أخر الاخبار

رواية اسقطت مغرورا الفصل الاول والثاني بقلم قسمة الشبيني


 رواية اسقطت مغرورا

الفصل الاول والثاني

بقلم قسمة الشبيني


حين حدد فارس موعد زفافه اختار موعدا بأول أكتوبر حيث يكون الجو معتدلا ، خطط كثيرا ليومه المميز رغم



 زواجه التقليدى إلا أن قلبه حمل العديد من الأمنيات لهذا اليوم .

خطيبته أمنية رشحتها أمه له وايد والده هذا الترشيح فهى جارته بالسكن ويربط والديهما علاقة صداقة قوية ، لم يكن ملتفتا لأى من فتيات الحى لذا لم ير بأسا فى ترشيح والدته هو يثق بها في كل الأحوال.






لم تطل فترة الخطبة عن ستة أشهر التزم فيها فارس بالحدود بينه وبين امنية . كان قليلا ما يزورها وقليلا ما يصحبها للتنزه الذى لم يزد عن دعوة للغداء بأحد المطاعم دائما .. لم يلتفت لتذمرها وحديثها المستمر عن مخاوفها من تباعد أفكارهما فقد كان واثقا فى أفكاره ثقة عمياء ويرى أنه قادر على إدارة دفة حياتهما بنجاح .

اخيرا جاء اليوم الذي انتظره فارس ..يومه المميز حيث ترك أمنياته وتمنى أن يحققها .






كان كل شئ يسير على ما يرام لكن مع انتصاف النهار احتجبت الشمس  وبدأ تغيرا ملحوظا في الأجواء مما أثار مخاوف الأهل.

فى منزل والدى فارس حيث عاد من الخارج عصرا فى عجالة ليستحم ويبدل ملابسه بتلك البدلة التى انتقاها بعناية فائقة لم تحظ بها عروسه فى رحلة انتقاء فستانها لتبؤ المحاولة بالفشل ويتخلى عن صحبتها فى اى جولة أخرى .

دخل غرفته مسرعا لتلحق به والدته وتدعى فاطمة ، فتحت الباب لتجده يضع بدلته الغالية فوق الفراش لتتساءل : فارس عديت على أمنية ؟ 





نظر لها بتعجب : اعدى عليها فين ؟ هى مش فى الكوافير ؟

جلست فاطمة : ايوه يا بنى كان لازم تعدى تشوفها محتاجة حاجة ولا لأ .

هز كتفيه بلا اهتمام : انا مستعجل يا ماما ورايا الف حاجة وصحابى مستنينى علشان السيشن .

نظرت له بتعجب : انت هتعمل سيشن من غير مراتك ؟ 








ضحك فارس : غريبة عليا الكلمة لسه مابالك الإنسانة نفسها . إحنا لسه كاتبين الكتاب امبارح يا ماما 

تبدلت نظرتها للغضب : يعنى ايه يا سى فارس ؟؟

التقط ملابسه متجها للمرحاض متابعا بغرور  : يعنى ماتخافيش هصورها معايا زى بعضه .

غادر فارس لتتمتم فاطمة : يا خوفى لتضيع البت من ايدك بغرورك ده .

وصل فارس وأصدقائه أمام مركز التجميل حيث تنتظره أمنية في الموعد المحدد .

دخل بهدوء بخطواته الواثقة بينما انتظره أصدقائه خارجا .

كانت أمنية برفقة صديقاتها أيضا اللائى تهامسن بمجرد ظهور فارس الذى اتجه نحو أمنية وقبل جبينها بدفء مقربها منه بشدة دون أدنى اهتمام للمحيطين به .






تغيرت تعابير وجهها وتساءلت بخفوت : وده من ايه يعنى ؟ 

تنهد فارس هامسا : هو لا كده عاجب ولا كده عاجب !!

ابتعدت قليلا وهى تبتسم مستمتعة بمراقبة صديقاتها لهذا المشهد الرومانسى لتقول : لا عاجب ولو إن الرومانسية مش لايقة عليك .

تجمع الفتيات حولهما لالتقاط الصور التذكارية مما اخر خروجهما من المركز لنصف ساعة كاملة فكل منهن تلتقط الصورة أكثر من مرة لعدم اعجابهن باللقطات وقد ظهر لهن ضيقه لكن لم يبدين اهتماما .






علا رنين هاتفه ليعلم أن أصدقائه يتعجلون خروجه . رفع الهاتف مجيبا لتتحول ملامحه فجأة : ايه بتمطر !!ازاى يعنى !!

شهقة انثوية جماعية من المحيطات به لتصرخ أمنية : فرحى هيبوظ ماليش دعوة نأجل الفرح لبكرة .

أنهى المكالمة ونظر لها محاولا وأد غضبه : فرح ايه اللى نأجله والقاعة المحجوزة والناس المستنية ؟؟

أصرت أمنية على موقفها وأصر فارس على موقفه ليمتد وجودهما بالمركز لنصف ساعة أخرى حتى هدأت الأمطار ليهاتفه اصدقائه مرة أخرى ليخرج مستغلا استقرار الأجواء .

أمام ضغط صديقاتها خرجت أمنية من المركز وهن يلحقن بها . استقرت بالسيارة لتصرخ بفزع : فستاني اتبهدل .





نظرت له بإتهام واضح : عاجبك كده !! انت قاصد علفكرة .

نظر لها ببرود : قاصد ايه !! انت عبيطة هبوظ فرحى بمزاجى يعنى .

نظر لهما صديقه الجالس خلف المقود بحرج : احممم .يا جماعة ماحصلش حاجة . المطر خير .

نظرا له بغضب لينظر أمامه ويحرك السيارة ، لحظات وعادت زخات المطر تزخرف الزجاج لتشهق أمنية دون الالتفات لهذا الغريب الذى يشاركهما السيارة . نظرت ل فارس بغضب : عاجبك كده يا طفس !!!

بهت فارس ونظر لها بتعجب مرددا : طفس !! انا !!!

تخصرت بسوقية وهى تقول : ايوه طنط فاطمة قالت لى انك كنت بتاكل قعر حلة الرز بلبن .

انفجر صديقه ضاحكا حتى ارتطمت جبهته بالمقود بينما امتقع وجه فارس وسحب كفها ليضغط عليه بقوة






 متعمدة علها تتوقف عن هذا الجنون إلا أنها سحبت كفها بقوة  وهى تتابع بنفس اللهجة : وماما قالت اللى يعمل كده الدنيا تمطر يوم فرحه .

أشاح فارس بوجهه قبل أن ينفس عن غضبه بلكم وجهها أو قضم وجنتيها بينما كتم صديقه فمه بكفه ليكتم ضحكاته التى تثيرها كتلة الجنون والتى تجلس خلفه تماما .

توقفت السيارات وبدأت تشعر بالبرد الشديد ، لاحظ صديقه ذلك ويدعى عاصم وكان فارس لا يزال ينظر بعيدا عنها ليحمحم فى محاولة للفت انتباهه ، نظر له فارس ليمسك سترته وكأنه يضبطها لتتساءل نظرات فارس فتقول أمنية : بيقولك خلى عندك ذوق وادينى الجاكت بتاعك يا بجم 






اتسعت عينا فارس ليرفع  عاصم كفيه مدافعا عن نفسه : والله ما قلت بجم .

عادت نظراته لها ليرى قوة مفرطة بعينيها رغم رجفة بسيطة بشفتيها تشى بشعورها بالبرد الشديد فيقول بعند : اديكى الچاكت !! 

هز رأسه مستنكرا لتنظر هى بالجهه الأخرى : مغرور وعديم الذوق .

استمر وقوف الجميع فى انتظار صفاء الأجواء لتقول بغضب : هنفضل واقفين كده لما نتفرزن يعنى !!

نظرا لها وقال بإستهجان : نت إيه !! انت بيئة اوى 

حمم عاصم : فارس ما نطلع على القاعة المطر شكله مطول .

ضرب فارس المقعد أمامه بغضب : ما القاعة مفتوحة يا سى عاصم وبعدين السيشن اللى انا دافع فيه دم قلبى علشان الهانم تتصور .






أسرعت تتدخل في الحوار : انت ماسألتنيش قبل ما تحجز اصلا ماكنتش عاوزة السيشن هنا .

رفعت رأسها بإعتداد : المطر ده انتقام ربنا علشان زعلتنى 

ليقول فارس دون تفكير : لا وانت الصادقة ..انتقام ربنا لأنى اتجوزت واحدة زيك .

اتسعت عيناها بصدمة واضحة وظلت تحملق بوجهه وقد فقدت القدرة على النطق ، أشعرته نظراتها بالندم ولمح لمعان عينيها قبل أن تشيح وجهها بعيدا عنه .

ساد الصمت الصاخب الذى اسكن الألسنة حتى علا رنين هاتف فارس مرة أخرى ، نظر له زافرا بضيق قبل أن يجيب : ايوه يا بابا .

: لا إحنا مش عارفين نتصور من المطر .

: كمان يعنى المعازيم كلهم روحوا !!

: طيب يا بابا مع السلامة .

أنهى المكالمة لينظر لصديقه : روحنا يا اخى ده كان يوم ما يعلم بيه إلا ربنا .

ساد الصمت طريق العودة حتى توقفت السيارات أمام منزل العروسين والذى كان بنفس الشارع المقيم به اهليهما . كان الأهل والأحبة ينتظرون وصول العروسين 






ويحتمون من الامطار التى زادت حدتها بمدخل البناية .ما إن توقفت السيارات حتى اسرع والديهما يتجهان لسيارة الزفة وكل منهما يحمل مظلة فى محاولة فاشلة لتفادى المطر.

نزلت بمساعدة والدها لتسرع نحو الداخل دون الالتفات نحو فارس الذى لحق بها كمدا .

تبادلا مع الأهل التحية وبعض كلمات التهنئة المقتضبة قبل أن يصعدا لمنزلهما ، فتح الباب لتدفعه متجه للداخل بغضب : اه يا فرحى اللى باظ .اه يا فستانى اللى اتبهدل .

اغلق الباب بعنف : ايه يا اختى هتعددى !!

نظرت له بغضب : اصلك مش عارف بيوجعونى ازاى !!

حدق بوجهها لتصرخ : ماتبص ليش كده انت السبب .






ردد بتعجب : بيوجعوها !! إيه الجنان اللى انا فيه ده ؟

تركته فى مكانه لتتجه للغرفة صافعة الباب خلفها بقوة كإعلان عن عدم رغبتها لحاقه بها .

وما كان ليفعل .فقد بدأ يشعر بتشنج عضلات ظهره وبعض وخزات بكتفيه . حك جبهته لشعوره بالنعاس واتجه نحو المقعد ليلقى بدنه بشكل افقى فيتدلى رأسه خارج المقعد . لحظات وسحبه النعاس الذى اثقل جفونه بشدة .

دخلت أمنية للغرفة وهى ترتعد حرفيا من البرد . نزعت حجابها وفستانها لتستبدله برداء الاستحمام القطنى فهى تشعر أن البرودة نفذت حتى عظامها وتحتاج لحمام دافئ ليعيد بعث الحرارة بعروقها المرتجفة .







دخلت للمرحاض دون أن تفكر في تفقد زوجها لكن سرعان ما غادرته باحثة عنه .وجدته وقد غلبته غفوته فوق المقعد ويصدر أنفه شخيرا عاليا منبئا بإصابته بإلتهاب شديد لكن لم يثنيها ذلك عن وخز صدره بإصبعيها وصوتها يحثه بإزعاج : انت يا اخينا ..يا عريس الغفلة !!

فتح عينيه بتثاقل : عاوزة ايه يا آخرة صبرى ؟؟

عقدت ساعديها بتذمر : يعنى ايه ادخل اخد دش الاقيك ضابط السخان على تمانية وتلاتين ؟؟

اعتدل بجلسته يأن ألما : وحضرتك عاوزاه على كام يا عروسة الهنا ؟؟

رفعت رأسها بشموخ وقالت دون تردد : خمسين .

هرب نعاسه واتسعت عينيه : ليه هتغسلى كرشة ؟؟

تبدلت ملامحها للأسى بشكل مباغت : يا اخى حرام عليك البرد هيموتنى 

زفر بضيق : وايه المطلوب يعنى زودى حرارة السخان 

غادرها الاسى لتتخصر بسوقية : انت عاوز السخان يفرقع في وشى !!

وقف رغم شعوره بالدوار : لا طبعا يفرقع في وشى انا 






توجه للمرحاض وزاد الحرارة ليجدها خلفه مباشرة ، نظرت له وقالت برجاء : افتح المية .

زفر بضيق ونفذ للتخلص منها وتوجه لحوض الاستحمام فتح الصنبور واتجه للخارج لتصفع الباب خلفه بقوة .

اتجه لغرفة النوم وبدل ملابسه واستلقى بلا وعى فوق الفراش ليغفو مرة أخرى في لحظات .لم يشعر كم مر من الوقت إنما فتح عينيه لشعوره بالحاجة لدخول المرحاض ، توجه نحوه وقد نسى أمرها تماما .

***

استرخت أمنية بحوض الاستحمام تستمتع بالماء الساخن وقد ملئت الحوض بالفقاقيع العطرة التى ساعدتها على الاسترخاء .شعرت بالدفء يتسلل لاوصالها وعادت الحرارة تتدفق بأوردتها من جديد ..سحبتها أفكارها بعيدا ..كم كانت تتمنى أن يكون يومها مميزا !!







وأن يكون فارس محب لها !! 

لكنه ليس كذلك ، ومنذ أخبرها بحجزه جلسة التصوير دون إعلامها حتى قررت أن تنحى قلبها جانبا وأن تذيقه من كأس غروره وبروده . ظلت تهيم مع ذكرياتها مرة ومع احلامها مرة أخرى لذا لم تنتبه لمرور الوقت حتى فوجئت به يقتحم المرحاض لتصرخ فزعا .

***

انتفض مع صرختها ليقول بفزع : يا شيخة حرام عليك انت لسه هنا !!

اغلق الباب فورا لتصرخ عبره : يعنى حتى الشاور مستكتره عليا !!

رد صراخها بصراخ : مستكتره !! انت بقا لك ساعة جوة ايه عمرك مااستحميتى فى بيتكم ؟؟

غادرت الحوض بغضب شديد ليتابع : عاوز ادخل الحمام يا آخرة صبرى.

فتحت الباب عنوة ليرتد للخلف بتلقائية فتقول بتحذير : بقولك ايه يا عم انت الزم حدودك معايا بدل ما اقلبهالك غم .







نظر لها بسخرية : غم اكتر من كده !!

دفعها عن الباب بغلظة : اوعى خلينى ادخل مش هيبقى عذاب من كل ناحية .

اغلق الباب لتنظر له بتوعد : ماشى يا فارس إن ماوريتك 

***

حين عاد نحو الغرفة كانت تصلى ، نظر لها وشعر بالخجل من نفسه ليغادر الغرفة بصمت .

عاد للأريكة بالصالون وتكوم فوقها لتسحبه غفوته للمرة الثالثة وهو مستسلم تماما .

أفاق مرة أخرى على وخزات أصابعها ليتذمر من جديد لتتساءل بتعسف : انت ايه يا اخى !! نايم وماهنش عليك حتى تفرد لى البطانية !!انت عاوزنى اشيل بطانية وانا عروسة ؟ 

هب بغضب : لا ودى تيجى !! جنابك ارتاحى وانا الخدام اللى هيشيل البطانية .





وصل للغرفة يطوى الأرض اخيرا سيتدثر وينهى هذا اليوم الذى ظن أنه سيكون اسعد أيامه لينقلب إلى اسوأها .

لحقت به لتخلع مئزرها تعلقه بينما تعلقت عينيه بها وتعلق ذراعيه بالهواء وهو ينظر لها بصدمة لملابسها شديدة التحرر ، جالت عينيه على القطعة العلوية التى بدت كجلد ثان لها بينما هذه القطعة السفلية شديدة القصر لا تختلف عنها كثيرا .

ثارت أنفاسه رغما عنه وهو يتساءل : إيه اللى انت لبساه ده !! مش كنت هتموتى من البرد من شوية ؟؟

نثرت شعيراتها القصيرة على كتفيها بعد أن صففتها بإهمال وهي تنظر له عبر المرآة : لا خلاص الشاور بيدفينى .

مسد فوق الفراش بكفه ثم هم بخلع سترته : تصدقى معاكى حق ..الجو قلب حر اصلا .

أوقفته صارخة : انت هتعمل ايه ؟؟

نزع سترته واجاب بتلقائية : ايه بقلع هدومى !!

أغمضت عينيها وهي تقول : لا انا بتكسف البس الچاكت .

ابتلع ريقه بصعوبة : تكسفى !! لما انا اقلع تتكسفى  وماتكسفيش بهدومك دى ؟؟ 

فتحت عينيها دون الاهتمام لصدره الشبه عار : انا هتكسف لما اشوفك لكن انت مش بتتكسف انا اتفرجت على كل المسلسلات التركى الرجالة مش بتتكسف .

نطقت بتأكيد ثم اتجهت نحو الفراش لتتدثر وتوليه ظهرها فينضم لها دون تردد .امتد ذراعه محيطا خصرها لتهمس : خلى ليلتك تعدى على خير وشيل ايدك انا مش طيقاك يا بتاع قعر الحلة انت .

جذب ذراعه عنوة متمتما : بقا كده يا ماما 

وكرد لاسترداد كرامته التى أهدرتها قال بخشونة : يعنى انا اللى طايقك يا وش البومة انت . اتخمدى ومااسمعش صوتك .







غمرهما النوم بموجاته الدافئة التى تستلذ فى تلك الليالى الباردة ليسحبهما بعيدا إلى عالم الأحلام حيث تتحقق كل الأمنيات العالقة .لم يرد أن ينتهى حلمه الجميل بحفل زفافه الذى تمناه ورتب له كثيرا لكن دفعات أصبعيها بصدره ألقته خارج حلمه ليفتح عينيه وهو مشوش بالكامل ينظر لها بضياع وتيه لتقول بغضب : انت يا عريس الغفلة ايه مركب شكمان عربية فى مناخيرك !؟ مش عارفة انام 

تمتم بكلمات لم تتضح حروفها وهو يجذب الغطاء حتى رأسه ويعود للنوم تحت نظراتها الغاضبة .

زفرت بضيق وهى توليه ظهرها مرة أخرى لتستمع لشخيره الذى صدح مجددا ، أغمضت عينيها بقوة لتفتحهما متسعتين بفزع بعد لحظات وتعتدل جالسة دافعة الغطاء عنها وغير مبالية ببرودة الجو وهى تتمتم شاهقة : ألهوى ده باينه خد لطشة برد 







هبت مبتعدة عن الفراش ، دارت بأرجاء الشقة ، إنه الفراش الوحيد ..كيف تتصرف !! هى لا تريد أن تقضى أيام زواجها الأولى تعانى أعراض المرض .

سحبت غطاءا ثقيلا وتوجهت للخارج لتفترش أريكة الصالون مرغمة .

لم يشعر فارس بها ولم ينتبه لغيابها ، ربما لعدم اعتياده وجودها بعد . ظل نائما مستمتعا بالهروب من البرودة والمرض فى دفء أحلامه 

استيقظت أمنية بتكاسل لتجد النهار قد أضحى ..شعرت ببعض الألم نتيجة نومها الغير مريح على تلك الأريكة .

تسللت للغرفة لتجده كما تركته فترفع كفها تغطى فمها وانفها قبل أن تسحب بعضا من ملابسها وتفر مرة أخرى .

بعد ساعة من ذلك التوقيت عادت للغرفة تحمل صينية الفطور وتحاول إيقاظه : فارس ..انت يا فاااارس ..بصحى قتيل ؟؟ ماتقوم يا عم  بقينا الضهر .

تكوم على نفسه وهو ينظر لها من بين أجفانه المسترخية كأنه لم يستيقظ بعد ..اعتدل جالسا دفعة واحدة ليشعر بدوار شديد فيرفع كفيه لرأسه مترنحا .

استغرق لحظات فقط قبل أن ينظر لها ضاحكا : ايه اللى انت عملاه ده يا آخرة صبرى !! لابسة كمامة ؟؟ خايفة على نفسك يا ختى!!







رفعت عينيها تنظر إليه بحدة .زفرت بضيق وجلست أمامه لتضع الصينية أمامه وتقول بحدة : امال عاوزنى اقضى شهر العسل بتاعى وانا عيانة ..اتفضل افطر .

أسند ظهره للفراش : لا مش قادر  .مش قادر ابلع سيبينى انام .

أعدت شطيرة دون الالتفاف لقوله وقدمتها له : لازم تاكل وتاخد الدوا ده ..مامتك ومامتى زمانهم جايين .. وبعدين ممكن صحباتى يجوا لى ..عاوزهم يقولوا عليا ايه !!مش كفاية بوظت فرحى .

عاد يشعر بالغضب منها ، تلك الأنانية التى لا تهتم سوى لنفسها ، جذب الشطيرة منها بعنف : هاتى اللى يجى منك .. وبعدين يا هانم افتكرى إن فرحى انا كمان باظ الفرح ماكنش لجنابك بس !!

جاهدت كى لا تصل بسمتها لعينيها فتضبط بالجرم المشهود وهى تقف وتبتعد عنه : لا طبعا فرحى انا ..الفرح للعروسة بس 






ابتلع بصعوبة : ليه بقا واحنا مش بنى ادمين ؟؟

وصلت للباب لتنظر له وتقول  برقة يراها لأول مرة : احنا حساسين اكتر وبنزعل بسرعة ومحتاجين للسعادة اكتر منكم .. شوف كل الأفلام  الرومانسية تلاقى الرجالة مش بيحسوا .

قضم قطعة من الشطيرة بغيظ وهو يراقب مغادرتها ليقول : والله لاكل وأخف علشان افوق لك يا بومة انت !! بقا انا مش بحس يا كتلة البرود انت !! لا وخايفة على شهر العسل بتاعها .. ده انا هخليه شهر بصل ماتفوقيش منه .

____

أنهى طعامه وتناول الدواء مكرها ليرفع الصينية فوق الكومود بإهمال  ويعود للاستلقاء . سمع رنين جرس الباب وتجاهله تماما ليجدها تقتحم الغرفة : قووووم ..قوم افتح الباب .

تقلب فى الفراش دون أن يوليها اهتمامه : ما تفتحى انت 

نزعت الكمامة ونظرت لهيئتها وهى تعيد ترتيبها بمساعدة ادوات التجميل خاصتها .إلتفتت لتمسك الوسادة وتضربه بها : هو فى عروسة بتفتح الباب ؟؟






اعتدل جالسا ليرد لها الضربة : يادى عروسة عروسة اللى ماسكة فيها .أمرى لله .

ونهض عن الفراش متجها للخارج بهيئته المزرية فهى تحتل المرآة ولن تتخلى له عن مكانها المفضل .

فتح الباب ليجد والدته ووالدتها وقد امطرتاه بوابل من الزغاريد بمجرد رؤيته .ابتسم بتكلف لتندفع والدته تضمه بسعادة غامرة .

استقروا جالسين ليرى أمنية أخرى غير تلك التي تفننت فى إزعاجه بالأمس .

أقبلت تحمل صينية المشروبات بكامل زينتها ، انتفض على أصوات الزغاريد التى صدحت لظهورها بينما اتسعت ابتسامتها برقة .

اسرعتا إليها أمه تحمل عنها الصينية وامها تباركها وتضمها بينما انشغل هو بمراقبة ردود أفعالها وابتساماتها الخجلة التى لم يرها مسبقا .

جلست أمامه مباشرة بعد أن قدمت له بنفسها كوب الليمون وهى تنظر لوالدته وتقول برقة : حبيبى اخد برد علشان كده عملت له لمون .

اتسعت ابتسامة أمه فزوجة ولدها تحسن رعايته . بدأن حديثا عن ضرورة إلتزامها بالراحة وعدم الاهتمام بأمر الطعام أو المنزل فهما ستأتيان يوميا لتفقدها .عليها فقط أن تهنأ بأيام زواجها الأولى بينما كانت أمنية تبدو شديدة الخجل .

اتسعت ابتسامته ببلاهة وهى تقول برقة قاتلة : حبيبى أشرب الليمون هتبقى احسن .

رفع الكوب يرتشف منه بعضا ليخطئ موضع فمه وينسكب العصير ..ابعد الكوب عنه بحركة تلقائية لتسقط قطرات الليمون فوق السجادة .

انتفضت الوالدتين فزعا مع شهقات زادت من إرتباكه .نظر لها مباشرة وهى تهرول للداخل وتعود بفوطة المطبخ .







أشارت لوالدتيهما : حصل خير .اقعدى يا ماما ..ارتاحى يا طنط .

جثت أرضا تمسح السجادة وهى تنظر له مبتسمة : فداك يا فارس ولا يهمك .

عاد لمقعده بتوجس فبسمتها تلك غير مريحة بالمرة

الفصل الثاني

اقتنعتا بالكاد أن الأمر على ما يرام ولا داعى لرفع السجادة خاصة وقد اهتمت أمنية بالأمر فورا لذا غادرتا بعد أن ساعدتا أمنية في تفريغ الزيارة التى أتت بها كل منهما .





لازال فارس يشعر ببعض الخمول والكثير من عدم الارتياح لتلك الأمنية التى تتبدل أحوالها حين يكونا منفردين وتتحول إلى عم حسنين ذلك الجار الذى كان يرتعب منه في الصغر .

دخل لغرفة النوم هربا منها ومن أعراض المرض ليجد كومة فوق الفراش يجهل ماهيتها لذا اقترب بحرص يستطلع الأمر . أغمض عينيه بغيظ وهو يناديها : انت يا آخرة صبرى .

اندفعت للغرفة : انت بتزعق كده ليه ؟ 

وجدها وقد عادت لتلك الشخصية التى باتت معه ليلة أمس وعادت أيضا للكمامة خوفا من العدوى فأشار للفراش : ايه ده ؟؟

عقدت ساعديها بمكر : حلة المحشى اللى طنط جابتها .







مسح وجهه مستدعيا صبره : وحلة المحشى بتعمل ايه في السرير ؟؟

شهقت بفزع ونظرت له كأنه اغبى من رأت : امال عاوز المحشى يبرد ؟؟ انت ايه مفيش عقل !!

اندفع نحوها بشكل افزعها لتعود خطوة للخلف : لا ودى تيجى !! المحشى يبرد !! أبرد انا !! ولا اروح فى داهية حتى !!

تجاوزها ليدور على عقبيه : المهم المحشى مايبردش 

غادر الغرفة وهو ينعى حظه السئ لتضحك كاتمة صوتها قبل أن تلحق به .

تمدد فوق الأريكة بأنين : اه يا عضمى يا انى 

أغمض عينيه بتثاقل وما هي إلا دقائق حتى وجد إصبعيها الملعونين يدفعانه بحدة .فتح عينيه والشرر يتطاير منهما محذرا إياها من إزعاجه ليجد لا مبالاة بغضبه وثورته .

زفر بضيق وهو يعتدل جالسا : عاوزة ايه تانى !! سبت لك السرير والاوضة للمحشى بتاعك . أسيب لك البيت كمان ؟

عقدت ساعديها وهى تنظر لهذا المغرور الذى ينتفض غضبا . لم تبال بغضبه وثورته بل قالت بهدوء : قوم شيل السجادة اللى وقعت عليها العصير .

نظر لها ولم يجد فرصة الرد فتابعت : اتعلم تتحمل نتيجة أخطائك .






انقض عليها في لحظة ممسكا بمقدمة ملابسها : انت مجنونة صح ؟؟ مش امى قالت لك تشيلها مارضيتيش ؟ هو حرقة دم والسلام ؟

رأى الخوف بعينيها !! بلى ، أنها تنتفض خوفا ورغم ذلك اشاحت بوجهها عنه : بطل الأنانية اللى بتجرى فى دمك ؛ هتفضل لحد امته عالة على مامتك ؟ 

أمسكت كفه الممسك بملابسها ليتركها ناظرا لها بصدمة وهى تتابع : بس هى اللى غلطانة علشان بتعمل كل حاجة بدالك لما بقيت انسان غير مسئول .

واندفعت من أمامه للداخل وتركته يعيد ما واجهته به أمام نفسه مرة بعد مرة .

إنها محقة ، هو لا يقوم بأى شئ ، أمه تقوم عنه بكل واجباته .. ووالده كذلك . هو لا يذكر أن قام بشئ لهما مسبقا . 

دخلت الغرفة لتنتظر نتيجة ما قالته له لتعرف إن كان هناك امل في إصلاحه ام فات الأوان على ذلك .

هى لن تتخلى عنه فى كل الأحوال لكنها ستجاهد فقط ليعيشا السعادة التي تتمناها .

مر نصف ساعة قبل أن تجده يفتح الباب ممسكا بالسجادة بوضع مزرى وهو يقول بغلظة : السجادة ..هتحطيها فين !؟

لم تنظر له بتشف أو انتصار بل ابتسمت له بود لدرجة أن تعلقت عيناه بمحياها لدقيقة وهى تهرول نحو الشرفة وتفتح له الباب : هنا على المسقط علشان مامتى ومامتك لو شافوها برة هيزعلوا .

هز رأسه فهى تفكر في الجميع عكسه تماما . دخل معها للشرفة وساعدته حتى بسطا السجادة تحت أشعة الشمس الدافئة ليقف ينظر لتلك السجادة مبتسما ، لم يتخيل يوما أن يرفع سجادة من مكانها . 

عاد للداخل بصمت وتركها دون أن يلتفت إليها ، نظرت فى اثرة وهى تعيد الكمامة إلى مكانها وتلحق به .






وجدته عاد يتمدد فوق الأريكة لتأتى بدثار وتدثره بعناية . شعر بها لكنه لم يبد رد فعل بل ظل مغمضا عينيه مستمتع بإهتمامها به .فهذا هو ما تربى عليه أن يكون محط اهتمام الجميع .

تركته يهنأ بنومته حتى موعد الغداء ليجدها تربت عليه بحنو بالغ : فارس . قوم اتغدا علشان تاخد الدوا .

فتح عينيه وابتسم لها دون انفعال أو صراخ أو غضب . وجد الطعام جاهزا ليقبل عليه بشهية واضحة .

انتهيا من الطعام بصمت لتحمل الأطباق للمطبخ وتعود لتجده يشاهد التلفاز . حضرت التسالى وجلست بعيدا عنه تشاركه ما يشاهد دون ملل . مرت ساعة وأخرى وهو يراقبها .تتحرك أمامه وتتعمد تجاهله . 

انتظر طويلا أن تتقرب منه لكن انتظاره كان بلا طائل حضرت العصير ووضعته أمامه وعادت لمجلسها بعيدا عنه ليتساءل : هو انت هتفضلى بعيد عنى كده كتير ؟

تناولت بعضا من حبات الفستق دون أن تنظر نحوه : امال عاوزنى اقضى شهر العسل بتاعى وانا عندى برد ؟؟

نظر لها بإستخفاف : عسل !! هو فين العسل ده ؟ قولى صبر ، حنضل . مرار طافح على دماغك .

نظرت له بحدة : وبعدين معاك انت عاوز تتخانق وخلاص ؟ 

صرخ بوجهها : ما انت كل كلامك يحرق الدم .

أشار لها بإتهام واضح : انت قاصدة صح ؟؟ عاوزة تكرهينى فى عيشتى وتنكدى عليا مش كده ؟؟

ابتسمت بسخرية : وانا اعمل كده ليه ؟ انت فى كل الأحوال مفيش حاجة بتعجبك وبيا أو من غيرى عايش في نكد .

انتفض مستسلما لغضبه : انا هغور من وشك خالص 







تبعته بإبتسامة ساخرة وهى تنظر في أثره حتى غاب عنها وهى تنتظر صراخه الذى لم تنتظره طويلا .

رفعت كفها تكتم صوت ضحكتها قبل أن تنهض وتلحق به .دخلت الغرفة بهدوء : هو انت ماتعرفش تتكلم بالراحة ابدا !!

اسرع ممسكا ذراعها يهزها بعنف : ايه ده !! الصبح حاطة المحشى فى السرير ودلوقتي حاطة السجادة ! وانا اللى بجيب النكد مش كده .

رفعت كفها لكفه الذى يضغط على ذراعها بقسوة : اااه . ايدى يا بنى ادم ..امال اسيب السجادة الدنيا تمطر وتتبل . طبعا ما هو انا اللى هتغرز فى تنضيفها .

دفعها بقسوة نحو المرآة ليتوجه للفراش ويلقى بالسجادة أرضا صارخا : أدى السجادة وحاجة تانية تتحط على السرير هرميها لك فى الشارع . انت فاهمة يا غبية ؟؟

نظرت له بصدمة وصمتت تعاتبه بعينيها قبل أن تقول : تحت امرك .

وغادرت الغرفة لتتركه على أمل مراجعة نفسه . ألقى بدنه الذى كان سببا فى تلك الثورة فوق الفراش بغضب ولم يحتج للدثار فقد كان يغلى حرفيا .

ظل لساعتين تقريبا تصهره حمم رغباته وتضربه امواج ثورته فيتشكل بصدره صخورا باردة ظاهريا لكنها شديدة الغليان والهشاشة أيضا .

لم يرها مرة أخرى 







حتى سقط في غياهب النوم الذى أرخى على عقله حجابا فلم يشعر حتى بوجودها حوله ولم يعرف كيف باتت ليلتها .


حين شعرت أمنية بالهدوء دخلت للغرفة ورفعت السجادة وهى تتوعد له . بسطتها بمكانها ونظفت موضع جلوسهما قبل أن تحظى بحمام دافئ وتتجه للنوم .

دخلت للغرفة الأخرى التى تخلو من الأثاث سوى تلك السجادة السميكة . افترشت الأرض واستخدمت البطاطين المتاحة لديها وحرصت على إغلاق باب الغرفة من الداخل .

استيقظت باكرا واعدت إفطارها وتناولته قبل أن تعود للغرفة وتترك الأطباق فقط ليعلم أنها تهمله .

استيقظ فارس يشعر بالخمول فلم يجدها جواره ، بحث عنها فلم تكن بالشقة . دخل المطبخ ليجد اثر فطورها فيتذكر تلك الغرفة المغلقة .

اتجه نحو الباب يقتحمه ليجده مغلقا من الداخل . طرقه بغضب : افتحى الباب 

لكنها لم تعره انتباها : قومى حضرى لى الفطار .

فلم تجب ايضا ليعود لطرق الباب بغضب اكبر : افتحى الباب وإلا هكسره واكسر دماغك .

ليأتيه صوتها اخيرا : اتكلم على قدك .تكسر الباب ماشى لكن تيجى جمبى انت حر . هى سايبة ولا إيه ؟؟

زادت كلماتها غضبه فإندفع يدفع الباب بكتفه وكل ما يفكر به في تلك اللحظة هو الوصول لتلك الفتاة وتلقينها درسا قاسيا لتعلم كيف تحترم وجوده .






تأوه بعد الدفعة الثالثة وقد آلمه كتفه لكن غضبه يؤلمه أكثر لذا استعد للدفعة الرابعة ومصرا على إسقاط هذا الباب ليقاطعه رنين الجرس .

مسد كتفه وهو يبتعد عن الباب مكرها ليرى من الطارق المبكر والذى لم يكن سوى والديه .

أغمض عينيه مستقبلا سيل الزغاريد الذى تستقبله به أمه بينما يتساءل والده بود : صحيناك ولا إيه يا عريس ؟

ضمه والده بسعادة بينما قال : لا ابدا يا بابا انا صاحى .

اغلق الباب ليجدها خلفه تبتسم بود وخجل : صباح الخير .يادى النور .

طالعها وهى ترحب بوالديه مرتدية عباءة باللون العاجي وقد تركت خصلاتها الرطبة تحيط وجهها بالإضافة لبعض لمسات تجميلية بلا إفراط ليفتح فمه ناظرا لها ببلاهة .متى استعدت بهذه الهيئة !!

كيف دخلت للغرفة وخرجت وهو نائم بلا وعى !؟؟

ربتت أمه فوق شعيراتها وهى تبتسم له ليهز رأسه منهيا لحظات شروده ويضع عينيه أرضا .

تقدم والده للداخل وهو يقول : هو مين بيخبط على الصبح كده ؟؟ ناس معندهاش ذوق ..ده انا سامع الخبط وانا على السلم ..حقكم تشتكوا الناس المزعجة دى .

نظرت له تبتسم بظفر بينما لم يجد ما يجيب به والده


كان المنزل على أهبة الاستعداد لاستقبال الضيوف في اى وقت .

توجهت ووالدته للمطبخ فقد جاءت أمه بالطعام . بعد نصف ساعة كان الطعام معدا على الطاولة لتدعوهم إليه ، انضم إليه والديه بينما تعذرت لأنها سبق وتناولت إفطارها .







ربتت أمه على كتفها بمحبة : وماله افطرى تانى ما انت عروسة ولازم تاكلى كويس .

لم تمنحها فرصة للاعتراض وهى تجذبها للمقعد المجاور لها فيبتسم هو بلا سبب يعرفه .

انتهوا من تناول الفطور وأصرت أمه على جلى الأطباق بنفسها بينما أعدت أمنية المشروبات . بعد قليل كان والدى أمنية أيضا قد وصلا لتخبرهم والدتها أنها قدمت خصيصا لاستقبال الضيوف الذين يطلبون زيارة العروس .

بالفعل كان يوما صاخبا زار بيته فيه الكثير من أقارب أمنية حاملين الهدايا والتبريكات بالزواج الميمون .

لم تغادر أمه حتى اطمأنت أنهما تناولا الطعام وقامت بتنظيف المطبخ أيضا بينما كانت أمنية طيلة النهار توليه اهتماما خاصا بدواءه والمشروبات التي حرصت أن تفيد حالته.. في نهاية اليوم ليغادر الجميع مساءا وقد بلغ التعب منه مبلغا .

فور مغادرة والدته اختفت أمنية توجه نحو الغرفة التى باتت فيها ليلتها ليشعر بالسوء . لقد فضلت أن تفترش الأرض على أن تنام بجواره .

بحث عن مفتاح الباب فلم يجده مكانه لتفشل خطته فى التخلص من تلك الغرفة .

سمع صوت المياة ليعلم أنها لن تخرج قريبا ليتجه للخارج .

بالفعل ككل ليلة حظت بحمام دافئ طويل حتى شعرت بالراحة والدفء يسرى بعروقها .

خرجت صوب الغرفة وما إن سمع صوت باب المرحاض ليسرع نحوه لكنها أغلقت باب الغرفة قبل أن يصل إليها 






بدلت ملابسها وصففت شعرها قبل أن تفتح الباب لتجفل فور رؤيته يقف بالباب عاقدا ساعديه بتحفز .

اضطربت لرؤيته لكنها باغتها : اتفضلى نامى فى السرير بلاش لعب عيال .

نظرت له شزرا دون أن تبدى رد فعل ودون أن تجبه بحرف واحد وقد تبدلت كل ملامحها الودودة التى كانت بالنهار إلى أخرى جامدة .

عادت تجلس بهدوء وتخرج دفترا تكتب فيه ليزفر بضيق ويتجه للداخل لكن قبل أن يتجاوزها توقف ينظر لذراعها الذى شوهته كدمة زرقاء اللون .

انحنى نحوها لتنتفض وهو يمسك ذراعها : ايه ده ؟ من إيه ؟

مسده بنعومة أسرت قشعريرة باردة ببدنها قبل أن تستجمع شجاعتها وتبعد كفه عن ذراعها : ده من واحد معندوش رحمة .

لم يهتم لرفضه لمسها وتساءل بخفوت : انا عملت فيكى كده !؟






انحنى برأسه معتذرا لذراعها بشفتيه متمتما : انا اسف .

كانت بوضع لا تحسد عليه ، هو يسد طريقها للخارج وهى محاصرة تماما بين الفراش والمرآة .

تلمس ذراعها بدفء وحنو بالغ مرددا اسفه الشديد على ذلك الأثر ، شعر بها تتحرك ليتحرك بالتبعية  بينما استغلت هى انشغاله وحركته معها لتكون بموضعه فى لحظات .

انحنت وتظاهرت بالانشغال تعيد دفترها لمكانه بينما تسللت أنامله تتخلل خصلات شعرها الرطبة وفى لحظة كانت تعتدل أمامه وقد كبتت شعورها المضطرب لتقول بقوة : اعتذارك مرفوض .

أغمض عينيه وفتحهما بصدمة بينما تابعت : انا مش مأمناك على نفسى لما لسه بقا لنا يوم وتعمل فيا كده هتعمل فيا ايه بعدين ؟ 




عادت خطوة للخلف لتتابع : انا فهمت خلاص قيمتى عندك بس قيمتى عند نفسى مااتهزتش واحمد ربنا انى بحب طنط ومش راضية ازعلها واقولها الحقيقة .

اقترب منها لتندفع نحو الغرفة الأخرى ليدفع الباب : أمنية افتحى الباب 

سمع صوت المفتاح وهى تقول : كمل صبر بقا ما انا آخرة صبرك !!







زفر لاعنا نفسه لسماحه لها بالفرار منه مجددا .

ضرب الباب بغضب : انت زودتيها اوى 





ليأتيه صوتها الهادئ : بلاش فضايح الناس نايمين بعدين يطلبوا لك البوليس وانت لسه عريس جديد ماتقدرش للتخشيبة .






نظر للباب بغضب وعاد لغرفته ليتربع فوق الفراش متأهبا لخروجها فى اى لحظة لأى سبب .

جلس مكانه لنصف ساعة قبل أن تتسع بسمته بخبث ويفرقع إصبعيه





 بإنتصار ويتجه من فوره للمرحاض فيخفض حرارة السخان ويعود منتشيا بنصره المرتقب .

تمدد فوق الفراش براحة متمتما : كده انام براحتى وأقوم فايق لك . 

نظر لباب الغرفة المغلق متوعدا : إن ما وريتك يا بنت طنط ناهد 





مابقاش انا بكرة هخليكى تنامى هنا وتتشعبطى فى رقبتى كمان 


.

ضحك بسعادة وارخى عينيه وهو يعيد خطته التى ستدك  حصون تلك العنيدة .



                    الفصل الثالث من هنا

لقراة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close