أخر الاخبار

رواية ملاذي وقسوتي الفصل الثامن عشر18بقلم دهب عطيه


 رواية ملاذي وقسوتي

الفصل  الثامن عشر

بقلم دهب عطيه

في ذات اليوم بعد ساعتين... 


نزل وليد من على الدرج يرتدي جلباب رمادي الون 

ممشط شعره للوراء ....ينفث سجارته بضيق وعيناه مسلطه على باب الخروج....... 


"رايح فين ياوليد.....مش هتتغدى معانا "سألته خيرية والدته وهي تضع طعام الغداء على المادة الكبيرة ..... 


نظر لها وليد ثم الى ريهام التي تجلس على مقعداً ما على المادة..... 

"لا... انا خارج دلوقتي وراي مشوار..... "

تحدث وهو يقترب من ريهام 

ليميل عليها يسألها نفس ذات السؤال الذي لا يمل من تكرره عليها من يوم ان خرج من المشفى..... 

"برده مش ناويه تحكيلي سبتي بيت سالم ليه 

وإيه السبب....... "


لم تتوتر ولم تهتز لحظة واحدة في كل مرة يسألها ذات سؤال.... اجابة بثبات وجمود تتميز به دوماً... 

"مفيش أسباب اتخنقت من القاعده عنده فرجعت 

بيت ابويه إيه غريبه دي.... وبطل كل شويه تسأل 

نفس السؤال ...."


زفر بضيق.... فهو يعلم أنها لم تريح عقله بحديث صادق..... تكذب ويعلم ذلك... ولكن ماهو الشيء

الذي يجعل ريهام تدعي الكذب ؟....سائلا عقله بتوجس..... لينفض الأفكار وهو يخرج من البيت 

فهو لديه الان موعد اهم من التفكير في سبب 

ابتعاد ريهام عن سالم وبيته......ولكن يظل هذا 

الجانب يلاحق عقله  حتى ان كان يريد  الهروب منه الان ! ......


اوقف سيارته في مكان شبه خالي من البشر يزينه 

رمال الصحراء والجو الصحرواي طاغي عليه.....


وقف امامه هذا الرجل الذي كلفه وليد بمراقبة خوخة في هذهي الحارة الشعبية..... 

"ها عملت إيه ياايمن ......"


نظر له ايمن قال بصوتٍ  خشن مطيع....

"انا براقب الى أسمها خوخه دي يجي من شهر زي ماحضرتك أمرت... وكمان راقبت رقم تلفونها وسجلت كل المكالمات الى عليه بعض مرشيت صاحبي الى حكتلك عنه ماهو ده يابيه شغال في شركة إتصالات وكمان هو الى بيوصلي كل يوم مكلمات البت ديه عن طريق النت"


زفر وليد بقلة صبر قال بضجر ....

"ايمن انت مش هتحكي ليه قصة كفاحك الى بتاخد عليها فلوس مني قد كده.... انا جيت اقابلك عشان أنت قولت في تلفون ان فيه حاجه مهمه حصلت  إيه هو المهم الى منزلني  من البيت عشانه... "


اخرج ايمن هاتفه ومد يده قال وهو يتطلع على وليد.. 

"اتفضل يابيه اسمع المكالمه ديه لسه صاحبي

بعتها ليه........ "


مسك وليد الهاتف وشغل هذا المسجل لسماع محتواه....... 


خوخة... 

ايوه يابسنت وصلتي البيت....... 


بسنت..... 

ااه وصلت.... بقولك ياخوخه ..أنتِ خلاص قرارتي تكلمي سالم بكره وتحكي ليه عن المسجل ده.. "


خوخة.... 

"ااه طبعاً.... أنتَ نسيتي الفلوس ولا  إيه.... "


بسنت.... 

"لاء طبعاً مش ناسيه... بس اوعي  وأنتِ بتكلميها على تلفون يطلب منك تشغلي المسجل ساعتها ممكن يعرف صوت الزفت الى أسمه وليد وتروح علينا الفلوس..... "


خوخة... 

لا متقلقيش انا عارفه هعمل إيه كويس اوي وبعدين سالم أول مايعرف اني معايا المسجل الى هيعرفه مين هو قاتل اخوه وليه عمل كده هيوافق على طول يسلمني الفلوس وبعدين دول نص مليون مش حاجه يعني من الى عنده..... سبيها أنتِ بس على ربنا .."


بسنت... 

"يارب.... ياخوخه.... الدنيا تضحك بقه في وشنا لو مره واحده.... 


خوخة... 

ان شاء الله يابسنت..... طب هقفل معاكِ انا بقه عشان نزله شغل في فرح كده قريب ويمكن أتأخر لنص اليل ...."


بسنت

"طب تمام هكلمك بليل.... "


انتهت المكالمة بنغمة اخترقة أذنيه بقوة ألمته لا

لم يكن صوت نغمة تنبيه انتهاء المكالمة بل الحديث الذي أستمع له.... ماذا سالم سيعرف حقيقة قاتل شقيقه ومن سيخبره خوخة..

وعن طريق تسجيل سجلا له بدون ان يلاحظ 

خائنة... والخائنة عقابها الموت.... وهي من حكمة

على نفسها بذلك وهو أسهل شيء عليه ازهق روح

عن جسدها...... يدور الحديث داخله بلا رحمة وشيطان يولي له الحل الأمثل

(وما أسهل من ذلك على قلوب اتت لتفسد في لارض قبل رحيلها المكتوب !... )


أبتسم وليد بسماجة.... ونظر الى أيمن قال 

"انت عارف الى اسمها خوخه دي فين دلوقت. "


رد ايمن وهو ينظر في ساعة يده.... المكالمة من حوالي تلات ساعات يعني زمنها دلوقتي في 

الى الفرح الى قالت عليه...... "

سائلا وليد وهو يصعد السيارة في محل القيادة.... وأشار الى ايمن بصعود بجانبه..... 


               "معاك عنوان المكان الى فيه.... "


صعد أيمن بجانبه إجابة قال.....

"ااه اعرفه واحد من رجالتي مستنيها هناك... بيقوم بمرقبتها مكاني يعني لحد مراجع..... "


نظر له وليد مبتسم باعجاب من ذكاء وتفكير 

هذا الايمن الذي يسهل عليه خططه الحاسمة.... 

"برافو عليك ياايمن ...هي دي الدماغ الي تستحق 

تشتغل مع وليد بكر شاهين..... "هتف باسمه بغرور 

ولكن شعر آن الاسم ليس بهيبة هذا السالم... هتف بخفوت ساخرا.... 

"حتى الإسم متنمرد عليه ....."


نظر له ايمن باستغراب 

"بتقول حاجه ياباشا....."


اشار له وليد بي (لا)واكمل قيادة السيارة الى وجهتٍ معنيه........

(التخلص من خوخة وهذا التسجيل اللعين)


.................…...................................


يجلسون على سفرة الطعام ......يجلس رافت على راس مادة الطعام و راضية بالجانب الايسار على اول مقعد.... وسالم بالجانب الايمن مقابل لها وحياة بجانبه وبجانب حياة ورد ابنتها التي تاكل تارةٍ بيدها وتارة تاكل من يد حياة .....


كان سالم ياكل بهدوء وهو يختلس النظر الى 

حياة التي لم تضع في فمها الى معلقتين من الارز 

من وقت ان جلسو على مادة الغداء.....


ترك الملعقة التي ياكل بها ...ثم امسك باملعقة التقديم وبدأ يضع بعض الارز ولحم في طبق حياة 

تحت انظار رافت والجدة راضية التي ينظرون لبعضهم بابتسامة ذات معنى .....


لم يبالي سالم بوجود احد معه على نفس السفرة..

قال لحياة بامرا...

"ممكن تاكلي وتسيبي ورد تاكل براحتها ...البنت اتخنقت من تحكماتك في الاكل...."


نظرت له حياة ومطت شفتيها بعدم رضا قائلة..

"دي مش تحكمات ياسالم ده خوف عليها..انت مش شايف ورد عمله ازاي دي نحيفه اوي ياسالم ولازم 

تتغذى......"


مال عليها قال بوقاحة وعبث....

"يعني هي طالعه نحيفه لمين ما ليكِ ...انتِ 

عارفه انتِ لو تزيدي شويه هتلاقي ورد هي كمان زادت..."


نظرت له بشك وهي ترفع حاجبيها وقالت بهمس 

"ياسلام .....طب هو الى واضح من كلامك كده انك  مش عجبك عودي الفرنساوي...."


مال اكثر على أذنيها قال بوقاحة... 

"بصراحه عودك ياوحش لا يقاوم بس انا كل الى عايزه منك انك تاكلي وتهتمي بنفسك... وزي ماانتِ خايفه على ورد من قلة اكلها... انا كمان خايف عليكِ  من انعدام اكلك ياملاذي..فهمتي.... "


ابتسمت بسعادة تشرق وجهها الذي أصبح ناصع اكثر حياة من أسمها بذاته..... العشق يفعل المعجزات العشق يولد حياة جديدة على يد سالم... سالم الذي حنانه....و اهتمامه ....وعشقه لها جعلها تتذوق نعيم  الدنيا الحقيقي في قربه وفي أحضانه الدافئة.... 


بدأت تضع الطعام في فمها وتمضغه... 


نظر هو لها بتراقب وحب... ولكن وجدها متذمر وهي تمضغ الطعام للحظة كادا ان يسألها ولكن كانت هي الأسرع حين اشارة الى مريم وقالت بهدوء...

"معلشي يامريم هعذبك معايا ينفع تجبيلي

حتة جبنه قديمه  من جوه ...عشان نفسي فيها من صبح وبصراحه نفسي مش جايه للأكل ده... "

أبعدت الطبق  من امامها على مضض وهي لا 

تقدر حتى على النظر  الى محتواه....... 


نظرت لها الجدة راضية وهي تسألها باستغراب 

"من امته وانتِ بتاكلي الحوادق ياحياه.... "


وضعت مريم الطبق امامها وبعد الخبز الساخن... 


نظرت حياة الى الجبنة الحادقة ذات الون الأصفر يوازن لونها الرمال الصحراء او اغمق قليلاً.... 


بدأت تاكل منه بشهية مفتوحة تحت أنظار سالم المتفحصة لافعالها باهتمام..... إجابة حياة عليها 

قائلة بحيرة.... 

"ولله ما عرفه ياماما راضية انا عن نفسي مستغربه بس نفسي رايحه ليها اوي وريحتها مش مفرقاني 

من الصبح..... "


ابتسمت الجدة راضية وهي تنظر الى سالم وحياة بسعادة...... 

"مشاء الله معقول معقول ياحياة تبقي حامل

معقول......"


اتسعت أعين حياة بعدم تصديق وهتفت بجملة 

سريعة متهورة..... أشعلت قلب سالم الذي كان 

قد نبع داخله فرحة عارمة اثار حديث راضية منذ قليل..... 


"حامل مستحيل طبعاً.... لاء مافيش الكلام ده انا اوقات كده نفسي بتروح على حاجات غريبه انا مش ببقى بكلها من الأساس ....."


أكملت راضية طعامها بإحباط وهي تنظر الى أبنها 

رافت الذي بدوره حول انظاره الى أبنه الشارد 


وكأنه كور نفسه في عالم اخر عنهم...... 

كان سالم شارد في حديث حياة الغريب والذي وللأسف آلام قلبه من هذي الجملة الأولة الذي 

نطقة بسرعة وعفوية....(حامل مستحيل طبعاً) 

لم تكن العفوية شيئاً سيىء الى انها تصنفت في بعض الأوقات بطباع السيئه فقط لأنها عفوية حديث صادق لم يتزين قبل الخروج للبشر لذلك جملة حياة العفوية لم تكن إلا الصدق.... ولصدق أنها لا ترجح فكرة الانجاب منه.....


هل بعض كل شيء مزالت لا تشعر بالأمان بتجاهي مثلما قالت لريم عبر الهاتف حينما كأنُ في الإسكندرية في بداية زواجهم....

كانت تتحدث بكل هذي العفوية والإصرار عن رفض فكرة الإنجاب منه.... لكن السؤال الأهم هنا.... 

هل تاخذ شيئاً ما يجعلها  تتحدث بكل هذه الثقة والحسم الذي من الواضح أنها تفرضه عليه وتحرمه منه بكل انانية..... 


كور يده بغضب من وسوسة شيطانه له بكل هذا المكر في الاحديث ولتفكير والشك بها ولكنه.... 

داخله كان يقسم بصدق..... 

ان كانت فعلاً تتناول شيئاً ما لحرمانه من اقل حق 

له منها كم يقال (طفل من صلبه)....... ان كانت تفعل  فهي وضعت نفسها امام قسوة من لم يغفر لها يوماً انانيتها معه !......


وضعت يدها على يده وابتسمت له بحب متأملة 

وجهه الرجولي الشارد.... 

"مالك ياسالم.... في حاجه مضيقك..... "


هز راسه لها بي (لا) ليكمل طعامه بصمت لا يريد

لهذا الشيطان التحكم به لا يريد ان يدمر ملاذه 

بشك مشين وأفكار حمقاء فطفل سياتي يوماً ما 

وسيخطف منه ملاذه له معظم الوقت.... سياتي 

يوماً  ما !...... 


يعلم انه يهرب من الحقيقة او يكذبها ولا يريد البحث ورأها فاذا بحث واكتشف مايخشى تصديقه متاكد بعدها بل يثق انه سيدمر كل شيء وهي اول الأشياء التي ستنال الدمار حتماً !.....

...........................................................


بعد ساعتين...... 


وقف وليد في مكان ما بعيد عن ضوضاء هذا الفرح الشعبي..... اتى عليه أيمن قال بجدية.. 

"تحب نعمل إيه ياوليد بيه نخطفها ونجبهالك هنا مكتفه..... "


اشعل وليد سجارته قال بأمر خشن

"لاء مش لدرجه دي..... انا هحل الموضوع ده بنفسي أنت تاخد رجالتك وتمشي دلوقت... وتنتظر مني اتصال كمان ساعتين عشان عايزك في شغل مهم لازم يخلص قبل مالنهار يطلع علينا......وكمان الصبح لازم تدور على البت الى كانت بتكلمها في تلفون تعرفلي عنوان بيتها فين ....."


هز راسه أيمن بإيجابية....

"الى تامر بيه ياباشا..... بعد اذنك.... "


ذهب ايمن من امامه...... دلف وليد الى سيارته وعيناه  متربصة على المكان الذي ستخرج منه خوخة الآن... 


بعد دقائق.... كانت تسير خوخة على رصيف الطريق الذي كان فارغاً من البشر وسيارات تسير فيه بسرعة كان يسير بسيارته وراها ببطء وتراقب وعقله ينسج له الف سيناريو بشع لتخلص منها .....


نظرت خوخة وراها بتوتر وارتجف قلبها وهي ترى 

مراقبت هذه السيارة منها ببطء وتتابع سيرها

بإصرار...... وقبل ان تلتفت لترى من بها.... وجدت 

السيارة  تُسرع لتقف امامها مصدرة سرينة عالية 

جعلتها تغمض عينيها بخوف..... 


خرج وليد من سيارة ناظرا اليها ببرود ...

مستمتع بملامحها الطاغي عليها الخوف وجسدها 

الذي كان يرتجف بزعر واضح .... همس لها ببرود

"مافيش حمدال على سلامه ياوليد..... "


فتحت عينيها وهي لا تصدق أن السيارة المراقبة لها منذ قليل بتسلط ليست إلا سيارة وليد ولكن لم فعل ذلك ولم هو هنا الان... 


"ايه بتبصي عليه كده ليه هو انا كنت بايت فحضنك ولا حاجه دا احنا بقلنا اكتر من شهر ونص منعرفش حاجه عن بعض  ...ا ي ده دا انا نسيت 

احنا حتى مشفناش بعض من وقت اخر زياره

في المستشفى.... هو أنتِ زعلتي مني ولا إيه 

ياخوختي...... "


بلعت ريقه بخوف لا تعرف لما كل هذا الارتباك ولكن حين تنظر الى عينيه الشيطانية ...وتتذكر معاد مقابلتها لسالم شاهين ولمال.. تتوتر وتخشى ان يعلم وليد  بهذا المخطط....... ردت عليه وهي تنفض الأفكار .....

"انا كنت الفتره دي مشغوله وامي كانت تعبانه فا معرفتش ازورك و...... "


لم يسمح لها بالمزيد...... قال بنبرة هداء...

"صدقه ياخوختي..... بس انا من راي نكمل كلمنا في حته تانيه.... تعالي اركبي...... "


صعد السيارة وشغل وقود سيارته منتظر صعودها 

كانت تسير للوصول الى سيارته ببطء وكأن احساسها بتذوق الموت كان الأصدق وسط كل تلك المشاعر النابع في انٍ  واحد داخلها..... 


دلفت الى سيارة وانتلق هو سريعًا بها.... 


وقف في مكان شبه خالي من الحياة حتى السيارات معدومةٍ من المرور في هذا الطريق نظرت له خوخة بخوف وسائلة بخفوت .... 

"هو احنا هنا ليه ياوليد..... "


خرج وليد من السيارة واغلق الباب ليقف بمسافة بعيدة قليلاً عن سيارته يوليها ظهره وكان ضوء مصباح السيارة  بتجاه ظهره مباشرةً ....


خرجت باقدام ثقيلة ترفعهم من على الارض

بصعوبة......نظرت الى ظهره الذي يوليها إياه 

وسائلة مره اخرة بتردد.... 

"انت مش بترد عليه ليه ياوليد احنا هنا ليه في المكان المقطوع ده..... "


التفت لها في لحظة وهو يرفع يده امامها لتنظر بصدمة الى هذا السلاح الذي يصدره في وجهها... 

قال وليد ببرود ...

"أنتِ كده أكيد عرفتي احنا هنا ليه صح.... "


ارتجف جسدها بخوف وهي متسعت الأعين بصدمة....

"أنت بتقول إيه انا مش فهمه حاجه.... انت هتقتلني ....هتقتلني بجد طب ليه..... "


ضحك بقوة وسخرية....وعيناه تنبع شرارةٍ  من الشر الشيطاني الذي جعلها تيقن ان الحياة انتهت بنسبه لها في تلك الدقائق المعدودة..... اجابها وليد بسخرية.... 

"انتِ بتسالي ليه.... طب اسمعي كده.... "

شغل المسجل الذي بينها وبين بسنت.... لتسمع 

حديث كليهما عن المسجل ولمال الذي ستاخذه من 

سالم بعد تسليم هذا المسجل الذي يلف حبل المشنقة حول رقبة وليد......... 


بعد ان انتهى التسجيل قالت بخوف وهي ترجع 

الى الوراء بخوف.... 

"ااانا........... انا........ ياوليد كنت...... "


التوت شفتاه بامتعاض وهو ينظر لخوفها بتسلي 

وتشفي.... ارجع ظهره على سيارته وقال ببرود

"كملي ياخوخه انا سامعك... التسجيل ده متفبرك صح  وأنتِ فعلاً  مش مسجلا ليه حاجه... صح كلام ده"


تصلبت قدميها فالارض ولم ترد عليه وبدات تفرك في يدها بتوتر وجسدها لم يتوقف للحظة عن الانتفاض  خوفٍ من القادم..... 


هدر بها بصوت عالٍ...

"متردي يابت التسجيل ده متفبرك..... "


اقتربت منه ومالت عليه وهي تقبل  يده ودموع تغرق وجنتيها وقالت له بترجي ...

"ابوس ايدك ياوليد ارحمني بلاش تموتني انا اهلي يضيعه من غيري......"


مسك شعرها بقوة ليرفعها من على كف يده

لتواجه عيناه الحمراء غضباً ذات شرارة للهيب الشياطين ....ورد عليها بستهزاء.... 

"متقلقيش ياخوختي على اخواتك وامك هم هيزروك في نفس اليله...."


"تقصد إيه...... "سألته بتوتر


قلب عيناه بملل وهو يرد عليها بفتور غريب

"يعني أنتِ خونتيني وسجلتي ليه اعترفي بقتل 

حسن وأنا اكتشفت خيانتك يبقى طبيعي هحاول اتخلص منك ومن دليل الى معاكِ ومن اي حاجه تخصك فمهتي يا............خوختي..... "


انهارت خوخة وهي تترجى وليد ببكاء وخوف.. 

لاء ابوس ايدك بلاش امي واخواتي صغيرين هم ملهمش ذنب موتني انا انا الى خونتك هم ملهمش 

ذنب ابوس ايدك..ابوس ايدك بلاش امي واخواتي"


نفضها بعيداً عنها بنفور وقال بستعلاء وهو يهندم ملابسه...

"اي يابنتي الافوره ديه... قرمشتي الهدوم... "


نظرت له بكره كره نابع داخلها بفيضٍَ....


رفع وليد السلاح امام وجهها وهو يقول ببرود... 

"بصراحه  أنتِ خدتي اكتر من وقتك وانا مش فاضي خالص ..... "


نظرت له بصدمة ولكن في للحظة تحركت قدميها لتركض من امامها بسرعة حتى لا تصاب من هذا 

السلاح المهددة به..... ولكن بعد اربع خطوات 

كانت تستقبله الارض القاسية تستقبل جسد 

بلا روح فقد هربت روحها سرعانَ  ما اخترقت 

رصاصة وليد جبهتها من الوراء..... 


اقترب منها بعد ان سكن جسدها في مكانه...

ليقلب في ملابسها ليخرج كل متعلقات تثبت 

هويتها حتى هاتفها المحمول اخفاه في جيب 

بنطاله ...... 


صعد سيارته وهو يشغل إذاعة السيارة ويدندن باستمتاع  وكان الموت وازهاق الارواح بات الاسهل لديه ولافضل في بعد الأحيان.......


..................................................................

خرجت حياة من المرحاض وهي تجفف شعرها  

بعد ان اخذت شور بارد...... وقفت أمام المرآة 

لتكمل تجفيف وتمشيط شعرها الأسود...و تطلعت 

الى صورتها عبر المرآة وصورة سالم الذي يجلس خلفها نسبياً على حافة الفراش يريح ظهره  

للوراء ممسك الهاتف ويعبث به باهتمام.... ظلت تراقبه بحب وهيام من هذهِ  الوسامة الرجولية

الذي يتميز بها حبيبها عن غيره ....

لكن شد انظارها وتركيزها عليه انه يجاهد لإخفاء شيئاً ما عنها ، يبدو عليه الضيق والغضب الذي يخفيه خلف قناع الهدوء ولانشغال في هذا الهاتف...... 


انتهت من تمشيط شعرها لتجعله ينساب على ظهرها بحرية.....تقدمت من سالم لتجلس بجانبه وهي تبتسم برقة وتضع يدها على يده الممسك بالهاتف..قائلة بحب...

"هتفضل ماسك التلفون ده كتير مش ناوي تقاعد

معايا شويه....."


نظر لها ومن ثم وضع الهاتف جانخبا وهو ينظر لها منتظر المزيد من حديث هي المبادرة به.... 


نظرت له والى صمته بشك ....ثم سالته باهتمام

"سالم مالك في ايه ...وساكت كده ليه مش عادتك يعني نبقى مع بعض وتفضل ساكت كده...."


نظر لها بتراقب ثم قال بصوتٍ  متحشرج قليلاً 

سائلاً .....

"حياه أنتِ متاكده انك بتحبيني ......"


نظرت له بعد فهم لا بل كانت تشعر بصاعقة صدمتها بقوة في كامل انحاء جسدها..... 

"انت بتقول إيه ياسالم.... اي السؤال الغريب ده واي اللي حصل مني عشان تسالني وتشك في

حبي ليك.. "


نهض من جلسته وهو يزمجر بسخرية يشتبك بها الحزن...... 

"حبك.... هو فين حبك ده ياحياه اللي مش شايفُه

من الأساس...... انا بوهم نفسي دايماً انه موجود.....بس هو في الحقيقه مش موجود اصلن ياحياة....."


وقفت امامه بانفعال وصوتٍ عالٍ قالت... 

"هو إيه اللي حصل مني عشان تقول ان حبي ليك 

مش موجود أصلن  إيه اللى انا عملته عشان تقول

الكلام ده...... "


ابتسم بسخرية وهو يزمجر بها بصوتٍ عالٍ  ... 

"بجد مش عارفه انتِ عملتي إيه وبتعملي إيه .."


نظرت له وقالت بصدق...

"لاء مش عارفه فاهمني انا عملت إيه يخليك تكلم بشكل ده........ "


مرر يده على وجهه بغضب وانفاسة عالية متحشرجة من الغضب الذي يحتل جسده...

بعد عدت دقائق كانت نظرات كل واحد مصوبه 

على الآخر تسأل سؤال لم يتجواز كلمتين 

(لماذا) تعني الكثير بنسبه لهم ولكل منهم سؤال 

يختلف عن الاخر ولكن (لماذا) الكلمة الشائكة 

بين للغة عيناهم ....


سألها سالم وهو يراقب عينيها باهتمام ...

"هسالك سؤال وتجوبي عليه بصراحه.... أنتِ بتاخدي حاجه تمنع موضوع الخلفه..... "


فغرت شفتيها بصدمة وهي ترمقه  بعدم استيعاب

حديثه..... ما الإجابة المناسبة الآن ..... 

"ليه بتقول كده...... "


رد سالم عليها بضيق وصوت خشن... 

"كلامك على الغدا هو الى بيوضح كده.. لم حنيي قالتلك ممكن تكوني حامل أنتِ رديتي عليها بسرعه

وقولتي مستحيل..... "


"ايوه قولت مستحيل..... "


ردت نفس الرد الذي اشعل نار رجولته ليقول بحدة صارمة...... 

"ليه مستحيل.... مش متجوزه راجل مثلاً...."


هتفت بقلة صبر.... 

"سالم انا مبحبش الطريقه دي في الكلام... "


اقترب منها بانفعال قال 

"بجد تصدقي المفروض اتكلم احسن من كده... أنتِ قولتي مستحيل وانا ابصم بالعاشره  ان مستحيل تخلفي مني لاني مش متصنف دكر في نظرك..... الطريقه دي احلى ياحياه صح.... "


زفرة بغضب وكادت ان تتركه وتذهب... مسك يدها بغضب قال بصرامة.... 

"تعالي هنا رايحه فين لم اكون بكلمك توقفي تكلميني مش تهربي زي العيال...... "


انهارت وهي تتحدث لإنهاء هذا النقاش المشتعل 

بينهم والتي سينتهي بجرح احدهم... وفي الحقيقة

هي دوماً المجروحة من صرامته وقسوته في الحديث معها....... 

"مية مره قُلت لك اني مش عياله ....وكمان انا لم قولت مستحيل كان قصدي ان اكيد مافيش حمل 

دلوقت..... ااه كان رد غبي ومينفعش بس هو طلع 

كده معايا..... وعلى فكره انا مش باخد حاجه تمنع الحمل.... وسيب ايدي لو سمحت لانك 

بتوجعني... "


كان يتكا على يدها بقوة ليغرز أصابعه بها من شدة قسوته وغضبه الذي كان سيخرج عليها منذ ثواني 

فقط...... ترك يدها وهو ينظر لها نظرة اخيرة قبل 

ان يخرج من الغرفة ويغلق الباب خلفه بقوة قاسية

افزعتها في وقفتها...... 


جلست على الفراش وهي تبكي بقوة.. لا تصدق 

حديثه وسخريته وهذي القسوة التي لن تنتهي

أبداً بينهم ظنت ان الحب سيغير بعض الطباع السيئة به ولكن الحقيقة التي اكتشفتها ان هناك طباع تتميز بصاحبها لا هو الذي يتميز بها... والقسوة تتمير بسالم لا هو الذي يتميز بها لذلك صعب ان تتغير.....لانه هو الطاغي عليها  بشخصيته وليس آلعكس !.......


بعد اربع ساعات...... 


دخل على الفراش بعد ان بدل ملابسه باخرة مريحة نظر لها وجدها تستلقي نائمة على الفراش من الناحية الآخرة توليه ظهرها وجسدها ساكن......لم يتحدث إليها ولم يحاول حتى كل مايفكر بها الان النوم لتتوقف الشياطين بملاحقة أفكاره وتتوقف زوبعات الاسئلة والشك بها........

حتى بعض اعترافها يشعر ان هناك حلقة مفقودة بينهم... يستنشق رائحة الكذب في حديثها وهذا شيء طبيعي فهو حين اصبح قاضي نجع العرب .....تميز بعضها بكشف الكذب ولخداع في داخل جلسات المفاوضة بين اهل النجع ..

لم الآن  هو عاجز عن تصديق حديثها هل هي تخفي شيء لا يعلم.......

(توقف ارجوك )همس داخله بترجي لعلا عقله 

ينسى ويصمت الان...... سمع صوتها 

المكتوم وهي تستلقي بجانبه على الفراش وتوليه 

ظهرها وينتفض جسدها من آثار البكاء الصامت.. 


اغمض عيناه بقوة وبرغم كل شيء حياة هي الحياة بنسبه لها حتى القسوة معها لها مدة وتختفي ولكن دوماً القسوة داخل سالم تعرف طريق خروجها امام حياة فقط امامها تكون قسوة يشوبها الجفاء ولجمود حين تخرج عليها... وحتى ان كانت تخفي شيء ام لا ..... دموعها تقتله وتجعل ضميره يشتعل بصوت مانب غير راضي عن بكاء ملاذ الحياة ....


مد ذراعه ليحاوط خصرها بامتلاك ويقربها منه كان ظهرها ملتصق بصدره العريض ...توقفت عن البكاء فور لمسته لها ....وسكنت بين ذراعي سالم المشتبكة بها بإمتلاك.......

"بُصيلي ياحياة .....بلاش تخبي عينك عني ..."


مسحت دموعها وهي مزالت على وضعها لم

تتحرك ولم تحاول حتى .......


همس لها بحنان وصوت رجولي عذب ....

"مين فين الى المفروض يزعل ياحياه ...."


"انتَ  ....... بس انت قاسية اوي في عتابك ياسالم..."همست بصوتٍ مبحوح من اثار 

البكاء ....


اغمض عيناه وهو يميل على عنقها ليقبلها قال بحنان

"اسف على عصبيتي وقسوتي معاكِ في الكلام..." تريث برهة ثم قال بشتياق 

"هتفضلي حرماني كده من عنيكي كتير"


التفت اليها واستلقت في احضانه وهي تستنشق رائحته الرجوليه ....

"انا كمان اسفه ...كان رد غبي مني بس انت عارف ان غصب عني ....وصدقني ياسالم انا عايزه طفل منك زي ماانت عايز ويمكن اكتر كمان ...واقسم لك

اني لم قولت بحبك كنت صدقه في كل كلمه...

صدقني ياسالم انا بحبك وهفضل احبك مهما 

عملت ومهم قولت هفضل احبك ....."


اعتصر جسدها في احضانه بقوة وانفاسهم كانت تسابق عشقهم ....برغم الخصام ....برغم شياطين 

الفراق الذي تهدد حياتهم دوماً الا ان الحب بينهم 

معجزة خلقة في قلوبهم ليصبحون اقوى من اي 

اختبار يمر عليهم ....

لم تكن قصتهم قصة حب بل هي حالة حالة اكبر من الحب الذي يعترفون به أمام بعضهم 

هم جسد واحد وروح متعلقة هم النعيم 

لبعضهم ......ولملجئ والسكينة ياتي فقط بقربهم من بعضهم لبعض ......وكلاً منهم يعطي بدون مقابل وبدون حتى ان يشعر احد منهم انهُ يعطي للاخر رحيق الحياة.....

(ملاذي وقسوتي ...كتبت لتحكي عن القسوة ولحب معاً ونحن ننتظر من الفائز بعض تلك الرحلة الطويلة..) 


...............................................................


في اليوم التاني........ 


دخلت بسنت الحارة التي تقطن بها خوخة

و تفاجئة  بهذا الازدحام تحت منزل صديقتها..... 


"اي ده في إيه.... يام جلال.... "سألت بسنت امراة سمينة الجسد قصيرة البنيه..... وهي جارة والدت خوخة منذ زمن.... 


نزلت دموع المرأة بحزن وهي ترد عليه بصوت مبحوح......

"معرفش يابسنت يابنتي صحيت الصبح وشميت ريحة دخان جامد جاي من بره بفتح الباب وطلعت على سلالم الدور اللي فيه شقة  ام خوخة عشان اسألها عن ريحة الدخان ديه لقيت الدخان ده 

جاي من عندها..... الشقة كانت النار مسكه فيها بطريقه وحشه وعلى ماتصالنا بالأسعاف كانت الشقه ولي فيها  كوم تراب..... ربنا يرحمها ويرحم 

عيالها.... "


بكت المراة بحزن لتمسك بها ابنتها وتبعدها عن هذا المكان حتى لايزيد حزنها على صديقتها وصغارها... اللذين خرجو من هذا الحادث اجساد مفحمة...


وضعت بسنت يدها على صدرها بخوف وحزن وقهر على صديقتها وعائلتها معاً..... وسؤال يدور داخلها بشك وخوف ...

"مين الى عمل كده..... معقول يكون سالم شاهين عرف بتسجيل وحاول يقتلها عشانه.... او او وليد 

اكيد هو اللى عملها مش معقول النار هتمسك في الشقه كده مش معقول...... "


ركضت على عامل من الإطفاء ....

"ممكن تقولي الله يخليك  اي سبب الحريق ...يعني دي انبوبه ولا ماس كهرباء اللي مسك في

شقه..... "


رد عليها الرجل بهمس.... 

"لا هو مش انبوبه ولا ماس الان الحريق كان خارج من اوضه واحده والجثث الى خرجت  كانو مربوطين بجنازير حديد(سلاسل من الحديد) واضح انه بفعل فاعل.... أنتِ تقربلهم..... "


ابتعدت بخوف وعيناها متحجرة بها الدموع.... وهمست داخلها بانهيار... 

"قتلوكِ ياخوخة وقتل امك واخوتك أنتِ كنتِ حسى بكده كنتِ حسى انك هتموتي ....... "

انهارت في البكاء كما ينهار قلبها وجسدها من الداخل ..... 


...........................................................

"انا خايفه شويه وحسى ان ممكن يجرالي حاجه 

عشان كده بامانك امانه لو حصلي حاجه قبل موصل للى بيت سالم شاهين..... ابعتي أنتِ ليه

شريحة الهارد ده وخدي الفلوس اقسمي منها  عليكِ وعلى امي وخواتي .....


بطلي نكد ياخوخه.... دا أنتِ هتعيشي اكتر مني ياهبله وانتِ بنفسك الى هتصرفي الفلوس ديه  وتنغنغي اخواتك وامك ....دول نص مليون 

جنيه..... "ابتسمت بسنت لها مشاكسا ...


ابتسمت خوخة بحزن.... وهي تضع الهارد في يد 

صديقتها وتطبق يد بسنت عليها بيدها.... 

"محدش ضامن عمره..... خليها معاكِ

احتياطي ......"


فاقت من شرودها على منديل ممدود لها من شخصاً ما نظرت له ولكن إتسعت عيناها بصدمة وارتجفت شفتيها بخوف..... 

...........................................................

تطلعت بسنت على هذا الرجل من خلال وقوفها 

في هذهي الشرفة الصغيرة.... التوت شفتيها بشك 

وبدون ان تظهر اي تعبير على وجهها قالت بسنت

بهمس وشك.... 

"بقولك إيه ياخوخة الواد ده يختي على طول قاعد على القهوة الى تحت بيتك وشكله كده مركز معاكِ اوي هو يعرفك ولا حاجه.... اصل شكله مش

مطمني....."


نظرت خوخة بطرف عينيها مثلما فعلت بسنت حتى لا تثير شك الرجل انهم يتحدثون عنه... 

وهتفت بتوتر بعد ان اختلست نظر له....

"شكل فعلاً جديد على الحته ..."

.........................................................

ابتسم  ايمن ابتسامة بشعة وهو يقول لها 

"امسحي دموعك..... يا انسه بسنت.."


رجعت الى الوراء بخوف علمت من هو نعم هو نفس الشخص الذي كان يراقب صديقتها عبر جلوسه تحت شقة خوخة...... صرخة به بجنون 

"عايز مني اي هتقتلني......... زي مقتلتهم..... "


ابتسم ايمن وهو يقترب منها ببطء ولم يبالي باحد فالمكان مزدحم حولهم ولأصوات حولهم كانت اكثر

صخب من صراخها.....

"طالما عارفه كل حاجه يبقى اكيد فهمتي انا 

هنا ليه "


ارتجف جسدها مع قلبها ..ليصرخ عقلها بي

(اهربي).... ركضت بخوف من امامه ركض أيمن وراها لملاحقتها  وسط الزحام......


                  الفصل التاسع عشر من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-