اذكروا الله
الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر
الفصل الثاني عشر
كالفراشة التي تحلق بالهواء ثم تهبط وتتسلق الزهور تتذوق عبيرها، تدور حول نفسها وسط الزهور وتستنشق رحيقها؛ وقفت فجأة عندما رأت تلك الفتاة أمامها وقتئذ رائحة المسك الفاتنة تفوح في كل أرجاء المكان؛ كانت واقفة بجانب زهور بيضاء وترتدي ثوبًا أبيض يزينه نقاب وحجاب طويل، رفعت النقاب ثم كشفت وجهها الذي ينبعث منه النور ابتسمت لها وقالت: "جزاكِ الله خيراً يا حسناء"..
بعد ذلك أنزلت النقاب واختفت كأنها تبخرت من أمامها؛ عينها حائرة تلتفت يميناً ويساراً تبحث عنها؛ وفجأة أفاقت من نومها ووضعت يدها على صدرها وقد علت أنفاسها؛ ثم وضعت أصابعها في أذنيها لا تريد سماع دقات قلبها الخائفة؛ نهضت من فراشها وفتحت نافذة غرفتها تستنشق الهواء، فما زالت تستنشق رائحة المسك؛ نظرت للسماء تلمح النجوم الطافية التي لم يكتمل قمرها بعد، تساءلت أهذا كان حلمًا أم حقيقة؟! وقفت تتأمل وتفكر وتدعو ربها وبعد لحظات أذن المؤذن لصلاة الفجر.)
دخلت زينب تطمئن عليها وتوقظها لصلاة الفجر رأتها بجانب النافذة ذهبت إليها وربتت على كتفيها: "عاملة إيه دلوقتي يا بنتي؟"
قالت وهي تجفف دموعها: "الحمد لله يا ماما في نعمة ورضا من الله"..
والدتها بابتسامة: "الحمد لله يا حبيبتي؛ كنت داخلة أصحيكي تصلي كويس إنك صاحية؛ يلا اتوضي عشان تصلي يا بنتي"..
أومأت برأسها إيجاباً ثم قالت: "حاضر يا ماما"..
توضأت وقبل أن تصلي أقام المؤذن في المسجد المجاور لبيتها الصلاة؛ كان صوت الإمام يتخلل نافذتها سمعته وهو يقرأ: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"؛ لكن لن يلتفت انتباهها لتلك الآية.!!
بدأت حسناء في صلاتها باكية داعية ربها أن يتقبلها ويغفر الذنوب التي تحجب الدعاء وتطلب منه الستر والعفو؛ وبعد انتهائها فتحت مصحفها تقرأ منه ما تيسر من القرآن وإذ بها تفتح المصحف بطريقة عشوائية فقد ظهرت لها سورة المطففين بدأت في قراءتها وعندما وصلت إلى الآية: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"؛ وقفت برهة تفكر ما معنى هذه الآية؟! "الآية دي الإمام لسة كان بيقرأها حالا؛ سبحان الله أكيد دي رسالة عشاني أما أقوم أفتح التفسير وأشوف تفسير الآية إيه بالضبط؟!!"
أمسكت كتاب التفسير وبحثت عن الآية: "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"..
"أَيْ لَيْسَ الْأَمْر كَمَا زَعَمُوا وَلَا كَمَا قَالُوا إِنَّ هَذَا الْقُرْآن أَسَاطِير الْأَوَّلِينَ بَلْ هُوَ كَلَام اللَّه وَوَحْيه وَتَنْزِيله عَلَى رَسُوله صَلىَّ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا حَجَبَ قُلُوبهمْ عَنْ الْإِيمَان بِهِ مَا عَلَيْهَا مِنْ الرَّيْن الَّذِي قَدْ لَبِسَ قُلُوبهمْ مِنْ كَثْرَة الذُّنُوب وَالْخَطَايَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى"كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" وَالرَّيْن يَعْتَرِي قُلُوب الْكَافِرِينَ وَالْغَيْم لِلْأَبْرَارِ وَالْغَيْن لِلْمُقَرَّبِينَ وَقَدْ رَوَى اِبْن جَرِير وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَهْ مِنْ طُرُق عَنْ مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ الْقَعْقَاع بْن حَكِيم عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ الْعَبْد إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا كَانَتْ نُكْتَة سَوْدَاء فِي قَلْبه فَإِنْ تَابَ مِنْهَا صُقِلَ قَلْبه وَإِنْ زَادَ زَادَتْ" فَذَلِكَ قَوْل اللَّه تَعَالَى "كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبهمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"."
توقفت حسناء عن القراءة ثم قالت محدثة نفسها: "يعني إيه قلبي فيه نكتة سوداء وهتزيد لو فضلت أعصي ربنا.؟!" يبقى لازم أتوب؛ بس أنا باصلي وبقرأ قرآن ومش باعمل حاجة غلط الحمد لله؛ لا يا حسناء ولبسك الضيق والبناطيل دي تبقى إيه؟! ثم رفعت يدها داعية تناجي ربها: "يا رب ساعدني؛ نور دربي وطريقي؛ اهدني إلى الصراط المستقيم يا رب"..
حينئذ طرق زياد باب الغرفة لكنها لم تنتبه له؛ فدخل وقال: "آمين يا رب العالمين"..
ارتعشت ووضعت يدها على صدرها وتنفست بصعوبة: "حرام عليك يا زياد رعبتني؛ مش تخبط قبل ما تدخل.؟!"
زياد بقلق: "خبطت كتيير الظاهر مأخدتيش بالك، ماما حكتلي أنا وعلي اللي حصل معاكي؛ طمنيني عاملة إيه دلوقتي؟!"
حسناء: "الحمد الله على كل حال"..
قال باهتمام: "دي رسالة من ربنا ليكي يا حبيبتي؛ افهميها صح! ونفذيها صح! عارفة يا حسناء يعني إيه الرسائل الربانية؟!!"
هزت رأسها بالنفي وقالت: "يعني إيه؟!"
تنهد ثم قال: "يعني رسالة من ربنا ليك لو كنتِ في غفلة أو كنتِ بترتكبي ذنب ربنا يبعتلك رسالة عشان تفوقي وتتوبي وترجعي له!"
تنهدت بشدة ثم قالت: "أنا قلت بردو إن أكيد دي رسالة؛ اللهم اغفر تقصيري واهدني إلى صراطك المستقيم, ادعيلي يا زياد دايما"..
زياد بابتسامة: "بادعيلك على طول يا حبيبتي وربنا يتقبل"..
قالت بحنين: "تعرف يا زيزو لما تسافر هتوحشني أوي"..
ظهرت على ملامحه ابتسامة حزينة حاول أن يداريها ثم قال: "ماشي يا بكاشة!!"
حسناء: "خلاص هتسافر بكرة؟!!"
زياد: "أيوة بإذن الله هسافر بكرة بعد العصر؛ خدي بالك على نفسك يا سمسمتي"..
اغرورقت عيناها بالدموع ثم قالت: "حاضر؛ متقلقش عليا يا زيزو؛ قولي حجزت العربية اللي هتوصلك للمطار ولا لسة؟!!"
زياد: "لا ماحجزتش؛ أسعد ربنا يسعده قال هيجي يوصلني للمطار"..
حسناء: "كتر خيره"..
قال مداعبا: "ها قوليلي لما أقبض أول شهر أجيبلك هدية إيه؟!!"
قالت بابتسامة: "أهم شيء توصل بالسلامة؛ ومش محتاجة حاجة غير إنك تكون بخير وخد بالك من نفسك؛ وربنا يهون عليك غربتك"..
لم يتمالك نفسه، تساقطت دموعه واحتضنها: "هتوحشيني يا سوسة؛ لماضتك هتوحشني"..
ابتسمت قائلة: "أنت كمان هتوحشني أوي"..
أدخل علي رأسه من وراء الباب ثم قال بابتسامة: "يا سلام على الحب!! وأنا مليش من الحب جانب ولا إيه؟!!"
هم بالدخول واحتضنهم ولف ذراعيه حولهم بحب وعطف وحنان وأعينهم بها بعض الدموع.!! وقفت والدتهم على باب الغرفة؛ ظلت دموعها تتساقط وهي تقول: "ربنا يخليكم لبعض يا حبايبي"..
الثلاثة في نفس واحد: "تعالي يا ماما خديلك حضن بسرعة"..
همت بالدخول واحتضنتهم..
علي: "يلا يا سمسمة قومي؛ مفيش نوم النهاردة عايزين نشبع من زيزو شوية"..
(انتهى اليوم وهم يقضونه مع زياد يتذكرون أيام طفولتهم..)
******************
(صبيحة اليوم التالي)
زياد: "يا أمي؛ مها ووالدها هيجوا يقضوا معانا النهاردة"..
غمز علي لزياد ثم قال مداعبا: "ماشية معاك يا زيزو".
انفجر الكل بالضحك؛ ثم قالت حسناء: "مها وحشتني أوي كويس إني هشوفها النهاردة"..
زياد: "خدي بالك من مها يا سمسمة ما تنسيش إنها وحيدة!!"
عقدت حاجبيها: "انت هتوصيني على أختي؟!!"
والدتهم بابتسامة: "متقلقش مها جوا العين؛ يلا أنا هقوم أحضر الفطار"..
******************
رن جرس الباب عند الساعة الثامنة معلنا قدوم أحد، جرى زياد وفتح الباب..
ضحكت حسناء و علي، وفي نفس واحد قالا: "أكيد دي مها وعمو سعيد!!"
(ظهرت مها ووالدها وألقوا السلام على الجميع؛ وكانت زينب قد أحضرت الإفطار؛ فجلس سعيد وعلي وزياد في غرفة الجلوس ليتناولوا وجبة الإفطار؛ أما زينب ومها دخلوا غرفة حسناء وتناولوا الإفطار؛ بعد انتهائهم من الإفطار ظلت حسناء تروي لمها ما حدث معها في الكلية أول أمس؛ بعد ذلك أذن الظهر ونزل علي وزياد ووالد مها للصلاة؛ وكان أسعد على موعد معهم على باب المسجد وتقابلوا جميعا وبعد الانتهاء من أداء صلاة الظهر رجعوا إلى المنزل..)
******************
أسعد: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ إزيك يا خالة عاملة إيه؟!"
زينب بابتسامة: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ الحمد لله بخير يا ابني"..
أسعد بقلق: "حسناء عاملة إيه دلوقتي؟!!"
زينب: "الحمد الله في نعمة ورضا من الله"..
أسعد بابتسامة: "يستاهل الحمد؛ هي فين مش شايفها يعني؟!"
أشارت إلى البلكونة: "هي قاعدة في البلكونة مع مها"..
استأذن قائلا: "هاروح أسلم على حسناء وأطمن عليها.!!"
زينب: "اتفضل يا ابني"..
نادى أسعد على علي: "ممكن تيجي معايا البلكونة أطمن على صحة حسناء.؟!!"
علي بابتسامة: "يلا تعالى نرخم عليها شوية"..
(دخل علي وأسعد الشرفة؛ وعندما رأتهم مها استأذنت منهم.)
نظر علي لحسناء ثم قال: "يا سمسمة أسعد جاي يطمن عليكِ!"
نظرت بخجل وقالت: "إزيك يا أستاذ أسعد؟!"
نظر للأرض وقال: "الحمد لله؛ أنتِ عاملة إيه؟! يا رب تكوني بخير؟!"
قالت بامتنان: "الحمد لله"..
(رن هاتف علي وذهب بعيدا ليرد)
عندما رأى أسعد علي يبتعد قليلا ليرد على هاتفه قال: "أستأذن أنا!"
التفتت له ثم قالت بجدية: "ممكن أسألك سؤال؟!!"
أسعد يرتبك ويرد بقلق: "اتفضلي اسألي؛ خير؟!"
******************
_____________________________________
سبحان الله
الفصل الثالث عشر
قالت وقد بدأت الحيرة تظهر على ملامح وجهها: "هو حضرتك كنت عند الكلية بتعمل إيه؟!!"
وضع عينيه في الأرض وهو يقول: "بصراحة كنت منتظرك!!"
حسناء بدهشة: "منتظرني أنا.؟! ليه؟!!"
قال بارتباك: "عشان أعتذرلك على تصرفي الخطأ يوم كتب كتاب زياد لما كنتِ خارج القاعة!!"
قالت وهي تتصنع النسيان: "آآآآه؛ ده أنا كنت نسيت أصلا؛ بس الموضوع مش محتاج اعتذار أساسا، وكمان حرام إني أقف مع شاب حضرتك مش عارف كده ولا إيه.؟!!"
قال بتلعثم: "أنا آسف؛ في دي عندك حق؛ أرجوكِ تقبلي أسفي"..
حسناء بابتسامة: "خلاص حصل خير".
أسعد بحزن: "يبقى لسة زعلانة مني؟!!"
أشارت برأسها بالنفى وقالت: "أبدا والله، هو فعلا حصل خير ، حضرتك لحقتني لما أغمى عليا؛ أنا اللي عايزة أشكرك!!"
ابتسم وقال: "يبقى خالصين؛ أنا أقبل شكرك وأنتِ تقبلي اعتذاري"..
قالت بابتسامة ترتسم على وجهها: "خلاص ماشي"..
أسعد: "الحمد الله"..
أغلق علي الهاتف واقترب منهم وهو يقول: "يلا يا أسعد ناخد الشنط ونحطها في العربية..
أسعد بفرح ظهر على نبرات صوته: "ماشي يلا بينا؛ أستأذنك؛ السلام عليكم"..
حسناء: "اتفضل؛ وعليكم السلام"..
(بعد أن خرجوا قالت محدثة نفسها: انت جدع ومحترم يا أسعد؛ بس غصب عني لما بشوفك بافتكر اللي سابنا ومشى باحزن وبافتكر وجعي؛ بس أنا لازم مظلمش حد ملوش ذنب؛ هحاول يمكن أقدر)..
أما أسعد ظل يلوم نفسه فقد أيقظته كلمات حسناء حقا إنه لا يحل له أن يذهب وينتظرها في الطرقات حتى يكلمها؛ محدثا نفسه: "مكنتش متوقع إن حسناء اللي بتلبس ضيق متدينة كده وواخدة بالها من الحلال والحرام فعلا يا حسناء أنتِ ينقصك بس اللبس الشرعي ربنا يرزقك ارتدائه"..
دخلت مها لحسناء وقد ظهر على وجهها سحابة حزن تلف وجهها البشوش لم تقدر أن تتمالك نفسها فبكت فارتسم على وجهها الخوف من فراق زياد..!)
حسناء بقلق: "مالك يا ميهو يا حبيبتي؟!!"
مها بحزن يعتصر قلبها: "خلاص مش هشوف زياد إلا بعد سنة.؟! هيوحشني أوي؛ مش عارفة هقدر على بعده الأيام دي إزاي؟!!"
ربتت على كتفها: "ما تزعليش يا حبيبتي؛ اهدي بس كده مينفعش زياد يشوفك بالمنظر ده قبل ما يسافر؛ عايزاه يمشي زعلان يعني؟!! تماسكي قدامه يا حبيبتي وربنا يهون"..
جففت دموعها ثم قالت: "لا خلاص أنا كويسة وبضحك أهو"..
حسناء بابتسامة: "أيوة كده؛ طيب عن إذنك هروح أشرب..
مها: "اتفضلي".
(دخلت حسناء الصالة ونادت على زياد)
حسناء: "زياد تعالى عايزاك في حاجة!"
زياد: نعم يا سمسمتي.؟!
حسناء: "مها في البلكونة؛ ادخل اتكلم معاها شوية قبل ما تسافر"..
زياد بفرح: "ربنا يخليكِ ليا يا مظبطاني دايما"..
حسناء بضحكة: "عشان تعرف بس إني باحبك"..
زياد: "وأنا كمان باحبك وهتوحشيني أوي"..
حسناء: "وأنت كمان يا زيزو"..
******************
دخل زياد الشرفة وهو يخطو ببطء ويقول: "سرحان في إيه يا جميل؟!!"
قالت بخجل: "فيك أنت"..
زياد بفرح: "ربنا يديمك عليا نعمة؛ ويجمعنا على خير"..
رفعت يدها وقالت: "آمين يا رب"..
ثم نظرت له بجدية وقالت: "اسمع عارف لو عينك زاغت على بنت كده ولا كده هاعمل فيك إيه.؟!"
زياد بابتسامة: "هتعملي إيه يعني؟!"
ضغطت على أسنانها وقالت: "لا ولا حاجة؛ هقتلك بس يا حبيبي!!"
زياد بتكشيرة: "ههون عليكِ؟!"
مها بجدية: "باتكلم جد؛ اوعى تغضب ربنا"..
رد قائلا: "أعوذ بالله؛ ربنا يعافينا مما ابتلى به غيرنا"..
مها: "آمين؛ عايزة بس أفكرك بحديث من بعض أحاديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن غض البصر قال: "إياكم والجلوس في الطرقات فقالوا: يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها؛ فقال: إذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه؛ قالوا: ما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر.."
زياد: "صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ وكمان الآية الكريمة؛ قال ـ تعالى ـ: "قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ..."..
يستكمل زياد كلامه: "قد جعل الله سبحانه العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته؛ وإذا أطلق بصره أطلق القلب شهوته"..
قالت بتعجب: "الله يبارك فيك؛ ما شاء الله عليك؛ ربنا يحفظك"..
نظر لها وقال بابتسامة: "عارفة أجمل حاجة فيكِ إيه.؟!!"
احمر وجهها ثم قالت بصوت خافت: "إيه؟!!"
-إنك لما بتحبي تنصحيني على طول تفكريني بالآيات القرآنية والأحاديث؛ هي دي الزوجة الصالحة مش تتخانقي معايا وتعكنني عليا!!
ضحكت قائلة: "ربنا يخليك ليا ويحفظك وترجعلي بالسلامة؛ متخفش مش هعكنن عليك"..
زياد بابتسامة: "يا رب ويخليكِ ليا"..
مدت يدها في حقيبتها وأمسكت بمصحف صغير ثم أعطته له وهى تقول: "دايماً اقرأ منه يا زياد؛ لو حسيت إنك في ضيقة أو زعلان أو حتى فرحان ولما تحس بالوحدة اجعل المصحف صديقك في كل الأحوال"..
أمسك المصحف بيده ثم قال: "جزاكِ الله خيرا؛ أجمل هدية والله؛ يلا أنا هاقوم بأه أحضر نفسي عشان متأخرش"..
كادت دمعة أن تفر من عينيها فابتسمت بحزن: "اتفضل؛ في رعاية الله"..
******************
بعد أن سلم زياد على والدته ومها وحسناء والجميع ذهب أسعد وزياد وعلي إلى المطار؛ سلم على علي واغرورقت عيناه بالدموع؛ ثم قال: "خد بالك من ماما وحسناء يا علي هما ملهمش غيرك دلوقتي"..
دمعت عيناه واحتضنه ثم قال: "متقلقش عليهم؛ خد بالك بس أنت من نفسك؛ هتوحشني أوي يا أخويا"..
يحتضنه بشدة: "وأنت كمان"..
مد أسعد يده يسلم على زياد وبريق عينيه يوحي بنزول أول عبرة على خده ثم قال: "بس بأه هاعيط مبحبش الوداع ده؛ ربنا معاك يا زيزو وترجع بالسلامة"..
زياد: "آمين؛ الله يسلمك"..
(وبعد انتهاء زياد من الإجراءات جلس في مكانه المخصص بالطائرة؛ وبعد قليل حلقت واختفت عن الأنظار.)
******************
بعد أن أوصل أسعد علي في منطقته؛ قال علي: "نزلني هنا يا أسعد هصلي العشا في المسجد..
أسعد: حاضر يا عليوة هنزل معاك أصلي أنا كمان إلا صلاة الجماعة ما حبش إنها تفوتني أبدا؛ عارف يا علي صلاة الجماعة ثوابها عظيم أوي؛ اسمع كده الحديث الجميل ده؛ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه، خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه: إذا توضأ، فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة، إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى،لم تزل الملائكة تصلي عليه، ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة."؛ وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة."..
قال باهتمام: "صلوات ربي عليك يا حبيبي يا رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ يعني إيه كلمة الفذ؟!"
رد قائلا: "معنى الفذ (الفرد) هوضحلك الحديث أكتر؛ صلاة الجماعة أفضل وتزيد بسبع وعشرين درجة عن صلاة الفرد (الفذ) سواء كنت تصلي في البيت أو السوق"..
علي بامتنان: "بارك الله فيك يا أسعد؛ بحب أتكلم معاك أوي؛ وبتعلم منك كتير"..
أسعد: "وبارك فيك يا عليوة"..
(دخلوا المسجد وذهبوا للوضوء)
أسعد: "علي خد الموبيل حطه في جيبك؛ أصل جيبي صغير وخايف يقع مني؛ على ما نصلي"..
علي: "اعمله صامت الأول؛ اوعى تنسى.!"
أسعد بابتسامة: "متقلقش عملته خلاص"..
وبعد أن انتهوا من أداء الصلاة ذهب أسعد ليستقل سيارته، أما علي فقبل أن يصل إلى البيت وقف فجأة؛ محدثا نفسه وهو يتحسس جيبه: "يا نهار أبيض.!! أسعد نسى تليفونه معايا؛ والعمل إيه دلوقتي؟! مفيش حل بأه غير إني أروحله البيت أديهوله ولا هو يرجع ياخده وخلاص.؟!!"
(قرر علي أن يذهب إلى بيت أسعد ليعطيه الموبيل وعندما وصل علي إلى باب شقة أسعد ضغط جرس الباب.)
أسعد محدثا نفسه: "الحمد الله الخطة نجحت؛ أكيد ده علي؛ يا رب عدي الليلة دي على خير".
فتح أسعد الباب لعلي؛ قال له علي: "نسيت يا عم الموبيل معايا.... "
ولم يكمل علي كلامه تسمر في مكانه وتلجم لسانه وارتعشت يداه واغرورقت عيناه بالدموع...
******************
___________________________________
سبحان الله وبحمده
الفصل الرابع عشر
ما زالت قسمات وجهه تروق للعيون؛ تعدى الخمسين من عمره؛ ابيَضّ شعره، رسمت على ملامحه بعض التجاعيد؛ ذبلت عيناه؛ يده مرتعشة قليلا؛ كان يجلس على كرسي متحرك وعيناه اغرورقت بالدموع هي الأخرى؛ تمنى كثيراً أن يرى أبناءه ولكن خوفه الشديد من عدم مسامحته جعله يفضل أن يظل بعيداً كما كان من قبل؛ أما قلبه المتلهف لأبنائه أحس به أسعد وقرر أن يخاطر بخططه لكي يرى أبناءه ودعا الله كثيراً أن يجمع شملهم قريبا؛ خفق قلبه كاد أن يغشىَ عليه؛ عندما نظر إليه؛ تأمل ملامحه قليلا؛ رق قلبه أحس بالحنين، فدمعت عيناه؛ هل يجري إليه ويحتضنه أم ماذا؟!!
انطلق مسرعا ودموعه تتساقط؛ وأسعد يجري خلفه وينادي عليه؛ لم يلتفت للنداء وظل يجري إلى أن وصل لنهاية الشارع؛ أمسك أسعد بيده ليوقفه؛ وقتئذ توقف ثم هوى على ركبتيه، وتعالت دقات قلبه ؛ انحنى أسعد وأخذ بيده يساعده على الوقوف..
أسعد بحزن: "عمري ما شفتك في الحالة دي يا علي؛ أرجوك اهدى عشان نعرف نتكلم"..
علي وعينه ما زالت تدمع: "كنت قاصد تنسى تليفونك معايا عشان آجي وأشوف الراجل ده.؟!! حرام عليك يا أسعد"..
أسعد بأسى: "يا علي أرجوك اهدى واسمعني"....
قاطعه علي: "أسمع إيه؟!! أنا مستقبلي كله ادمر بسببه كنت باحلم دايما أكون مهندس دمر حلمي وسابنا ومشى؛ مسألش فينا احنا بناكل ولا مش لاقين ناكل؛ أنا كتير نمت من غير عشا لما كنت أحس إن زياد وحسناء لسة حاسين بالجوع كنت أكدب وأقول مش جعان؛ كنت باحس بالشبع لما أشوفهم شبعوا؛ وأمي كانت تبكي ومش عارفة تعمل إيه وتجيب فلوس منين.؟! لحد ما بدأت تعمل الحلويات والكيكة وتبيعهم عشان تصرف علينا"..
تنهد بحرقة ثم استكمل كلامه: "احنا تعبنا أوي يا أسعد مش محتاجين وجوده في حياتنا؛ خلاص كبرنا ووقفنا على رجلينا تاني؛ جاي هو على الجاهز يشوف عياله اللي رماهم.؟! آسف جدا يا أسعد الراجل ده احنا ما نعرفوش!!!"
قال معاتبا: "حرام عليك يا علي؛ ده مهما كان أبوك؛ أنت كده بتعقه؛ وإلا عقوق الوالدين يا علي.!!"
علي ببكاء: "وهو لما يسيبنا ويرمينا يبقى ده مش اسمه عقوق بردو.؟! أرجوك يا أسعد سبني دلوقتي معلش؛ عن إذنك"..
أسعد: "استنى أوصلك طيب مش هينفع أسيبك في الحالة دي لوحدك!!"
لوح علي بيده رافضا: "أنا عايز أبقى لوحدي".
أسعد: "خد بالك من نفسك"..
كان يخطو خطوة تلو الأخرى شارد الذهن يطيح به الهواء يمينا ويسارا؛ عندما وصل نظرت إليه والدته بلهفة وقلق؛ سألته: "مالك يا علي.؟! في إيه؟!"
علي بارتباك: "مفيش يا أمي؛ مرهق بس شوية ومحتاج أنام"..
والدته بقلق: "هاجيبلك مسكن خده والصبح هتكون خفيت بإذن الله"..
علي: "لا مش محتاج مسكن أنا بس محتاج أنام، تصبحي على خير يا أمي"..
والدته: "وأنت من أهل الجنة يا ابني"..
(اعتقدت زينب أن حالة علي هذه من حزنه على فراق أخيه؛ ثم رفعت يدها داعية الله أن يجمعهم عن قريب.)
******************
سرقته وخانته مع صديق عمره وطُلقت منه حتى تتزوج من الآخر؛ كما تدين تدان؛ لم يتحمل صدمته وقع ونُقل للمشفى أصابته جلطة أجلسته على كرسي متحرك؛ لم يجد أحدًا معه أصبح وحيدا؛ اتصل بأخيه عبد الله (والد أسعد) لكي يساعده ويقف بجواره، عبد الله حزن حزناً شديداً على أخيه؛ وقرر أن يأخذه لكي يعيش معه تحت رعايته؛ وافق عبد الرحمن (والد حسناء) بشرط ألا يعرف أحد من أبنائه بوجوده.
******************
(في صبيحة اليوم التالي.)
دخلت زينب تُوقظ علي لكي يذهب إلى عمله: "قوم يا حبيبي عشان تروح شغلك"..
علي بكسل: "مش قادر يا أمي هاتصل بيهم آخد أجازة"..
والدته: "على راحتك يا ابني"..
ذهبت إلى حسناء توقظها للذهاب إلى الكلية.. "قومي يا بنتي يلا عشان تروحي الكلية"..
حسناء مغمضة عينيها: "مش قادرة أروح يا ماما؛ مش عارفة أنسى اللي حصل خالص.!!"
قالت بجدية: "مينفعش كده يا حبيبتي روحي احضري محاضراتك ومها هتبقى معاكي".
نهضت وأسندت رأسها على ظهر السرير ثم قالت وهي تتثاءب: "خلاص هاتصل بمها لو هتروح هروح معاها"..
(أخبرتها مها معتذرة بأنها لن تذهب اليوم.)
نظرت لوالدتها وقالت: "أهو حتى مها مش هتروح"..
دخلت تحت الغطاء وقالت: "هاكمل نوم بأه!!"
تنهدت والدتها بشدة وقالت: "ربنا يهديكم يا ولادي"..
******************
"للدرجة دي بتكرهني يا ابني؟!!"
يقولها عبد الرحمن (والد علي) ودموعه تتساقط وهو ينظر لصورة علي ويتحسسها بيده؛ دخل عليه أسعد ثم ربت على كتفه وقبله..وقال بحزن وأسى: "متزعلش يا عمي؛ بكرة علي وزياد وحسناء يبقوا في حضنك كمان؛ بس لازم نستحمل في الأول ردود أفعالهم؛ بس والله قلبهم طيب أوي بالذات علي"..
قال بتنهيدة متعبة: "أنا عارف يا ابني وحزين على كل دقيقة ضيعتها وأنا بعيد عنهم؛ أنا ندمان أوي يا أسعد؛ وكل ثانية قلبي بيتقطع؛ نفسي يسامحوني أوي"..
أسعد وقد اغرورقت عيناه بالدموع: "أوعدك يا عمي إنهم هيبقوا معاك وعن قريب كمان؛ ربنا يسهل الأمور؛ بس أهم شيء بالله عليك متهملش في نفسك وصحتك؛ والله صحتك غالية علينا كلنا"..
-قوله يا ابني أحسن ده تاعبني في أكله ومش بيرضى ياخد العلاج كمان..
قالها عبد الله..
التفت إليه أسعد وهو يقول: "خلاص يا والدي عمي هياخد باله من نفسه وصحته من دلوقتي عشان أولاده محتاجينه؛ قلت إيه يا عمي؟!"
عمه: "حاضر يا ابني؛ عشان خاطر أولادي أعمل أي حاجة؛ أهم شيء يرجعولي"..
عبد الله: "أيوه كده؛ ربنا يريح قلبك"..
أسعد: "ربنا يهدي الأمور عن قريب..!!"
والده وعمه في نفس واحد: "اللهم آمين"..
قال بإرهاق: "هستأذنكم بأه هدخل أنام؛ مرهق جدًا"..
والده: "اتفضل يا ابني؛ نوم الهنا"..
عمه: "أسعد.؟!!"
التفت إليه أسعد: "نعم يا عمي.؟! محتاج حاجة؟!"
عمه بامتنان: "كتر خيرك يا ابني على كل اللي بتعمله عشاني؛ ربنا يسعدك ويجازيك كل خير"..
انحنى على يد عمه وطبع قبلة عليها: "متقولش كده يا عمي؛ أنا بس نفسي أسعدك ونفسي أشوف الابتسامة ترجعلك تاني..!!"
عمه: "يا رب يا ابني؛ أنا سعيد بوجودكم معايا"..
عبد الله: "احم احم؛ نحن هنا وبنغير أوي"..
ابتسم أسعد ثم اتجه نحو والده واحتضنه وقبله هو الآخر: "أنت الخير والبركة يا والدي"..
والده بابتسامة: "ربنا يحفظك يا ابني ويخليك لينا"..
أسعد: "يا رب؛ يلا تصبحوا على خير"..
والده وعمه في نفس واحد: "وأنت من أهله"..
******************
أسعد يلوم نفسه: "يا ترى اللي عملته ده صح ولا غلط.؟! أنا هاتصل بعلي واتكلم معاه واحاول أقنعه"..
حاول مراراً وتكرارا الاتصال بعلي؛ لكن علي لم يرد عليه؛ قرر أن يتصل على الهاتف الأرضي..
زينب: "ردي يا حسناء شوفي مين بيتصل؟!"
حسناء: "حاضر يا ماما"..
رفعت حسناء سماعة الهاتف وردت قائلة: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"..
خفق قلبه لسماع صوت حبيبته؛ قال بصوت مرتعش: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ إزيك يا حسناء.؟!"
حسناء بدهاء ومكر: "مين حضرتك؟!"
بتعجب: "أنا أسعد"..
حسناء مطصنعة اللامبالاة: "آه؛ الله يسلمك يا أستاذ أسعد؛ الحمد لله بخير"..
- "يا رب دايما؛ والدتك عاملة إيه؟!"
- "الحمد لله بخير"..
- "يا رب دايما؛ هو علي فين؟ أصلي باتصل بيه على تليفونه مش بيرد.!!!"
- "علي نايم مريض شوية"..
-ألف سلامة عليه؛ ممكن تستأذني والدتك إني آجي أشوفه.؟!
التفتت لوالدتها وقالت: "ماما؛ أستاذ أسعد بيستأذنك يجي يشوف علي"..
والدتها: "طبعا يشرف"..
حسناء: "سمعت قالت إيه؟! طبعا يشرف"..
ابتسم قائلا: "أيوة سمعتها؛ بأمر الله هاجي دلوقتي؛ مسافة السكة بس"..
- في رعاية الله..
******************
زينب: "اتفضل يا ابني؛ عامل إيه؟!!"
أسعد: "الحمد الله بخير؛ وحضرتك عاملة إيه؟!"
زينب بابتسامة: "الحمد لله؛ ادخل لعلي شوف ماله أحسن واجع قلبي عليه من امبارح.!!"
رد قائلا: "حاضر"..
طرق الباب ودخل لعلي؛ ثم ألقى عليه السلام..
نظر له علي ورد السلام:
أسعد بجدية: "ممكن أتكلم معاك شوية يا علي؟!"
علي: "لو هتتكلم في الموضوع ده؛ يبقى بلاش"..
أسعد بجدية: "هاتكلم فيه ولازم تسمعني؛ عارف يا علي يعني إيه عقوق الوالدين؟!!"
عقد حاجبيه ثم قال: "مش عايز أعرف.!"
أسعد بحدة: "إزاي بس بتصلي ومؤمن بالله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؛ وتقول مش عايز أعرف.؟! استغفر الله واهدى كده واسمع الحديث الجميل ده؛ بس مش هاقوله إلا لما تبتسم وتبعد التكشيرة دي عن وشك؛ أصل ما ينفعش أذكر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنت مكشر؛ سيرته لازم تفرحنا وتدخل السرور في قلوبنا؛ ولا إيه يا عليوة؟!!"
ابتسم علي أخيرا وقال: "صلوات ربي عليك يا حبيبي يا رسول الله؛ اتفضل قول يا سيدي"..
ضحك أسعد: "أيون كده؛ بص يا سيدي الحديث بيقول: عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف؛ قيل من يا رسول الله.؟! قال: من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما، فلم يدخل الجنة."..
يستكمل أسعد كلامه: "عارف يعني إيه رغم أنف يا علي.؟! يعني ذُلَّ وكُرِهَ وخُزِي"..
علي: "أعوذ بالله؛ ربنا يعافينا"..
أسعد: "شفت بأه يا علي.؟! والقصد كمان من الحديث إنه يدل على العناية بالوالدين وبرهما وخاصة عند الكبر وحاجتهما إلى الخدمة والمساعدة في أداء ما يحتاجون إليه.
وفيه أن القيام بحق الوالدين عند ضعفهما وعجزهما عن الكسب سبب لدخول الجنة؛ وفيه أنه يجب الإحسان إلى الوالدين في حال الكبر والحاجة إلى من يعينهما..
وبصراحة والدك محتاجلك أنت واخواتك يا علي لأنه بأه عاجز وضعيف؛ مهما عمل هو أبوك ما ينفعش تسيبه حتى لو كان عامل فيك إيه"..
علي بحزن وحيرة: "أنا مش عارف؛ حاسس إني مشوش ومش عايز أغضب ربنا؛ وفي نفس الوقت مش قادر أسامحه يا أسعد"..
