الفَصْلُ التَآسِعُ عَشَرْ والعشرون والحادى والعشرون
رواية طفله في صحراء الذئاب..
بقلم الكاتبة الصغيرة
هتفت نازلي بهدوء ومازالت متمسكة بقناع البرود القاتل واخرجت حروفها المتحجرشه الضائعه :"امك.. والله عال...فكرتي اخيراً ان ليكي ام..!!اي يا مليكة احساس الحنيه ظهر عليكي فجأه وحنان البنت لأمها ظهر فجاه....!! فكرتك هتسبيني مرمية ومن هتفرق معاكي..!! ما انتي متعوده تبيعي الكل علشان مصلحتك...!!"
شعرت مليكة بالضياع..!! شعرت بتهشم روحها..!!
اهي حقاً تحصد ما زرعته....!! كانت تشعر بأن روحها تصارع الموت..!! وجسدها بدأ بالانتفاض من شده الصدمه التي احتاجت قلبها..!!
شعر بأن جزء من كيانها قد هُدم..!!
هتفت بخفوت وترقب لاجابتها :"يعني ايه...!! تقصدي اي بكلامك ده...!!"
هتفت نازلي بحديه ومازالت نظراتها تخترق عيناها بقوه :"يعني اللي فهمتيه..!! انا مش امك من النهاردة...!! اعتبريني مُت وغورت في ستين داهيه. !! انا مكنتش متوقعه في يوم انك هتبقي بالوقاحه دي...!! روحي كملي اللي بتعمليه..!! وسيبيني انا فيه حالي. !! انا مليش في قرفك ده...!!"
شعرت مليكة بكلمات نازلي تجلدها بسوط الواقع بقوه...!! حرقت كيانها بأكمله حرقاً....!!
وشعرت بالخذلان والقهر يلتهم روحها..!! ليجعلها كالدُميه... جسد بلا روح...!!
انقسمت روحها لحزبان...!!
ومن ثم هتفت بصوت واهن :"تمام...!! انا كده فهمت كل حاجة...!! تمام اوي يا مدام نازلي..! حضرتك مش هتشوفي وشي تاني..!!"
وهبت واقفه من المقعد واستدارت للامام.. تاركه الغرفه بأكملها... وايضاً تاركه روحها في هذا المكان..!!
*********************
{في غرفه نازلي}
تنهدت نازلي بحزن عميق.. لتهرب تلك الدمعه المحبوسه في مقلتيها...!!
كان صراخ قلبها كلحن هادئ في حرب قاسيه..!!
كانت الصفعات تتوالى عليها... لتقسم روحها لحزبين...!!
تُدمر جسدياً قبل نفسياً...!!
يهتز كيانها لسابع سماء ليسقط فجأة لسابع ارض.!!
كانت مليكة تَصرُ علي تعذيبها... بأفعالها..!!
اغمضت عيناها بعنف... محاوله تهدأت قلبها المرتجف...!! الذي مازال ينزف دماءً..!! بعد ان تنتهي مُسكن آلمه..!! لتعلم بأنها مازالت تخوض تلك المعركة الباهته...!! التي تعلم ان نهايتها سد..!! وهي تنتظر المستقبل القادم الذي سوف يُلطخ بسواد مستقبلها....!!!
****************************
{في الخارج }
كانت تقفُ امام باب المشفي... تحاول التماسك قدر الامكان..!! ترنحت قليلاً لتتمسك بذلك الباب لكي لا تقعُ فاقده للوعي اثر تلك الصعقات الملعونة...!! شعرت انها في حرب..!! وما اقسي ذلك الحرب عليها..!!
لم تكن تعلم بأن هذا سوف يحدثُ يوماً...!!
تجمد كل شئ بها... حتي قلبها...!!
شعرت بأن الدماء قد توقفت عن السير في اوردتها...!!
شهقت فجأه بألم... وانهمرت تلك الدموع المُقيده بأمرها...!!
بكت بعنف...!! لاول مره تكن ضعيفه..!!
اتجهت مليكة للخارج راكضه كأنها تحارب الزمن...!!
ركبت مليكة سيارتها ومن ثم اتجهت نحو المنزل الصغير الذي قد اشترته قبل ذلك..!!
تاركه ذكرياتها العميقه في منزلها....!!
***************************
{عند ندي }
بدأ صوت بكائها في الانخفاض... وهدأت شهقاتها....!! ومن ثم هتفت بخفوت وهي تضم جسدها في حضن والدتها كطفله تائهة...!! "قلبي واجعني اوي يا ماما...!"
=حاسه اني مكسورة ما اعرفش لي...!!؟"
تنهدت صفاء بحنق وهي تحاول الصمود امام شلالات دموعها...!! التي تشبه حبات المطر الصافيه...!! كانت ملامحها باهته تماماً..!! عاجزه عن فعل اي شئ..!!؟
تشقق حزنها ليتحول لقله حيله وخذلان... وهتفت بحزن يغطي روحها :"انا اسفه نيابه عن كل حد وجعك يا بنتي...!!"
="انا هفضل جنبك.. وهفضل احميكي..! لحد ما ربنا يأذن بيومي....!!متخافيش يا نوز عيني...!!"
حاولت ندي استجماع قوتها علي الحديث قائله بحروف ضائعة وهي تشعر بتلك التشوش التي في رؤيتها :"انا عاوزة انام..!! تعبانه..!! عاوزة انام واهرب من كل حاجه...!!"
اسندت صفاء ابنتها للفراش... حتي استلقت ندي علي الفراش... بجسد هالك.. وعيون منتفخه اثر البكاء المرير...!!
وسرعان ما اغمضت عيناها.. تاركه اي شئ يجعلها تكون ضعيفه مره اخري... فقد ذهبت لعالمها.. لكي تهرب من انياب الواقع...!!
جلست صفاء بجانبها علي السرير... ترمقها بنظرات الحزن والاسف...!!
واخذت تمسد علي شعرها بحنان...!! فهي تعلم كم عانت ابنتها الايام الماضية..!!
**********************
{في شركة ادم السوهاجي }
زفر مراد بملل تام...!! يحاول لفت انتباه ادم في انه قد مل حقاً.... ولكن ادم كان كالصنم...! شارد تماماً..!! وهو ينظر للاوراق بعدم اهتمام... وعقله يسبح في افكاره...!! كان ادم يشعر بتلك الجرفه التي زادت من عمق حفرتهم التي دخلت في علاقتهم...!! كانت ذكرياته تتسرب لعقله بشده..!!
وهو يشعر بضجيج عقله يزداد...!! وشعر بتلك الغلائل التي حاوطته مره اخري...!!
نظر مراد لادم... باهتمام...!! يحاول قراءه ملامحه...!! ولكن كانت ملامح ادم مغلقه.. وجامده...!! خاليه من التعبير...!! وهو ينظر للاوراق بعيون كالصقر... يظهر بها الغضب والحديه والاعصار المدمر الذي بداخله...!!
هتف مراد بمرح ليقطع ذلك الصمت التام..!!
"اي يا ادم.. سرحان في اي..!! روق كده يا دومي الحياه حلوه...!! بلاش تكون مأزمها بقي..!!؟"
افاق ادم من شروده علي صوت مراد المرح..!!
ولم يلفت انتباه لحديثه الابله سوي.،. "دومي"
رفع ادم نظره لمراد ليرمقه بنظرات الحديه... وعيون شرسة ممزقه كل المرح الذي يصطنعه مراد لتهدات حده الاجواء... "مراااااد...!! اي دومي دي انت هتستهبل...!!؟ اسمي ادم..!! عارف لو اسم دومي ده طلع قدام حد وحياه سخافتك اللي فرحان بيها دي ما هرحمك فاهم....!!"
اومأ مراد راسه بالموافقة..!واختظفت ملامحه اثر انفجار ادم به...!! ومن ثم هتف بخفوت :"طيب مش هنروح...!ثم اكمل باقي حديثه بمرح :"يا دومي..!"
رفع ادم حاجبيه باستسلام.. واعتلت الابتسامه ثغره رغماً عنه.... ثم هتف بهدوء :"يلا يا خويا..!! الوقت اصلا اتاخر.. ولازم اروح لندي..!! انا كنت هروح من زمان بس الوقت جري.!!"
هتف ادم بمرح وهو يغمر لادم بمرح :شكل الصناره غمزت وادم حب يا عيال...!!
دفعه ادم بهدوء للامام... وابتسم علي مرح صديقة..!!
وخرج ادم ومراد من الشركه بعد ان اعطوا الامر المعتاد للامت باغلاق الشركة. .!!
ركب ادم سيارته.. ومن ثم اتجه مراد لسيارته وركبها وانطلقوا كلاهما ذاهبيبن لمنازلهم..!!
***********************
{عند مليكة }
وصلت مليكة للمنزل.. واوقفت السياره..!!
ووضعت راسها علي مقبض السواقه بضيق..!!
وهي تشعر باختناق روحها. !!
والبرود والالم يسطرون صفحات حياتها مرة اخري...!!
لتخرج ذلك الوحش الذي بداخلها...!!
كانت نظراتها لنفسها خاليه من التعبير..!!
فكل شئ فقدته... فحان الوقت لاسترجاع القليل من الاشياء لكي لا تخرج من المعركة خاسره حقاً.. !!
التقطت هاتفها من حقيبتها مسرعه... واخذت تتصل علي شخص ما.. !!
بعد عده محاولات...!!
اجاب ذلك المجهول.. لتهتف مليكة بجديه :"انت يا زفت مش بترد لي.. !! رنيت عليك كذا مره..!!اي اطرش مبتسمعش..!!"
هتف المجهول بهدوء :"براحه يا مليكة هانم... كنت نايم.. اؤمري يا هانم... خدامك.. !!"
هتفت مليكة بقسوه والغضب يضيح في حروفها :"اسمع بقي اللي هقولك عليه ونفذه بالحرف الواحد ومش عايزه غباء... لان اي غلطه هتودينا كلنا في داهيه..!! فاهم..!!"
=رد عليها المجهول قائلا بجديه :"متخافيش يا مليكة هانم... هو انتي اول مرة تجربيني...!!"
هتفت مليكة بغضب وتوعد يظهر في حديثها.......!!
***************************
......!💜🌸
الفَصْلُ العِشْرون من روايه طفله في صحراء الذئاب..
هتفت مليكة بغضب وتوعد يظهر في حديثها :"اسمعني بقي كويس...!! هبعتلك صورة بنت.. تمام..... وهبعتلك عنوانها... وعاوزاك انت ورجالتك تروحوا لحد بيتها وتظبطوها... تمام... ادوها درس في الادب.. علشان تتعلم بعد كده متتكبرش علي اسيادها...!! وهبعتلك كمان اسمها...!! وانت بقي عليك الباقي...! اظن مش هوصيك...!! ده انت عارف شغلك كويس...!! ووقت ما تخلص تعلالي علشان اديك الحلاوه....!!"
صمت المجهول لبرهه... وهتف متمتاً بخوف :"طيب يا هانم... افترضي لو البت اللي انتي عاوزاني اربيها ليكي... ايدها طايله..!! وشكت فيكي...!! هتدخلي في سين وجيم..!! وحضرتك طبعاً هتجيبي اسمنا معاكي... وهنتلط برده..!! ساعتها هتعملي اي...!!ما حضرتك تعقليها صح..!!"
بدأت مليكة تفرك يدها بتوتر....!! وهي تفكر حقا في حديثه..!! والذي لم يخطر علي بالها شئ كهذا..!! كانت ملامحها مغلقه.. ضبابية سوداء تحيط بها...!! تري الخوف استقر بين ثناياها....!!
اخذت نفساً عميقاً ومن ثم هتفت بصوت اجش:"متقلقش...!! هي ملهاش حد اصلاً علشان تقولوا...!! دي واحده ولا تسوي...!! ومش هتفكر اصلاً تنطق بكلمة واحدة...!! علشان عارفه انها هتتقتل ساعتها...!! انا مرتبه كل حاجة متقلقش..!! انت عليك انك تنفذ وبس...!!وبكره يكون التمام عندي فاهم...!!"
=رد عليها المجهول بثبات :"فاهم يا هانم...!!"
ومن ثم اغلقت الخط دون ان تتحدث بأي كلمه وهي تزفر بضيق...!! وتنظر من النافذه لتلك الشقه الصغيره التي لا تناسب مقامها...!!
ارتجفت كل خليه في جسدها فجاه...!! ولكن لم تعلم سبب تلك الرجفه...!!
لم تستطع ترميم تلك الفجوه التي بداخلها...!!
بدأ هدير انفاسها يعلي بشده...!!
لوت شفتاها بتهكم مرير وتمتمت بغيظ:"والله عال.... بقي انا اطرد من البيت.. واقعد في شقه زي دي...!! والسنيوره اللي مع ادم تقعد في قصر..!! مكنتش تحلم بيه الفلاحه دي..!!
سوف تبقي تلك الذكري السوداء في عقلها..!!
وهتفت بحديه :"لازم اخد حقي...!! مش هبقي انا الطيشه في النص...!!"
وانطلقت بسيارتها لبيت ادم السوهاجي...!
ونظرات التحدي والحقد في عيناها..!!
**************************************
{عند ادم السوهاجي }
وصل ادم للمنزل... واوقف سيارته...لينزل منها.......وهو يشعر بالتعب والإرهاق يستولي علي جسده..!!
دخل ادم للمنزل.... ليجده مظلماً كالسواد الكاحل..!! لا يستطيع الرؤية فيه الا طشاش..!!
اضاء انوار المنزل. ليتنهد بعمق.. ويصعد لغرفته بخطوات ثقيله.. !!!وهو يتمني بأن يترك الالم روحه.... ليحعله يهنا بحياه سعيده..!!
يفكر في صغيرته... اهو حقاً جعلها نسخه ماسخه له...!!
قتل الطفله التي بداخلها...!! لتظهر حطام الانثي بها...!!
اعطاها درساً قاسياً لم تنساه طوال حياتها..!!!
ذلك الحلم الذي يتمناه اصبح مليئاً بالغبار واليأس...!!
وقف ادم امام باب الغرفه... لتلمع عيناه فجاه بوميض الحزن كلما يتذكر طرده لها من تلك الغرفه..!!
ارتسمت تلك الابتسامة المكسوره علي وجهه..!!
ابتسامه ملونه بالخذي والالم... وخاصةً الفراق..!!
ما الذي فعلته ليكن معها هكذا.. فهي كانت فقط تطلبُ العداله لروحها البريئه...!! التي هشمها بقسوته وغشمه...!!
دلف ادم للغرفة....!! ومن ثم وجد صفاء تجلسُ بجانب ابنتها...! وهو يرى صغيرته نائمه بسلام..!!
ولكن هل بكت مجدداً..!! هل حقاً سوف يكن قسوته ذكري سوداء لن تنساها طوال حياتها..!!
كان حقاً يعلم بأنه يصرُ علي سجن روحها بتلك القسوة الملعونة...!
دخلت عالم الذئاب التي لا تعرف الحب... وكان هو من ضمنهم...!!
شعر بأنها كريشه يهتم الزمان.. بتدميرها... لكي لا تكن علي قيد الحياة...!!
اقترب ادم من الفراش رويداً رويداً.. حتي وصل لعمته... ومن ثم اخذ نفساً عميقاً وهتف بصوت خشن :"عمتي.... عمتي... اصحي..!!"
استيقظت صفاء بذعر وهي تعتقد ان ابنتها اصابها مكروه مره اخري....!!
هتف ادم بجديه :عمتي اهدي...! انا بصحيكي علشان تنامي في اوضتك..!!
رمقته صفاء بنظرات الندم عن سماعها لصوته الخشن الذي اخترق اذنها بقوه... مدمراً مسامعها..!!
كانت تريد ان تصرخ وتبكي..!! لما اصبح جاف المعامله معها..!!
شعرت بتلك الصدمات التي تجعلها تتهاوت بقوه علي ارض الواقع..!!
اصبحت روح ذابله يهدر الجميع فيها بعنف..!!
هتفت صفاء برجاء :"انا عاوزة اتكلم معاك شويه يا ادم.. !!"
هتف ادم بجموديه :"اتفضلي يا عمتي نتكلم برا علشان ندي متصحهاش...!!"
اومأت صفاء راسها بالموافقة. واتجهت هي وادم للخارج تاركين ندي بمفردها..!!
*******************
نزلت صفاء وادم للخارج..!!
ومن ثم جلس كلاهما ولكن كانوا فقط ينظرون لبعضهم...!! كأنهم يتواصلون مع بعضهم عن طريق اعينهم...!! جف حلق كلاهما من الكلام.. !! انسحبت تلك الشجاعه التي بداخلهم... ليصبح فقط الحنين والود بينهم...! لتبكي قلوبهم بصمت...!! ملعنين امتداد فتره فراقهم..!! كانها كسنوات عديده..!!
هتفت صفاء بحزن :"انا عارفه انك مش طايق تبص في وشي بعد اللي قولته ليك...!! بس اللي لازم تعرفه... ان انا عمري ما كنت هقول كده بقصد...!! انا قولت كده من خوفي علي بنتي...!! انا مليش غيرها... وبسعي بكل الطرق انها تكون كويس واطمن عليها...!!ولما انت اتجوزتها.. كنت فكراك هتبقي حنين عليها.... وهتعوضها عن كل شئ....!! هتحميها من شر عاصم...!! بس فجأه لقيتك بتعمل العكس..!! استغربت فجاه.. وقولت مش ده ادم اللي اعرفه... اما هو بيحبني صحيح... وبيعتبرني زي والدته... الله يرحمها... لي بيعامل بنتي كده....!!؟ لي ضميره بقي اخرس ومبينطقش بالعدل...!!؟ ساعتها كان لازم اخد موقف من يوم ما ندي فقدت النطق...!!
بس لما شوفت ان بنتي متعلقه بيك... غيرت وجهه نظري فيك تماماً...!! انا ندي انهارت النهاردة بسبب اني قولت كده ليك...!! وعرفت انها روحها فيك وبتحبك...!!بس بلاش يا ادم تسيبها وتاخد روحها معاك...!! ساعتها بس هكون غلط اني أمنتك عليها...!!
رمقها ادم بنظرات هادئة.... والحزن يشق طريقه في عيناه... لتلتمع بوميض الالم والحزن.. وشوائب القهر..!!
شعر بأنه سوف يفقدُ الحلم الوردي من بين يداه..!! علم انه لن ينال شرف تتويجها بيده اثر قسوته عليها...!!
اصبح هو الظالم.... الذي يعاند... ولا يطلب بالحريه....!!
كان قلبه قد خرس...!! استمر فقط في النزيف..!!
وكانت صرخاته وذعره داخله يكتمها.. لتدوي كل مكان بداخله...!!
عزف قلبه ترانيم خاصه به... ترانيم خاصه باحزانه....!!
لينشق قلبه لحزبين....!!
هتف ادم بقهر والدموع تتجمع في عيناه كحبات اللؤلؤ :"طبعاً حضرتك فكراني اني قاسي... وحجر... ومبحسش... واني عمري في يوم ما احب....!! بس انتي المفروض تراعي ان القسوه اللي انا فيها دي كان سببها اي.. وانتي اكتر واحده عارفه انا مريت بأيه..!وعارف ان صدمه جوازي من بنتك كانت عاليه...!! فجاه تقوليلي اتجوز واحده ابوها كان السبب في كل اللي حصلك..!!
عاوزاني ابقي عامل ازاي.. ها قوليلي.. !! لو انا مجنون قوليلي عاوزاني ابقي عامل ازاي. !! لما الاقي الخوف بيدخل جوايا بعد سنين طويله... في غمضة عين...!وابقي خايف علي اختي من اذيه عاصم..!! وفجأه اعرف انها ملهاش زنب في اي حاجه.... الاقي الحمل بيزيد عليا..!! واسكت واستحمل... وانا لما بشوفها بس بتعيط قدامي.. بيبقي بتكسر مية حته... من الوجع... بقت كل حاجة ليا...!!عمري ما كنت اتصور في يوم اني احبها...!! بس شوفتها زي..!! شوفتها نضيفه من جوا..... اتأذت كتير بسبب عاصم...!! طيب لي ازود الاذي عليها..!! وفجاه لقيت نفسي بحبها..!؟
فرت تلك الدمعه الهاربة.. ليشعر بوخز في قلبه..!! ليرواده تلك الذكري الدمويه... لعقله النافر..!!
ارتعش جسده بعنف..!! وبداخله الم وقهر..!!
كان هو الجانب القاتل في علاقتهم... وكانت هي الجانب الذي يداوي جراحه...!!
هتفت صفاء بحزن :"عارفه انك بتحبها.. وعلشان كده بقولك حافظ عليها وعلي حبك ليها..!! متخلهاش في يوم تندم انها حبتك..!! فاهمني يا ادم...!!"
اومأ ادم راسه بالموافقه وهو مازال يشعر بالام علي صغيرته... ليستمعوا لتلك الصرخه المصحوبه بشئ صلب قد تحطم...!!
انتفض ادم من مكانه.... ليشعر بأن قلبه قد توقف عن الحياه...!! ليصعد سريعاً هو وصفاء لغرفة ندي والخوف يأكله...!!
************************
صعد ادم وصفاء في لمح البصر لغرفة ندي... واقتحم ادم الباب ليجد ندي تبكي بعنف كطفله صغيره متشرده... وبعض الزجاج مدمر علي الارض..!! وشعرها المبعثر حول وجهها.. وعيناها الذي تحول لونها للون الاحمر الدموي... وهي تلتقط انفاسها بخوف..!!
اتسعت عين ادم بذهول من مشهدها الذي اثار فزعه.. ومن ثم هتف بقلق :"عمتي روحي اطلبي الدكتور بسرعه...!! دي شكلها نوبه فزع..!!"
هتفت صفاء بخوف واضح :"حاضر يا ابني..ربنا يستر..!!"
وخرجت صفاء من الغرفه لكي تطلب الطبيب..!!
اقترب ادم من ندي رويداً رويداً... وهو يشعر وكأنه في عالم اخر...!!
شعر بأنه يعافر في انهاء ذلك الحلم... لكي يخرج منه سالماً دون انهيار له..!!
جلس ادم بجانب ندي.. ومن ثم ابتعدت هي بخوف عنه... وتنظر له بعيون حاده.. تلمع بالشر والغضب...!! كانت ترتجفُ بشده... حتي كادت ان تكسر السرير من شده ارتجافها... وذعرها الذي حل عليها...!!
امسكها ادم من ذراعها بقوه... كسرعه الفهد...!
وضمها له بشده....!! وكأنه يخشي فقدانها...!!
زمجرت هي بحده وهدرته بحده وهي تركل بقدمها علي الفراش بعنف... كانها تحاول ان تتخلص من تلك الاغلال التي تقيد حركتها..!!
"ابعد عني انا بكرهك...... انت لي دخلت حياتي...!! دمرتني اكتر ما انا مدمرة... منك لله..!! حرام عليك.. سبني في حالي..!! انا عمري في حياتي ما هفكر احب واحد زيك بعد اللي عمله فيا.... انت اي شيطان...!! بتدوس علي خلق الله بدون رحمه...!!
هتف ادم بقهر :"انا اسف.... اسف.. انا عمري ما كنت اتوقع اني اعمل كده فيكي..!بس كان غصب عني... كنت غشيم.... وفوقت.... اغفري ليا علشان اقدر اعيش... انا دموعك بتقتلني يا ندي..!!
لم تستطع ترويض دموعها.. لتبدأ في الهطول بشده... وشهقاتها المستمره... شعرت بأنها طفله قد اصبحت حياتها حياة مدمرة..!! كانت هي روح بريئه.... التهمتها تلك الذئاب التي لا تعرف الرحمه..!تتسأل في نفسها... اي جريمه ارتكبتها لتصبح هكذا... ليصبح مكانها الاصلي هو السجن..!!حاولت دفن الماضي... لكي تنساه... ولكن لاحقتها لعنه حياتها... لتصبح مقيده من جميع الاتجاهات..!!
هتفت ببكاء هيستيري وحنق :"قلبي واجعني اوي يا ادم... حاسه ان روحي بتتسحب مني..! مش عارفه مالي...!! حاسه اني بقيت مجنونه فعلاً..!!"
هتف ادم بألم وهو يقبل اعلي راسها :"اسف بالنيابة عن كل حد خذلك او وجعك. واولهم انا...!!" انا اسف يا حبيبتي.. !
ابتعد ندي عنه ونظرت في عيناه لتلمح تلك النظره التي بداخلها العديد من الذكريات المؤلمة والتي يحاول جاهداً اخفائها...!!
هتفت ندي بحزم :"ادم..!! انا عاوزه اعرف حكايتك اي..!! واي الطار اللي بينك وبين ابويا.. !! انا عاوزه اعرف كل حاجة... مش عاوزة حياتي تبقي علي كف عفريت.. ولا حياتك انت كمان تبقي علي كف عفريت...!! صارحني وقولي كل حاجة يا ادم..!!"
تنهد ادم بحزن عميق... ومسح علي شعره بضيق.... وهتف بنبره هادئه ممزوجة بالألم والاستسلام :"هحكيلك... هحكيلك يا ندي.. يمكن ابطل اشيل جوايا خوف... والنار اللي جوايا تهدي...!!"
امسكت ندي بيده... ونظرت له باطمئان... وهتفت بهدوء :"احكي يا ادم وانا سمعاك..!!"
تنهد ادم بهدوء ومن ثم هتف:............!!
***************************
.........!!💜🌹
الفَصْلُ الوَآحِدُ والعْشرون من روايه طفله في صحراء الذئاب..
تنهد ادم بهدوء وهتف بحزن :"وانا عمري 17 سنه ابويا مات... وامي كمان ماتت... بسبب عاصم..!!
اختي ساعتها كانت لسه صغيره..!! عاصم قتلهم قدتن عينا هي ورجالته..!! وانا واختي كنا مستخبين بنداري نفسنا وبنكتم عياطنا علشان محدش يعرف احنا فين...!! ما بالك بقي واحد عنده 17سنه ابوه وامه يموتوا قدام عينه... وهو اللي اتحمل مسؤولية اخته.. واتكفل بكل حاجه ليها علشان يشوفها وهي معاها شهاده تفتخر بيها قدام الناس...!! كنا شايفين دم ابويا وامي بيسيل قدام عنينا.... واحنا مش قادرين نعمل حاجه..!!
ومن يومها... قررت انتقم من عاصم واخد طار امي وابويا منه...!! اشربه من نفس كاس الذل والقرف اللي شربت منه...!! صوت صريخ امي وهي بتستنجد بحد لازال في ودني بيتكرر كل لحظة...!! عمري ما انسي اخر دمعه من امي نزلت قبل ما تموت وتسبنا...!!"
كانت تنصت له باهتمام...!! كانت في سكون ظاهري...!! كانت تحاول التماسك قدر الامكان بأن لا تبكي...!! شعرت بالشفقه اتجاه...!!
شعرت بالعلم يسير في اوردتها متخفياً بين دمائها...!!
هتفت بهدوء :"علشان كده كنت بتقسي عليا صح....!!"
نظر ادم لها بحزن...!! وشعر بانفكاك تلك الغلائل التي تقيد روحه....!! فرت تلك الدمعه الهاربه من عيناه....!! كانت تلك الدمعه تلسع وجهه بقوه..!!
اصبح هو ايضاً اسير للألم...!!
كان السكون ينبعثُ في الغرفه....!!
هتف بيأس :"ايوه... علشان كنت فاكرك زيه...!! كنت فاكر انك هتحاولي تخسريني منه زي ما هو خسرني ابويا وامي...!!"
ضغطت ندي علي يده بقوه... وهتفت بابتسامه صافيه :"تعرف.. انا سامحتك.. علشان اللي حكيته ليا.. وانك عانيت قد اي....!شفعلك عندي...!!"
ابتسم ادم بأنكسار.... وهو يشعر بانسحاب روحه تدريجياً....!! شعر بالإرهاق والتعب.. يتخلل لجسده...!! شعر بتهكم ضميره...!!
اقتربت منه ندي وطبعت قبله رقيقه علي جنبيه.... تبثُ له الاطمئنان والامان بأنها سوف تبقي بجانبه دوماً..!
هتفت ندي بمرح :"تؤتؤ.... انا مبحبش النكد الكتير... برغم اني نكديه... بس مبحبش النكد.. شيل التكشيره اللي علي وشك دي....!! بزمتك تبقي معاك واحده زي وتكشر يا شيخ اتقي الله..!! اضحك بقي وبطل نكد...!!
ابتسم ادم رغماً عنه بسبب طفوليتها التي تعيد لها الحياه...!! شعر بأنه نال نسيم الراحه فجاه عند رؤيتها تمرح وتضحك بطفوليه..!!
ذاب هو في ضحكتها الدافئة.... التي تسلب الالباب...!!
ومن دون وعي منه كان يضمها له بشده.. كانه يأبي ان تتركه..!!
شعرت هي بأن ضلوعها سوف تتمزق من شده احتضانه لها... ولكن شعرت بذلك الدفئ الذي حل عليها فجاه... وصمت كلاهما.....!! يستمتعان بذلك الدفئ... والامان...!!
************************
{في الخارج }
ظلت صفاء تأخذ الصالون ذهاباً وإياباً...!! عقلها مشتت... وتتزاحم به الافكار... تمسك بهاتفها.. بأصابع مرتعشه....تأبي ان تطلب الطبيب بعد ان استمعت لذلك الصمت الذي حل عليهم.. في الغرفه.. فهي تشعر بأن الاجواء قد هدأت بينهم..!! ولا يزال الشجار يستمر...!!
شعرت بتلك الاشواك تقتحم عقلها وعالمها...!!
لتستمعُ فجاه لصوت طرق الباب...!!
عقدت صفاء حاجبيها باقتضاب...!!
توجهت صفاء نحو الباب وفتحته.. لتجد تلك الفتاه التي رأتها اول مره عندما اتت لذلك المنزل....!!
تحول لون عين صفاء للبروده.... واخترق الظلام عيناها... لتصبح عيناها كظلام دامس... يصطحبه الحده والغضب المُسلح...!! كانت ملامحها تنبض بالقسوه...!! لتصبح ملامحها مغلقه تماماً..!!
هتفت صفاء بحده جعلت كيان تلك الفتاه ينهدم بقوه :"خير.....!! عاوزة اي تاني...!!"
كانت نظرات مليكة تمشطها من اعلاها لاسفلها ببرود تام...!!!ومن ثم ردت عليها ببرود مصطنع :"اي عاوزة حبيبي ادم...!! هو فين..!! هو نايم..!!"
اتسعت حدقه صفاء بذهول ومن ثم ردت من بين اسنانها بحده :"حبيبك مين ده يختي ان شاءالله...!!انتي هبله يا بت انتي ولا جايه ترمي بلاكي علينا...!!"
نهرتها مليكة بحديه مفرطة :"انتي اتجننتي يا ست انتي ولا اي.... وبعدين انتي ازاي تكلميني كده... انتي الظاهر شكلك محدش علمك الادب او الاصول... اقول اي بقي شكلك كده فلاحه... حتي لبسك لبس فلاحين....!! علي العموم مش هنزل مستوايا لمستوى الفلاحين...!!
ومن ثم دفعتها بقوه لتترنح بعيداً اثر دفعتها ورمقتها بنظرات الاستحقار... ومن ثم صعدت لغرفة ادم...!!
وقفت صفاء مذهوله مما حدث... وشعرت بتلك الاهانه التي اجتاحت روحها...!! ولم تجد شئ سوي اغلاق ذلك الباب والذهاب للمطبخ لكي تبكي بداخله... لكي لا يراها احد...!!
******************************
{في غرفه ادم }
ابتعد عنها وعيناه تلمعُ بحب... يريد ان يجعلها بداخل احضانه دوماً...!!
هتف ادم بابتسامه صغيره عذبه :"تعرفي اول مره احس اني مبسوط بجد...!!!"
ردت ندي عليه بمكر وخفه:"ويا تري بقي اي سر الانبساط ده...!!"
هتف ادم بهمس بجانب اذنها بحنو مُثير :"علشان انتي جنبي... ومنوره عليا حياتي... يا احلي ندي شافتها عيني..."
ابتعد عنها وابتسمت هي بخفوت وهو يري تلك الحُمره التي زحفت لوجهها...!!
هتف ادم بتساؤل في نفسه :"هو الدكتور اتأخر لي...!! معقوله عمتي صفاء مطلبتهوش..!!"
ردت عليه ندي بفضول واضح :"دكتور لي...!!انت تعبان...!!"
امسك ادم وجهها بين يديه وهتف بحنو وهو يعلق بصره علي عيناها الخضراوتين... "لا بس خوفت عليكي.... من نوبه الفزع اللي كانت عندك.. فكنت لازم اطلب الدكتور.... علشان يطمني عليكي..!! مقدرتش اشوفك كده وما اتصرفش...!!"
وكادت ندي ان تتحدث... ولكن قاطعهم اقتحام باب غرفتهم...!!
دخلت مليكة الغرفه... لتبتعد ندي سريعاً عن ادم..... وهي تري الشر والغضب يحلق في عين تلك الفتاه...!!
هتفت مليكة بحزن مصطنع... محاوله التمسك بقتاع الحزن الذي بدا يتصدع :"ادم حبيبي... انا محتجالك اوي...!! انا مش عارفه اعمل اي في المصيبه اللي اها وقعت فيها دي...!!وملقتش غيرك اروحله.... ملقتش غير حبيبي اروحله..!!"
هتفت ندي بصدمه وهي تشعر بذلك الخنجر الذي اخترق روحها ليطعنها في قلبها...!!!
"حبيبي....!! حبيبك مين... وامتي وازاي..!!"
اقتربت مليكة من ادم لتحاوط رقبته بذراعيها من الخلف.... وهي تهتف بخبث ومكر متخفي في نبره براءة :"اي يا حبيبي انت مقولتلهاش ولا اي...!!"
صاحت ندي في ادم بقوه... وهي تشعر بتلك الصفعه التي جعلتها تهوي من قمم جبال عاليه... لتسقط بقوه لتتهشم لقطع صغيره..!! "رد عليا... مقولتليش اي.... انت كنت مخبي عليا حاجه..!!مين دي وماسكاك كده ليه..!!"
استقامت مليكة في وقتها بغرور قائله بخبث :"انا وادم هنتجوز يا حبيبتي... اي هو مقلكيش... اخص عليك يا ادم.... متعزمهاش ازاي علي فرحنا....!!دي مش اصول برده يا حبيبي..!!"
صاح بها ادم بقوه :"اخرسي بقي. .... مسمعش صوتك خالص... والا اقسم بالله اعرفك مقامك دلوقتي..!"
نهرته ندي بحديه وهي تخبط علي صدره بعنف :"فوق انت هنا... الكلام اللي بتقوله ده صح.. !!رد عليا حرام عليك... رد علياااا...!!"
امسك ادم بيدها بقوه محاولاً تهدأتها.. ومليكه التي تشاهد ذلك المشهد باستماع....!
هتف ادم بندم :ايوه حقيقه... بس اديني فرصه اشرحلك....!! "
ساد فجاه الصمت المكان....!! ومن ثم...!!