رواية نوح الفصل الرابع والخامس بقلم ياسر عوده


 رواية نوح 

الجزء الرابع والخامس 

بقلم ياسر عوده

رواية نوح ( الجزء الرابع )

توقفنا فيما سبق حينما تم تعيين خمسه محاسبين للعمل مع 


نوح ، وكان من بينهم محاسبه اسمها بسمه وكانت كما ذكرنا 

تتمتع بذكاء وكانت تكره غرور


 الرجال ، بالطبع كان تصادم بسمه ونوح شيء مأكد سوف 


يحدث بدون شك فشخصيتها لا تتناسب مع شخصيه نوح ، وبعد عدة ايام كان نوح قد طلب من بسمه اعداد عدة قوائم


 خاصه بالحسابات وبالفعل حدث ذلك ولان نوح لا يهتم بالشكليات فقام بتعديل 


بعض الاخطاء بتلك القوائم ولم يخبر بسمه انها اخطأت ، بالطبع لم يكن هذا تجاهل من قبل نوح او محاوله منه للتقليل منها وانما هى طبيعته ، فهو ليس من النوع


 الذى يتصيد الاخطاء للاخرين ، فليس لديه عادات الانسان السيئه هذه ، وبعد مرور عدة ساعات اكتشفت بسمه انها اخطأت فى بعض بنود تلك 


القوائم فاسرعت لتعديلها قبل ان يكتشف احد ذلك ، فغرورها وتكبرها يمنعها من الاعتراف باى خطأ حتى وان كان بسيط ، وعندما ذهبت بسمه لتعديل الخطأ 


وجدت ان نوح كان قد سلم تلك القوائم لعيون صاحبه الشركه ، فتوجهت على الفور الى


 مكتبها ودخلت وطلبت منها السماح لها لمراجعه شيء بتلك القوائم ، فسئلتها عيون عن السبب ؟

بسمه : اعتقد ان بها خطأ بسيط واريد تعديله ؟

عيون : هو مش انتى اللى عمله القوائم دى ؟

بسمه وهى فى قمه الغضب : اجل انا من قام باعدادها ؟

اعطت عيون القوائم الحسابيه لبسمه والتى وجدت ان الاخطاء التى قامت به تم تعديلها ، ولكن لم تفهم من فعل ذلك .

فقالت لها عيون : نوح بيشكر فى شغلك وبيقول ان انتى ذكيه جدا .

ظنت بسمه ان عيون تسخر منها ، وقالت لنفسها بالتأكيد ان نوح اخبر عيون بالخطأ الذى قمت به ، خرجت بسمه من مكتب عيون متجها الى مكتب نوح 


ويملاء قلبها غيظ وغضب شديد ، تحدثت بسمه مع نوح بصوت عالى جدا وكان جميع كلامها اتهاما له بانه يسخر منها ومن شغلها وذلك من اجل


 خطأ بسيط جدا قامت به ، لم يكن نوح يهتم بكلامها فكل ما يهمه كيف التخلص من الصوت العالى


 فهو يؤلمه بشده ، فاصحاب مرض التوحد يفقدون التركز ويشت عقلهم من الصوت المرتفع ويؤثر عليهم ويجعلهم عديمى الانتباه ، وضع نوح يداه على اذنايه ليقلل من حده الصوت ولكن دون جدوى ، فبسمه ظلت ترفع صوتها بشده ، ونوح سقط على الارض من كثرة الالم وممسك باذنيه ويرتعش من الالم والتعب والتوتر .

انتشر الامر سريعا بالشركه ، بان نوح قد اصابه نوبه جنون ، واخذ كل موظف يحكى الامر بطريقته الخاصه ، تم اعلام عيون بالامر والتى تركت مكتبها وذهبت مسرعه لمكان نوح ووجدت ان جميع الموظفين


 يحاوطون نوح وهو مرمى على الارض ومنهم من يتفرج ، واخرون يصورونه على الهاتف لانزال الفديو على مواقع التواصل الاجتماعى بدون


 رحمه ولم يتحرك احدهم لمساعدته او تهداءته ، اما بسمه فبالطبع سكتت عندما وجدت نوح على


 هذا الامر ولم يكن بالشركه احد بقلبه بعض الرحمه فيحاول مساعده نوح ، ولكن عند وصول عيون وكانت قد علمت من قبل من الطبيب بطبيعه مرض نوح ولذلك قامت على الفور بالتقرب الى نوح واحتضانه ومحاوله تهدائته ، كان الامر صادم للموظفين 


فهل هذه عيون المغروره ذو القلب الحجرى ، تحتضن شخص مريض بدون خوف وتحاول مساعدته ، امرت عيون جميع الموظفين بالانصراف الى اعمالهم فكانت تحاول ان تخف حدة 


التوتر والخوف عند نوح ، احس نوح بخوف عيون عليه وطيبتها ، فمنحها ثقته وهداء بالفعل ، قامت عيون بمساعده نوح على النهوض وطلبت منه ان يحكى لها ماذا حدث ؟

فقال نوح : ان نوح كان يتألم بعلو صوت بسمه كثيرا ، ومش عارف ايه السبب ، نوح حاول يصمد بس مقدرش ، نوح اسف على اللى عمله .

كانت كلمات نوح القليله هذه مثل السكين بقلب عيون ، فاحست بالشفقه عليه


 والعطف ، ونزلت دموع منها بدون ان تشعر ، وقالت له : متقلقش يا نوح ، طول ما عيون جنبك متقلقش ، واى حد هيزعلك تانى انا هوقفه عند حده ، مش عوزاك تخاف ابدا .

لم يكن ذلك حب عزيزى القارىء فهى الانسانيه لا اكثر ، فهناك قلوب تراها قاسيه مع 


جميع الناس ولكن يلقى بها الرحمه والرأفه لاشخاص محددين ، فكانت عيون مثلهم ، قلبها قاسى متحجر لا تعرف الحب ابدا وذو


 شخصيه مغروره ، ورغم ذلك القى فى قلبها الرأفه بنوح والاحساس بالمسئوليه اتجاهه ، فكما هى تحتاج اليه لانه شخص صادق فى زمن كثر فيه الكذابون ، فكان هو بحاجه الى عونها ورأفتها به .

خرجت عيون من مكتب نوح وتوجهت الى مكتبها ، وطلبت ان يحضر اليها جميع الموظفين ماعدا نوح ، وبعد ان حضر جميع الموظفين قالت : انا جمعاكم


 هنا علشان تنبيه الاول والاخير ، اللى حصل بشركتى من شويه لو اتكرر مش هيحصلكم كويس ، اى موظف هيعلى صوته فى وجود نوح يعتبر نفسه مطرود ، اى موظف هيتجاوز حدوده 


مع نوح يلم ورقه ويمشى من الشركه بدون رجعه ، واللى كانوا وقفين وبيتفرجوا وبيصوروا لو حاجه نزلت على مواقع التواصل او اى مكان هطرد 


جميع الموظفين فى الفرع الرئيسى بالشركه وصدقونى انا مش بهدد انا بنفذ واتقوا شر عيون لانكم اكيد مش قدها .

كانت تهديدات عيون صارمه للموظفين ومفاجأه ، منهم من فصرها بانها تحب نوح وكل موظف كان يضع التفسير اللذى يناسبه .

كان بالطبع تهديد عيون له نفع شديد ، فلم يتم انزال اى فديو تشهير بنوح باى مكان ، بعد انتهاء اليوم وعادت عيون لمنزلها قال لها والدها المهدى : انا عرفت باللى حصل بالشركه ؟

عيون : عارفه ان فى ناس بينقلولك كل حاجه يا ابو عيون .

المهدى : التصرف بتاعك كان غلط الناس والموظفين هيفتكروكى بتحبيه يا عيون ؟

عيون : انت عارف انى ميهمنيش كلام الناس او الموظفين .

المهدى : بس انا يهمنى ، واللى حصل دا غلط ومش عوزه يتكرر يا عيون .

عيون : حاضر مش هيتكرر حضرتك .

دخل احد الحراس ليخبر السيد المهدي بقدوم الاستاذ اسامه ابن اخو المهدى وخطيب عيون السابق .


رواية نوح ( الجزء الخامس )

توقفنا فيما سبق حينما غضب المهدى من تصرفات ابنته عيون مع نوح بالشركه وكان يؤنبها بشده ، ولقد حضر الى منزلهم اسامه ابن عم عيون وخطيبها السابق .

ولكن من هو اسامه : هو واحد من رجال الاعمال المشهورين بالقاهره يعمل فى مجال السياحه ، تقدم لخطبه عيون ولكنها كانت تعتبره مثل اخيها



 ولكن مع الحاح اسامه على خطبتها وضغط والدها المهدى عليها لقبول ذلك ، فوافقت


 على الخطبه وبعد فتره قصيره اكتشفت عيون ان لاسامه علاقات نسائيه كثيره وانه خدعها وكذب


 عليها حينما اقسم على الاخلاص لها ، وكما كنا نعرف ان عيون لا تسامح ابد من كذب عليها ولو مره واحده ، لذلك فسخت خطوبتها من اسامه على الفور ومن حينها يحاول اسامه ارضاء عيون لاعاده خطوبتهم ولكن دون جدوى .

دخل عيون منزل عمه وقال له وهو غاضب : ازاى يا عمى بنتك الاستاذه سيده الاعمال الشهيره بتحضن موظف عندها فى الشركه .

المهدى : اسامه احفظ لسانك واتكلم باحترام ؟

عيون موجه كلامها لاسامه : وانت بتتكلم بصفتك ايه ، وكمان عرفت منين ، ايه انت حاطط عندى جواسيس بشركتى انت كمان ؟

اسامه موجه كلامه لعمه : يا عمى انا مش قصدى الاهانه ، بس انا دمى غلى لما عرفت اللى حصل ، انت عارف انا بحب عيون قد ايه ؟

المهدى موجه كلامه لاسامه : دا بردو ميدكش الحق فى انك تغلط فى بنت عمك بالشكل دا ؟

اسامه : اسف يا عمى ، واسف ليكى يا عيون .

عيون موجه كلمها لاسامه : لا متتأسفش ، انت عندك حق ، منا فعلاً كنت حضنا نوح ، 


ودا عادى يعنى مهى الوحده ممكن تحضن حببها وخطبها المستقبلى ، ثم تركت عيون المكان وصعدت لغرفتها بعد قولها هذا الكلام .

اسامه متحدث مع عمه وهو غاضب وثأر : انت شايف يا عمى بنتك بتقول ايه ، طيب انا هفرجها عهمل ايه فالبتاع دا اللى اسمه نوح ؟

المهدى متبسم : يا اهبل بتغيظك ، عوزاك تغير عليها ، يعنى بتحبك يا غبى ، نوح ايه اللى بتحبه دا شاب غلبان ومريض هى بتعطف عليه علشان


 ظروف مرضه مش اكتر ، وبعدين اللى نقلك الكلام واللى حصل بالشركه مقلكش نوح دا ظروفه ايه ، ولا انت بتستعبط ياض .

اسامه : يا عمى ماشى ، تعطف عليه ، تزود مرتبه ، بس مش تحضنه وتطبطب عليه والموظفين كلهم بيتفرجو كدا .

المهدى : خلاص اتلم بقى انا كلمتها وقرصت عليها بالكلام وهى وعدتنى متعملش كدا تانى ، المهم تتعشى معانا النهارده ولا هتغور وتورينا عرض افاك .

اسامه : هقعد بصراحه عيون وحشانى .

المهدى : كنت عارف ان انت مسهوك ياض ، بس حمار ضيعتها من ايدك مره ، بس متقلقش انا هفضل وراها لغايه ما توافق عليك تانى .

اسامه احتضن عمه وقال : حبيبى يا عمى .

المهدى بسخريه : هو ايه حكايه العيال دى فى الاحضان التانيه بتحضن موظف والموكوس دا بيحضنى .

فى اليوم التالى ذهبت عيون الى شركتها فوجدت نوح بانتظارها ودخل وراها مكتبها فقالت له عيون : خير يا نوح مالك مستنينى بدرى ليه كدا ، حصل حاجه ؟

نوح : نوح جاى يشكر عيون ويقولها انها طيبه اوى ، ومطلعتش شريره زى ما نوح كان فاكر .

ضحكت عيون بصوت عالى عندما سمعت كلام نوح وقالت : شريره يا نوح ، يخربيت



 كلامك العسل ، واخذت تضحك ، ثم قالت له : طيب نتفق من النهارده نبقى اصدقاء ، وتبطل تعاند فيا كل شويه ، وكمان يا عم


 احنا كلنا هنا عرفين ان انت اذكى واحد بمصر كلها مش الشركه بس ، فقلل غرورك علينا شويه ، ها قولت ايه يا نوح ، اتفقنا ولا هنفدل نناكف ونعاند ببعض كتير .

نوح : على فكره نوح عارف انه اذكى واحد فيكم مش محتاجه اعتراف من عيون يعنى ، بس نوح اعتبر عيون صديقه عزيزه اوى من امبارح خلاص ، اما بقى بخصوص الغرور فنوح هيحاول يبطله شويه بس دا مش وعد .

جعلت كلمات نوح البريئه والمغروره فى نفس الوقت عيون تضحك مره اخرى بشكل 


كبير وقالت : تمام يا عم المغرور اتفقنا كفايه علينا كدا دلوقتى ، انا مش طماعه بس مسيرى يوم واخليك تبطل غرور ، مع انى بصراحه ابتديت احب غرورك اوى .

ظل حديث نوح وعيون ما يقارب ساعه وبعد ذلك غادر نوح مكتبها لدخول مكتبه فوجد به بسمه ، فبمجرد ان وجدها نوح بالمكتب شعر بالاضطراب


 والتوتر ، ولكن بسمه تقدمت باتجاهه خطوتين وقالت له : انا جيه اتأسف على اللى حصل منى امبارح ، بصراحه ذكائك كان 


فارسنى اوى ، وخصوصا انى تأكدت امبارح انى اقل منك ذكاء بكثير ، ودا طبعا ميدنيش الحق باللى عملته علشان كدا جيت أتأسف بشده ، وكمان ممكن اطلب منك طلب ؟

نوح : بسمه عوزه ايه من نوح ؟

بسمه : ممكن تعلمنى ، محتاجه افضل جنبك وقت طويل علشان اتعلم منك الشغل ، انا عارف ان انت بتحب تكون وحدك ، بس اوعدك مش هعملك اى ازعاج .

نوح : بس نوح مش بيحب الصوت العالى .

بسمه تبسمت وقالت : مش هتسمعلى صوت عالى ابدا اوعدك ، اقولك ههمس بالكلام لو تحب .

لقد مر اسبوعان تقريبا منذ تلك المحادثه التى تمت بين نوح وبسمه ، بالفعل ظلت بسمه بجانب نوح كل هذه الفتره حتى انها نقلت مكتبها مع مكتبه 


لتتعلم شغل الحسابات واعداد الميزانيات والقوائم وغير ذلك من العمليات الحسابيه ، كانت بسمه ذكيه لدرجه كبيره 


وتتعلم بسرعه ، نشأت صداقه بين نوح وبسمه ايضا ، فلقد نجحت بسمه باكتساب ثقه نوح بشكل كبير واصبح اكثر شخصين مقربين اليه هما عيون وبسمه .



                   الفصل السادس من هنا 

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>