رواية زواج اضطراري الفصل الخامس5 بقلم ضحي حجازي


رواية زواج اضطراري

الفصل الخامس :

بقلم ضحي حجازي 

عادت بعد فترة قصيرة تحمل في يديها كوبان من " النسكافيه " ثم دخلت الي الشرفة وهي تقول بابتسامة : بص انا معرفش انت سكرك ايه فحطيت معلقة ..

ابتسم هو لابتسامتها ثم قال : انا اصلا بشربه بمعلقة... انتي صح ...

ـ طاب كويس 

ـ اتكلمي انا سامعك ....قالها بفضول حاول اخفاءه ...

تحولت ملامحها الي الجدية وهي تقول : حكولك ايه عني بقي بالظبط ....اظن انك عرفت كل حاجة مش كده ؟!

نظر لها باستغراب ثم قال : عرفتي منين ؟!!

ضحكت ضحكة خافتة ثم قالت : انا صحافية فاكيد توقعاتي متنزلش الارض ...عموما يا سيدي هي مش اول مرة ادور وراهم دورت قبل كده كتير ومش هرتاح ولا يهدالي بال غير لما كل ده يتفضح ...انت فاكر مثلا لما منصور الشرقاوي والي فوقه يتمسكوا انا هرتاح او دي هي النهاية ؟!! في الاعلي منهم كتير والي عمر محد هيقدر يمسهم بحرف واحد ... البلد دي تعمل فيها الي انت عايزه من غير م تخاف ومحدش هيجي جنبك ...ولو جيت للحق مش البلد دي بس الموضوع اكبر من الي ممكن تتخيله ...

ضحك ضحكة مجلجلة جعلتها تنظر له بحدة قائلة : ايه الي بيضحك ف كلامي مش فاهمة ؟؟!!

ـ مفيش بس الصراحة متوقعتش ان ده تفكيرك ... انا استغربت اصلا لما حكولي عن انك كنتي بتهاجمي الناس دي ودليل ادانتهم في ايدك ...انا الصراحة كنت شايفك سوري يعني هبلة ومجنونة وطفلة وكمان كنتي متربية بره يعني مستحيل كنت اتخيل ان ده تفكيرك ..... يعني انتي ميكس غريب ....متدينة وده الي لاحظته محجبة ولبسك واسع مع انك عايشة بره بقالك كتير.....  في اوقات كتير او يمكن علي طول كنت بحس انك طفلة ودلوقتي بتدوري عن الحق وبتحاولي تظهريه باي وسيلة ...

ـ مش معني اني كنت متربية بره اني انسي ديني ...انا الحمد لله ربنا من عليا بعيلة متدينة جدا بالرغم من الطبقة الي عايشين فيها ...لما امي ماتت بابا كره البلد دي لانه كان بيحبها اووي ومقدرش يعيش في مصر من غيرها وقتها....  بس طول عمره واحنا فكندا بيفكرني ان المسلم مسلم فاي مكان ...بيشجعني اصلي واصوم واقرا قران والبس واسع بيحببني ف ده بيخليني اقرا كتب تحببني في ديني اكتر ...تعرف اغلب الناس الي كنت مصاحباهم في كندا مسلمين لانهم من دول عربية بس مهاجرين  معظم كندا كده اصلا  ...وبرغم انها دولة مفيهاش اي مظاهر اضطهاد بسبب الدين او الحجاب كانوا مسلمين بالبطاقة بس ...ساعتها كنت بفضل وراهم واعرفهم بديننا لقيتهم قربوا بسرعة اووي ...كل واحد مننا عنده جواه الجانب والفطرة انه يقرب من ربنا بس محتاج الي يوجهه ...الي يمسك بايده عشان ميقعش ...تنهدت مطولا ثم قالت : انما بقي موضوع اني اهتم بالمشاكل بتاعت بلدي وكده تصدقني لو قولتلك ان انا اصلا قررت ابقي صحافية عشان اقدر اتكلم زي م انا عايزة في المشاكل الي كنت كل يوم بشوفها وبسمع عنها ....مش معني اني كنت بره مصر اني انعزل عنها لا انا بالعكس كنت بشوف اخبار ومسلسلات وافلام وكل ده فهمني درجة الانحطاط الي وصلنالها ......نسيبنا بقي من الموضوع ده وندخل في المهم ..."هبلي " بص يا سيدي هو عامة اظن انت حاليا اكتشفت انه مصطنع ...هو في الحقيقة فعلا مصطنع انا بطبعي كنت انسانة مرحة جدا جدا ...ترقرق الدمع في عينيها للحظات ثم اكملت بعد ان ابتلعت غصة مريرة في حلقها : مرت عليا فترة صعبة جدا اتدمرت فيها نفسيا  وبقيت بطلع منها بالتصنع ده تقدر تقول انا ممكن اخلي اي موقف جد في الدنيا يقلب مسخرة  ...بس بجد والله في مواقف انفعالي فيها بيبقي غبي جدا ده غصبا عني ....نظرت نظرة وهي مستاءة من نفسها وهي تقول: دوشتك صح ...

ضحك ضحكة خفيفة ثم قال بمزاح : لا عادي انتي دوشاني من يوم م شوفتك اصلا ...بعد ان نظر نظرةدرامية ....

أخذت تضحك بشدة حتي سعلت وضحك هو لضحكاتها ثم قالت بنبرة عابثة : بقولك ايه هو الكومباوند ده فاضي صح ...

نظر لها باستغراب ثم قال : اه تقريبا محدش ساكن هنا غيري لانه لسه جديد  لييه ؟؟

ضحكت ضحكة خبيثة ثم قامت بفك شعرها من قيده واخذت تحركه كالمجانين لاعلي واسفل حتي اصبح شكلها كالساحرة الشريرة  وهي تصيح بأعلي صوتها ...

نظر مشدوها لهذا الموقف الجنوني الذي كان يتابعه بعيون جاحزة : انتي مجنونة صوتك يخربيتك في ناس نايمة ؟؟!!!!

نظرت له وهي تضحك كالمجانين : جرب بجد والله بيطلع كل الطاقة السلبية الي في الدنيا ...مش كده كده قولت مفيش حد ...

نظر لها بأبتسامة ...حسنا لقد استهواه جنونها فأخذ يصيح معها بأعلي صوته حتي وجدا رجلا يصيح بهما : انتوا يا شوية بهايم في ناس نايمة هنا ....انتو مجانين ؟؟!!!

نظرا لبعضهما قليلا ثم انفجرا في نوبة من الضحك ثم قال كانه يدلي بسر عسكري خطير لها : اهه اكتشفت اكتشاف جديد ان في حد ساكن في المنطقة المهجورة دي ..

نظرت له ثم انفجرت في نوبة اخري من الضحك شاركها اياها ...ثم توقفت قائلة : بجد مش قادرة بطني ...انا هروح يا عم انام عشان اصحي للفجر واصحيك ..

قال كأنه يترجاها : من غير ميه والنبي ...

ضحكت ثم قالت : يبقي تخش تنام انت كمان ....قالتها ثم لملمت شعرها في قيده وهي تقول : لما الم اشيائي ..تصبح علي خير ...

قال بضحك : وانتي من اهله ...قالها بهيام غريب عليه ...

اخذ يناظرها بعينيه حتي صعدت وقلبه الرابض في صدره يخفق بعنف كما لم يخفق من قبل ...أخذ ينظر الي السماء بعدما ابتعدت وعقله ينشده انه حدث ما لم يتخيله يوما ....وبريق عينيه يفضح مكنون صدره .......

..............................................

مرت عدت ايام عليهما حتي اتما الشهر ....تغيرت فيه الاحداث كثيرا بعد تلك الليلة ...اصبحا يتحدثان سويا بالساعات ...يشاركها جنونها وطفولتها ...تعد له الطعام بيدها يوميا بعدما اكتشف براعتها الشديدة في الطهي ...حسنا جانب اخر جديد يكتشفه في شخصيتها ومشاعره تجرفه الي بر اخر ...كانت تساعده علي التقرب من الله عزوجل ...ليس فقط بايقاظه لصلاة الفجر بل ايضا بانها تساله عن صلواته اذا كان منتظما فيها ام لا ...وايضا اكسبته عادة قراءة ور يومي من كتاب الله الكريم ....زاد تعلقه بها كثيرا ....صارت جزءا لا يتجزء منه ....اعترف امام نفسه انه احبها ...احبها بجنونها وحنانها وجرأتها ...احب كل مافيها ...وايضا من ضمن ماحدث في تلك الايام تقرب امه واخته الشديد لها الذي  لم تخلو من مقابلات عائلية تضم والده ايضا... وتأكد له ان امه اعتبرتها زوجة حقيقة له ولن تسمح بطلاقهم ابدا فهي جيدة في انتهاز الفرص  !! تحدثت في يوم الي والدها الذي لم يبدي دهشة بدوره لانه كان علي علم مسبق بكل ما يجري من احداث بالطبع من والده ...لم يخلو الامر ببعض التوبيخ منه لها ونصائح له كي يحافظ علي الامانة ؟!! اهو بالفعل لم يدرك انه تزوج منها كي يحميها ...ازال تلك الفكرة عن رأسه فحقيقة قد راقه دور الزوج واب العروس هذا كثيرا .....وفي هذا اليوم الذي يعد من اهم ايام حياته قرر ان يعمل بنصيحة صديقه ويعترف لها بحبه ...معللا ذلك بان المهمة علي وشك الانتهاء وسيتم القبض علي منصور الشرقاوي ومعاونيه في خلال اليومين القادمين ...وستتركه ؟؟!!! لن يصبر علي الفراق ولن يطيقه لذا يفضل البوح بمكنون صدره لها علها تظل الي جواره ويرتاح ذلك الاسير في صدره ....

..............................................

دلف الي شقته بعدما انهي عمله واحضر معه لها باقة ورد كبيرة شديدة الجمال وطعام جاهز فهو كان قد اخبرها من قبل الا تطبخ كي ترتاح اليوم .....اخفي باقة الزهور علي اريكة بعيدة قليلا عن المطبخ حتي لا تراها...  ثم اخذ يبحث عنها و هو يقول : حور تعالي خدي الاكل يلا وجهزي السفرة علي بال م اغير هدومي ...

اتت مسرعة وابتسامة جميلة تزين ثغرها قائلة : ايه ده الله جايب فراخ مشوية انا بحبها اووي ....روح غير يلا بسرعة عشان مضمنلكش اني مخلصش عليها ....ضحك علي كلماتها ثم غادر وهو يفكر كيف ستكون ردة فعلها حينما تري الورقة الموضوعة بباقة الزهور  ....

انتهت من وضع الطعام علي المنضدة وجهزت كل شئ ثم نادت عليه كي يأتي مسرعا قائلة : أدم يلا بسرعة قبل م الاكل يبرد ...

كان يهبط علي الدرج وقتها حينما قالت هي عبارتها التي جعلته  يتوقف مشدوها وهو يشعر بخنجر مسموم يطعن به في قلبه ...

اكمل هبوطه بعجلة ثم وقف امامها يسالها وهو ينظر في عيونها مباشرة  : مين أدم ؟؟!!

نظرت له بصدمة كبيرة وهي تلعن نفسها بداخلها علي تفوهها بتلك الكلمات الحمقاء التي بأمكانها ان تدمر كل شئ  ...ولكن لعل هذه اشارة من الله لينكشف كل شئ ويرتاح بالها المعذب اثر الكذب عليه ...

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بنظرات أسفة كانت الاشد ألما علي قلبه والدمع يجري كتيار جارف من عينيها : بص انت كده كده كان لازم تعرف كل حاجة ....

                       الفصل السادس من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>