الفصل الاول
بقلم سهام صادق
* عالمه كان بعيد وموحش.. عالم مظلم تُغلفه
الشهوات..شهوات كان يوماً يحتقر والده ويمقته علي انحداره
فيها الي ان اتي اليوم الذي أصبح يسير فيه على خطاه ولكن
كل شئ تلاشي في ليلة ممطرة مظلمة وكانت صحوة البداية
* جاءت من قريتها بضفائرها وجلبابها البسيط وبراءة طفلة لا
تعلم شئ عن الحياه الا انها أصبحت الان زوجه لشبه رجل
باعها لآخر من أجل النجاه بنفسه ( ومن هنا نبدء حكايتنا )
الفصل الأول
*****
ارتجف جسدها عندما تعالت صافرة القطار تعلن عن وصوله لمحطته الاخيره..
طالعت الوجوه حولها تبحث عن وجه والديها وأخواتها بين الجموع المغادره ولكنهم كانوا غرباء عنها..
التمعت عيناها بالدمع وهي تفيق من غفوتها المؤقته انها لم تعد ببلدتها وسط أناسها البسطاء.. الآلم نهش قلبها وهي تتذكر نحيب والدتها وأخواتها وركض أصغر اخواتها الصبيه خلفها يودعها بصراخ يطلب منها الا تُغادر وتتركهم ولكن هي أصبحت فتاه كبيره كما اخبرتها والدتها وان موعد زواجها قد حان كمثل فتيات بلدتهم
يد غليظة قبضت فوق معصمها يحثها صاحبها على السير متمتماً بكلمات حانقة بسبب الزحام..
كانت تسير مسلوبة الإرادة لا ترى أمامها إلا تفاصيل ماعاشته الايام الماضيه من غناء نساء بلدتهم وفرحة والدتها وفستان عرسها البسيط ونصائح والدتها لها لعالم لا تعرف متى كبرت لتدخله
طالع حسن شرودها يتأمل تفاصيل ملامحها الصغيره وجسدها الانثوي الذي تخفيه خلف جلبابها ب وروده المنقوشه
- البلد زحمه بس هتتعودي على العيشه هنا
ظل يُحادثها عن زحمة العاصمه والعيش بها وهي لم تكن إلا كمتلقي تستمع لحديثه بشرود وتنظر عبر زجاج سيارة الأجرة لخطوات الناس العجوله بين الزحام ووسائل النقل المُكدسة بالكادحين
لم تعرف كم استغرق الوقت بهم فهى كالتائهه تسير بجانبه تلتف حولها هنا وهناك لعلها تجد أحداً تشم به رائحة والديها وقريتها
تنهد بأرهاق وهو يمسح حبات العرق من فوق جبينه بعدما وضع الحقائب جانباً وأغلق باب الشقه خلفه
- اخيرا وصلنا.. الواحد جسمه بقى مهدود
طالع ارتجافها ونظراتها بتلذذ ليقترب منها محتضناً كتفيها هامساً
- نورتي بيتك ياعروسه
انفجرت في بكاء مرير بعدما أدركت انها وحدها معه وتعلقت عيناها بالباب
ربت فوق كتفيها برفق وعاملها كطفله صغيره بل وذهب لإحضار الطعام ولوح شيكولاتة كبير لن تنسى مذاقه يوماً
شعرت براحه وهي تنظر لكل ما يفعله.. شبعت معدتها واطمئنت لتلك الاحاسيس
ولكن هو كان رجلاً جائعاً لم يتحمل المزيد من بكاء الأطفال هذا.. ضجر فصرخ بها
- هو انا اتجوزت طفله..ما كفايه عياط
عضت شفتيها وصوت شهقاتها يخرج دون ارداده منها
- انا.. انا
- أنتي ايه.. هي الست الوالده مقالتش ليكي انك كبرتي خلاص
خافت من صراخه ونظراته لتتذكر حديث والدتها ونصائحها لطاعة زوجها ولكنها جاهله عما يرغب به هو
- قالتلي اني اقولك حاضر ونعم
انتفخت اوداجه اعتزازاً بنفسه مقترباً منها
- مدام قالتلك تقوليلي حاضر ونعم.. يبقى خدي البسي ده وتعالى
أعطاها تلك الحقيبة وهو يُمني نفسه بليله انتظرها طويلاً وعندما وجدها تخشبت كالمعتاد زفر بحنق يدفعها أمامه نحو الغرفه المفروشه بأثاث قديم بعض الشئ كحال باقي الشقه
- ادخلي البسيه..كفايه اني سيبتك امبارح تنامي
.........................
طالعت جسدها بأرتجاف وهي ترى هيئتها في تلك الخرقة الممزقة كما سمتها انها لديها خلفية عن اثواب النوم فليست جاهله بها، فالنساء المتزوجات ترتديهم بكل مكان ولكن لم ترى مثل هذا بحياتها
ضمت جسدها بذراعيها تتسأل عن أي شئ تُداريه تلك القطعه
ارتجف جسدها من تلك البروده التي اصابته للتو لتُدرك ان تلك البروده أتت مع صاحبها عندما انفتح باب الغرفه
نظرات لم تفهم معناها ولكنها بحداثة الأنثى داخلها أدركت ان تلك اللحظه ما كانت تسمع عنها من ثرثرة النسوة في قريتها
تحديقه بها واقترابه منها بتلك النظرات جعلتها تلتف حولها
تبحث عن عباءتها المحتشمه
- ده صالح كان عنده حق لما قالي سيبك من الفرجه ياحسن...
وبتر كلماته التي صرح بها بوقاحه ليجتذبها من ذراعها فتصرخ بهلع
- لا .. لا
تعالت ضحكاته بقوه وهو لا يُصدق انها تُريده ان يبتعد عنها.. وفي لحظه كان كل شئ يغلفه الظلام.. ظلام سقطت فيه هي مع رغباته الجائعه
.................
تمطأت فوق الفراش تُحدق بعضلات كتفيه..تستعيد تلك اللحظات التي كانت فيها بين ذراعيه.. خبير هو في أمور النساء يعرف كيف يكون فناناً مع نساءه ، رجل حانك في اعماله وفي المتعه وتدليل النفس كريم بسخاء
كان يشعر بنظراتها المسلطه عليه وبغرور رجل كان يتجاهل نظراتها.. يعلم انه لو عاد اليها ثانية ستكون اكثر من مرحبه ولكن هو من يضع حد لكل بداية ونهاية مايريده
- مش اتفقنا هنقضي الليله مع بعض ياسليم
التف اليها ينظر لها وكم راقته نظراتها الراغبه
- عندي قضيه مهمه ياشهيرة
وفي ثواني كان يُغادر الغرفه دون أن ينتظر المزيد من حديثها
حملقت في خطواته تزفر أنفاسها لعلها تُطفئ رغبتها به
..................
كتمت آنينها بخوف بعدما نال منها...غفا دون أن يرى ما جانته شهوته دون رحمه .. اغمضت عيناها بقوه تضم جسدها بذراعيها تحمي نفسها، تفاصيل ما عاشته منذ لحظات قد طبع في ذاكرتها للأبد
سب وصراخ وصفعات ما عاشتهم لا تُصدق ان الزواج والرابط المحب بين والديها هكذا وهل كل نساء قريتها تتزوج ليكون هذا عذابها..
سقطت دموعها تبحث عن دفئ اخوتها حولها ولكن لا شئ كان إلا البروده وخواء الروح
......................
وقف يُطالع خطواته العنهجية يتمنى داخله ان يعيش حياه كحياته.. رجلاً ناجحاً ذو اسم لامع والكثير من الحسناوات تتهاتف حوله
نفض حسن أفكاره واقترب منه يحمل عنه حقيبته متمتماً
- صباح الخير يافندم
- مبروك على الجواز ياحسن
- الله يبارك فيك يافندم..
وكما توقع حسن وحاول تجاهله بتحديقه بالطريق.. ظرفً به بعض المال هدية له وعروسه
- ديه هديتك انت والعروسه ياحسن
- خيرك سابق يا سليم بيه
........................
لم تصدق كل ما تراه حولها..النساء يلتصقن بالرجال وثياب خجلت من النظر اليها.. رأت ما لم تراه من قبل في حياتها.. حياه لا تشبه حياه قريتها البسيطه بأناسها البسطاء
والصدمه احتلت ملامحها وهي ترى العامل يضع أمام إحدى النساء الشيشة فتتناولها منه تشرع في تدخينها
المشهد جمدها للحظات لتلتف نحو حسن المندمج بشيشته هو الاخر تسأله
- ديه الستات بتشرب شيشه ياحسن
تعالت ضحكات حسن وهو يرمقها
- هنا كل حاجه مباحه يافتون.. انتي مش لسا تحت الجاموسه في قريتكم
وتعالت ضحكاته يشير لها نحو النساء
- شايفه الستات عاملين ازاي.. شوفي واتعلمي
وتأمل فستانها الفلاحي ذو الألوان الزاهيه وتسريحة شعرها المعقوده كطالبه مدرسه مقززاً من هيئتها
- الموضه شكلها موصلتش عندكم القريه يافتون
قالها مستخففاً بحديثه وببراءه لم تلوثها الحياه لم تفهم حديثه المملوء بالازدراء ولا نظراته التي كان يوزعها بينها وبين الاخريات
- فاطمه صاحبتي بتجيب كل هدومها من هنا..
واردفت بحماس تحكي له عن جارتها
- اصل ليها خال عايش في مصر من زمان وكل صيف بيجوا يزوره.. ده حتى جابلها تليفون لما نجحت في الاعداديه ودخلت الثانويه
ابتلعت غصتها وهي تتذكر حلمها.. فكم ليالي حلمت ان تدخل الجامعه وتصبح محاميه تُطالب بحقوق المظلومين..كحالهم
طرقعت حسن لكفوفه وهو ينظر للطعام الذي وضع للتو أمامه جعلها تفيق من شرودها.. شرع في تناول الطعام يتذوق مذاق الكفته المشويه فوق الفحم متلذذاً
- عمك سعيد ده احسن واحد يعمل كفته
التمعت عيناها وهي تنظر للطعام داعية لمن كان سببً في تلك العزيمه
- ربنا يوسع رزق البيه بتاعك كمان وكمان
طالعها حسن وهو يحشر الطعام في فمه
- اكتر من كده... ده معاه فلوس زي الرز مش عارف يضيعها فين
وبدء يقص لها عن مغامرته ونساءه وحياه الترف التي يعيشها.. فمضغت لقمتها بحزن على حياه ذلك الرجل
- الفلوس مش كل حاجه ياحسن.. اه هو معاه فلوس بس معندهوش حد عايش معاه
استنكر حديثها الذي لا يعجبه
- كلي يافتون خلينا نروح ... وتمتم حانقاً
- قال الفلوس مش كل حاجه قال
..........................
ليله كانت كالحلم الجميل معه..اصبحت تتعلق به كالادمان لا تريد للساعات التي يسرقوها من وراء الأعين المتربصة لهم ان تنقضي...من يصدق ان سيدة الأعمال التي تُبهر شركائها بحنكتها وذكائها غارقة في لذة المتعه والعشق لهذا الرجل الذي سارت خلفه تاركه مبادئها خلفها
داعبت وجهه بأناملها المطلاه هامسه
- انت عملت فيا ايه ياسليم.. مبقتش قادره استغني عنك
ويا لحظها العسر.. بدأت بوضع اول أعتاب النهايه لزواجهم
تآوهت بآلم تنظر لقبضته فوق كفها الناعم
- شهيره احنا متفقين على ايه.. مافيش مشاعر
بهتت ملامحها من نبرة حديثه القاسي
- احنا متجوزين عشان نقضي ساعات لطيفه مع بعض بعيد عن الناس..
- بس انا ياسليم بدأت...
وقبل ان تنطقها انتفض كالملسوع من جوارها
- بلاش تنطقيها او تحسيها ياشيهره.. لأنك لو قولتيها كل حاجه بينا هتنتهي
"شهيره الأسيوطي" صاحبة الاسم اللامع، المرأة التي لهث خلفها الرجال واضعين أموالهم تحت قدميها تخشي اليوم ان يرى رجلاً دموعها بعدما رفض حبها
أرادت ان تثأر لكرامتها ولكن كرامتها أصبحت معه وحده لا قيمة لها
تحرك بخطواته يبحث عن ملابسه لتهتف بجزع
- سليم انت فهمتني غلط.. انا اقصد اني برتاح معاك
وكم كانت كاذبه وهو يعرف ذلك..نظراتها الهاربه فضحتها
فأردفت بتعلثم تقف قبالته
- سليم انت عارف الضغوطات والمشاكل اللي بمر بيهم حاليا غير المنصب السياسي الجديد اللي اتحطيت فيه...
وتعلقت بعنقه تستجدي عاطفته وتلك الاحاسيس التي يعيشوها سوياً
- انت منطقة الراحه بتاعتي ياسليم
رغم عدم اقتناعه الا انها كانت اكثر النساء اللاتي تزوجهن روقياً
- خلاص ياشيهره.. بس اتمنى موضوع المشاعر ده نوقفه..
واردف وهو يلتقط بضعة خصلات من شعرها المصبوغ يتلاعب به بين أنامله
- عايزك شهيره الست العمليه اللي عمر العاطفه ماحركتها
ابتسمت رغم الغصه التي استوطنت قلبها تُحرك رأسها توافقه
- عندك حق ياسليم
وبعد أن كان هو من يقدم التنازلات لأمتلاكها.. باتت هي من تُقدم له كل شئ
....................
وقفت خلف باب الشقه تستمع لذلك الصوت الذي تسمعه كل يوم فيؤنس وحدتها
- محتاجه مني حاجه تانيه ياست ام عصام
لتهتف المرأة ذو الملامح الطيبه داعيه له
- لا يابني ربنا يستر طريقك ويوسع رزقك
انصرف صاحب الصوت فأنتفضت مفزوعه من تلك الطرقات مبتعده عن الباب تنظر حولها بخوف...ف حسن لا يأتي في ذلك الوقت وهي لا تعرف أحداً هنا
فتحت شراعة الباب كحال بعض الأبواب في البنايات القديمه
لتبتسم لها المرأة الواقفه
- بقالي كام يوم بلمح خيالك ورا الباب.. فقولت اجي اشوف من صاحب الخيال ده
فتحت فتون الباب بخجل من تصرفها الأحمق لتخفض رأسها
- أنتي العروسه... سمعت من مرزوق صاحب محل الخضار اللي تحتنا ان ساكن الشقه الجديد اتجوز
اماءت فتون برأسها وهي لا تقوى على مطالعة تلك السيده
- مبروك يابنتي..
واردفت السيدة إحسان بعدما ربتت فوق ذراعها بحنو
- لو عوزتي حاجه تعاليلي من غير ما تكسفي
وانصرفت السيدة إحسان بطالتها الطيبه كما أتت.. لتغلق الباب تضرب خدها حانقه من فعلتها
- يا كسوفك يافتون.. الست تقول عليكي ايه دلوقتي بتتنصتي من ورا الباب
..................
التقت عيناهم وكل منهما يترجل من سيارته.. اشاح وجهه بعيداً عنها يأمر سائقه بالانصراف لبيته فلم يعد يحتاجه الان
- استناك ياسليم بيه
- لا امشي انت ياحسن روح لمراتك
وأخرج من محفظته حفنه من النقود يدسها بين ايديه متمتماً
- اشتريلها حاجه وانت مروح.. فرحها
غادر حسن بعدما رمق تلك المرأة صارخة الجمال التي يراها كثيراً مع رب عمله في الآوان الاخيره تتقدم منه
تمتم داخله بحقد وهو يحسده على ذلك النعيم الذي يحيا به
" حتى في الستات حظك عالي.. "
- ازيك ياسليم
صافحته بهدوء تخفي ثورة مشاعرها نحوه
- طالعه جميله ياشهيره مع انك جميله طول الوقت
وارتجف قلبها كحال جسدها عندما التقط كفها يُقبله
- هنتقابل النهارده في شقتنا
نظر لها ببطئ يحكم ثورة مشاعره نحوها... مشاعر يعلمها تماماً مشاعر غريزية تشبع رجولته ويخشي عليها ان تجرفها لعالم لا يُريده لها اعتدل ف وقفته يتنحنح عندما طال صمته ينظر حوله لاعين الوافدين للحفل المدعوين له
-عندي قضيه مهمه ولازم ادرسها كويس ماانا كمان عندي سفر بكره يا سليم كام ساعه مشهتعمل حاجه
اشاراليها ان تتقدم أمامه بعد مالاحظ نظرات بعض معارفهم ترمقهم بفضول
-تعالي ندخلوقفتنا هنا هتضرك
زفرت أنفاسها حانقه تفهم مقصده ليتعالا صوت احداهن غير مصدقه وقوفهم سويا فهي كانت خير م يشهد كره شهيرة نحو سليم النجار
-مش معقول شهيرة الاسيوطي وسليم النجار مع بعض ده أنتم كنتم الد اعداء
-جذبها من خصلات شعرها يهزها بقسوة
-تعبانه أيه ياروح انا لما اعوزك ف اي وقت الاقيكي تحت رجلي .ازداد نحيبها تتوسله ان يتركها
والله تعبانه مش بكدب عليك ياحسن دفعها أمامه ينظر اليها من علو بعدما انبطحت أرضا
-كلمه تعبانه ديه مسمعهاش تاني سامعه انتي هنا عشان مزاجي اومال متجوزك ليه
واردف وهو يرمقها كيف تحمي جسدها من بطشه
-عشر دقائق والاقيكي قدامي فاهمه
انصرف تاركا اياها تتحسس جبينها الملتهب بالسخونه نهضت بصعوبه بسبب الوخز الذي يحتل جسدها تنفذ ما امرها به.
الفصل الثاني
********
بقلم سهام صادق
جاورتها السيدة إحسان تبتسم لها بحنان أم تُعطيها طبق الشربه التي تتصاعد منها ابخرتها
- خدي ياحببتي اشربيها سخنه.. انا قطعتلك الفراخ فيها
ترقرت الدموع بعين فتون وهى ترى حنان تلك السيدة عليها
- تعبتي نفسك انا بقيت كويسه
- بقيتي كويسه ايه بس.. انتي مش شايفه وشك اصفر ازاي.. خدي يلا اشربي وبلاش منهده متبقيش زي مني بنتي
وترقرت الدموع بأعين السيدة إحسان هي الأخري
- وحشوني اوي.. يلا بقى كلي من ايد خالتك ام عصام
- تسلم ايدك
طالعتها السيدة إحسان وهي ترتشف الشربه وتمضغ قطع الدجاج بشحوب، أوجعها قلبها عليها ف فتاة لم تتخطي سنين مراهقتها لم تنال من الحياة شيئاً ينتهي بها الحال هكذا
" الواحد يأكل بنته عيش حاف ولا يرميها الراميه ديه"
- هقوم انا يابنتي اروح شقتي.. ولو عوزتي حاجه خبطي عليا
اعتدلت فتون في رقدتها بعدما ازاحت طبق الشربه جانباً، حاولت النهوض حتى ترافقها
- رايحه فين بس يابنتي.. يعني انا مش عارفه الطريق
واردفت بحنانها الذي اصبح ملاذها في تلك الحياة
- اشربي الشربه كلها وارتاحي.. عايزه بكره الاقيكي زي الحصان
................
تجمدت عيناه وهو يُطالع كل ما فعلته لأجله .. اعدت له عشاءً على الشموع، أرتدت له ما يجعلها كتلة من الفتنة... قلبه يصرخ به بأن يتركه يتحرر ويُلقيه تحت قدميها ولكن عقله ينهره ويُخبره بأنه ليس ذلك الرجل الذي يستحق امرأة مثلها... انه رجلاً عابثً حراً يبحث عما يُريحه لفترات ثم يُلقيه خلفه كأنه لم يكن ولكن هي برقتها لن يضعها في تلك الخانة التي يضع بها نساءه
- كل سنه وانت طيب ياسليم
هتفت عبارتها وهي تُلقي نفسها بين ذراعيه تكشف له مكنون قلبها وشغفها
- سليم انا حبيتك .. انت الراجل الوحيد اللي حسيت معاه اني ست بجد
لو كان رجلاً غيره لطار من الفرحه ولكنه سليم النجار الرجل الذي لم يعترف بالحب يوماً فهل عاهده بحياته ليعترف به
تصلب جسده لتشعر هي بجموده فتبتعد عنه تُطالعه
- مش قادره اخبي اكتر من كده ياسليم...
- كفاية ياشهيره... قولت كفاية
تحررت دموع جفنيها قسراً غير مصدقه انه يرفض حبها للمره الثانيه
- ليه ياسليم.. قولي ليه
- لأنك تستاهلي راجل يحبك بجد ياشهيره... راجل متشحتيش منه حبه لان حبه بيديهولك من غير ما تطلبيه
- انا مش عايزه حد غيرك انت... انا عارفه انك بتحبني
اشاح عيناه عنها يهرب من ضعفه وحبها
- انا مبعرفش احب ياشهيره...
- مش هسيبك ياسليم مهما حولت مش هسيبك
وقفت قبالته تحتضن وجهه بين كفيها تهمس له بحب او ربما وهم لا تُدركه
- انا مش طالبه منك نعلن جوازنا ولا عايزه نخلف ونربط نفسنا بالمسئوليه
وكأن الزمن يُعيد نفسه بين والديه.. سيدة مجتمع ورجل أعمال تأخذهم عجلة الحياة بين الصفقات ورفاهية المال ومن حظهم العسر ينجبوه هو ليشهد على افشل علاقه عاش فيها وشهد تفاصيلها
- اللي بينا مش حب ياشهيره.. اللي بنا متعه.. متعه بتدمنيها بس بيجي وقت بتفوقي منها
- لا ياسليم حبي ليك مش متعه...
بكت وتوسلت وضعفت بل واستخدمت كل اسلحتها كأنثي ولكن هو كان كالصخر لمن يراه ولكن داخله كان يضعف واذا ضعف سيكون ظالم سيوهمها بالمتعه سيجني عليها
- لو معملتش ده ياشهيره هوهمك
لم تفهم عبارته الا وهو يضع جبينه فوق جبينها ويتنفس أنفاسها
- أنتي طالق ياشهيره
..................
يتقلب فوق فراشه يستجدي النوم بأن يحتل جفونه ولكن النوم تلك الليله أبي ان يُعطيه ما يرغب به
عيناها، ضحكتها كل تفاصيلها لا تترك عقله وكأنه لا يعرفها وكأنها ليست ابنة خالته التي نشأت أمام عينيه
تنهد بأرهاق وهو يُطالع سقف غرفته يهمس اسمها " ملك " وكأنه الليله قرر ان يتلذذ بكل شئ فيها
..................
تجلس أمام شقيقتها تحكي لها تفاصيل حفل اليوم وعن مدى سعادتها
- تعرفي انه احلى عيد ميلاد ليا ياملك..
واجتذبت خصلة من خصلات شعرها تلفها حول إصبعها تنظر لشقيقتها بنعومة تتميز بها دوماً
- انا مبسوطه اوي ان رسلان رجع من لندن وقرر يعيش وسطنا
والتفت يدها فوق السوار الذهبي الأنيق تنظر اليه بسعاده
- شوفتي جابلي ايه ياملك
اسبلت ملك جفنيها نحو السوار اللامع حول معصم شقيقتها وغصة مؤلمة احتلت قلبها العاشق
انحنت مها تُقبل خدها وانصرفت نحو غرفتها تتمدد فوق فراشها تنظر لسوارها بأعين يغشاها العشق وأحلام ً ترسمها مع من استوطن قلبها منذ أن صبح بتلك الوسامه وذلك المركز المرموق الذي يحسده عليه الجميع
ليله باتت فيها احداهن تنظر للنجوم مُحلقة وفي أحلامها هائمه واخري تحرقها نيران العشق لرجلاً تعشقه شقيقتها
...................
انتفضت مذعوره من جوار السيده إحسان وهي تستمع لصوت نداءه عليها.. هتفت اسمه بخوف وجسدها يرتجف
- ده حسن
- ومالك خايفه ليه كده يابنتي... روحي شوفيه
لملمت تلك الثياب التي اعطتها لها السيده إحسان وسارت مهروله اليه تخشي صفعاته
- كنتي فين
ضمت الثياب نحو جسدها تحتمي بهم تطرق عيناها أرضاً
- عند ابله إحسان
تشبثها بالثياب جعله يركز على ما تحمله بتوجس متسائلا وقد غامت عيناه بالغضب
- ايه ده
- ديه هدوم.. ابله إحسان ادتهوملي عشان لما اخرج معاك تتشرف بيا
توحشت نظراته التي ارعبتها.. فتراجعت للخلف تتشبث بقوه بما تحمله
- أنتي بتشحتي من الناس
صفعة تلقتها منه اسقطتها أرضاً يدفعها بقدمه
- ديه اخره اللي يتجوز واحده ابوها فلاح كحيان...
كلماته كانت اشبه بنصل السكين... انغرزت كل كلمه ب فؤادها
تعالت شهقاتها وهي تراه يصفع الباب خلفه بقوه يلعن صديقه الذي أشار عليه بتلك الزيجة
لملمت بقايا شتاتها تجر قدميها نحو الغرفه لعلها تجد في غفوتها ملاذها
.................
- ضربتها ياحسن !
- اتخنقت منها يا مسعد وزهقت...انت السبب في الجوازه ديه
أشار مسعد نحو حاله مستنكر حديثه
- انا السبب... مش انت اللي كنت ميت على الجواز وعايز تتجوز وخلاص
غامت عين حسن وهو يتذكر النساء اللاتي يرافقهم رب عمله
- كنت عايز اتجوز وخلاص لكن لما تشوف الستات اللي بتتحدف تحت سليم النجار تعرف انك مش عايش... ديه ستات تحل من علي حبل المشنقه مش اللي متجوزها
- يابني انت فين وسليم النجار ده فين...على اد لحافك مد رجليك ياحسن وبطل تبص على حياة غيرك
- انت هتديني حكم ومواعظ يامسعد... واقفل السيره ديه خليني اتمزج بالحجرين
...................
نظرت إليها غير مصدقة تلك الحاله التي وصلت إليها
- مش معقول بقى شهيره اللي الكل بيحسدها على قوتها ونجاحها توصل للحاله ديه وعشان مين راجل
ارتمت شهيره بين أحضان صديقتها ترثي لها حالها
- حبيته ياسوزان... حبيته من غير ما احس.. معاه كنت بحس اني ست بجد
ضمتها سوزان اليها تشعر بالحزن من أجلها
- مكنتش اعرف انك هتتعلقي بي كده... انا كنت عايزاكي تخرجي من جو الحياه اللي انفرضت عليكي ... كنت واثقه ان لا سليم ولا غيره يقدر يأثر عليكي
واردفت بندم تربت فوق كتفيها
- سامحيني ياشهيره... بس انا واثقه انه مجرد وقت وتأثيره هينتهي من حياتك
ارتعشت شفتي شهيره وهي تتذكر اخر لقاء بينهم
- طلقني عشان حبيته ياسوزان
طالعتها سوزان بصلابه حتى تجعلها تفيق من بؤسها
- جوازكم كان معروف نهايته ياشهيره... حطيتوا قواعده سوا بس هو كان اشطر منك وقت محس انه هيوصل لنقطه مش حاطط قواعدها نهى اللعبه
- طلعت انا الخسرانه ياسوزان
- بكره ترجعي شهيره اللي انا عارفاها وكل الناس عارفاها..سليم هو الخسران
ولكنها لم تكن مقتنعه الا انها هي الخاسره لحب رجلاً مثله لا يعرف كيف يكون الحب
...............
أصبحت تحفظ مهمتها على أكمل وجه.. ايقظها من نومها ينظر إليها بتقيم
- قومي قلعيني الجزمه وحضريلي لقمه أكلها
وماكان عليها إلا الطاعه... فهل تعلمت غيرها في سنوات عمرها المعدوده... أزالت عن قدميه حذاءه تنظر اليه لعله يطيب خاطرها بكلمه
- عايز الجذمه الصبح تكون بتلمع.. فاهمه
اماءت برأسها وانصرفت تعد له ما طهته... حشر الطعام بفمه حتى امتلئت معدته ونظر اليها بنظرة أصبحت تفهمها وكأنه ليس كل ليله يُخبرها انه ضجر من هيئتها ورائحتها
والليله كانت ك الليالي الأخرى... يشبع شهوته بجوع ثم يغفو بعدها غير عابئ بها
عضت اناملها كي تكتم صوت شهقاتها.. إنها تكره علاقتهم، لقد جعلها تكره الشئ الذي تشتهيه الفتيات في اعمارها مما تراه عبر المسلسلات او ثرثرتهم مع بعضهن..
ازداد نحيبها وهي تستمع لصوت شخيره يتعالا
.............
يقف يروض فرسه بمهارة تعلمها من جده.. اخذ الفرس يصهل بقوه كقوة صاحبه ومن لمسة واحده نالها الفرس من يد صاحبه كان صهيله ينخفض شيئاً فشئ وكأنه ينتظر لمسته
داعبه سليم بلطف يضم رأسه بين كفوفه
- تعرفي ياسكره انك الوحيده اللي بحس معاها بطهرتي واني لسا الولد الصغير اللي كان بيقف مع جده يتفرج عليه وهو بيروضكم
احنت الفرسه رأسها وكأنها تُخبره انها تشعر به وتشاركه ما يجول بفؤاده
ضحك بصخب يداعبها بمشاكسه
- زعلانه عليا ياسكره...
- هربان ليه ياسيادة المحامي المرموق
التف سليم نحو الصوت الذي يعرف صاحبه، فوحده من يعرف طريق هروبه
- رسلان
- ولا فاكر اني هنسي مكانك اللي بتهرب ليه ديما
اقترب منه رسلان يضرب فوق كتفه مازحاً
- كنت منتظرك تجي افتتاح المركز ولكن البيه طلع هربان وقاعد مع سكره
طالع سليم سكره التي حشرت رأسها بينهم تخبرهم انها هنا
- طب بذمتك المزرعه وجوها موحشكش
تأمل رسلان الجمال الذي يحيطه يزفر أنفاسه مستنشقاً رائحة الهواء
- احسن قرار اخده السيد عظيم انه بعد عن جو الاعمال وجيه هنا يتمتع بجمال الطبيعه
التقطت عين سليم خطوات جده البطيئة وهو يتقدم منهم متكأ على عصاه الانبوسية بوجه بشوش لا يخصه إلا للقليل
- وعلى سيرة السيد عظيم اه جالك بنفسه ياسيدي... استلقي وعدك بقى
...............
- مش معقول انت وشهيره الأسيوطي ياسليم... طب ليه مأعلنتوش جوازكم
تنهد سليم وهو يرتشف من فنجان قهوته
- ده كان اتفاقنا
- حبيتها ياسليم !
- مش عارف يارسلان..
وضع فنجان القهوة جانباً ونهض من فوق مقعده يهرب من نظراته المتفرسة في ملامحه وكأنه يسبر أغواره
- وكفايه استجواب بقى.. ده انت حتى دكتور مش محقق
- مش عارف ولا خايف تواجه نفسك ياسليم
اقترب منه رسلان يقف أمامه يضع يديه فوق كتفيه
- وفيها ايه لما نحب
- قولتلك محبتهاش...ولو للحظه حسيت بمشاعر ناحيتها موتها قبل ما تبدء
واردف بقسوة أصبح يتلذذها
- الست بالنسبالي مُتعه مكانها معروف.... ، لكن الحب كذبه بنضحك بيها على نفسنا
- عجيب انت ياصاحبي.. اللي يشوفك في شغلك يحسدك على دماغك لكن اللي يسمع تفسيرك لمنظور الحياه يحس انك...
وقبل ان يُكمل رسلان كلماته تمتم هو
- يحس اني عايز دكتور نفساني مش كده
واتبع كلماته بضحكه صاخبه وسيجارة يدسها بين شفتيه يُخفي خلفها جموده، ناراً تحرقه ووالديه يفسران له حياتهم انها حياه طبيعيه فلا بأس أن يكونوا مُتحررين فكرياً كل منهم يبحث عن حريته دون قيود
...................
التمعت عيني السيدة إحسان بعدما انهت مُحادثتها مع أولادها... كانت فتون تجلس على مقربه منها تُطالعها بتأثر فقد اشتاقت هي الأخرى لوالديها وأخواتها
- كان نفسي اقولهم اني مش محتاجه غير وجودهم حواليا في آخر ايامي
اقتربت منها فتون بلهفة تحتضنها
- بعد الشر عليكي ياماما إحسان
ابتعدت عنها السيده إحسان وقد اجتذب الكلمه اذنيها
- الله على كلمة ماما منك يافتون...
جذبتها لاحضانها تعطيها من حنانها الفائض كأم.. وكانت هي أشد احتياجاً لتلك المشاعر التي عوضتها عنها السيده إحسان
- الحياه بقى ليها طعم بوجودك يافتون... بتعوضيني عن غربه ولادي
مسحت فتون عيناها التي اغشاها الدمع تنظر اليها
- قوليلهم انك محتاجهم جانبك
ذكريات حملها الحنين لتخرج تنهيدة عميقة من صدرها عبرت عن شوقها لهم
- حياتهم ومستقبلهم هناك يابنتي.. هيجوا يعملوا ايه جانبي
- كفايه حضنك عليهم
اجتذبتها إحسان لحضنها تضمها بشدة تشم فيها رائحة ابنتها
- انتي ربنا بعتك ليا يافتون عشان تكوني ملاذ وحدتي
...............
وقف حسن أمامه ينتظر ان يُنهي تدقيقه في تلك الأوراق التي وضعها احد المحامين أمامه ثم انصرف
رفع سليم عيناه بعدما أغلق الملف ينظر اليه يُحاول ان يتذكر لما استدعاه لمكتبه
- حسن شوفلي واحده تسافر المزرعه مع مدام ألفت...هما يومين وهتاخد اجرتها عليهم بس تكون واثق فيها
-تنضف يعني يا بيه
اماء سليم برأسه لينصرف حسن من أمامه مفكرا أين سيبحث ع تلك الخادمه التي سيقتصر عملها ع مدار يومين
عاد الي منزله مساء تستقبله فتون بابتسامه سالمه
-احضرلك العشا يا حسن
تعمق النظر فيها وف هيءتها وعقله يدور هنا وهناك يخبره لما لا تكون هي تلك المهمه التي سيجني منها المال وتعاونهم ف نفقات الحياة وهما يومان لا أكثر
اعملي حسابك بعد يومين هتسافري الفيوم قطبت حاجبيها لاتفهم حديثه فعن اي سفر يتحدث فهل سيذهبون لعطله هتفت بما جال بخاطرها وظنته
ف اخيرا ستري اقاربه .هنسافر نزور اهلك ياخسن
امتقع وجهه من ذكاءها اللا محدود يزفر أنفاسه حانقا من سطحيتها منتهكا
-خنسافر نتفسح يافتون
اتسعت ابتسامتها وهي لاتصدق ما سمعته ولكن سرعان ما تلاشي معالم فرحتها
-هتسافري تخدمي ف مزرعه البيه
