أخر الاخبار

رواية ملاذي وقسوتي الفصل الثالث والعشرون23بقلم دهب عطيه


رواية ملاذي وقسوتي

 الثالث والعشرون

بقلم دهب عطية

يركض على ظهر الخيل الخاص به بكلِ قوته 

مزال غير مدرك ماحدث وماسيحدث في لأيام 

القادمة يجب ان يحمي طفله منها ومن انانيتها 

من كذبتها وفعلتها وحرمانه من طفل بسبب 

انه غير مرغوب به بسبب قلبها العاشق للماضي 

وبطل الماضي المشئوم (حسن) ليس حسن المشئوم  بل الماضي والمستقبل الاكثر شُئماً 

والذي جمعهم مع بعضهم برابط زواج انتهى بعشق اسود ولعنة العشق الأسود تطارد قلبه ليصبح هو فقط المسحور بعشقها لا هي....... 


زفر بضيق وهو يقف بجانب شجرةٍ ما ويستند على جذعها بتعب نظر الى الخيل ذات ألون الأسود 

الخيل العنيد مثله ولذي مزال حُر لم يشتبك 

به ضياع القلب مثله....... 


"تعرف انك تطلعت أجدع مني...... لسه حُر ومصمم تكون حُر......"


اخرج الخيل صهيل هداء وكأنه يرد عليه ولكن بهدوء مثل الثلج...... 


أقترب سالم منه ليضع رأسه فوق رأس هذا الخيل 

الاسود.... قائلاً بالم حقيقي.... 

"انا لسه بحبها.... وفرحان اوي ان هشيل حته مني ومنها...... بس انا مبقتش قادر أصدقها الثقه اللي جوايه ليها اتبخرت اتبخرت بعد الى عرفته.... تعرف اني بقيت ضايع وخايف بسببها بسبب أنها خدت مكان  جوايه مكان مش مكانها مكان مكنش لازم يتفتح لاي واحده من جنس حوا عشان كلهم كدبين كدبين..... "


صهيل آخر هداء بارد من هذا الخيل الأقرب دوماً 

لسالم ....


اغمض سالم عيناه وهو يرد عليه بصدق

"مش مظلومه.... هي اعترفت.... مش مظلومه 

انا لازم ادفعها تمن كلمة بحبك الى قالتها ليه كدب ...ولازم ارد كرامتي و رجولتي الى داست عليهم لم رفضت تكون ام الابني وحرمتني من ده 

بمنتهى الانانيه عشان خاطر ذكريتها مع 

حسن ..... "


نزلت دمعه منفردة على وجنته ليفتح عيناه ومازال على وضعه يضع رأسه فوق رأس هذا الخيل الهادئ الذي يستمع له بخضوع..... 


هتف سالم بعذاب عاشق .... 

"تفتكر هقدر اعذبها وانا....... وانا لسه بحبها.... "


فلاش بااك..... 


قال سالم بملل الى حسن شقيقه.... 

"انا نفسي افهم البنت دي عملت فيك إيه يعني عشان تخليك مصمم عليها اوي كده.... "


رد حسن بنبرة عاشق.... 

"عملت كتير ياسالم حياة دي مش زي اي بنت دي 

عامله كده زي الحياه اول متشوفها وتعيش معها تدمنها وتخاف ياخدك عزرائيل منها.... حياة إدمان عشق كده زي السحر شابك فيك ومصمم تفضل 

مسحور بيه..... "


أبتعدا عن الخيل بحدة وتحول مفاجئ وهو يتذكر 

حديث حسن ووصفه لها قبل ان يتزوجها....... 


خبط بيده  على جذع الشجرة بغضب مجنون... 

وهو يجز على أسنانه قائلاً بفحيح شيطاني .. 

"هكرها وهخليها تكره حروف اسمي بسبب اللي 

هتشوفو على ايدي...... مش هرحمها ولا هرحم 

قلبي الى عرف الحب على اديها.... "

........................................................

يعني هتفضلي سكته كده ياحياة كتير

ردي عليه يابنتي في حاجه بينك وبين سالم... "

سائلة راضية سؤالها العشرون والذي تكرر مرارٍ وتكراراً وحياة كان ردها الطبيعي دموع 

فقط دموع تنحدر على وجنتيها بتسارع 

لتلاحق بها آخره طوال هذان الساعتان ....


ربتت عليها راضية بحنان وهي تقول 

"احكيلي ياحياه مالك..... قولي بس اي حاجه 

وصدقيني لو سالم هو الى غلطان هخليه 

يجي لحد عندك يرضيكي ويوعدك أنه مش هيزعلك تاني....... ولو انتِ الغلطانه هنحلها مع بعض وصدقيني سالم طيب وابن حلال وبأقل كلمه

بيروق وبينسى...... "


نزلت دموع حياة اكتر مع حديث راضية التي كانت 

تظن انها بهذا الحديث سترسل لها الأمان للتحدث معها في لامر الذي يخصها هي وسالم.... ولكن حديثها فتح جرح قلبها أكثر سالم لن يسامح....

ولكن قلبها رد عليها بيقين... 

( بأن خبر حملك اتى في الوقت المناسب 

سيعلم وسيتاكد انكِ لم تكذبي عليه حين اعترفتي  

له ِانكِ توقفتي عن اخذ تلك الاقراص منذ شهور .. ) 


"يارب... "همست داخلها بعذاب حقيقي وهي تتمنى أن يمر هذا الجرح عاجلاً من أمامهم....

لن تتحمل ذكرى سيئة منه لن تتحمل بالبعد عنه وجفاء  وجمود قلبه عليها لن تتحمل تغير سالم حبيبها لن تتحمل ولن تقدر على تحمل كسر قلبها على يداه.........


همست داخلها بوجع وجسد ينتفض.... 

"يارب أصلح حالنا.... انا عارفه اني غلط لم اخدت حبوب منع الحمل من ورآه بس انت عارف يارب اني بطلتها من شهور ونويت وقتها ابدا معاه من جديد يارب انا خايفه اوي وعايزاك تقف جمبي مش عايزه اخسر سالم ولا عايزه اخسر حبي 

ليه..... "

ارتجف جسدها بوجع وضعف تحت أنظار راضية التي لا تفهم ولا تعلم شيئاً عم يحدث حولها.... 


"بسم الله الرحمن الرحيم..... تعالي ياحبيبتي في 

حضني تعالي وكفايه عياط.... "


رمت حياة جسدها في أحضان راضية وهي تشهق 

بصوتٍ عالٍ.....هداتها راضية بحنان قائلة.... 

"بس ياحبيبتي ان شاء الله كل حاجه هتصلح... 

اهدي يابنتي اهدي وكفايه عياط....." 


بعد ثلاث ساعات......تركت راضية حياة نائمة 

وذهبت الى غرفتها حتى تقضي صلاة الفجر.... 


"دخل سالم البيت ومنه على غرفتهم.... 


أشعل نور الغرفة.... لينظر الى الفراش ليجدها نائمة عليه او تتصنع النوم هذا ما اكتشفه وهو يتطلع عليها يرتجف جسدها رجفة خفية ولكن واضحة أمام عيناه رمش عينيها الكثيفة يتحرك ببطء وتوتر..... 


أبتسم على تمثيلها الذي نتيجته امام عيناه (فاشلة) ........


دخل الى الحمام  ليخلع ملابسه ويقف تحت صنبور المياه............ 


فتحت عيناها ودموع تنزل منها بل توقف قلبها يرتجف خوفاً من القادم......(ماذا ينتظرك )

السؤال يتكرر داخلها بإصرار (ماذا ينتظرك ياحياة)

وللاسف الاجابة معدومة داخلها ولكن السؤال 

يلاحق ذهنها بإصرار .......سمعت صنبور المياه يغلق ...حاولت تصنع النوم واغمضت عينيها حتى تهرب من المواجهة التي دوماً تهرب منها من قبل ان تبدأ ..... 


خرج من الحمام وهو يرتدي بنطال قطني عاري 

الصدر تتساقط قطرات الماء من شعره على كتفه 

وصدره العريض...... أشعل سجارته وهو يجلس 

على مقعد امام الفراش الذي نائمة عليه او تتصنع النوم عليه ! ...... كان المقعد بعيداً نسبياً 

عن الفراش ولكن مقابل له.......


نظر لها بسخرية وأخرج الدخان الرمادي الناعم 

من فمه ليقول بصوت مثل لوحة الثلج....

"لازم نتكلم يامدام حياه.....وكفايه نوم لحد

كده.. "


نفث سجارته مره آخره وهو يرآها تجلس بهدوء 

وتمسح دموعها بانكسار خفي ولكن لم يكن خفي 

ابداً عن عينا سالم الذي يتابع حركتها ببرود

كاثلج.....


"هتتكلم في إيه....."سالته وهي تسلب جفنيها ناظرة الى يديه الذي تقبض بهم على شرشفت الفراش بارتباك  وتوتر من القادم......


نفض سجارته في المنفضة ورفعها على فمها من من جديد وهو يرد عليها بصوتٍ خالي من المشاعر.....

"هتكلم عن ابني.....الى في بطنك...."


ابتسمت ساخرة من تلميحة....

"الى في بطني.....يعني معترف انه مش ابنك لوحدك وابني انا كمان......"


"لاء هو ابني انا .....حمزه و ورد من دم عيلة رافت شاهين......وانتِ لا تملكي فيهم شيء"


احتدت عيناها ولن تعلق على هذا الاسم الذي

نطقه(حمزه)ولكن التعليق الشائك هنا 

(لا تملكي فيهم شيء !)..... 


نهضت وهي تقف أمامه وتهتف بصدمة... 

"معنى إيه كلامك ده انت هتحرمني من ولادي.. 

هتحرمني منهم..... "


مزال يجلس على المقعد وينفث سجارته ببرود

ناظراً لها من أعلى راسها الى أسفل قدميها

وهو يرد بجمود..... 

"شكلك مش سمعاني كويس يامدام حياة دول 

ولادي من دم ومن عصب عيلة رافت شاهين 

ورد بنت حسن اخويه وانا في مقام أبوها 

وللي في بطنك ده ان كان ولد او بنت 

فهو من صلبي انا ....وانا أولى بيه.... "


هتفت بضياع.... 

"يعني إيه.... "


رد عليها وهو يرمقه بنظرة مشتعلة بالقسوة.... 

"يعني اول متخلفي هتتنزلي عن ورد والى في

بطنك ليه.... وفالمقابل هضيف ليكِ رصيد 

في البنك وشقه وعربيه في المكان الى تختاري تعيشي فيه.......يعني بالعربيه تمن تنزلك عن عيالك

فلوس وشقه وعربيه.... هتاخدي الى تطلبيه.. "


صرخت بجنون امام وجهه ....

"مستحيل اتنزل عن عيالي ياسالم مستحيل...

انت بتحلم.... "


وقف أمامها وهو يرد عليها ببرود.... 

"سالم شاهين مش بيعرف يحلم ياحضريه سالم شاهين بيحقق بيحقق وبس..... وااه نسيت اقولك 

عيب اوي تقفي ادامي وصوتك يعلى عليه..... "

صفعها على وجهها بقوة وقعت آثارها على الأرض 

لتتحول حياة من المنكسرة الخائفة من ضياع 

حبها وحبيبها...... الى الأم التي لن يفرق معها شيئاً  في تلك الحياة الا أحضان أولادها و وجودهم معها.... 


هتفت بتحدي أمام عيناه السوداء القاتمة.... 

"هموت اي حاجه مبينا ياسالم هنزله هنزل الى في 

بطني وهطلقني وهاخد بنتي ونبعد عنك وتنساني

وتنسى ورد نهائي .... "


نزل لمستواها ومسك شعرها بين قبضة يده واشتعلة عيناه بسواد مخيف بعد تصريحها الذي

اكد  له صحة أفكاره عنها .... قال بفحيح كالافعى 

"انا اقدر احمي ابني منك وانتِ عارفه كده كويس اوي .... وموضوع بقه الطلاق ده فبلاش تستعجلي فيه لاني هطلقك اول ممسك ابني بين ايدي..... 

موضوع انساكِ ده مفروغ منه لاني مش بس نسيتك دا انا كرهتك كمان...... ام ورد فى دي بنت اخويه من صلب اخويه وانا الواحيد الى أولى بيها منك..... "قرب رأسها اكثر إليها وهو يقول ببرود.... 

"وبعدين انتِ متمسكه بى الى في بطنك ليه قدري 

أنه مجاش من الأساس مش انتِ كنتِ عايزه كده 

بس حكمت ربنا وإردته كانت اقوى من انانيتك 

والحبوب اللي بتاخديها من ورايا وللأسف بقيتي حامل وشيله ابني جواكي .... "


نظر لها مره آخره ببرود وهو يتابع جمود حديثه 

قائلاً...... 

"صدقيني انا كمان كاره فكرت اني هكون أب من ابن انتِ هتكوني أمه..... لكن انا هصلح الغلطه ديه قريب اوي.... "


رفعت عينيها الحمراء وهي تهتف بصعوبة... 

"غلطه.... حبك ليه كان غلطه...."


اغمض عيناه بقوة من اثار رعشت جسده وقلبه من اثار ملامحها المجهدة والحزينة بسبب قسوة حديثه...


ابتسمت حياة بمرارة وهي تراه يجاهد لتمسك امامها بقناع القسوة ولجمود.....

قالت بسخرية وهي تطلع عليه....

"انا من رايي لازم تكمل مسرحيتك لازم تقنعني اكتر انك بجد بتكرهني وكاره وجود طفل مبينا كمل انا هحاول اصدقك....."


فتح عيناه وهو يحاول الامساك بقناع القسوة وهو يرد عليها بجفاء...

"انا مبعرفش اعمل مسرحيات ياحضريه ...انتِ هنا اكتر واحده بتعرف تالف وتمثل وتقنع الى ادمها بارخص تاليف....."


نهض وابتعد عنها .....ابتسمت بحزنٍ وهي تقترب

منه وتقف امامه قائلة بإصرار ودموع في عينيها 

تهبط بغزارة ...

"انت ضعيف وكداب .....انت لسه بتحبني انت مش هتقدر تبعدني عنك ....انت ضعيف ياسالم ضعيف وبتحبني.....لسه بتحبني"


مسك وجهها بين يديه في لحظة...وقربها من وجهه ليلصق جبهته في جبهتها وشفتاه تلامس شفتيها بعذاب اجساد خائنة ....رد عليها بوجع....

"انا مش بحبك انا بكرهك......... بكرهك....."


نزلت دموعها وهي ترد عليه بإصرار...

"كداب ياسالم.....انت لسه بتحبني انت نفسك 

تقولي انك فرحان اني حامل فى  ابنك  عايز 

تقولي انك مبسوط اني ام ابنك ان في طفل 

مبينا "


"كدب......... كدب ياحياه ....."


نزلت دموعها وهي تهتف بإصرار....

"مش كدب ياسالم انت مش عارف تمثل مش عارف تمثل عليه....عينك وقلبك فضحين كدبك 

وتمثيلك......"


قرب شفتاه اكثر من شفتيها وهو يرد عليها بعذاب 

"انا لسه بحبك لسه بحبك .....بس لازم اكرهك 

لازم انساكي ياحياه مش قادر خلاص....."


قبُلها نعم قبُلها قبُلتهم كانَ يمتذج معها الألام ولاوجاع قبُله لا تدل على شوق او شهوة ، قبُله تدل على انهيار القلوب بعذاب عقول مريضة وشياطين مصرة على هدم الحب والثقة يالله كم أن الحب والعذاب بلاء قلوب عاشقة وإذا اجتمعُ معاً دمرُ اصحابها ودمرُ ماتبقى من الحب.... 


ابتعدا عن شفتيها ولكن لم تبتعد اجسادهم عن بعضها مزال سالم يلصق جبهته في جبهتها 

مزالت يداه تطوق خصرها بامتلاك ضائع..... 

كان يلهث بصوتٍ مسموع وهي كذالك....


رمقها بنظره هادئه بدلته هي النظره بدموع 

تنزل حزنٍ عليه بسبب فعلتها المشئومة التي

فتحت الماضي عليهم ....ظن انه غير مرغوب به وانها خدعته حين اعترفت بحبها له ! هي تعلم ان الشياطين تلاحق حياتهم وذكريات سالم عن 

الماضي يثبت ظنه بها كالوشم... مهم قالت هو يظن انها لم تحبه يوماً...... المشكلة ليست وجود 

طفلاً ام لا..... المشكلة الحقيقية ان الماضي 

يلاحقهم أينما ارادُ الهروب منه يلاحقهم 

ليدمر عشق خُلق داخلهم بدون حسابات 

منهم ! ...


هتف سالم بضياع  وعذاب لها .... 

"عايز انساكي ياحياة... لازم انساكي وكرهك.."


اغمضت عينيها بعذاب وهي ترد عليه بفتور 

لا يناسب هذا المكان الواقفه به.... 

"حاضر..... "


لتحاول الابتعاد عنه..... 

"رايحه فين....... "


عضت على شفتيها وهي تقول بحزن ودموع تنزل.. 

"لازم ابعد عنك كده احسن ليك وليه..... "


مرر يداه على وجنتيها ومسح دموعها باطراف أصابعه وهو يقول بصوت حاني ولكن صوته كان مرهق يحارب الثبات جسداً وعقلاً.....

"ابعدي ياحياة...بس بطلي عياط عشان انا مش بحب اشوف دموعك........ "


لم تعقب على حديثه الحاني المتقلب لكن اكتفت بابتسامة حزينة شاردة ....

(سيظل الانفصام وتقلب جزء من حياتهم !) 


استلقى على الفراش بتعب غطت جسده بشرشفة 

واغلقت الأنوار وكادت ان تخرج.... لكن اتاها صوته  المتعب قائلاً..... 

"رايحه فين..... "


نظرت له وردت بهدوء..... 

"هروح انام جمب ورد....... "


"لاء تعالي نامي على السرير عشان محدش من اللي في البيت يلاحظ حاجه ....."امرها بثبات وهو يضع الوسادة على رأسه..... تنهدت وهي تخلع تلك العباءة وتستلقي على الفراش من الناحية الآخره 

وهي تغمض عيناها بتعب وارهاق من كل شيء مر

عليها وكل شيء يستقبله خيالها بخوف.... 


اغمضت عينيها وهي تتذكر جملته الحارقة لروحها 

وقلبها معاً... 

(عايز انساكي ياحياه.... لازم انساكي وكرهَك..)


هتفت داخلها وهي تنظر اليه في ظلام الكاحل 

"مش هتقدر تنساني ولا تكرهني غير لم ابعد 

عنك خالص ياسالم.... بيقولوه  البعيد 

عن العين بعيد عن القلب.... وانا اكيد 

لو بعِدت هتنساني.... "وضعت يداها على 

معدتها قائلة بوجع.... 

"واكيد هتكرهني لو اخدتهم وبعدت عنك... "

نظرت له مره آخره في ظلام الدامس... 

وهمست داخلها بضياع....

"اكيد مش هتقدر تسامحني.... بس لازم تفهم ان دول اكتر حاجه هتصبرني على فراقك....... "


"اكيد هتكرهني وتنساني وبعدها هتكمل حياتك 

عادي...... "نزلت دموعها بقهر على إحساس اليتم 

الذي ستتذوقه من جديد.... 


العلاقة بينهم اصبحت يشوبها الهواجس ويجتاحها 

الماضي بشيطانه بدون رحمة....ولا احد منهم قادر على تخطي الإختبار...... هي تريد الهروب.... وهو يريد نسيان عشقه لها...... ولا احد يحارب لأجل 

عشقهم الصادق...... لتصبح القصة عبارة عن 

ملاذ وقسوة..... العشق ملاذ... والقسوة الماضي

بشيطانه..... وااهات من عذاب حب دُمرَ قلوبنا  !!! ..

..................................................................


بعد مرور أسبوع.... لم يتغير شيء بينهم بالعكس 

أصبح البعد والجفاء محور حياتهم.... وقلة المعاملة

ولحديث بينهم أصبح واضح امام كلاً من في البيت 


على سفرة الغداء..... 


جلست راضية وهي تهتف بابتسامة حنونة.... 

"اخيرا سالم هياكل معانا...... "


أبتسم سالم بهدوء........ كانت ملامحه متعبة 

ولحيته غير حليقة .... عيناه قاسية باردة 

وجهه قاتم ألون حزنٍ وضياع بسبب البعد عنها

وحتى ان كأنُ يتشاركون الفراش سواين 

مزالت قلوبهم واجسادهم يشوبها الفراق ،وشوق اجتاحهم بدون رحمة !...... 


نهض سالم وهو يمسك هاتفه في يده.... 

"طب عن اذنك ياحنيي.... هعمل مكالمه مهمه 

وراجع....."


اومات له راضية وهي تقول بحنان... 

"طب ياحبيبي بس بلاش تتأخر ....زمان ورد وحياه نزلين دلوقتي.... "


اومأ لها وهو يخرج ....ليقف في صالة البيت الكبيرة يولي ظهره لدرج البيت المؤدي الى غرف النوم... 


نزلت على الدرج ويداها بيد ورد ابنتها..... 


"بابا..... "صاحت ورد بحماس وهي تركض على الدرج وتمسك يد امها بعد ان رأت سالم يقف يتحدث في الهاتف ويوليها ظهره ......


استدار اليهم سالم بعد ان اغلق الهاتف ناظراً لهم .... لكن كانت عيناه تلتهم وجه ملاذ الحياة) كانت ترتدي عباءة محتشمة وحجاب يلتف بإتقان حول رأسها.... 

وجهها الشاحب وجسدها برغم من أنه يختفي 

داخل تلك العباءة الا أنها فاقدة لوزنها واضح 

هذا جداً من تقسمات وجهها..... 


حرك وجهه لناحية الآخرة وهو يزفر بضيق من 

أهملها لنفسها ولإهمال ليس عاد عليها فقط بل 

عاد على هذا الطفل الذي سياخذ نصيب من 

أهملها حتماً !!......


رجع بنظره لها حين سمع صراخها وهي تزمجر في 

ابنتها..... 

"ورد بلاش جري كده على سلالم... هقع.... ااااه.. "


تركتها ورد وركضت على اخر درج سلالم.... 


وبدون ان تلاحظ حياة وضعت قدميها على اطراف

عبائتها لتتعثر في النزول وتكاد أن تقع..... 

"ااااه سالم..... "هتفت باسمه تلقائياً..... 


وقبل ان يستقبلها درج السلم الصلب...كانت 

يد سالم تحاوط خصرها بقوة في اخر لحظة..... 


رفعت عينيها إليه.... نظر سالم لها بقلق ليمرر يده على وجهها قائلاً بحنان.... 

"حياه انتِ كويسه في حاجه وجعتك.... "


هزت رأسها بي( لا) .... ولم تدرك  نفسها وهي

تتأوه بخفوت........ وعينيها تتشربان رجولته التي 

اشتاقت لكل ملمحٍ منها...... 


"وحشتني...... "همست بخفوت بها أمام وجهه .... 


أغمض عيناه بعذاب من كلمتها الكفيلة بحرق قلبه 

العاشق لها وهدم رجولته الراغبة للحظةٍ حميمية معها..... ولكن أبتعد عنها بجفاء ولبس قناع القسوة البارد قائلا بجمود.... 

"حاولي تاخدي بالك اكتر وانتِ ماشيه..... حافظي على الأمانه الى تخصني.... لانه لو جرا ليها حاجه 

هتدفعي تمن اهمالك غالي..... "


ابتعد عنها وحمل ورد وهو يقول بحنان.... 

"حبيب بابا عامل إيه بقه.... "


ردت عليه ورد بتزمر طفلة..... 

"الحمدلله يابابا وحشتني اوي .... بس انت لي دايماً بترجع متاخر من الشغل انا مش بلحق أشوفك عشان بنام بدري....."


"هحاول ارجع بدري عشان خاطر عيون ورد

الجوري.... "


أبتعد عن حياة وهو يدلف الى غرفة السفرة... 


اغمضت عيناها بتعب وانسابت دمعتان ثقيلتان من 

عينيها على وجنتيها ببطء.. جلست على درج السلم..... وهي تنظر الى شيء وهمي..

وداخلها تهمس بضياع... 

"شكلنا عمرنا ماهنرجع.....ولا هننسى "


...........................................................

"عمل إيه المحامي مع وليد ياخيرية.... "

قال بكر حديثه وهو يستلقي على الفراش بتعب 

"لسه الحكم النهائي للقضيته كمان شهر ادعيله 

المحامي مش مطمن بسبب المسجل الى في اعتراف وليد بقتل حسن... "


مسك بكر قلبه وهو ينزعه الموت نزعن...... 

"انا تعبان اوي ياخيرية انا حاسس اني خلاص نهايتي قربت...... "


اقتربت منه خيرية بقلق قائلة ...

"مالك يابو وليد...... انت هتقلقني عليك ليه إن شاء الله خير الدكتور قال الضغط واطي بس مش

اكتر خد العلاج وان شاء الله هتبقى بخير.... "


مسك قلبه وهو يوصيها بتعب ووجه شاحب من قلة الهواء الذي إنسحب من أمامه فجأه..... 

"قولي لامي تسامحني ياخيرية قوليلها

تسامحني....."

انسحبت الروح لخالقها ...

(كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال ولاكرام ) 

"بـكـر .....بـكـر .....ابـو ولـيـد رد عليه..... بــــكــــر ... "

صرخة في أرجاء البيت لتدوي الصرخة النجع باكمله 


............................................................

وضع قطعة كبيرة من اللحم  في الطبق أمامها وبعضاً من الأرز وشربة الساخنة وهو ينظر لها 

قائلاً بأمر 

"ياريت تخلصي الأكل ده كله..... "


قالت بصدمة يشوبها الاعتراض ...

"بس ده كتير أوي..... "


ضاحكة راضية وهي ترد على حياة بمزاح... 

"المفروض يملى الطبق مرتين تلاته.... "


فغرت حياة شفتيها وهي تهمس بصدمة

"مش لدرجه دي ياماما راضية..... انا مش هقدر اخلص الطبق ده أصلن...... "


وضع سالم معلقة الارز امام فم ورد قال بحنان

"افتحي بؤق ياورد الجوري.... "


"انت اللي  هتاكلني يابابا.... "سائلة الصغيرة وهي 

تلتهم مابالملعقة... 


رد عليها سالم بنبرة ذات معنى... 

ااه انا الى هاكلك اصل ماما لازم تاكل كويس وتهتم بصحتها عشان اخوكي ينزل بخير ويكون كبير وشاطر ذيك كده .. "


هتفت ورد بحماس.... 

وعنده عضلات زيك.... صح ياريت يابابا يطلع شبهك هحبه اكتر..... "


أبتسم لها بحنان وهو يكتفي بايماءة بسيطة... 

ليحول انظاره على حياة التي تاكل بهدوء وعيناها 

غامت بضياع.... 


مالى عليها وهو يهمس بأمر قاسي.... 

"خلصي طبقك يامدام حياة.... وياريت تهتمي

بنفسك اكتر من كده.... وزي ماقولت قبل كده 

اهمالك في ابني هتدفعي تمنه لو جراله اي 

حاجه..... "


بلعت مابي حلقها وهي ترد عليه بسخط وبنفس الهمس قالت .... 

"متقلقش هاكل عشان ابنك ينزل سليم... "


همس سالم بامر يشوبه القلق عليها ...

وخدي الأدوية بتاعتك بإنتظام.... عشان ميحصلش مضاعفة في جسمك ..... "


رفعت عينيها عليه بدهشة.... 


"انا بقول كده عشان ابني يفضل بخير... "

ابعد رأسه عنها وهو يتناول الطعام ويطعم ورد

التي تجلس بجانبه من الناحية الآخرة...... 


أبتسمت حياة بسعادة طفيفة داخل قلبها..... 

(عشق سالم لحياة لن ينتهي مهم حدث !) 


اليوم التاني صباحاً ...... 


نزلت دموع راضية وهي تمسك عكازها.... 


"ادعيه ليه برحمه يامي.... "هتف رافت بتلك الجملة وهو يربت على كتف والدته راضية بحزن 

على ماوصل به شقيقه ليموت بكر وهو يحمل

ذنوب ثقيلة على ظهره .... 


مسحت وجهه المجعد بمنديل ورقي وهي ترد عليه بحزن..... 

"مش مصدقه اني راحه ادفن ابني وهحضر عزاه "


"ربنا يرحمه ياحنيي.... "نزل سالم من على الدرج 

بهيبته المعتادة وكان يرتدي عباءة بيضاء مهندم نفسه بجذبية يتميز دوماً بها... وكان يمسك مفتاح سيارته في يده...... 


نظرت له راضية بصدمة.... 

"أنت رايح فين ياسالم..... "


رد عليها بفتور.... 

هروح اوصلكم وهحضر الدفنه وقف في عزا عمي 

وابوي كمان معانا...... "


قالت راضية باعتراض... 

"لاء ياسالم بلاش انا عارفه انك ف... "


"مشكلتي انا ووليد هيحلها القانون.... ومشكلتي 

مع عمي زمان لازم انسها انا والحاج رافت لان

بكر شاهين بقه من الأموات ولاموات مش بيجوز

عليهم غير الرحمه...... انا هستناكم في العربيه.. "

خرج من البيت وتركهم مصدومين من فتور حديثه ...... 


تطلعت عليه راضية وهي تبكي بحزن على تفرق 

أولادها واحفادها بسبب الحقد وشياطين الأنس... 


ربت رافت على كتف والدته قائلاً بهدوء.. 

"يلا يامي عشان نحضر الدفنه..... "


تطلعت عليهم وهم يغادرون... دخلت سريعاً الى 

غرفتها وبدأت في تحضير حقيبة سفرها هي و ورد 


كانت تطلع عليها ورد بعدم فهم.... 

"ماما هو احنا مسفرين.... "


ااه ......مسفرين..... "


" مع بابا...... "


ردت عليها بنفي وهي تسرع في تحضير حقيبتهم 

"لاء لوحدنا..... بابا هيحصلنا ..... "


بعد ساعة كانت قد انتهت من تحضير حقيبة 

السفر الكبيرة....... اخذت مبلغ بسيط حتى تدبر 

به نفسها وحين تستلقي في مكاناً ما ستبدأ 

تعمل لتصرف على ابنتها وعلى نفسها وهذا 

الطفل الذي ينبت داخل احشائها..... 


كانت تقف امام المرآة تهندم هذا الحجاب لتنظر الى وجهها الشاحب وعيناها الحمراء اثار الخوف  وتوتر من هروبها منه.... ولكن ماذا عليها ان تفعل هو من طلب ذلك منها، مزالت تتذكر جملته الذي يشوبها الرجاء الضائع.... 

(عايز انساكي ياحياه.... لازم انساكي وكرهك..)


اغمضت عينيها بعذاب وهي تعاني من جملته

الحارقة لروحها وقلبها معاً... 


هتفت بثبات مصر.... 

"يلا ياورد..... "مسكت ابنتها وخرجت سريعاً من الغرفة...... لتخرج من باب البيت بدون ان يلاحظ الخدم خروجها..... ولان الوقت كان مزالا مبكراً 

فسهل هذا عليها الخروج من البيت ولنجع

باكمله....


يجلس في سيارته ويتحدث في الهاتف قال.. 

"متقلقيش ياحنيي.....ربع ساعه وهكون عندك 

لاء هسال حياة عن علاج الضغط الى بتاخديه 

طب حاضر....... سلام "


اوقف سيارته امام البيت...... ودلف داخله بهدوء صعد الى غرفة النوم الخاصه بهم وفتح باب الغرفة ليجد المكان هداء وخزانة الملابس مفتوحة وفارغة .... احتدت عيناه بقسوة مخيفة وبرزت عروق جبهته ليحرك عيناه في ارجاء الغرفة

باحث عنها بذهول بعد دقيقتين...... 

اصبحت عيناه هدرتين بالجمر المتوهج....

وعضلات جسده تلوى بعنف داخله من آثار 

غضبه وصدمته بها ليردد كلمة واحده.....

"هربت....... 


               الفصل الرابع والعشرون من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-