رواية لمن القرار
الفصل التاسع والعاشر
بقلم سهام صادق
الفصل التاسع
**********
وقفت تفرغ اطباق الطعام طبقً يلي الأخر وهي هائمة في نظرته الحانيه اليها .. سرحت في عالم ليس لها ولكن القسوة هي من جعلتها تهيم في عالم خلقه قلبها بأحلامه الصغيره.. رب عملها يأكل من فطائرها ويشكرها بلطف يالها من سعادة خاصها بها وحدها.. اتسعت عيناها شيئاً فشئ وهي تشرد في الدقائق الماضية بأدق تفاصيلها ومرات ومرات كانت تعيد المقطع في عقلها وابتسامتها تزداد اتساعاً
رغماً عنها كاد الطبق يسقط منها ولكن سرعان ما تمالكت الأمر تنظر نحو السيدة ألفت المنشغلة في تدوين أغراض الأسبوع
ضمت الطبق لصدرها تطمئنه انه لم يسقط ولن توبخها السيدة ألفت ولن تضيع سعاده اليوم
- مدام ألفت ممكن قهوتي
ازداد تشبثها بالطبق وهي تستمع لصوته وقد تعالت ضربات قلبها
نهضت السيدة ألفت من فوق مقعدها ترمق فتون وتنظر نحو خطواته متمتمه
- حاضر ياسليم بيه
وسلطت عيناها نحو فتون التي مازالت واقفه كما تركتها منذ دقائق تنظف الأطباق التي لم تنتهي منها
- فتون انا مش قولتلك اعملي قهوة سليم بيه ووديها ليه
رفرفت اهدابها عدة مرات تستعب ما تهتف به السيدة ألفت الي ان اتسعت حدقتيها صدمة من تناسيها الأمر... ألتفت تُحدق بها ثم للطبق الذي مازالت تضمه لتُدرك انها كانت غارقة في أحلامها
تركت الطبق جانباً واتجهت نحو ركوة القهوة تلتقطها من موضعها
- هحضرها حالا...دقيقه وهتكون جاهزه
- بسرعه يافتون... البيه ليه مواعيده في كل حاجه ومتجبيش لينا الكلام بسبب سرحانك
وضعتها فوق الموقد تنظر الي ملامح السيدة ألفت المستاءة فكل شئ لديها بمواعيد وضوابط
سكبتها في الفنجان مُتجها بها إليها
- القهوه جهزت
- ساده زي ما البيه بيشربها
اماءت برأسها تُخبرها انها تفعل كلامها على اكمل وجه.. رمقتها السيدة ألفت برضى
- روحي وديها للبيه.. والقهوه تتحط زي ما فهمتك
خفق قلبها وارتفعت وتيرة أنفاسها
- انا اللي هوديها ليه
حدقت بها السيدة ألفت وقد عادت نظرتها المستاءة مجدداً
- ايوه يافتون انتي اللي هتودي القهوه.. انا خلاص كلها ايام وهمشي وانتي هتكوني المسئوله هنا
واردفت وهي تنظر للقهوة
- ولو فضلتي واقفه كده القهوه وشها هيروح وهتبرد
اهتزت يديها من شدة توترها فأسرعت منصرفه تحت نظرات السيدة ألفت التي رمقتها بأستياء مرة أخرى
طرقه طرقات خافته فوق باب الغرفه قبل أن تدلف وتُسلط عيناها نحو فنجان القهوة تخشي سقوطه من اهتزاز يديها
وضعتها بأدب أمامه وقد ظنت انه يرمقها ولكنه كان يُطالع أوراق القضية التي أمامه
- شكراً يامدام ألفت
- احم، انا فتون يابيه
رفع عيناه صوبها يرمقها في نظرة سريعه ثم عاد لأوراقه
- شكرا يافتون
سارت من أمامه وقد تلاشت سعادتها وتلك السحابة التي كانت تُحلق بها...لم يُطالعها كما كانت تتمنى وترسم في خيالها
عادت بأدراجها للمطبخ خالية الوفاض خائبة الأمل تنظر نحو السيدة ألفت التي كانت منشغله بعملها
................
لا تعرف كيف اقتنعت بفكرة ميادة التي جعلتها تكذب علي والديها لأول مره، ولكن السعادة التي تعيشها اليوم برفقته ومياده معهما كان أجمل شئ يحدث لها
شردت في المياه أمامها والامواج تتلاطم ببطء.. كانت ضائعه كغريق تتقاذفه الأمواج تعطيه املاً في النجاه ثم تلقفه بعيداً فلا امل في النجاه
رفعت عيناها نحو السماء الصافيه تزفر أنفاسها لعلها تُخفف مما يجثم فوق صدرها
كان يقف بعيداً يُتابعها بعينيه فبعد ان كانوا في غاية السعاده تمرح وتضحك انسحبت من بينهم وابتعدت عنهم هاربة بمشاعرها
ألتقطت عيناه شقيقته وهي تسير لها بالمثلجات فأسرع بخطاه نحوها يجذبها من ذراعها
- ميادة
انتفضت مذعوره تلتقط أنفاسها تنظر اليه بعتاب
- حرام عليك يارسلان خضتني
- هو انتي بتخافي زي الناس
طالعته بمقت فأبتسم وهو يداعب خديها بحنان
- هاتي الايس كريم ده وروحي استنينا في مطعم الفندق
- يعني بتوزعني يارسلان.. انا قولت بلاش اطلع عزول بينكم بس انتوا اللي صممتوا
واردفت بدراما تتقنها بمهارة
- وجاين دلوقتي تجرحوا مشاعري وتحسسوني اني شجره وسطيكم
ارتفع حاجبه يقوس شفتيه منتظراً ان تنتهي من دراميتها
- عايزه ايه هديه يامياده
عقدت حاجبيها في حيره من أمرها فعن اي هدية ستُطالب بها وقد نالت منه الكثير منذ أن سقط شقيقها صريع الحب
- سيبني افكر
- مياده
- خد يارسلان انا اصلا غلطانه اني بوفق بينكم..
التقط منها المثلجات التي أوشكت على الانصهار فوق يديها
- لما تفكري ابقى قوليلي وانا مستعد ياستي
التمعت عين مياده غير مصدقه ان الحب فعل ذلك بشقيقها.. شقيقها يقدم لها ما اردات من أجل أن يحظي ببعض الوقت مع من اختارها قلبه دون عن غيرها.. رفرف قلبها بحالمية تتمنى ان تحظى بمثل هذا هي الأخرى متمنية داخلها لهم السعاده
أشارت اليه بنظره غامزة له ان يذهب وأنها من الآن لا ترى لا تسمع لا تفهم
سار نحوها يغلبه الشوق إليها.. ومع كل خطوة منه إليها كانت هي تسقط في ظلامها وصوت مها يتردد بأذنيها
" اكتشفت اني بحب رسلان ياملك من زمن اوي.."
والزمن هاهو يسقطهم عاشقان لنفس الرجل
- ملك
انتفض جسدها وسارت فيه رعشة جعلتها ترتجف
- اسف ياحببتي، مكنتش فاكر انك سرحانه اوي كده
وابتسم فلم تزيده ابتسامته الا وسامة يسألها بروحه المرحه التي لا يتقمصها إلا معها
- اكيد سرحانه فيا
- هو ليه حبنا صعب يارسلان... ليه انا كدبت على بابا وماما وقولتلهم اني هسافر يومين تبع الجمعيه ومقدرتش اقولهم اني هسافر معاك انت ومياده... ليه خوفت
بأنفاس لاهثه سألته تنظر إليه تنتظر اجابته وما كان هو إلا أنه غرق هائماً بها حتى وهي تشكو إليه ما يجول بخلدها رقيقة هادئه وجميله كقطعه حلوى
انتبه على دموعها التي انحدرت على خديها وتمالك رغبته في ضمها بين ذراعيه
- ردي عليا يارسلان.. قولي ليه كذبت
- اهدي ياملك..
- اهدا ازاي وانا لأول مره اكدب في حياتي... ليه في حبك بكدب يارسلان... قولي ليه
- ملك انا مستعد من بكره اطلبك من عمي عبدالله صدقيني..
- لا يارسلان.. لا اوعي تعمل ده.. مها هتكرهني وماما
وفاضت دموعها والآلم ينغز قلبها وصوت مها يتردد في اذنيها
" انا مستعده اعمل اي حاجه عشان رسلان يكون ليا ... تخيلي دعوة جوازنا الدكتور رسلان والدكتوره مها مش بذمتك ليقين على بعض..."
تعانقها مها وتدور بها تهتف بأحلامها بسعادة .. أما هي ليست الا مستمعه صامته
- ملك ردي عليا،. ملك
وهي كانت غارقه في أحلام شقيقتها وبؤسها.. القى ما في يديه وقبض فوق كتفيها يهزها مذعوراً من هيئتها
- ملك.. ملك ردي عليا.. ريحيني وقوليلي عايزه اعملك ايه بس متسبنيش ضايع كده
- احنا لازم نفترق يارسلان..
واردفت تقنع حالها وحاله وازدادت دموعها انهماراً
- انت فجأه اكتشفت انك بتحبيني وممكن فجأه تكتشف انك بتحب مها
- أنتي شايفه حبي ليكي مجرد وقت... شيفاني لدرجادي عيل ياملك
- لا يارسلان انا شيفاك احسن راجل في الدنيا
ورغماً عنه كان يضحك بعلو صوته
- احسن راجل ونفترق.. انتي هتجننيني
تجمدت ملامحه واحتلي الخواء عيناه
- قوليها ياملك.. قولي انك مش عايزانى قولي انك بتكرهيني
والاجابه كانت الصمت ودموعها تذرفها فترثي حالها معها
- الرد اه واضح ياملك.. لما نرجع القاهره هكلم عمي عبدالله في موضوع جوازنا انا عموما عايز ارجع إنجلترا من تاني فهنتجوز ونبعد عن كل ده ياحببتي
هزمها بحبه كما هزمها قلبها فعن أي تراجع تُريده وهي عاشقة متيمه به.. اطرقت عيناها نحو كفوفها تفركهما تُصارع قلبها وذلك الصوت الذي يقتحم عقلها
- بلاش يارسلان دلوقتي.. ارجوك استنى شويه
- ليه ياملك كل ما بنأجل الحكايه كل ما مها وخالتي املهم بيزيد
- هكون في نظارهم خاينه
- خاينه!.. انا حبيتك انتي ياملك.. مها حبها ليا مجرد احلام بتحققها لخالتي وخالتي للأسف انانيه وطماعه بتفضل سعادة مها على سعادتك
جرحتها الحقيقه التي تعلمها ويراها البعض فخالته لم تعد ترى إلا مها ابنتها فقط
................
وقعت عيناها نحو تلك الضماده التي تلف يده اليمني.. اقتربت منه بفنجان القهوة وقد كان يسير في غرفه مكتبه ذهاباً وإياباً يتحدث في هاتفه بغضب قد جليّ فوق ملامحه
- يعني طلع حامد الأسيوطي اللي عمل كده... لا متعملش حاجه خلاص
أغلق هاتفه زافراً أنفاسه.. فلولا شهيره واحترامه لها لكان رد له الامر
تعلقت عيناه ب فتون الواقفة والقهوه مازالت تحملها بين يديها فأرتجف جسدها من نظراته فتمالكت رعشة يديها واسرعت في وضع القهوه فوق سطح مكتبه
- هحط القهوه وهمشي علطول
ووضعت القهوة تنظر اليه
- محتاج مني حاجه تانيه ياسليم بيه...
تعالا رنين هاتفه ثانياً وانشغل في محادثة المتصل دون أن يعطيها رداً.. وقفت حائره لا تعرف اتظل واقفه تنتظر رده ام تعود للمطبخ مجدداً ولكن كعادتها كانت عيناها تتشرب أدق تفاصيله.. حركته، بحة صوته المميزه ، طوله وجسده المتناسق وشعره الأسود المصفف بعناية وعطره الذي يذكرها دوماً بتلك الليله التي أعطاها كفه لينتشلها من سقوطها
- ثواني ياحازم خليك معايا
فاقت على صوته وهو يتحرك نحو مكتبه يلتقط قلماً وورقة... حاول أن يكتب بيده الضمودة ولكن الامر كان صعباً
تنهد مستاءً.. فهتفت دون أن تدرك كيف خرج صوتها
- اساعدك في حاجه ياسليم بيه
انتبه سليم لوجودها فتسأل وهو يشك في الأمر
- بتعرفي تكتبي يافتون
- طبعا يابيه.. ده انا كنت الأولى على المدرسه بتاعتي وخطي كمان حلو
مدّ لها يده بالقلم قبل أن تسترسل في حديثها اكثر دون فائدة.. فتعلقت عيناها به تتأكد من ذلك
- خدي يافتون مش بتقولي بتعرفي تكتبي
اقتربت منه تلتقط القلم وقد عادت الرجفه لجسدها ولكن سرعان ماتلاشت وهي تنصت الي ما يُخبرها به وتدونه
أنهى مكالمته فمدّت له الورقه خائفة ان تكون أخطأت في شئ فيوبخها
- خطك جميل يافتون... اول مره اشوف خط حد حلو كده
اتسعت ابتسامتها وهي تستمع لمديحه الذي أشرق ملامح وجهها وروحها الذابلة
- بجد يابيه
طالع سعادتها الكبيرة من مجرد مديح بسيط تستحقه
- حقيقي يافتون خطك جميل.. صراحة مكنتش فاكر انك متعلمه
اطرقت عيناها وانطفأت سعادتها
- انا معايا الاعداديه يابيه
وسؤال كان يجر خلفه الأخر وفضوله جعله يتسأل
- سيبتي تعليمك ليه واتجوزتي يافتون
رفعت عيناها نحو تنظر له بعينيها الواسعتين
- ظروف يابيه
تمتمت عبارتها بقلة حيلة تخفي خلف ملامحها حزنها على أحلامها التي دفنتها ورثتها لليالي
غادرت غرفة مكتبه تحت نظراته ومشاعره المتعاطفه معها.. طيف جميل عاد يسير أمام عينيه " سيلا " الجميله بأحلامهم معاً
اغمض عيناه لعله يطرد تلك الذكريات من عقله وبالفعل قد نجح ف سنوات عمره التي لم تمضي هباءً فقد تعلم كيف يخفى مشاعره وكيف يكون رجلاً لا تقوده مشاعره
نظر للورقه التي خطتها بقلمه.. وعاد لعمله دون المزيد من التفكير في أمور لا تفيد
...........
نامت تلك الليله مطمئنة ورغم انهاك جسدها إلا ان الراحه كانت تغمرها.. اليوم مدحها رب عملها، اليوم طاب خاطرها فطابت روحها التي هدها حسن بقسوته
تجمد جسدها تشعر بيدين تعبث بجسدها وصوت يُنادي اسمها.. ولكنها لم تكن تُريد ان تستيقظ من غفوتها الهادئه... ازدادت يداه جراءةً فأنتفضت مذعوره تتراجع للخلف تنظر اليه
- مالك اتفزعتي كده
واقترب منها بأنفاسه المخموره.. يمدّ يداه نحو جسدها
- بقيتي تتدوري وتحلوي يافتون
- ابعد عني... وهتفت غير مصدقه انه يحتسي الخمر
- انت سكران ياحسن
دفعته عنها فسقط مترنحاً فوق الفراش
- أنتي بتبعديني يافتون
ارتجف قلبها وهي تراه ينهض مُقترباً بعدما تمالك نفسه يرمقها بوعيد
- متقربش مني... مش هتلمسني ياحسن
تسمر في مكانه يُطالعها.. فتون الضعيفه تصرخ به
- بتعلي صوتك عليا يافتون... اظاهر انك نسيتي حرق رجلك
تحركت من فوق الفراش هاربه من أمامه ولكنه كان اسرع منها..
صفعها حتى خارت قواها واستسلمت لمصيرها بين ذراعيه
غفا بعد أن نالها منتشياً بسعاده برجولته الساحقه.. عضت فوق شفتيها المجروحه تكتم صوت شهقاتها تضم جسدها تطمئن روحها بأن الوحش قد تركها أخيراً
وبعدما كانت تطير في حلمها البسيط سقطت في بئر واقعها المظلم
..............
مضوا اليومان دون أن تشعر بهما، يومان سرقتهما من الزمن عاشتهم وقلبها يؤنبها ورغم ذلك كان سعيد بل سعيداً بشدة
لوحت لهم بيدها بعدما هبطت من السيارة تحمل حقيبتها ووقفت بالقرب من الجمعيه الخيريه التي تُدرس فيها للأطفال
طالعها رسلان وهي تصعد سيارة الأجره زافراً أنفاسه بقوه.. حدقت به ميادة بعدما انعطفت سيارة الأجرة نحو الطريق الاخر
- متسمعش كلامها يارسلان واطلب ايدها من عمي عبدالله.. ملك هابله هتفضل سعادة مها على سعادتها.. ومها ولا خالتي عمرهم ماهيحسوا بيها
واردفت تمقت أفعال خالتها
- انا مش عارفه خالتو بتفرق بينهم كده ليه.. مش معقول حادثه مها عملتلها هوس... ما الحمدلله بقت كويسه ومافيش حاجه حصلتلها
مسح فوق وجهه المرهق يُطالعها.. يتذكر الحقيقه التي عرفها منذ سنوات من والدته
" ملك مش بنت خالتك.. ملك بنت من الشارع خالتك وعمك عبدالله ربوها وعطفوا عليها "
لم يقتنع يومها بما تخبره به والدته.. فالجميع يعامل ملك بحب ولكن ما اكتشفه مع السنين انهم يعملوها بعطف وإحسان لا أكثر وهاهي الايام تريه.. والدته تسعي لابنة شقيقتها رغم اقتناعها التام بأن ملك فتاه يحلم بها الكثير وخالته تحبها ولكن ابنتها هي الأهم
- رسلان انت معايا
تحرك بسيارته دون حديث وقد احترمت شقيقته صمته وصوتها الراجي مازال يتردد في أذنيه
" بلاش يارسلان اوعدني اننا هنستني شويه لحد..." ولم تكن لديها كلمه أخرى تضيفها وماكان عليه إلا أنه احترم رغبتها لبعض الوقت لا أكثر
............
وضعت سماعه الهاتف مصدومة تنظر إلى مها الجالسه أمامها تنفخ اصابعها حتى يجف طلاء الأظافر
- مش معقول ملك تكدب عليا.. اومال سافرت مع مين
رفعت مها عيناها وقد انتبهت أخيراً لهذيان والدتها
- مالها ملك ياماما
تعلقت عين ناهد بها ومازالت الصدمه جالية فوق ملامحها
- رئيسة الجمعيه اتصلت تبلغها انهم عندهم ندوة بكره الصبح
- مقولتيش ليها لي أن ملك مسافره يومين
- ما تفوقي يامها.. اختك المفروض طالعه الرحله ديه تبع الجمعيه
تعالت شهقت مها تنظر لوالدتها متفاجأه
- ملك.. لا لا مصدقش ان ملك تكدب علينا
- ما انا عشان كده هتجنن.. ملك عمرها ماكدبت
ونهضت ناهد تدور حول نفسها تُحادث حالها إلا أن استمعت لصوت الخادمه
- ست ملك حمدلله على السلامه.. البيت من غيرك مكنش ليه حس
أندفعت ناهد صوبها ومها خلفها
- كنتي فين
ارتفعت وتيرة أنفاسها وسقطت حقيبتها أرضاً كما تلاشت سعادتها وهي ترى نظرات والدتها ومها فشحب وجهها وهي تدرك ان كل شئ قد انكشف
جذبتها ناهد من مرفقها نحو غرفتها تدفعها داخلها
- ردي عليا.. كنتي فين ومع مين.. بتكدبي علينا ياملك.. اه كذبتك انكشفت
- ياماما براحه بس خلينا نفهم منها
اقتربت مها منها تقف بينها وبين والدتهم
- ملك.. رئيسة الجمعيه اتصلت تبلغك ان في ندوة بكره الصبح
ابتلعت لعابها ودارت بعينيها بينهم... فماذا ستخبرهم ومن اين سيكون الخلاص
- ابعدي يامها من قدامي... اختك العاقلة المحترمه شكلها بتوهمنا ومقضياها من ورانا.. ردي عليا كنتي مع مين وفين
وقفت ساكنة الجسد تذرف دموعها، فهزتها ناهد بقسوه وقد نهش القلق قلبها
- مين اللي كنتي معاه .. انطقي
الفصل العاشر
***********
كل شئ أمامها كان يُغلفه الحسرة والآلم .. آلم تعرف انها وحدها من اختارت الطريق اليه لقد وهبتها الحياه فرصة طالما تمنتها وحلمت بها وهاهو الحبيب قد احبها وصار عاشق لها وبعد ان كان ليس لديها رفاهية الحلم به أصبح هو من يخبرها انها صارت في أحلامه، تورق مضجعه
- انطقي.. ردي عليا
يئست ناهد من صمتها وأصبحت ساقيها كالهلام فأنهارت فوق الفراش تلتقط أنفاسها تتمتم لحالها بعبارات كانت تصل لقلبها كنغز السكين
والدتها تشك بها تظنها عاهرة ترافق الرجال... والسخريه كانت ترتسم فوق شفتيها فما الفرق انها كانت ترافقه تسرق من الزمن لحظات خدرت مبادئها من أجل عيشها معه
صراع كانت تحياه وناهد تلتقط أنفاسها بصعوبه ومها جوارها تمسد فوق ذراعها تُطمئنها
- اهدي ازاي يامها.. اهدي ازاي قوليلي
وتعلقت عيناها بها.. والشك يزداد بقلبها
- أنتي شايفه منظرها عامل ازاي ولا حتى راضيه ترد عليا وتطمني
- ردي علينا ياملك كنتي فين.. يعني لو كنتي مع واحد قولي ... احنا كده هيكون عندنا حق نشك فيكي
- مها
صرخ بها عبدالله ينظر لابنته يزجرها
- ازاي تظني في اختك كده وتتكلمي معاها بالطريقه ديه.. وانتي ياناهد ازاي تشكي في بنتك وفي تربيتك
وضغط على عبارته الاخيره ينظر اليها بمعنى قد فهمته
- انت مش شايفها عامله ازاي.. ولا حتى راضيه ترد علينا...
واردفت تفسر له الامر الذي أخبرته به الخادمه حزناً على سيدتها الطيبه
- مديره الجمعيه اتصلت بيها.. والهانم كانت مفهمانا انها..
ولم تكد ناهد تُكمل حديثها
- وانتي تعرفي بنتك فكام جميعيه خيريه... قوليلي بقيتي تعرفي ايه عنها
اطرقت ناهد عيناها وانسحبت من أمامهم خشية من القادم .. تعلم انه محق ولكن ان نعلم شئ وان نفعله شيئاً آخر
انسحبت مها هي الأخرى بعدما وجدت ان وجودها لم يعد يهم
رفعت ملك عيناها نحو والدها بخزي.. فهى تستحق كل ما حدث
نكست رأسها تهرب من تلك النظره التي لم تتمنى يوماً ان تراها في عينيه
............
تعلقت عيناها بخطواته انبهاراً.. وابتسامتها تتسع شيئاً فشئ لا تعرف لها سببً.. تناست بؤسها وبكائها ليله امس بل تناست كل عالمها الموحش.. ويالها من سعاده حظي بها قلبها اليوم وهو يهتف لها بتحية الصباح
- صباح الخير
تراجعت بضعة خطوات تخفض عيناها أرضاً وكأنها أدركت للتو انها اطالت النظر اليه
- صباح الخير يابيه
انتظرت ان ينتبه لشكل المائدة والطبق الجديد الذي اقترحته علي السيدة ألفت بأن يضيفوه في وجبة فطوره كنوع من التغير
ولكنه كان مشغول في تصفح هاتفه وتناول طعامه بشوكته دون أن يحيد عيناه على شيئاً اخر
وعندما وجدته يرفع جسده حتى يلتقط احد الأطباق ويقربه منه.. بادرت هي بالأمر وألتقطت الطبق تضعه أمامه
- شكرا يافتون... تقدري تروحي تشوفي شغلك
اصابتها الخيبه فأماءت برأسها ولكن سرعان ما أشرقت ملامحها ثانية
- بعد نص ساعه هتيلي قهوتي على المكتب
والنصف ساعه قد مرت وهاهي تقترب من غرفه مكتبه تنظر لفنجان القهوه بسعاده
دلفت لغرفه المكتب تتقدم منه وعيناها عالقه بما يفعله، انه يتحامل على يده حتى يدون بعض المعلومات المرسله اليه، أسرعت في وضع القهوة أمامه تنظر إلى ما يفعله بتردد
- انا ممكن اساعدك ياسليم بيه
رمقها لثواني يُفكر في الأمر
- تمام
ناولها القلم والملف الذي كان يدون به المعلومات ينظر الي ملامحها السعيده وكيف تتراقص عيناها فرحاً وتجول بعينيها بينه وبين القلم ... انهت مهمتها التي تُشعرها بحلمها الضائع فتناول منها الملف بسعاده
- خساره انك مكملتيش تعليمك يافتون
اطرقت عيناها في حسرة تتلاعب بقماش ثوبها بين أناملها
- محتاج مني حاجه تانيه ياسليم بيه
طالعها بعدما دقق الملف الذي انهته في نظره سريعة
- شكراً يافتون..
وباقي عبارته وقفت على طرفي شفتيه وهو يلمح جرح شفتيها
دقق النظر فيها ومن نظراته فهمت أين تتوقف عيناه.. رفعت كفها تخفي جرح شفتيها والاجابه كانت واضحه دون سؤال
انصرفت من أمامه فتنهد زافراً أنفاسه وهو لا يُصدق ان تلك الأفعال تخرج من سائقه
.............
تعلقت عيناها بالباب بعدما اغلقته مها خلفها.. سقطت دموعها وهي تعيد على مسمعها ما اخبرتها به
" انتي السبب ياملك في خصام بابا وماما...عجبك كل اللي حصل في البيت "
وفي النهايه هي أصبحت وحدها المُلامه.. نظرت نحو هاتفها الذي يهتز فوق فراشها وحدقت به وبرقمه تُصارع تلك الفوضي التي تعيشها وتلومه عليها
نظرت للهاتف الذي انغلقت شاشته وقذفته بعيداً وأخذت تدور حول نفسها كالتائه الذي ضلَّ طريقه
وأخيراً عرفت طريقها قاصده غرفه والدتها..فهي أضعف من ان تتحمل ذلك الخصام وان يحدث شجار بين والديها بسببها
اطرقت باب الغرفه ودلفت بعدها تنظر نحو ناهد التي اشاحت وجهها بعيداً عنها
- انا اسفه ياماما
طالعتها ناهد في صمت.. الي ان اقتربت منها تجثي على ركبتيها أمامها
- انا معملتش حاجه غلط.. صدقيني عمري ما خنت ثقتك
ولكن داخلها كانت تعلم انها خانت تلك الثقه ورغماً عنها اضطرت للكذب حتى لا تحيا سعادتها المرفوضه
رمقتها ناهد للحظات فألتقطت يدها تُقبلها
- سامحيني ارجوكي.. واوعدك عمري ماهخون ثقتكم تاني
وقرار واحد كان تُقرره " انها لن ترى رسلان ثانيه ولن تُحادثه.. ستحكم على قلبها بالموت"
وقف عبدالله علي أعتاب الحجره ينظر للمشهد وقلبه يألمه على كسرتها... تلاقت عيناه بعين ناهد يهز لها رأسه آسفاً.. يخبرها بنطراته انها أصبحت قاسيه ولم تعد ترى إلا ابنتها
- خلاص ياملك امسحى دموعك.. بس اتمنى ثقتنا ليكي متخنيهاش... مش عايزه في يوم ...
بترت عبارتها بعدما زجرها عبدالله بعينيه، فمازال واقفاً يُتابع المشهد
التفت بجسدها تنظر نحو باب الغرفه.. لتجد والدها هو الاخر واقفاً فأسرعت اليه تحتضنه
كان يشعر بها ولكن لا سبيل لديه إلا الصمت.. فلو انكشفت الحقيقه لأنهدم سلام تلك الأسرة
- انا مستعده اضحي بأي حاجه في حياتي إلا أني اضحي بيكم
...........
ارتدي معطفه الطبي ينظر لهاتفه للمرة الأخيره علي امل ان تُحادثه ولكن أمله كان يتلاشى مع الوقت حتى انعدم
زفر أنفاسه بأرهاق.. لأول مره يعترف لنفسه ان الحب رغم لذته حينا تتعلق عيناك بمن تحب او ان يجمعكما مكان واحد فتنسي العالم كله.. إلا أنه يصبح مرهقاً بشدة وانت ترى نفسك في دائرة محكمة الغلق تظل تدور بها دون أن تعرف لك نهايه
- حبك متعب ياملك لكن بحبك
نطق عبارته وهو يغلق باب غرفته في المشفى خلفه، فعمله يقتضي منه التركيز وفصل حياته الشخصيه ومهما كان الأرهاق الذي يُحاوط عقله وقلبه فلابد ان يتحكم في مشاعره والآن هو الطبيب وليس الحبيب العاشق
............
لم يعد الأمر يروق للسيدة ألفت...سعادتها التي تعود بها كلما ذهبت الي مكتبه بفنجان القهوة، لهفتها في صنع اي شئ يخصه واخيراً ذلك الكتاب الذي جاءت به اليوم تخبرها ان رب عملها أعطاه لها كهدية منه وهكذا أصبحت عيناها تلتقط كل شئ في الأيام الماضيه وماكان عليها إلا المراقبة في صمت حتى تتضح لها الرؤيه.. وما خشته قد حدث الخادمه الصغيره وقعت في فتنة سيدها الوسيم العازب
اليوم كانت سعادتها لا توصف في السيد سليم أعطاها كتابً تقرأة عندما أخبرته انها تهوى القراءة... دلفت للمطبخ تُلحن بعض النغمات بشفتيها ولكن كل شئ تلاشي وهي ترى نظرات السيدة ألفت نحوها وكأنها تدرس ملامحها للمره الاخيره قبل أن تتيقن ان ما يجول بعقلها ليس مجرد شكوك
- تعالي يافتون اقعدي عايزه اتكلم معاكي
جالت عيناها بين السيدة ألفت وذلك المقعد الذي أشارت اليه، وابتلعت لعابها مُقتربه من المقعد تجلس عليه
- هو انا عملت حاجه يامدام ألفت
رمقتها السيدة ألفت في صمت لدقائق مما زاد حيرتها
- تفتكري يافتون انا ممكن اتكلم معاكي في ايه
ازدادت ربكتها خوفاً تنظر اليها بترقب، جلست السيدة ألفت هي الأخرى فوق المقعد الاخر وقد استرخت ملامحها مما أعاد اليها الطمئنينه وتلاشي خوفها قليلاً
- انا متأكده انك اتظلمتي في حياتك يافتون غير صغر سنك ويمكن ده اللي خلاني اتكلم معاكي
توجست خشية مما هو قادم فشحبت ملامحها المرهقة
- السيد عمره ما بيشوف الخدامه إلا خدامه يابنتي
نظرت إليها في حيرة مما جعل السيدة ألفت تُدرك انها لم تستعب حديثها
- سليم بيه كل اللي بيعملوا معاكي ده عطف وعمره ما هيشوفك غير انك خدامه.. ده غير انك متجوزه
صفعتها كلمات السيدة ألفت في مقتل.. هي لا تريد من سيدها إلا تلك الكلمه العابرة التي ادمجتها في عباراتها.. هي لا تريد إلا
" عطفه "
- فوقي يافتون قبل ما تروحي لطريق انتي مش اده .. طريق نهايته الضياع
جف الكلام بحلقها تنظر نحو السيدة ألفت بضياع
- انا..
- انا فاهمه اللي بتمري بي كويس يافتون... عشان كده بفوقك من أحلامك.... اوعي تبصي لعالم انتي فيه مش مرئيه.. يافتون انتي ولا حاجه في العالم ده
تفرست السيدة ألفت في ملامحها لتُدرك انها أصابت هدفها، تعلم أن كلماتها قاسية إلا انها شعرت بالراحه فنظرة الخواء والأمل الذي انطفئ في عينيها هذا ما ارادته
غادرت السيدة ألفت المطبخ فأرتكزت عيناها نحو المقعد الفارغ وكلمات السيدة ألفت يتردد صداها في أذنيها
............
بكت في حضن السيدة إحسان وكلمات السيدة ألفت تدمي فؤادها... حضنتها السيدة إحسان بقوه الي ان هدأت وابتعدت عن دفئ ذراعيها تمسح دموعها بأكمامها تسألها بعينيها ان لا تكون بالفعل صارت كما وصفتها السيدة ألفت
- اسمعيني يابنتي.. وركزي في كلامي وعلي رأي المثل يابخت من بكاني وبكي عليا ولا ضحكني وضحك الناس عليا
وصمتت السيدة إحسان حتى تستجمع باقية حديثها وتكون لينة القول معها
- الست ألفت مشكوره انها لفتت نظرك رغم ان كلامها كان قاسي عليكي... لكن يابنتي الناس هما اللي بيشوفوا افعالنا والانبهار اللي بقيت اشوفه في عينك يابنتي بقى يأكدلي انك بدأتي فعلا تحسي بمشاعر مينفعش تحسيها انتي زوجه يافتون في الأول والآخر.. ده غير يابنتي يوم ما البيه بيبص للخدامه بيبص ليها في سكه مش بتاعتنا يابنتي ولا انتي مش بتخافي ربنا يافتون
أسرعت في قولها وقد تلاشي باقي الحديث مؤقتاً تُركز في تلك العباره.. فكيف لا تخاف الله
- بخاف ربنا ياماما
احتوت السيدة إحسان كفوفها بين كفيها مبتسمه
- طيب يابنتي مدام بنعمل حساب ربنا يبقى لازم نطبق كلامه...القلب بيفتن صاحبه يابنتي
- بس انا بحب سليم بيه لانه انقذني من حسن في المزرعه.. انا بشوفه بطل
طالعتها السيدة إحسان بأشفاق فالصغيرة ترى رب عملها بطلها المنقذ.. دعت داخلها علي حسن فهو السبب في كل ما تعيشه
- مافيش بطل غير في الحكايات يافتون
- بس سليم بيه بطل.. اداني حتى كتاب اقراه لما عرف اني بحب القرايه.. ده حتى يوم ما اتهمني اني سرقت جيه البيت وانقذني من حسن
لتتذكر حرق ساقها الذي لم تريه للسيدة إحسان حتى لا تزيدها حزناً.. رفعت طرف فستانها البسيط تريها الحرق فشهقت السيدة إحسان وهي تتحسسه
- البعيد عمل فيكي كده
اماءت برأسها تتذكر ذلك اليوم وكم عاشت فيه من آلم
- منك لله ياحسن... منك لله ياابن تفيدة
وطالت النظر إليها تلتقط أنفاسها الهادرة
- اسمعيني يافتون كويس.. كل اللي بيعمله البيه معاكي عطف ويشكر على ده يابنتي.. لكن لو حس للحظه انك عايزه اكتر من كده منه هيكون في مقابل لازم تديهوله
ولم يكن على عقلها الصغير وحياتها البسيطه ان تُصدق ان المقابل هو "جسدها"
..........
دلفت للشقة شارده في كل ما سمعته.. ولم تكد تخلع حذائها إلا وجدت يد حسن تجذبها بقسوه بعيدا عن باب الشقه يدفعها نحو الاريكة بكل قوته
- بتشتكي للبيه تقوليله حسن بيضربني... بقى ليكي لسان يافتون
فاقت من دوامة أفكارها تُطالعه وهي لا تفهم شئ.. صفعها بقوة وقد جرح خاتمه خدها
- وماله لما اضربك مش مراتي.. يروح يتشطر علي اخو الست اللي كان متجوزها وبعت رجالته يضربوه
تركها على حالها منكمشة تخفي وجهها بكفيها... حسن عالمها المظلم وسليم هو العالم الذي ترى فيه النور
داعب النعاس جفنيها وفي النهاية كانت تسقط في عالم سليم النجار
..........
لم تكف عيني السيدة ألفت عن رصد خطواتها وحركة عيناها نحوه..ورغم انها نفذت تعليماتها في الانصراف من أمامه فور ان تضع له فطوره او قهوته إلا أن نظرت عيناها لم تتغير
طالعتها فتون خشية.. فتحديق السيدة ألفت بها كان بائن مما زادها ربكةً
- انا عملت حاجه غلط يامدام ألفت
اشاحت ألفت عيناها بعيداً عنها تنظر إلى الطعام الذي تُقلبه
- شوفي شغلك يافتون
عادت الي عملها تقشر حبات البصل بتوتر تنظر نحو السيدة ألفت
- انا بعمل كل اللي قولتيلي عليه
رمقتها السيدة ألفت بطرف عينيها.. فابتلعت لعابها تطرق عيناها نحو حبة البصل
- قولتلك شوفي شغلك يافتون
تعلقت عيناها بحبة البصل تقطعها ومن حيناً الي اخر كانت تُعاود النظر للسيدة ألفت
كانت السيدة ألفت تشعر بنظراتها المصوبه نحوها فأشفقت عليها تلوم نفسها فهي من اقترحت وجودها هنا وقد حذرها رب عملها من الأمر منذ البداية
...........
تجمدت ملامح كاميليا تنظر للهاتف وابنتها غير مصدقه ان تلك الرحله التي أصرت على ذهابها مع شقيقها كان في غرض في نفس ابنتها.. إنها منذ أن عاد رسلان تخبرها لما لا تكون ملك هي العروس لما لا تراها ضمن الفتيات اللاتي يقعن الاختيار عليهن
- ماما هاتي التليفون
- بلا ماما بلا زفت.. بتلعبي من ورايا يامياده
قلبت في الصور واحده وراء الأخرى تنظر إلى تلك السعاده التي تشع من عين ابنها
- قربتي ملك من اخوكي...
- ملك بتحب رسلان ياماما.. انتي ليه مش عايزه ملك لرسلان
أرادت ان تصرخ بالحقيقه ولكنها تعلم تماما ان مياده لا تخفي شيئاً وستهدم كل ما تنسوه مع الزمن
- قولتلك مليون مره انا اه بحب ملك بس مش زوجه لاخوكي.. سامعه
وتعلقت عيناها بالصور للمره الاخيره وعيناها لا تحيد عن سعاده ابنها
" قولتلك ملك لا يارسلان" لتتذكر نظراته نحو ملك عندما كان صغيراً وماخافت منه يوماً قد حدث
بعثت الصور لهاتفها تحت نظرات ميادة المصعوقه
- ماما انتي بتعملي ايه
زجرتها كاميليا بعينيها.. فتراجعت تفرك يديها خشية مما ستفعله والدتها
اعطتها الهاتف وانصرفت تطرق الأرض بكعب حذائها تُفكر في مستقبل زوجها وأولادها ومستقبلها هي الأخرى
فهل ستجعل ملك اللقيطه زوجه لأبنها؟
.........
استمع إليها سليم بإنصات وهي تسرد له كل مخاوفها.. فتون منبهره به وربما تكون احبته ماهذا الذي يسمعه
- أنتي بتقولي ايه يامدام ألفت... فتون مش معقول
واردف بعدما ترك الأوراق التي كانت بين يديه يدرسها
- البنت غلبانه.. مش ده كان سبب اقتراحك ليها يامدام ألفت
- ماهي عشان غلبانه ياسليم بيه انا خايفه عليها... انت مش بتشوف نظرتها ليك
اطرقت عيناها حتى لا تسترسل بالكثير فتسأل مستفهماً
- نظرتها ليا...مدام ألفت ارفعي وشك وكملي كلامك
- ياسليم بيه فتون مفتونه بيك..انا مبسمعاش تتكلم عن حسن جوزها اد ما بتتكلم عنك
ضحك وهو لا يُصدق مايسمعه من مدبرة منزله صاحبة الحنكه
- لا لا.. انتي اكيد بتتوهمي ده
- صدقني ياسليم بيه.. ويمكن كمان تكون حبتك
قوس ما بين حاجبيه يعيد على عقله ما سمعه للتو ولكن سرعان ما نفض ذلك من رأسه
- بكره اخر يوم ليا هنا ياسليم بيه... انا ممكن اكلم واحده معرفه ليا وسنها مقارب لسني تيجي تخدم هنا بدالي
واردفت وهي تنظر في عينيه بأخر شئ أرادت قوله
- من غير ما أتدخل في قرارك انا شايفه ان فتون لازم تمشي
من هنا
