رواية النمر الجامح الفصل الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر بقلم اميرة انور


 

الحادية عشر والثانية عشر 

 ... الفصل الحادي عشر... 

رواية (النمر_الجامح) 


حملقت به باستغراب،  فتحت فاهها لتتحدث باندهاش وكل 

تفكيرها بأنه لا يتذكر ما حدث بليلة الماضية: 

_إنت مش فاكر حصل إيه امبارح؟! 

أومأ برأسه يوافقها على حديثها ليقول بعد ذلك بانفعالِ: 

_لا مش فاكر لإني لو افتكرت هعمل حاجة مش هتعجبك أنا قولتلك بلاش تمشي ونفذتي اللي عملتيه صح ولا لاء

أغمضت عينها بتوتر فهي تعلم بأنه محق،  تحدثت بهدوء: 

_بجد آسفة يا "جبل"  والله والله مكنش قصدي حاجة

نظر إليها من أعلى رأسها لأغمص أقدامها وإذا به يصرخ عليها بصدمة: 

_هو إنتي مأكلتيش صح شكلك ما فطرش عاوزة تروحي المستشفى يعني هطلبلك فطار وبعد كدا هحاسبك

استغربت تصرفه بل وكان ما قاله هذا جعل قلبها يكثر في إقناعها بأنه يحبها حتى عقلها من يقف بشموخه ويوازن الأمور وقع أمام حنيته،  الآن هي لا تفكر قط في أي مخاطر ستحدث معه، ستتقدم له دون خوف، دون خجل ستخبره لِمَا جاءت، ستقول أن غرامها سرُق والمجرم فهذا الأمر ليس إلا من خفق قلبها له، تشعر بالأمان في وجوده وحين يغيب ترحل الطمأنينة منه،  انتبهت له حين طلب في هاتفه من موظفة الإستقبال الخاصة به،  تلك التي تجلس والذي قال لها أكثر من مرة هذه السيدة ممنوعة من الدخول في الوقت الحالي،  استمعت له حين قال بلهفة: 

_هاتي يا بنتي لبن وسندوتشات جبن ولنشون وبيض مسلوق وابعتيه مع حد بسرعة 

رفعت سبابتها حتى ترفض كل هذا الطعام معدتها يكفيها شيءٍ بسيط للغاية، لم يبالي لها وأكمل محادثته مع الموظفة: 

_وأنا هاتيلي قهوتي تمام

قفل الهاتف لتقول بطفولة: 

_أنا مش هآكل كل دا يا "جبل"  وبعدين مش بحب اللبن ولا البيض وإيه كمية السندوتشات الكتير اللي قولت عليها دي

لم يبالي لحديثها حيثُ كان يتجاهلها متعمد ذلك،  غيرت حديثها وبدأت تحكي عن صديقها وطبيعة عملها: 

_على فكرة "مصطفى"  صديق طفولتي ومتعود عليا ومتربين على بعض وكمان هو أما شافني صدفة وهو مكنش في البلد فهزر وسلم مكنش يقصد يخرب مفأجتك ليا...! 

كان يجذ على أنيابه لا يتحدث قط،  مكور يده وكأنه سينفجر بها الآن، أكملت حبال حديثها التي لا تنتهي وبرغم من كونه لا يرد ولكنها لا تتوقف أبداً عن الشيء الذي يثير غضبه: 

_بص يا "جبل"  أنا بحب شغلي جداً والله وحياتي مليانة بالصحاب الولاد فأنت حاول تصاحبهم 

لم يستطيع ألا ينفجر،  كان يؤجل عقابها حتى تأكل ولكن نفذ صبره تماماً،  حيثُ وبعلو صرخ بـ: 

_أصل أنا معلق قرنين صح أو ديوث مثلاً لا أقولك كيس جوافة طب ماتبوسوا بعض كمان قدامي عادي... 

صمت قليلاً حتى لا يُخرج من فاهه كلمة يندم عليها، فكر بعد الوقت كل هذا وهي تشعر بالتوتر نوعٍ ما،  رد أخيراً عليها ببرود شديد: 

_طب أنا مالي ها هو مش إنتي بنفسك قولتي إنت مالك يبقى مش من حقي أعرف ولا من حقي أغير عليكي. 

هزت رأسها ترفض بشدة ما يقوله وبدون قصد قالت: 

_مكنتش أعرف إن معجبة بيك كده! 

صمتت قليلاً لتقوم من مجلسها، وتسير للأمام بعد أن أعطت له ظهرها،  أكملت ما بدأت في قوله بتوتر شديد وكأنها في إختبار شفوي لا تستطيع أن تسرد أجابتها للمعلم من خوفها: 

_بس يا "جبل"  طول عمري بتمنى حد يحبني زي حب بابا لماما حب مفهوش شك كان بيغير طبعا بس كان في أصدقاء في حياتها هي كمان كانت بتتجنب غيرته 

دمعت دموعها فوراً حين ذُكر سيرتهم،  استدارت له متنهدة بشدة، حاولت أن تقاوم ما ينزلق من حدقتها ولكن دون جدوى،  أغمضتها ثم قالت ببسمة صغيرة: 

_مش بحب أبداً أعيط قدام حد بس عيط قدامك من غير ما أفكر أنا بـ.... 

كان ينتظر كلمتها بفارغ الصبر ولكن دخول الموظفة الخاصة به ومعها الطعام جعل أحبالها الصوتية تتوقف عن الحديث،  نظر لها بشرار كان يود أن يصفعها ويجعلها تغادر، ولكن وجود الطعام معها جعله يقول بصرامة: 

_حطي الأكل وأطلعي من هنا بسرعة! 

لم تنتظر أن يعيد حديثه مرة أخرى حيثُ أنها خرجت على الفور من المكتب،  قام من مكانه،  إقترب منها ثم قال بلهفةٍ: 

_قولي يا "ملاك" إنتي إيه....! 

نظرت في مقلتيها لا تعلم هل بهم شيءٍ مغناطيسيّ حتى يجذبها هكذا ويجعلها مسحورة ولا تعلم ما الحديث التي تخرجه من فمها، حيثُ قالت بكل رقة: 

_بحبك يا "جبل"  

ابتسم "جبل"  ابتسامة غير معروف معنها ولكن تحمل نوعٍ من أنواع الفرحة،  رد عليها ببرود مصطنع: 

_وهو إنتي اكتشفتي كدا في يوم وليلة يا "ملاكي"  ! 

_مش عارفة إنت قلبت حياتي يا "جبل" أنا بحبك من يوم مابقينا حلوين مع بعض  

مد شفاهه لأمام قبل أن يجلس مرة ثانية على مقعده،  ليقول بعد ذلك بصرامة: 

_"ملاكي" يعني ياء ملكية معنها من ممتلكاتي وأنا كمان من ممتلكاتك يعني صديقك مش منعك منه بس ياريت يا "ملاك"  تراعي غيرتي زي مامتك الله يرحمها 

أومأت "ملاك"  برأسها توافقه بشدة على ما يقول،  ابتسم لها ثم أشار بيده حتى تجلس وتناول طعامها: 

_طب يالا تعالي كلي بقى 

نظرت إلى الطعام بستياء فهي لا تحب بعضه،  رفعت سبابتها وقالت برجاء: 

_سندوتش واحد بس كفاية

رد عليها بتحذير بـ: 

_الأكل لو ما خلصش هو وكباية اللبن والبيض يا طفلتي اعتبري إني مقبلتش إعتذارك 

لم تمهله الفرصة ليكمل حديثه حيثُ اتجهت نحو الطعام وبدأت في تناولة بشراهة وكأنها لم تأكل من قبل................................................................................................................................................................ 

  _يا باشا بقولك الدكتورة معانا متقلقش هي بنفسها قالت كدا

كان هذا الحديث يخرج من فم "محمد"  مدير المشفى عبر الهاتف كان يسرد لمن يأمره ما الحوار الذي دار بينه وبين "لميس"، رد عليه الآخر بتساؤل يملؤه الحنق الشديد من تصرف هذه الطبيبة: 

_وهي إيه اللي خلاها تقول ضميري في الأول كدا وترفض العرض بتاعنا...!؟ 

قهقه "محمد" على ما قاله رب عمله، بهدوء شديد رد بـ:

_شويتين بيتعملوا يا ريس دكاترة كتير قبلها عملوا كدا البت ناصحة وهتديها علاج ما يجننهاش بس يخليها تعترف إنها مجنونة

قال المتصل بعدم تصديق:

_بجد وديتهولها

رفع "محمد" حاجبيه بثقة قبل أن يهتف بـ:

_لسه أما اللجنة تيجي واللي هتثبت انها لازم تقعد في مصحة العلاج دا هتاخده عشان هي بقت تثق في الدكتور "لميس" نوعٍ ما وهي هتبدأ تديهولها من النهاردة...!

_برافو عليك هو دا الشغل بصحيح هقفل أنا بقى سلام

قفل الهاتف معه، ونظر إلى شاشة حسوبة يراقب غرفة "فوقية"،بينما كان هناك من يسمع كل ما قاله ومن مكتبها الخاص، ابتسمت الطبيبة"لميس" بخبثٍ وقالت بثقة:

_قريباً هتشوف هعمل إيه يا حضرت الدكتور "محمد"

قامت من مكانها واتجهت نحو غرفة "فوقية" لتقول بهدوء:

_خدي العلاج دا هيخليه دماغك سليمة تماماً

حدقت بها "فوقية"بهدوء و بعدم إكتراث قالت لها:

_أنا عقلي سليم وبعدين هو إنتي ما صدقتي إنى خلاص بقيت أثق فيكي...!

تأففت "لميس" ومن ثم قالت بحنق:

_أنا مابقتس عارفة أعمل إيه عشان تصدقي إني معاكي صدقيني وخدي العلاج

أومأت براسها، مدت يدها للأمام لتأخذ منها الدواء، تناولته وأغمضت عينها بهدوء...

تسحبت "لميس" رويدًا رويدًا من أمامها لتخرج بعد ذلك وتتركها بمفردها..................................................................................

.........................................................................

نزل عليه ببعض اللكمات الموجعة،  حبيبته لا يحق لأحد أن يجعلها تبكي،  ولا يحق لأحد أن يلمسها، صرخ به بعنف: 

_إزاي تلمس خطبتي يا حيوان ها إنت عارف إنها أغلى من حياتي أنا مش هخليك تعيش أصلاً 

كان الجميع يسمعه،  غمزت "دنيا"  لصديقتها بخبثٍ،  اقتربت منها وهمست بـ: 

_شوفتي يا ختي بيحبك ازاي وبيخاف عليكي كمان 

من بين شهقاتها ردت بـ: 

_عارفة كل دا أنا وابن عمك مكتوبين لبعض بس لازم أخليه يتغير وكمان مش قادرة أنسى اللي حصل واللي مش هسامحه عليه 

قامت من مكانها واتجهت نحو "مالك"  وقالت بهدوء: 

_"مالك" خلاص الراجل هيموت في إيدك والله..! 

استدار لها تارك خصمه لحراسه، حملق بها بحبٍ ثم أمسك يدها وسألها بهلعٍ: 

_إنتي كويسة يا "مرام" دلوقتي؟ 

أومأت "مرام"  برأسها كأشارة لكي يعلم بأنها بخير،  تحدثت بصوتٍ منخفض: 

_الحمدلله بخير شكراً يا "مالك"  

ثم التفتت نحو "دنيا"  وقالت بتساؤل: 

_جاهزة...؟ 

هزت "دنيا"  رأسها بالموافقة،  ليحدق "مالك"  بهم باستغراب ويقول: 

_راحين فين...؟ 

توترت "دنيا"  قليلاً بينما "مرام"  فتنهدت وحاولت أن تزيل خوف المجرم من قلبها ثم أجابته بـ: 

_راحين نجيب حاجات وهنخرج نشرب أي حاجة برا ونرجع 

أشار لها بتحذير قاتل: 

_لو عرفت إنك قابلتي حد يا "مرام"  مش هيحصل كويس أنا قولت أهو

توقف عن الحديث برهة من الزمن تذكر بها شيءٍ ما،  جعله يصرخ بها: 

_هو إنتي ليه مدخلتيش كنت مستنية الحرامي يخطفك ويثبتك

كان يقول حديثه وهو يقترب منها روايدًا روايدا لترد عليه بعد أن وضعت أصابعها الخمس في وجهه حتى يقف ولا يقترب أكثر من ذلك: 

_أولاً اللي حصل أمبارح وزعلي مع "جبل"  خلوني مش عاوزة الصراحه أتكلم معاك خالص فهمت..!؟ 

ابتسم بخبثٍ وقال ببرود: 

_طب كويس إني نرفزتك... آااه أوعي تكوني فاكرة إني أما قولت إنك حبيبتي أو خطبيبتي دا حقيقة مثلاً أنا قولت كدا عشان متنرفز بس أنا بحب غيرك ولو إتجوزتك هتجوزها عليكي... 

قهقهت "مرام"  بشدة حيثُ أن حديثه كان شيءٍ ساخر بالنسبة لها.. 

لم ترد عليه قط،  فقط نظرت لـ "دنيا"  وقالت بأمر: 

_يالا يا بنتي أصل في ناس واثقة أوي من نفسها وثقة الكبيرة بتوقع صاحبها في شر أعماله

كانت "دنيا"  تمنع الضحك بصعوبة، اقتربت منها واتجهت نحو السيارة الخاصة بـ "مرام"  صعدت كل منهم بها لينطلق السائق بعد أن أمرته "مرام"  بالمغادرة سريعاً 

بينما "مالك"  فكان ينظر لطيف السيارة إلى أن غادرت تحدث بهدوء شديد: 

_عمري ما هقدر أحب حد في الدنيا قد ما بحبك يا طفلتي بس كان لأزم أخليكي تنسي الحرامي دا

بتلك اللحظة اقترب الحارس منه وقال بتساؤل: 

_باشا إحنا كملنا الضرب على الحرامي نوديه القسم ولا نعمل إيه...؟ 

فكر قليلاً ثم بعد ذلك قال بشر: 

_لا سبهولي أنا اللي هتعامل معاه

بهذه اللحظة تدخلت "ريناد"  التي كانت تستمع لهم جميعاً ولم تخرج حرفاً واحد من فمها،  تحدث الآن وقالت: 

_سبهولي عشان العبه عسكر وحرامية

رفع "مالك"  حاجبه باندهاش ثم استدار حتى ينظر لها باستغراب،  تحدث بسخرية: 

_فاكرة نفسك في حارة حضرتك. 

.........................................................................

في منزل "ملاك" 

جلست "سامية"  باستياء،  وضعت "صباح"  يدها على كتفها ثم قالت برجاء: 

_متشغليش بالك وبالي يا "سامية"  ربنا أكيد له حكمة كبيرة في كدا 

هزت رأسها توافقها على الحديث ولكن الدموع التي تنهمر من مقلتيها لا نتوقف قط عن النزول،  الشعور الذي تحمله في قلبها لا يحمل أحد غيرها،  تريد أن تصرخ أو تبوح بالحقيقة لتلك الفتاة المتمردة،  الآن تشعر بالضياع،  تنهدت بقوة قبل أن ترد بـ: 

_خايفة عليها من الموت من الوجع يا "صباح"  لهفة الحب جميلة بس يا عالم أخرها وبعدين مش يمكن يكون "جبل"  شبه أبوه المصيبة بقى في "جلال" نفسه الراجل دا متعلق في رقبته دم ناس كتير

لوت "صباح"  ثغرها لتقول بعد ذلك بسخرية شديدة: 

_دا حتى ابنه ممكن يموته يا ختي بدم بارد عادي اللي خلى عياله ينحرموا من أكتر حاجة بيحبوها في الدنيا 

هزت "سامية" رأسها توافقها على ما تقوله، تحدثت بخوف شديد: 

_أنا بقيت خايفة على الكل والله من الشيطان دا منه لله يا شيخة

ثم صمتت قليلاً لترفع يدها للأعلى وتقول بتمني: 

_يارب يا "ملاك"  تكوني بخير فأي حتة تروحيها يارب يا "ملاك"  تكوني محفوظة فأي مكان تكوني فيه حتى ولو شر

تنهدت "صباح"  ومن ثم قالت بنبرة استعجال: 

_همشي أنا بقى "مرام" مش بتاكل غير آكل معين هروح أعملها الآكل

أومأت برأسها توافقها على ما قالته ثم سارت معها حتى وصلت إلى باب الشقة،  قائلةٍ لها بحب: 

_خلي بالك من نفسك يا حبيبتي!! 

مالت "صباح"  قليلاً حتى تقبلها وتحضنها،  ردت عليها  بـ: 

_حاضر متقلقيش هخليه بالي من نفسي أوي وإنتي كمان ومتشغليش بالك وسيبي الأمور تمشي زي ما ربك عاوز بقى 

_ماشي...! 

.........................................................................

وصلت إلى مطعم كبير ومعها "دنيا"  التي كانت متوترة بشدة مما يحدث،  نظرت لها بخوف ثم قالت: 

_خايفة يا "مرام" 

ابتسمت لها حتى تجعلها تطمأن،  دخلت كل منهم وجلست على المنضدة التي يجلس عليها "أحمد"  الذي قام بلهفة شديدة حين رأها،  نعم هي من دق قلبه لها،  أخيراً وبعد كثير من الوقت وجدها،  طال الصمت كثيراً،  ولكن "مرام"  قاطعته بحديثها حيثُ قالت بخجل مصطنع: 

_رميو وحبيبته ليلى ومجنونها ممكن لو سمحت تخلصونا بقالكم كتير ما شوفتوش بعض فنخلص بقى أنا هقعد هناك أشرب قهوة عقبال ما تخلصوا

توقفت عن الحديث وكانت ستغادر ولكنها وقفت مرة ثانية متذكرة شيءٍ: 

_بصحيح يا "أحمد"  أنا قولت  لـ "جبل"  عليك وهو قال لي خليه يجيلي وكمان حكيتله على قربك وحبك لـ "دنيا"  وهو موافق وطالما "جبل"  وافق يبقى أكيد "مالك"  هيوافق

تأففت "دنيا"  بشدة لترد بعد ذلك بـ: 

_المشكلة في مامي يا "مرام" 

غمزت لها "مرام"  وهتفت بـ: 

_نكدية يا صاحبتي كبري وخليكي في مقابلتك لحبيبك بقى هروح أجبلكم حاجة تشربوها وهقعد أقرء رواية هموت وأقرأها

ابتسمت لها "دنيا"  ثم حملقت في "أحمد"  بعشق،  تأكدت بأن صديقتها غادرت لتقول بحبٍ جم: 

_وحشتني يا "أحمد"  كان نفسي تكون جنبي في موت جدو أوي إنت الوحيد اللي كنت بتمنى يجي 

كان سيمسك يدها ولكن تذكر بأن يخشى عليها من نفسه لا يريد أن يمسها يريد أن يحافظ عليها من أجله قبل أن يكون من أجلها... رد عليها بنفس نبرتها: 

_وإنتي كمان يا "دنيتي"  وحشتيني أوي غصب عني البعد خايف عليكي من نفس ومن نظراتي ووعد نفسي إني أكون حاجة تليق بيكي..........................................................................................................

الفصل الثاني عشر.... 

(النمر الجامح) 

في مكتب "جبل"، انتهت" ملاك" من تناول الطعام، حدقت بـ "جبل" الذي كان ينظر لها ثم قالت بتساؤل: 

_ها سمحتني

ابتسم "جبل" الذي أومأ برأسه قائلاً لها بحب: 

_آاااه يا قلبي سامحتك 

تنهدت براحة، تشعر الآن بأن الحياة أكثر راحة لها، قامت من مكانها وقالت بهدوء بعد أن أخذت حقيبتها: 

_تمام كدا هقوم أروح شغلي بقى 

انكمش حاجبه باستغراب ثم قال باندهاش: 

_نعم اللي هو إزاي...! أنا هعوض خروجة أمبارح مليش دعوة

لاحت البسمة على وجهه لتقول بعد ذلك بحنو: 

_وأنا حاطة في دماغي كدا بس المرة دي هتيجي البيت طبعا عندي عشان كمان تطلب أيدي للجواز يا حبيبي 

هز رأسه بخبث، تنهد بقوة ثم قال بثقة: 

_أكيد وكمان بكرة تيجي إنتي والدادة بتاعتك عشان تشوفي هتغيري حاجة في الفيلا ولا لاء

استغربت ما يقوله فعادت تجلس من جديد، تحدثت بتساؤل: 

_مش فاهمة ما أنا شقتي موجودة أصل الصراحة مش بعرف أعيش غير فيها

تحولت ملامحه للغضب، ماذا تقول هي، نظر حوله حتى يبين لها كم الثراء الذي يعيش به، جذ على أنيابه ليرد أخيراً بـ: 

_شايفاني شحات مثلاً عشان أعيش عند مراتي اعقلي الكلام يا " ملاك" الست اللي بتعيش مع جوزها ولا الراجل اللي بيعيش مع مراته 

ردت علي بحنق: 

_وشك بيحمر من أقل حاجة بقولها عاوز كلامك يمشي وخلاص من غير ما تفهم الكلام أبداً 

رفع حاجبه بتستغراب، تلك التي أمامه حين تغضب لا يعلم أيضحك أو يغضب، صوتها يعلو ووجها يصبح بلون الأحمر وهي تشبه الأطفال فتصبح صغيرة أمامه وكأن التي تقف أمامه ابنته الغاضبة من والدها لأنه لم يجلب لها قطعة الحلو، تكلم بهدوء: 

_بصي يا "ملاك" أي حد بيتجوز لأزم يا روحي يروح بيت الشخص اللي هيتجوزه أنا مستعد أشتري ليكي أي بيت في الدنيا بس مينفعش أقعد في بيت مراتي

تعلقت الدموع في مقلتيها حيثُ أنها لم تترك منزلها قط، لا تعرف معنى النوم إلا به فقط، جدرانه أمان بالنسبة لها، تحدثت برجاء: 

_عشان خاطري والله يا "جبل" البيت دا هو الأمان بخاف من أي بيت كبير جداً بخاف من كل حاجة الشقة اللي أنا فيها بابا جبها وأنا عندي عشر سنين أو سبعة كمان كنا عايشين في بيت كبير بس سبنا الشقة دي فيها دف كبير أوي هي اللي بتحويني

أمسك يدها، أغمض عينه ثم عاد وفتحها، تحدث بهدوء بعد أن أشار بيده الثانية على صدره: 

_هنا هيكون أمانك يا "ملاك" مفيش حاجة غير حضني اللي هيكون ليكي أمان يا "ملاكي" أنا هكون جنبك على طول ومش هفرقك أبداً 

شعرت بالأطمئنان قليلاً حيثُ أنها اقتنعت نوعٍ ما بفكرة السكن في الفيلا الخاص به، تذكرت شيءٍ فقالت: 

_طب دادة هتيجي معايا صح...! 

هز رأسه وقال بحنو: 

_أكيد مش هحرمك من دادة خالص بس أول شهرين مش هتكون معانا لأن أول شهر هنكون برا في البلد اللي هتختاريها وتاني شهر عاوزين نمشي كل الخدم من البيت عشان نكون مع بعض وبعد كدا الكل هيرجع

ابتسمت بحب ثم قالت بعشقٍ متيم: 

_بحبگ أوي يا "جبل" أنا مكنتش متصورة إني هحبك كدا

_وأنا كمان بحبك يا "ملاكي" 

قامت "ملاك" من مكانها بعد أن قالت بحب: 

_هستناك الساعة 4 بعد العصر

أومأ برأسه ومن ثم قال بحب: 

_دعوة مقبولة يا أميرتي 

خرجت من مكتبه، نظر لها حتى تأكد بأنها غادرت، لاح على فمه بسمة الانتصار، تحدث بثقة: 

_مشكلة البنات إنها بتصدق بسرعة صحيح إنتي مختلفة عن الكل وفيكي حاجة شداني حتى في صعوبة الوصول ليكي بس لازم تتربي أوحش حاجة في البنات إنهم بيحبوا بسرعة...... 

........................................................................ 

في المطعم، كانت "دنيا" تتأمله وهو يتكلم، تعشق خوفه الشديد عليها، تحبه بشدة بل تعشق الأرض التي تسير بها أقدامه، ردت عليه بحبٍ جم: 

_والله العظيم إنت الحاجة الحلوة اللي في حياتي أنا مش عارفة ليه مش راضي تخليني أقول لـ "مالك" عن حبي ليك بس

رد عليها بسرعة وقاطع باقي حديثها حيث هتف بـ: 

_لا يا "دنيا" أنا هجوز أختي وهشتغل الفترة دي صبح وليل مش هفصل أبداً ومش هصرف فلوس على أي ترفيهات غير على أخواتي والباقي هشيله، هجبلك شقة قريبة منكم عشان تكون قريبة من أهلك 

ابتسمت له بحب ثم قالت بهدوء: 

_مش عاوزة كل دا والله أنا بس عاوزاك إنت الواحد ممكن يستحمل إنه يتجوز في عشة بس أهم حاجة يكون مع الشخص اللي بيحبه أنا بحبك وعمري ما حبيت غيرك يا "أحمد" 

ابتسم "أحمد" على كل ما تقوله، نظر لها بحب ثم قال بحنو: 

_وأنا بحبك برضه يا "دنيا" الحياة بدونك صعبة الغياب اللي حصل دا أنا كنت بموت فيه عشان ما شوفتكيش أنا مش عاوز من الدنيا غيرك والله 

أردفت "دنيا" بعد أن أنهى "أحمد" حديثه بـ: 

_أختك هتتجوز أمتى...؟! 

رد عليها بنبرة جادة: 

_خلاص فاضل تقريباً شهر كدا 

هزت رأسها وقالت بحب: 

_تمام عشان هاجي

انكمش حاجبه باستغراب ثم رد بـ: 

_لا طبعاً أخاف عليكي من المنطقة عندنا أنا مش عاوزك تخطلتي بحد خالص... 

اندهشت بشدة من حديثه، شعرت بالحزن نوعٍ ما، كيف له أن يجعلها بعيدة كل البعد عن أحبائه، ردت عليه بضيق: 

_ليه يا "أحمد" أنا واحدة منكم أنا هكون منك الواحدة أما بتتجوز بتتنسب لعالم جوزها أخواته بيكونه مسؤلية منها زي ما هو متحمل مسؤليتهم.. 

توقفت عن الحديث قليلاً ثم ابتسمت بحب وقالت: 

_أنا عارفة عنكم كل حاجة من يوم ما حبيتك وأنا بقيت أتفرج على فيديوهات عن المناطق الشعبية الموجودة ازاي في مودة كبيرة في البيوت الصغيرة إزاي بقى مش عاوزين أكون واحدة منكم.... 

شعر "أحمد" بالفرحة الشديدة حيثُ حديثها جعل قلبه يرفرف من الفرحة، هتف بسعادة: 

_أنا عمري ما هندم أبداً إني حبيتك يا بخت أخواتي بوجودك في حياتي أنا بس مش عاوز حد يقول كانت من بيئة راقية وبقت من بيئة شعبية 

لم تستطيع أن تمنع نفسها من الغضب حيثُ أن تفكيره جعلها تنفعل بشدة، ردت عليه بـ: 

_تفكيرك غبي ليه؟ يوم ما حد يقولي كدا أنا هكون فخورة بنفسي الحاجة الوحيدة اللي بتمنها من الدنيا إن الكل يوافقوا على العلاقة اللي بتجمعني بيك... 

بتلك اللحظة قاطعت "مرام" روابط العشق بدخولها، تحدثت بمرح: 

_أيتها العاشقة وأيها العاشق الوقت كالسيف قطع أوقاتكم الجميلة يجب علينا الهروب فمن الممكن أن يأتي "مالك" أصله عامل زي العفريت بيطلع في أي وقت 

قهقه كل من "أحمد" و "دنيا" على حديثها لتقول "دنيا" بخبث: 

_عفريتك دا هيكون قصادك بعد ما تتجوزا 

تنهدت "مرام" بحنق وانقلبت ملامحه لتقول بهدوء: 

_طيب يا ختي يالا عشان نروح بقى 

قامت "دنيا" بحزن حيثُ أن الوقت مر سريعاً، شعرت بأنها ستبكي، تحدثت بحب: 

_الوقت أخدنا الواحد مش عارف هيشوفك تاني إمتى بس هكلمك واتس كتير لحد ما شوفك

ابتسم لها بحب ثم قال بصرامة: 

_تمام بس لو الساعة عدت 12 مش هرد عليكي تمام وخلي بالك من نفسك أوي في أمانة الله يا حبيبتي. 

ابتسمت له، أمسكت حقيبتها ثم غادرت ومعها "مرام" من المكان... 

........................................................................ 

اتجه "مالك" نحو منزله القديم، يريد أن يجد دليل في المنزل، القاتل أحد أفراد عائلته، من الممكن أن يكون والديه، فأبيه لا يحب جده، بتلك اللحظة رن هاتفه وكان المتصل ليس إلا "جبل" الذي قال له بحنق: 

_يا بني جدك الله يرحمه مات الشغل يا صاحبي شركتك اللي جدك فضل ساندها هتقع لو ملقتش رقيب يشوفها

رد عليه "مالك" بضيق: 

_إنت مش غريب أمسك شركتك وشركتي مش هنام ولا اشتغل غير أما أجيب حق جدي يا صاحبي. 

تنهد "جبل" وقال بهدوء شديد: 

_تمام يا صاحبي على العموم أنا معاك في أي حاجة يا برنس

_تسلم يا صاحبي 

هذا ما قاله "مالك" قبل أن ينهي المكالمة، أوقف محرك سيارته أمام الفيلا، نزل من سيارته ولأج للداخل، يبحث كالمجنون في كل الغرف، وكأنه يبحث عن خيوط مخفية لا ترى، دلف جميع الغرف ولم يجد شيء، عاد ودلف غرفة جده يبحث فيها كثيرا إلا أن وجد دواء سام في عبوة الدواء الذي كتبها الطبيب تذكر شيء بخصوص تلك العبوة حيثُ قال:

_مش دي اللي كانت ماسكهـ.... 

توقف عن الحديث، ليركض إلى سيارته وحدقته يملؤها الشرار

..................................................................... 

مر الوقت سريعاً، كانت "ملاك" ملهوفة بشدة، تنظف المنزل، وتفف تشرف على المربية الخاصة بها للدرجة التي جعلت "سامية" تصرخ بانفعال: 

_كفاية بقى حسستيني إن الوزير جاية مش مجرد واحد

حدقت بها بحنق، ردت عليها بغضب: 

_أنا مش عارفة الراجل عملك إيه نفسي بس تفهميني والله 

تجاهلتها "سامية" وبرغم من غضبها الشديد أعدت سفرة بها جميع الآكلات الشهية، دلفت "ملاك" لغرفتها حتى تجهز، أخرجت من دولابها فستانٍ بلون الأزرق الغامق، تركت لشعرها العنان، بهذه اللحظة رن جرس المنزل، أسرعت "ملاك" حتى تفتح الباب، فوجدت فارسها يقف بداخل المنزل حيثُ فتحت له "سامية" 

ابتسمت بسعادة، تحدث بحب: 

_حمدلله على السلامة يا "جبل" نورت

ابتسم لها "جبل" ثم استدار للخلف وأمر حارسه بـ: 

_دخل الهداية يا بني

كان حارسه يحمل الكثير من الهدايا، أما "جبل" فكان يحمل باقة كبيرة من الورد، قدمه لها بعد أن قال بحب: 

_الورد لأحلى وردة في الدنيا 

_قلب الوردة من جوا

غادر الحارس بأمر منه، بينما "سامية" فكانت تنظر له بقوة، انتبهت له وهو يقول: 

_حاسس إني شوفتك قبل كدا يا دادة

تعلثمت في حديثها حيثُ ردت بـ: 

_هـا وهتشوفني فين يا حبيبي أنا معرفكش

كانت "ملاك" تنظر لها بغضب حيثُ تعلم بقوة بأنها تكذب، تحدثت بهدوء: 

_طب يالا يا "جبل" على السفرة دادة عاملة أكل حلو وهيعجبك جداً 

اتجه معها، ليجد جميع أنواع المشويات على السفر، ابتسم لهم وقال بمرح: 

_هاتي إيدك الحلوة أبوسها يا دادة

لا تعلم اتبتسم على أسلوبه بالحديث أم تحزن على ما سيحدث بالمستقبل، تحدثت برجاء: 

_أنا مش عاوزة منك غير إنك تحافظ عليها 

_حاضر يا دادة

انهى حديثه وجلس ليبدأ في تناول الطعام، شعر بأن الطعم ليس غريب، يشعر بحنين شديد، أغمض عينه ثم عاد وفتحها وقال باستغراب: 

_متأكدة يا دادة إن عمرنا ما تقبلنا حاسس إني شايفك أوي 

_حبيبي يا عالم ممكن نكون اتقابلنا وبعدين يخلق من الشبه أربعين

أومأ برأسه وقال بنبرة جادة: 

_تمام بصي بقى أنا إن شاء الله هتجوز مع "ملاك" بعد الشهر دا أو بعد شهرين عشان لسه جد صاحبي ميت 

هزت رأسها ثم نظرت إلى "ملاك" وقالت بتساؤل: 

_موافقة...! 

أحمر وجهها من شدة الخجل لتقول بعد ذلك بخفوض: 

_أيوا يا "سوسو" موافقة

ردت "سامية" بهدوء:

_على بركة الله ربنا يسعدكم يا ولاد..!

........................................................................ 

اقتحم منزله فقامت كل من "عبير" و "ريناد" بفزع، سألته "عبير" بحنو: 

_مالك يا حبيبي

هز رأسه وبهدوء يسبق العاصفة: 

_مافيش يا طنط بس عرفت إن جدي اتسم واللي سمه حد قريب أوي عارفة مين...! 

ردتت عليه بصدمة: 

_مين يا "مالك" اللي عمل كدا؟ 

_الممرضة يا طنط

تنهدت بشدة ثم قالت بغضب: 

_إزاي الغبية دي تعمل كدا لازم تتحبس في السجن

أومأ برأسه وقال بجموح: 

_أكيد كل دا هيحصل بس مش السجن لإن الحكومة هتكون حنينة على اللي هعمله فيها 

جلس على الأريكة بينما "عبير" فظلت تفكر كثيراً، أما عن "ريناد" فكانت تبكي ولم يرأها أحد، بتلك اللحظة دلفت كل من "مرام" و "دنيا" التي قالت بهلع: 

_مالكم! 

رد عليها "مالك" بـ: 

_مافيش يا حبيبتي.. 

ثم نظر إلى "مرام" وقال بنبرة جادة: 

_"مرام " تعالي عاوزك

انكمش حاجبيه "مرام" باستغراب، كان سترفض ولكن ملامحه كانت تترجاها، أومأت برأسها بهدوء ثم سارت خلفه إلى غرفة المكتب تحت نظرات الجميع، قفل باب المكتب خلفه لتنزل دموعه بشدة ويقول: 

_"مرام" محتاجك...! 

........................................................................ 

للتو دخلت إلى شقتها، ابتسمت بخبث ثم وبنبرة جادة قالت: 

_ "مصطفى" حبيبي 

قام "مصطفى" من مكانه حيث كان يجلس على الأريكة بجانب والدتها، تحدث بلهفة: 

_قلبي اللي وحشاني 

بعد سلام طال أكثر من ربع ساعة، جلست تسرد له ما يحدث بالمشفى، رد عليها بهدوء: 

_خليكي ماشة على خطتك 

تأففت بشدة حيث تذكرت أن "ملاك" بهذة الفترة لم تحدثها بعد أن كلمتها، تحدثت بضيق: 

_بس المشكلة إن "ملاك" قالت لي إني أعمل كل حاجة وهي هتكمل ومتصلتش تاني

تنهد "مصطفى" بشدة ثم قالت: 

_طب على سيرة "ملاك" كان عندها شغل تقريباً مع "جبل المنشاوي" إنسان مستفز جدا

رفعت حاجبها حيثُ أنها تشعر بأنها سمعت هذا الأسم، ظلت تفكر حتى رن في مخلتيها صوت "فوقية" وهي تقول ببكاء: 

_"جبل" ابني زمانه كبر دلوقتي نفسي ما يطلعش زي أبوه "جلال" المنشاوي زمانه كرهه فيا أوي يا "لميس"



الثالث عشر والرابع عشر 

الفصل الثالث عشر.... 

(النمر_الجامح) 

اقتربت "مرام" منه، تناست بتلك اللحظة ماحدث بالماضي، الرجفة انتابت قلبها، تشعر بالخوف الشديد لآجله، طريقة حديثه تظهر ما في قلبه، أمسكت يده ثم ردت عليه بهلعٍ: 

_مالك يا "مالك" فيك إيه؟ 

لم يستطيع أن يمنع دموعه عنها، بكى وكأنه طفل صغير، وجد أمه فلجى إليها، بتلقائية شديدة فتحت "مرام" ذراعيها حتى يسكن بهم، ظلت تملس على شعره كثيراً إلى أن شعرت بالراحة، ساد الصمت كثيراً، بتلك اللحظة أخرجته من داخلُ أحضانها وقالت بهدوء: 

_مين زعلك؟ 

مسح دموعه وأمسك يدها ليرد بعد ذلك عليها بحنو: 

_متشغليش بالك يا أميرتي أهم حاجة إنك الوحيدة اللي بتقدر تخرج الحمل من قلبي

اقتربت منه وباناملها ملست على وجهه، تحدثت بحب: 

_أنا هفضل جنب على طول خرج اللي في قلبك وأنا هكون دائماً معاك صدقني

رد عليها بعد أن تنهد بشدة: 

_مصدقك أصل إنتي ماينفعشي تكوني لحد غيري

لاح على ثغرها علامة السخرية حيثُ التي تحمله في قلبها بسببه كبير، تجمعت الدموع في مقلتيها بقوة ثم قالت: 

_من قلبك بتقولها مع إنك بتقول هخطب وهتجوز وإنتي هتكوني زوجة تانية.. 

قهقه على حديثها لتستغرب من ما يضحكه، رفعت حاجبها وسألته بـ: 

_إيه اللي بيضحكك أوي؟!

توقف عن الضحك ورد عليها بحبٍ جم: 

_عمري ما فكر المس غيرك أو أشوف واحدة مراتي غيرك يا بت إنتي أماني

لم تستطيع قط أن تمنع نفسها من الفرحة، شعرت بأن الحنين سيعود وممكن أن تسامح على كل ما حدث بالماضي وما قاله، خفقات قلبها زادت بشدة، تكلمت معه بتلعثم حيثُ أن ما قاله جعلها تفقد عقلها ولا تعلم ما الحديث الذي يخرج من فاهها: 

_اا. أحم أُمال يعنى ليه كنت بتقول كدا قصدي يعني أنا مش موافقة... 

رفع حاجبه باستغراب، ثم قال بانفعال نوعٍ ما: 

_ليه يا "مرام" قوليلي ليه بتحبي تعذبيني معاكِ

ابتسمت بسخرية، ردت بكل حرقة: 

_إنت عارف ليه يا "مالك" 

ثم وبحركة مفاجأة قامت من مكانها، كانت ستغادر ولكنه أمسك يدها وقال برجاء: 

_متمشيش محتاج لوجودك يا "مرام" محتاجك وإنتي قدامي إنتي وعديني إنك هتكوني جنبي 

بكل كبرياء قالت: 

_أيوا هفضل جنبك بس كصديقة يا "مالك" 

صرخ "مالك" بجموح: 

_مش قادرة تنسي ليه بتفتحي في القديم ليه أنا كنت بس خايف ساعتها

قهقهت بشدة لتقول بنفس نبرة صوته الجامحة: 

_والله ضحكتني يا "مالك" عمري ما هنسى أي كلمة قولتهالي أنا هفضل أحبك وعمري أبداً ما هحب حد غيرك أبداً ولا هتجوز غيرك بس مش هتجوزك برضه

لم يستطيع أن يمنع نفسه من الحزن، تنهد بقوة ثم أمرها بـ: 

_قومي يا "مرام" كنت مفكر إنك هتخففي حزني بس شيلتي الحزن الأول وعلجتيه بس رجعتي بسكينة قوية قتلتي قلبي

تركت يده ثم فتحت الباب، حاولت ألا تظهر دموعها، خرجت من الغرفة وأغلقت الباب ورأها، أسرعت "دنيا" نحوها ثم قالت بقلق:

_في إيه يا "مرام" مال "مالك"

كانت شاردة لا تسمع أي أحد، زاد فضول "عبير" والتي كانت تراقب أجابتها على سؤال "دنيا" 

عادت "دنيا" تسألها:

_"مرام" يا بنتي ردي عليا فيه إيه

نظرت لها ولم تخرج من فمها أي كلمة، أسرعت مهرولة خارج المنزل لتذهب لبيتها...

حدقت "دنيا" لطيفها الذي غادر فور خروجها، انكمش حاجبيه ثم حولت أنظارها لوالدتها وقالت باستغراب:

_هو حصل إيه؟ تفتكري "مالك" زعقلها 

ردت عليها "عبير" بـ:

_مش عارفة يا بنتي

انهت حديثها لتنظر إلى "ريناد" وتأمرها بـ:

_روحي يا ريري شوفي "مالك" ماله 

أومأت الصغيرة برأسها، لتتجه إلى غرفة المكتب، دقت على الباب ثم دخلت، وجدت "مالك" يجلس على الأرض وملامحه حزينة وغاضبة في آنً واحد، جلست بجانبه، أمسكت يده وقالت بتساؤل:

_مالك يا أبيه

رفع "مالك" رأسه حتى ينظر في مقلتيها، رد عليها بحنو:

_مافيش يا قلبي 

تأففت "ريناد" ثم وبغضب طفولي قالت:

_على فكرة أنا مش صغيرة وفاهمة كل اللي بيحصل حوليا إنت زعلان عشان "مرام" زعلانة منك يعني بدل ما تعملها مفاجأة وتصالحها بتمشيها كل مرة زعلانة

حدق بها بندم شديد، تكلم بهدوء:

_أنا نفسي تفهم عملت كدا ليه يا "ريناد" 

فكرت "ريناد" قليلاً ثم قالت باقتراح: 

_"جبل" هيساعد وأنا كمان

ابتسم في وجهها ثم قال بحنو: 

_وأنا موافق بس روحي دلوقتي لأن أبيه تعبان جدا

أومأت برأسها توافقه على كل ما قاله، غادرت من المكتب بهدوء.. 

حين خرجت أسرعت "عبير" نحوها وقالت باستفسار: 

_ماله...! 

_مافيش يا مامي محكاش حاجة أنا هروح العب بقى

........................................................................ 

في منزل "ملاك" أنهى "جبل" الطعام، كان يشعر بالراحة الشديدة وهي بالمنزل معهم، وضعت "سامية" كوب من الشاي أمامه حسب طلبه الخاص، بتلك اللحظة رن هاتف "ملاك" وكان المتصل مديرها بالعمل، قامت فوراً وقالت باستئذان: 

_عن إذنك دقيقة وراجعة

هز "جبل" رأسه، وببسمة صغيرة قال: 

_متتاخريش عليا يا حبيبتي 

ابتسمت لها بخجل ثم ردت بـ: 

_حاضر يا قلب حبيبتك

استغلت "سامية" انشغال "ملاك" ودخولها للتراس، تنهدت بقوة ثم أخبرته بـ: 

_بص يا بني أنا ميهمنيش إنت مين وابن مين بس اللي يهمني الأمانة اللي اتسابت معايا، من كام سنة أبوها وأمها ماتوا أخر حاجة اتقالتلي "ملاك" أمانة في رقبتك فأنا لازم أحافظ عليها

ظل يعطي لها إيماءت ويسمع منها ولكن بداخل مخيلته يتأفف ويقول بحنق: 

_أوف بقى الكلام اللي بيتقال في الأفلام بس بدل ما اسمعه من أبوه العروسة بسمعه من الشغالة

انتبه لها حين قالت: 

_أنا واثقة إنك هتكون أمانها فبتخلنيش أندم في يوم من الأيام وشكك في رجولتك

رد عليها بهدوء مصطنع: 

_طبعاً دي في عيني يا دادة

خرجت "ملاك" بتلك اللحظة لتقول بمرح: 

_الحلوين جايبين سيرتي في إيه؟ 

ابتسم "جبل" وأجابها بـ: 

_والله يا حلوتي كانت بتقولي خلي بالك منها متعرفش إنك حياتي وروحي يعني لو حصلك حاجة هموت

خجلت من حديثه المعسول، عاد يسألها بهدوء: 

_مين رن عليكي؟ 

ردت بعفوية: 

_مديري في الشغل كان عاوزني أروح منطقة في العشوائيات والحتة دي كلها مخدرات

صمتت قليلا ثم أكملت وكأن هموم الدنيا كلها أصبحت متحملة على ظهرها: 

_بس أنا بخاف من الأماكن دي ربنا يستر

صرخت بها "سامية" بهلع: 

_مش هتروحي أنا كذا مرة أقولك لا هو ليه بيرمي الحمل عليكي مش كفاية اللي حصلك مع "حمدي" 

تأففت على تصرفها، تنهدت بهدوء ثم قالت: 

_بلاش الخوف يا "سوسو" أنا قدها والله 

كان الصمت حليف "جبل"، شعر بالغضب منها، وجهت" سامية" له الكلام لآنها تعلم بأنه الوحيد التي تسمع كلامه: 

_ما تقول حاجة 

قام "جبل" من مكانه، اقترب منها وسألها بهدوء ما قبل العاصفة: 

_هو مش إنتي شغلك في أخبار رجال الأعمال

هزت رأسها بتلقائية ثم قالت: 

_أيوا بس عشان أنا أشطر صحفية ممكن أخد مكان زمايلي وأنا هروح بدل زميلي

بانفعال طفيف قال: 

_يقوم يوديكي مكان زي دا

ردت عليه بنبرة أكثر جدية: 

_عادي يا حبيبي متقلقش مش هيحصل حاجة 

بتحذير قاتل رد عليها: 

_مافيش روحة اتصلي اعتذري ولو عرفت إنك روحتي من ورايا مش هيحصل كويس

صمتت ولم يخرج منها أي كلمة، صرخ بها بصرامة فانتفضت بشدة: 

_مش سامعك فاااهمة

شعرت بالخوف من غضبه، ابتلعت ما في حلقها ثم قالت بخفوض: 

_فاهمة..! 

ابتسمت "سامية" وقالت لنفسها: 

_على قد ما أنا مش عاوزاهم يتجوزوا على قد ما أسلوبه معاها عجبني دخل قلبي والله 

فاقت "سامية" بتلك اللحظة على صوت "جبل" الذي قال بنبرة جادة: 

_طيب همشي أنا بقى عشان ورايا شغل وتجهيزات مستنيكم بكرا شوفي تحبوا تيجوا على امتى

ردت "ملاك" : 

_على العصر...! 

اقترب منها بحبٍ مصطنع: 

_متزعليش مني بس أنا خايف عليكي ي نن عيني بكرا هستناكوا يالا باي

تذكرت شيء ما فقالت: 

_استنى إنت لسه ما شوفتش أوضي عاوزة أوريك عالمي اللي مابيدخلهوش نملة حتى

ابتسم لها ثم قال بخفوض: 

_تمام يالا 

دلف ورائها للغرفة، فوجد عالم آخر، شعر بأنه دخل في عالم الأطفال، الرقة في الغرفة، العرائس الموضوعة في كل مكان، سمع صوتها الحزين حيثُ كانت تقول:

_هو دا العالم بتاعي عرفت ليه كنت عاوزة أسكن هنا بعد الجواز كل العرايس اللي بابا جبهالي هنا تعرف يا "جبل" أنا فاكرة إن زمان حصل حاجة كبيرة خلت نفسيتي وحشة ومن ساعتها وبابا بيحاول يفرحني

وضع يده على منكبيها وبحنو قال:

_هعوضك عن كل دا يا حبيبتي

ابتسمت له بسمة جاذبية، جعلته يشهد بأن جميع الفتيات لم يمتلكه تلك البسمة أو حتى برأتها، رفع حاجبه ثم وبنبرة مرحة قال:

_أنا همشي عشان بعد ضحكتك دي ممكن أعمل حاجة عيب 

بعد أن أنهى حديثه غمز لها، خرج من الغرفة، القى التحية على المربية ثم غادر... 

كانت الفرحة تغمر "ملاك"، اتجهت نحو" سامية" وقبلتها بسعادة، تحدثت بفرحة: 

_أخيراً هكون مراته قلبي هيقف من الفرحة

_بعد الشر يا حبيبتي هروح بقى أغسل المواعين عقبال ما تكلمي مديرك تعتذري عن شغلك ف المنطقة دي

أومأت لها برأسها ولكن بخوف، هي تخشى غضب مديرها

...................................................................... 

وقفت في حديقة منزلها تفكر في الحب الذي تخشى الاقتراب منه، دموعها نزلت بغزارة، في هذا الوقت اقتربت منها "صباح" التي تحدثت بحنو:

_مالك يا قلبي مين زعلك...!

أخرجت زفيرها الذي تعلق بداخل قلبها وأصبح كالصخرة كادت أن تميتها، ردت عليها ببكاء:

_بحبه يا دادة ونفسي أكون حلاله انهاردة قبل بكرا نفسي أكون جنبه مش قادرة أشوفه وهو حزين كدا 

وضعت المربية يدها على كتفها ثم قالت بارشاد: 

_الزعل يا نور عيوني مش هيجيب نتيجة لأزم نسامح اللي بنحبهم 

ابتسمت بسخرية وقالت: 

_على كدا المفروض اسامح مامي اللي سافرت واتجوزت حد غير بابي اللي ما فكرش أبداً يتجوز عليها الناس بتعايرنا بمامي "مالك" نفسه شكه كله بسببها

لوت "صباح" ثغرها بضيق، ردت على ما قالته بذكاء: 

_الأم هتفضل أم مهما عملت الغلط هو إننا نشيل لها الوحش، صحيح كلام "مالك" جرحك بس هو بيخاف عليكي من نفسه حتى

صرخت بقوة: 

_مش قادرة يا دادة هموت الجرح اللي في قلبه قلبي حاسس بيه هموت من خوفي عليه ومع ذلك عقلي مش قادر يصفاله

أشارت "صباح" نحو قلبها وقالت: 

_سيبي قلبك هو اللي يصفى مش عقلك يا حبيبتي 

أومأت برأسها بهدوء، عادت تفكر ما الذي عليها فعله حتى تفعله، أغمضت عينها وعادت تفتحها حتى تفكر ولكن لم تجد أي حل قط.... 

....................................................................... 

مر اليوم سريعاً بما حدث به، أشرقت شمس الصباح التالي، بداخل المشفى كان وصل زوج "فوقية"، كانت" لميس" تراقبه بهدوء شديد، ولكنه يعطي لها ظهره، كانت معها هاتفها حتى تتمكن من إلتقاط بعض الصور التي ستحتاجها له والتي من خلالها ستتمكن من إثبات ما فعله في زوجته، دلف مكتب الطبيب "محمد" مدير المشفى، جلس بهدوء، ليبدأ يخرج الحديث بنرفزة: 

_أنا قطعت سفري بسبب الموضوع دا أنا لولا إني متأكد إن عمرك ما تاذيني أنا كنت خليتك في خبر كان ابعتلي الدكتورة دي خلينا نشوف بقى هنعمل إيه

أومأ برأسه ثم قال برهبة: 

_حاضر حاضر بس كمان اللجنة يعتبر موجودة و"لميس" عطتها من العلاج اللي قالت عليه

ابتسم بخبث ثم قال بمدح: 

_عفارم عليها بجد يالا ابعتلهالي

بتلك اللحظة وضعت الممرض كوبان من القهوة أمامهم، تحدث بنبرة عادية: 

_تؤمروني بحاجة تاني

هتف بتلك اللحظة "محمد" وأمره بـ: 

_آااه خلي الدكتورة "لميس" تيجي حالا

أومأ برأسه ثم خرج، بدأ كل منهم يرتشف من القهوة، جاءت الطبيبة وببسمة مشرقة قالت: 

_أيوا يا دكتور 

رد عليها الآخر وقال: 

_أنا هنا اللي يتقاله نعم وأيوا طول ما أنا موجود

_وبصفتك إيه بقى؟ 

هذا ما قالته باستفسار، رد عليها "محمد" بغضب: 

_اعتذري بسرعة دا اليقوت اللي هيخلينا في عالم تاني 

هزت رأسها وقالت بيقين: 

_هو دا جوز المريضة "فوقية" 

_آه

_أهلاً يا فندم

رد عليها بغرور: 

_أهلاً بيكي المهم عملتي اللي قولتي عليه

هزت رأسها وقالت بلهجة سريعة تحمل خوف مصطنع منه: 

_طبعاً طبعاً واللجنة كمان عندها وهي مهيسة خالص يا فندم

زادت فرحته ثم قال بأمر: 

_طب يالا نشوف بيحصل إيه 

كانت "لميس" واقفة تنظر في هاتفها والتي جعلته بوضع الصامت، تمكنت بسهولة من أخذ صور لهم. 

قام "محمد" من مكانه وأشار للآخر وقال باحترام: 

_اتفضل يا فندم...! 

أسرع كل منهم للغرفة المتواجدة بها "فوقية" دخل "محمد" بصحبتهم فوجد "فوقية" بكامل قوها العقلية، كان يشعر بأن تركيزه مفقود والآخر شعر بنفس الشيء، تحدثت "لميس" بدفاع عن المريضة والتي قالت لها بأنها ستكون كابنة لها: 

_أهلاً بحضرتك يا فندم المريضة "فوقية" بكامل قوها العقلية ومعايا ما يثبت بكلامي جوزها اتفق مع مدير المصحة واللي بيكون الغلاف الخاص بالمستفى والشخص اللي بيوجهنا كلنا اتفق إنه يخلي مراته هنا والكلام دا من عشرين سنة تقريباً أو خمستاشر

استغرب رئيس اللجنة مما دفعه ليسألها عنـ: 

_وهي المدة دي كان دكتور "محمد" فيها دكتور 

هزت رأسها بالا ثم قالت بثقة: 

_لا طبعاً يا فندم لكن والده صاحب المستشفى وكان مديرها يعني زي ما تقول وراثة وطبعا دكتور "محمد" من شبه أبه فما ظلم... 

تقدم المسؤول من "فوقية"، تحدث بهدوء: 

_ممكن تقوليلي إيه اللي حصل معاكي! 

ردت عليه" فوقية" ببكاء: 

_في يوم لقيت نفسي مربوطة من قبل جوزي وفجاة جبني هنا كل ما كنت أحاول إني أهرب كنت أخد جلسة كهرباء كنت بحاول متجننشي وكان هو قايلهم متخلهاش تتجنن كل دكتور كان يجي كنت أصعب عليه لكن الفلوس بتعميه فيكتب في التقرير مجنونة لحد ما اللي ضميرها صاحي جت وهي عملت كل اللي حصل عشان تخرجني

تيقن المسؤول أن عقلها سليم بقوة ولكن ما حدث معها جعل نفسيتها في حالة سيئة، تقدم المسؤول من "محمد" وزوج مريضته، سأل المدير عنـ: 

_حصل اللي قالته دا؟

.................................. 

يتبع 

بقلمي أميرة أنور


 الفصل الرابع عشر... 

(النمر_الجامح) 

بداخل المشفى، اقترب المسؤول من "محمد" وسأله عنـ: 

_اتفضل قول لي بقى الكلام اللي الدكتورة بتقوله صح ولا لاء

قهقه "محمد" بقوة ثم حملق في "جلال" وقال بضحك: 

_قول يالا ولا تعالى نقول في بوق واحد 

ابتسم الآخر بعدم وعي، ليقول بعد ذلك: 

_أيوا أنا اللي اتفقت عليها وكمان برغم حبي ليها إلا إني مش عاوز حد يبوظ خطتي وينقص فلوسي ودا عندي كان أهم منها حبستها هنا وخلتها هنا بعيد عن ولادنا

قام من مكانه بعد أن أغمض عينه حيثُ أنه فاقد إدراكه تماماً، أشار نحو "فوقية" ومن ثم واصل حديثه: 

_دا أنا حتى خليت ولادي يكروها ويتعقدوا "جبل" بيكره صنف الحريم و "مرام" خايفة تتجوز اللي بيحبها وبتحبه عشان لو اتخانقوا بيقولها إنتي مـش هتجبيه من برا، أيوا أنا عملت كده وهي عارفة ليه أنا قولتلها تبعد عن طريق نجاحي

صرخت به "فوقية" بحدٍ شديد: 

_وهو نجاحي يجبرك تخلي حياة أقرب الناس ليك في جحيم قول لي... 

قهقه بشدة ثم قال لها بدون وعي: 

_أيوا لو ابني أو بنتي هعمل كدا

شعرت "فوقية" بالقرف بل كل المتواجدين شعروا بنفس هذا الإحساس، كانت "لميس" تصور ما يحدث بالصوت والصورة لعلها تثبت ما يحدث، أشار لها المسؤول فاتجهت إليه ليقول بهمس: 

_هما واخدين حاجة عشان يتكلموا

ردت عليه "لميس" بخفوض: 

_ممكن نتكلم برا طيب 

أومأ برأسه بعد أن أمر زميله بـ: 

_اتصل بالشرطة فوراً وخلى لجنة تانية تيجي تشوف صحة التعبانين في المصحة...! 

خرج من الغرفة ومعه "لميس" التي كانت منبهرة بشخصية الشخص المتواجد أمامها، ردت على كل الأسئلة المتعلقة بمخيلته بعد أن أخرجت المسجل الصوتي التي قامت بتسجيله لمدير المشفى: 

_اتفضل يا فندم... دا تسجيل صوتي من الدكتور "محمد" 

سمعه المسؤول كاملاً، هز برأسه بعد أن تنهد تنهيد عميق، لم يخرج من فمه أي رد، حيثُ أن بعد أنها المسجل قالت بهدوء: 

_في علاج بيخلي الرأس واعية ومجهزة كل حاجة حصلت لكن الشخص بيكون غير واعي للي بيطلعه هو دا اللي قدرت أحطه في قهوتهم وقت ما استغليت انشغال الساعي

أنا عارفة جداً إني غلط بس كان لازم أعمل كدا عشان الشخصية اللي اتظلمت دي

ابتسم المسؤول ثم قال لها بثقة: 

_ إنتي عملتي الصح وطبيبة زيك وبرغم سنها الصغير المفروض تمسك منصب كبير في المصحة

بخجلٍ جم وبطيف بسمة صغيرة ردت بـ: 

_شكراً يا فندم على ثقتك بيا عن إذنك

دلفت لداخل الغرفة، بهذا الوقت جاءت الشرطة وأخذت كل من "محمد" و "جلال" المنشاوي، بينما "فوقية" فحملقت بـ "لميس" بحبٍ يملؤه الشكر الشديد على ما فعلته معها، تحدثت بخفوض: 

_شكراً يا بنتي إنتي طلعتي أحسن مني وتستحقي تكوني بنتي بس مع ذني الوحش فيكي ماستحقش أكون أمك 

أمسكت "لميس" يدها ثم قالت بكل رقة: 

_لا يا طنط إنتي كان لازم تعملي كدا ومتثقيش فيا من اللي حصلك يالا بقى أنا جايبة ليكي طقم حلوة جداً يليق على "فوقية" هانم بنت الحسب والنسب ويالا عشان هتروحي معايا بقى

جميلة تلك الفتاة التي توضحي من أجل الجميع، تمنت أن تكون زوجة ابنها الوحيد، ستراعها كما راعتها، حدقت بالملابس التي جلبتها لها فوجدتها جيب يصل إلى الركبة وعليه قميص أبيض، ارتدتهم وعقدت شعرها كذيل الحصان ثم خرجت مستسلمة تماماً لـ "لميس"، خرجت من باب المشفى فشعرت بالفرحة تغمرها بشدة حيث أن الطرق الواسعة جعلتها تحن لحريتها، دمعت دموعها ثم نظرت إلى" لميس" وبصوت يملؤه الشكر: 

_بجد جميلك دا عمري ما هنساه أبداً يا "لميس" 

أمسكت "لميس" يدها ثم قالت بحب جم: 

_ولسه هعملك كل حاجة حلوة تعالي هناك نركب العربية

أشار للسيارة فوجدت سيارة يخرج منها شخص مما جعلها تسألها باستفسار: 

_هو دا السواق بتاعك 

ضحكت "لميس" بشدة بينما الآخر فرد بضيق: 

_لا أنا "مصطفى" صاحبها والمفروض إن ساعدها كتير أنا والصحفية الصغنون والحلوة الجميلة "ملاك" دي صاحبتنا وهي اللي هتكمل باقي كشف القصة في الإعلام لإن أكيد "جلال" هيمنع دا يحصل

انكمش حاجبيه عقب سماعها لاسم "ملاك" هذا الاسم الذي تعرفه جيداً، تذكرت الصغيرة التي كانت تسير خلفها، تحدثت بتلعثم: 

_مـ.. مـ... "ملاك" إيه يا بني

_"ملاك" "ناصر" "الراشيدي

الاسم كامل أمامها، شهقت بشدة، أنفاسها أصبحت ثقيلة، خفقات قلبها تسرعت، أكمل" مصطفى" حديثه: 

_ابنك اسمه "جبل المنشاوي" صح

انتبهت له ثم وببسمة صغيرة قالت: 

_هو إنت يا بني تعرف ابني

أومأ برأسه وقال بنبرة جادة: 

_معرفهوش بس "ملاك" كانت بتقبله مقابلات عمل وهو صديق شخصي ليها

تجمدت دمائها، تعلم ماحدث، اتفرح لقربهم أم تحزن لما سيحدث، ابتلعت ما في حلقها بخوف ثم قالت بتوتر: 

_هو ابني حنين يا بني

أخافها برأيه عن ابنها حيثُ قال بسخرية: 

_إلا حنين لدرجة انه قليل ذوق أنا مش عارفة "ملاك" مستحملة الشخصية دي ازاي

حزنت كثيراً لم تكون تتوقع أن أحد سيذم في صغيرها، لو كانت معه لكانت جعلت الجميع يشهد بتربيته. 

...................................................................... 

استعدت "ملاك" لتذهب لمنزل "جبل" حيثُ أصبحت الساعة في تمام الواحدة ظهراً، وكان متفق معها "جبل" على هذا الوقت، ارتدت بنطال ضيق من اللون الأسود قصير نوعاً ما وعليه جاكت قصير من اللون البنفسجي، استعجلت المربية كثيراً: 

_يا "سوسو" يالا عاوزين نخلص عشان نعرف البيه إن مواعيدنا مظبوطة أوي

ضحكت "سامية" على أسلوبها، بدأت تجعل الأفكار السيئة تتلاشى من رأسها، ردت عليها ببرود مصطنع: 

_لازم أكون حلوة وأخد وقتي أنا راحة أشوف بيت بنتي

وقفت في مكانها، انكمش حاجبيه عقب سماعها لكلامها، أردفت بحنق: 

_هو مين فينا العروسة أنا والا إنتي

قهقهت "سامية" عليها، وبنبرة سريعة ردت بـ: 

_إنتي طبعاً يانور عيني ما فيش حد خالص في حلاوتك

ابتسمت كالأطفال على حديثها، ولكنها تذكرت شيءٍ ما فعادت تقول بتساؤل حتى تستفسر عما يدور في مخيلتها: 

_شايفاكي انهارده مستعدة عشان تروحي بيت "جبل" برغم من إنه بالنسبة ليكي شخص بتكريه

فور سمعها لحديثها جلست على الأريكة، دمعت عيناها ثم تحدثت ولكن مع نفسها بصوت لا يسمعه غيرها: 

_ياريتني أقدر أقول وأحكي وياريتني حتى أعرف أتكلم "جبل" إيه اللي ماحبهوش دا عندي زيه زيك بلاش تجرحيني يا بنتي

وجدتها شاردة فاستغربتها، أسؤالها يجعلها بتلك الحالة، تريد أن تعرف ما يدور في جمجمتها، صفقت لعلها تنتبه لها، فانتبهت لها، لوت "ملاك" فمها وعادت تقول بضيق: 

_زي كل مرة مافيش إجابة لسؤالي وكأني شخص غير موجود بالمرة كلامك هيحدد مستقبلي خليكي فاكرة

شبكت "سامية" يدها في بعضهم بتوتر شديد، تلعثمت قليلاً في حديثها، لا تعلم ما هي الكذبة التي ستقولها: 

_اا.. هو يعني

انفعلت "ملاك" قليلاً حيثُ أسلوبها جعلها تغضب، صرخت بهدوء؛ بعد أن جذت على أنيابها: 

_هو يعني ايه عرفيني 

ابتلعت "سامية" ما في حلقها بخوف ثم قالت ببسمة مصطنعة: 

_كنت بسمع عنه كدا وبصراحة أبوكي كان بيسمع عن عيلة المنشاوي كتير بس كدا يا حبيبتي

لم تقتنع باجابتها قط، حيثُ أنها قالت بنبرة جادة: 

_براحتك بس لو في يوم حسيت إنك كدبتي عليا والله يا دادة ليحصل حاجة مش هتعجبك يالا عشان نروح 

شعرت المربية بالخوف ولكنها نزلت برفقتها، ركبت سيارتها ثم شغلت محركها وانطلقت إلى منزلها المستقبلي

......................................................................... 

في فيلا ال "عزمي:" 

استيقظت "دنيا" في وقت متأخر على صوت رنين هاتفها، قامت على الفور فوجدت أن المتصل "أحمد"، حاولت أن تغير نبرة صوتها، تحدثت بخفوض: 

_الو

رد عليها بهدوء: 

_نعم إنتي لسه نايمة حضرتك الظهر اذن 

تثاؤبت بشدة، وبعد ذلك أجابته برقة: 

_سهرت ومنمتش بدري وأبيه" مالك" ماصحنيش! 

استغرب "أحمد" حين قالت أن "مالك" هو من يُقظها أهي أبله أما أنها تصطنع ذلك، شعر بالغضب فجذ على نواجذه بكل انفعال وقال بجموح: 

_مين بيصحكي يا "دنيا" 

شعرت بالتوتر الشديد حيثُ أنها شعرت بغضبه هذا، استقامت قليلاً وببرأءة ردت عليه بـ: 

_هو ساعات وساعات مامي وساعات دادة بس عادي يعني

صرخ بشدة: 

_لا مش عادي هو محلل ليكي بصي أنا عارف إني لسه مش متأكد إنهم هيقبلوني أصلاً بس أنا بغير راعيني شوية هو يا "دنيا" محلل 

ضحكت "دنيا" وأكملت بنفس نبرة البراءة التي تتكلم بها: 

_متقلش هو بيحب "مرام" وبعدين بيشوفني العيلة الصغيرة اللي مربيها

لم يستطيع أن يتكلم في أنهى المكالمة بـ: 

_قـومي صلي الكلام مش هيجب نتيجة 

.........................................................................لم يذهب "جبل" اليوم عمله، كان يشرف على كل شيء، أمر الجميع بتزين المنزل كترحيب بخطيبته، بتلك اللحظة نزلت "مرام" من غرفتها حيثُ أنها كانت حبيسة لها، استغربت من تغيرات المنزل فقالت: 

_إيه اللي بيحصل يا "جبل" في الفيلا دا؟ 

ابتسم "جبل" وبهدوء تام قال: 

_أصل أنا هتجوز والعروسة جاية تشوف الشقة

صدمة كبيرة انتابتها، هزت رأسها محاولة أن تستوعب ما يقول، هل أخيها موافق على الزواج، ردت عليه بعدم استواعب: 

_إنتي بتتكلم جد ولا بتهزر

نظر لها بحد ثم قال: 

_هو أنا عمري اتكلمت بهزار كلمتي واحدة يا "مرام" 

ابتسمت له ثم قالت بحب: 

_مش قصدي حاجة بس والله مش مستوعبة مبروك يا حبيبي

بتلك اللحظة سمع كل منهم صوت تكسير بغرفة الأشياء الغير مهمة يطلقون عليها المخزن، صرخت "مرام" بفزعٍ: 

_ااه في إيه

بهذا الوقت خرج العامل ومعه صورة كبيرة، تحدث بتلعثم: 

_أنا اا آسف يا بيه كسرت الصورة الكبيرة من غير ما قصد

اقتربت منه "مرام" ثم قالت بأمر: 

_ورينا الصورة دي!! 

أعطها لها، لتحملق بها وفجأة تنزلق الدموع من عينها: 

_ماما

سمع "جبل" تلك الكلمة فشعر أن الدماء تجمدت في عروقه، تعلقت دموعه ثم صرخ بقوة: 

_باااااس بلاش السيرة دي

ثم صرخ باسم الخادمة:_ يا "حرية" 

أسرعت الخادمة نحوه وقالت بطاعة: 

_نعم يا بيه؟ 

_مش قولتلك الصورة دي ترميها

هزت رأسها وقالت بهدوء: 

_حطيتها في أوضة المخزن والله يا باشا 

أمسكها من شقيقته ثم مزقها بعد أن قال بغضب: 

_أنا بقى هخليكي ترميها بالذوق أهي أهي لميهم بقى

كانت "صباح" تراقبه من بعيد وتضرب بيدها على خديها ثم قالت بخفوض: 

_يالهوي يالهوي الدنيا هتقوم حريقة دلوقتي ربنا يهديك يا بيه

لم تسطيع "مرام" أن تتحمل فانهارت بالبكاء، عقلها تغلب على الحنين لها ولكن الشوق الذي يحمله قلبها جعلها تبكي وتصرخ، لم تصدق حتى الآن أن السيدة الحنون التي كانت تطعمها وتعلمها خطوات السير تفعل هكذا بها، تنهد "جبل" ثم اقترب منها لياخذها بداخلُ أحضانه وبصوت هامس قال: 

_بس يا حبيبتي أنا مش عاوزك تضعفي بالعكس عاوزك تتمني ليها الموت والعذاب مش الحنين 

حملقت به وبصوت يملؤه الحزن قالت: 

_بحبها أوي يا "جبل" 

لا يستطيع أن يقول لها وأنا أيضاً، عقله يقول أبغضها وقلبه يقول شيءٍ آخر، إختار أن يسير وراء عقله كما يفعل معظم الرجال، رد عليها بجبروت وقال: 

_كل ما تحسي إنك بتحبيها دوسي أوي على قلبك وافتكري هي عملت فينا إيه

حملقت به، لم تسطيع أن ترد عليه، هرولت نحو "صباح" واحضنتها لتقول بصراخ: 

_هو ليه بيحصل فينا كل دا إشمعنا احنا 

لوت "صباح" فمها وقالت لنفسها: 

_أبوكوا ظلم كتير وأول اللي ظلمهم عياله مارحمكمش يا نن عيني

ملست على شعرها ثم قالت بحب: 

_تعالي يا ضناية معايا 

وقبل أن ترحل قالت لـ "جبل" بحنو: 

_وإنت يا بني افرح بجوازك وركز في خطبتك اللي جاية. 

.........................................................................

جهز شيء يليق بها، اتصل بأحد حتى يجلب لها شيءٍ ما، فسأله عـنـ:

_يا بني عاوز كيس مصاصات عندك ولا لاء 

رد الآخر عليه بهدوء: 

_أيوا يا فندم عندنا

هز رأسه ثم قال بأمر: 

_هتلي كل المصاصات اللي عندك وهات علبة شبسي عادي وعلبة فرنو وطبعاً غلفهم تمام وهات كل أنواع الشكولاتة اللي عندك بسرعة 

أغلق الهاتف معه، ثم نظر إلى الحارس وقال له: 

_عاوز كل أنواع الهداية اللي موجودة في محلات البنات بمعنى لبس وشنط وميكاج ولعب عاوزهم في علبة كبيرة وهنحط فيهم مصاصات وشبسي وشكولاتة هتاخدهم من السوبر ماركت دلوقتي

هز العامل رأسه ورحل لينفذ ما قاله رئيسه، بينما "مالك" فكان بسعادة يجهز بلون كبير مكتوب عليه كلمة "بحبك" وآخر "آسف" 

وكأنها تشعر بذلك، تركت منزل شقيقها وجاءت حتى تبكي في أحضانه، صرخت باسمه: 

_"مالك"...! 

نظر لها باستغراب، الخوف سكن قلبه، اتجه لها وبهلع شديد قال: 

_مالك يا حبيبتي

سكنت بداخل أحضانه حيثُ أنه الدواء لها، بكت كما لم تبكي من قبل وبهدوء قالت: 

_خليك جنبي يا "مالك" وبالله عليك متسالني أبدا مالك

هز رأسه وأخذها نحو الأرجوحه وجلس معها ثم قال بحبٍ: 

_مش هسألك بس هقولك بحبگ وآسف آسف على كل اللي قولته بس كنت خايف عليكي إنتي نفسي يا "مرام" إنتي حياتي يرضيكي أعيش من غير روحي يرضيكي أموت

نظرت له بعشق متيم وفي مقلتيه سرحت وبدون وعي قالت: 

_سامحتك يا حبيبي..! 


             الفصل الخامس عشر من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>