أخر الاخبار

رواية اسقطت مغرورا الفصل الخامس5بقلم قسمة الشبيني


رواية اسقطت مفرورا

الفصل الخامس

بقلم قسمة الشبيني

قطب جبينه قبل أن ينفجر غاضبا : يعنى كمان طلعتى خايبة !! مش نافعة فى اى حاجة .. عاملى فيها شيف وانا هطبخ !! .

هبت أمامه بتحدى : اى حد ممكن يحصل كده معاه مش حكاية يعنى !! قلت لك نسيتوه ما انت ياما بتنسى .

دارت حول الطاولة لتقف أمامه : نسيت أيام الخطوبة !! لسه من اسبوع مابعدتش يعنى ..كنت كل حاجة تخصنى ناسيها ..

أشارت للاناء : حتى نسيت انا خريجة إيه وجايب فريسة تحطها فى الاوضة علشان تخوفنى .

نظر لها بتعجب لكشفها أمره ورغم ذلك لم تبد له فأسرع ينكر : اناااا ماجبتش حاجة .






تخصرت ووقفت أمامه تنظر لعينيه ليتهرب منها فتتساءل : كنت ناوى تعمل ايه بقا ؟؟ تموتها وتعمل فيها بطل قدامى مش كده !! ودى طريقتك اللى ترجعنى بيها للاوضة !!

نظر لها بحدة واقترب ليمسك ذراعها بقوة : انا سايبك بمزاجى مش ضعف منى .. مش محتاج حجة ارجعك بيها انا لو عاوز ارجعك هدخل اشيلك لو حتى غصب عنك .

رفعت رأسها بشموخ جريح : كويس انك قلت بلسانك ..انت مش عاوز .. انا دلوقتي بحمد ربنا على الفرح اللى باظ وعلى الصورة اللى ما اتصورتش ..مش عاوزة اى ذكرى تبقى بنا .

رفعت كفها تفك قبضته عن ذراعها ليحررها بتردد من معنى تلك الكلمات التي ألقتها بوجهه ثم حملت إنائها الزجاجى وتوجهت إلى غرفتها لتتوقف أمام الباب وتبتسم بمرار : علفكرة انا بعت جبت بامية من السوبر ماركت وعملت غير اللى اتحرق ..لو استنيت لحظة واحدة كنت عرفت ..بس الحمد لله انك مااستنتش .

ودخلت وأغلقت الباب دون أن تحكم إغلاقه كأنها تتحداه أن يدخل إليها كما زعم وبالفعل لم يفعل .

جلس مكانه ، هو لا يفهم لما فعلت ذلك ؟؟ كان يمكنها ببساطة تقديم الطعام الذى أعدته دون أن تخبره عن اختراق الطعام وكان الأمر سيمر على ما يرام ..ما الذى تفكر به النساء ؟؟

زفر بضيق قبل أن يتوجه للمرحاض فيحظى بحمام دافئ لعله يهدأ من توتره قليلا .







أنهى حمامه ليبحث عن الطعام فهو يتصور جوعا . أعد الطعام وطرق باب غرفتها فلم تجب . تمنى أن تأتى والدته ككل يوم ، فهى تعامله فى وجودها بود كبير .. كم أحب معاملتها الرقيقة أثناء وجود أحد معهما ..أعاد طرق الباب : أمنية تعالى اتغدى معايا انا حضرت السفرة 

لكن لم تجب أيضا ..شعر ببعض القلق ليمد كفه ويفتح الباب . كانت تجلس بهدوء على الأرض حيث افترشت لنفسها وبيدها هاتفها تقرأ بتركيز ، لم ترفع عينها إليه ولم يحاول هو مرة أخرى بمجرد رؤيتها بخير أغلق الباب بقوة غاضبا لتجاهلها له .

اتجه إلى الطعام الذى كان شهيا بالفعل .. شعر بوخزه بقلبه لقد نعتها بعدم الفائدة ..ابتلع تلك الغصة وهو ينظر لباب الغرفة الذى يفصل بينهما .

ترك الطعام وشرد قليلا ، ليس هذا الباب هو ما يفصل بينهما بل يفصل بينهما حاجز نفسى تكون من تراكمات لا يدرى متى تكونت .. لكنها تمنعه من الوصول إليها. 

ليعترف للمرة الأولى أنه يريد حقا الوصول إليها ، وليس كونها فتاة ..بل كونها أمنية ..فقط أمنية 

لن تملء مكانها اى فتاة أخرى .






فزع لتلك الفكرة ..تلك الرغبة ..تلك المشاعر التي لم تكن فى حساباته لذا نهض عن الطاولة بغضب من نفسه التى هفت إليها ليبدل ملابسه ويغادر المنزل .


كانت بغرفتها وسمعت صوت إغلاق الباب لتعرف أنه غادر .تعجبت اين سيذهب !! 

انتظرت قليلا ثم غادرت الغرفة لتجد الطعام فوق الطاولة فتبدأ تنظيفها وهى تهز رأسها اسفا ، فهو لا يتغير ..يبدو أن حربها ضد غروره الأعمى خاسرة .

تناولت بعض الفاكهة عله يعود لكنه لم يفعل ..طال الوقت وحل الليل وتجاوزت الساعة العاشرة ..هاتفها أمامها عله يأتيها بخبر منه بلا أمل لتنهض فى النهاية مستسلمة لتلك الخسارة التى لحقت بها لقد تمنت أن يتغير وأن تحظى معه بما تمنت من سعادة ..لكنها خسرت وهو أكبر خسائرها ليس هو فحسب .. بل قلبها أيضا الذى حتى الأن يدق لأجله .


غادر فارس المنزل ليفكر بمهاتفة أصدقائه ..فكر كثيرا ثم هاتف عاصم فهو الأقرب .







أجابه عاصم ضاحكا : إيه يا عريس وحشتك ولا إيه ؟؟

ليقول بجمود : عاصم انا عاوز اشوفك ضرورى ..انت فين ؟

أجابه عاصم بقلق : لسه مروح حالا ..تيجى البيت ولا انزلك ؟

ليزفر فارس بضيق ، هو لا يريد أن يراه أحد لذا يفضل أن يقابل عاصم فى مكان بعيد عن المنزل .

لم يتأخر عاصم وبعد نصف ساعة كان يدخل للمقهى الذى ينتظره به ، بحث بعينيه ليتجه نحوه مباشرة بقلق زاد من ملامحه الكئيبة .اقترب ليجلس أمامه فورا : مالك يا فارس؟

نظر له فارس ولم يجب ، هو نفسه لا يعلم ما به ليخبره .

ربت عاصم فوق كفه : فى إيه يا اخى قلقتنى ؟ انت اتخانقت مع مراتك ؟؟ 

أومأ فارس بصمت ليزفر عاصم براحة : بسرعة كده !! لحقتوا !!

رفع فارس رأسه ليقول : إحنا بنتخانق من يوم الفرح كل يوم .. 

ابتسم بشحوب : الخناق معاها طعمه حلو 

رفع عاصم حاجبيه بدهشة بينما تابع فارس : بس انا مضايق ..مخنوق ..





عاد عاصم يربت فوق كفه : ليه ؟؟

ليزفر مرة أخرى ويبدأ في الهذيان .. لم يفكر في تنسيق كلماته أو ترتيبها ..بل تركها تجرى فوق لسانه وتفر من بين شفتيه كما شاءت .. تحدث كثيرا عن كل ما يشعر به ويشعره بالتخبط .

نظر له عاصم بتركيز .. لما لا يعترف ببساطة أنه يحبها !!

إنه فارس .. يعرفه جيدا ..غروره يحول دون ذلك.

استمع إليه بكل تركيز ثم نهض فورا : قوم يا فارس تعالى معايا .

نهض فارس بتثاقل ف عاصم لم يعلق على كل ما قال ..اين سيصحبه !! هو لا يريد أن يرى أحد .

وضع عاصم ذراعه فوق كتف فارس متسائلا : تفتكر ممكن واحدة تانية تنسيك كل اللى قولته ده ؟؟

ابتسم فارس بغروره المعتاد : كلهم زى بعض واحدة تانية واحدة تالتة كلهم واحد 

ضحك عاصم : ههههه تعرف إن علميا كلامك غلط !!

نظر له فارس بطرف عينه ليتابع : مفيش ست شبه ست تانية فى اى حاجة ..حتى فى أدق التفاصيل بيختلفوا 





عاد فارس ينظر له بطرف عينه ليجذبه نحو الخارج : تعالى بس نغير جو ونغير مودك كمان .

تبعه فارس بصمت حتى وصلا لأحد الأندية حيث يجتمع رفاق عاصم من شباب وفتيات وعاد عاصم يحيط كتفه ليسير معه دون مناقشة .

توجها لأحد الطاولات بالحديقة فالجو اليوم دافئ يغرى بالتنزه ، جلسا وسرعان ما اقبل أحد الشباب مصافحا عاصم : عاااصم !! عاش من شافك يا مان فينك كده من فترة ؟ 

صافحه عاصم بود : ازيك يا مروان !! يعنى شوية مشاغل 

أشار نحو فارس وعرفهما ببعضهما ليتصافحا مع نظرات حذرة من كليهما ، جلس مروان دون تحفظ وامسك هاتفه : هقول للشباب انك هنا .

لم يمر ربع ساعة وكان ما لا يقل عن عشرة من الشباب والفتيات حول الطاولة وقد تعرف فارس عليهم جميعا تساءلت احداهن بدلال غير لائق : وانت مهندس زى عاصم ؟

ابتسم بمجاملة : ايوه .

أمسكت كفه الأيمن بجرأة لم يعهدها : إيه ده انت خاطب ؟






نظر لخاتم زواجه الذى لم ينتقل لكفه الأيسر بعد بينما حدجه عاصم بلوم لينزعه ويضعه ببنصره الأيسر وهو ينظر لها : لا متجوز .

شهقت الفتيات بصدمة ليقول عاصم مؤكدا : فارس عريس جديد .

تساءل أحد الشباب : امال العروسة فين ؟ انت من الرجالة اللى بتخبى ستاتهم !؟

تساءل بسخرية وكاد أن يجيب بحدة لولا أن قاطعته إحدى الفتيات : انت لو جوزى كنت انا اللى اخبيك .

لينظر لها هذا الشاب بحدة : ليه يعنى ؟؟

فتجيب بلا تردد : بص له كويس يا ماهر 

رفع عاصم كفيه : إيه يا شباب هنتخانق ولا إيه !! إحنا جايين نفرفش شوية 

وقف ذلك المدعو ماهر ليقول : إحنا هنتفرج على ماتش بوكس تيجو معانا ؟

وبعد قليل اتجه الجميع إلى أحد صالات النادى لمتابعة تلك اللعبة العنيفة وبعد انتهاء المباراة توجهوا لمشاهدة تحدى فى السباحة ثم لقاء فى المبارزة وأخيرا تحدى فى الرماية وفى النهاية توجهوا للاحتفال فى مقهى  ملحقة بالنادى أيضا . 

اندمج فارس بينهم بسهولة فهم لا يضعون اى حد للعلاقات بينهم ويرحبون بكل جديد . 

كلما عرض عليه عاصم المغادرة وجده يضحك مع إحداهن أو يمازح أحدهم ويطلب منه التريث بعض الوقت .

اقترب الوقت من منتصف الليل وقد غادر اغلب رواد النادى ولم يبق سوى مجموعات قليلة من الشباب مبعثرون هنا وهناك على وشك المغادرة أيضا فالنادى يغلق أبوابه فى الثانية عشر .

ساروا جميعا نحو باب الخروج وهو بينهم ..دس كفيه بجيوب بنطاله وسار شاردا ..إن كل ما فعله طيلة اليوم ليس أكثر من مسكن .. بمجرد خلوه لنفسه لحظة تعود صورتها تترأى أمام ناظريه بعند وتحدى .








هذه الأمنية كالصداع المؤرق له . زفر بضيق لتقترب منه تلك الفتاة : مالك يا عريس !! زعلان علشان راجع للعروسة ! هى وحشة اوى كدة ؟ 

نظر لها بحدة واجاب دون تفكير: هى مين اللي وحشة !! مفيش بنت فيكم نصها 

وقفت أمامه وعقدت ساعديها بغيرة واضحة : امال سايبها وقاعد معانا ليه ؟ 

شعر بالغضب من نفسه ومن هذه الدخيلة المستفزة ليشيح بنظره عنها ويقول : غباء منى مش هيتكرر .

نظر لصديقه الذى يسير على بعد خطوات : عاصم انا مروح 

توقف عاصم : طب استنى هوصلك .سلام يا شباب .

رفع ذراعه بالتحية وفعل فارس المثل ليغادرا بعد لحظات ، استقلا سيارة عاصم الذى تساءل : ها حاسس إنك احسن ؟

لم يجب فارس بل تساءل : انت ازاى مصاحب البنات دى ؟

قطب عاصم جبينه : انا مش مصاحب بنات ولا عمرى هصاحب بنات .. انا يوم ما تعجبنى بنت مش هصاحبها ؛ هتجوزها .. دول مش أصحابى انا أصحابى مروان والشباب ..البنات بقا لازقين معاهم بالنسبة ليا وجودهم زى عدمه .





أومأ فارس بتركيز : تصدق صح .. وجودهم زى عدمه يعنى مجرد ما مشينا خطوتين اتبخروا من دماغى ولا كأنى شوفتهم .

ضحك عاصم : ههههه تعرف يا فارس مرة قرأت مقولة بتقول امرأة واحدة تحرك قلبك أما باقى النساء فتحرك عينيك فقط .وده الفرق بين البنت اللى احبها وبين اى بنت تانية . اللى احبها بقلبى هتفضل في قلبى واللى تشوفها عنيا مجرد ما تتغير الصورة تتنسى .

ساد الصمت بعدها ليمنحه عاصم فرصة لإعادة حساباته والاعتراف بما يعتمل فى صدره ..

أقله للمنزل ليغادر بعدها فورا ويصعد فارس ليقابله الهدوء ،وهل ينتظر منها انتظاره !!

ابتسم بتهكم وتوجه لغرفته بدل ملابسه واستلقى فوق الفراش ينظر إلى السقف بشرود . 

عينيها !!! تلك النظرة المنكسرة !!!

بضيق صدره بأنفاسه ..

إن كانت لا تهتم لأمره لما تألمت من كلماته !!

وإن كان لا يهتم لأمرها لما افزعته نظرة انكسار بعينيها !!

زفر بضيق واعتدل جالسا .. يشعر بالاختناق .. لم تغير تلك الساعات مزاجه مطلقا .. بمجرد أن عاد لحيز وجودها عاد يختنق .. لكن ما سبب هذا الاختناق !!!

مرر أصابعه بين خصلات شعره زافرا بغضب لينهض عن الفراش كمن لدغه عقرب ملقيا دثاره أرضا .

هذا الدثار لا يمنحه الدفء ..وهذا الفراش لا يمنحه الراحة .






توجه نحو الغرفة التى اتخذت لنفسها ليقف أمام الباب ..دقات قلبه تدوى كدوى طبول المعارك .. تتدفق دمائه الملتهبة برغبته تكوى بدنه .

رفع كفه وتردد قليلا لكنه فى النهاية وصل لمقبض الباب وأداره لينفتح بسهولة .. كانت أمامه تغفو بهدوء . 

ارتفع وجيب قلبه الذى يطالب بها .. تقدم ببطء ليقف بالقرب منها للحظة وفى اللحظة التالية اندس بجوارها متدثرا بدثارها .

شعرت به ودارت عينيها بفزع ؛ هل سيرغمها كما زعم !!

مد ذراعه ليندس أسفلها والآخر يحيطها ليجذبها نحوه هذا الصدر الذى فشل في السيطرة على احتراقه .. شهقت بفزع ورفض لتسكن رأسه بجوار أذنها هامسا : هشششش عاوز انام جمبك .

ولم يزد عن ذلك قولا أو فعلا بل سكن تلفح بشرتها أنفاسه الثائرة والتى بدأت تهدأ شيئا فشيئا حتى انتظمت لتعلم أنه غرق في سباته .

تنهدت براحة وهى تضع ذراعيها فوق ذراعيه تتشرب كل دفئه الذى يمنحها ..




فهى لم تخسر إذا .. بل ربحت ..فها هو لأول مرة يعلن عن حاجته لقربها بل وتخلى عن فراشه ليفترش الأرض معها ..

أغمضت عينيها بأمان تام واسلمت وعيها لعالم الأحلام .


         الفصل السادس من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close