رواية حتى نلتقى
الفصل الثالث
بقلم رغدة
بسم الله الرحمن الرحيم
كانت حور تجلس بجانب صديقتها سالي كالتمثال تحاول سالي معرفة ما بها ولكنها منذ وصلت
لم تتحدث الا وقت وصولها طلبت منها الا تقل لأحد انها
عندها ومن وقتها فضلت السكوت ظنت أنها ستكون مسألة ساعات قليلة وستتكلم
ولكنها هنا منذ أسبوع كامل تقضي النهار بالغرفة وحدها وليلا تنكمش على نفسها وتبكي بصمت
شحب لونها وأصبحت هزيلة غابت الضحكه التي كانت تميزها تغيرت شخصيتها هي لم تعهدها هكذا من قبل .... اين حور المفعمة بالحيوية التي
لا تستطيع السكوت دائما كانت تتكلم وتضحك ماذا حدث لها حتى هاتفها منذ وصولها اغلقته ولم تتفقده أبدا
........
اسبوع كامل يعيش حالة توهان لا يدري اين طفلته ماذا تفعل ما هو حالها اهي بخير هل تأكل هل تنام براحة هل هي متعبة بحث عنها بكل مكان وسأل عنها كل أصدقائها اسبوع كامل مرابط بالجامعة يتمنى لو يلمحها يطمئن قلبه عليها ولكنها بكل أسف وبكل ألم لم تذهب للجامعة
اين ابحث فانا لم أترك مشفى الا بحثت عنها وبلغت مركز الشرطة باختفائها ولم يجدوها
دخل المنزل مهموما يحمل بصدره من الألم ما لم يعد يحتمله هل اضاعها من بين يديه أهذه هي الأمانه التي كان عليه ان يصونها ماذا يخبر والدتها ايقول لها عذرا يا امي ولكنني لم أكن رجلا بحق لأصون ابنتك التي وضعتها بكل ثقة عندي
ماذا يقول لأخته التي وقفت وقالت دعوها تذهب فهنالك من هو امين عليها وسيحميها
هل صنتها هل حميتها هل كنت على قدر كاف من المسؤولية
خطى للداخل ليتفاجأ بمن هم أمامه
ركض الطفلين( زين و زينة ) إلى أحضان أحمد الذي تسمر مكانه عندما رأى فاتن ومراد أمامه
احتضن الصغيران وعيونه معلقه بتلك الجميلة التي كسى وجهها الحزن وعيونها الزرقاء الدامعة تنظر له بلوم وعتاب
اخفض عينيه فهو لا يستطيع مواجهة فاتن وهو سبب اختفاء أختها
فاتن التي شق قلبها شطرين عندما وصلت بفرحة تسع الكون كله واشتياق كبير لإخوتها لتصدم بواقع فقدان أختها
مراد كان الغضب يأكل قلبه بسبب أحمد وتصرفاته واخفائه عنه ما حدث مع حور
وقف يستعد للهجوم وشن حرب ضارية ضد أحمد الذي ما ان رآه ورآى انكساره وهزيمته رأى ضعفه وشحوبه رأى ألم كبير بعيونه منذ اول لحظة
تفاجأ به هل هذا أحمد صديقه الذي لا تفارق الضحكات محياه
كان الجو مشحون بمشاعر متضاربة والصمت يعم المكان الا من ضحكات الأطفال وحديثهم عن اشياقهم وشوقهم
سارت فاطمة بضعف ظاهر وأخذت الأطفال من حضن أحمد الذي كان متشبثا بهم كأنهم امانه و قارب نجاته يتمنى لو يبقوا بأحضانه حتى يؤجل مواجهة شقيقته فنظراتها وحدها قاتلة فكيف سيكون كلامها
وقف الثلاث مقابل بعضهم عيونهم تتحدث وقلوبهم مفطورة كل منهم بداخله عدة تساؤلات
فرت دمعة متمردة من عين أحمد مسحها بسرعة ونظر ل مراد الذي بادر باحتضانه بشوق هو على يقين أن مواجهة فاتن وأحمد لن تكون هينة أراد أن يبث له بعض الطمأنينة ليتماسك ويعطيه الوقت ليظبط مشاعره ويوقف دموعه التي رآها
فصل أحمد العناق بابتسامة مصطنعة حاول إخراج صوته ولكنه خذله كما خذلته دمعاته
انهارت حصون فاتن وهي ترى الأخ والسند القوي بهذا الضعف القت نفسها بأحضانه دافنة رأسها بصدره واجهشت ببكاء مرير
احتضنها أحمد بحب وألم فهو يعلم أن حور نقطة ضعف فاتن منذ الأزل يشعر بها يحس بألمها كيف لا يعلم مدى ألمها وهو يشعر بنفس الألم فهي صغيرته وطفلته المتمردة ومعشوقته المتكبرة العنيدة
بعد بعض الوقت هدأ الجميع وجلسوا يتحاورون ليفهموا ما حدث فسرد أحمد عليهم ما حدث وهو يتذكر حين اكتشاف اختفائها
........ فلاش باك ........
خرجت فاطمة من غرفة أحمد وهي تبتهل لربها ان تنحل هذه العقد ويرتاح قلب ابنها ويهدي حور ويصلح حالها
طرقت على باب غرفة حور عدة مرات ولكنها لم يأتها ردا ففتحت الباب بتوجس فهي تعلم مدى جنون حور نظرت بأرجاء الغرفة والحمام فلم تجدها مما دب القلق بقلبها عادت مسرعة لأحمد وهي تهتف : أحمد الحقني حور مش هنا .... وما ان وصل لاذنه ما صرحت به والدته حتى قام مسرعا يتكئ على قطع الأثاث والحائط حتى وصل غرفتها وهو ينادي باسمها لعلها تسمعه وتجييه فتش المنزل كالمجنون واخيرا توجه بخطى ثقيلة نحو خزانة ملابسها ليفتحها وهو يدعي ربه الا تكون ظنونه حقيقة ولكن ها هي خزانتها فارغة تماما او دعونا نقل ليس تماما فهي قد تركت القطع والهدايا التي كان هو يحضرها لها وكأنها لا تريد اي ذكرى مهما كانت بسيطة ان تجمعهما
خارت قواه تماما وانهار أرضا يحارب ضعف جسده يحارب المه يحارب حقيقة فراقه وبعدها عنه
كيف لها بكل بساطة ان تتركه دون كلام ودون وداع
كيف لها أن تبتعد ولا تلتمس له الأعذار
أهانته وجرحته كثيرا وبكل مرة كان يسامحها ويغفر خطأها فلم لم تفعل مثله هل عند اول خطأ تركته وابتعدت هل كانت تنتظر هذا الخطأ لتبرر ما هو محسوم بقرارة نفسها يبدو انها كانت بانتظار خطئه لترحل
إلى هنا ولم يعد يحتمل أطاح بغرفتها كامله أصبحت الغرفة مبعثرة مليئة بشظايا الزجاج وقطع ملابسها الممزقه
احتضن إحدى القطع وقربها لانفه يشتم عبق عبيرها الأخاذ ودموعه تتسابق لري عطرها لتتخالط مع ذلك العبير وتمتزج
قرر مراد استغلال معارفه بالبحث عنها ولكن باءت كل محاولات البحث بالفشل فلم يرها أحد منذ خروجها
وبعد ما يقارب الاسبوع قرر مراد إخراج فاتن فهي منذ وصولهم بحالة كآبة وألم على فراق أختها حاول معها كثيرا حتى اقنعها اخيرا بالخروج بحجة أن الأطفال يشعرون بالملل ويشعرون بحزنها
خرجوا جميعا في نزهة ف اوقف مراد السيارة ونزلوا جميعا ليتمشوا ويزوروا بعض المناطق التي تعتبر سياحية وهم يتمشون اقترب البعض من فاتن وقام أحدهم بشد حجابها والصراخ بها ومحاولة ضربها مما لفت انتباه أحمد ومراد الذين وقفا كالسد المنيع بينهم وبدأوا الدفاع عنها وعن عقيدتهم الإسلامية والحرية الشخصية في ارتدائها للحجاب تحت التنديد والتهديد من المجموعة الأخرى التي كانت أكثر عددا فقام بعض المتواجدين بتصوير الحدث بهواتفهم ونشرها منهم من كان مؤيد والبعض الآخر مندد بالحدث
كان الموقف صعب جدا على فاتن التي شعرت بخوف جديد لم تشعره من قبل وتذكرت كلام شقيقتها حين هاتفتها واخبرتها بما تتعرض له المحجبات وأنها تريد خلعه لتشعر بالأمان
فلاش باك
حور : يا فاتن افهميني انا والله خايفه من اللي بيحصل وانتي مش هنا ولا شايفة بيجرى ايه للبنات المحجبات
فاتن بضيق واضح : ده مش مبرر انك تقلعي حجابك الحجاب يا حور بيوضح هويتك ودينك وانتمائك وانتي لما تقلعي بتتخلي عن كل ده وبتستسلمي
بكت حور من كلمات أختها فهي تتهمها بالتخلي عن معتقداتها
وكانت هذه اول خطوة في تغير مسار حياة حور وتمردها وجريها وراء ما اسمته تحرر تحت غطاء الخطر والخوف
عودة للحاضر
كانت سالي تتمدد على السرير بجانب حور وتعبث بهاتفها واذ يظهر أمامها فيديو الاعتداء على فاتن
سالي : بصي يا حور البنت دي المحجبه بيحصلها ايه عشان لما اقولك حاجة تصدقيني تنهدت وقالت الحجاب بقا زي الوشم او العلامه الفارقة اللي بتشاور على البنات وكأنهم وباء عاوزين يتخلصوا منه
لم تبالي حور بكلمات سالي ولم تنظر للهاتف
قفزت سالي بسرعة وعدلت جلستها واضعة هاتفها أمام وجه حور بصي يا حور الواد المز ده شبه أحمد
وما ان ذكرت اسمه ومعه كلمة مز حتى غلى الدم بعروقها ونظرت لسالي وبعدها للهاتف الذي اختطفته من يد سالي حين رأت أحمد ومراد وخلفهم فتاة ممسكة بحجابها وجهها غير ظاهر لها أعادت الفيديو من البداية لتمتلئ عيونها بالدموع وهي ترى شقيقتها تتعرض لاعتداء همجي من قبل البعض الذين يظنون انفسهم أصحاب حق ويتمتعون بالحرية لفعل ما يشاؤون
رأت معشوقها يقف بكل قوة امامهم يحميها من بطشهم تحسست شاشة الهاتف الذي لم تعد ترى ملامحهم من خلاله بسبب دموعها التي اغشت عيونها فالقته على السرير واسرعت تبدل ملابسها تحت نظرات صديقتها التي استغربت رد فعلها
سالي :حور مالك انتي رايحه فين
ولكنها لم تجد إجابة منها سوى إغلاق الباب خلفها بعد خروجها بسرعة كبيرة
