تخيلت حياتي من غيرك بلاش قسوتك دي عليا
ملس "مالك" على ظهرها ثم قال بصوتٍ هامس:
_أنا كمان بحبك وأنا آسف يا حبيبتي آسف لإني شكيت فيكي وآسف لاني زعقتلك
حدقت به بعشقٍ متيم له فقط، زادت دقات قلبها وبدون أي مقدمات قالت:
_ما تيجي نكتب كتابنا ونتجوز زي "جبل" يا "مالك"
قفز "مالك" من مكانه بسعادة ثم قال بصراخ:-
_الله أكبر أنا موافق جداً هكلم أخوكي وهقوله وكمان نكتب كتاب البت "دنيا" على الواد "أحمد" بالمرة
حدقت به بعدم تصديق حيثُ أنها لم تتوقع بأنه سيوافق قط، ابتسمت بحب ثم قالت بفخر:
_بجد بحبك ومبسوطة إنك وقفت مع "دنيا"
توقفت عن الحديث قليلاً حيث تذكرت شيءٍ، انكمش حاجبها بضيق فسألها باستغراب:-
_مالك يا "مرام"؟
ردت عليه بانزعاج:
_طنط عبير هتوافق؟!
رفع حاجبه بضيق ثم قال بانفعال:
_هي ملهاش دخل وبعدين مش أنا وافقت يبقى مش مهم هي يالا بقى لإن" أحمد" تحت قاعد مع "دنيا"
رفعت حاجبها بعدم تصديق، بالفعل لم تتوقع من حبيبها أن يجعل ابنه عمه تجلس مع حبيبها....
......................................................................
_لا يا حبيبي متروحش لابني وانتي يا "لميس" هو استناكي برضه ولسه بيستنكي اتخطبوا يا حبيبتي
هذا ما قالته "فوقية" برجاء لكل منهم، بتلك اللحظة أشار "مصطفى" على "فوقية" ومن ثم نظر إلى "لميس" وقال:
_هي نفسها موافقة خلصي بقى نفسك يا "لميس"
رفع حاجبها بحيرة حيثُ لا تعلم حتى الآن ما هو قرارها، تنهدت بقوةٍ ثم قالت بهدوء:
_سبني افكر بس يا "مصطفى" مش عاوزة اكتر من كدا وبعدين لازم نشوف ماما هتقول إيه وبعد كدا يحل لها الحلال
أومأ برأسه ثم قال بضيق:- تمام أما تكوني جاهزة هتلاقيني مستنيكي سلام
خرج من المنزل أمام عينها، تنهدت بقوةٍ ثم دخلت لغرفتها، لحقت بها "فوقية" التي قالت بعتذار:
_أنا آسفة يا بنتي لو سببت ليكي أي مشكلة مكنتش أعرف والله
رفعت "لميس" رأسها ونظرت لها، أجابتها بحب:
_لا يا طنط بس إحنا اللي بنحب نتخانق كتير مش أكتر المهم أنا هحاول أشوف "ملاك" لإن محكمة "جلال" هتترفع قريب وإحنا عاوزنها تعرف قبل ما "جبل" يعرف إن أبوه مسجون و يروح له ويتألف له حاجات محصلتش
هزت رأسها متمنية أن ينتهي كابوسها وتعود لاولادها قريباً، مالت من هذا الوضع، تشتاق لضمة من أولادها تجعل الدفء يعود مرة أخرى إلى صدرها، هما حياتها والآن هي تعيش بلا حياة
الفصل الرابع عشرون
تحسس نفسه، ولكنه لا يعلم هل بالفعل السخنية انتابته أم لا، فهو لا يفهم قط في تلك الأشياء، حدق بها باندهاش ثم قال:-
_مش عارف سخن ولا لاء؟!
هزت رأسها متأفف على وضعه حيثُ كان مريض للغاية، يبدو التعب على وجهه، سألته بهدوء:
_إنت حاسس ببرد
هز رأسه ثم غمز لها بخبثٍ وقال:
_ما تيجي في حضني ودفيني!
أخرجت زفيرها بعصبية ثم قالت بانفعالِ:-
_إنت سقعان بجد ولا بتمثل عليا؟!
هز رأسه وقال بنبرة جادة:
_والله تعبان وحاسس بسقعة وعاوز بطنية على دي
أسرعت تركض للخارج ولكن قبل أن تخرج خارج الغرفة، انكمش حاجبه بضيق وقال بعصبية:
_يا هانم راحة فين بالشكل دا؟؟؟
استدارت لتنظر له بعدم فهم، حدقت باصبعه الذي كان يشير نحو ملابسها، سألته بعد أن حاولت أنظارها نحو ملابسها:
_إيه مالك؟!
لم يستطع أن يتحمل غبائها، نظر بجانبه حيثُ علبة السجائر الخاصة به، أمسكها وأخذ واحدة، ليشعلها ويلتهما بشراهة، اقتربت منه "ملاك" بعصبية ثم مدت يدها حتى تأخذ منه تلك السجار، قائلة له بغضبٍ:-
_متشربش زفت وإنت تعبان فاهم ولا لاء؟!
رفع حاجبه بسخرية وقال بنبرة ذات معنى:-
_الله الله دا إحنا بقينا ناخد على الكبار ونشيل السجاير من بوقهم أخص علينا
ازدات غضبها فقالت بانفعال:
_لا أنا ليا الحق ومن غير ما تعلم المهم بقى عاوزة أعرف حضرتك بتبصلي ليه وعاوز إيه مني؟عاوز أروح أجيب لك تلج وجيب بطنية
اعتدل قليلاً ليجيبها بـ:
_حضرتك ما ينفعش تخرجي برا الأوضة دي بلبس دا؟!
رفعت حاجبها باستغراب وأجابته بـ:
_ وليه بقى ما ينفعش أخرج برا الأوضة بحاجة غير دا؟!
رد عليها بعصبية ناتجة من غيرته:-
_في خدامين وحراس وأنا حتى المرايا مش عاوز أشوفك بتبصي عليها
استغربت بشدة، جحظت عينها به بصدمةٍ، فكرت قليلاً قبل أن تقول باستفزاز:-
_عادي أنا متعودة على اللبس دا!! وبعدين زيهم زيك يا حبيبي!!!!!
رفع حاجبه بضيق، اشتدت غضبه قال بانفعال:-
_إزاي بقى وبعدين أنا جوزك إنتي فاهمة ولا لاء
_لا!!!!!
قالتها ببرود شديد ليرد عليها بجموح وكأنه سيلتهمها:-
_لا جوزك وغصب عنك كمان مش بمزاجك ولبسك دا حتى "سامية" متشفوهوش عليكي ولو عاوزة حاجة عندك تلاجتنا هنا وعندك تليفون ممكن تطلبي بي أي واحدة من الخدم
حاولت أن تكتم ضحكتها، وتكمل في تمثيل غضبها، واصلت حديثها بجدية:-
_إنت إمبارح قولت لي إنك مش بتحبني وإني هنا انتقام مش أكتر
جذ على أنيابه وهو يرد عليها قائلاً لها بغبظ:-
_أيوا ملهوش دعوة الإنتقام بخروجك بالمسخرة دي لازم تحترمي على الأقل نفسك يا هانم
صرخت به بعلو:-
_أنا محترمة غصب عنك
بخفوت تام رد "جبل" عليها:-
_مافيش نزول أنا قولتلك وبعدين أنا سمعت كلامك وقاعد من الشغل فياريت تعملي زيي
تأففت بشدة، وبالفعل نفذت ما قاله وأسرعت نحو الثلاجة المتواجدة بغرفتهم، جلبت له ثلج وبدأت تعمل له جمداته لعل حرارته تنخفض، ظل يحدق بها بحب، يشعر بأنه بحلم ولا يريد أن يفيق منه، عشق مرضه لأنه قربها منه، لا يعلم ما سيحدث إذا انخفضت حرارته ستبتعد عنه، أغمض عينه بتعب، مما جعلها تنفزع وتقول بخوف:-
_مالك يا "جبل"؟
انكمش حاجبه وقال بهدوء:
_مافيش يا" ملاك" حاسس بتعب وصداع شديد ممكن يكون من السخنية
تفحصت رأسه بيدها وعادت تقول بحنو:-
_أنا هريحك؟!
أشارت نحو أرجلها وأكملت:-
_نام على رجلي وأنا هحط أيدي على رأسك وصدقني هترتاح بابي كان بيقولي إيدك فيها علاج
نفذ ما قالته بسعادة، كان مستمتع بيدها التي تسير بين شعره، انتابه احساس المراهقة الذي يعيشها ولأول مرة معها، غفل وذهب في سبات عميق، ابتسمت حين انتبهت له، ببطء شديد، وضعت رأسه على الوسادة، وبحب شديد قالت:-
_تصبح على خير يا حبيبي ربنا يشفيك ويهديك ليا يا روحي
......................................................................
في فيلا "مالك"
نزل وبصحبته "مرام" التي رسمت ابتسامة على ثغرها، وأسرعت في خطاها حتى تبارك لصديقة عمرها، نظر لها "مالك" بغيرة ثم قال بأمر:-
_أمشي عدل وبعدين إنتي حابة تشوفي "أحمد"
قهقهت بقوةٍ على حديثه وعلى ملامح وجهه التي انقلبت، وقفت عن السير لتضع يدها على خديه الأيمن والأيسر ومن ثم أخبرته بحب:-
_أنا مش بحب أشوف غيرك في الدنيا مبسوطة إنهم اتجمعوا أخيراً عشان كدا ماشية بسرعة مش أكتر
ابتسم على حديثه، نظر لها بعشقٍ متيم لا أحد يمتلكه غيرها، كان سيرد عليها ولكنها أكملت بعد أن أمسكت يده ووضعتها على قلبها:
_أنا عمري ما حبيت ولا هحب غيرك إنت خليك عارف إنك مالي قلبي وروحي إنت نفسي
اقترب من أذنها ثم همس بحب:-
_بقولك ما نيجي نتجووز
ابتسمت بخجلٍ، حدقت بأرضية المنزل وقالت بتوتر:-
_بس بقى بعدين تعالى نشوفهم بقى
ثم عادت وسارت مرة أخرى نحوهم قائلةٍ بترحيب:-
_أهلا يا "أحمد"
قام "أحمد" من مكانه ثم قال بفرحة كبيرة:-
_أهلا يا "مرام" عاملة إيه
هزت رأسها مجيبة عليه بهدوء:-
_الحمدلله بخير اتفضل أقعد
جلس الجميع معا، جاءت "ريناد" حين وجدت الجميع متواجد، كانت ستجلس معهم ولكن صوت "مالك" جعلها تتوقف:-
_"رينو" اطلعي خلصي الهومورك بتاعك يالا عشان هنتكلم في كلام كبار
ردت عليه بتذمر، بعد أن ضربت الأرض بأقدامها:-
_أوف حاضر أنا مش عارفة هو لو قولتوا الكلام جنبي هيحصل حاجة؟!
ابتسم "أحمد" على تصرفات "ريناد" طفولتها تشبه طفولة أخواته كثيراً، بينما "مالك" فقال بأمر:
_لو خلصتي روحي على أوضك يالا
أسرعت "ريناد" لغرفتها، عاد "مالك" وبدأ في الحديث قائلاً بهدوء:-
_إن شاء الله تعالى خطوبتكم أنا موافق عليها وبالنسبة لموضوع الشقة فـ "جبل" عامل عمارة هناخدلك فيها شقة
قاطعه "أحمد" بحد:-
_بس أنا هجيب الشقة من فلوسي أنا مش محتاج حد يجبلي حاجة كتر خيرك يا "مالك"
تأفف "مالك" وقال بانفعال:-
_ممكن أكمل لو سمحت!!!؟
كانت "دنيا" خائفة من اشتدات الحديث بينهم، حدقت بـ"مرام" فهزت الأخرى رأسها لتطمنها قائلةٍ بهدوء:-
_خير ياجماعة خير "أحمد" اسمع "مالك" هيقولك إيه؟
رفع "مالك" يده لتتوقف عن الحديث، أكمل كلامه بنفاذ صبر:-
_بعد إذنك يا "مرام" اسكتي، وإنت ياعم "أحمد" الشقة هتاخدها قسط أنا مش هجوز أختي لأي حد هتمسك مشاريع عنده وعندي وبرضه لو حابب تاخد فيلا قسط وتكون هنا جنبا أنا معنديش مانع في الأول وفي الآخر إنت هتدفع حقها
نظر له "أحمد" بشكر، لا يعلم بما يشكره، تحدث بحب:
_بجد مش عارف أقولك إيه يا "مالك" مساعدتك ليا كبيرة وعمري وما هنساها
قامت "دنيا" من مكانها وقالت بفخر:-
_هو بيكون أخو مين أخويا أنا وسندي
ابتسم "أحمد" ومن ثم قال:-
_أخواتي هيعيشوا معانا أنا هشتري الفيلا اللي بقسط عشانهم وفي كام حاجة عندنا هبيعهم وهظبط نفسي وكل حاجة هي عاوزها هشتريها من عرقي
أومأ "مالك" برأسه وقال بتنهيد عميق:-
_كدا ما فضلش غير "عبير" هانم ودي أنا هحل الموضوع دا معاها!!
_إن شاء الله توافق
قالها "أحمد" بأمل، ليرد الجميع عليه بتمني:-
_يارب
تكلم "مالك" بأمر:-
_روح مع السواق جيب أخواتك الغداء انهاردة عندي
........................................................................
في قسم الشرطة
شعر "جلال" بالاستياء من رائحته، لقد تعفن من القعدة بهذا الوضع، قام من مكانه وتحدث بغضب:-
_يعني لحد امتى هكون هنا عمال أخد أربعة في أربعة تعبت.
قهقه "محمد" بقوة، وضع يده على كتفه وأجابه:
_لحد ما يتحكم علينا ولحد ما تبدأ التحقيقات
أخرج "جلال" زفيره بضيق ثم قال:-
_طب الواحد عاوز يعمل مكالمة في التلفون ومش عارف اتصرف لي يا "محمد" أنا عاوز لبس غير دا
بتلك اللحظة قاطعه دخول العسكري الذي صرخ باسمه:
_"جلال المنشاوي"
حدق به "جلال" وقال بضيق:-
_نعم!
_السجاير اللي طلبتها أهي
هز "جلال" رأسه ثم قال بغرور:-
_طب وزع على الكل وهات بتاعتي وعاوزك تعملي مكالمة من عندك بالرقم اللي هكتبه لك في الورقة وتقول لصحبه يديك فلوس ويجيلي زيارة
ابتسم العسكرية قائلاً بخبث:-
_تمام بس كله بحسابه يا باشا
نظر له بغضب وقال:-
_ماشي
تذكر شيءٍ فأكمل:-
_آه افتكرت جبلي هدوم كتير من الفلوس أنا قرفان وعاوز استحمى
لوى العسكري فمه بسخربة ليرد عليه بعد ذلك بـ:
_لـيه محسسني إنك في فندق ريح نفسك هنا أخرك تعمل حمام بس مش أكتر
صرخ في وجهه وقال:-
_يا بني آدم بقولك جسمي كله واجعني عاوز أهرش بقيت جربان والناس اللي هنا ساكتين على غروري عشان الفلوس اللي هديهالهم ساعدني
لم يرد عليه حيثُ أنه تركه ورحل من أمامه.....
........................................................................
في منزل "حمدي" تحدث "مايا" بغضب:-
_مش قادرة استحمل يا بابا وجودها معاه ومش قادرة أشوفه فرحان
وضع أبيها يده على كتفها وقال:
_كام أسبوع ونفذ خطتنا وساعتها صاحبنا هينهار
رفعت حاجبها وابتسمت بخبثٍ ثم قالت:-
_أنا هخليه يلف حولين نفسه وهجبره يتجوزني ويكتب ليا كل ماله؟!
ضحك "حمدي" بقوةٍ على حديثها وقال بفخر:-
_برفوا عليكي يا "مايا" !!!
ثم أشار نحو طاولة الطعام وقال بحنو:-
_يالا يا قلبي عشان نآكل لأزم تآكل حاسس إنك خاسة
هزت رأسها وقالت بتساؤل:-
_مامي فين؟!
_بتلبس ونازلة يا قلبي عشان تآكل معانا يالا نروح نقعد ونستنها
سارت معه نحو المنضدة، شد والدها المقعد لها حتى تجلس، وبالفعل جلست ووضعت قدم فوق الآخرى.
........................................................................
بالنادي جلست "عبير" مع صديقتها وقالت بانفعال:-
_هتجنن يا "كريمة" والله شوفتها مش معقول رجعت تاني من الموت والمصيبة إني حالياً لوحدي محدش هيساعدني أنا من يومين مش عارفة أنام تعبانة
كانت حالتها غير تلك التي تقف أمام الجميع تعطي لهم الأوامر، أكملت حديثها بخوف:-
_حتى " مالك" نظراته التي كانت بتحترمني اتغيرت حاسة أنه شاكك فيا بس أنا كنت بأمن حق "ريناد" وعمري ما نسيته خالص ولا نسيت "دنيا" وبعدين أهله سابوا ليا وأنا ربيته ليه يعمل كدا؟!
وضعت "كريمة" يدها على كتفها وقالت بارشاد:-
_روحي لدكتور نفسي يا "عبير" حالتك مش عجباني
صرخت "عبير" بهمس:-
_أنا تعبت يا "كريمة" حتى "ريناد" بقت تعاملني وحش و "دنيا" ما بقتش تسمع كلامي أهو "جبل" راح اتجوز كنت حاطة عيني على فلوسه بس راح اتجوز بنت بكرهها جداً
هزت "كريمة" رأسها باستياء ثم قالت بضيق:-
_مشكلتك إنك بقيتي معمية بالفلوس يا "عبير" خسرتي أقرب الناس ليكي
تركتها "عبير" وقامت من مكانها بسرعة بعد أن قالت بتلعثم:
_سـ.. سبيني في حالي يا "كريمة" سلام ومتكلميش تاني
........................................................................
بعد مرور ساعة، جلست "ملاك" على المقعد المقابل للفراش، تمسك برواية تقرأها، كانت منتبهة لها كثيراً ولكن فقدت تركيزها حين سمعت صوت "جبل" المتعب والهامس يقول:-
_ارجعي يا ماما ليه عملتي كدا ليه الخيانة
أغمضت عيناها وفتحت فاهها بصدمة شديدة، ظلت تستمع له، وضعت الكتاب على الكومود، وانتبهت لدموعه التي تنزل من عينه بقوة، أمسكت يدها فشعرت بأنه شعر بالراحة ووثقت بشعورها حين قال "جبل":-
_متسبنيش تاني
همست بهدوء:-
_" ملاكك"مش هتسبيك لكن أمك فمش عارفة هي فين بس صدقني هبحث عن الحقيقة وهريحك
بتلك اللحظة فتح "جبل" عينه وقال بوجع:-
_"ملاك" هاتي أشرب
هزت "ملاك" رأسها، وأسرعت لتجلب له كوب من المياه، أعطت له وسألت بحنو:-
_حاسس بإية؟!
_بتعب جامد يا "ملاك"!
كانت هذه أجابته ليكمل برجاء:-
_خديني يا" ملاك" في حضنك ما تسبنيش بالله عليكي
ابتسمت "ملاك" ثم نامت بجانبه وفتحت ذراعيها حتى يسند رأسه عليه، تحدثت بحب:-
_إنت تأمر يا "جبل" يالا حبيبي نام
........................................................................
في منزل "لميس"
كانت تحاول أن تهاتف "مصطفى" ولكن بدون جدوى، نفذ صبرها من المحاولات التي أصبحت بدون أي فائدة، تأففت بشدة ثم قالت:-
_ما بقتش عارفة أعمل إيه أنا كمان يا "مصطفى" هزعل منك
قاطعها صوت "فوقية" التي قالت برفض:-
_لا يا بنتي غلط اللي هتعمليه دا وأكبر غلط كمان ما ينفعش أبداً
حدقت بها بدموع، فاقتربت منها "فوقية" وجلست أمامها ومن ثم أكملت:-
_يا بنتي هو مش غلطان خالص حاولي تاني وتالت
بكت بقوةٍ ثم قالت بخوف:-
_أنا خايفة يا طنط هو من دلوقتي بيذلني إنه استناني أنا اتخنقت
ابتسمت "فوقية" ثم قالت بحنو:-
_لا يا حبيتي حبه باين في عينه
انهت حديثها فوجدت جرس الباب يرن، قامت "لميس" حتى تفتح فتفاجئت بـ "مصطفى" الذي
الخامس والعشرون والسادس، والعشرون
الفصل الخامس وعشرون
_مش هقدر أمشي وأنا زعلان منك رجعت تاني
توقف قليلاً عن الحديث ليبتسم ويقول بمزح:-
_بت يا "لميس" إنتي عاملة ليا إيه عشان أحبك كل الحب دا؟!
حدقت به بصدمة بل وفتحت فاهها، لقد كان غاضب منها، انتبهت له حين ضربها على رأسها برقة قائلاً بمشاكسة:-
_قطتي البرية دماغها راحت فين؟!
ابتسمت "لميس" في وجهه، حيثُ وكلما شعرت بأن حبه لها يقل يعود ويثبت عكس ذاك، ردت عليه بخفوت:-
_لا مافيش بس استغربت رجوعك
قرب رأسه من رأسها وهمس بـ:-
_أنا مبعرفش أضايق منك ولو عملتها بضايق من نفسي
لم تسطتيع أن تمنع تلك الكلمة من الخروج، صرخت بعلو بـ:-
_بحبک....!
_وأنا بموت فيكي
قالها "مصطفى" بعشق، استدار للخلف فانتبه للسيدة "فوقية" التي كانت تنظر لهم بحنو، تدعو الله أن يحميهم ويكمل حبهم، اِقترب منها، ومد يده حتى يمسك يدها قائلاً لها بنبرة وعد لها:-
_قريباً وخلال أيام عيالك هيرجعوا ليكي "ملاك" هتحارب عشان ترجعهم ليكِ صبرتي كل الأيام اللي فاتت أصبري أسبوع كمان وقتها هيحصل حاجات كتير سعيدة في حياتك
وضعت "فوقية" يدها على رأسه وبرضا شديد قالت:-
_ربنا يصلح حالك يا بني وفي الأسبوع دا أنا أكيد مش هحس بيه لانكم جنبي ومعايا وإنتوا كمان ولادي
ابتسمت "لميس" وقربت منهم، وضعت يدها على رأسها بتفكير وقالت بخجلٍ:-
_طنط "فوقية" ممكن أسال سؤال
أومأت "فوقية" رأسها وعلى ثغره بسمة صغيرة وردت بـ:-
_طبعاً يا "لولو"
ارتبكت "لميس" أعطتها ظهرها لبعض الثواني ثم استدارت وألقت سؤالها بنبرة سريعة:-
_هي إيه العلاقة اللي بتجمعك مع "ملاك"؟
توترت"فوقية"، الفزع، الهلع، الخوف انتابوها وأصبحوا أصدقائها بهذاالوقت، ابتلعت مافي بلعومها ثم ردت عليها بتلعثم:-
_اا. ااا هي هي بتكون صاحبتك!!!
كانت أجابتها تظهر مدى كذبها الشديد، لذلك فلم تحاول" لميس "معها أكثر، لاتريد إزعاجها، هي مازالت تعني من اضطراب في النفسية، ابتسم بهدوء ثم قالت بحب:-
_آه هي فعلاً صاحبتي وأنا اللي عرفتك عليها
صمتت عن الحديث قليلاً لتنظر إلى" مصطفى"، اقتربت منه وأكملت بحبٍ:-
_بفكر نخرج مع بعض
كان سعيد بقرارها ولكنه تذكر وجود "فوقية" فقال:-
_طب طنط فوقية؟!
لم تنتبه له "فوقية" حيثُ كانت شاردة، ردت عليه "لميس" بعد أن وجدتها هكذا:-
_هتقعد مع ماما متقلقش!
.......................................................................
حل المساء، رحلت الشمس وهل القمر، فتح "جبل" حدقته، فوجد "ملاك" بجانبه غافلة كالملائكة، ابتسم بحبٍ ثم تحسس نفسه فكان متحسن عن قبل، شعر بأن ذراعها تعبها وكان هذا من تعبيرات وجهها ولكنها مازالت تحضتنه ولم تبتعد، تنهد بقوةٍ قبل أن يبتعد قليلاً، راقب تعبير وجهها حيثُ شعرت براحة نوعٍ ما، اقترب منها وهمس بـ:-
_"ملاك" يا حبيتـ...
توقف عن إخراج تلك الكلمة، يخشى ويخاف أن يظهرها، مازال عقله ضائع، تأفف بقوةٍ ثم قام من مكانه واتجه ومعه علبة سجايره إلى التراس، أشعل سيجاره بعد أن التهمها بفمه، بتلك اللحظة فتحت "ملاك" حدقتها، استغربت عدم وجوده، قامت تبحث عنه فوجدته بالتراس، سألته بهدوء:-
_إيه اللي قومك وإنت تعبان؟!
هز رأسه ورد بضيق:-
_مافيش يا "ملاك" بس حاسس بضياع أول مرة أحس بكدا
اقتربت منه ووضعت يدها على كتفه بحبٍ ثم قالت بحنو:-
_إيه اللي مخليك تفكر في كدا؟
حدق بها والدموع تتعلق بعينه ثم قال بألم:-
_أنا خايف أتقرب منك يا "ملاك" أنا أول ما شوفتك مكنتش حابك وكنت عاوز انتقم من أسلوبك بس ندمت
عارفة ليه؟!
هزت رأسها بلا وقالت بفضولٍ:-
_ليه!!!؟
رد عليها بنبرة حزينة بعد أن ابتلعة غصةٍ كادت أن تقتله:-
_عشان يا "ملاك" أنا بنجذب ليكي أكتر أنا مخنوق أوي حاسس إني عاوز أقرب منك وفي نفس الوقت كرهك بس كل مرة بتثبتي إنك عكس البنات كلها إنتي حواء مختلفة...!
تنهدت "ملاك" ثم أمسكت يده بيدها وقالت:-
_أنا مش عارفة قرار جوزي منك كان بسرعة ليه بس هقولك إحنا منعرفش النصيب فين أنا هسيبك تاخد قرارك ومش هتعبك هطمن عليك من بعيد لبعيد وياريت لو مش عاوزني في حياتك تبعد ومتعذبنيش عارف كل ما بتفكر في الإنتقام بتصغر في عيني
لم يرد عليها وعاد ينشغل بسجارته، بينما هي فخرجت من التراس وجلست على الإريكة بعد أن أمسكت برواياتها وانشغلت بها مرة أخرى
.......................................................................
جلس "أحمد" بفرحة عارمة لم تظهر على وجهه من قبل، اليوم هو يشعر بكل شيءٍ جميل حصل عليها، سيتجمع بمعشوقته قريباً، كم هذا مفرحة بالنسبة لأي عاشق، لاحظ الجميع ابتسامته التي كانت مرسومة على وجهه، كان شارد، لا يفكر غير بدنيته، بتلك اللحظة ضربته "رحمة" بالوسادة قائلةٍ بخبث:-
_اللي أخد عقلك يا حبيبي؟!
انتبه لها "أحمد" فقال باستغراب:-
_هو في حاجة يا "رحمة" !
ابتسمت "رحمة" وكانت ستجيبه ولكن أوقفها "مالك" باشارة منه ورد هو بـ:-
_بقالنا ساعة بنادي عليك وإنت ولا هنا اللي وأخد عقلك لسه جنبك إنت مروحتش يا بني
لاح على ثغر "أحمد" بسمة صغيرة ثم قال بصدق:-
_هتصدقني لو قولت لك بحلم بيها حتى وهي. جنبي
هز "مالك" رأسه بحبٍ ثم قال:-
_مصدقك!!
صمت قليلاً لينظر إلى "مرام" التي كانت تجلس على مسند مقعده، اتسعت ابتسمته حين تقابلت حدقته بحدقتها، أكمل حديثه:-
_الحب شعور ما فيش زيه يا "أحمد" تعرف أنا بحلم بـ "مرام" حتى وهي في حضني بفكر بعد ما هتخلص قعدتي معاها الصبح هيجي إمتى عشان أشوفها بحبها وبحب قلبي عشان إختارها هي وبس أنا بجد فخور بنفسي لإني حققت أكبر نجاح واللي بيكون هي
خجلت منه "مرام" بينما الجميع فصفق له بقوة، تكلمت "دنيا" بمزح:-
_يا سي روميو بختها بيك جوليت يا خويا
ضحك الجميع بقوةٍ ولكن سرعان ما تلاشت الابتسامة مع دخول "عبير" التي استغربت وجود "أحمد" ومن معه، ابتسمت بسمة صفراء وقالت بنبرة جادة:-
_لسة ضيوفك يا "مالك" هنا؟!
قام "مالك" من مكانه ثم رد بهدوء:-
_ضيوفنا كلنا!!!!
كان هدوءها يشبه هدوء ما قبل العاصفة، ساد الصمت وطال بشدة، هزت "عبير" رأسها بعدم اكتراث وقالت بصوت أشبه للهمس:-
_طبعاً ضيوفنا كلنا
انكمش حاجبيها قليلاً، وضعت يدها على جمحمتها حيثُ كان رأسها يؤلمها بشدة، عادت وحدقت به وأكملت:-
_خدوا رأحتكم يا جماعة وأنا هطلع أنام
ببرود تام رد "مالك" عليها:-
_مش قبل ما تعرفي دول مين لإنهم هيكونوا من العيلة
حدقت به "عبير" ولم تعلم ما يقصده، انكمش حاجبيها باستغراب ثم قالت باندهاش:-
_مش فاهمة يا "مالك" قصدك إيه؟!
رفع "مالك" حاجبه ورد عليها بنبرة عادية:-
_"دنيا" هتتجوز "أحمد"
أشار نحو "أحمد" فنظرت له وقالت:-
_وإنت بتعزمني على فرح بنتي ولا بتاخد رأيي في العريس
ببسمة مستفزة قال "مالك" :-
_بعزمك
أغمضت "دنيا" عيناها بتوتر وخوف، بينما "أحمد" فقال:-
_هو مش قصده حاجة أنا طالب إيد "دنيا" كنـ..
قاطعته بحركة من يدها وقالت بصراخ:-
_ماتتكلمش إنت أنا مسألتكش أنا بكلم المسؤول عنا واللي بقى مش بيحترم حد وبعدين إنت صاحب شركة إيه؟
رد عليها "مالك"' وقال بكل برود:-
_صاحب شركة الحب واللي بتملكها "دنيا" بس
صرخت به بشدة:-
_يا بني إنت أهبل ولا بتصتنع الهبل أنه حب اللي هيأكلها
بعلو صرخ "مالك":-
_الحب اللي عمرك ما حبيته لعمي ولا تديه لـ"دنيا" هو دا الحب الحب اللي هتلاقيه هي
قام "أحمد" وعائلته حتى يرحلون، تحدث "أحمد" بهدوء:-
_طب يا جماعة همشي أنا وهبقى استنى مكالمة منك يا "مالك"
بتحذير قاتل تحدث "مالك":-
_لا،يا"أحمد" لإني أخد القرار واللي هيكون الجواز
رفعت "عبير" حاجيها وبخفوت قالت:-
_بالسهولة دي من غير إذن أمها
_مش لما تكون أمها!!
هذا ما قاله "مالك" لتصيب الصدمة عائلة "أحمد"، اقتربت" مرام" منه ووضغت يده على معصمه لتوقفه عن الحديث:-
_"مالك" حبيبي بس يا روحي
أوقفتها "عبير" وهي تقول:-
_لا سبيه يتكلم وخليه يقول إني مرات أبوها بس عمري ماعملتها وحش أبداً اتجوزيه طالما ابن عمك موافق
ثم وبعد انهاء حديثها رحلت من أمامهم، تحدث "أحمد" بعذر:-
_آسفة على كل اللي حصل
_متعتذرش وجهز نفسك جوازك بعد شهر
.......................................................................
بعد مرور أسبوع، لم تتحدث فيه "ملاك" مع زوجها، جهزت نفسها لتذهب إلى منزل "لميس"، نظر لها" جبل" وسألها بجدية:-
_وانتي مش عاوزة تروحي الشغل دلوقتي وراحة عند صاحبتك
هزت رأسها بهدوء وقالت:-
_آه وأخدة أجازة من يوم سرقة العربية وصاحبتي في حد يعيني يا "جبل" جوزها ظلمها المفروض إني أروح اتكلم معاها
انكمش حاجبه باستغراب وقال بسخرية:-
_لا تلاقيها عملت له حاجة غلط أصل مافيش راجل ممكن يغلط أبداً
لاحت علامات السخرية على وجهها، أمسكت حقيبتها ثم قالت بانفعال:-
_لا في رجالة بتلغط عشان حاجات كتير إنت نفسك بتغلط آه وإنت عازب بس غلطان في حق دينك يا أستاذ
لم يبالي لحديثها فقط قال:-
_خلصي عشان أوصلك!
ثم رفع سبابته بتحذير وقال:-
_أي حد من صحابك الشباب ممنوع يكون موجود عند صاحبتك فاهمة!؟
تركته وتزلت دون أن تجاوبه، لاحقها إلى الأسفل فوجدتها تجلس على مائدة الإفطار، تحدث بهدوء:-
_هو إنتي هتفطري
رفعت حدقتها باتجاهه حيثُ كان واقف وهي جالسة، ردت عليه بهدوء:-
_آه مش عاوزة أكون ضعيفة وقواعد البيت هنا مهمة ومش من أسلوبي إني اللغيها كل ويالا
رفع حاجبه باعجاب لحديثها فكل يوم تعيش معه يكتشف مدى قوتها، جلس وأمسك بقطعة الخبز وبدأ يتناولها أما هي فارتشفت بعض من كوب العصير وآكلت القليل من الخبز وقامت، لم يستغرب من حجم آكلها لأنه يعرف أن شهيتها ضعيفة، قام بعد أن قامت وهي سبقته للخارج، فتح لها سائقه السيارة لتجلس بالخلف و جلس "جبل" بجانبها. ليسرع السائق بالصعود والانطلاق لمنزل "لميس"
.......................................................................
في منزل "مالك" الذي كان ينظر لـ "عبير" متوعد لها بأشد العقوبات، شعرت هي بنظراته لها فقالت بضيق:-
_هتفضل تبص عليا مش عملت اللي في دماغك وحدد فرحها وهتحدد فرحك كمان خلاص أنا أصلاً هاخد "ريناد" وهسافر
قهقه بقوةٍ ثم قال بسخرية:-
_أبداً مافيش حد فيهم هيطلع من هنا إلا على بيت أجوازهم
اشتدت الحوار وقالت بغضب:-
_أنا ربيت "دنيا" وإنت قولت مش بنتي بس "ريناد" بنتي وهي هتكون عاوزة أمها
رفع حاجبه محاولاً أن يتملك نفسه ثم قال ببرود:-
_أخاف تقتليها!!!!!
وقعت السكين من يدها حيثُ توترت بشدة، ابتلعت ما في حلقها ثم قالت بتلعثم:-
_اا..وإنت شوفتني قتلت مين...عشان أقتل بنتي
وضعت بتلك اللحظة "مرام" على يده وقالت:-
_"مالك" بس كفاية دي طنط "عبير" برضه ماينفعش تكلمها كدا وبناتها قاعدين
نظر لها "مالك" بغضب بينما "عبير" فصرخت بقوةٍ:-
_لا مليش غير بنت واحدة التانية هو نفسه اللي قال عليها مش بنتي وأنا فعلاً مش هقعد فيها
لم يستطيع "مالك" تحملها أكثر من ذلك، بصوتٍ عالٍ قال:-
_"ريناد" خلي السواق يوصلك للمدرسة
بخفيض تحدثت "ريناد":-
_بس أنا عاوزة أعرف إنت ليه بتزعق لمامي إنت ما تزعقش كدا غير لما تكون عاملة حاجة وحشة
حدق"مالك" بزوجة عمه وكأنه القاضي، تحدث بعلو:-
_ها يا مرات عمي أخليهم يعرفوا الله يرحمك يا جدي كنت غالي
حين سمعت سيرة الجد شعرت بالرهبة فقامت من على مائدة الطعام، بينما "مرام" أحبت أن تنهي هذا الوضع فقالت:-
_بقالنا أسبوع ماشوفناش "جبل" هنروح له انهاردة عشان نشوفه
.......................................................................
وصلت إلى منزل "لميس"، جلست بالصالون بعد أن سلمت عليها، انتظرت"فوقية" التي خرجت بسرعة فائقة، نظرت لها بشدة، اتزلقت الدموع من عينها وقالت بلهفة:-
_تعالي في حضني يا "ملاك"
استغربت "ملاك" منها فلم تتوقع قط أنها تعرفها، ظلت تحدق بها باستغراب إلا أن همست لها "لميس" وقالت:-
_ممكن عشان إنتي هتجبلها حقها وعشان هي عارفة إنك مرات "جبل" المنشاوي
انكمش حاجبيها بصدمة وردت عليها باندهاش:-
_وهي تعرف جوزي منين
صمتت قليلاً لتكمل بذعر:-
_أوعي يكون حاجة وحشة له أنا مش هساعد حد على حسابه كفاية إنه تعبان
سمعتها "فوقية" مما جعلها تبتسم وتقول بحنو:-
_وأنا حابة دا لاني أمه
كانت "ملاك" تمسك بكوب العصير قبل أن تتحدث "فوقية" وحين قالت هكذا وقع منها الكوب من هول الصدمة، ابتلعت ما في حلقها بتوتر وقالت بتساؤل:-
_إزاي مش فاهمة وبعدين اللي أعرفه إن مامته خانت عمو "جلال"
كانت "فوقية" تسمع حديثها وتشعر بالخذلان، كيف له أن يجعل زوجته خائنة تلك التي تمثل شرفه، ليته قال أنها ماتت، أغمضت عينها بتعب ثم بدأت تسرد لها ما حدث
.......................................................................
في شركة "جبل" تحديداً بمكتبه، أمسك "جبل" هاتفه وتحدث مع الموظفة قائلاً لها يأمر:-
_اتصلي بصاحب محل العربيات خليه يبعتلي العربية الليى هبعتلك صورتها وتكون لون بنوتاتي وخليه يعمل عقد باسم المدام
_حاضر يا فندم
كان هذا ردها، قفل معها الهاتف، ونظر لحسوبه يتفحص الرسائل، سمع مسجل صوتي لصديقه يطلب منه مسكن لابنة عمه بجانبهم، عاد وهاتف موظفته وقال بحزم:-
_ابعتي "أحمد" بسرعة
انتظر "أحمد" خمس دقائق حتى جاء، ابتسم لع وقال بترحيب:-
_ازيك يا عريس أختي
بادله "أحمد" الابتسامة وهو يقول:-
_ربنا يعزك يارب تسلم
أمره "جبل" بالجلوس وقال:-
_الغداء عندي وان شاء الله بكرا بعد الشغل نجيب عروستك من قفاها وتشوفوا الفيلا
انكمش حاجبه وقال بانفعال:-
_بس ما تقولش من قفاها
صفق "جبل" بيده وقال بمزح:-
ولعت والله يا بيضة وبقى ليكي اللي يتخانق عشانك
ثم قال بتحذير:-
_بس خد بالك لو عملتلها حاجة هموتك
قهقه "أحمد" بشدة وقال:-
_لا ما تقلقش في عينه
.......................................................................
حل الليل سريعاً، تجمع الجميع في حديقة فيلا "جبل"، تأفف من تاخير زوجته، قام من مكانه بحد وقال:-
_أنا هروح أجبـ....
ولكن قطع حديثه حين دلفت أمه مع زوجته أصابه الحيرة، نعم هي تلك التي تركته هو وأخته في الطفولة، ترعرع بدونها، بغض النساء بسببها، ما الذي جعلها تعود، ما سبب تقربها من "ملاك"، صرخ بعلو:
_" ملااااك" إيه اللي مقربك من الست المنحطة دي واللي بتعرفش عن الأخلاق والأمومة حاجة
هذا الحديث كان مبثابة خنجرٍ دخل في قلب "فوقية" التي تقدمت منه تحت أنظار "ملاك" والتي صمتت حتى تدعها تدافع عن نفسها، حاولت "فوقية" أن تمسك يده ولكنه دفعها وكادت أن تقع، بتلك اللحظة تكلمت برجاء:
_اسمعني!
_وقت السمع انتهى للأسف خلاص! وقت احتياجي ليكي خلص دمعتي وقفت وتبدلت بقسوة ابعدي عني
هذا ما قاله "جبل" بينما "مرام" فكانت مصدمة مشاعر كثير احتلت قلبها وعقلها، أتهرول وتسكن بداخل احضانها أم تصرخ كما صرخ شقيقها، حاولت "ملاك" أن تتحدث حيثُ قالت:
_اسمعها يا "جبل" !!!!!
نظر لها بشرار وكاد أن يقترب منها ويصفحها بقوةٍ لمدافعتها عن تلك السيدة، قال بصوت جمهوري:
_لو ادخلتي هتكوني طالق بالتلاتة فهمتي
التفتت "فوقية" إلى "ملاك" حتى تصمت، جاءت حتى تقترب من "مرام" ولكن وقف "جبل" كحائط يسد المسافة بينهما وبأمر بـ:
_"مرام" على أوضك مش عاوز أشوفك غير أما زبالة البيت تمشي..................................................................................... ..........................
يتبع
لفصل السادس وعشرون
حاولت أن تمنع "مرام" من الصعود، يجب عليها البقاء حتى تسمع الحقيقة، لابد أن يميل القلب لتلك السيدة التي خسرت عمرها بدون مقابل، كل هذا بسبب.رجل أناني لا يحب غير نفسه، أمسكت "ملاك" يد "مرام" وقالت برجاء:-
_"مرام" هتندمي لو روحتي!
بتلك اللحظةسمعت صرخات "جبل" باسمها والتي كانت لا تؤدي للخير:-
_ "مــــــــــــــــــــــــــلاك"!!!
استدارت له وبرجاء شديد قالت:-
_يا" جبل" اسمعني وخليك واثق فيا لمرة واحدة بس ثق في كلامي
تحدث بعلو شديد:-
_إنتي مش عارفة حاجة عن الست دي فماتدخليش تمام
لوت ثغرها بضيق، تنهدت بقوةٍ، متمنمية ألا يكون حمق لبرهة من الوقت، لا تحب تسرعه بالحكم على الجميع، لقد تفح الكيل مما يفعل، الآن أصبحت تعرف السبب وراء خوفه من حبها، أخذت نفس عميق ثم قالت بتمرد:-
_بس هتسمعها وهتقعد إنت وأختك
صمتت قليـــــلاً لتقترب منه بهدوء وتضع يدها على كتفه وبدعم كبير قالت:-
_لمرة واحدة اسمع يا حبيبي ممكن ما تسمعش وساعتها هتندم اسمع أي حد هيجيلك حتى لو كان عدوك
تافف بشدة ثم قال بانفعال:-
_ملاك إنتي عاوزة إيه فاهميني عاوزة إيه لتفهميني لترحميني
ابتلع ما في بلعومه ومن ثم أشار باصبعه نحو أمه وقال:-
_أنا ممكن أسمع أي حد لكن الست دي لا استحالة اسمعها دي سابتني أنا و أختي وبعدين أنا قولتلك إنتي متعرفيش حاجة عنها
كانت "فوقية" تبكي بشدة على كره أبناءها لها، تمنت أن تنقطع أنفاسها بتلك اللحظة ولا ترى أولادها لا ينظرون إليها، تنهدت تنهيد يحمل ألمها ثم همست:
_حسبي الله ونعم الوكيل في اللي كان السبب
انتبهت إلى صياح "ملاك" الغاضب من زوجها:-
_إنت هتسمعها يعني هتسمعها شوف بالذوق بالعافية هتسمعها لأن في سوء تفاهم فكر لمرة واحدة قد إيه وحشتك اسمع منها بقى
شعر "مالك" أن الأجواء في منزل صديقه لا تصلح حتى يجلس هو و ابناء عمه لذلك قال بهدوء:-
_طيب يا "جبل" هنمشي احنا!!!
وقبل أن يهز رأسه بالموافقة سمع "ملاك" تأمرهم بـ:-
_مافيش خروج الكل هيسمع والا..
حدق بها حتى يسمع تهديدها قائلاً بغضب جامح:-
_وإلا إيه حضرت جانب الصحفية المشهورة أو حضرت جانب زوجتي المصون
حاولت إلا تخاف من نظراته فأكملت بخفيض:-
_هسيب البيت ومش هتشوفني وبرضه وقبل ما اسيبه هسمعك كل حاجة
كور يده بقوةٍ حتى يمنع نفسه من ضربها، تنهد بقوة ثم أمر شقيقته بالجلوس وبعد ذلك رد على زوجته بكل تحذير:-
_وأقسم بجلال الله لو فكرتي بس تهديدني تاني أو تنفذي تهديدك لهتشوفي كل حاجة وحشة في حياتك
بهذة اللحظة اقتربت "صباح" منه وقالت بحنو:-
_يابني اسمع اللي كنا خايفين نقوله اسمع
بينما "سامية" فكانت خائفة من الحقيقة أمام "ملاك" لا تريد أن تظهر كل الحقيقة أمامها فتخسرها، بعد أن وافق "جبل" أن يسمع ماحدث، جلس الجميع بغرفة الصالون، وبدأت "ملاك" تعرض لهم التسجيلات والتصويرات التي أخذتها "لميس" لها، استمع لهم "جبل" بدقة، اشتد احمرار مقلتيه، نظر لـ "فوقية" التي استحملت كثيراً، ظلت تقاوم من أجلهم، تحولت انظاره لشقيقته التي انهمرت في البكاء، كان "مالك" بجانبها يهديها بحنو، بينما هو من بجانبه حتى يواسيه من حرمان أمه، أغمض عينه بفقدان لجميع المشاعر التي مرت بحياته متردد في عقله كلمة واحدة:-
_كلكم زي بعض كلكم زيه
كادت الدموع تنزلق من عينه ولكنه حبسها بشدة، بتلك اللحظة انتبه إلى اليد التي وضعت على كتفه، يد تجعله يشعر بالأمان والراحة، تنهد بقوةٍ ثم نظر إلى صاحبة تلك اليد، صاحبة الأنامل الساحرة، حدق بمقلتيها ليغرق في نهر دافء لا يحظى بيه غيره، ابتسم بكل حب ثم قال بندم:-
_آسف على زعيقي فيكي آسف على كل حاجة عملتها غلط معاكي وإنتي قدمتي عكسها
بادلته البسمة ثم قالت بهمس:-
_أنا دايما معاك يا حبيبي متقلقش
.........................................................................
استغلت وضع المنزل، واستعدت للهروب، نعم ستغادر المكان، الآن "مالك" يشك بها بشدة، ستترك كل شيء، تنفست بقوةٍ حين ذهب الجميع لمنزل "جبل" الآن هي حرة لمدة معينة، تريد حريتها كاملة ولن يحصل هذا إلا بعد الخروج من القصر، أمسكت حقيبتها ووضعت ملابسها بدون ترتيب، أخذت مبلغ مالي كبير، ثم هاتفت صديقتها "كريمة" قائلةٍ بهلعٍ:-
_إيه يا "كريمة" احجزيلي تذكرة لبريس حالا لازم أسافر
ردت عليها "كريمة" والتي كانت مستغربة موقفها:-
_هتسافري هتسافري ليه
تأفف بشدة وانفعلت عليها وهي تقول:-
_هو إنتي متعرفيش تعملي حاجة غير وإنتي سألة عليها اللي أقولك عليه تعمليه من غير منهدة فاهمة ولا لاء
تأففت "كريمة" بشدة ثم سالتها عن:-
_طب "ريناد" احجز لها؟!
بحدٍ شديد أجابتها:-
_لا هي هتكون مع "مالك" هو حاليا مش هيسبها لي
وافقت صديقتها وعادت تستفر عن:-
_عرفتي حاجة عنه طيب هتسافري له
تنهدت بقوة وقالت:-
_معرفتش حاجة ولا نيلة اختفاءه طول أوي ومش عارفة أعمل إيه؟!
_متقلقش خير
هذا ما قالته "كريمة" قبل أن تقفل معها، جهزت الحقائب في سرعة، ونزلت إلى الحديقة وهي ماسكة بهم، جعلت الخادمة تضعهم في السيارة، وصعدت بها قائلاً للسائق:-
_على المطار
أومأ السائق برأسه ولكن وحين اقترب من بوابة المنزل لم تفتح فعاد ينظر لها فكانت شاردة، صرخ باسمها بعلو بعد عدة محاولات فاشلة كان يناديها بهدوء ، انتبهت له وقالت:-
_إيه؟!
رد عليها بحنق:-
_يا فندم بقالي ساعة بنادي عليكي حاليا الباب الكبير مش عاوز يتفتح قدام عربيتك معرفش ليه
استغربت من حديثه فنزلت من سيارتها وسالت الأمن بهدوء:-
_إيه اللي بيحصل عشان الباب ما يفتحش
رد عليها مسؤول الأمن:-
_أوامر "مالك" بيه إن طول ماهو مش موجود ولا حضرتك ولا عربيتك هتخرج من المكان ولما تعوزي تروحي على حتة حد فينا هيروح معاكي
ذهولت مما يقوله بل وفتحت فاهها من حد الصدمة، ابتلعت ما في حلقها قبل أن تصرخ بشدة:-
_لا وهو سجن إن شاء الله افتح بقولك
وكأنها لم تتحدث، تجاهلها تماماً، وعاد يقف بمكانه، بينما هي فتأففت بشدة وعادت تهاتف "كريمة":-
_الو" مالك" شكله عرف باللي حصل كله ومش ناوي على الخير
قفلت الهاتف ولم تسمع ردها، عادت للداخل وهي تفكر في حال للهروب من هذا المنزل، كيف ستنقذ حالها لم تعد تعرف، أغمضت عينها بشدة وصرخت بالخادمة:-
_غوري أعمل لي كوباية قهوة بسرعة
أسرعت بالفعل الخادمة تنفذ أوامرها، أما هي فمزالت تفكر في شيءٍ ما حتى تخرج من المكان
.........................................................................
أمسك بيدها بحبٍ، شعر معها بالأمان، هي فقط، اقتربت من والدته وطلبت منه السماح قائلةٍ له برجاءٍ:-
_كان نفسي املي عيني بيك وإنت بتكبر بس مقدرتش كان نفسي أشوفك وإنت بتخرج من المراحل التعليمية وأنا بفتخر بيك كل عيد أم كان نفسي في هدية منك آسفة مقدرتش أبقى معاك بسبب أنانية أبوك سامحني
أشارت له "ملاك" حتى يقوم ويتحدث معها، وكأنه كان ينتظر الاذن من أحدهم، قام وألقى بنفسه بين ذراعيها، صرخ باسمها:-
_ااااااه يا أمي وحشتيني أوي أنا اللي آسف على كل لحظة ظنيت فيها إنك خاينة والله لهيندم على كل لحظة ألم سببها ليكي
ابتسمت بحبٍ، وضعت يدها على ظهره وقالت بحنو:-
_ربنا هياخد حقي يا حبيبي
جاءت عينها على صغيرتها، مازالت ملامحها البريئة مرسومة على وجهها بشدة، فتحت ذراعيها وقالت ببكاء:-
_لسة زي ما إنتي يا نور عيني حلوة وجميلة
بكت "مرام" بشدة وقامت حتى تسرع وترتمي باحضانها، تحدثت بكل اشتياق:-
_عمري ما كرهتك حتى كلام بابي مكنش في بالي مامي انتي وحشتيني
دمعت عين كل من "ريناد" التي تفقد حب الأم برغم من قربها الشديد، و "مالك" الذي تركته أمه وذهبت مع أبيه للخارج، و "دنيا" التي تذكرت حنان أمها المتوفية، وعلى البعد منهم بقليلا كان شعور "ملاك" مختلف، لاتسطيع أن تنسى ما حدث مع عائلتها قط، الحادث مازال في مخيلتها، دموعها بالمشفى حين قال الطبيب أنه لم ينقذهم أبداً، شعرت بها "فوقية" فكيف لا تشعر بألمها، اقتربت منها لتشكرها وتقول بحنو:-
_أولاً بشكرك جداً يا بنتي إنك سمعتيني ومن النهاردة أنا زي أمك عمرك ماهتفقديهم
تشبهم بالفعل، قريبة منهم، ابتسمت بحب ثم قالت بدموع الفرح:-
_أنا يزيدني شرف يا ماما
ما أجمل تلك الكلمة التي خرجت منها، تتمنى أن تعوضها عما حدث معها
.........................................................................
بعد مرور شهــــر تم تحديد جلسة محاكمة "جلال" لم يزوره "جبل" ولا شقيقته، جلس الجميع أمام القاضي وبدأ المحامي في الدفاع، علمت "عبير" ما حدث مع "جلال" فأصرت عن تذهب للمحكمة بعد أن سمح لها "مالك"، استمع الجميع لما يقوله المحامي:-
_سيدي حضرات السادة الحاضرين إن موكلتي والجاني عليها اتظلمت من هذا الرجل الذي لا يرحم حتى لم يرحم أبناءه فلقد كان السبب في تدميرهم وجرحهم، أنظر إليهم يا سيدي كم وجه برئ ظلم من أجل الأنانية وحب المال
تنهد القاضي ثم نظر إلى" جلال" وسأله بهدوء:-
_مادفعك لتفعل هذا؟!
لم يرد عليه فحول أنظاره إلى وكيل النيابة الذي قام وقال:-
_هذا الزوج والأب والأخ والصديق باع زوجته وشقيقته وزوجها الذي يكون صديقه وشيقيق زوجته لقد حرم ابنة أخته من أبويها، لقد حرم أبناءه من أمهم لقد خائن صديق عمره مع زوجته أسالهم جميعاً يا سيدي أجعلهم يطلبون بحقهم جميعاً.
كانت "ملاك" تستمع لحديثه وتشعر بأن تلك القضية متعلقة بها، لقد شعرت بالإختناق، تأففت بقوةٍ مما جعل "جبل" ينظر لها ويسألها بهلعٍ:-
_مالك يا حبيبتي؟!
تأففت بشدة وقالت بحنق:-
_والله يا "جبل" ما عارفة حاسة بشيء مخيف حاسة إن في حاجة هتحصل وهتبعدني عنك
لن يفرق بينهم أحد حتى الموت كان هذا تفكير "جبل" الذي قال بانفعال طفيف:-
_الموت نفسه مايقدرش يفرقنا أنا وإنتي لبعض وهنفضل لبعض فاهمة ولا لا....
لا تعلم هل تستريح لكلامه كما يقول قلبها أم تسمع كلام عقلها، كانت "سامية" تجلس بجانبهم وتستمع لحديثهم، خائفة من تفريقم
انتبه الجميع حين قامت "فوقية من مكانها وسردت ما حدث معها:-
_أنا وأخويا الله يرحمه كنا صحاب أوي لـ" جلال" وأخته وأنا وهو حبينا بعض وأخته وأخويا حبه بعض بس للاسف هو كان طماع عاوز فلوس الكل خطط لقتلهم ولما عرفت حطني في المصحة وبنت أخويا كبرت بدونهم برغم من إن أخويا هرب بيهم بس كان قادر وعملها ولما عرف إن بنتهم رجعت تاني وابنه عاوزها فقال يومين وهيرميها وأنا أقتلها
وقف "جبل" من هول الصدمة ماذا، أي جوازة هو لما يحب غير "ملاك" ، قامت زوجته لتفهم ما تقول وسألتها بفزع:-
_قصدك إيه يا ماما
استدارت لها وقالت بصراخ:-
_قصدي إنك بنت أخويا اللي حربت الدنيا عشان ما يموتش أقصد إنك كنتي أعز حد على قلب ابني وإنتي صغيرة واتفرقته أقصد إنك كمان بنت عمته اللي ماتت على أيد أخوها...
.....................................................................
لقد استلم منه الفيلا والتي ستكون عش الزوحية الخاص به هو وزوجته، أحب أن يجعلها مختلفة وبسيطة، وضع لائحة من الخارج مضمونها:-
_فيلا أحمد و دنيا
نعم هذا الشيء مجنون وغريب ولكن يريد أن يجعل الجميع يعرف مدى حبه لها، دخلت بتلك اللحظة "رحمة" وقالت بحب:-
_هتعمل فرحك معايا ولا إيه
يحلم بشيء آخر لحبيبته، يردها أن تفرح هي وعائلتها، يكفي ما حدث والدموع التي انزلقت من عينها وما أخبره به "مالك" وأصر ألا يخبر به أحد
رد عليها بتنهيد عميق:-
_لا هيبقى مختلف عن أي حد هيبقى جميل وبعدين إنتي الأول وبعدها بأسبوع "مالك" و "مرام" وفي الآخر أنا وحبيبتي
وضعت يدها على كتفه وقال بضحك:-
_ربنا يهني سعيد بسعيدة يا حبيبي ويخليكم لبعض يارب
ابتسم بحب ثم قال:-
_ربنا يخليكي يا حبيبتي ويكمل للجميع على خير
سألته بحب عن:-
_أومال "دنيا" فين
أجابها بهدوء:-
_في المحكمة مع العيلة في مشكلة هناك
......................................................................
أمسكت هاتفها وأمر قالت:-
_نفذ الخطة بأقرب وقت أنا هنتقم بأقرب وقت
بعد أن أنهت حديثها قفلت الهاتف والبسمة مرسومة على ثغرها، استدارت بظهرها فوجدت والدها خلفها رفعت حاجبها وقالت:-
_إيه رأيك في اللي عملته؟!
رد عليها "حمدي" وهو يقهقه بشدة:-
_برافوا عليكي يا "مايا" يا غالية عليا
حضنته وبكل حقد قالت:-
_كل فلوسك هترجعلك وحقي هيرجع قريب جداً
