رواية لست خطية
الفصل_الرابع
بقلم ساره سعد
*هرولت أروي شقيقة أثير الصغري نحوها سريعا وبصوت خافت همست:
_كنتي فين كل ده يا أثير تامر هنا من بدري مستنيكي.
*همست أثير وهي تلقي حقيبتها فوق المقعد التي جلست فوقه لتحل شرائط حذائها الرياضي:
_متصلتيش بيا ليه تقوليلي ان تامر هنا.
*تنهدت الصغيرة ذات الجميلة الناعمة تقل:
_اتصلت كتير وتامر كمان بس تليفونك مقفول.
*لمست أثير وجهها وهي تضغط فوق عيناها برفق وقد تذكرت بأنها اغلقت هاتفها بعد إتصال يزيد:
_يووو ده أنا قفلت تليفوني ونسيته خالص.
*حركت أروي حاجبيها بشقاوة ثم أمالت برأسها نحو غرفة استقبال الضيوف تغمغم:
_طيب ادخلي بقا استلقي وعدك.
*هزت أثير كتفها بعدم اهتمام ولوت شفتيها:
_أنا حرة طالما انا لسه في بيت أبويا وماما هي الوحيدة اللي ليها كلمة عليا.
*قالت أروي باندهاش وهي تلحقها:
_أنا مش قادره أفهم انتي بتحبي تامر ولا لاء.
*توردت وجنتي أثير وتلعثمت:
_ليه بتقولي كده؟
*أمسكت اروي بجديلتها الطويلة واخذت بأناملها الصغيره تجدل الجزء الأخير منها وهي تتحرك برقة هامسه بمكر:
_علشان اللى بيحب بيسمع كل كلمة بيقولها حبيبه من غير تفكير بس أنتي مع تامر بتعملي عكس كل حاجه بيقولها
انا عارفه انتي وافقتي تتجوزيه ليه؟ عشان خاطر تغيظي. اونكل يزيد.
*بغضب صرخت عليها أثير صرخه غاضبة وصلت الي مسامع والدتها وتامر الذي رفع رأسه بترقب وعيناه تلمعان بالنيران كالشيطان:
_أروي احترمي نفسك وبطلي هبل.
*خرجت والدة أثير من الغرفة ونظرت لبناتها نظرة حانقة شديدة:
_ايه صوتكم العالى ده عيب..وانتي يا أثير قفله تليفونك ليه خطيبك هنا وشكله مضايق جدا ادخلي شوفيه لحد ما احضر العشا...وانتي تعالي معايا.
*التفتت أثير تناظر شقيقتها الصغري بغيظ...فابتسمت لها الاخري ابتسامه واسعه وحاجبيها تتراقص:
*حينما دلفت أثير الي الغرفة كان تامر يقف بالشرفة يدخن
وجسده متصلب بحدة...وقفت أثير خلفه متوازنه شديدة الثقة وبنبرة قوية ثابتة قالت:
_مساء الخير..
*دون أن يلتفت إليها هتف بخفوت:
_كنتي فين لحد دلوقتي.
*دلفت الي الشرفة ووقفت بجانبه واحنت رأسها تفكر هل
تقول له بكل صراحه ووضوح أين كانت وبالتحديد بعد مغادرة المطعم وترك صديقاتها...ام....
*بصوت ناقوسي غاضب بتر صوت تامر أفكارها بصرخته
القوية:
_هو سؤال صعب كده كنتي فين ومع مين لحد دلوقتي وإزاي تخرجي اصلا من غير ماتقوليلي.
*شعرت ان نظراته تقتلها من شدة قسوتها فتهجم وجهها قائله:
_ده تحقيق ولا انا غلطانه.
*دهس عقب سيجارته في جدار الشرفة والقى بها ثم التفت إليها يضع كفيه في جيوب سرواله وقال بهدوء قاتل:
_ايوه تحقيق وهتجاوبي علي كل سؤال سألته من غير كدب ولا لف ودوران.
*نظرت له أثير باشمئزاز وقالت:
_لف ودوران انا معرفش يا استاذ الكلام ده اللي يعرفه هو انت ولا نسيت عملت ايه معايا لو كنت ناسي افكرك.
_اخرررسي...واحترمي نفسك وانتي بتكلميني ولا ناسيتي
اني جوزك وليا حقوق عليكي.
*هدر تامر من بين أسنانه وهو يجذبها من ذراعها بقوة لصدره وشفتاه تلمس خدها الناعم...دفعته بعيداً عنها
وهدرت بوجه متهجم:
_حقوقك هتاخدها مني كمان شهرين بس انك تاخدها بالغصب وبطريقتك الهمجية ديه لا لا مستحيل..
انا اتحملت منك اكتر من مرة طريقتك ديه وأتغاضيت عنها بس بعد الحالة اللي شوفتك عليها والطريقة اللى...اللى حاولت معايا بيها لا مش هقبل ابدا فاهم انت كنت زي الوحش مش حاسس ولا شايف قدامك كان كل همك ان
تاخد مني اللى انت عايز تاخده وبس.
*حرك تامر كتفه من دون مبالاة يقل:
_ده حقي اخده بالطريقة اللى تعجبني ولا انتي بتعجبك طريقة معينة قوليلي عليها وانا انفذها.
_أنت بتقول ايه؟ انت اتجننت.
*صرخت أثير فيه وهي تدفعه بقوة بعيدا عنها وأكملت وهي تؤشر له بتحذير:
_لو استمريت بالطريقة ديه هعتبر كل حاجه بينا انتهت انا مستحيل اتجوز من واحد همجي زيك.
*لوي ذراعها بجنون خلف ظهرها بقوة لتصرخ من الألم تحاول الفكاك من بين قبضته الحديديه ليهمس بجانب
اذنها وهو يكتم ثغرها:
_أنا هوريكي الهمجية علي حق يازوجتي العزيزة...
*همهمت بصوت مكتوم أسفل كفه:
_اممممممم...اممم
*همس بصوت خافت مخيف وقد تحول إلي شيطان تلونت عيناه بالاحمرار وانصبغ وجهه بالسواد:
_أنا هاخد منك كل حاجه بالطريقة اللى عايزها يا أثير انتي ملكي أنا وبس مش ملك ليزيد ولا لحد غيره...أنا عارف انك بتحبي يزيد وعشان اقهرك احب اقولك انه هو كمان بيحبك بس هو غبي حمار هيعيش ويموت حمار فاكر. انه صاحب مباديء وأخلاق ماينفعش يقولك انه بيحبك غير بعد ماتبقي حرمه المصون بس انا سبقته واخدتك منه
بعد ما سمعت كلامه مع عمتي بصدفة عنك وانه ناوي يطلب ايدك بعد ما تخلصي الجامعة واصريت انه يكون
شاهد ع القعد...
*انهمرت دموعها فوق كفه المطبق علي ثغرها ووجه يزيد
بضحكته المسامحه أمام عيناها الباكية...عندما شعر بهدوء
حركتها بدأ يترك يدها ببطئ ويداه تبتعد عن ثغرها شهقت
وحاولت الخروج من الغرفة فامسك بيدها هامساً بابتسامه
متشفية:
_كان أول مرة يزيد يتكلم عن وحده بالحب ده قررت اني اروح اشوف أثير القلب اللى أثرت قلب ابن عمتي الغالي
العاقل وحكيم العيلة اللى دايما ابويا يعيرني بيه ودايما
يقولي انت عمرك ماهتبقي راجل زي يزيد...وقررت اخدك
منه واوجعه اوي.
*رفعت رأسها بعصبية وهمهمت باكية:
_أنت مريض...والله مريض.
*هز رأسه بعدم اكتراث متسائلا بعجب:
_ليه عشان اخدتك منه ولا عشان كنت عايز اوجعه واقهره
ايآ كان مش مهم بس اللى انا عايزه اخدته...روحت الشركه
وشوفتك وعجبتيني اعترف اني فشلت كتير اني اوقعك و
لحد دلوقتي مش ناسي القلم.....بس في الاخر نجحت في
خطتي وقدرت ادخل في دماغك ان يزيد بيحب وحده من
العيلة وهيتجوزها قريب وبصراحه ابن عمتي سهل عليا الموضوع كان جلف اوي معاكي واخيرا بقيتي ملكي أثيري
أنا..
*شهقت أثير بصدمة هامسة من بين شفاه مكورة من شدة البكاء:
_طلقني...طلقني مش طايقه ابص في وشك وايوه انا بحب يزيد بحبه.
كرر ببرود وعيناه المحتدتين تتحداها بغرور عاصف من مقلتاه الشريرتان:
_مانا عارف انك بتحبيه وعارف انه بيحبك كان قلقان عليكي اوي النهارده مش بقولك غبي جلف حتي مكنش قادر يسيطر علي مشاعره قدام مني.
*حاوط خصرها بذراعين متملكين ليقربها منه ويحتجزها بين ساقيه...ظلت تدفعه وهي تقول بخفوت علي الرغم من اوردتها المتنفخة بقوة اندفاع الدماء في عروقها:
_أبعد عني والله هصوت لحد ما ماما تسمع وتيجي تشوف قذرتك ابع..د...ابعد.
*بنهم شفتاه تجول علي عناقها ونحرها الناعم يلتهم بشرتها الورديه بشراسه يقضمها وهي تحاول الابتعاد أين شقيقتها ووالدتها بالتأكيد تعتقد بأن الحقير يحاول تصفية الخلاف بينهم لذلك لاتتدخل سوف تصرخ ويحدث مايحدث..وقبل ان تفتح فمها لتستغيث همس يهدر في اذنها:
_أنا من حقي اخدك دلوقتي علي بيتي ومحديش هيقدر يمنعني.
_هطلق منك.
*هتفت وهي تلهث وتبعد وجهها عن فمه اللزج الشهواني الحقير حتي انها شعرت بتصلب جسده ولهثه وهو ينتفض
مسعور يرتجف ولسانه يزحف فوق بشرة صدرها من فتحه
بلوزتها استغلت ضعفه الشهواني وضربته في مقتله فتركها
وابتعد منحني يلهث ويقاوم الصراخ وقد تحول وجه الي
احمر قاني بلون الدم:
_اخرج بره وطلقني عشان انا كرهتك وكرهت اليوم اللي اتغشيت فيه فيك وسمعت كلامك الحقير.
*وهو ينحني متألم دمدم بفحيح:
_مش هطلقك ولو فكرت اطلقك هيبقي بعد ما ادفعك تمن اللي عملتيه ده غالي...غالي اوي.
*********************
*ظلت مستيقظة تبكي خائفة تنعي حظها الذي اوقعها بين يد مريض سادي مثل تامر الذي تلاعب بعقلها وقلبها الغبي
معاً...الا تلك الدرجة هي غبية لاتري ولا تشعر كيف استطاع
أن يخدعها بتلك السهولة حتي لاتثق بنظرات يزيد لها و
تشعر بلهفته عليها وبدلاً من ذلك استمعت الي تامر بكل
سرور بل وافقت علي الزواج منه معتقده بكل غباء بأن
لايصح الا الصحيح...
_أثير مش هتتعشي حبيبتي.
*جلست والدة أثير بجانبها وهي تربت علي كتفها بحنو ثم قالت بقلق وهي تلاحظ تورم جفنيها باحمرار:
_ليه العياط ده كله يا أثير حصل ايه بينك وبين تامر ده خرج من الأوضة زي المجنونه انا كذا مرة كنت عايزه ادخل
الأوضة عليكم و.....
*صمتت فجأة حينما ارتمت أثير فوق صدرها وتمسكت بملابسها تبكي بحرقة وتهمهم:
_ياريتك دخلتي ياريت...أنا مش عايزاه يا ماما انا بتعذب معاه ده حيوان..حي..وان.
*شهقت والدة أثير تحتضن جسدها الذي يرتجف بخوف بين ذراعيها وتربت علي شعرها المنسدل علي جانب عنقها
ترفعه لتتجمد وهي تلمح علامات زرقاء تقبع عنقها الأبيض
بوضوح:
_ياخرابي ايه ده؟ هو اللى عمل كده.
*تشنفت دموعها تلهث من قوة بكائها الشديد وتشبثت أكثر بجلباب والدتها...التي ضغطت علي جسدها الصغير كأنها تحميها بداخل رحمها من جديد وبنبرة باكية همست:
_هو اللى عمل معاكي كده قوليلي يابنتي وريحي قلبي هو حيوان ازاي عمل حاجه فيكي اخد منك حا.....
_لا يا ماما والله لا مخدش أي حاجه مني.
*هتفت أثير ملهوفة وهي تمسح دموعها بظهر يدها:
*وضعت والدتها يدها فوق صدرها تتنهد بارتياح وقد اشتعلت وجنتاها من الغيظ لتقول بحده:
_بكره بإذن الله ليا كلام مع أمه يا يتعدل يا نفضها سيرة عشان يعرف انك ليكي ظهر مش عشان ابوكم ربنا افتكره يبقي خلاص مالكوش ظهر يحميكم...وبكره هكلم استاذ
يزيد كمان.
*هتفت أثير بصوت حارق خافت عندما سمعت اسمه:
_لا يزيد لا مش عايزاه يدخل مش عايزه اعمله اي مشاكل بسببي.
*قالت والدتها بغضب:
_بس هو كان شاهد علي عقد الجواز وكمان ده ابن خاله و
انا متأكده انه مش هيرضيه ابدا اللي بيحصل استاذ يزيد ابن حلال وابن أصول وبيحبك.
*اتسعت عيناها بدهشة ونظرت الي امها التي كانت في أقصي درجات غضبها لتتمتم بصوت خافت :
_بيحبني.
_ايوه بيحبك ويعزك زي اخته ومش هيرضيه اللي بيحصل.
*هزت رأسها وغمغمت برجاء:
_لا ياماما بلاش يزيد يدخل في الموضوع عشان خاطري.
****************
_العب يا يزيد..العب يابني.
_القى ساهر زهر الطاولة بحماس وهتف بأسم يزيد حتي يلعب ولكن الآخر كان في عالم آخر شارد الذهن منذ أن تحدث معها ع الهاتف صورتها و صوتها لايفارقان مخيلته
وحتي يشتت ذهنه عنها اضطر الي الخروج مع ساهر وباقي اصدقائه الي المقهي ليلعب زهر الطاولة ويدخن الارجيله
ولكنه مازال علي حاله وهي مازالت أمامه تداعب مخيلته:
_تعالى العب مكاني يا حوده.
*نهض يزيد تاركاً مكانه لأحد اصدقائه لتكملة دوره مع ساهر وجلس هو ليتخذ دور المتفرج...اندمج قليلا وبدا
يتابع حماس اصدقائه في اللعب وبعد اكثر من نصف ساعه
اهتز هاتفه و باضاءة فامسكه وتسمر عندما قرأ أسمها أثير
أثيرت قلبه ترسل له رسالة فتحها سريعا وهو يبتعد عن ضوضاء اصدقائه:
_أسفة علي طريقة كلامي معاك النهاردة..أسفه علي كل حاجه.
*كتب دون وعي:
_أثير عايز اكلمك ممكن.
*تلقت رسالته بلهفة وقرأت ...لتكتب بأنامل مرتجفة:
_لا مش هينفع.
*كان يمشي ذهاباً واياباً بتوتر حتي دق هاتفه ليقرا..فكتب
وكأنه يترجاها:
_أثير انا قلقان عليكي أوي عايز اسمع صوتك بس واطمن انك بخير...هتصل.
*دقائق وكان يهاتفها ليستمر الهاتف في الرنين حتي أجابت
بصوتها الباكي المبحوح:
_يزيد قلقتك أنا اسفه.
*ابتسم وهو يقول بصوت خافت متردد:
_أنا سهران بره تقدري تقولي مش عارف انام مش عارف افكر مش عارف اعمل ايه. حاسس اني انا السبب في حزنك وعياطك.
_أنا مش بعيط ومش حزينة أنت غلطان.
*همهمت هي الاخري بتردد وهي تحاول ضبط نبرتها:
*أسند ظهره علي سيارته ورفع يده الحرة يمسح بها علي رأسه ببطء ثم اضاف بصوت خفيض متحسر:
_حاسس انك مخبية عني حاجه و الحاجه ديه تخص تامر قوليلي وانا هتصرف واعرف كويس اتفاهم معاه مش هقدر
اشوفك حزينة بشكل ده يا أثير أنتي هتكملي باقي حياتك معاه.
*صمتت قليلا عن الكلام ثم همست مجدداً بلا روح:
_أنا مش هكمل مع تامر.
*توسعت مقلتيه الزرقاء وعاد يمسح على وجهه من جديد
من شدة تفاجئه ليقل بصوت مختنق:
_قصدك انك هتطلقي منه يعني...
*قاطعته بهدوء ودموعها تنهمر علي خديها:
_ايوه هطلق منه لأني مش بحبه وعمري ماحبيته.
*تحرك حلقه وهو يبتلع ريقه وهتف بصوت ساخر حزين:
_ليه وافقتي عليه من الاول ليه عملتي في نفسك كده من
الأول ليه عذبتي نفسك وعذب....
*بتر كلمته قبل ان يكملها حتي لا يحملها اكثر مما تتحمله من عذاب...فأكملت هي بدلاً منه وشفتيها ترتجفان:
_وعذبتك مش كده...أنت كمان كنت السبب سكوتك كان السبب؟
*صمت لاهثاً يزم شفتيه بقوة يود لو يصرخ صراخاً قوياً
يشق الكون...قال بحزن:
_مكنتش عايز اشغلك عن دراستك وعن مستقبلك يا أثير
قولت لنفسي بلاش تبقي أناني وتشغلها بحبك واشتياقك
لها وخوفك عليها خاصة اني كنت عايز اخبيكي من الدنيا
كلها مش عايز أي حاجه تشغلك عني.
*أبتسمت واحمرت خجلاً وهي تسمع اعترافه لها بالحب دون أن يشعر خجلت وكأنها تراه لتلعق شفتيها قبل ان تهمس:
_اخيرا قولتها يااه هي كانت صعبه كده علشان تقدر تقولها.
*ضيق عيناه وهو يجعد جبينه للحظات يسترجع ماقاله ليشعر بالتخبط كأنه محاصر بين البرد و النار حاله مثل حالها يبتسم بثقل حتى لهثاته تصل إليها...
