رواية حتى نلتقى
بقلمي رغدة
الفصل السادس والسابع
بسم الله الرحمن الرحيم
اقترب مراد من أحمد الذي تضرج وجهه باللون الاحمر من كلماتها هل هذه اتهامات
ام اعترافات هل يفرح ام يحزن اذا لنترك الأمور تأخذ مجراها حتى تعود لصوابها
لكز مراد أحمد بخفة مشيرا للهاتف
ابتسم أحمد ابتسامة باهتة وعيونه تلتمع بدموع متحجرة وقال بصوت أجش: ها هننزل مصر امتى ؟؟
فرح مراد لأحمد فهو فهم ما يرمي إليه فاحتضنه بود وهو يربت على ظهره ومن ثم نظر له نظرة تحدي وقال خمس ايام مشيرا إلى أصابع يده وأكمل و نبدأ العد التنازلي عشان ترجع الأمور لمكانها الصحيح
ربت أحمد على فخذ مراد وقال : مش عاوزها ترجع عشاني انا عاوزها ترجع عشان تكسب نفسها
هز مراد رأسه موافقا أحمد على كلامه ومن بعدها توجه كل منهم إلى غرفته
حل الظلام الحالك على غرفتها لتصبح معتمة بشدة تشعر ان حياتها مظلمة أكثر من هذا الظلام خسرت من تحبه وتعشقه هل هذه نهاية قصتها هل نظراته وتصرفاته كانت تصرفات عاشق ام انها تنبع من اهتمام أخ فحسب
قضت ليلتها ساهرة وبين حين وآخر تتفقد هاتفها تنتظر رده على رسالتها فهو قرأها منذ مده ولم يجب عليها اهي شفافة لهذه الدرجة الا يراها أليس لديه الفضول ليعرف ما سبب كلامها
شعرت بأن الدنيا تضيق عليها تريد أن تتحدث وان تصرخ وتعترف بعشقها تريده لها ملكها وحدها
وهنا اخذ تفكيرها مجرى آخر
هل سيكون لغيرها ؟؟؟ سيكون من حق امرأة أخرى تهتم به ...... وتستنشق عبيره ورائحة عرقه العطرة هل سيلمس غيرها..... ويتودد لها... ويغمرها بكلمات عشق لها وحدها
هل سينظر لها بحب ووله وهيام ؟؟؟؟هل سينجب منها أطفال يحملون اسمه وصفاتها ؟؟؟
هل ستكون بجمالها ورقتها وانوثتها واناقتها ؟؟؟؟
أناقه ؟؟ هل ما ترتديه يعتبر من اللباس الأنيق
رأت بخيالها شقيقتها فاتن وعادت بذكرياتها لسنوات مضت......... عندما كانت غير محجبة
ما الفرق بين الاثنتين فالأولى كانت جميلة وجذابة والجميع كان يعلم مدى جمالها
وهنالك الكثيرات اللاتي كن يغرن من هذا الجمال ....
اما الأخرى فهي جميلة من نوع آخر تخفي كل ما تملك لتظهره لمن يملكها.......... هي بكل ما تحمل من صفات جمال له وحده لينعم به......
تخفي نفسها عن أعين الكل الا هو...... انها تميزه وتعطيه مكانة خاصة
ليس بقلبها وحسب وإنما بجسدها وتصرفاتها وكلماتها .... تضع حدا و سدا و حاجبا بينها وبين الآخرين ... وتظهر جمالها وانوثتها وغنجها ودلالها وكلامها المعسول الرقيق له وحده
تستثنيه عن كل البشر تتغزل به وتغدق عليه بحبها وعشقها
هو ملكها وهي ملكة على عرش قلبه
هنا وقفت واضاءت الغرفة وقفت أمام المرآة تتفحص نفسها وكأنها ترى انعكاسها لأول مرة ...
وتذكرت حجابها ولباسها الساتر ... كيف تخلت عنه بسهولة.... ألم يعاتبها قلبها .... ألم ترأف بجسدها وهي تعريه .... أخذت تفكر بكلمات فاطمة الأم الحنون ونصائحها عن اللباس والدين ..... أخذت تبكي وهي تعنف نفسها على ما اقترفت من ذنوب ... هل ما مرت به يستحق أن تخسر نفسها وعفتها وطهارتها ودينها وآخرتها؟؟؟؟؟
شعرت انها تغرق .... وحدها ..... تحتاج أحد ان ينتشلها من ضياعها وعصيانها. ... تريد يد تمسك بها لتأخذها لطريق كانت قد اضلته ...
دلفت إلى الحمام ووقفت تحت الماء تريد أن تغسل تلك الذنوب وتلك المعاصي وتلك التراهات التي زرعتها بداخلها ..... أرادت أن تستأصل جذور الشر والتحرر.... تريد أن تعود كما كانت .... تريد أن تجد نفسها الضائعة ..
انهت حمامها وارتدت منامتها .. حاولت كثيرا ان تنام ولكن النوم يجافيها .... شعرت انها لو بقيت وحدها لن تصل لحل لما بها ... فخرجت من غرفتها علها تهدئ من روعها و ارقها ....
نظرت حولها لهذا المنزل الهادئ الذي تملؤه السكينه كل من هنا ينعم بنوم هانئ قرير العين مرتاح البال
الا هي ......
شردت كثيرا الى ان شعرت بيد تربت على كتفها بحنان .... نظرت بجانبها لترى فاتن تجلس بجانبها وبيدها كوب من الماء تمده لها ... تناولته بصمت ويد ترتجف وارتشفت القليل
فاتن بحنان بالغ احتضنتها.... ضمتها إلى صدرها وتشبثت بها كأنها طوق النجاة الذي تبحث عنه
تمسكت بها بقوة كأنها تقول لا تتركيني .... انقذيني .... خذي بيدي وانجديني
كانت دموعها كالشلال تسيب دون إرادة منها
كان يتمدد على سريره يقلب هاتفه قرأ رسالتها مرارا وتكرارا حتى حفظ حروفها قبل كلماتها طبعها بذاكرته .... حفرها بقلبه .... ود لو يستطيع أن يجيبها يعاتبها.... يلومها.... يبث لها ما يغزو بقلبه من عشق
أراد أن يكتب لها ما بقلبه وما يعانيه ولكن ليس الآن وليس بهذه الطريقة
امسك دفتر مذكراته وخط بها
( العتاب 🌹🌺😢
أتعاتبني وتحزن وأنت من جرحني...
أتنعتني بالقسوة وانت من نساني...
أتهملني وتعود تشكو من عصياني...
أتتركني وأنت تعلم بأنك كياني...
أتبعدني عنك وأنت لى آماني...
أتظلمني بكل قسوة وأنت من أضناني....
أتبكيني بعدما كنت أجمل ألحاني ...
ما أقساك وأجفاك رغم لك كل حناني..
ما أحلاك حتى بخصامك تهواني...
ما عساك تظن بأني لا أهواك رغم أنك قوتي وعنفوانىي.
ما أجمل عتابك وخصامك فحروفك عنواني... )
تأمل كلماته وطوى صفحة أخرى من صفحات دفتره الذي يملؤه بخواطر وأشعار لها فقط وجال بباله خاطرة فشغفه بها لا توفيه هذه السطور تناول هاتفه وعبث به حتى وصل لإحدى الصور التي تجمعهم تنهد بكل ألم وأخذ يشدوا لها بكلمات من قلب الألم
(فى لحظة سكون أغمضت عيني والقلب حزين
بكل شجون تذكرت ما مر بنا وكلي حنين..
مرت بنا السنوات وكان حبك كالوتين..
قدمت لك روحي ورضيت بين حنايا قلبك
أن يظل فؤادي سجين
لم أكن أستطيع تحمل إبتعادك ولكن
لم تبالي غرامي وهنالك كنت من الظالمين
تحملت ذبحك لى بغراما يأسرك
وكان غدرك كطعنة سكين
كنت واهما فحبك سيكون لي ولكن .....
كنت لي من الظالمين
أفنيت عمري كي أرى بسمة من عينيك
رغم ماتملكني من أنين..
لكن القلب تمرد..... كفر بحبي الذى
تحطم وأصبح فى وضع مهين
كففت دمعي الذى سال ولم اجد لي معين
قتلني إهمالك وظنك أننى سأظل عبدا
ولكن ظلمك وجرحك لم يستكين..
ظننتني كسرت لابتعادك
ولكن لم تعلم أنك ارجعت لي الحياة ...
بعيدة عن غادر وستحيا وحدك مسكين..)
اخذ يتحسس شاشة هاتفه وأبتسم لطفولتها الظاهرة رغم شكلها الخادع ولباسها الذي يعطيها عمرا أكبر مما هي عليه
أغمض عينيه وأخذ يعود بذكرياته التي جمعته اولا بطفلة صغيرة .... كانت بريئة جدا لو اغضبها يرضيها بكلمة فترضى ...... لتكبر أكثر وأصبحت لا تقابله الا ان أحضر ما تريد من هدايا .. ظهر عندها وغرورها بسن المراهقة... كان يظن انها فترة وستمر وتختفي
ولكن منذ قدمت لمنزله زاد غرورها وكبريائها وغطرستها ..... تعامله كعدو لها .... تعانده بكل قراراته .... تحاول استفزازه.....تخرجه عن شعوره .....تتحداه ويا له من تحد كان هو الطرف الأقوى ومع ذلك كان يتنازل لها .........
استنشق الكثير من الهواء ليمتلئ صدره به ويخرجه بهدوء وهو يرسم ويخطط للغد فلا بد ان يكون الغد اجمل
بعد أن هدأت ثورة بكائها جففت فاتن دموع حور بحنان وامسكتها من يدها لتأخذها لغرفتها
وأجلستها على السرير كانت حور في حالة اللاوعي كأنها مسيرة لا تبدي أي رد فعل لما حولها ....شاردة
فاتن بصوت منخفض يصل للهمس: حور انتي كويسه
نظرت لها بعيون خاوية لا يملؤها سوا الدموع كأنها جردت من احاسيسها
قلقت فاتن وتوترت من حالة حور فنهضت لتخبر مراد ان يطلب الطبيب ولكن ما ان وقفت حتى امسكتها حور بقوة وتقول بصوت بالكاد خرج من حنجرتها : متسبينيش ....... مش عاوزة افضل لوحدي
تمددت فاتن بجوار صغيرتها واحتضنتها لتبث لها الأمان فقالت حور : فاتن انا خايفه .... نظرت لها فاتن وقالت : خايفه من ايه بس قوليلي مالك
نظرت لها حور وابتلعت ريقها لتقول بتلعثم جديد عليها : اناااا أناااا انا بحب
ابتسمت فاتن لها لتبث لها بعض الاطمئنان وتحثها على اكمال كلامها فأكملت بصوت مخنوق هو هيتجوز بجد ..... هنا وبهذه اللحظه فهمت فاتن ما ترمي له أختها..... أحمد..... هل يعقل ...... هل حقا ما وصل لها ..... حور تحب احمد؟؟؟؟ ولكنه سيتزوج من غيرها
نظرت لها مشيرة برأسها باستنكار وقالت بشكل حاسم : حور فوقي لنفسك انتي وأحمد مش ممكن تكونوا لبعض
صدمة حلت على مسامعها ولكن اسلوب فاتن الحازم معها جعلها متوجسة من القادم نظرت نحو فاتن بصدمة واضحة
اكملت فاتن بتعقل بعد أن رأت ملامح شقيقتها : بصي يا حور انتي اختي لا انتي بنتي وحبيبتي.... بس أحمد برضه اخويا وسندي ولو حصل معايا اي حاجة من اي كان انا عاوزة اخويا يفضل طول عمره معايا يسندني لو وقعت ويحميني من الأذى ويقويني وقت ضعفي .... أغمضت عيونها وفتحتهم مجددا تحاول ان توصل فكرتها لحور بتريث وهدوء وأكملت بنبرة أقل حده حاولت قدرالإمكان ان تغلفها بطابع رقيق وصوت هادئ منخفض لتحاول امتصاص ثورة حور المتوقعة : حور بصي يا حبيبتي هقولك ايه وحاولي تفهمي كلامي كويس .... أحمد راجل شرقي يهمه العادات والتقاليد.... حافظ كتاب ربنا واكيد زي ما سمعتيه هو عاوز ست بنفس المواصفات وانتي النقيض يا حور ....... انتي عند اول موقف حصل تراجعتي واستسلمتي وهو ميستحقش كده
حور ببكاء : انا مش عاوزة اكون كده ....انا مش وحشة أبدا.... انا كل حاجة كنت بعملها كنت بعملها بسببه .... كنت بعانده .... كنت بحاول اوريه اني مش طفله زي ما بيقول دايما ...... هو السبب .... كنت بظهر انوثتي وجمالي عشان يشوف حور الناضجة الكبيرة اللي تتحب ..... مش حور الطفلة الصغيرة الخاضعة واللي بتسمع الكلام من غير نقاش ...
كنت بغلط وانا عارفة انو غلط عشان اشوف لهفته واهتمامه ..... كنت بتبسط أوي بغيرته عليا ..... بفرح اما يتعصب عشان لبسي وسهري ..... وكنت كل مرة بحاول ازيد اكتر عن اللي قبلها عشان ينطق ويقول .... يقولي انتي جميلة وحلوة ..... يقولي بحبك ..... كنت بستنى اليوم ده على نار .... بس طلعت غلطانه بكل حساباتي
هو شايفني الطفلة الصغيرة يا فاتن وانا زي الهبلة كنت متأمله انو بيوم من الايام هيتحوزني انا .... نظرت نحو فاتن والدموع تترقرق بعينيها .... خرجيني من هنا يا فاتن وابعديني .... قلبي مش حمل الوجع ده ..... خديني بعيد لمكان ميكونش هو فيه ولا ليه ذكريات تفكرني فيه .... حاسة اني هتجنن .... عاوزة ارتب حياتي واولوياتي من جديد
انتي صح مش انا الست اللي أحمد او غيرو هيفكروا انها تكون زوجة وام لعيالهم
احتضنت فاتن بشدة : فاتن ساعديني الاقي نفسي اللي ضايعة مني ومش لاقياها...... عندي وغروري كسروني....... انا ضعيفة و عاوزة اقوى ... قويني بيكي وبوقوفك جنبي .....
أحمد خلاص راح من بين ايديا هو كان واضح وصريح أوي
انا مش عاوزة كل حاجة تضيع مني واطلع من الدنيا خسرانه
كفاية اللي خسرته لحد دلوقتي
ابتدي معايا يا فاتن من جديد رجعيني لعمر زينه وطلعيني السلمة وحده وحده
نوفيلا حتى نلتقي
بقلمي رغدة
البارت السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
اشرقت شمس يوم جديد لتنير بأشعتها الصافية حياة ابطالنا وتزيل ظلمة وغشاوة وعتمة ليلة حالكة
ليلة ارقت جفون العشاق وكانت تزيد ألما على ألم اضنى القلوب وارهق الفؤاد وابكى العيون
استيقظ مراد حين داعبت أشعة الشمس جفونه ليتململ بفراشه ليدرك ان فاتنته ليست بجانبه
قام من سريره وغسل وجهه وتوجه لغرفة أطفاله ليطمئن عليهم وظن ان فاتن عندهم ولكنه لم يجدها بحث عنها بالمنزل فلم يجدها كاد أن يجن اين يمكن أن تكون
خرجت فاطمة من غرفتها لتجد مراد بالصاله يحاول الاتصال على فاتن ولكن هاتفها موجود بغرفتهم اقتربت منه لتقول : مالك يا ابني ايه صحاك بدري كده
مراد : فاتن مش لاقيها صحيت ملقيتهاش
فاطمه : غريبه هتكون راحت فين ؟؟ شفتها عند الاولاد
مراد : ايوة ومش موجودة
فاطمه : طب شوفتها عند حور
مراد: حور ..لا مشوفتهاش
ربتت على كتفه وتوجهت لغرفة حور لتجد حور تدفن نفسها بأحضان فاتن وكلتاهما غارقتان بنوم عميق أغلقت الباب بهدوء كي لا توقظهما وتوجهت لمراد
فاطمة : اطمن يا ابني اهي نايمة عند حور
مراد ؛ تمام يا طنط ...واتجه لغرفته بحيرة لماذا فاتن نائمة بغرفة حور ...
استيقظ أحمد بكسل فهو لم ينم الا قليلا اخذ حماما منعشا وارتدى ثيابه وخرج ليجد والدته قد حضرت سفرة الإفطار قبل جبينها بحنان : صباح الجنة يا حجة
ابتسمت له بحب وقالت صباح الرضا والرضوان يا قلبي
جلس وسألها: اومال فين الباقيين
اجابه مراد من خلفه : انا هنا يا ابو نسب وجاهز
أحمد: الله هو انت خلاص هتنزل الشركة كل يوم ؟
مراد: ايوة عشان نخلص قبل السفر
تناولوا الفطار واتجهوا للشركة
فتحت عيونها الناعسة لتجد حور بأحضانها متشبثة بها كالطفلة الصغيرة مسدت على شعرها بحنان وقبلت جبينها وقامت من السرير بهدوء عدلت من وضع الغطاء على حور وتسحبت خارج الغرفة حتى لا توقظها
وجدت زين وزينة يجلسون مع فاطمة تقص عليهم قصص عن الصحابة وقفت قليلا بسعادة على اندماج أطفالها ومشاركتهم الحديث مع فاطمة واسئلتهم التي لا تنتهي
رأتها زينة فركضت نحوها واحتضنتها : مامي كل ده نوم
فاتن وهي تبادلها الحضن : ياااا ليه هي الساعة كام
زينة : الساعة اتناشر يا مامي
فاتن : يا خراشي هي الساعة اتناشر وأخذت تداعب صغيرتها حتى هربت من بين يديها لحضن فاطمة وهي تضحك
فاتن : صباح الخير يا ماما صباح الخير يا زين
فاطمه : صباح الورد يا بنتي يلا اغسلي وشك وتعالي على ما احضرلك الفطار
اقترب زين من والدته : صباح الخير يا مامي
ابتسمت له فاتن واحتضنته : احلى صباح ده ولا ايه
ونظرت نحو فاطمة وقالت : لا يا ماما متتعبيش نفسك انا مليش نفس هصلي و جاية
دلفت للحمام وتوضأت وصلت فرضها وخرجت لتجلس مع أبنائها و فاطمة
ما ان خرجت فاتن من غرفة حور حتى فتحت عينيها الممتلئة بالدموع وأخذت تحدق بسقف الغرفة و تفكر بكل ما يحدث و بكلام فاتن لها
بقيت في غرفتها طوال النهار وكلما دخل أحد عليها ادعت النوم ... حتى دخلت لها فاتن واقتربت منها وأزالت عنها الغطاء وجلست بجانبها وهزتها برفق : قومي يا كسلانه كل ده نوم
فتحت عيونها ونظرت لها بعيونها التي أصبحت منتفخة ولونها احمر من كثرة البكاء وهمست بضعف : فاتن انا عاوزة ارجع مصر عند ماما
فاتن بعاطفة كبيرة احتضنتها : متعيطيش ياحبيبتي كلها كام يوم ونرجع سوا
هزت رأسها بنفي : لا انا عاوزة ارجع النهاردة
نظرت فاتن لها باستغراب ونظرت لساعتها : النهاردة ازاي ؟؟؟ الساعة ٤ يعني مفيش وقت
حور وهي تتجنب النظر لفاتن : لا ... اصل انا حجزت تذكرة والطيارة الساعة ٨
نظرت لها فاتن باستنكار وقالت بحدة : وكنتي هتقوليلي ولا هتهربي زي ما عملتي من قبل ؟؟
هبطت دموعها فهي محقة بكلامها وغضبها منها ولكنها حقا بحاجة ان تبتعد ولو قليلا فقالت برجاء : فاتن أرجوك متزعليش انا تعبانه ولو فضلت هنا اكتر انا هموت
فاتن بلهفة : بعد الشر عنك ايه الكلام ده ... رفعت وجهها لتنظر لها وقالت : بصي ايه رايك ناخد شقه لوحدنا الكام يوم دول ؟؟؟
حور : لا مش هينفع انتو خلبكو هنا الفترة دي وانا هنزل لوحدي عند ماما ولو حد سال نقول ماما كلمتني و قالتلي ارجع لاني وحشتها
شعرت فاتن ان حور محقة فهي عليها ان تبتعد
فقالت : طب قومي نجهز شنطتك واكلم مراد
حور : لا بلاش مراد مع أحمد بالشركة ولو عرف اكيد هيقوله وانا مش عاوزة اشوفه قبل السفر مش عاوزة أضعف
شعرت فاتن بالشفقه على حور فالحب يضعف القلوب مهما كانت قوية
.......
كانت تجلس بهدوء و ثبات مصطنع على إحدى المقاعد في صالة الانتظار تحاول التماسك قدر الإمكان
هي أخذت قرارها وستكمل ولكن قلبها المتيم يحثها ان تنتظر
يقول لها سيأتي وستودعينه
تتلفت وتنظر باتجاه البوابة هل علم برحيلها؟؟؟؟
هل سيحزن؟؟؟ هل سيغضب ؟؟؟ هل سيشتاق؟؟؟
هي لم ترحل بعد وقد اشتاقت له ولكن إلى هنا وكفى وكل منا يلتفت لحياته ولمستقبله ....كل سيمشي بطريق مختلف سيخصه هو وحده ..... لن تعلق حياتها بأحد حتى لو كان حبيبها ......
سترسم طريق جديد وستسير عليه ....ستكون ذاتها ... ستصنع من شتاتها ملجأ ...
ستقصو على قلبها حتى يصبح طوع بنانها .... لن تكون أسيرة عشق من طرف واحد .....
لن تكون بديل او شريكة لأحد.... ستكون فقط لمن يستحقها ... لمن يتوجها ملكة على حياته بأكملها
ستعود ... نعم ستعود ولكن بهيئة أخرى وشخصية جديدة
.......
في منزل أحمد وبعد أن غادرت حور بساعة واحده التقطت فاتن الهاتف واتصلت على مراد
كان مراد وأحمد غارقين بالعمل وهاتف مراد بالوضع الصامت ولم ينتبه لاتصال فاتن
وبعد ساعتين استعد مراد وأحمد للعودة فأخذوا متعلقاتهم واتجهوا للسيارة وهنالك انتبه مراد لهاتفه ان فاتن قد اتصلت به فاعاد الاتصال بها ليتفاجأ انها تخبره بسفر حور
شعر بالصدمة التي ظهرت على ملامحه وتوتره فأغلق هاتفه ونظر لأحمد وقال : أحمد انت بتحب حور بجد؟؟؟
أحمد: ايه السؤال ده يا مراد هو انا مش راجل فاكر اني بلعب
مراد : طب اطلع عالمطار بسرعة
أدار السيارة بسرعة لدرجة ان صوت صريرها كان عال جدا وقال : في ايه ؟؟؟ حور بالمطار؟؟؟
مراد : ايوة يلا لازم نلحقها قبل ما تسافر
زاد أحمد من سرعته غير مكترث لحياته وعلى حين غرة والغضب يعمي عينيه وهو يفكر بحوريته لم يعي لنفسه الا على صرخة مراد ومحاولة مراد إمساك المقود لتفادي الحادث ....
اصطدمت سيارة أحمد بسيارة أخرى كانت قادمة من الاتجاه الآخر ولكن بفضل الله و سرعة إدراك مراد للموقف كان الاصطدام ليس كبيرا ومن هول الصدمة
كان أحمد غير واع لما حدث نزل من السيارة غير مكترث لحالته كانت الدماء تسيل من جبهته اليسرى بغزارة .... كانت رؤيته ضبابية ويشعر بالدوار وعدم الاتزان ولكنه أخذ يصرخ باسم حور كالمجانين اقترب منه مراد الذي كان وضعه احسن بكثير لبعد مكان الاصطدام عنه واقترب بعض الناس المتواجدين بموقع الحادث واتصلوا بالاسعاف
حاول مراد التكلم معه ولكنه كان بعالم آخر يريدها ويحتاجها آخذ يتوسل المارة ان يوصلوه المطار لمنع محبوبته من السفر ولكن شكله كان كفيلا برفضهم
كانت بالطائرة تجلس بحانب النافذة تنظر للخارج تشعر ان قلبها غير مطمئن هنالك غصة وألم في معدتها وشعرت بالقلق ولكنها تماسكت
أعلن الطيار عن بدء الرحلة لتشعر ان الهواء ينسحب من رأتيها وطوال مدة الإقلاع كانت دموعها تهبط وجسدها يرتجف فها هي تترك قلبها يتعذب تحرمه ممن هي الروح
.......
كانت تركض في أروقة المشفى كالمجنونة وخلفها تهرول فاطمة تبحثان عن أحمد ومراد ودموعهما تجري كالشلال منذ لحظة اتصال المشفى بها
وما ان وصلت الغرفة حتى سمعت ما جعلها ترتجف وتتراجع عن باب الغرفة
