أخر الاخبار

رواية النمر الجامح الفصل الخامس عسر والسادس عشر والسابع عشر



 الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر والثامن عشر 

الفصل الخامس عشر:_

(النمر الجامح) 

وصلت سيارة "ملاك" أمام فيلا "جبل، شعرت أن المنطقة ليست 

غريبة عليها، انتابها احساس الضيق، كان" جبل" يقف أمام 

الباب الرئيسي ليستقبلها، ابتسم حين رأها ولكن حين نزلت من 

سيارتها لم تحملق به، انكمش حاجبها باستغراب، بتلك اللحظة 

وضعت "سامية" يدها على كتفها وقالت بتساؤل: 

_مالك يا بنتي؟ 

تقدمت للسير للأمام ثم قالت بخوف: 

_حاسة بخنقة وخوف وأنا هنا المكان دا حاسة إني شوفته قبل كدا هو في فيلل كتير هنا 

استغربها "جبل" تقدم نحوها وقال بتساؤل: 

_مالك يا حبيبتي؟ 

لم ترد عليه قط، أشارت للمربية وقالت بخفوض:

_في حاجة بتربطني بالشارع دا

توترت "سامية" ونفت ما تقوله:

_لا يا حبيبتي تلاقيكي جيتي عن طريق الشغل مش أكتر

وضع "جبل" يده على منكبيها ثم قال بحنو حيثُ أنه شعر بالخوف عليها من كمية الهلع التي انتابتها:

_يا حبيبتي إنتي عمرك ما جيتي الشارع دا بكل الفلل اللي فيه ملك لعيلة "المنشاوي" وعيلة "عزمي" وأخيراً عيلة "فوقية" هانم 

هزت برأسها بهدوء، تلاشى الخوف قليلاً ثم قالت بهدوء:

_يمكن روحت منطقة شبه دي

اسنغربت فسألته عنـ:

_طب ليه إنت الفيلا بتاعتك بعيدة عن الباقي وأخدها في أول الشارع وليه مش عايش مع والدك

تنهد تنهيد عميق قبل أن يقول:

_بحب أكون في بيت لوحدي محدش يتحكم فيا وفي نفس الوقت قريب من العيلة انهاردة هعرفك على كل الناس اللي بحبها

ابتسمت له ومن ثم سارت خلفه بعد أن أمرها باعطاء مفتاح السيارة للسائق الخاص به حتى يصفها في جراش الفيلا الخارجي، حاولت أن تزيل كل ما تشعر به من قلبها، حين دخلت للحديقة وجدت الزينة واللوحات مزينة بالبلونات، مكتوب عليها:

_نورتي يا أحلى عروسة

تشعر أنها تحلم ولكن تشعر بأن المنزل مألوف عليها، حملقت في "جبل" الواقف بجانبها بدون وعي قالت له:

_إيه اللي خلاك تعجب بالفيلا دي بالذات يا "جبل"

تذكر "جبل" طفولته حين كانت تلك الفيلا سكنها شخص شبه شخصيته القاسية ولكنه كان يلين حين يجد أطفال، كان يلعب بداخلها مع أصدقائه ووعد نفسه بـ:

_الفيلا دي هتكون ليا في المستقبل

دمعت عينه ثم قال بحب:

_كنت واعد حد إني هشتريها واشترتها بس الحد دا مبقاش موجود المهم حلوة الفيلا وحلوة المفاجأة اللي عملتهالك

أومأت برأسها بسعادة وقالت:

_حلوة جداً

استدارت نحو مربيتها وسألتها بسعادة:

_إيه رأيك يا "سوسو"

كانت "سامية"بهذا الوقت شاردة لا تستطيع أن تقول شيء، شعرت أن أحدهم سيتذكر الماضي،استغربتها"ملاك" فقالت بعلو:

_دادة أنا بتكلم معاكي!

انتبهت لها "سامية" حيثُ أخرجت من فمها:

_ها إيه يا حبيبتي؟

رفعت "ملاك" حاجبها باندهاش ثم أردفت بضيق:

_لا دا إنتي شكلك مش معانا خالص مالك أومال ي دادة

ابتسمت "سامية" وتحدثت بتلعثم:

_أنا معاكوا أهو يا حبيبتي

بهذه اللحظة خرجت "صباح" من المطبخ، ونظرت إلى "ملاك" بأعين دامعة، توترت "سامية" من مشاعرها التي ستكشف السر، تعالت الزغاريط المصرية من فم "صباح" تحدثت بترحيب: 

_يا ألف أهلاً وسهلاً يا ألف نهار مبروك البيت كله نور بدخولك يا عروستنا ربنا يخليكي وتملي البيت عيال كتير يارب

خجلت "ملاك" من حديثها مما جعل "جبل" يتحمس حيثُ أن خجلها يجعلها تزداد جمالاً على جمالها، تحدث بنبرة ذات معنى: 

_يا "ملاك" تعالي أوريكي الأوض وأضتنا 

ابتلعت ما في حلقها بتوتر، كانت سترفض ولكنه أمسك يدها مانعها من الرفض، قبل أن يسير قال للمربية "سامية": 

_طيب روحي مع" صباح" شوفيها عملت كل حاجة "ملاك" بتحبها ولا لاء

أومأت "سامية" برأسها وتركتهم ودخلت مع "صباح" للمطبخ

صعد "جبل" بصحبتها حتى وصل إلى غرفته، همس في أذنها: 

_برجلك اليمين ي عروستي هي صحيح مش زي أوضتك بس حاولت أخليها زيها

استغربت مما يقول ولكنها شعرت بالفرحة، دلفت الغرفة فوجدت ما لم تتوقعه، الغرفة كبيرة بها ركن خاص للجلوس، وبداخلها غرفة للملابس، في آخره الكثير من العرائس البلاستكية وفيها غرفة بها مكتبان واحد لها والآخر له، شعرت بكبر الجناح، كأنه شقة خاصة، تحدثت بانبهار: 

_إيه الجمال دا حلوة جداً لحقت تجيب كل العرايس والمكتب كمان

أومأ برأسه ثم قال بنبرة جادة: 

_طبعاً اتصلت بيهم وحضروا كل حاجة أصل أنا بكون في المكتب تحت بس بليل بكون حابب اشتغل هنا وأكيد إنتي هيكون عندك شغل

هتفت بسعادة: 

_اه ربنا يخليك ليا

للتو نظر لها وتذكر شيءٍ مما جعله يقول بغضب طفيف: 

_لبسك ضيق أوي على فكرة

انكمش حاجبيها وهي تنظر لملابسها فوجدتها عادية، مما دفعها أن تقول: 

_ليه يا "جبل" عادية

_تتغير أنا جبتلك لبس كتير في الدولاب

جحظت بمقلتيها من هول الصدمة، تحدثت باستغراب: 

_إنت جبت هدوم أنا عندي كتير وبعدين إنت عرفت مقاسي ازاي

.........................................................................

في فيلا ال "عزمي" 

حين سمع "مالك" ما قالته "مرام" صرخ من الفرحة:

_بجد والله يعني خلاص مسماحني والله 

أومأت برأسها وقالت بحب: 

_ايوا كفاية بعد على حاجة عادية

ضحك "مالك" بشدة ثم قال: 

_أنا كنت هقطع لساني عشان ما قولش حاجة تخليكي مضايقة مني

جاءت "دنيا" من خلفهم ثم أردفت بـ: 

_عشان بس قولتلها خلينا أخوات خايف أخوكي يزعل مني عشان بحبك وهو مش عارف عملت لنا صداع أومال لو قولت حاجة تاني هتعمل فيك إيه 

رفعت "مرام" سبابتها وقالت بتحذير: 

_بلاش تتريقي طيب وبعدين أنا مش زعلان على كدا وبس حضرتك إنت بتشك فيا وبتقولي مش هتجبيه من برا قصدك إيه بكلامك ها 

أمسك "مالك" يدها ثم قال بحب: 

_ساعة غضب وبعدين أنا عارفة أنا ربيتك إزاي فهمتي يا حبيبتي متزعليش لو جيت عليكي بس والله بعمل كدا عشان مصلحتك وإنتي عارفة كدا 

عادت تضع رأسها على صدره وقالت بصوت هامس: 

_عارفة يا حبيبي

قبل رأسها ثم قال بحنو: 

_الحارس جبلك هديتك أهو روحي شوفيها

وضعت "دنيا" يدها في منتصف خصرها، وقالت بضيق مصطنع: 

_وهديتي يا سي "رميو" فين ولا إنت عامل حساب حبيبتك بس

ببرود تام رد عليها بـ: 

_بت إنتي أما تتجوزي جوزك يجبلك بقى 

صمت قليلاً ثم حملق بـ "مرام" ليخبرها بـ: 

_كدا أخوكي هيتجوز فأي رأيك نعملها معاه 

ابتسمت بخجل ثم صمتت ليرد على نفسه: 

_على بركة الله تعالي بقى نشوف الهدايا

قامت من مكانها واتجهت نحو الصنوق الكبير، طلبت من الحارس ميقص وما هي إلا ثوانٍ معدودة وجلبه لها، فتحت الصندوق بعد أن جعلت جميع البلونات المتزينة به تطير كطائرة في السماء، وجدت أحدث الحقائب الغالية صرخت بقوة: 

_الله مش مصدقة والله جميلة جداً 

كانت "دنيا" تشعر بالفرحة من أجلهم، تنهدت بشدة وجاءت حتى تغادر فأمسكها "مالك" من يدها وقال بقلق: 

_مالك يا حبيبتي إنتي زعلانة عشان مجبتش بوكس ليكي بكرا يكون عندك أحلى بوكس في الدنيا

هزت رأسها بلا حيثُ أجابته بـ: 

_لا والله أنا فرحانة جداً برجعكم لبعض بس عندي مكالمة تلفون مهمة

تيقنت "مرام" أنها تريد أن تتحدث مع "أحمد" لذلك قالت بتلعثم طفيف: 

_ااا حبيبي سبها هي مش زعلانة أنا عارفة

استغرب "مالك" من ردت فعلها حيثُ أنها لا تفتح شيء إلا و"دنيا" تشاركها بفتحه، ايعقل هذا، رد عليها باندهاش: 

_طب تستنى أما تشوفي باقي الحاجة 

_يا حبيبي هي بس هي هتروح الحمام مش أكتر 

أومأ برأسه بصدمة، هز رأسه وقال بغضب: 

_هو فيه إيه وبعدين هي لو عاوزة تروح الزفت مش بتقول ليه وبعدين إنتي عرفتي منين إنها عاوزة تروح إيه هو إنتي اللي بتحسي بشعور اللي عاوزين يعملوا حمام بدلها وهي لسه قايلة مكالمة تلفون ها

ابتلعت ما في حلقها بهلع، بينما "دنيا" فقالت بخوف: 

_مافيش مافيش أنا بس غمزتلها من وراك عشان بس متاخدش بالك وبصراحة كنت عاوزه أعملك جو رمانسي وهي كمان عاوزة تشاركك إنت مش أنا

شعر بالفرحة لهذا فقال بنبرة جادة: 

_طب يالا هوينا بقى خلاينا مع بعض...! 

..........................................................................

_بابي بابي

كان هذا صوت ابنته الباكية التي أسرعت لأحضانه حين جاءت، ابتسم "حمدي" بحب ثم قال بتساؤل: 

_"مايا" إنتي جيتي امتى يا حبيبتي؟ 

_مش قادرة يا بابي أقعد برا من غير ما انتقم لازم يا بابي يشوف أيام سوداء

هذا ما قالته تلك التي تدعى "مايا" والمدلله لوالدها

جاءت بتلك اللحظة الخادمة وقالت بتساؤل: 

_"مايا" هانم تشربي إيه؟ 

ردت عليها بحنق: 

_أعمليلي كاس وروحي حضريلي الآكل بسرعة يالا

أومأت الخادمة برأسها، ليقول والدها بهدوء: 

_يا "مايا" بلاش يا حبيبتي أي شرب وركزي إنك تدمري "جبل" وعلى فكرة شكله بيحب الصحفية اللي اسمها "ملاك" 

ابتسمت "مايا" بهدوء ما قبل العاصفة، أغمضت عينها وعادت تفتحها، وبدون أذن تركته ورحلت، صعدت سيارتها وانطلقت بها إلى فيلا "جبل المنشاوي" 

...................................................................... 

وصلت إلى منزل "لميس" التي كانت مخصصة لها غرفة في بيتها، استقبلتها والدتها بالكثير من الترحيبات التي جعلتها تبتسم بحب حيثُ أن مازال الخير متواجد، الحب الذي كان يجب أن تتذوقه من عائلتها تذوقته من أغرب الناس لها، انتبهت لهم حين أشارت "لميس" نحو الغرفة الخاصة بها وقالت: 

_اتفضلي يا طنط دي هتكون أوضتك 

دخلت "فوقية" بخطوات خائفة، شعرت بها "لميس" فقالت بهدوء لكي تجعل الطمأنينة تدخل قلبها: 

_حبيبتي متخافيش أبداً طول ما أنا جنبك كدا عمرنا ما هنعملك حاجة وحشة أبداً 

أومأت "فوقية" برأسها بعد أن أعطتها بسمة صغيرة، تحدثت بيقينٍ: 

_والله عارفة بس خايفة لكون ضيف تقيل عليكم

لم ترد عليها "لميس" بل والدتها هي من ردت حيثُ قالت لها: 

_أنا و "لميس" بس اللي في البيت قليل أوي أما حد يزونا يعني إنتي بس هتنوري دا إنتي كمان هتكبرينا يا حبيبتي 

شعرت بالراحة نوعٍ ما، بهذه اللحظه سمعت صوت "مصطفى" يقول بضيق مصطنع: 

_طب أنا كدا كل الحب اللي في قلبهم خديه يا طنط طب ينفع كدا

قهقه الجميع على ما قاله، بينما "فوقية" ابتسمت في وجهه حيثُ أنها كلما تذكرت حديثه على "جبل" كلما شعرت بالضيق الشديد، لا تحب أن يقول أحد عليه شيءٍ يجرحها، ستظل تدعو أن يحبه الجميع، ستظل تدعو أن يصبح ناجح في حياته... 

جلست على المضطجع بعد أن خرج الجميع من غرفتها، جلست ترتاح قليلاً ولكنها بدأت تفكر بخوف: 

_هل الولاد أما يعرفوا إن "جلال" في القسم هيعملوا إيه وأما يعرفوا الحقيقة هيقفوا جنبي ولا جنبه أنا حاسة إنهم هيصدقوا هو ويسبوني أنا ولو فعلاً حصل كدا ممكن اتجنن

حاولت ألا تعطي لشيطانها الوقت حتى يأكل في رأسها، ولكن شعور الخوف الذي انتابها لا يذهب من قلبها قط، حاولت أن تنام قليلاً ولكن بدون جدوى.... 

........................................................................ 

حاولت بكل جهدها أن تتحدث معه ولكنه لم يرد عليها، يعقابها على فعلة اعتادت عليها، تأفف بشدة، بتلك اللحظة دخلت "عبير" غرفتها وبصراخ قالت: 

_"جبل" هيخطب وإنتي قاعدة هنا

استدارت لها بضيق وقالت بنفاذ صبر: 

_نعم ما يتجوز أعمله إيه يا مامي أنا لا بحبه ولا هو كمان يعني ريحي نفسك وبعدين ربنا يتولها برحمته

بهذه اللحظه دخل "مالك" بصحبة "مرام"، حدق بها بضيق وقال بحنق: 

_هي ملهاش أهل أو مثلاً يا مرات عمي من اللي بيترموا على النواصي وبيقعوا في طريق" جبل" 

نظرت له بتوتر ثم قالت بتلعثم: 

_اا ومين قالك إن البنت اللي هيتجوزها "جبل" من الشارع...!!! 

ابتسم ببرود وقال: 

_أيوا من عارف الصحفية المشهور "ملاك" واللي واثق إن إنتي كرهتيها عشان "جبل" هيتجوزها

اقتربت "مرام" من صديقتها ومن ثم هتفت بـ: 

_يا طنط دا نصيب وبعدين أخويا بيحب "ملاك" و هي كمان بتحبه لكن لو "جبل" أخد واحدة مش بيحبها صدقيني ساعتها هيبهدلها حتى لو كانت أقرب الناس له 

ابتسم "عبير" بتصنع ثم قالت بهدوء: 

_طب يا "مالك" أنا ماقولتش حاجة أنا بس عاوزة أطمن على بناتي المهم أبعت السواق يروح يجيب "ريناد" من اللي اسكول بتاعتها

ردت عليها بضيق: 

_بعته 

خرجت من الغرفة بعدها، لتغير "دنيا" الموضوع وتقول: 

_خلصتي فتح الهدايا

أومأت "مرام" برأسها ثم همست في أذنها بدون أن يأخذ "مالك" باله: 

_مالك

ردت عليها بنفس صوتها الهامس: 

_متنكد عليا عاوزة أروح شركة "جبل" أشوفه هو راح وكان "جبل" سايب أسمه مع السكرتيرة وأشتغل في السكرترية الخاصة بـ "جبل" 

كانت "مرام" ستتحدث ولكن نظرات "مالك" الصارمة جعلتها تصمت، ابتلعت ريقها حيثُ أنها شعرت بأنه سمعهم، تحدث "مالك" بغضب: 

_هتفضلوا كتير كدا ها بتتكلموا في إيه

ابتسمت "مرام" وقالت بخفوض: 

_أبداً أبداً يا حبيبي أنا بقولها يالا ننزل

_الله عليكي أما بتكدبي يا حبيبتي

......................................................................... 

في منزل "جبل" 

مازالت تحدق به باستغراب، رد عليها أجابة جعلتها مقتنعة بمدى حبه لها: 

_اللي بيحب حد بيدقق في كل تفصيله ودي حاجة مكنتش ومقاسك حاجة عارفها الموضوع سهل جداً 

ابتسمت "ملاك" بخجل شديد، اقترب منها ثم انحنى نحو خدها الأيمن وقبلها، ابتلعت ما في حلقها بتوتر شديد وقالت بهدوء: 

_يالا ننزل بقى

غمز لها وقال بحب مصطنع: 

_غيري! 

همست في أذنه: 

_لا مش هينفع وبعدين أنا حابة لبسي كدا

كان سيغضب ولكن رنين هاتفها أوقفته عن الحديث، ردت على الهاتف وسمعت حديث المتصل ومن ثم ردت بـ: 

_حاضر يا فندم متقلقش خلاص تمام ماشي

انكمش حاجبيه باستغراب، اليوم أجازة من عملها،فلما يهاتفها مديرها، قفلت الهاتف بتوتر، فسألها "جبل" بانفعال: 

_المدير بيتصل عليكي ليه وإنتي في أجازة أوعي تكوني معتذرتيش عن الحارة الشعبية

تلعثمت في أجابتها: 

_اا لا اتصلت عشان اعتذر بس

رفع حاجبه باستغراب وقال: 

_بس إيه...؟ 

كانت سترد ولكن صوت أحدهم الصارخ جعلها تقول بهلع: 

_في إيه يا "جبل" ؟ 

لم يرد عليها حيثُ أنه يميز الصوت، نعم هي، لن يرحمها، كيف تجرأت أن تعود لمملكته، أسرع للطابق السفلي وهي معه، فوجد كل من المربيات يحدثوها بهدوء وهي تتجاوز حد الأدب لدرجه أنها ضربت "صباح" على وجهها، تلك الفعلة جعلته يشعر بالنرفزة، تحدث بجموح: 

_إنتي عارفة إنتي ضربتي مين أعتذري

قهقهت "مايا" بشدة ثم نظرت لـ "ملاك" بقرف وقالت بضيق بعد أن أشارت لها: 

_هي دي بقى الشريفة اللي فضلتها عليا

ابتسم "جبل" بشدة ثم قال: 

_دي بقى عن كل البنات يا "مايا" مكنتش سهلة ومش شمال وبعدين مين جابك تاني ها أشمعنا أنا اللي حطاني في دماغك...؟ 



الفصل السادس عشر...

(النمر الجامح) 


كانت "ملاك"  مصدومة من طريقة "مايا"  وأسلوبها في الحديث،  حدقت بـ "جبل"  بغضب ثم سألته بـهدوء: 

_أنا عارفة إن في بنات كتير في حياتك بس إنت قولت كلهم خرجوا من حياتي؟  أومال دي بتعمل إي ف حياتك

حدق بها بغضب شديد ثم وبصراخ حاد قال: 

_"سامية" "صباح"  تعالوا خدوا "ملاك" فوق 

بالفعل اقتربت "سامية"  من "ملاك"  حتى تصعد ولكن "ملاك"  بعدت تماماً عنهم وقالت بانفعال: 

_مش طالعة أما نشوف الأستاذ هيقول إيه؟ 

لم يستطيع أن يجعلها تهينه أمام تلك "مايا"  مما جعله يمسكها من يدها ويقول بصرامة هامسة:

_أما أقول إطلعي فوق يبقى تطلعي 

أومأت برأسها بانفعال وردت بـ:

_ماشي يا "جبل" هطلع عن إذنك

فعلت قام قال، نفذت ما أمرت به، ولكن وقفت بجانب الغرفة حتى تسمع ما سيقوله، فوجدته يمسكها من معصمها ويلقي بها خارج منزله بعد أن قال بصراخ حاد:

_اقسم بالله العلي العظيم لو قربتي من بيتي أو من عيلتي أو جبتي سيرة مراتي على لسانك مش هيحصل كويس

ابتسمت "مايا" بسخرية ثم قالت باستفزاز:

_مش هتكون مراتك وكل مرة هطلع لكم زي ابليس اللي عمره ما هيسبكم في حالكم

لم يستطيع أن يتحملها أكثر من ذلك مما جعله يصفعها بشدة، رد على ما قالته بانفعال:

_"ملاك" وجوازي منها خط أحمر أنا عمري ما مديت إيدي على بت بس إنتي أجبرتيني أعمل كدا أنا ممكن في  الثانية دي أخليكي مش موجودة على الأرض أوديكي رحلة أبدية وتكوني تحت الأرض،  أعيشك في مقبرة كلها حيوانات إنتي فاهمة 

تعلم بأن ما يقوله إذا أراد أن ينفذه سيفعله بدون شفقة،  رفعت سبابتها وبتحذير قالت: 

_بس خلي بالك مني أنا همشي دلوقتي بس هرجع تاني

رحلت من المكان،  بعد أن تأكد "جبل"  بأنها غادرت،  صرخ باسم الحراس الخاص به وقال بغضب: 

_لو البت دي قربت مني أو من "ملاك"  أو اتسمح لها بالدخول هتكون مرفوض

بتلك اللحظة سمع صوت "ملاك"  التي كانت تحاول أن تتماسك وأن تمنع دموعها من الإنهمار،  نظرت له وبكل كبرياء قالت: 

_ماضيك مليش إني ادخل فيه بس لو الماضي هيعكر المستقبل يبقى بلها الإرتباط آااه دفعت عني بس في نفس اللحظة زعقتلي قدامها أنا مش مستعدة أتجوزك وتيجي كل يوم واحدة شكل تقول بتحبها على إيه وفيها إيه زايدة وأكون متقارنة مع حد شمال

كان يستمع لها ويشعر بأنه لن يملك أعصابه،  كانت "سامية"  تراقب تصرفه من بعيد،  لوت ثغرها بسخرية ثم ربطت على كتف "صباح"  التي كانت بجانبها وقالت بغضب مكتوم: 

_من شبه أبهُ فما ظلم يا ختي أنا شايفة طريقة "جلال"  في الغضب،  جاءت "صباح"  حتى تجيبها ولكن غضب "جبل"  كان كبيرة لدرجة أن لسانها قطع في تلك اللحظة،  استمعوا له، حيثُ كان يقول: 

_بس بقى يا "ملاك"  وكفاية إنك مش قادرة أصلاً تشوفي دفاعي عنك 

لم ترد عليه قط بل بحثت عن حقيبتها وأخذتها جاءت حتى ترحل فأمسكها من معصمها وقال بجموح: 

_لا مش هسيبك تروحي ومش هاسيبك تزعلي مني 

نظرت لمربيتها ثم قالت بهدوء: 

_يالا يا دادة..! 

بهذه اللحظه دلفت "مرام" ومعها "مالك"  وبفرح شديدة دلفت بأحضان أخيها مما جعل "ملاك"  تغير أكثر وتقول: 

_ومين دي كمان؟ 

لم يرد عليها قط،  بينما نظر لشقيقته بحب وقال: 

_إيه اللي مخليه بنوتي فرحانة

نظر "مالك"  له بغرور ثم قال بثقة: 

_أنا طبعا وهي كدا عشان وافقت على الجواز منها 

أمسكه من ياقة قميصه وقال بمزح: 

_أنا مش موافق يلا أختي إنت اللي جريت وراها مش هي

قهقهت "مرام"  بشدة بعد أن قالت: 

_أيوا ي بابا وأنا ممكن أرفض عادي

انتبهت "مرام"  لوجود "ملاك"  حدقت بها باستغراب ثم أشارت لها وقالت بهدوء: 

_هو أنا شوفتك قبل كدا

أجابتها "ملاك"  بعدم تذكر: 

_مش عارفة بس حاسة نفس الإحساس 

ابتسمت "مرام"  بسعادة وقالت بترحيب: 

_على العموم نورتي بيتك ي عروستنا الحلوة وأه متخافيش أنا مش هعمل عليكي حمايا ولا هكون عمة العيال العقربة هكون زي عمتو يارب يجمعنا بيها كانت حنينة

فتحت "ملاك" ذراعيها ثم قالت بحب:

_تعالى ي قلبي في حضني

وكأنها تناست كل ما حدث بتلك اللحظة، تحدثت "مرام" بحب:

_طب يالا يا جماعة عشان نأكل "دنيا" كمان جاية و...

قاطعها "مالك" حين قال بتسرع:

_يا أمي إحنا جاين نحدد معاد للجواز مش نأكل ها يا "جبل" هتتجوز إنت و"ملاك" امتى

ابتلعت "ملاك" ما في حلقها بتوتر، بينما "جبل" فقال بثقة:

_آخر الشهر 

ردت "ملاك" عليه بحنق:

_لا أصلنا ممكن نعيد النظر في الجوازة

ابتسم "جبل" ثم رد عليها بنبرة ساخرة:

_عيدي وزيدي برحتك بس آخر الشهر

اقتربت "سامية" منهم وقالت بهدوء:

_براحة يا ولاد مش كدا 

بينما "صباح" فقالت بأمر للجميع:

_السفرة جهزت وكمان "دنيا" وصلت ومعاها "ريناد" كمان نآكل يا جماعة ونشوف حل

أسرعت "دنيا" حتى تسلم على "ملاك" حيث ومن يوم عزاء جدها وكلامها أثر بها للدرجة التي جعلتها تحب وجودها، تحدثت بحب:

_فرحانة إنك هتكوني مننا ومبسوطة جداً كمان بدا 

_وأنا كمان فرحانة

جلست على الطاولة من أجل الجميع، ظل يختلس لها النظرات من حين لآخر، انهى الجميع الطعام، مما جعلها تقوم وتقول بنبرة هادئة:

_همشي دلوقتي وإن شاء نكمل كلام وقت تاني عشان ورايا شغل

وكأنها كانت تبلغه قرارها عن طريق الجميع، حملقت في المربية ثم قالت بأمر:

_يالا..!

حاولت "مرام" أن تجعلها تقعد أكثر حيثُ قالت:

_خليكي شوية لسه أنا وإنتي و "دنيا" ما قعدناش مع بعض 

ابتسمت لها ثم قالت بحب:

_لا يا قلبي ورايا كام حاجة أعملها ومعلش تتعوض المرة الجاية

قالت "ريناد" بتلك اللحظة:

_أنا حبيتك أوي

_وأنا كمان ي قلبي

كانت الساعة في تمام الخامسة بهذه اللحظه، قام "جبل" من مكانه وقال لها بهدوء يسبق كل ما يحمله من جمرات بداخله:

_يالا يا "ملاك" هانم اتفضلي هوصلك لبرا

_لا بلاش تتعب نفسك خليك مع عيلتك

كان هذا ردها ولكنه لم يفعل كما قالت وقام وسار برفقتها حتى وصلها لسيارتها، اطمئن بأنها حركت المكبح وانطلقت بها..ليؤمر بعدها حارسه بـ:

_وراهم وخليك حاميها...!

.......................................................................

في قسم السادس من أكتوبر..

ظل "جلال" يلعن فيما فعله "محمد"، تحدث بصراخ:

_زمنها عند العيال قول لي أعمل إيه دلوقتي أنا هقطع عمرك هخليك تموت لو طلعت من هنا

بتلك اللحظةجاء العقيد"محمد الزيني" والذي سمعه يهدده مما جعله يقول بغضب:

_احترم نفسك يا متهم يعني غلطان وبتهدده على العموم إنت وهو مش هتخرجوا دلوقتي ولو بميت بمحامي دي قضية رأي عام قضية مجتمع ودفاع ليه عملت في مراتك كدا

لم يرد عليه قط محاولة منه أن يصمت حتى لا يتهور ويضربه،  اقتربت منه "العقيد" وقال بصراخ: 

_ما ترد يا متهم إيه اللي خلاك تعمل كدا طب المعفن اللي جنبك باع ضميره بالفلوس إنت بقى بعت العشرة والمودة والحب وأم عيالك ليه لا وكمان رحت خليت عيالها يكروها بأي عين بتنام لا بتقول بحبها

غضبب وثار ثم قال بعد أن ضغط على نواجذه: 

_مش هتكلم غير في وجود المحامي بتاعي

ابتسم "محمد الزيني بسخرية ثم قال للعسكري: 

_حبس لمدة أربع أيام على ذمة التحقيقات وكمان خليهم يشوفوا محامي عشان يخسر القضية دي إن شاء الله 

....................................................................... 

وصلت" ملاك" أمام منزلها،  نظرت لـ "سامية"  وعادت تسألها بكل ضيق: 

_مش ناوية تعترفيلي إيه اللي موجود في قلبك لـ "جبل" 

توترت وتلعثمت وهي ترد عليها: 

_عشان سمعت يعني من كام حد عن الحوار بتاع البنات دا

تنهدت "ملاك"  بشدة محاولة أن تصدقها،  أومأت لها برأسها ثم قالت لها بأمر: 

_انزلي...! 

استغربتها المربية مما جعلها أن تقول باستفسار: 

_وإنتي راحة فين؟ 

بهدوء تام أجابتها: 

_ورايا شغل في المنطقة الشعبية ولازم أروح

فتحت "سامية"  فاهها بصدمة شديدة مما قالته،  تحدثت برفض نهائي: 

_لا طبعا مافيش مرواح هناك وبعدين "جبل" 

قاطعتها "ملاك"  بـ: 

_قال لا صح؟ 

أومأت "سامية"  برأسها مما جعل "ملاك"  تقول بانفعال طفيف:

_من النهاردة شغلي خط أحمر وهيكون أهم حاجة في حياتي يالا عن إذنك

نزلت "سامية"  من السيارة جاءت حتى تقول لها شيءٍ ولكنها لم تعطي لها الفرصة حيثُ أنها انطلقت إلى المنطقة الشعبية فوراً.... 

رن هاتفها وكان المتصل "لميس"  ردت على الهاتف قائلة بعتذار: 

_عارفة اني مقصرة في الموضوع اللي قولتي عليه وصلتي لفين

سردت لها "لميس"  ما حدث لتقول لها بهدوء: 

_أنا هروح الشغل وأجيلك على طول تمام

_تمام

قالتها "لميس"  ثم قفلت معها الهاتف،  اقتربت من المنطقة الشعبية في مكان لا يتجمع به إلا المدمينين للمخدارات،  انتابها الاحساس بالخوف ولكن حاولت أن تقوى،  دلفت للمكان وجلست أمام مجموعة من الشباب وقالت بهلع طفيف: 

_ممكن أسالكم شوية أسئلة أنا الصحفية "ملاك ناصر"  

لم تكمل كلامها حيثُ وجدت صراخ شاب يقول: 

_اجمعوا يارجالة الصحفية دي جاية عندنا وممكن تكون تبع الحكومة خدوا منها الكاميرات واضربها 

ابتلعت ما في حلقها بتوتر شديد،  شعرت بأنها ستموت في هذه اللحظة،  ما الواجب عليها فعله،  ظلت تتلفت يمينً ويسارا لعلها تجد من ينقذها من هذه الواقعة،  حاولت الهروب ولكن لا يوجد أي جدوى لمحاولتها الكثيرة،   أغمضت عينها مستسلمة لمصيرها ولكن بتلك اللحظة جاء حارس "جبل"  ووقف أمامها ثم قال حتى يتخلص من كم المواجدين: 

_يا سطا منك ليه دي بتهزر وجاية تسأل على الصنف الجديد مش أكتر 

وكأن حديثه كان الصدق فالجميع صمتوا،  اقترب منها ثم همس في أذنها: 

_يالا يا هانم

فتحت مقلتيها وتنفست براحة ثم قالت بكل شكر: 

_شكراً بجد أنا مش عارفة أشكرك ازاي 

مد يده للأمام حتى يجعلها تذهب معه حيثُ كان يشير نحو السيارة قائلاً له باحترام: 

_يالا يا فندم معايا 

كانت ستسير خلفه ولكن وقبل أن تتقدم للأمام،  قال صاحب المقهى  بصوتٍ أخشن: 

_يا شباب هتشتروا الصنف ولا إيه؟ 

ارتعدت من صوته،  ولكنها وبعد برهة من الزمن شعرت بالراحة حين جاء "جبل"  ومعه جميع حراسه، نظر لها نظرة أخفتها أكثر مما كان سيحدث لها مع المجرمين،  نظر للرجل ثم قال بكل برود:

_مش هنشتري حاجة يا عمنا خلاص مش عاوزين

ثم وبعد أن انهى حديثه قال لحارثه: 

_خد الهانم على العربية

تلعثمت وهي تجيبه وتقول بتوتر: 

_هركب في عربيتي

حدق بها بكل غضب،  رد عليها بعد أن جذ على نواجذه: 

_أظنك سمعتيني؟ 

تقدمت مع الحارس ولكنها كانت تضع في مخيلتها بانها ستغادر بسيارتها ولكن حين وصلت لمكان السيارة فلم تجدها،  نظرت للطريق بذعر ثم قالت للحراس بصراخ:

_عربيتي اتسرقت  هعمل إيه دلوقتي عرفني

لم يرد على سؤالها ولكنه قال بصرامة: 

_اتفضلي يا هانم في العربية وأما يجي "جبل"  باشا هنشوف  هيحصل إيه

.............................….............................….........

في منزل "أحمد"  

جلس على الأريكة،  كان يشعر بالغضب الشديد منذ صباح هذا اليوم منذ أن كلمها وهو يشعر بذلك،  كيف لابن عمها أن يدخل غرفتها وهي نائمة،  يغير عليها من الجميع،  فتح هاتفه فوجد الكثير من الرسائل التي أرسلتها له والتي كانت جميعها عبارة عن اعتذارات،  القى بالهاتف بجانبه،  بتلك اللحظة جاءت "رحمة"  شقيقته ثم قالت بهدوء: 

_مالك يا حبيبي

ابتسم بهدوء ثم قال بحب: 

_مافيش يا حبيبتي أعمليلي كوباية شاي من إيدك الحلوة دي

بتلك اللحظة سمع رنين جرس المنزل، أشار لها حتى تفتح الباب قائلاً لها بأمر: 

_شوفي مين يا "رحمة" 

أومأت "رحمة"  برأسها وانطلقت نحو الباب،  فتحته فوجدت فتاة تشبه الأميرات، ملابسها باهظة الزمن،  كانت تلتف يمينً ويسارا، تسألت "رحمة" مع نفسها،  هل تلك التي تقف  أمامها جاءت لهم،  لا تظن بأنها تعرف أحد في منطقنها الشعبية التي تجمع الكادحين للقمة العيش،  الشارع ممتلىء ببائعين الخضروات والمقهى ومحل الجزارة،  بالتاكيد هي لا تعرف شيء عنهم،  من الممكن أن تكون متدربة في الصحافة وجاءت حتى ترى حياة البسطاء،  كل هذا كان تفكيرها، انتبهت وفاقت من شرودها حين سمعت صوت الفتاة وهي تقول بنبرة رقيقة: 

_ممكن أقابل أستاذ "أحمد"  أنا زميلته في الشغل

ابتسمت لها ثم قالت بترحيب: 

_اتفضلي يا آنسة مش آنسة برضه شكلك بيقول كدا نورتي أهلاً وسهلاً يا ألف مرحب بيكي 

حدقت بها وابتسمت،  عشقت هذا الحب الذي يتكون في قلوبهم للضيف، بهذه اللحظه سمع "أحمد"  ترحيبات شقيقته فقام من مكانه حتى يرى من جاء،  فوجدها هي من يدق لها فؤاده،  اقترب منها ثم قال بخفوض: 

_"دنيا"...! 

...................................................................…...

في منزل "لميس"  

كانت جالسة مع "فوقية"  والتي قالت لها بتمني: 

_هو عندك صور لي "ملاك" 

أومأت "لميس" برأسها بحب ثم قالت: 

_اه وعندي كمان لـ "جبل"  أصل نسيت أقولك "ملاك"  هتتجوز "جبل" 

قامت من مكانها ولا تعلم ما انتابها،  اتفرح ام تحزن،  كان حلمها والآن سيتحقق،  لكن "جلال" سيكون خطر لها هو وكل من ينحاز له،  سألتها "لميس"  باستغراب عن سبب صمتها: 

_مالك يا طنط إيه؟ 

تنهدت بقوة،  عادت لتجلس،  بتلك اللحظة وضعت الخادمة أكواب من الشاي،  جذبت "فوقية" الكوب الخاص بها ثم ارتشفت القليل منه قبل أن تجيبها بـ: 

_فرحانة وعاوزة أشوفهم يا بنتي

فتحت "لميس"  هاتفها على الالبوم الخاص بالصور التي تجمعها مع "ملاك" والتي تكون بها بمفردها، ثم أعطتها الهاتف، حدقت بها نعم تشبه تماماً،  دمعت عيناها من هول الصدمة،  تلك الفتاة أخذت من أبويها الكثير والكثير،  تحدثت بصوت أشبه للهمس: 

_الخالق الناطق "ناصر"  ومراته أخدت من العيلة كتير شعرها جميل يارب يا بني تسعدها وتعيش معاها بسعادة

بلهفة شديدة وبدمعة يتيمة قالت: 

_خدي وريني بقى صورة "جبل"  

أمسكت "لميس"  هاتفها مرة أخرى ومن ثم أخبرتها عن: 

_بصي بقى أنا مش معايا صور له بس هدخلك على جوجل وهعمل سرش عن الرجل المشهور "جبل"  وكمان عن آخر مقال كتبته له"ملاك" واللي بيتكلم عن قصة حياته كلها




.... الفصل السابع عشر....

النمر الجامح

ظلت "ملاك" مصدومة، سيارتها لم تعد متواجدة، تلك السيارة أول شيء قامت بشراءه من مرتبها، عاد الحارس يقول بأمر:

_ادخلي ي فندم العربية

صرخت في وجهه من التوتر الشديد:

_العربية بقولك مش موجودة إنت بتفهم ولا بتصتنع الغباء

بتلك اللحظة جاء "جبل" ووجهه لا يدل على الخير أبداً، رفع حاجبيه بغضب ثم سأل الحارس عن:

_الهانم ما ركبتش العربية ليه؟

لأجت له وبدموع كثيرة قالت:

_"جبل" عربيتي مش موجودة وأنا قفلتها كويس والمفتاح كان معايا 

ببرود تام أجابها:

_كان تمرد منك استحملي العواقب 

ثم وبعد أن قال هذا، أشار لها بمقلتيه حتى تركب السيارة ولكنها عادت وتمردت مرة أخرى، لم يستطيع أن يستحمل أكثر من ذلك فصرخ بها بقوة:

_اركبي ومش عاوز ولا كلمة اتحملي نتيجة تنفيذ كلامك!

بكت بشدة لا تستطيع أن تتحرك وجزء من تحقيق أحلامها ليس معها، تأفف بشدة ثم وبصرامة قال: 

_طب اتفضلي اقعدي في الزفت العربية عقبال ما شوف زفت حل هنا 

أومأت برأسها واستمعت لحديثه، بتلك اللحظة أمر "جبل"  حارسه بـ: 

_روح يا عم بلغ النيابة وهما يشوفوا العربية

سمعه صاحب المقهى مما جعله يصرخ بقوة: 

_حكومة ايه يا سي الاستاذ جاي إنتي والبت اللي عاملة ضاكتورة وعاوزين تاخدوا منا معلومات وسي الاستاذ اللي هناك قال عاوزين صنف وفي الآخر مشترتوش ودلوقتي حضرتك عاوز إيه

كور "جبل"  يده بانفعال،  اقترب منه ثم صرخ به بعنف: 

_عربية خطبتي اتسرقت في أقل من ربع ساعة وقدام عينكم 

قهقه الرجل بشدة ثم  تحدث باستفزاز: 

_محدش هنا بيشوف حاجة ابدا كل واحد منا هنا في ميزة حلوة أوي يا سي الأستاذ لا اسمع لا اتكلم لا أرى يعني يا سي الاستاذ مافيش أي عربيات

اقترب "جبل" منه وتكلم من بين أنيابه: 

_أنا بقى ممكن أخليك تسمع وتتكلم وتشوف كمان ومحدش في منطقتك دي هيعملي حاجة

عاد الآخر ليضحك بهستورية، رد عليه بعد أن دفعه بيده:

_لا راجل يالا وبعدين عربية إيه اللي هتكون أزمة مع راجل باشا زيك قول

لم يستطيع "جبل" أن يمنع نفسه من ضربه حيث لكمه بيده بشدة ثم قال بجموح:

_المشكلة مش في العربية هي لو عاوزة مية واحدة بكرا يكونوا عندها بس مش أصول نكون في منطقتك ونتسرق

اقترب منه الجميع كيف له أن يمد يده على شخص بالمنطقة، تعالت الهمهمات، صرخ بهم "جبل" بغضب وقال:

_بس منك له أنا عندي استعداد ابيتكم في القسم انهاردة

رد عليه أحدهم حيثُ قال بسخرية:

_وأنا عندي استعداد مخلكش تخرج من المنطقة إلا وإنت ميت والحلوة اللي معاك دي مستعد أخليها مدام من كل رجالة الحارة الليلة

لا يستطيع لقد طفح الكيل، كيف له أن يتجرأ ويقول هكذا على "ملاك"، لم يستطيع أن يمسك أعصابه حيثُ اقترب منه وصفعه بقوة، فعاد الآخر وضربه مما جعل حُراس"جبل" يقتربوا، بتلك اللحظة شعرت "ملاك" بأن "جبل" من الممكن أن يصيبه مكروه، نزلت من السيارة، فأمسكها الحارس الذي أمره "جبل" بحراستها، نظرت له بشزر  حتى يترك يدها،  تحدث بصرامة: 

_سيب ايدي لو سمحت "جبل"  ممكن يحصله حاجة بسببي فلو سمحت ابعد

أومأ برأسه وترك يدها،  انطلقت للأمام حيثُ تلك المعركة التي حدثت بسببها،  نادت على "جبل"  بعلو: 

_"جبل" خلاص مش عاوزها مش مشكلة خلاص

بعد أن عاركهم وبعد أن سمح أحدهم بالحديث عليها،  لن يفعل هكذا ولن يتنازل،  بتلك اللحظة جاءت الشرطة والتي طلبتها "ملاك"  حيثُ أنها هاتفت "حسام"  الرائد بقسم الشرطة والذي يكون صديقها من مرحلة الثانوية العامة، ضرب "حسام"  عدة طلقات نارية بالهواء،  ثم أمر العساكر بأخذ الجميع فيماعدا "جبل" وحراسه، التفت لها فوجدها تبكي،  تحدث بتساؤل: 

_مالك يا "ملاك"  إيه اللي مخليكي بتعيطي

سردت له ما حدث، هز "حسام"  رأسه وبوعد قال: 

_أن شاء الله العربية هتكون عندك انهاردة تمام ولا تزعلي نفسك

أشار إلى "جبل"  الذي كان ينظر لهم بغضب،  ردت بهدوء: 

_"جبل"المنشاوي خطيبي 

ثم أشارت نحو "حسام"  وقالت: 

_ودا يا "جبل"  "حسام"  صديق الثانوية العامة

ابتسم "حسام"  ثم قال: 

_فرصة سعيدة يا "جبل"  ابقى اعزمني ع الفرحة عشان الندلة مش هتعزمني

ردت عليه بضيق مصطنع: 

_كنت هعزمك بس لو تصبر على رزقك ساعتها هات مراتك معاك

هز "حسام"  رأسه ثم قال بثقة: 

_عربيتك هتكون عندك باذن الله همشي أنا دلوقتي

كانت سترد ولكن قاطعها "جبل"  بحركته حيث مد يده وصافحه ثم قال: 

_فرصة سعيدة جداً يا فندم وإن شاء الله إحنا واثقين فيك اتفضل

غادر "حسام"  المكان بينما "جبل"  فنظر إلى "ملاك"  بغضب وقال من بين نواجذه: 

_يالا يا هانم

سابقها للسيارة وهي سارت خلفه،  لاتعلم كيف ستتحدث معه وكيف سيعانفها، فتح لهم الحارس السيارة،  صعد بها "جبل" و "ملاك" ثم قال: 

_هركب أنا وباقي الحراس في العربية التانية يا باشا عن إذنك

أومأ "جبل"  برأسه ثم أمر السائق بـ: 

_وإنت يا "عباس"  اطلع على الفيلا

حاولت "ملاك"  أن تتحدث حيثُ قالت: 

_أنا.. مكننش راحة بس اتعصبت وكان لازم مخسرش شغلي طالما أنا مش عارفة كام واحدة حبيبي كان ماشي معاها

تجاهلها تماماً،  ولم يتحدث معها قط،  نظر في هاتفه وانشغل به،  وهذا كان يكفي حتى يكون عقابها.! 

.........................................................................

في منزل "أحمد"  الذي مازال مصدوم من زيارتها،  اقتربت  "دنيا"  منه وبصوت حزين قالت: 

_ممكن أعرف ليه حضرتك مش بترد عليا وحتى مش متقبل لعتذاري

نظر "أحمد"  لشقيقته التي تفهمت بأن التي تقف أمامه لم تكن إلا حبيبة أخيها،  شعرت بالفرحة لأنه سيكمل حياته،  هزت رأسها بهدوء ثم قالت بحبٍ: 

_اتفضلي طيب هتتكلمي وإنتي واقفة

ابتسمت لها "دنيا"  ثم قالت بحب: 

_هو إنتي "رحمة"  صح

أومأت "رحمة"  برأسها بفرحة حيثُ أن شقيقها يتحدث عنها مع من دق قلبه لها،  ردت عليها بخفوض: 

_ايوا أنا المهم هدخل أعملك حاجة تشربيها 

أومأت "دنيا"  برأسها بينما "أحمد" فأشار لها حتى تجلس ثم قال بحنق: 

_إيه اللي جابك؟ 

حدقت به بصدمة حيثُ أنها كانت تشعر بأنه سيفرح بقدومها،  اهذا هو الترحيب الخاص بها،  رفعت حاجبها باستغراب ومن ثم أجابته بـ: 

_نعم قصدك إيه مش فاهمة مكنتش عاوزني أجي؟!!! 

رد عليها بهدوء: 

_اه إنني متعرفش حاجة هنا منطقة شعبية زي دي ممكن تسبب لك اذى أي خناقة ممكن تجبلك انهيار عصبي بيئتي غير بيئتك 

انكمش حاجبها باستغراب،  كيف له أن يتحدث هكذا،  ردت عليه بهدوء: 

_من يوم ما عرفتك وأنا مكتوبة على اسمك عيلتك وحياتك حياتي فبعد اذنك متقولش كدا

صرخ بها بعد انهاء حديثها: 

_وأنا واعد نفسي يا "دنيا"  ان أنا اللي هتنقل لبيئتك بموجهودي مش العكس وبعدين ماينفعش أصلاً تيجي بيت شاب عازب

ردت عليها بتلقائية: 

_بس إنت حبيبي 

_لو حبيبك دا قاعد لوحده الشيطان ممكن يخليكوا تتجبروا على حاجة وحشة لو حبيبك دا مش كويس ممكن يعمل فيكي حاجة وحشة أنا عاوزك تاخدي بالك من نفسك أكتر ما أنا هخاف عليكي

هذا ما قاله لها،  لا تعلم اتفرح لما يقول أم تحزن من تفكيره،  ردت عليه بنفاذ صبر: 

_بس أنا بحبك وأنا واثقة إنك عمرك ما تعمل حاجة وحشة إنت بتحميني من كل الدنيا 

حاول أن يتجاهلها،  فجلس على الأريكة ثم صرخ باسم شقيقته بعلو: 

_يا "رحمة"  عاوز آكل خليني انزل اشوف مصالحي

اقتربت منه وبكل رجاء قالت: 

_عارفة إن إنت غيران من دخول "مالك" أوضي بس هو أخويا اللي بيخاف عليا وبيراعيني 

حدق بها بشزر وصمت، بتلك اللحظةخرجت شقيقته من الغرفة ومعها كوب من العصير لـ "دنيا" وضعته أمامها ثم قالت بهدوء:

_عشر دقايق والآكل يجهز يا حبيبي وإنتي يا "دودو" أشربي العصير عقبال ما أعمل الآكل.

ابتسمت "دنيا" بحزن ثم قالت بستئذان:

_لا عشان اتاخرت وأنا مش قايلة لحد بوجودي عن إذنكم

رفع حاجبيه بضيق ثم قال:

_استني هوصلك!

استدارت له محاولةٍ أن تزيل الدموع التي تساقطت من جفافه معها برغم من أنها لا تذنب قط، تنهدت بقوةٍ قبل أن تجيبه بهدوء:

_شكراً السواق مستنيني على الطريق مش مستهلة تتعب نفسك وإنت جعان ووراك مشاغل

لم يسمع منها أبداً، أشار للباب بعينه ثم قال بأمر:

_يالا هوصلك لحد العربية 

سارت أمامه بدون جدال منها، حاولت ألا تنفعل حتى لا تبكي أمامه، بينما "رحمة" فنظرت لشقيقها بغضب، تحدثت برجاء:

_طب خليها تقعد شوية طيب

حملق بها بانفعال ثم قال بغضب مكتوم:

_هي لازم تروح عشرة دقايق وأكون هنا يكون الأكل جاهز

كانت "دنيا" تحملق به غير مستوعبة أن هذا "أحمد" رأت الحب والحنينة منه ولكن ولأول مرة ترى جانب العصبية منه، سابقته ونزلت فأسرع ورأها، حاولت ألا تسير بجانبه ولكنه وبعد أن جذ على أنيابه قال:

_أمشي جنبي متحاوليش تسابقي ماشي

لم ترد عليه وفعلت كما قال، شعرت بالندم الشديد لأنها جاءت، وصلت إلى السيارة وبدون أن تقول شيء صعدت بها وأمرت السائق بالإنطلاق، بينما هو فشعر بالحزن لحزنها هذا ولكنه غاضب منها......

........................................................................

في منزل "لميس"  

ظلت "فوقية"  تقرأ ما كتبته "ملاك" عن ابنها،  كيف كافح بدون مال أبيه،  شعرت بالفخر،  ظلت تنظر عليه،  فانتبهت إلى الصورة التي نزلت للتو،  صورة تجمع الجميع وهناك مقطع بالصوت والصورة  خاص بالعائلة تتحدث فيه فتاة شابة تشبها،  تيقنت بأنها "مرام"،  بدأت تسمع صوتها الذي كان بمثابة نغمة موسيقية رقيقة، كانت تقول بحب وهي تشير على" ملاك" التي كانت غاضبة: 

_طيب دي بقى الفرد الجديد في العيلة هي شكلها زعلان اكيد ربنا يعينها على حالها مع "جبل" 

ثم أشارت نحو "مالك"  وقالت بضيق مصطنع: 

_وأنا والرخم دا هنتجوز 

بدأ الشجار بينهم في المقطع المصور،  ابتسمت "فوقية"  ثم سألت "لميس" عنـ: 

_هما ليه بيصورا  كدا مش المفروض الحاجات دي أسرار

هزت "لميس" رأسها بلا ثم قالت: 

_لا يا طنط هما مشهورين جداً "جبل"  إنسان بيحلم بيه كل البنات فالكل متابعة عيلتهم على الانستا وأكيد "مرام" نزلت دا استوري والاستوري اتاخد ونزل على جوجل وصفحات الفيس بوك و الأخبار كترت 

أومأ برأسها حيثُ أنها فهمت ما يحدث،  لقد تقدمت التكنولوجيا،  كانت تعلم أن العالم أصبح متقدم،  تمنت لو كانت تعلم عن هذا التقدم لكانت تحدثت مع أولادها عبر التواصل الإجتماعي،  تنهدت بقوة حيثُ أنها تذكرت تلك السنين التي فارقتها عن فلذة كبدها،  عن حياتها،  همست بصوت غير مسموع: 

_حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا 

......................................................................... 

في فيلا "جبل" 

مازال "مالك"  يجلس مع "مرام"  والقلق حليفهم: 

_ربنا يستر وأخوكي ما يقتلش البت

أومأت "مرام"  برأسها وكأنها تعلم بأن شقيقها بالفعل سيفعل هكذا،  تحدثت بتوتر: 

_يعني كان لازم دادة "سامية"  تتصل تقوله إنها مسمعتش كلامه وراحت المنطقة الشعبية 

قهقه "مالك"  بشدة على ساذجتها مما جعلها تستغرب وتقول بحد: 

_بتضحك ليه بقى؟ 

أجابها بثقة: 

_لان أخوكي أكيد أكيد يا حلوتي كان باعت ورأها حد عشان حوار "مايا"  فكان هيعرف فكدا أفضل

هزت رأسها وبحركة من فمها خرجت هكذا: 

_اها

وكأنها فهمت ما يحدث،  بتلك اللحظة جاءت "سامية"  والتي كانت تهرول بشدة وبخوف،  مما جعلهم يشعرون بالقلق،  اقترب منها "مالك"  ثم سألها بهلعٍ: 

_في إيه يا دادة إيه اللي جايبك مخضوضة كدا

ابتلعت ما في حلقها بصعوبة، لتتنفس قليلاً ثم أجابته بـ: 

_"جبل" بيه كلمني وقال لي أجي على هنا بأسرع وقت وربنا يستر هو خلاص على وصول مع "ملاك" 

أخرجت "مرام"  زفيرها براحة وردت عليها بهدوء: 

_طب وإيه اللي مخوفك بقى خلاص الحمدلله إنهم بخير 

لا تعلم أهو خير أم شر،  صوتهم لا يوحي بالخير،  جلست على الأريكة تنتظرهم،  كانت شاردة ولكن صوت قهقهت "مرام"  جعلها تنتبه لها حيث كان "مالك"  وجهه أحمر من شدة الغضب،  حدقت بهم باستغراب وحاولت أن تفهم ما بينهم،  فوجدت "مرام"  تقول: 

_والله هقبل صداقته على الفيس أصله قمور وبعتلي طلب الصداقة مش أنا اللي بعت

لم يستطيع أن يستحمل حيث قال بغضب: 

_هولع فيكي وفي موبيل وفي المز اللي بتقولي على مز والفيس وفي الكل كليلة

كانت تبتسم بقوة مما جعل "سامية"  تقول بخفوض: 

_ربنا يفرح قلبكم يا ولاد يارب وميحرمكمش من بعض

بتلك اللحظة دلفت سيارة "جبل"  نزل منها هو "ملاك"  التي أسرعت حتى تحضنها،  ملست على شعرها بهدوء وقالت بتساؤل: 

_بس يا حبيبتي إيه اللي حصل؟ 

صرخت ببكاء: 

_عربيتي اتسرقت يا دادة

أغمضت "سامية"  عينها بحزن حيثُ أنها تعلم أن تلك السيارة تعني الكثير لها... 

بتلك اللحظة تحدث "جبل"  بعلو: 

_نفذتي اللي في دماغك وكل دا ليه عشان واحدة ليها علاقه بيا وإنتي عارفة بيها والعلاقة انتهت كان ممكن يحصلك إيه ردي؟ 

لم ترد عليه قط،  مما جعله يشعر بالنرفزة ،  عاد يكمل حديثه: 

_ماشي يا "ملاك"  إنتي النهاردة هتكوني مراتي وكتب كتابنا النهاردة

شعر الجميع بالصدمة مما دفع "ملاك"  أن تقول:......................................................................................................................................................................

بقلمي أميرة أنور

 الفصل الثامن عشر:_

(النمر الجامح) 

_استحالة!!! 

اقترب منها "جبل"  وبهدوء تام قال: 

_لا إيه اللي هيخليه مستحيل ها إحنا كدا كدا مخطوبين إيه بقى اللي هيمنعوا

حدقت بالجميع باستغراب،  فوجدتهم مصدومين، ولكنهم صامتون جميعاً،  تكلمت بصوت به القليل من الأمل: 

_جماعة حد يفهمه إن مش هينفع!

لم يستطيع أن يتحمل سماع صوتها فصرخ بعلو: 

_اسكتي خالص وبعدين مين "حسام" اللي أول ما جى جريتي عليه وقال إيه عربيتي اتسرقت وفي ثواني بقيتي تهزري معاه وأنا أحلى كيس جوافة واقف

جذت على أنيابها ولم تتحدث قط بينما "سامية"  فقالت بهدوء: 

_بس يا بني إنت مش قولت بعد شهر وبعدين الحاجات دي بتكون عاوزة ناس إنتوا الانتين مشاهير  ولازم تعملوا حفلة وبعدين مجهزتوش نفسكم

لم يرد عليها وابقى كما هو وكأنها لا تتكلم،  حدقت "سامية"  بـ "مرام"  لعلها تقنعه ولكنها قالت بتوتر: 

_بتبصي لي كدا ليه طالما حط حاجة في دماغه هينذها يعني هينفذها بلاش تبصي عليا

_محدش يدخل في الموضوع  بعد إذنكم كدا أنا و "جبل"  هنحلها حالاً

هذا ما قالته "ملاك"  بنبرة منخفضة نوعٍ ما لا هي بمسموعة ولا هي بمرتفعة،  مما جعل الجميع يصمت ويجلس بعيدًا عنهم.. 

اقتربت "ملاك"  من "جبل"  قليلاً ولكنه استدار بظهره،  وقال بجفاف: 

_بعد إذنك متقربيش ومهما قولتي أنا مش هوافق عشان تبقى حاطة في دماغك 

لم تعد تتحمله، نعم تحب ولكن لا أحد عملها بتلك الطريقة غيره،  الشعور بالغضب انتابها،  تعلم بأنها ارتكبت خطاءً بذهبها لتلك المنطقة ولكن الخطاء الأكبر كان عليه،  لا تعلم لما اشتعلت النيران بقلبها حين جاءت "مايا"،  نعم تحب عملها ولكن كان من الممكن ألا تذهب وبرغم من اعتذارها لمديرها الذي لم يوافق عليه إلا أنها كانت قادرة على اقنعاه ولكنها أحبت أن تعاقب  " جبل" بهذا الشيء،  لذلك هو لا يحق له أن يعاقبها هكذا،  فهي تسمع كل ما يقول،  يجب أن يلتمس لها الإعتذار فهي إمراة لا تحب أن يشاركها أحد بحبيبها حتى وإن انتهت علقته بهؤلاء النساء، تحدثت بعد أن جذت على أنيابها بغضب:

_هو إيه اللي مقربش يا "جبل" هو إنت أما تقول حاجة لأزم تتنفذ قولتلك اتعصبت كنت غيرانة خلاص فين بقى الغلط في كدا

استدار لها وبانفعال شديد قال:

_هو إنتي بتفهمي؟

ما هذا السؤال الذي يقوله لها، نعم تفهم، انكمش حاجبيها باستغراب ومن ثم أومأت برأسها وقالت بهدوء:

_أكيد بفهم!!

تنهد بقوة ومن ثم قال ببرود:

_يبقى تمام هنتجوز يالا الشيخ جاي حالاً


.........................................................................

عاد منزله وهو يفكر بها،  يخاف عليها كثيراً،  يرأها ابنته وليست حبيبته فقط،  لا يردها أن ترأ عالمه هذا،  جلس بالأريكة متأففًا بقوةٍ،  يعلم كمية الدموع التي ستنزلق بغزارة من عيناها الجميلتان،  انتبه بتلك اللحظة لصوت "رحمة"  الغاضب والتي كانت تقول بحد: 

_أنا نفسي أعرف من أمتى وإنت معندكش ذوق؟ 

حملق بها بضيق،  لن تشعر به،  كيف له أن يشرح لها بأنه يخشى عليها كثيراً،  رد عليها بكل برود: 

_من النهاردة وبعدين أنا مش عاوزها تشوف السوق والحارة والبيت شايفة البيت عامل إزاي تحبي تشفي هي عايشة فين! 

استغربت "رحمة"  من حديث شقيقها وإلى نبرة صوته وكأنه يقول لها أننا لا نعني للمجتمع شيء،  وكأنه يخبرها بأن المجتمع لا يريدهم،  صرخت في وجهه بانفعال: 

_البيت دا ربانا يا "أحمد"  الحارة دي اللي عشنا فيها أجمل أيام حياتنا الناس الراقية ليهم معارف آه بس للمصالح قليل أوي أما تلاقي حد منهم بيجري على مصيبة التاني لكن هنا الشارع من أوله لآخره هيفرح لفرحك ويحزن لحزنك

يعلم ذلك ولكنه يعلم أكثر بأن حبيبته لن تتحمل هذا الوضع،  مساحة غرفتها أكبر من مساحة شقتهم، لا يتوقع بأنها ستقاوم وستعيش معه في هذا المكان،  تنهد بشدة ومن ثم ابتسم بسخرية ليجيبها بـ: 

_أنا عمري ما أكره الحارة بس فكري بنت الناس دي لو جت تعيش هنا هتقدر تعيش المروحة اللي بنام عليها هتقدر تنام عليها بدل المكيف أنا عاوز يوم ما أتجوزها أعيشها في نفس العيشة عاوز أثبت للعالم إني بحبها لذاتها مش لفلوس عيلتها..!

صفقت له بيديها وبغضب شديد ردت عليه:

_الواحدة مننا لو بتحب حد هتعيش معاه لو في صحراء مفهاش حتى نقطة ماية تفكرنا غير تفكركم البت بتحبك وجتلك وكانت مبسوطة وكأنها مننا 

رد عليها بيقين:

_أنا عارفة دا بس خايف من إحساسي بالذنب لو منعتها من الرفاهية اللي بتحصل عليها عند أهلها يا "رحمة"

جلست "رحمة" بجانبه ووضعت يدها على كتفه وبنبرة حنونة تحدثت:

_الفقر مش عيب وهي هتستغنى عن كل حاجة عشان بس العيب إنك تعملها وحش بعد كل التضحية اللي هتعملها عشان وعملتها أنا حاسة إنها ليها سبب في شغلك في الشركة بكرا ربنا هيكرمك وتتجوزوا

وضع يده على يدها بعد أن قبلها ثم قال بنبرة جادة:

_طب ماشي يا حبيبتي أنا مش عاوز أجبرها تقعد مع أخوتنا وتراعيهم لأزم أكون غني وابني نفسي عشان أطمن إنكم معايا وإنها في حياتي

.........................................................................

عادت للفيلا قابلت والدتها والتي كانت تنهرها بشدة ولكنها غير مستوعبة لما يحدث،  تفكر به هو فقط،  لم ترد عليها، وسارت نحو غرفتها ولكنها اوقفتها حين أمسكتها من يدها بعنف وقالت: 

_'صباح" اتصلت وقالت إن "جبل" عاوز يكتب كتابه

حملقت بها "دنيا"  بغضب شديد ولا تعلم كيف صرخت بقوة هكذا: 

_كفاية بقى إرحميني أنا تعبت والله وزهقت يا ماما ما يتجوز أنا بعتبره أخويا وهو كذلك فارحميني

انكمش حاجبي "عبير"  بصدمة،  فكيف لها أن تتحدث معها هكذا،  رفعت يدها للأعلى ثم صفعتها بقوة على وجهها مما دفعها أن تصرخ بشدة من الألم الذي انتابها،  نظرت لها بصدمة ثم قالت: 

_إنتي بتضربيني هو أنا قولت لك إيه عشان تضربيني عاووة أفهم ليه عاوزة تجوزيني "جبل"  عشان الفلوس ها فلوسنا كتير عشان علاقتنا مع عيلتهم "مالك"  هيتجوز "مرام"  

كيف لها أن تفهماها بأنها ورقتها الرابحة،  بتلك اللحظة أسرعت "ريناد"  والتي شاهدت المشهد كامل،  أمسكت يد شقيقتها والتي تبكي بهسترية ثم قالت بانفعال لوالدتها: 

_مامي إنتي اللي غلطانة مش هي أنا غلطانة إني قولتلك البسي خلينا نروح زي ما "مالك"  طلب بس لا حضرتك مش هتيجي 

تركتهم ورحلت من أمامهم،  حدقت "ريناد"  بشقيقتها ومن ثم قالت بهدوء: 

_حبيبتي هي مكنتش تقصد 

ابتسمت "دنيا"  بحزن ثم قالت بسخرية: 

_لا عادي ما هو اليوم كله مقفول اللية دي هروح أنام 

أمسكتها "ريناد"  من معصمها ثم قال بتساؤل: 

_إنتي مش هتيجي؟  زمان كتب الكتاب بدأ وبعدين أبيه "مالك"  كان بيسأل عليكي 

توترت كثيراً فحين خرجت كان لا يعلم بذهبها،  كانت سترفض ولكن تراجعت حيثُ سيسألها الجميع عن السبب 

أومأت برأسها ثم قالت بهدوء: 

_طيب يالا يا حبيبتي 

.........................................................................

في القسم

كان "جلال"  يجوب المكان ذهابًا وايابًا،  لا يستطيع أن ينعم بالنوم على الأرض أو حتى الجلوس،  الجميع بتلك الغرفة ملابسهم متسخة تماماً، المكان مليئ بالمجرمين،  كل منهم يجلس في أرضية مقاسها جسده فقط،  من ينام يغفل في جلسته،  تنهد بقوة ثم همس بحد لـ "محمد": 

_يعني عجبك اللي إحنا فيه دا؟ كله بسببك

لاحت بسمة السخرية على وجه" محمد" ثم تحول فجأة وانتابه الغضب الذي تشعب في جسده بقوة وكأن هذا الغضب نيران تنهش بقوة بداخله،  صرخ به بعلو: 

_هو مافيش غيري اللي بتحط عليه الغلط إنت كمان وثقت فيها لا وقولت عليها ذكية بلاش توهم نفسك كتير بقى أنا زي زيك بل كمان إنت السبب في سجني دا 

لم يتحمل "جلال"  حديثه مما جعله يلكمه بشدة على خده الأيمن،  وكأنه بفعلته هذه أشعل الحرب على نفسه ولكن المحارب ليس "محمد" حيثُ قام أحد المتعاقبين من الدولة وأقترب منه ليهمس من بين نواجذه المتسخة والتي جعلت كل منهم يشعر بالقرف: 

_إنت إزاي تمد إيدك عليه وهو في مملكتي ياااااض

ابتلع "جلال"  ما في عنقه بخوف ولكن ما جاء على وجهه جعله يغضب حيثُ  كانت المياة تخرج من فم الآخر مع كل كلمة يقولها، صرخ "جلال"  به بعلو: 

_بس كفااية يا غبي بتف عليا وإنت بتتكلم وبعدين إنت مالك أضربه ولا لاء شيء ما يخصكش خالص 

قهقه بعلو مما جعل الجميع يفعلون مثله،  جذ على أنيابه بجموح ومن ثم تحدث بنبرة منخفضة: 

_أنا غبي الغبي دا ممكن يعمل فيك اللي عمرك ما شوفته أبداً 

حاول "جلال"  أن يعلم ما يزعجه فقال بنفاذ صبر: 

_إيه اللي مزعلك طيب يا اللي مش غبي...!!! 

الحنق،  الغيظ،  الغضب انتابه حيثُ أن "جلال"  قدر أن يستفزه،  رد عليه بقسوةٍ: 

_إنت بتتريق عليا؟؟ 

هز رأسه بلا ثم قال بهلعٍ: 

_لا بس أنا معرفش اسمك إيه؟ 

_"حنفي"! 

قال اسمه بصوت عالٍ،  ساد الصمت قليلاً،  مما جعل "جلال"  يفكر بأن هذا الرجل سيبتعد عنه،  ولكن قرب منه فخيب ظنه تحدث بتحذير: 

_أنا هنا اللي بضرب مش حد تاني 

انهى حديثه وبدأ يتفحصه من أعلى رأسه لأخمص أقدامه،  رفع حاجبه وعاد يتحدث ولكن  نبرته كانت مليئة بالطمع: 

_بس إيه دا هدومك ولبسك حلوين تصدق أنا طول عمري نفسي البس بدلة اقلع ياض

ابتلع "جلال"  ما في حلقه بتوتر ثم قال بتلعثم: 

_هدوم إيه اللي اقلعها أنا... أنا 

ملس "حنفي"  على شعره وبطريقة مثيرة قال: 

_يالا يا حلو من غير ما تقول أنا وآه أوعى تعترض عشان ممكن أعمل الأسخن أصل الرجالة دول يعيني مفتقدين نسوانهم فممكن أخليك انهاردة واحدة ست

الخوف انتابه بشدة، رفع يده بتحذير ثم قال بتوتر: 

_إنت عارف بتكلم مين إنت ممكن تندم على اللي بيحصل دا أنا لو طلعت من هنا مش هيحصلك خير فخدمني أحسن

قهقه "حنفي"  بقوة،  ثم حدق بالجميع وبنبرة أمرة قال: 

_قلعوا هنبدل لبسه بلبسي

ابتسم "محمد" بتلك اللحظة، شعر بأن حقه رد له ولكن سرعان ما شعر بالخوف حين صرخ به "حنفي": 

_وإنت بتضحك على إيه إنت كمان هتقلع عشان دراعي اليمين يلبس نضيف

صرخ" محمد" بشدة،  بينما "جلال"  فكان يقول بهلع: 

_هكتبلك شيك بمية ألف جنية بس ابعد عني

_يا حبيبي أنا قاعد في السجن كتير ولو عاوز أعمل مليون جنيه في يوم هعمل فبلاش تتكلم كتير

قال "حنفي"  هذا بعد أن انتبه إلى حديث "جلال"، بدأ في التخلص من ملابسه ليصبح عاري الجسد،  القى بملابسه نحو" جلال" ثم قال بغضب: 

_اخلص عشان لو قلعوك هيطمعوا في جمالك يا حلو

.................................................................. 

شعر "مالك"  بالملل فمازال "جبل"  مصر على الجواز و "ملاك"  لا تريد،  من سيعقد قرانهما  جاء من نصف ساعة ولازال جالس،  بتلك اللحظة تحدث "مالك"  بصراخ: 

_خلاص يا جماعة الشيخ خلاص زهق وربنا وعاوز يمشي

ردت عليه "ملاك"  بتمرد: 

_أنا مش هتجوز خالص اعتبر إن الخطوبة اتفسخت يالا يا دادة عشان نمشي

بالفعل جاءت حتى ترحل من أمامهم،  وقفت "سامية"  لتنفذ أوامرها ولكنه أمسكها من معصمها وقال بحد: 

_هتتجوزي انهاردة يعني هتتجوزي انهاردة خلصي

صرخت بعلو: 

_مش عاوزة! 

أومأ برأسه ثم تحدث بخفوتِ: 

_تمام يا حبيبتي!!! 

شعرت بالإرتياح أخيراً،  ولكن تفاجئت حين قال بتهديد: 

_بس هموت الشيخ وهدخل السجن وهتبقى مرات المسجون

لم تستطيع منع ابتسامتها،  اقتربت منها "مرام"  وقالت برجاء: 

_يالا بقى مجنون ويعملها

كان هناك من يشاهدهم ويشعر بالغضب،  وضعت "ريناد"  يدها على كتفها وقالت بغضب: 

_مامي إيه اللي جابك وإنتي مش حابها روحي طالما مش هتتمني ليهم السعادة

لا تعلم هل ابنتها طفلة أم فتاة كبيرة تتحدث باسلوب أعلى منها، تأففت بقوة ثم اقتربت من الجميع وقالت بهدوء: 

_لا يا "مرام"  أنا مع "ملاك"  لازم نعمل حفلة كبيرة و "جلال"  يكون موجود كمان

أشارت "ملاك"  باصبعها نحوها ثم قالت بهدوء:

_دا اللي أنا بقوله

حملق "جبل"  بـ  عبير بغضب ومن ثم قال بانفعال: 

_متدخليش بعد إذنك وبابا هيحضر كل حاجة وحفلة كتب الكتاب هتحصل والفرح هيحصل بس وهي مراتي

بتلك اللحظة انتبه الجميع لصوت الشيخ الذي قال بغضب: 

_يا ابنتي ويا ابني في كتب كتاب ولا أروح 

فقدت الأمل فقالت: 

_تمام يالا اكتب الكتاب! 

تنهد الجميع برأحة،  فاخيراً وافقت، تم جوازهم تحت أجواء صعبة كثيراً،  كانت "دنيا"  بعيدة وصامتة غير الجميع،  تمت المباركات ولكن ما قاله "جبل" كان صدمة للجميع حيثُ قال.... 


              الفصل التاسع عشر من هنا   


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-