رواية المنتقبة الحسناء الفصل الخامس السادس والسابع والثامن بقلم شيماء عفيفي


رواية المنتقبة الحسناء 
الفصل الخامس والسادس والسابع والثامن 
بقلم شيماء عفيفي

الفصل الخامس

فوجئت به، دق قلبها واحمر وجهها خجلاً وقالت: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

ضربات قلبه خفقت بشدة وقال: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ إزيك عاملة إيه؟"

مها بإحراج: "الحمد لله بخير".

سمعت صوتها حسناء وجرت عليها وقالت: "إيه المفاجئة الجميلة دي؟! اتفضلي يا مها والله فرحتيني أوي".

مها بابتسامة: "كنت بشتري طلبات لماما وكنت قريبة منك قلت أعدي عليكِ شوية".

حسناء: "نورتِ الدنيا كلها يا ميهو".

زينب من المطبخ: "مين يا حسناء.؟!"

حسناء بعلو صوتها: "دي مها يا مامتي".

خرجت من المطبخ وألقت السلام على مها: "إزيك يا بنتي؟ وحشتيني والله؛ مبتجيش ليه؟!"

مها: "معلش يا خالتو أنتِ عارفة الجامعة بأه والمذاكرة".

والدة حسناء: "ربنا يوفقك يا بنتي أنتِ وحسناء ويرزقكم بزوجين صالحين".

حسناء بمكر: "يا رب يا مامتي عايزين بأه نخلص من مها ونجوزها".

ضحكت وقالت: "يا رب عن قريب"..

حسناء: "تعالي يا مها ندخل الأوضة على ما ماما تخلص الفطار عشان نفطر سوا".

مها: "لاء؛ فطار إيه.؟ أنا مش عايزة أتأخر".

زينب: "اتصلي بوالداتك يا حبيبتي وعرفيها إنك هنا وهتفطري مع حسناء."

هزت رأسها إيجابا وقالت: "حاضر يا خالتو".

أخذت حسناء مها وذهبتا إلى الغرفة وبعد بضع دقائق طرق الباب..

حسناء: "اتفضلي يا ماما"..

زياد: "لا؛ أنا زياد يا سمسمة"..

دق قلبها سريعا واحمر وجهها.. فتحت حسناء الباب وقالت:

"نعم يا زيزو.؟!!"

زياد: "عايز بس الموبيل بتاعك أصل رصيدي خلص وعايز أعمل مكالمة ضروري!"

رفعت حاجبها وقالت بدهشة: "اتفضل ومتنساش الجمايل دي".

قالت بدهاء: "مش عارفة يا مها زياد ماله كل أما أجيب سيرتك يفرح أوي!"

حاولت أن تغير الموضوع فقد زاد وجهها احمراراً فقالت: "أنتِ عاملة إيه يا حسناء؟ وحشتيني والله".

عقدت حاجبيها قائلة: "على أساس إننا بقالنا سنة مشفناش بعض".

قالت بخجل: "أنتِ كل ساعة بتوحشيني يا سمسمتي".

قالت حسناء بامتنان: "ربنا يخليكِ ليا يا ميهو, بس قوليلي؛ أنا بس اللي وحشتك؟!!"

مها بكسوف: "آه طبعا؛ أنتِ بس".

غمزت لها ثم ضحكت قائلة: "طيب يا ست ميهو أما نشوف آخرتها معاكم إيه؟!"

مها بتعجب: "يعني إيه معاكم دي؟!"

تبسمت بخبث: "لا؛ ولا حاجة"..

******************

(بعد مرور ثلاثة أيام)

نظر لها بسعادة وانحنى وقبل يدها ثم قال بفرح: "يا أمي؛ فاكرة لما قولتلك في مفاجئة لما تتم هقولك عليها.؟!"

قالت باهتمام: "آه فاكرة؛ أخيرا نويت تقولي؟!"

زياد بابتسامة: "ما أنا قولتلك بأه يا أمي؛ دي مفاجئة وخلاص الحمد لله تمت على خير".

ابتسمت قائلة:"طيب خير الحمد لله؛ هي إيه بأه المفاجئة؟!"

زياد: "خير يا أمي بإذن الله؛ أنا جالي شغل في شركة كبيرة في السعودية وبمرتب حلو أوي والمفروض أسافر كمان شهرين"..

قالت وقد ظهر على ملامح وجهها القلق: "ربنا يوفقك يا حبيبي ويسعدك"..

زياد: "مالك يا أمي؟! إيه الحزن اللي ظهر عليكِ فجأة ده.؟!

تنهدت بحيرة: "باخاف من الفراق يا حبيبي مقدرش على فراقك وكل سنة أشوفك".

قال بتكشيرة: "غصب عني يا أمي بس لازم أكافح عشان أقدر أبني مستقبلي وأتجوز بأه.".

ربتت على كتفه ثم قالت: "ربنا يسعدك يا حبيبي والله أنا نفسي تخطب قبل ما تسافر"..

زياد بفرح: "يا ريت يا أمي والله؛ طب ما ترشحيلي بنت تكون ملتزمة ومؤدبة أخطبها قبل ما أسافر ولما آخد أجازة كمان سنة أرجع ونتجوز"..

حسناء من خلف زياد: "مها.!!"

خفق قلبه فرحاً ثم قال:  "أنتِ هنا من إمتى يا سوسة؟!"

حسناء بجدية:"أنا هنا من بدري أوي؛ المهم إيه رأيك في مها؟"

أشارت والدتها بالإيجاب ثم قالت: "والله يا ريت مها توافق بنت كويسة أوي ومن أسرة محترمة وطيبة".

زياد بقلق: "يعني مها ممكن ترفض..؟!"

غمزت حسناء له: "سيب الموضوع ده عليا يا عريس"..

أومأ برأسه إيجابا ثم قال: "ماشي واعرفي ردها بسرعة عشان أخطبها قبل ما أسافر"..

حسناء: "ماشي متقلقش"..

زياد: "هو فين علي عشان نعرفه القرارات الجديدة دي وناخد رأيه؟!"

حسناء: "لسة نازل من شوية يصلي العشا في المسجد".

زياد: "إيه ده.؟! نزل من غيري هألحق أروح أتوضا وأنزل أصلي يمكن أقابله في المسجد"..

******************

وصل علي إلى المسجد ليصلي فدخل يتوضأ؛ كان الماء باردا فارتعش من برودته وقال: "هما مش بيعملوا هنا مية سخنة ليه.؟! ده كل المساجد فيها سخن وساقع إلا المسجد ده.".  فسمعه الشاب الذي كان يتوضأ بجانبه فرد عليه قائلاً: "يا أخي استحمل وليك ثواب عند ربنا، أنتَ متعرفش إن في حديث عن إسباغ الوضوء على المكاره.؟!"

قال متعجباً: "فاكر بس نسيت نص الحديث ممكن تفكرني بيه وجزاكَ الله خيرا.؟! "

ابتسم الشاب وقال: "قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟، قَالَوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ."

علي: صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

استكمل الشاب كلامه: "ﺇﺳﺒﺎﻍﺍﻟﻮﺿﻮﺀﻋﻠﻰﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻩ:  ﻳﻌﻨﻲﺇﺗﻤﺎﻡﺍﻟﻮﺿﻮﺀﻓﻲﺃﻳﺎﻡﺍﻟﺸﺘﺎء ﻷﻥﺃﻳﺎﻡﺍﻟﺸﺘﺎﺀﻳﻜﻮﻥﻓﻴﻬﺎﺍﻟﻤﺎﺀﺑﺎﺭﺩﺍﻭﺇﺗﻤﺎﻡﺍﻟﻮﺿﻮﺀﻳﻌﻨﻲﺇﺳﺒﺎﻏﻪﻭﺑﺬﻟﻚﺗﻜﻮﻥﺍﻟﻤﺸﻘﺔﻋﻠﻰﺍﻟﻨﻔﺲﻓﺈﺫﺍأﺳﺒﻎﺍﻹﻧﺴﺎﻥﻭﺿﻮﺀﻩﻣﻊﻫﺬﻩﺍﻟﻤﺸﻘﺔﺩﻝﺫﻟﻚﻋﻠﻰﻛﻤﺎﻝﺇﻳﻤﺎﻧﻪﻓﻴﺮﻓﻊﺑﺬﻟﻚﺩﺭﺟﺎﺕﺍﻟﻌﺒﺪﻭﻳﺤﻂﻋﻨﻪﺧﻄﻴﺌﺘﻪ".

علي: جزاكَ الله خيرا على المعلومة الجميلة دي.

الشاب: وجزاك مثله 

أقام الإمام الصلاة وبعد انتهائها جلس علي يسبح الله ويختم الصلاة بالأذكار والدعاء، ثم قام لأداء صلاة السنة، ووقف بجانبه زياد كي يصلي هو الآخر صلاة السنة وبعد أن انتهوا؛ قال زياد: "كده يا عم عليوة تسيبني وتنزل لوحدك.؟! "

علي يبتسم: "لقيتك قاعد مع ماما قلت أسيبك على راحتك وكده كده هتخلص وتنزل تصلي؛ ومتقلقش يا سيدي مش هتتخطف.!!"

زياد يضغط على أسنانه: "ماشي يا خفة, قوم يلا عشان عايز آخد رأيك في موضوع"..

علي: يا ترى خير.؟!!

زياد: خير إن شاء الله؛ يا عم متقلقش..

خرج علي وزياد من المسجد وسمعوا أحدًا ينادي عليهم: (يا أستاذ علي يا باشمهندس زياد؟!)

التفتا ورائهما ليروا شابًا ذا وجه مبتسم بشوش له لحية صغيرة؛ ملامحه تكاد لا تُنسى بالنسبة لعلي وزياد.

الفصل السادس

التفت علي وزياد ورائهما ليريا شابًا وسيمًا ذا وجه مبتسم بشوش له عينان عسليتان, تزين وجهه لحية صغيرة, شعره الأسود الناعم يعطي رونقًا خاصًا له، ملامحه لا تُنسى بالنسبة لعلي وزياد!

اكتفى علي بابتسامة وصمت برهة من هول المفاجئة  ثم قال: "أسعد يخرب عقلك مش مصدق نفسي وحشتني أوي."

مد أسعد يده وسلم وتعانق هو وعلي, أسعد بحب: "علي حبيبي أنت كمان وحشتني أوي".

عانق زياد أسعد وقال: "واحشني جدا ، ياااه بقالنا كتير ما شوفناش بعض".

أسعد بفرح: "القلوب عند بعضها يا زيزو؛ ودايما على بالي وبادعيلكم على طول".

زياد متسائلاً: "بس إيه الغيبة الطويلة دي يا عم؟!!"

أسعد: "أنا كنت في السعودية ما انتم عارفين ويادوبك لسة نازل الأسبوع اللي فات".

علي معاتباً: "الحمد لله على سلامتك؛ بس بردو كنت اسأل على ولاد عمك حتى ولو بالتليفون".

أسعد بتكشيرة: "حقك عليا؛ في دي عندك حق".

قال علي بمرح: "خلاص سماح المرة دي".

زياد: يلا تعالى معانا على البيت دي أمي هتفرح أوي لما تشوفك، أنت عارف هي  بتحبك أد إيه!!

أسعد: خالة زينب وحشاني جداً؛ هي عاملة إيه.؟! وحسناء يا رب يكونوا بخير..

علي: الحمد الله بخير وفي نعمة من الله..

زياد: عامل إيه في الحسابات وشغل المحاسبة المتعب ده؟!

أسعد: الحمد الله كله تمام, ده مفيش أسهل من المحاسبة يا ابني مش أحسن من الهندسة وتعب القلب.؟!

زياد بأسى: "في دي عندك حق هي تعب قلب بس".

أسعد: أيام زمان وحشِتني أوي يا عليوة..

علي: يااااه فكرتني بأيام جميلة أوي؛ فاكر واحنا صغيرين كنت أنا وأنت نلعب كورة مكناش بنبطل لعب, بس أنا اللي كنت باكسب ولا نسيت؟!

رد قائلاً: "آآه نسيت دي؛ بس منستش أبدا لما كسرنا إزاز جارنا عم جمال وطلعنا نجري خايفين واستخبينا عند خالة زينب!"

ربت علي على كتف أسعد وقال: "بس خدنا حتة علقة ساعتها تمام!!!"

ظلوا يتسامرون ويضحكون، وظلوا يتذكرون أيام طفولتهم، وعندما وصلوا ضغط زياد جرس الباب..

زينب: مين على الباب.؟!

علي: أنا يا أمي، افتحي.

فتحت وقالت باستغراب: "انتم نسيتوا المفتاح ولا إيه؟!"

علي: لا يا أمي بس معانا ضيف.

ظهر أسعد وخبط رأس علي وقال: "ضيوف إيه.؟! ده أنت اللي ضيف!!"

تأملته قليلا ثم قالت: "ياااااه أسعد, بسم الله ما شاء الله إيه الحلاوة دي.؟! بأه كده طول المدة دي متسألش علينا؟!!"

أسعد: " حقك عليه ياخالة".

قالت متسائلة: "والدتك عاملة إيه؟ ووالداك وأختك ندا يا رب يكونوا بخير"..

أسعد: الحمد الله كلهم بخير, ندا سافرت عند جوزها في الإمارات بقالها كام شهر.

زينب: يارب دايما بخير يا ابني؛ وربنا يسعد ندا وترجع هي وجوزها بالسلامة.

أسعد: آمين يا رب, هي فين حسناء أسلم عليها؟!

زينب: في أوضتها بتذاكر؛ هادخل أناديلها..

******************

(بعد دخول زينب غرفة حسناء)

حسناء: مين برا يا ماما.؟! سامعة صوت حد بيتكلم معاكم!!

زينب: دا أسعد ابن عمك البسي يلا الإسدال وتعالي سلمي عليه..

عقدت حاجبيها بتَذمر وقالت: "آه وأسلم عليه ليه بأه؟! هو لسة فاكر يسأل علينا أصلا.؟! أنا مش خارجة أسلم على حد"..

والدتها بعتاب: "عيب يا بنتي الكلام ده، الشاب بيشتغل في السعودية بقاله ٣سنين منزلش أجازة وأول ما نزل جه يشوفنا ويطمن علينا؛ يلا بطلي كلام خايب واطلعي سلمي عليه أحسن أزعل منك".

قالت بغضب قد ظهر على ملامحها: "أمرك يا أمي".

ابتسمت وربتت على كتف ابنتها ثم قالت:"الأمر لله وحده.

(خرجت حسناء مع والدتها بعد أن ارتدت الإسدال وتوجهتا إلى غرفة الضيوف)

حسناء بحنق: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد وبوجهه المبتسم رد قائلا: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بسم الله ما شاء الله كبرتِ يا حسناء؟!"

حسناء بخجل: "شكرا".

أسعد: دخلتِ كلية إيه وفي الفرقة كام دلوقتي؟

حسناء: "تربية الفرقة الثالثة, قسم لغة عربية".

أسعد باندهاش: "إيه ده.؟! ده نفس القسم اللي اتخرج منه والدك, بس بسم الله ما شاء الله اللي بيدخل القسم ده بيبقى إحساسه راقي وأسلوبه في الكتابة حلو أوي"..

حسناء والكلمات تختنق بحنجرتها: "أنا مدخلتش زي حد, ده قسم أنا بحبه ودخلت فيه عشان كده؟!!"

لاحظ أسعد عبوس وجه حسناء, ثم قال بصوت خافت: "ربنا يوفقك".

حسناء بضيق: "الله المستعان,أستأذنكم".

أسعد: اتفضلي.

(انصرفت حسناء بتأفف)

زينب: استغفري ربنا وبلاش تتأففي كده حرام.

حسناء بتَذمر وعصبية: "أنا ما باحبش أشوف حد من عيِلته يفكرني بيه".

زينب: متاخديش ذنب حد بكل اللي حواليه يا بنتي، أسعد بحبه زي علي وزياد بالضبط؛ وشاب ملتزم ومتربي كويس أوي.

حسناء باستياء: "طيب أنا هدخل أفتح نت على ما يمشي أصل الظاهر القاعدة هتطول..!"

زينب: اتفضلي يا بنتي.

تنهدت زينب بقوة وقالت داعية: "ربنا يهديكي يا بنتي".

******************

(فتحت حسناء صفحتها ورأت إعجابات وتعليقات كثيرة على الخاطرة التي كتبتها لوالدتها؛ وبدأت ترد على رسائل صديقاتها وتعليقاتهم بفرح شديد.)

لفت انتباهها إشعار الرسائل معلنا وصول رسالة جديدة..

-يووووه ماله (توبة رجل) ده مردتش عليه وبردو بعت رسالة تانية إيه البرود ده.؟! أما أشوف باعت إيه المرة دي.؟!

(توبة رجل): أنا آسف لتطفلي بس كنت عايز أسأل حضرتك سؤال؛ بتدرسي إيه.؟! أصل كتابتك وقصايدك جميلة أوي..

(تذكرت حسناء كلمات أسعد التي قالها منذ قليل عن قسم اللغة العربية وتذكرت والدها عندما كان يعلمها وهي صغيرة مبادئ اللغة والنحو بفضل تعليمه ما كانت وصلت لهذا المستوى.)

ضغطت على زر مسح الرسالة بدون تعليق أو رد.

(بدأت تسرد بعض أبيات من الشعر بعد أن اغرورقت عيناها بالدموع)

<ملامحك تكاد أن تمُحى من ذاكرتي

هل لي أن أسألك هل تتذكرني؟!

هل تتذكر حُزني؛ هل تشتاق لي.؟!

متى ستأتي وتطلب رؤيتي؟!!

لا تأمل كثيراً أني سأتذكرك يوم رؤياك!!

عندما تركتني ورحلت قتلتني..

فأصبحت يتيمة الأب؛

لن أتذكرك ولن أحن إليك.!!

هل لي أن أقتُلك لتتذوق مرارة أيامي التي أذقتها لي.؟!

هل لي أن أُبكيِك كما أبكَّيتني.؟!

لا أُريدك؟!

اترك ما تبقى لي أُريد أن ألملم شظايا قلبي وكسرتي..>

(مدت يديها والتقطت منديلًا كي تجفف دموعها وإذا بالتليفون الخاص بها يرن.)

محدثة نفسها: يا ترى مين بيتصل في الوقت ده.؟!!

(فتحت حسناء حتى ترد وإذ بها تصرخ وتجري خارج الغرفة: الحقي يا ماما؛ فجرت عليها زينب بعد أن وقف الجميع في فزع بما فيهم أسعد.)

قُبض قلب زينب فجأة:

-يا ستير يا رب؛ مالك يا بنتي.؟! في إيه؟!!

******************

_______________________________________

الله اكبر

سبحان الله العظيم

سبحان الله وبحمده

الفصل السابع

اختنقت الكلمات في حنجرتها وقد أجهشت بالبكاء ثم صرخت وقالت: "مها يا ماما عملت حادثة هي ووالداتها ونقلوهم المستشفى والاستقبال في المستشفى كلمني لأني آخر رقم مها اتصلت بيه قبل الحادثة.!"

(لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

قالها علي وزياد وأسعد في نفس واحد.)

قالت زينب بحزن: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ يا رب سلم  يلا ادخلي البسي بسرعة".

قال أسعد: "أنا معايا العربية ركنتها بعيد شوية هانزل بسرعة أجيبها تحت البيت على ما تجهزوا"..

رد علي: "مش عايزين نتعبك..!"

رد عليه أسعد: "تعب إيه بس.؟! هانزل بسرعة وأنتظركم تحت".

أشار له زياد قائلا: "استنى هاجي معاك أنا وعلي"..

(ظهر على ملامح زياد القلق ولكن ثقته في ربه كانت دائماً تقوي قلبه؛ ظل يدعو طيلة الطريق أن يحفظ الله حبيبته ووالدتها, أما حسناء ظلت الدموع تتساقط منها وقلبها يخفق بشدة، ويدها ترتعش من الخوف على صديقة عمرها فربتت عليها زينب لتُطمئنها قليلاً)

نظر أسعد إلى علي وقال متسائلاً: "علي هي مين مها دي؟! تقرب لوالدتك ولا إيه؟!!"

رد عليه قائلًا: "دي صديقة حسناء الوحيدة وتعرفها من زمان أوي ودخلوا الكلية سوا عشان ما يبعدوش عن بعض, حسناء بتعتبرها أخت لها؛ بنت محترمة ومن أسرة طيبة"..

أسعد بابتسامة: "بسم الله ما شاء الله ربنا يستر بإذن الله..

تنهد بقلق ثم قال: "يا رب آمين"..

بعد قليل وصلوا إلى المستشفى؛ وسأل زياد الاستقبال على مكانهم..

سأل زياد الدكتور بقلق: "يا دكتور هما فين دلوقتي؟!"

الدكتور: "البنت واخدة مهدئ ونايمة وإصابتها خفيفة الحمد الله شوية كدمات وجرح في اليد اليمنى"..

قالت حسناء بعد أن ظهر على ملامحها الاطمئنان قليلاً: "الحمد الله يا رب؛ طيب هي فين.؟! عايزة أدخل لها اسمحلي يا دكتور بالله عليك هي هتبقى كويسة لما تصحى وتلاقيني جنبها"..

أشار بيده بالنفي: "هي قدامها كام ساعة على ما تفوق ساعتها ابقي ادخلي شوفيها"..

ما زال قلب زينب مقبوض وقالت بصوت خافت: "ووالدتها فين وعاملة إيه يا دكتور؟!!"

أحنى رأسه بحزن شديد وهو يقول: "للأسف الأم توفيت من لحظات, البقاء لله"..

زينب ببكاء: "ونعم بالله؛ إنا لله وإنا إليه راجعون"..

زياد بحزن: "لا حول ولا قوة إلا بالله, هو إيه سبب اللي حصل ده يا دكتور.؟! أقصد إيه حصلهم ومين اللي عمل فيهم كده؟!!"

الدكتور: "هما كانوا بيعدوا الطريق تقريباً وفجأة ظهرت عربية ملاكي وخبطتهم وجريت؛ ده كلام الشهود اللي شافوا الحادثة"..

(بكت حسناء ولم تتفوه بكلمة وقلبها يعتصر حزناً على والدة مها التي كانت تحبها بشدة)

أسعد: البقاء لله؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل..

نظر لهم الدكتور بجدية قائلا: "يا ريت تحاسبوا المستشفى وتخلصوا الإجراءات عشان تاخدوا الأم الصبح بإذن الله وعلى الظهر تطلع الجنازة"..

حسناء بحرقة وبكاء: "علي روح البيت لوالد مها وبلغه اللي حصل".

علي بأسف: "حاضر, أنا مش عارف هاقوله الخبر ده إزاي.؟!!"

أسعد وهو يستعد للمشي: "عن إذنكم هروح أخلص إجراءات الدفن".. 

لحق زياد به وقال: "استنى يا أسعد؛ هاجي معاك"..

نظر له علي وقال: "خليك أنت معاهم يا زياد عشان لو احتاجوا حاجة؛ وأنا هاخد أسعد ونروح نبلغ والد مها ونرجع نخلص الإجراءات"..

زياد بابتسامة حزينة: "جزاك الله خيرا يا أسعد"..

أسعد: "وجزاك مثله وزيادة مضاعفة"..

بعد قليل من الانتظار، خرجت الممرضة قائلة: "مها فاقت يا جماعة ادخلوا لها عشان لحد دلوقتي متعرفش خبر وفاة والدتها وبتسأل عليها ومش عارفة أبلغها الخبر ازاي"..

(جرت حسناء على الغرفة واحتضنتها؛ عندما نظرت إليها حسناء وجدتها شاحبة الوجه وبها بعض الجروح البسيطة.)

حسناء وعيناها تملؤها الدموع: "أنا جنبك يا حبيبتي مش هسيبك أبداً هتبقي كويسة؛ أنتِ قوية وهتقدري تخرجي من المحنة دي أنا عارفة"..

حاولت النهوض ولكن أعجزها التعب: "حسناء أنتِ جيتي هنا إزاي.؟!!"

ربتت على كتفها: "خليكي نايمة يا حبيبتي عشان متتعبيش؛ اتصلوا بيا من المستشفى وبلغوني عشان كنت آخر رقم أنتِ اتصلتِ بيه؛ سامحيني مأخدتش بالي من اتصالك خالص".

أمسكت برأسها وقالت:"أنا مش فاكرة حاجة خالص؛ حسناء ماما فين؟! ليه مفيش حد عايز يرد عليا؟!"

(حسناء وقد أخنقتها الكلمات وتساقطت دموعها ثم نظرت لوالدتها تشير لها بالكلام.)

حاولت زينب أن تدخل في نفس مها الطمأنينة فقالت: "إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون"..

لم تتمالك نفسها وأجهشت بالبكاء ثم صرخت وهي تحاول النهوض حتى تذهب لوالدتها: "يعني إيه.؟! تقصدي إيه.؟! ماما ماتت.؟! انتم أكيد غلطانين؛ يعني خلاص أنا مش هشوف ماما تاني.؟! ده أنا مليش حد غيرها هي وبابا بعد ربنا..!!"

حسناء وقلبها منفطر على صديقتها: "استهدي بالله يا مها واستغفري ربنا وادعيلها ربنا يرحمها..

التقطت أنفاسها بصعوبة ثم قالت بصوت مبحوح: "أستغفر الله العظيم؛ أنا راضية يا رب إنا لله وإنا إليه راجعون"..

(قالت كلماتها وهي تغيب عن الوعي، هرولت حسناء إلى الخارج وهي تصرخ قائلة: نادي للدكتور يا زياد بسرعة.)

(وصل الدكتور بعد أن استغاث بهِ زياد؛ وأعطاها حقنة مهدئة؛ بعد أن أفاقت تسلل مفعول الحقنة بجسدها فرجعت ونامت ودمعها لم يجف من عينيها؛ فجلست زينب بجانبها وظلت تقرأ ما تيسر من القرآن الكريم؛ أما حسناء أمسكت بهاتفها وأخبرت جميع أصدقائهم بالكلية ليحضروا الجنازة باكراً.)

******************

(وصل والد مها وهو متكئ على يد علي وكان في حالة فزع وبكاء مثل الطفل الصغير الذي تاهت عنه والدته.)

قال سعيد (والد مها) وهو في حالة يُرثى لها:

-فين حبيبتي؟ فين عشرة عمري.؟! عايز أسلم عليها قبل ما تمشي؛ راحت كده فجأة مش هشوفها تاني؛ مش هتصحيني زي كل يوم لصلاة الفجر نصلي سوا؛ ماتت الحبيبة والزوجة وماتت كل حاجة حلوة معاها..

زياد بأسى: "البقاء لله يا عمي ربنا يصبرك وأرجوك تماسك قدام مها لأن حالتها صعبة أوي ولسة واخدة مهدئ من شوية"..

هز رأسه وقال بحزن: "ونعم بالله يا ابني؛ بنتي حبيبتي هي عاملة إيه دلوقتي.؟! خدني عندها يا ابني"..

أمسك علي بيده واتجه إلى الغرفة التي ترقد بها مها: "حاضر يا عمي بس بالله عليك تماسك قدامها"

سعيد ببكاء: "ربنا يصبرنا يا ابني على فراقها؛ حاضر هحاول أتماسك قدامها"..

(دخل سعيد لمها وقبلها من وجنتها؛ كانت ما زالت نائمة بسبب المهدئ ولم تشعر بوجود والدها؛ وقف يتأمل في وجهها بحزن وحنين واشتياق لزوجته التي تشبهها مها كثيرا.).. تنفس بشدة وقال: "يا حبيبتي يا بنتي فيكِ من ريحتها؛ أنتِ اللي هتهوني عليا لما باشوفك كأني شوفتها بالضبط"..

زينب: الدوام لله يا أبو مها؛ شد حيلك كده وربنا يصبرك..

سعيد: ونعم بالله؛ كله على الله..

******************

(في الصباح انتهى أسعد وعلي من إجراءات الدفن وجاءت سيارة الإسعاف ونقلت المتوفاة بعد تغسيلها وتكفينها في المستشفى، حتى يذهبوا إلى المسجد لصلاة الجنازة؛ حيث ينتظر الأهل والأقارب والأصدقاء.)

ربتت حسناء على كتفها: "مها يا حبيبتي يلا قومي عشان الجنازة دلوقتي، ربنا يصبرك ويربط على قلبك"..

(أصبحت هزيلة ضعيفة لم تقوَ على القيام فساعدتها حسناء على الوقوف، خلع زياد جاكتا يرتديه  وناوله لحسناء كي ترتديه مها؛ التي كانت تنتابها حالة من البكاء من وقت لآخر.)

وصلوا للمسجد؛ وانتهت صلاة الظهر وصلى الإمام صلاة الجنازة ودعا كثيراً للمتوفاة؛ ثم ذهب الرجال إلى المقابر وبعد الانتهاء من دفنها وقف أسعد ثم قال بصوت عالٍ: "عن رسول الله ـ صلىَّ الله عليه وسلم ـ أنه كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: "استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل".

ثم رفع أسعد يده للدعاء هاتفا: "اللهم اغفر لها وارحمها واعف عنها وأكرم نُزلها ووسع مدخلها واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس؛ اللهم إنها في ذمتك وحبل جوارك فقها فتنة القبر وعذاب النار وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ آمين؛ أسألكم الدعاء لها..

(انتهت الجنازة؛ وفي المساء جاء أقارب وجيران وأصدقاء مها للعزاء التي كانت في حالة يرثى لها من أثر الصدمة، وانتهى اليوم بكل ما حمل من أحداث مؤلمة.)

******************

(بعد مرور ثلاثة أيام) 

حسناء بجدية: "مها أنتِ هتيجي معانا مش هسيبك في الحالة دي لوحدك"..

مها: "مينفعش يا حسناء أسيب بابا لوحده وهو في الحالة دي.!!"

زينب: "بتقولي إيه بس يا حبيبتي.؟! مينفعش الكلام ده؛ أنتِ هتيجي معانا اليومين دول هنستأذن من والدك وأكيد هو مش هيقول حاجة على حتى ما جروحك تخف"..

هزت رأسها بالنفي ثم قالت: "يا خالتو يرضيكِ أسيب بابا لوحده في الحالة دي؟!"

زينب: "لا يا حبيبتي؛ خلاص خليكي معاها يا حسناء قضي معاها طول النهار الفترة دي وكل يوم بالليل حد من اخواتك يجي ياخدك"..

حسناء بابتسامة حزينة: "حاضر يا ماما"..

مها: "ربنا يعزك يا خالتو وجزاكِ الله خيراً على وجودكم معايا الأيام اللي فاتت"..

زينب: "وجزاكِ مثله يا بنتي؛ ومتقوليش كده أنتِ عندي زي حسناء بالضبط؛ ومن النهاردة اعتبريني والدتك التانية".

قالت بابتسامة حزينة: "أنتِ فعلا زي والدتي يا خالتو ربنا يعزك ويحفظك لينا"..

حسناء محاولة أن تُضحك مها:"احم احم نحنُ هنا, أنا هغير كده"..

مها بابتسامة: "ربنا يخليكِ ليا يا سمسمة؛ ده أنتِ أختي وحبيبتي كمان"..

طبعت حسناء قبلة على خد مها: "أيوة كده وريني ضحتك الجميلة دي؛ يا رب ما تفارق الضحكة وشك تاني أبداً"..

مها بحزن: "آمين؛ بس بعد فقدان الأم الحياة متبقاش لها طعم؛ يلا الحمد لله"..

قالت زينب معاتبة: "احنا قلنا إيه؟!"

مها: "ربنا كريم يا خالة يلهمني الصبر ويقويني".

زينب: "يا رب يا بنتي؛ أستأذنكم أنا وبالليل هبعت حد من اخواتك يا حسناء ياخدك؛ يلا السلام عليكم..

مها وحسناء: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

*********

كانت مها وحيدة أبويها،فكانا كل شيء في حياتها، وأصبحت الآن يتيمة الأم؛ ووالدها مثال الأخلاق والطيبة والوفاء فإنه ما زال يعشق زوجته كثيرا حتى بعد وفاتها عزم ألا يتزوج من غيرها إخلاصا وحبا لها؛ بعد وفاة زوجته فقد طعم الحياة كانت هي التي تضيف طعماً للحياة؛ وتبدلت ضحكته لدمعة؛ ولكنه كان يرى زوجته دائما في ابتسامة مها ابنته التي يحبها ويدللها كثيراً.)

******************

__________________________________

لا اله الا الله

لاحول ولا قوة الا بالله

سبحان الله

الفصل الثامن

( بعد مرور شهر ونصف)

حسناء بابتسامة: "ممكن يا عمو مها تيجي تقضي النهاردة عندنا؟!"

سعيد: "يا ريت يا بنتي وبالمرة تغير جو, خديها بس متتأخروش"..

ردت بفرح: "شكرا جدا يا عمو؛ يلا يا مها قومي البسي بأه!"

مها بكسل: "حاضر مع إني مش عايزة أخرج خالص بس عشان متزعليش يا سمسمة".

حسناء بتكشيرة: "يا حبيبتي عايزاكي تغيري جو..

قالت مستسلمة: "حاضر".

******************

(فرح زياد بوجود مها بالمنزل كاد قلبه يتركه ويذهب إليها ليخبرها بعشقه وحبه لها.)

طبعت زينب قبلة على خد مها: "وحشاني والله يا بنتي؛ عاملة إيه دلوقتي؟!"

مها: "ربنا يحفظكِ ليا يا خالتو؛ تعرفي.؟! ماما كانت بتحبك قوي كانت دايما تقولي إن حضرتك فيكِ خير كتير أوي وطيبة".

تنهدت بحنين: "ربنا يرحمها ويجعل مثواها الجنة؛ هي اللي كانت طيبة ولسانها بينقط سكر"..

رفعت حسناء حاجبها قائلة: "أجيب شجرة واتنين لمون طيب.؟!! "

مها بابتسامة: "هنبدأ نغير أهو من أولها".

تقربت منها والدتها وطبعت قبلة على خدها هي الأخرى ثم قالت: "ده أنتِ حبيبتي وروحي كمان  ويلا بأه اسبقوني على المطبخ نحضر الغدا سوا"..

نظرت حسناء لوالدتها وتبسمت: "حاضر يا ست الكل؛ اسبقيني أنتِ على المطبخ يا ميهو هعمل حاجة وآجي على طول".

مها: "ماشي وما تتأخريش"..

(اتجهت مها إلى المطبخ وبعد قليل خرجت حسناء من غرفتها فنادى عليها زياد بصوت خافت: "حسناء؛ تعالي أقولك"..

أومأت برأسها إيجابا ثم قالت: "عارفة هتكلم معاها في الموضوع النهاردة؛ متقلقش".

خرجت والدتهم من المطبخ ثم نظرت إليهم بابتسامة: "بتتفقوا على مين؟ يا ترى خير؟!!"

زياد: "لا أبداً كنت باقولها متأكليش مها من إيدك يا حسناء أحسن يجيلها تلبك معوي"..

نظرت بدهشة لزياد وقالت: "كمان تلبك معوي.؟! ماشي يا زياد متطلبش مني أعملك كباية شاي تاني!!"

زياد بتكشيرة على وجهه: "لاء خلاص آسف مش هقول كده تاني؛ إلا كباية الشاي"..

غمزت له ثم قالت بصوت عالٍ: "بكرة تتجوز وتلاقي اللي يعملك الشاي وأرتاح أنا بأه"..

ابتسم الجميع ثم نظرت له والدته وقالت: "يا رب يا ابني يحقق مرادك عن قريب"..

زياد: "يا رب يا أمي"..

******************

حسناء تشمشم وتقول: "الأكل شكله يفتح النفس أوي".

مها بابتسامة: "فعلا الأكل يفتح النفس؛ تسلم إيدك يا خالتو"..

زينب: "ألف هنا يا بنات"..

(بعد انتهاء الغداء)

زينب: "مينفعش بأه كده يا بنات؛ انتم من بكرة ترجعوا الكلية؛ أكيد فاتكم محاضرات كتير والامتحانات قربت"..

حسناء: عندك حق يا ماما, إيه رأيك يا مها.؟!

مها بجدية: "يا ريت عشان نلحق نراجع اللي فاتنا قبل الامتحانات"..

حسناء: "تمام اتفقنا؛ أنا هقوم أعمل شاي وبالمرة أعمل لزياد؛ تصدقي يا ماما هرتاح منه بعد أما يسافر.؟!!"

قالت مها وقد ظهر القلق على وجهها: "زياد مسافر فين.؟!"

حسناء: "جاله شغل في السعودية وكويس أوي وخلاص تقريبا هيسافر كمان شهر".

مها بحزن: "ربنا يوفقه".

(دخلت مها الغرفة وظلت تبكي بشدة.)

لاحظت حسناء ما حل بمها فذهبت وراءها وربتت على كتفها قائلة: "بتبكي ليه بس؟!"

مها ببكاء: "حاسة إني بقيت لوحدي خلاص".

حسناء بحزن: "ليه يا حبيبتي بتقولي كده أنا جنبك وعمري ما هبعد عنك أبداً؛ وفي حد كمان نفسه يبقى جنبك بس أنتِ توافقي.؟!"

مسحت مها دموعها وقالت في اهتمام: "تقصدي إيه؟!!"

تنهدت وقالت: "كان المفروض أتكلم معاكي في الموضوع ده من فترة لكن الظروف اللي حصلت أجلت الموضوع شوية".

مها باهتمام: "موضوع إيه؟"

غمزت لها قائلة: "زياد.!!"

مها بتعجب وقلق: "ماله زياد.؟!"

حسناء: "هو يا ستي اتكلم مع ماما عايز يخطب قبل ما يسافر واختار العروسة كمان".

ظهر على ملامحها الخوف فنزلت دمعة من عينها وهي تقول: "مين العروسة؟!!"

حسناء بابتسامة: "أنتِ العروسة يا قمر..!"

اغرورقت عينا مها بالدموع: "أنا؟!! أنتِ بتتكلمي جد؟!!

حسناء بابتسامة: "أيوة يا بنتي بجد؛ ها قولتِ إيه.؟! فكري بس بسرعة فاضل شهر وزياد يسافر".

طرقت والدة حسناء الباب وقالت: "ممكن أدخل يا بنات ولا لسة بتتكلموا؟!!"

حسناء ومها: "اتفضلي طبعا"..

زينب لمها: "بصي يا بنتي زياد كان اتكلم معايا قبل وفاة والدتك الله يرحمها عشان يخطبك قبل ما يسافر وبصراحة كده أنا كمان نفسي تكتبوا الكتاب وبإذن الله لما يسافر زياد ويرجع كمان سنة يكون هو جهز نفسه وتكوني أنتِ خلصتِ كليتك وتتجوزوا بإذن الله, إيه رأيك يا بنتي؟!!"

مها بخجل: "هستخير ربنا وهستشير بابا وأرد على حضرتك".

غمزت حسناء لمها وقالت: "طب رأيك أنتِ إيه يا عروسة؟"

احمر وجهها كالعادة فنظرت لها والدة حسناء وقالت: "فكري براحتك الأول؛ وسواء وافقتِ أو رفضتِ هتفضل مكانتك زي ما هي عندي وأكتر كمان". 

حسناء: "بصي يا ماما هي لازم تقعد مع زياد ويتكلموا مع بعض عشان تعرف تاخد قرار صح".

والدتها بجدية: "أيوة عندك حق يا بنتي خلاص هي تاخد رأي والدها وإذا وافق نتفق على ميعاد نروح فيه ويتقابلوا مقابلة شرعية ويتكلموا سوا, إيه رأيك يا مها؟!"

ضربات قلبها تضرب بشدة فحاولت أن تتمالك نفسها ثم قالت بابتسامة: "حاضر؛ اللي حضرتك شيفاه صح أنا موافقة عليه يا خالتو"..

******************

(أسعد يدق قلبه حبا وعشقا لحسناء منذ طفولتهما ولكن لا يبقى وضع على حاله؛ عندما تركهم والدها تغيرت حسناء؛ تحول قلبها من براءته إلى بغض وكره تجاه والدها وأهل والدها جميعا؛ بعد ذلك تخرج أسعد من كلية التجارة وسافر ليعمل بالسعودية ولم ينسَ حبه الصامت لحسناء؛ كان يعتقد أن عقلها أدرك كل شيء عندما كبرت ولكن اكتشفَ أنها ما زالت تكره كل من يأتي من ناحية والدها بدون سبب.)

قال محدثا نفسه: "وحشتني أوي ونفسي أشوفها, امتى هتغير معاملتها القاسية دي بس؟!!"

(وفجأة رن هاتف أسعد)

أسعد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

علي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته؛ إزيك يا ابني مختفي فين كده؟!!

أسعد: موجود والله بس كنت بخلص شوية أوراق انتم أخباركم إيه.؟! طمني عليكم..

علي: الحمد الله بخير, ابقى تعالى عشان نشوفك ما تغبش أوي كده..

أسعد: حاضر بإذن الله.. 

علي: منتظرك؛ يلا أشوف وشك بخير؛ السلام عليكم.

أسعد: وعليكم السلام..

أغلق أسعد الهاتف وقال:

-الحمد الله كده بأه أقدر أروح وأشوف حسناء؛ كنت محرج أروح من غير سبب..

******************

(وفي المساء)

مها بكسوف: "بابا في موضوع عايزة أتكلم معاك فيه"..

التفت والدها لها وقال في اهتمام:"اتفضلي يا بنتي؛ خير.؟!!!

مها: طبعا حضرتك عارف زياد أخو حسناء..

سعيد: أيوة طبعا؛ ماله؟!

مها: خالتو زينب النهاردة قالتلي إن زياد مسافر السعودية وهو عايز يخطب قبل ما يسافر..

قال باستغراب: "طيب يا بنتي ما يخطب؛ إيه المشكلة في كده؟!!"

مها بإحراج: "مهو حضرتك مسألتنيش مين العروسة.!!!"

والدها بتعجب: مين.؟!

احمر وجهها وهي تقول: "أنا العروسة يا بابا, أنا عارفة إن الكلام ده مينفعش دلوقتي وخصوصا إن لسة ماما متوفية قريب بس هو مسافر كمان شهر وعايز يخطبني قبل ما يسافر"..

ابتسم لأول مرة بعد وفاة زوجته ثم قال: "كلامك بيقول إنك موافقة؛ بصراحة الشاب كويس أوي ومحترم وأنا كمان موافق؛ وأنا دايما بتمنالك شاب كويس يخاف عليكِ ويراعيكِ؛ وزياد ما شاء الله هبقى مطمن عليكِ معاه"..

مها بفرح: "بجد يا بابا ربنا ميحرمنيش منك أبداً؛ وأنا الحمد الله صليت استخارة بعد صلاة العشا وحاسة إني مرتاحة وفرحانة أوي؛ طيب حدد ميعاد عشان ييجوا يطلبوني من حضرتك رسمي وعشان زياد طالب يتكلم معايا في حضور حضرتك"..

والدها بابتسامة: "يبقى خير البر عاجله؛ اتفقي مع حسناء ييجوا بكرة الساعة سبعة وربنا ييسر الحال ليكي يا بنتي"..

مها بابتسامة: "حاضر يا بابا"..

(اتصلت مها بحسناء وأبلغتها رأي والدها وموعد المقابلة.)

******************

(في مساء اليوم التالي؛ كانت مها منتظرة لقاء زياد بشوق ولكنها كانت مضطربة قليلاً؛ أما حسناء فذهبت إليها قبل الموعد لتُساعدها في بعض الأشياء حتى لا تشعر مها بأنها وحيدة.)

(قد ثم ودق جرس الباب معلنا وصول زينب وعلي وزياد.)

مها وقد ظهر على ملامحها القلق:"بابا وصلوا؛ افتح الباب..

ذهب سعيد لفتح الباب ثم قال: "أهلاً وسهلاً.!"

علي: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"..

سعيد:"وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته, اتفضلوا!!"

زياد: إزيك يا أستاذ سعيد.؟!

سعيد: أستاذ سعيد إيه بأه؟!! قولي يا عمي.!!

زياد بإحراج: "حاضر يا عمي".

بعد مرور برهة من الوقت تكلم علي: "يا عم سعيد احنا جايين نطلب إيد بنتك المصون مها لأخي زياد على سنة الله ورسوله ـ صل الله عليه وسلم ـ قلت إيه؟!!"

سعيد والفرحة تملأ وجهه: "عليه الصلاة والسلام؛ ده شيء يشرفني طبعا"..

علي: "الشرف لينا يا عمي؛ وكل طلباتك احنا موافقين عليها".

سعيد: "وأنا موافق؛ ومش طالب من زياد غير إنه يحط مها في عينه ويراعيها بما يرضي الله"..

زياد بفرح: "دي في عينيا يا عمي".

سعيد بقلق: "بس عندي شرط يا زياد وعارف إنك مش هتكسفني.!"

زياد بجدية: "اتفضل يا عمي؛ شروطك كلها مجابة بإذن الله".

سعيد وعيناه تملؤها الدموع: "ما تخليش مها تسيبني لوحدي يا ابني؛ هقعد هنا لوحدي أعمل إيه.؟! افرض تعبت ولا وقعت ولا حتى توفاني الله يرضيك إني أكون لوحدي.؟! اقعدوا معايا هنا يا ابني؛ انت شايف الشقة كبيرة خدوها كلها وجددوا العفش بس سيبوا أوضتي أنا والغالية الله يرحمها بس؛ والله ما هتعبكم يا ابني صدقني"..

نزلت عبرة على خد مها ثم نظرت إلى زياد وقالت: "أستاذ زياد أنا مش هوافق إلا لو وافقت على شرط بابا؛ أنا مقدرش أسيبه لوحده..

وقف زياد وذهب لعمه سعيد وانحنى وقبل رأسه ثم قال: "من غير تفكير أنا موافق يا عمي؛ منقدرش نسيبك لوحدك وحتى لو سافرت وأخدت مها بعد الزواج هبعت لحضرتك تيجي تقعد معانا بإذن الله؛ وده وعد مني".

مسح دموعه: "ربنا يحفظك يا ابني ويسعدك"..

زياد بجدية: "بس أنا كنت عايز أعقد عليها  قبل ما أسافر؛ قلت إيه يا عمي؟!!"

أخذ سعيد برهة من الوقت ليفكر ثم قال: "يا مها إيه رأيك يا بنتي.؟! موافقة على العقد ؟!!"

مها بخجل: "موافقة يا بابا"..

سعيد بفرح: "ماشي على خيرة الله يا ولاد؛ ألف مبروك"..

زينب بابتسامة: "مبروك يا ولاد؛ وطبعا كل حاجة هنعملها على الضيق كده عشان طبعا الظروف"..

علي: "أكيد يا أمي"..

همت حسناء باحتضان مها وهي تقول: "مبروك يا عروسة.

مها بحب: "ربنا يبارك فيكِ؛ عقبالك يا حبيبتي"..

حسناء بغضب: "بعد الشر؛ أنا قلتلك قبل كده أنا مش عايزة أتجوز أبداً..!!"

مها: بطلي يا هبلة؛ بكرة ربنا يرزقك بزوج صالح يسعدك ويغير تفكيرك المعقد ده..

حسناء: آه احلمي احلمي.

علي: بستأذنك يا عم سعيد إن زياد ومها يقعدوا يتكلموا مع بعض شوية.

سعيد: أكيد يا ابني لازم على الأقل يتعرفوا على أفكار بعض..

******************

زياد: إزيك يا مها عاملة إيه؟!

قالت بخجل: "الحمد الله بخير ..

زياد: ممكن أسألك سؤال؟!!

قالت بكسوف: "طبعا اتفضل!!

زياد: هل تقبليني زوجاً لكِ؟!

دقات قلبها تتزايد وتتضارب واحمر وجهها خجلاً ثم قالت: "ما انت طلبتني خلاص من بابا ووافق"..

زياد: بس أنا عايز أعرف ردك أنتِ ودلوقتي ممكن؟!

مها بجدية: "ممكن أرد على السؤال بعد إجابتك على سؤالي الأول؟!!"

زياد بابتسامة: "مممم سؤال قصاد سؤال يعني.؟! ماشي اتفضلي"..

مها: "ليه أنا اللي اخترتها تكون زوجة لك.؟!!"

أغمض عينيه وقال: "يااااااه عشان حاجات كتيرة أوي؛ أول حاجة فكريني بعد كتب الكتاب أقولك عليها؛ أما تاني حاجة لأنك محترمة وملتزمة وحسناء دايماً تشكر فيكِ أوي, بجد نفسي توافقي تكوني زوجتي وأم أولادي؛ ممكن بأه تردي على سؤالي.؟!!!"

مها بكسوف: "جزاك الله خيرا؛ وأنت كمان أجمل حاجة فيك التزامك وصلاتك؛ ودايماً حسناء بتقولي إنك وعلي بتنزلوا تصلوا جماعة في المسجد"..

قال بامتنان: "الحمد الله؛ نعمة وفضل من ربنا؛ سبب توفيقي في حياتي هي صلاتي"..

مها بابتسامة: "الحمد الله, أنا عارفة كمان إنك مش بتشرب سجاير وكمان تقديرك امتياز في كل سنة ما شاء الله عليك"..

زياد بابتسامة: "مممم وعرفتِ من حسناء بردو.؟!!"

قالت بضحكة ترتسم على وجهها: "مفيش غيرها".

زياد: آه منها حسناء دي, ممكن بأه أعرف ردك على سؤالي؟!!

قالت بابتسامة يملؤها المرح: "أي سؤال؟!!"

ضغط على أسنانه وقال: "هل تقبلينني زوجاً لكِ؟!!"


                 الفصل التاسع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا


تعليقات



<>